تهدف الدراسة إلى التعرف على أطر المعالجة الإخبارية لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في الصحافة البريطانية، باستخدام تحليل المضمون وتحليل الأطر على عينة تمثَّلت في صحف: “ديلي تلغراف”، و”الغارديان”، و”فايننشال تايمز”. وتوصلت الدراسة إلى أن صحيفة “ديلي تلغراف” و”فايننشال تايمز” مؤيدتان بشكل متقارب لهذا الانسحاب، بينما عارضته “الغارديان”، ويعود ذلك إلى اختلاف التوجهات السياسية لهذه الصحف، والأطر التي ركزت عليها في تغطيتها لهذه القضية.
كلمات مفتاحية: الأطر الإخبارية، الصحافة البريطانية، انسحاب المملكة المتحدة (بريكست)، الاتحاد الأوروبي.
This study aims to identify the news framing of Brexit in British press using both content analysis and framing analysis on a sample of newspapers, namely The Telegraph, The Guardian and the Financial Times. It reveals that The Daily Telegraph and the Financial Times are closely supportive of the United Kingdom’s withdrawal from the European Union, while The Guardian opposed it due to the different political orientations of these newspapers and thus the different framing that these newspapers focused on in their coverage of the issue.
Keywords: News framing, British Press, Brexit, European Union.
مقدمة
سعت المملكة المتحدة بكل قوتها إلى الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بعد قرابة أربع سنوات من المفاوضات التي اعتبرت الأصعب في تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، بناءً على الاستفتاء الشعبي الذي أجرته الحكومة البريطانية عام 2016، والذي أقرَّه 52% من المواطنين البريطانيين، مقابل 48% اعترضوا على الانسحاب. وأثار الانسحاب حالة من الخوف في الأوساط السياسية والمالية العالمية والأوروبية، كما مثَّل تحديًّا لعملية الاندماج الأوروبي، وهدَّد بتداعيات سياسية واقتصادية على الطرفين؛ إذ فَقَدَ الاتحاد الأوروبي عضوًا من أهم الأعضاء الأساسيين في الاتحاد، والذي تم رسميًّا في 31 يناير/كانون الثاني 2020، بعد تقديم كلا الطرفين تنازلات ساعدت في تحقيق هذا الاتفاق في كافة المجالات، وجعلت الطرفين يحافظان على علاقات وثيقة بينهما، حيث اعتبره البريطانيون نصرًا لاستعادة السيادة على حدود بلادهم، بينما اعتبره الاتحاد الأوروبي نجاحًا في اغتنام النقاط التي كانت شائكة بين الطرفين والمتعلقة بالتجارة وحماية أسواقه.
وتُعد قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي حدثًا اقتصاديًّا وسياسيًّا عالميًّا كبيرًا لم يؤثر على المملكة المتحدة وحدها، وإنما تعداها إلى دول كثيرة؛ إذ يشكِّل اقتصادها ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا والسادس عالميًّا. وبانسحابها ستتمكن المملكة المتحدة من إجراء محادثات ثنائية ووضع قواعد اقتصادية جديدة، تساعدها على تحسين وضعها الاقتصادي من خلال إقامة علاقات اقتصادية مع الاتحاد الأوروبي دون خضوعها لقوانينه. كما ستتمكن من عقد اتفاقيات ثنائية اقتصادية مع دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية والهند والصين، بالإضافة إلى مساعيها لإقامة منطقة تجارة حرة مع العديد من الدول والتكتلات الاقتصادية، والحصول على مقاعد في مؤسسات ومنظمات عالمية كانت خسرتها بسبب انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.
ولا تقل الأهمية السياسية لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي عن الدور الاقتصادي؛ إذ ستستعيد سيادتها، حيث سيبقى كل ما يتعلق بمسائل الدفاع والدبلوماسية خارج نطاق الصفقة، وستحتفظ المملكة المتحدة بسيادتها، وسيتم وضع أسس التعاون الأمني. إلا أن انسحابها أفقدها 29 صوتًا في مجلس الوزراء الأوروبي، و73 مقعدًا في البرلمان الأوروبي، وستغادر المملكة المتحدة جميع المؤسسات والكيانات السياسية في الاتحاد الأوروبي. كما كان للانسحاب تأثير على سياسة لندن الخارجية المختلفة عن سياسات الاتحاد إزاء شؤون المنطقة العربية، إذ تميل المملكة المتحدة إلى بناء شراكات ثنائية للتعامل مع قضايا المنطقة، كلّ دولة على حدة، مقارنة بالاتحاد الأوروبي الذي يقوم على العمل مع مؤسسات تضم العديد من الدول مثل الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي وغيرهما، حيث يتوقع الخبراء أن تبقى توجهات المملكة المتحدة تجاه المنطقة العربية ثابتة في بعض الأبعاد، كالإبقاء على علاقاتها مع بعض الدول العربية في مجال الدفاع. كما أن علاقة المملكة المتحدة بالولايات المتحدة وحلف الناتو ستفرض عليها البقاء حليفًا عسكريًّا مستعدًا للمشاركة في أي خطوات مستقبلية في المنطقة، وبالتالي يمكن أن يؤدي انسحابها من الاتحاد إلى عدد من المتغيرات على سياساتها وسياسات دول الاتحاد الأوروبي تجاه المنطقة العربية.
ونظرًا لأهمية هذه القضية، فقد عمدت وسائل الإعلام البريطانية منذ بداية الاستفتاء على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي إلى تغطية جميع التوجهات المؤيدة والمعارضة للانسحاب، حيث اختلفت تغطية الصحف البريطانية منذ الاستفتاء وحتى يوم الانسحاب بسبب ولاءاتها الحزبية. ومن هنا جاءت هذه الدراسة للتعرف على أطر المعالجة الإخبارية في الصحف البريطانية، واتجاهاتها السياسية والحزبية في معالجة هذه القضية الشائكة.
- الإطار المنهجي والنظري للدراسة
أ- مشكلة الدراسة وتساؤلاتها
لقد أثار قرار المملكة المتحدة بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي بعد 47 عامًا من عضويتها فيه، جدلًا وانقسامًا في صفوف البريطانيين بين مؤيدين ومعارضين لهذا الانسحاب، الذي بدأ رسميًّا في الأول من فبراير/شباط 2020 بعد ثلاثة أعوام ونصف من تصويت البريطانيين، الذي بلغ 52% لصالح الانسحاب من الاتحاد مقابل معارضة 48%، في استفتاء أجري عام 2016، وعارضه عدد كبير من النواب المحافظين ونواب الحزب الاتحادي الديمقراطي بسبب الترتيبات التي يتضمنها الاتفاق حول الحدود بين الجمهورية الإيرلندية ومقاطعة إيرلندا الشمالية، ذلك أن منح إيرلندا الشمالية وضعًا مختلفًا يهدد كيان المملكة المتحدة خوفا من ديمومة هذه الإجراءات. أما مؤيدو الانسحاب فيؤمنون بأن له إيجابيات أهمها الحد من السماح للمهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي بدخول البلاد، والذي شكَّل عبئًا ماليًّا كبيرًا على ميزانية الدولة، يمكن الاستفادة منه في مجالي الصحة والتعليم، إضافة إلى الحد من حركة المواطنين من دول الاتحاد، وبالتالي يحد من الهجمات الإرهابية داخل المملكة المتحدة.
وفي ضوء ذلك، جاءت هذه الدراسة للتعرف على الأطر الإخبارية في الصحف البريطانية التي تناولت قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وتحديد اتجاهاتها المختلفة عبر الإجابة عن التساؤلات الآتية:
- ما أكثر الصحف البريطانية تغطية لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي؟
- ما المواضيع التي طرحتها الصحف البريطانية عينة الدراسة حول قضية الانسحاب؟
- ما اتجاهات الصحف البريطانية عينة الدراسة في تغطية القضية؟
- ما الأساليب المستخدمة في تغطية قضية الانسحاب؟
- ما الأنماط الصحفية التي تم استخدامها في تغطية القضية؟
- ما شكل العبارات المستخدمة في تغطية قضية الانسحاب؟
- ما الكلمات الأكثر بروزًا في تغطية الصحف البريطانية لقضية الانسحاب؟
- ما الشخصيات المحورية التي ركزت عليها هذه الصحف في تغطية القضية؟
- ما الأطر الرئيسية المستخدمة في معالجة الصحف لهذه القضية؟
ب- أهمية الدراسة وأهدافها
تُعد الدراسة من البحوث الأولى التي تناولت تغطية الصحف البريطانية ذات التوجهات المختلفة لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي ستكون مرجعًا للدراسات المستقبلية حول هذا الموضوع.
والهدف الرئيسي من هذه الدراسة هو التعرف على أطر المعالجة الصحفية البريطانية لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وكذلك تحديد:
- الموضوعات التي تناولتها عينة الدراسة حول قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
- الأنماط الصحفية المستخدمة في تغطية قضية الانسحاب.
- اتجاهات عينة الدراسة في تغطية القضية.
- الأطر الرئيسية المستخدمة في صحف الدراسة حول قضية الانسحاب.
ج- حدود الدراسة
– الحدود المكانية: اقتصرت الدراسة على ثلاث صحف بريطانية يومية ذات توجهات سياسية مختلفة وهي: “ديلي تلغراف”، و”الغارديان”، و”فايننشال تايمز”.
– الحدود الزمانية: تغطي هذه الدراسة فترة زمنية محددة تمتد على مدى شهرين من 1 سبتمبر/أيلول إلى 30 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
د- مفاهيم الدراسة وتعريفاتها الإجرائية
– تغطية الصحافة (Press Coverage): تُعرف بأنها عملية الحصول على البيانات والتفاصيل الخاصة بحدث معين، والمعلومات المتعلقة به، والإحاطة بأسباب وقوع هذا الحدث ومتى وأين وكيف وقع، وغير ذلك من المعلومات والأخبار التي جعلت الأحداث تملك المقومات الرئيسية التي تجعلها صالحة للنشر(1).
إجرائيًّا، يُقصد بها تغطية الصحف البريطانية لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، خلال الفترة الممتدة من 1 سبتمبر/أيلول 2019 إلى 30 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
– الصحافة: عُرفت بأنها مهنة تعمل على تحليل المعلومات والأخبار والآراء بعد جمعها، والعمل على التحقق من صدقها ومن ثم تقديمها للجماهير، وفي الغالب قد تكون هذه الأخبار عن الأحداث المتعلقة بالقضايا السياسية أو المحلية أو الثقافية أو الرياضية وغيرها(2).
إجرائيًا، يقصد بها الصحف البريطانية التي تم اختيارها للدراسة، والتي تناولت تغطية ومعالجة قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وتمثَّلت في كل من “ديلي تلغراف”، و”الغارديان”، و”فايننشال تايمز”.
– ديلي تلغراف (Daily Telegraph): صحيفة يومية بريطانية محافظة واسعة النطاق تنشر في لندن من قبل “مجموعة تلغراف الإعلامية” (Telegraph Media Group)، ويتم توزيعها في جميع أنحاء المملكة المتحدة وعلى الصعيد الدولي. أسَّسها الكولونيل آرثر سليغ (Arthur Sleigh) عام 1855 باسم (Daily Telegraph & Courier). وُصفت “ديلي تلغراف” بأنها صحيفة مسجلة ولها شهرة دولية في القرن العشرين من حيث الجودة، وتُعتبر واحدة من أعظم الصحف في العالم(3).
– الغارديان (The Guardian): صحيفة يومية يسارية ليبرالية بريطانية أسَّسها جون إدوارد تايلر (John Edward Taylor) عام 1821 باسم (Manchester guardian) وغُيِّر اسمها عام 1959. وتعتبر صحيفة الغارديان جزءًا من “مجموعة الغارديان الإعلامية” (Guardian Media Group)، جنبًا إلى جنب مع الصحف المشابهة لها مثل “الغارديان ويكلي” (The guardian weekly) المملوكة لشركة “سكوت تراست المحدودة”(4).
– فايننشال تايمز (Financial Times): صحيفة يومية دولية ليبرالية أسَّسها جيمس شيريدان (James Sheridan) عام 1888، وتُنشر رقميًّا، وتركز على الأعمال والشؤون الاقتصادية الجارية، ومقرها في لندن. الصحيفة مملوكة للشركة اليابانية القابضة “نيكاي”، ولها مكاتب تحرير رئيسية في جميع أنحاء المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا(5).
– انسحاب المملكة المتحدة (Brexit): هو انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ويأتي بعد الاستفتاء الذي أجري يوم 23 يونيو/حزيران 2016، حيث صوت 52% لصالح الانسحاب. ودعا إلى الانسحاب المشككون في وحدة أوروبا، سواء الجناح اليساري أو الجناح اليميني، في حين أن مؤيدي وحدة أوروبا الذين يمتلكون شعبية سياسية، دعوا إلى استمرار العضوية(6).
إجرائيًّا، يقصد بالانسحاب في هذه الدراسة قضية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، والتي قامت بتغطيتها الصحف البريطانية ذات التوجهات المختلفة.
– الاتحاد الأوروبي (European Union): هو اتحاد سياسي أوروبي يضم 28 من دول القارة الأوروبية التي انضمت إليه دولة كرواتيا -كآخر عضو لحد الآن- في 1 يوليو/تموز 2013. وقد تأسس الاتحاد بناءً على معاهدة ماستريخت التي تم توقيعها في فبرير/شباط 1992(7).
ه- الدراسات السابقة
تم إجراء مسح شامل للدراسات التي تناولت موضوع هذه الدراسة، أو الدراسات ذات الصلة بها، للتعرف على الإطار الذي تمت دراسة هذه القضية العالمية من خلاله، وتبين وجود دراسات عربية من منظور سياسي وليس إعلامي؛ لتناول قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، في حين وجدت دراسات أجنبية إعلامية تطرقت لهذه القضية. ذلك أن الهدف من استعراض الدراسات السابقة هو التعرف على نقاط الاختلاف والتشابه بين الدراسة الحالية والدراسات السابقة. وفيما يلي أهم هذه الدراسات:
– التوجهات المستقبلية للسياسة البريطانية في حال الانسحاب من الاتحاد الأوروبي(8):
هدفت الدراسة إلى التعرف على التوجهات المستقبلية للسياسة البريطانية في حال الانسحاب؛ فيما يتعلق بالبعد الأوروبي والعلاقات عبر الأطلسي، بالإضافة إلى تحديد ما إذا كانت المملكة المتحدة تعطي تفضيلًا في سياستها الخارجية للعلاقة الخاصة بالولايات المتحدة أو تعزيز دورها في الاتحاد الأوروبي الذي تُعد المملكة المتحدة أحد المكونات الرئيسية لهذا النظام، بالإضافة إلى خيارات المملكة المتحدة بعد الانسحاب. كما سعت الدراسة إلى معرفة أولويات ومبادئ السياسة الخارجية البريطانية، والانعكاسات على سياسة المملكة المتحدة في ضوء خروجها من الاتحاد، والبحث في علاقاتها مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى خياراتها بعد الانسحاب من عضوية الاتحاد.
– الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي: الدوافع والانعكاسات(9):
هدفت الدراسة إلى التعرف على الأسباب الحقيقية وراء القرار البريطاني السياسي بالانسحاب، وما تداعيات هذا القرار على الاتحاد الأوروبي من جهة، وعلى المملكة المتحدة من جهة أخرى، بالإضافة إلى البحث في العلاقات الأوروبية-البريطانية، وتوضيح التوتر الذي كان موجودًا بين الطرفين منذ البداية وعدم الاتفاق حول مسار الاتحاد الأوروبي، ومحاولة تأكيد الفرضيات التي تتحدث عن أن انضمام بريطانيا إلى السوق الأوروبية المشتركة كان عائقًا لمسار الاتحاد، وأن انسحاب بريطانيا من الاتحاد لن يؤثر على وحدته.
– التداعيات السياسية لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي(10):
هدفت الدراسة إلى بيان التداعيات السياسية والاقتصادية التي أعقبت ظهور نتائج الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكذلك السيناريوهات السياسية المتوقعة التي تتمثَّل في إمكانية تفكك المملكة المتحدة في ظل إصرار أسكتلندا على الانفصال، وتلويح إيرلندا الشمالية بذلك أيضًا. واستندت الدراسة إلى المنهج التاريخي والمنهج الوصفي والتحليلي والمنهج الاستشرافي؛ إذ تناولت الدراسة الجهود الأوروبية التي بُذلت لتوحيد أوروبا ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وموقف المملكة المتحدة المعارض في بادئ الأمر لدخول المجموعة الاقتصادية الأوروبية، والتي أحدث انضمامها انقسامًا في الساحة البريطانية بين اتجاهين: معسكر يرغب باستمرار العضوية في المجموعة، وآخر يرفض استمرارها، والذي تمت تسويته عن طريق استفتاء أجري عام 1975، أي بعد عامين من نيل العضوية. وكانت النتيجة مؤيدةً للاستمرار في المجموعة الاقتصادية آنذاك. كما تناولت الدراسة اتجاهات الأحزاب البريطانية بشأن الاستمرار أو الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بتأثير من التيارات المشككة في الاتحاد، وذلك من خلال استفتاء جديد على العضوية تم إجراؤه في يونيو/حزيران 2016 ، وكانت نتيجته في صالح معسكر الانسحاب.
– التمثيل الخطابي للاتحاد الأوروبي في وسائل الإعلام البريطانية المتعلقة بقضية الانسحاب من الاتحاد(11):
هدفت الدراسة إلى تحليل خطاب وسائل الإعلام البريطانية حول انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي؛ إذ سيطرت تغطية الاستفتاء على هذه الوسائل في صيف 2016. وقد تم إجراء مقارنة حول استخدام اللغة في الخطابات المتضاربة بشأن قضية الانسحاب من الاتحاد في وسائل الإعلام البريطانية عبر تحليل الخطاب بالاعتماد على طريقتين هما: تحليل التوافق، وتحليل التجميع للمفردات قيد الدراسة، أي مصطلح “الاتحاد الأوروبي”. وأظهرت نتائج التحليل أنه في حملة المغادرة، تم تمثيل الاتحاد الأوروبي بشكل سلبي في استمرار بريطانيا عضوًا في الاتحاد، والذي تم النظر إليه على أنه يجلب خطرًا اقتصاديًّا معينًا على مستقبل المملكة المتحدة، ويزيد من احتمالات الهجمات الإرهابية. ومع ذلك يتم تمثيل الاتحاد الأوروبي في حملة البقاء إيجابيًا من خلال تذكير الجمهور البريطاني بأن المملكة المتحدة تشترك في قيم مماثلة لتلك التي يحتفظ بها الاتحاد، وسلبيًّا في أن وسائل الإعلام تنتقد الاتحاد بشكله الحالي.
– أفضل حالًا بدونك؟ كيف صورت وسائل الإعلام البريطانية مواطني الاتحاد الأوروبي في أخبار انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد(12):
هدفت الدراسة إلى تصوير وسائل الإعلام البريطانية لرؤية مواطني دول الاتحاد الأوروبي لأخبار انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد، والتحقق فيما إذا كانت هناك علاقة بين الصورة السلبية لهؤلاء المواطنين ونوع الأسلوب الإخباري من خلال تحليل المحتوى لـ19367 قصة إخبارية نُشرت في الفترة ما بين 1 يونيو/حزيران 2015 و23 يونيو/حزيران 2016، لتحديد هل تم ذكر مواطني الاتحاد الأوروبي. وأظهرت نتائج الدراسة عدم وجود انقسام بين الصحف الشعبية، وإنما كان هناك انقسام بين الصحف الوطنية والإقليمية. كما أشارت النتائج إلى أن وسائل الإعلام قدمت استفتاء المملكة المتحدة حول الانسحاب من عضوية الاتحاد الأوروبي؛ باعتباره تصويتًا حول الهجرة بشكل عام، وليس الهجرة داخل الاتحاد.
– انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي: تحليل مقارن للجدل حول الهجرة في وسائل الإعلام الإخبارية للدول الأربع في المملكة المتحدة(13):
هدفت الدراسة إلى تحليل المواضيع التي طرحتها وسائل الإعلام البريطانية حول الهجرة في كل من إنجلترا وأسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية أثناء استفتاء المملكة المتحدة بشأن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، حيث تم التكهن بأن الهجرة كان لها تأثير في قرار مغادرة الاتحاد، في 23 يونيو/حزيران 2016، نظرًا لتزايد أعداد المهاجرين بعد توسع الاتحاد ليشمل دول وسط وشرق أوروبا. واستخدمت الدراسة تحليل الخطاب لـ1476 مقالة صحفية من كل منطقة في المملكة المتحدة، وتوصلت إلى أن المشاعر المناهضة للهجرة والتي تم نشرها خلال الحملة؛ مرتبطة بالتجارب الإنجليزية والتجارب الخاصة بكل منطقة على حدة، حيث يرتبط الشعور بالتملك في الخدمات والثقافة البريطانية بالقومية الإنجليزية المعاصرة المستنيرة بمشاعر القوة المفقودة للحكومات المفوضة، وللاتحاد الأوروبي ومعارضة الهجرة.
و- منهج الدراسة
تندرج الدراسة في إطار البحوث الوصفية التي تُعرَّف بأنها الطرق التي يتمكن الباحثون من خلالها من وصف الظواهر العلمية والظروف المحيطة بها في بيئتها والمجال العلمي الذي تنتمي إليه، وتصوّر العلاقة بينها وبين الظواهر الأخرى المؤثرة فيها والمتأثرة بها، كما تصوّر شكل العلاقة بين متغيراتها باستخدام أساليب وأدوات البحث العلمي التي تلائم الأهداف التي يسعى الباحثون إلى تحقيقها من وراء استخدام هذه البحوث(14). وفي ضوء هذا النوع من الدراسات، تم استخدام منهج المسح ضمن الدراسات الوصفية التي تعتمد على دراسة الظاهرة كما هي في الواقع، والمرتكزة على المسح الميداني للحصول على مصادرها الرئيسية، بهدف وصف وتوثيق الأوضاع الراهنة للتعرف على التغطية الصحفية البريطانية لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي(15)، حيث يُعرَّف منهج المسح بأنه “التجميع المنظم للمعلومات من المستقصى منهم بهدف فهم و/أو التنبؤ بسلوك المجتمع محل الدراسة”(16).
– أدوات جمع البيانات
لتحقيق أهداف الدراسة تم الاعتماد على كلٍّ من تحليل المضمون وتحليل الأطر كأدوات لجمع البيانات؛ إذ يُعرف تحليل المضمون بأنه أيُّ إجراء منتظم يُستخدم لفحص مضمون المعلومات المسجلة، كما عرَّفه بيرلسون بأنه “أسلوب بحث يهدف إلى وصف المحتوى الظاهر للاتصال، وصفًا موضوعيًّا ومنهجيًّا وكميًّا(17) لتحليل قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
كما تم استخدام تحليل الأطر الصحفية المستخدمة في الصحف البريطانية؛ إذ عرَّفها الباحث لندن (London) بأنها إدراك للأحداث وتحديد القضية أو تنظيم الأفكار أو القصة الخبرية. ويتفق هذا التعريف مع ما طرحه كليس دي فريس (Claes H. De Vreese) بأن الأطر عبارة عن طريقة لتنظيم الأفكار للتعرف على دورها في تشكيل الآراء والأفكار والاتجاهات(18).
أما إجراءات التحليل فقد تم إعداد استمارة لتحليل مضمون الصحف البريطانية عينة الدراسة في ضوء أهداف الدراسة وتساؤلاتها، وذلك بعد تحديد فئات التحليل والأطر المستخدمة الآتية:
أولًا: وحدة التحليل
استخدم الباحث وحدة الموضوع/الفكرة التي تُعد من أهم الوحدات وأكثرها فائدة، وهذه الوحدة تمثِّل جملة أو عبارة تتضمن الفكرة التي يدور حولها موضوع التحليل، وتكون عادة جملة مختصرة محددة تتضمن مجموعة الأفكار التي يحتوي عليها موضوع التحليل. وقد أطلق بعض الباحثين والخبراء على هذه الوحدة مجموعة مسميات من أهمها “الجملة، الافتراض، التصريح، الفكرة، القضية، موضوع النقاش”، ويذهب الباحث بيرلسون إلى أنه بالإمكان تقسيم الفكرة إلى مجموعة العناصر الآتية(19):
– الموضوع الذي تركز عليه الفكرة.
– الجوانب التي تتناولها الفكرة.
– القيم المتضمنة فيها.
– الطريقة أو الأسلوب المتبع في عرض الفكرة.
ثانيًا: فئات تحليل المضمون
- فئات الموضوع (ماذا قيل؟):
أ- فئة الموضوع: ويقصد به تصنيف المضمون وفق الموضوعات التي غطتها الصحف حول قضية انسحاب المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي والتي تتضح خلال التحليل.
ب- فئة الاتجاه: تهدف هذه الفئة إلى تحديد اتجاهات الصحف من قضية انسحاب المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي (التأييد أو المعارضة أو الحياد).
ج- فئة الأساليب المتبعة: ويقصد بها كيف تتعامل هذه الفئة مع الطرق والوسائل المتبعة للوصول إلى النتائج. وتندرج تحت هذه الفئة كافة الأساليب المتبعة في تغطية عرض الفكرة وشرح قضية الانسحاب، (هل هي أساليب تحليلية، دعائية، نقاشية، طرح أفكار، إملاء آراء واتجاهات معينة، أو طلب الآراء والاقتراحات؟).
- فئة الشكل (كيف قيل؟)
وتم استخدام كل من الفئات الفرعية الآتية:
أ- فئة الأشكال أو الأنماط الصحفية: ويقصد بهذه الفئة الأنماط الصحفية التي قُدِّمت من خلالها المادة الصحفية المتصلة بقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي لمعرفة أكثرها استخدامًا في عينة الدراسة، والتي اقتصرت على (أخبار، تقرير إخباري، مقابلات).
ب- فئة شكل العبارات: وهي الفئة الخاصة بالقواعد اللغوية المتبعة في المادة الإعلامية أو مكوناتها البنائية، من خلال العمل على تجزئة المضمون إلى مجموعة جُمل، وتحليل كل جملة منها على حدة، للتعرف على شكل العبارات التي تم استخدامها في تغطية قضية الانسحاب (حقائق مؤكدة، حقائق غير مؤكدة، تعليق شخصي: رأي الكاتب أو المحرر أو مصدر مباشر، تعليق نقلًا عن مصدر محدد: جملة استشهادية مباشرة).
ثالثًا: الأطر المستخدمة في التحليل الكيفي:
- الأطر الرئيسية المستخدمة في الصحف: ويقصد بها محتوى الرسالة الإعـلامية التي تتضمنها الصحف للتعرف على توجهات التغطية والسياسات التحريرية. وتشمل ما يأتي:
أ- إطار المسؤولية: ويقصد به تقديم القضية بطريقة تربط بين مسؤولية قضية أو حدث ما، وبين أي فرد أو جماعة. وفي سياق الدراسة يراد به أطر أسباب قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
ب- إطار الصراع: ويقصد به تقديم الأحداث في إطار من الصراع بين الأفراد والجماعات، والمؤسسات والدول.
ج- إطار النتائج الاقتصادية: ويقصد به أطر النتائج الاقتصادية المترتبة على قضية الانسحاب، والأحداث والوقائع التي يتم وضعها في إطار النتائج الاقتصادية التي نتجت عن الأحداث. كما تشير إلى التأثيرات المتوقعة القائمة على الأفراد، أو الدول، أو المؤسسات، أو القائمين بالاتصال.
د- إطار الاهتمامات الإنسانية: ويهدف هذا الإطار إلى التركيز على العواطف والتأثيرات الإنسانية التي تؤثر في الجماهير، حيث تمت صياغة الرسائل في قصص وقوالب ذات نزعة عاطفية مؤثرة ضمن إطار الجهود الرسمية لاحتواء الأزمة.
ه- إطار التعاون: ويقصد به أطر الحلول المقترحة لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وذلك بأن توضع الأخبار في أطر إيجابية في سياق تغطيتها للقضية.
- 2. الكلمات المحورية: وهي الفئة التي تركز على أهم الكلمات التي وردت في الصحف والمتعلقة بقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (خروج بريطانيا، انسحاب المملكة المتحدة “بريكست”، الاتحاد الأوروبي، داونينغ ستريت/ الرقم 10، حزب المحافظين، حزب العمال).
- الشخصيات البارزة: وهي الفئة التي تركز على أهم الشخصيات التي وردت في الصحف عينة الدراسة والمتعلقة بقضية الانسحاب (رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، زعيم حزب العمال البريطاني السابق جيريمي كوربين، رئيس المفوضية الأوروبية السابق جان كلود يونكر، رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارداكار).
ز- مجتمع الدراسة وعيِّنته
تمثَّل مجتمع الدراسة في الصحف البريطانية للتعرف على تغطيتها لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، أما عينة الدراسة فتكونت من ثلاث صحف بريطانية يومية هي صحيفة “الغارديان”، و”ديلي تلغراف”، و”فايننشال تايمز”. وقد تم اختيار هذه الصحف باستخدام العينة القصدية ضمن العينات غير الاحتمالية التي يتم اختيارها بشكل غير عشوائي، وبلغ إجمالي الأعداد التي تم تحليلها خلال فترة الدراسة من الصحف الثلاث 133 عددًا. وتأتي أهمية اختيار هذه الصحف لأنها تمثِّل توجهات مختلفة، حيث تُعد صحيفة “الغارديان” ذات توجه يساري، و”ديلي تلغراف” ذات توجه محافظ، أما صحيفة “فايننشال تايمز” فتوجهها ليبرالي.
وفي إطار خطوات اختيار العينة، لجأ الباحث إلى العينة الزمانية من خلال استخدام أسلوب الحصر الشامل للصحف عينة الدراسة خلال المدة ما بين 1 سبتمبر/أيلول 2019 إلى 30 أكتوبر/تشرين الأول 2019، حيث بلغت الأعداد التي تم تحليلها للتعرف على تغطية قضية انسحاب المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي من صحيفة “الغارديان” 56 عددًا، أما صحيفة “ديلي تلغراف” فقد بلغت الأعداد التي تم تحليلها 59 عددًا، في حين بلغت أعداد صحيفة “فايننشال تايمز” 18 عددًا خلال مدة الدراسة.
ح- المدخل النظري للدراسة
استندت الدراسة في إطارها النظري إلى كل من نظرية ترتيب الأولويات، ونظرية الأطر الصحفية، اللتين تُعدان من أنسب النظريات المفسرة لهذه الدراسة.
أولًا: نظرية الأجندة (ترتيب الأولويات)
تعود أصول نظرية الأجندة (Agenda Setting Theory) إلى الباحث والتر ليبمان (Walter Lippmann) في كتابه “الرأي العام” الذي ظهر في العام 1922. وتشير فكرة هذه النظرية إلى أن هناك علاقة طردية موجبة بين درجة تركيز وسائل الإعلام على قضية من القضايا، وبين درجة اهتمام الجماهير بتلك القضية. فقد عُرفت هذه النظرية بأنها العملية التي تُبرز فيها وسائل الإعلام قضايا معينة على أنها قضايا مهمة، وتستحق ردود الحكومة والجمهور، من خلال إثارة انتباههم إلى تلك القضايا، بحيث تصبح ذات أولوية ضمن أجندتهم، وأن الفرد الذي يعتمد على وسيلة إعلامية ما ويتعرض لها، سوف يُكيَّف إدراكه وفقًا للأهمية المنسوبة لقضايا تلك الوسيلة(20).
وتُعد هذه النظرية تحولًا في مسار الدراسات الإعلامية، وعلى الرغم من أنها ذات منظور فردي في دراسة تأثيرات وسائل الإعلام، فإنها استطاعت أن تتطرق إلى جوانب جديدة في مجال بحوث التأثير، ومن أبرزها دراسة علاقة الأفراد وتعاملهم مع البيئة المحيطة بهم نظرًا لصعوبة تعامل الأفراد مع البيئة مباشرة لاتساعها وتنوعها وشدة تعقيدها. وتؤدي وسائل الإعلام الدور الأكبر في إعادة تقديم هذه البيئة بصورة مبسطة، وذلك باختيار بعض القضايا والتركيز عليها، مما يؤدي إلى إدراك الجمهور أهمية هذه القضايا وترتيبها بما يتناسب وطريقة تقديمها في وسائل الإعلام.
كما أثبتت هذه النظرية وجود درجة عالية من الاتساق بين قائمة أولويات وسائل الإعلام من ناحية، وقائمة أولويات الجمهور من ناحية أخرى؛ إذ اهتمت النظرية بأسلوب تناول وعرض القضايا في وسائل الإعلام من خلال عدة محاور، مثل: موقع الحدث في وسائل الإعلام، والقرب الجغرافي أو العاطفي للحدث، ونوع القضية وطبيعتها.كما أنها لم تتجاهل الخصائص الديمغرافية للجمهور، والتي تبين أنها تؤدي دورًا في عملية وضع الأولويات، وبالتالي فإن هذه النظرية تُعد من النظريات المتكاملة إلى حد كبير لاهتمامها بدراسة تأثير الاتصال الشخصي إلى جانب الاتصال الجماهيري(21).
إن الفرض الرئيسي في معظم الدراسات الخاصة بالأجندة هو الاتفاق بين ترتيب أجندة وسائل الإعلام وترتيب أجندة الجمهور للاهتمام بالقضايا والموضوعات الإعلامية، أي وجود ارتباط إيجابي بين ترتيب الاهتمام لكل من الوسيلة والجمهور، مما يشير إلى دور وسائل الإعلام في ترتيب أولويات اهتمام الجمهور بالقضايا والموضوعات المطروحة بنفس الترتيب الذي تعطيه الوسائل لهذه القضايا والموضوعات(22)، إلا أن هنالك افتراضين يشكِّلان أساس معظم الأبحاث في نظرية ترتيب الأولويات كما طرحهما شانتو إينغار (Shanto Iyengar) عام 1990، الأول: أن الإعلام لا يعكس الواقع بل يصفيه ويشكله. والثاني: أن تركيز الإعلام يكون على عدد قليل من القضايا والموضوعات العامة، والتي تؤدي بالعوام إلى اعتبار تلك القضايا أكثر أهمية من قضايا أخرى. وهناك جانب آخر أكثر أهمية في مفهوم ترتيب الأولويات للتواصل الجماعي، وهو الإطار الزمني لظاهرة ما. أضف إلى ذلك أن كل وسيلة إعلامية لديها جدول ترتيب أولويات خاص بها(23).
كما أضافت النظرية استراتيجيتين أساسيتين لترتيب الأولويات: الأولى تقوم على دراسة مجموعة القضايا السائدة في وسائل الإعلام وعند الجمهور، إما على فترة زمنية واحدة أو على فترتين. والثانية تقوم على دراسة قضية واحدة سواء على فترة زمنية واحدة أو على فترات زمنية مختلفة، أي دراسة ممتدة. ويُستخدم أسلوب تحليل المحتوى لحصر الموضوعات التي تؤكد عليها وسائل الإعلام، ومن الأفضل أن يشمل تحليل المحتوى كل وسائل الإعلام، مثل: الصحف والمجلات والراديو والتلفزيون، غير أن الباحثين يركزون غالبًا على وسيلة واحدة أو وسيلتين على الأكثر، وعادةً ما يتم اختيار التلفزيون والصحف اليومية، وعقد مقارنات بينهما(24).
وتستند هذه النظرية إلى أن لوسائل الإعلام القدرة على تحديد القضايا والمواضيع التي تطرحها على الجمهور، ولها تأثير على تركيز انتباه الجماهير على قضايا معينة؛ إذ تشتمل هذه النظرية على ثلاثة مكونات لعملية ترتيب الأولويات بحيث يكون لكل واحد منها تأثير على الآخر، وهو ما ينطبق على هذه الدراسة من حيث إن أجندات الصحف البريطانية التي غطت قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي مختلفة، منها ما هو محافظ كصحيفة “ديلي تلغراف”، أو ليبرالي كصحيفة “فايننشال تايمز”، أو يساري كصحيفة “الغارديان”، والتي أثرت في تغطية هذه الصحف بشأن قضية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بناءً على أجندتها وتوجهاتها السياسية، كما حددت أولوياتها منذ إجراء الاستفتاء الذي استحوذ على اهتمام الجمهور البريطاني.
واعتمدت العوامل المؤثرة في وضع الأولويات المتعلقة بتغطية الصحف لقضية الانسحاب على المتغيرات الآتية:
- طبيعة القضية ونوعها، فقد تبين أن قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي قضية ملموسة تمس الجمهور بشكل مباشر.
- أهمية القضية، إذ تُعد قضية الانسحاب مهمة ومصيرية للشعب البريطاني من أجل تحسين ظروفه الاقتصادية التي واجهها بسبب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهذا ما افترضته دراسة كارتر وزملائه بوجود علاقة ارتباطية إيجابية بين درجة اهتمام الجمهور بالقضية وزيادة حصولها على أولويات أكبر.
- توقيت إثارة القضية، فالصحف البريطانية قامت بدورها في ترتيب الأولويات من خلال تغطية قضية الانسحاب منذ إجراء الاستفتاء عام 2016 وحتى تاريخ الانسحاب النهائي للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي عام 2021.
ثانيًا: نظرية الأطر الصحفية
تُعد نظرية الأطر الصحفية (Media Framing Theory) أو نظرية تحليل الأطر الخبرية (News Framing Analysis) أحد الروافد النظرية الحديثة في دراسات الإعلام والاتصال، فقد عُرِّفت من قِبَل عدد من الباحثين، منهم روبرت إنتمان (Robert Entman)، الذي أوضح أن الإطار الإعلامي لقضية ما يعني انتقاءً متعمدًا لبعض جوانب الحدث أو القضية وجعلها أكثر بروزًا في النص الإعلامي، واستخدام أسلوب محدد في توصيف المشكلة وتحديد أسبابها، وتقييم أبعادها وطرح حلول مقترحة بشأنها. ومن هنا تبرز أهمية “نظرية الأطر الخبرية” لكونها تقدم تفسيرًا علميًّا منتظمًا لكيفية حدوث التأثيرات المعرفية والوجدانية لوسائل الإعلام على الجمهور بمختلف فئاته وخصائصه الديمغرافية(25). وتُعد نظرية الأطر أيضًا من النظريات المهمة التي تقوم على دراسة التغطية الصحفية والإعلامية للقضايا التي تكون محط اهتمام الجماهير واختلاف مضمونها، وأن أحداث وسائل الإعلام ومضامينها لا يكون لها مغزى في حد ذاتها إلا إذا وضعت في تنظيم وسياق وأطر إعلامية، هذه الأطر تنظم الألفاظ والنصوص والمعاني وتستخدم الخبرات والقيم الاجتماعية السائدة(26).
وتعود أهمية هذه النظرية إلى أنها تعمل على كشف آليات التأطير التي يستخدمها القائم بالاتصال لمعرفة أسلوب بناء وتركيب الرسالة الاتصالية، ومدى إبراز جوانب معينة من الواقع، وعزل جوانب أخرى، وكذلك معرفة اتجاهات القائمين بالاتصال؛ إذ تبني وسائل الإعلام أطرًا متعددة لتغطية أحداث مختلفة تخضع لتأثير اتجاهات القائمين بالاتصال، وتأثير القيم في الأسلوب الذي يكتبون به، إضافة إلى فهم التأثير المنظم لتأطير وسائل الإعلام للأحداث على المتلقين، ودور الأطر الصحفية في تشكيل اتجاهاتهم.
وقد تمثَّلت وظائف نظرية الأطر في تعريف المشكلات، وتحديد الأسباب الكامنة وراءها، وحجم المكاسب والخسائر، ويقاس ذلك من خلال القيم الثقافية العامة. كما تمثلت في العمل على تشخيص الأسباب وتحديد ماهية القوى الفاعلة التي سببت المشكلة، وتقديم حلول للقضية المطروحة مع العمل على علاجها.
تنطلق النظرية من عدد من الفرضيات الآتية التي حددها ماكسويل ماكومبس (Maxwell McCombs) ودونالد شو (Donald Shaw)(27):
- طريقة عرض وتقديم المعلومات في وسائل الإعلام تؤثر في استجابات الجمهور تجاه محتوى نصوصها.
ووفقًا لتعريف إنتمان للأطر، فإن مداخل الرسالة الإعلامية تؤدي إلى بروز بعض المعلومات التي ينتقيها القائم بالاتصال واستبعاد البعض الآخر، وإن تبني الجمهور لهذه المداخل أو الأطر يؤثر في رؤيته للمشكلات والحلول اللازمة لها.
- تفترض النظرية أن الأحداث لا تنطوي في حد ذاتها على مغزى معين، وإنما تكتسب مغزاها من خلال وضعها في “إطار” يحددها وينظمها، ويضفي عليها قدرًا من الاتساق، وذلك بالتركيز على بعض جوانب الموضوع وإغفال جوانب أخرى.
- كما تفترض النظرية أن تأثير الرسائل الإعلامية على المتلقي يختلف باختلاف الإطار الذي توضع فيه، وعليه فإن وضع الرسائل في إطار مناسب يُكسبها بريقًا.
ومن هنا فالأطر الرئيسية التي تتضمنها هذه النظرية تحدد وتنظم المادة الصحفية في تغطية قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من خلالها، وكذلك الأطر الرئيسية والمرجعية التي تؤثر في الرأي العام من خلال تركيزها على أفكار أو حقائق تمنحها درجةً من الوضوح من حيث:
- تقوم الصحف عينة الدراسة: (ديلي تلغراف، فايننشال تايمز، الغارديان) بتغطية عدد من الأحداث، ومن خلالها تبرز قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في هذه الصحف.
- أفادت النظرية في العمل على معرفة الأطر الرئيسية والأطر المرجعية المستخدمة في تغطية قضية الانسحاب في الصحف عينة الدراسة وتحليلها بشكل مفصل.
- الهدف من الدراسة هو التعرف على محتوى ومضمون المادة الصحفية التي قامت الصحف عينة الدراسة بتغطيته وتحليله عبر فئات التحليل والأطر المستخدمة، وهو ما يمكن تطبيقه من خلال نظرية الأطر والتحليل الكيفي لأساليب تغطية قضية الانسحاب في عينة الدراسة.
- خلفية تاريخية
عرفت قضية انسحاب المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي باسم “البريكست” (Brexit)، والتي بدأ التفاوض بشأنها بدعوات لإجراء استفتاء عام 2012، إلا أن رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، ديفيد كاميرون، رفض في البداية هذه الدعوات، ولكنه اقترح بعد ذلك إمكانية إجراء استفتاء في المستقبل لتأييد إعادة التفاوض المقترحة على علاقة المملكة المتحدة بالاتحاد الأوروبي(28). وخلال خطاب له أمام مجلس العموم، في 22 فبراير/شباط 2016، أعلن أن تاريخ 23 يونيو/حزيران 2016 سيكون موعدًا للاستفتاء، وعلق على تسوية إعادة التفاوض، وتحدث عن نية إطلاق تفصيل المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي مباشرة بعد التصويت على الانسحاب وفترة السنتين للتفاوض على ترتيبات الانسحاب(29)، حيث يخضع الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بناءً على المادة 50 من معاهدة الاتحاد، وبمقتضاها يمكن لأي دولة عضو الانسحاب “وفقًا لمتطلباتها الدستورية الخاصة بإخطار المجلس الأوروبي بنيتها القيام بذلك”(30). وقد تم الإعلان عن نتيجة الاستفتاء في 24 يونيو/حزيران، وأظهرت أن 52% من البريطانيين صوتوا لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي، و48% صوتوا لصالح البقاء فيه(31).
وعليه، قامت المملكة المتحدة بإخطار الاتحاد الأوروبي بالانسحاب بموجب معاهدة لشبونة، حيث يؤدي الإخطار إلى بدء فترة مفاوضات مدتها سنتان، ويتعين على الاتحاد خلالها التفاوض وإبرام اتفاق مع الدولة المغادرة، وتحديد ترتيبات انسحابها مع مراعاة إطار علاقتها المستقبلية معه.
بدأت مفاوضات انسحاب المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي في أغسطس/آب 2019، بعدما انتهت من الإعلان عن اتفاقية الانسحاب في نوفمبر/تشرين الثاني 2018. وجرت مفاوضات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي خلال عامي 2017 و2018 من أجل انسحابها من الاتحاد بعد الاستفتاء الذي أجري في 23 يونيو/حزيران 2016(32). ولعل أبرز أسباب الانسحاب تتمثَّل في التالي(33):
- التخلص من عبء المهاجرين واللاجئين: يؤمن البريطانيون بأن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي سيمكِّن بلادهم من اتباع نظام جديد يحد من السماح للمهاجرين من خارج الاتحاد بدخول البلاد.
- الخوف من الإرهاب: دفعت زيادة الهجمات الإرهابية في بعض الدول الأوروبية بالمواطنين البريطانيين إلى التفكير في أن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي سيوقف اتفاقية الحدود المفتوحة بين دوله، وهو ما قد يحد من حركة المواطنين الأوروبيين، ومن ثم يحول دون مجيء الإرهابيين إلى المملكة المتحدة.
- التوفير المالي للصحة والتعليم: يُعد هذا السبب مدخلًا للتخلص من أعباء استقبال المهاجرين عبر الحدود، فمن المتوقع أن يتم توفير مبلغ 350 مليون جنيه إسترليني (480 مليون دولار) أسبوعيًّا لحساب الخزينة البريطانية، وهو مبلغ كافٍ لبناء مستشفى.
- وعود بالتطور والازدهار: وهي وعود منَّى بها المعسكر الرافض لبقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، حيث ظلت كلمات رئيس بلدية لندن السابق ورئيس الوزراء الحالي بوريس جونسون مصاحبة للمواطنين البريطانيين داخل اللجان.
- تطبيق القوانين الوطنية: أصبح الناخب البريطاني على قناعة بأن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي سيعلي من صوت القوانين الوطنية البريطانية، ولن تكون هناك سيطرة للقوانين الأوروبية الاتحادية، وهو ما سيسهم في إعادة السيطرة على قوانين التوظيف والخدمات الصحية والأمن بعد الانسحاب.
وقد خرجت المملكة المتحدة رسميًّا من الاتحاد الأوروبي بعد 47 عامًا على عضويتها في 31 يناير/كانون الثاني 2020 ودخلت في فترة انتقالية، حيث اعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن انسحاب بلاده من الاتحاد الأوروبي ليس النهاية، بل بداية فصل جديد من مسيرة بلاده الكبرى. وستمر المملكة المتحدة بمرحلة انتقالية تنتهي مع نهاية العام 2020؛ وتبقى لندن خلالها ملتزمة بالقوانين الأوروبية، ومن بينها حرية حركة التجارة والأفراد(34).
- تأثير انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي على الدول العربية
تجلى تأثير انسحاب المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي على الدول العربية في بناء شراكات ثنائية للتعامل مع قضايا المنطقة، كل على حدة، مقارنة بالاتحاد الأوروبي الذي يعمل مع المؤسسات التي تضم العديد من الدول، مثل جامعة الدول العربية. ومن المتوقع أن تظل توجهات لندن إزاء المنطقة ثابتة في بعض الأبعاد، مثل الإبقاء على علاقاتها الحتمية مع بعض الدول العربية في مجال الدفاع. كما أن علاقة المملكة المتحدة بالولايات المتحدة وحلف الناتو ستفرض عليها البقاء حليفًا عسكريًّا مستعدًا للمشاركة في أي خطوات مستقبلية في المنطقة. ورغم ذلك، فمن المنتظر أن يؤدي الانسحاب من الاتحاد إلى تغيرات في كل من السياسات البريطانية والأوروبية إزاء المنطقة العربية، وتتمثل في أن تكون للمصالح قصيرة المدى أولوية في أجندة لندن إزاء المنطقة على الاستراتيجيات طويلة المدى. ومن ثم ستركز المملكة المتحدة على قضايا الاقتصاد ومكافحة الإرهاب واللاجئين باعتبارها الأكثر إلحاحًا في تهديدها، وانحسار الدور البريطاني في عملية السلام في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لاسيما أن هذا الدور يرتبط إلى حد كبير بعضويتها في الاتحاد الأوروبي الذي يُعد أكبر المانحين للسلطة الفلسطينية. هذا إلى جانب انحسار دورها في الأزمتين اليمنية والسورية والصراعات الإقليمية الأخرى.
ويتوقع أن يشهد دور المملكة المتحدة انحسارًا كبيرًا في قضايا حقوق الإنسان والسلام العالمي. ويمكن أن تتراجع علاقات لندن مع دول شمال إفريقيا بشكل كبير، فلم تعد المملكة المتحدة ملزمة بهذه العلاقة التي تشغل الاتحاد الأوروبي بشكل أكبر مع تنامي تهديدات الهجرة غير الشرعية. كما قد يدفع البريكست بالمملكة المتحدة إلى البحث عن خيارات أخرى تعوِّض خسارتها في السوق الأوروبية، والبحث عن رؤوس أموال للاستثمار في أراضيها، الأمر الذي يتيح فرصًا جيدة أمام بعض الدول العربية، خاصة الدول الخليجية المرشحة بقوة لأن تكون الوجهة الاستثمارية المستهدفة خلال فترة ما بعد البريكست، وذلك لتمتعها بخصائص تميزها عن بقية الدول بالنسبة للمملكة المتحدة، أهمها الغنى المادي، والتطوّر العمراني، والاحتياط الاستراتيجي للنفط والغاز، والحاجة الخليجية الدائمة إلى تطوير الطاقة والتعليم والبنية التحتية والرعاية الصحية والصناعة العسكرية(35).
- عرض ومناقشة نتائج الدراسة
أولًا: نتائج التحليل الكمي
سعت هذه الدراسة إلى الإجابة عن تساؤلات الدراسة الآتية:
أ- أكثر الصحف البريطانية تغطية لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي
يبيِّن الجدول رقم (1) أن أكثر الصحف البريطانية تغطية لقضية انسحاب المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي هي صحيفة “ديلي تلغراف” التي جاءت في المرتبة الأولى بنسبة بلغت 44.36%، وفي المرتبة الثانية جاءت صحيفة “الغارديان” بنسبة 42.10%، وفي المرتبة الأخيرة جاءت صحيفة “فايننشال تايمز” التي بلغت نسبتها 13.53%. وتعارضت هذه النتيجة مع دراسة محمد إسلام(36)، التي تناولت تغطية صحيفتين فقط هما “الغارديان” و”ديلي تلغراف”، وكانت الأخيرة ضعيفة في تغطيتها لقضية الانسحاب. كما تتعارض هذه النتيجة مع ما جاء في دراسة كاتيا بالمان (Katja Ballmann)(37)، التي توصلت إلى أن التمثيل الإعلامي لقضية البريكست على عينة الدراسة متشابه بشكل ملحوظ.
الجدول (1): أكثر الصحف البريطانية تغطية لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي
الصحيفة | التكرار | النسبة المئوية (%) |
ديلي تلغراف | 59 | 44.36 |
الغارديان | 56 | 42.10 |
فايننشال تايمز | 18 | 13.53 |
المجموع | 133 | 100 |
ويتضح من العرض والجدول أعلاه تباين تغطية الصحف البريطانية عينة الدراسة لقضية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويُعزى ذلك إلى أن “ديلي تلغراف” صحيفة ذات توجه مؤيد لحزب المحافظين، الذي يؤيد ويدعم بشكل كامل قضية الانسحاب، بينما “الغارديان” صحيفة يسارية داعمة للشعب وحقوقه واحترام رغباته المتذبذبة بين البقاء أو الانسحاب. أما “فايننشال تايمز” فهي صحيفة ذات توجه ليبرالي محايد بشأن هذه القضية.
ب- موضوعات تغطية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي
يبيِّن الجدول رقم (2) أن تغطية موضوع الآثار الاقتصادية لانسحاب المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي جاء في المرتبة الأولى في صحيفة “فايننشال تايمز” بنسبة بلغت 77.78%، بينما جاءت “ديلي تلغراف” الأقل تكرارًا للموضوع الاقتصادي بنسبة 3.39%. أما موضوع المفاوضات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن الانسحاب فكان الأعلى تكرارًا في صحيفة “ديلي تلغراف” بنسبة 96.61%، وتلتها صحيفة “الغارديان” بنسبة بلغت 92.85%. واتفقت هذه النتيجة مع دراسة ريم الخماش(38)، التي بيَّنت سيطرة تغطية استفتاء المملكة المتحدة بشأن الانسحاب على وسائل الإعلام البريطانية في صيف العام 2016.
الجدول (2): توزيع العينة تبعًا لموضوعات تغطية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
الصحيفة | الغارديان | ديلي تلغراف | فايننشال تايمز | |||
موضوعات انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي | التكرار | النسبة المئوية | التكرار | النسبة المئوية | التكرار | النسبة المئوية |
الآثار الاقتصادية للانسحاب | 3 | 5.36 | 2 | 3.39 | 14 | 77.78 |
مفاوضات الانسحاب بين لندن والاتحاد | 52 | 92.85 | 57 | 96.61 | 4 | 22.22 |
تحذيرات من ارتفاع نسبة الجريمة في المملكة المتحدة بعد الانسحاب | 1 | 1.79 | – | – | – | – |
المجموع | 56 | 100 | 59 | 100 | 18 | 100 |
ويتبيَّن من عرض النتائج اهتمام صحيفتي “ديلي تلغراف” و”الغارديان” بالتأثير السياسي لقضية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، بينما كان تركيز “فايننشال تايمز” على التأثيرات الاقتصادية على المملكة المتحدة في حال انسحابها.
ج- اتجاهات تغطية عينة الدراسة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
الجدول (3): توزيع العينة تبعًا لاتجاهات تغطية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
الصحيفة | الغارديان | ديلي تلغراف | فايننشال تايمز | |||
اتجاهات تغطية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي | التكرار | النسبة المئوية | التكرار | النسبة المئوية | التكرار | النسبة المئوية |
مؤيد | 2 | 3.57 | 40 | 67.80 | 3 | 16.67 |
معارض | 53 | 94.64 | 10 | 16.95 | 15 | 83.33 |
محايد | 1 | 1.79 | 9 | 15.25 | 0 | 0 |
المجموع | 56 | 100 | 59 | 100 | 18 | 100 |
كشفت نتائج الجدول رقم (3) أن اتجاه التأييد في تغطية قضية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي جاء لصالح صحيفة “ديلي تلغراف” بنسبة بلغت 67.80%، وجاءت “الغارديان” في المرتبة الأخيرة بنسبة 3.57%. كما جاء الاتجاه المعارض للانسحاب لصالح صحيفة “الغارديان” بنسبة بلغت 94.64%، بينما كانت “ديلي تلغراف” الأقل تكرارًا للاتجاه المعارض بنسبة بلغت 16.95%. أما الاتجاه المحايد للتغطية فقد تبيَّن أن صحيفة “ديلي تلغراف” هي الأعلى تكرارًا بنسبة بلغت 15.25%، في حين لم تكن صحيفة “فايننشال تايمز” محايدة نهائيًّا.
وتتفق نتائج الدراسة مع نتيجة دراسة إيلين لافيري (Lavery Ellen)(39)، التي وجدت أن المشاعر المناهضة للهجرة التي تم نشرها خلال الحملة مرتبطة بالتجارب الإنجليزية والتجارب الإيجابية الخاصة بكل منطقة على حدة، حيث يرتبط الشعور بالتملك في الخدمات والثقافة البريطانية بالقومية الإنجليزية المعاصرة المستنيرة بمشاعر القوة المفقودة للحكومات المفوضة، والاتحاد الأوروبي ومعارضة الهجرة. وتتعارض هذه النتيجة مع ما جاء في دراسة محمد إسلام(40) أن قرار “ديلي تلغراف” بشأن التغطية ربما كان متعمدًا، وأن ذلك يرتبط بموقفهم من انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. وترجع هذه النتيجة إلى اختلاف اتجاهات وسياسات الصحف التي تتبع أحزابها وتعبِّر عنها؛ فصحيفة “ديلي تلغراف” صحيفة محافظة يمينية، بينما تُعد “الغارديان” صحيفة يسارية، أما “فايننشال تايمز” فصحيفة ليبرالية.
د- أساليب تغطية عينة الدراسة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
أظهرت نتائج الجدول رقم (4) بشأن نسبة الأساليب التحليلية التي استخدمتها الصحف في تغطية قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، أن صحيفة “الغارديان” جاءت بالمرتبة الأولى وبنسبة بلغت 100%، تلتها صحيفة “فايننشال تايمز” بنسبة بلغت 94.44%، وجاءت صحيفة “ديلي تلغراف” في المرتبة الأخيرة بنسبة بلغت 83.05%. وبشأن الأساليب الحوارية المستخدمة في تغطية قضية الانسحاب فقد تبيَّن أن الصحف لم تهتم بهذا النوع باستثناء صحيفة “ديلي تلغراف” التي استخدمتها مرة واحدة وجاءت بنسبة 1.70%. أما أساليب إملاء الآراء والاتجاهات فقد استخدمتها صحيفة “ديلي تلغراف” بنسبة بلغت 15.25%، تلتها صحيفة “فايننشال تايمز” بنسبة 5.56%، بينما لم تعمد صحيفة “الغارديان” إلى استخدام هذه الأساليب خلال فترة تغطية هذه الدراسة. وتوظف الصحف هذه الأساليب من أجل تأكيد تغطيتها أو تحقيق أهدافها.
الجدول (4): توزيع العينة تبعًا لأساليب تغطية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
الصحيفة | الغارديان | ديلي تلغراف | فايننشال تايمز | |||
أساليب تغطية قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي | التكرار | النسبة المئوية | التكرار | النسبة المئوية | التكرار | النسبة المئوية |
أساليب تحليلية | 56 | 100 | 49 | 83.05 | 17 | 94.44 |
أساليب حوارية | 0 | 0 | 1 | 1.70 | 0 | 0 |
أساليب إملاء آراء واتجاهات معينة | 0 | 0 | 9 | 15.25 | 1 | 5.56 |
المجموع | 56 | 100 | 59 | 100 | 18 | 100 |
ه- الأنماط الصحفية في تغطية عينة الدراسة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
أظهرت نتائج الجدول رقم (5) أن التقارير الإخبارية جاءت في مقدمة الفنون الصحفية المستخدمة في تغطية قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، كما هو الشأن بالنسبة لصحيفة “فايننشال تايمز”؛ إذ وردت التقارير الإخبارية في المرتبة الأولى بنسبة بلغت 100%، تلتها صحيفتا “الغارديان” و”ديلي تلغراف” بنسب متقاربة بلغت على التوالي 96.43% و93.22%. وجاءت الأخبار في المرتبة الثانية من حيث استخدام الفنون الصحفية في تغطية الانسحاب؛ إذ حلت صحيفة “الغارديان” في المرتبة الأولى بنسبة بلغت 3.57%، تلتها صحيفة “ديلي تلغراف” بنسبة قريبة بلغت 3.40%، بينما لم تستخدم صحيفة “فايننشال تايمز” الأخبار في تغطية هذه القضية. أما المقابلات فلم تستخدمها الصحف عينة الدراسة باستثناء “ديلي تلغراف” التي استخدمتها مرة واحدة بنسبة بلغت 1.69%.
الجدول (5): توزيع العينة تبعًا للفنون الصحفية في تغطية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
الصحيفة | الغارديان | ديلي تلغراف | فايننشال تايمز | |||
الفنون الصحفية في تغطية عينة الدراسة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي | التكرار | النسبة المئوية | التكرار | النسبة المئوية | التكرار | النسبة المئوية |
تقرير إخباري | 54 | 96.43 | 55 | 93.22 | 18 | 100 |
خبر | 2 | 3.57 | 2 | 3.40 | 0 | 0 |
مقابلات | 0 | 0 | 1 | 1.69 | 0 | 0 |
مقالات | 0 | 0 | 1 | 1.69 | 0 | 0 |
المجموع | 56 | 100 | 59 | 100 | 18 | 100 |
ويعود اهتمام الصحف بالتقارير الإخبارية لأنها تقدم شرحًا وتفسيرًا للأحداث التي جرت ولم يكن باستطاعة الصحفيين تغطيتها، أو الوصول إليها وقت الحدث، أو إبراز جوانب جديدة أو وثائق أو خلفية تاريخية للحدث غير معروفة عنه مسبقًا. ويلاحظ ندرة استخدام المقال في تغطية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث كانت “ديلي تلغراف” الصحيفة الوحيدة التي استخدمت هذا الفن لمرة واحدة فقط.
و- شكل العبارات في تغطية عينة الدراسة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
أظهرت نتائج الجدول رقم (6) تباين أشكال العبارات المستخدمة في تغطية قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في الصحف البريطانية. فقد جاء استخدام الحقائق المؤكدة في المرتبة الأولى في صحيفة “ديلي تلغراف” بنسبة بلغت 16.95%، وجاءت “الغارديان” في المرتبة الثانية بنسبة 8.93%، بينما لم تستخدم صحيفة “فايننشال تايمز” هذا النوع من العبارات. كما جاء استخدام الحقائق غير المؤكدة في المرتبة الأولى أيضًا بنسبة متدنية في صحيفتي “الغارديان” و”ديلي تلغراف”. وكانت صحيفة “ديلي تلغراف” الأعلى استخدامًا للتعليق الشخصي (رأي الكاتب أو المحرر أو مصدر مباشر) بنسبة 15.25%، تلتها صحيفة “فايننشال تايمز” بنسبة 5.65%، بينما لم تهتم صحيفة “الغارديان” باستخدام التعليق الشخصي. أما التعليق نقلًا عن مصدر محدد (جملة استشهادية مباشرة)، فجاء في صحيفة “فايننشال تايمز” بنسبة بلغت 94.44%، تلتها صحيفة “الغارديان” في المرتبة الثانية بنسبة 89.28%، بينما ورد في “ديلي تلغراف” بنسبة 62.71%.
الجدول (6): توزيع العينة تبعًا لشكل العبارات المستخدمة في تغطية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
الصحيفة | الغارديان | ديلي تلغراف | فايننشال تايمز | |||
شكل العبارات في تغطية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي | التكرار | النسب المئوية | التكرار | النسب المئوية | التكرار | النسب المئوية |
حقائق مؤكدة | 5 | 8.93 | 10 | 16.95 | 0 | 0 |
حقائق غير مؤكدة | 1 | 1.79 | 3 | 5.09 | 0 | 0 |
تعليق شخصي (رأي الكاتب أو المحرر أو مصدر مباشر) | 0 | 0 | 9 | 15.25 | 1 | 5.56 |
تعليق نقلًا عن مصدر محدد (جملة استشهادية مباشرة) | 50 | 89.28 | 37 | 62.71 | 17 | 94.44 |
المجموع | 56 | 100 | 59 | 100 | 18 | 100 |
وتعود هذه النتيجة إلى أن نوع العبارات التي تم استخدامها في تغطية قضية الانسحاب هي حقائق مؤكدة تتعلق بالقواعد اللغوية المتبعة في الرسالة أو مكوناتها البنائية التي تتسم بالدقة التي يتم التركيز عليها في التغطية. وجاءت في المرتبة الأولى صحيفة “ديلي تلغراف”، تلتها “الغارديان”، في حين لم تستخدم صحيفة “فايننشال تايمز” هذا النوع من العبارات في أي مادة صحفية أثناء التغطية. ويعزى ذلك إلى أن “ديلي تلغراف” صحيفة ذات توجه محافظ مؤيد لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي تركز على الحقائق والنصوص القانونية التي تدعم الحزب المحافظ. وقد اتفقت هذه النتيجة مع ما جاء في دراسة ريم الخماش التي بيَّنت أن وسائل الإعلام تعتمد على الموقف السياسي في تغطيتها للمواضيع، وهو ما يؤثر على مسؤوليتها الاجتماعية.
ز- الشخصيات المحورية في تغطية عينة الدراسة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
يظهر من الجدول رقم (7) أن الشخصيات التي ركزت عليها صحيفة “ديلي تلغراف” هي شخصية رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الذي جاء في المرتبة الأولى بتكرار بلغ 510 مرات وبنسبة 59.51%، وجاءت “فايننشال تايمز” في المرتبة الأخيرة بتكرار بلغ 101 مرة وبنسبة 87.82%. أما شخصية زعيم حزب العمال البريطاني السابق، جيريمي كوربين، فتبيَّن أن صحيفة “الغارديان” هي الأعلى تكرارًا بـ150 مرة وبنسبة بلغت 16.38%، وجاءت “فايننشال تايمز” في المرتبة الأخيرة بتكرار 4 مرات وبنسبة 3.48%. ووردت شخصية رئيس المفوضية الأوروبية السابق، جان كلود يونكر، في المرتبة الأولى في كل من صحيفتي “الغارديان” و”ديلي تلغراف” بتكرار بلغ 90 مرة وبنسب مئوية متقاربة على التوالي 9.83% و10.50%، بينما جاءت “فايننشال تايمز” الأدنى بتكرار بلغ 4 مرات وبنسبة بلغت 3.48%. أما رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، فورد في صحيفة “الغارديان” بالمرتبة الأولى بتكرار بلغ 80 مرة وبنسبة 8.73%، بينما جاءت “فايننشال تايمز” الأقل بتكرار بلغ 5 مرات وبنسبة 4.35%. أما الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فجاء في المرتبة الأولى بصحيفة “الغارديان” بتكرار بلغ 56 مرة وبنسبة 6.11%، وجاءت “فايننشال تايمز” الأقل بتكرار بلغ مرة واحدة وبنسبة 0.87%. وأخيرًا ورد رئيس الوزراء الإيرلندي، ليو فارداكار، في صحيفة “ديلي تلغراف” بتكرار بلغ 55 مرة وبنسبة 6.42%، تلتها “الغارديان” بنسبة 4.37%، في حين لم يكن هناك ذكر لرئيس الوزراء الإيرلندي في صحيفة “فايننشال تايمز” نهائيًّا.
الجدول (7): توزيع العينة تبعًا للشخصيات المحورية في تغطية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
الصحيفة | الغارديان | ديلي تلغراف | فايننشال تايمز | |||
الشخصيات المحورية | التكرار | النسبة المئوية | التكرار | النسبة المئوية | التكرار | النسبة المئوية |
بوريس جونسون (رئيس الوزراء البريطاني) | 500 | 54.59 | 510 | 59.51 | 101 | 87.82 |
جيريمي كوربين (زعيم حزب العمال السابق) | 150 | 16.38 | 100 | 11.67 | 4 | 3.48 |
جان كلود يونكر (رئيس المفوضية الأوروبية السابق) | 90 | 9.82 | 90 | 10.50 | 4 | 3.48 |
دونالد تاسك (رئيس المجلس الأوروبي) | 80 | 8.73 | 60 | 7.00 | 5 | 4.35 |
إيمانويل ماكرون (الرئيس الفرنسي) | 56 | 6.11 | 42 | 4.90 | 1 | 0.87 |
ليو فارداكار (رئيس الوزراء الإيرلندي) | 40 | 4.37 | 55 | 6.42 | 0 | 0 |
المجموع | 916 | 100 | 857 | 100 | 115 | 100 |
أظهر عرض النتائج أعلاه، اختلاف الشخصيات التي ركزت عليها الصحف عينة الدراسة، والتي كان لها دور في قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، فقد تبيَّن أن صحيفة “فايننشال تايمز” كانت أكثر الصحف تركيزًا على شخصية رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون. أما صحيفة “الغارديان” فقد جاء زعيم حزب العمال السابق، جيريمي كوربين، الأكثر تركيزًا في تغطيتها، بينما ركزت كل من صحيفة “الغارديان” وديلي تلغراف” على شخصية رئيس المفوضية الأوروبية السابق، جان كلود يونكر. كما أن رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من الشخصيات التي ركزت عليها صحيفة “ديلي تلغراف”، ولم يكن هناك تركيز على شخصية رئيس الوزراء الإيرلندي، ليو فارداكار. ويعزى تباين تناول هذه الشخصيات في صحف الدراسة إلى تركيز واهتمام صحيفتي “الغارديان” و”ديلي تلغراف” بتغطية التصريحات المتعلقة بالجانب السياسي فيما يخص قضية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، على عكس صحيفة “فايننشال تايمز” ذات التوجه الليبرالي الداعم لهذا الانسحاب والمهتمة بالجوانب الاقتصادية.
ح- العبارات الأكثر بروزًا في تغطية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
أظهرت نتائج الجدول رقم (8) أن أكثر العبارات بروزًا في صحيفة “ديلي تلغراف” على التوالي هي: “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي/البريكست” بنسبة بلغت 31.27%، وتلتها عبارة “الاتحاد الأوروبي” بنسبة 29.64%، ثم “داونينغ ستريت/ الرقم 10” بنسبة بلغت 20.85%، بينما ورد اسم “حزب المحافظين” بنسبة 13.68%، واسم “حزب العمال” بنسبة 4.56%. أما صحيفة “الغارديان” فقد وردت على التوالي: “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي/البريكست” بنسبة بلغت 35.72%، تلتها “الاتحاد الأوروبي” بنسبة بلغت 32.65%، ثم “داونينغ ستريت/الرقم 10″ بنسبة بلغت 13.27%، و”حزب المحافظين” بنسبة 12.24%، ثم “حزب العمال” في المرتبة الأخيرة بنسبة 6.12%.
أما في صحيفة “فايننشال تايمز”، فقد وردت العبارات الأكثر بروزًا على التوالي “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي” بنسبة بلغت 53.04%، و”الاتحاد الأوروبي” بنسبة 36.52%، ثم “حزب المحافظين” بنسبة 5.22%، و”حزب العمال” بنسبة 2.18%. ويعود تباين نسب العبارات الأكثر بروزًا إلى التوجهات السياسية للصحف وموقفها من قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وأهمها صحيفة “ديلي تلغراف” التي تعد الصحيفة الداعمة لحزب المحافظين المناهض للاتحاد الأوروبي.
الجدول (8): توزيع العبارات الأكثر بروزًا في تغطية عينة الدراسة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
الصحيفة | الغارديان | ديلي تلغراف | فايننشال تايمز | |||
العبارات الأكثر بروزًا | التكرار | النسبة المئوية | التكرار | النسبة المئوية | التكرار | النسبة المئوية |
خروج بريطانيا/ البريكست | 350 | 35.72 | 480 | 31.27 | 122 | 53.04 |
الاتحاد الأوروبي | 320 | 32.65 | 455 | 29.64 | 84 | 36.52 |
داونينغ ستريت/الرقم 10 | 130 | 13.27 | 320 | 20.85 | 7 | 3.04 |
حزب المحافظين | 120 | 12.24 | 210 | 13.68 | 12 | 5.22 |
حزب العمال | 60 | 6.12 | 70 | 4.56 | 5 | 2.18 |
المجموع | 980 | 100 | 1535 | 100 | 230 | 100 |
ثانيًا: نتائج التحليل الكيفي لأطر تغطية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
في التحليل الكيفي سيتم التعرف على طريقة التغطية لهذه القضية من خلال استخدام الأطر الرئيسية والأطر الفرعية التي تم تناول قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من خلالها في الصحف الآتية:
أ- صحيفة الغارديان
كشف التحليل الكيفي للتغطية الصحفية لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي أن صحيفة “الغارديان” ركزت على مجموعة من الأطر الإخبارية الرئيسية في تغطيتها لقضية الانسحاب، والتي تمثَّلت في مجموعة من الأفكار الرئيسية. ومن هذه الأطر ما يلي: الإطار السياسي، الإطار القانوني، الإطار الاقتصادي.
- الإطار السياسي
تمثَّلت أهم الأفكار الرئيسية التي عبَّرت عن هذا الإطار فيما يأتي:
– بلاغ دبلوماسي بريطاني للاتحاد الأوروبي أن انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد بدون اتفاق لم يكن أكثر احتمالًا من أي وقت مضى.
– الوضع السياسي في المملكة المتحدة زاد من خطر انسحابها من الاتحاد الأوروبي دون صفقة.
– عدم تقديم المملكة المتحدة من الناحية الدبلوماسية أيَّ مقترحات جديدة للاتحاد الأوروبي بشأن عملية الانسحاب.
– تحذير من رئيس الوزراء بوريس جونسون من أنه لن يكون هناك “انفصال نظيف” عن الاتحاد الأوروبي مع مزيد من المفاوضات المشحونة إذا خرجت المملكة المتحدة دون اتفاق.
وجاء في التغطية الصحفية ما يؤكد هذه الأفكار، ومن أمثلة ذلك ما ورد بتاريخ 3 سبتمبر/أيلول 2019:
– “تم إبلاغ دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي الذين أطلعهم مفاوض المفوضية الأوروبية على أحدث المحادثات في بروكسل مع ديفيد فروست، مبعوث رئيس الوزراء، يوم الثلاثاء، بأن انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق لم يكن أكثر احتمالًا من أي وقت مضى، نظرًا لعدم وجود مقترحات من داونينغ ستريت”.
- الإطار القانوني
تمثَّلت أهم الأفكار الرئيسية التي عبَّرت عن هذا الإطار فيما يأتي:
– تسليط الضوء على المواد القانونية المتعلقة بالتجارة في السلع التي تريد الحكومة إزالتها من البروتوكول الإيرلندي في اتفاقية الانسحاب.
– تجنب البنية التحتية على الحدود يمثِّل خرقًا للالتزام الذي تم التعهد به في ديسمبر/كانون الأول 2017 لحماية اقتصاد إيرلندا بالكامل.
– المملكة المتحدة تريد إخراج الدعامة من الاتفاقية والانتقال إلى الإعلان السياسي.
– رغبة المملكة المتحدة في إجراء محادثات بشأن اتفاقية علاقة مستقبلية بينها وبين الاتحاد الأوروبي.
– إزالة الدعامة الإيرلندية من اتفاقية الانسحاب، لأنها ستربط إيرلندا الشمالية بالسوق الموحدة وكل المملكة المتحدة في منطقة جمركية مشتركة مع الاتحاد الأوروبي.
وجاء في التغطية الصحفية ما يؤكد هذه الأفكار، ومن أمثلة ذلك ما ورد بتاريخ 3 سبتمبر/أيلول 2019:
– “وقالت اللجنة في اجتماع يوم الثلاثاء إن اقتراح التركيز على تجنب البنية التحتية على الحدود يمثِّل خرقًا للالتزام الذي تم التعهد به في ديسمبر/كانون الأول 2017 لحماية اقتصاد إيرلندا بالكامل. من المفهوم أن المملكة المتحدة جادلت بأن التوصل إلى صفقة تحترم عملية السلام ويمكن أن تحصل على الدعم في البرلمان؛ مسؤولية مشتركة”.
- الإطار الاقتصادي
تمثَّلت أهم الأفكار الرئيسية التي عبرت عن هذا الإطار فيما يأتي:
– إنتاج عملة بمناسبة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
– تكلفة تصميم وإنتاج العملات التذكارية تم تسديدها من قبل دار سك العملة من إيراداتها الخاصة.
– تكلفة انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد البريطاني قد تصل إلى 70 مليار جنيه إسترليني على مدار العقد المقبل.
– خطة رئيس الوزراء البريطاني ستقتطع ما يصل إلى 4% من حجم الاقتصاد بحلول نهاية العام 2020.
– تراجع النمو الاقتصادي منذ استفتاء الاتحاد الأوروبي لعام 2016، مما أدى إلى اقتصاد أصغر بنسبة 2.5%.
وجاء في التغطية الصحفية ما يؤكد هذه الأفكار، ومن أمثلة ذلك ما ورد بتاريخ 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019:
– قال متحدث باسم وزارة الخزانة: “ما زلنا ننتج عملة معدنية بمناسبة انسحابنا من الاتحاد الأوروبي”. كان يُفترض أن تشير العملات المعدنية إلى رحيل المملكة المتحدة في نهاية الشهر، لكن وزارة الخزانة طلبت من دار سك العملة الملكية أن تبدأ في التخزين الأسبوع الماضي”.
ب- صحيفة ديلي تلغراف
كشف التحليل الكيفي للتغطية الصحفية لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي أن صحيفة “ديلي تلغراف” ركزت على مجموعة من الأطر الإخبارية الرئيسية في تغطيتها لقضية الانسحاب، والتي تمثلت في مجموعة من الأفكار الرئيسية. ومن هذه الأطر ما يلي: الإطار السياسي، الإطار القانوني، الإطار الاقتصادي.
- الإطار السياسي
تمثّلت أهم الأفكار الرئيسية التي عبَّرت عن هذا الإطار فيما يأتي:
– تصريح رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي بأن الاتحاد سيلغي الدعامة إذا سلم بديل جونسون حدودًا مفتوحة بالكامل في إيرلندا.
– يجادل مفاوضو الاتحاد الأوروبي بأن هذه الشروط لا يمكن الوفاء بها إذا كانت إيرلندا الشمالية خارج الاتحاد الجمركي.
وجاء في التغطية الصحفية ما يؤكد هذه الأفكار، ومن أمثلة ذلك ما ورد بتاريخ 1 أكتوبر/تشرين الأول 2019:
– تصريح لنائب رئيس الوزراء الإيرلندي: ” كان لدى الاتحاد الأوروبي الوقت من أجل اقتراح جاد من حكومة المملكة المتحدة إذا كانت صفقة انسحابها من الاتحاد قابلة للتحقيق في أكتوبر/تشرين الأول. إيرلندا الشمالية وإيرلندا تستحقان ما هو أفضل”.
– قال جونسون خلال زيارته لمؤسسة النقد والعملة في مانشستر: “أنا متفائل بحذر.. لقد قمنا ببعض التحركات الكبيرة جدًّا، ونحن ننتظر لنرى إن كان أصدقاؤنا الأوروبيون سيساعدوننا، وهل بإمكاننا العثور على منطقة الهبوط المناسبة، ولكن مهما حدث سنخرج في 31 أكتوبر/تشرين الأول”.
- الإطار القانوني
تمثَّلت أهم الأفكار الرئيسية التي عبَّرت عن هذا الإطار فيما يأتي:
– الدعامة هي بوليصة تأمين فعالة لإبقاء الحدود الإيرلندية مع المملكة المتحدة مفتوحة كما هي الآن.
– إن الموعد النهائي لانسحاب المملكة المتحدة في 31 أكتوبر/تشرين الأول سيتم الوفاء به على الرغم من أي شيء.
– انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي لن يؤدي إلى إنشاء “بنية تحتية” أو “عمليات فحص وضوابط ذات صلة” على الحدود الإيرلندية.
– مطلوب من المملكة المتحدة بموجب اتفاقية “الجمعة العظيمة” إبقاء الحدود الإيرلندية مفتوحة.
وجاء في التغطية الصحفية ما يؤكد هذه الأفكار، ومن أمثلة ذلك ما ورد بتاريخ 1 أكتوبر/تشرين الأول 2019:
– “ما هو ملف الدعامة؟ بوليصة تأمين فعالة لإبقاء الحدود الإيرلندية مع المملكة المتحدة مفتوحة كما هي الآن. يمكن تحقيق ذلك من خلال إبقاء المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي على أساس مؤقت ظاهريًّا”.
– “معاهدة السلام الدولية: مطلوب من المملكة المتحدة بموجب اتفاقية الجمعة العظيمة إبقاء الحدود الإيرلندية مفتوحة”.
ورد بتاريخ 1/10/2019
- الإطار الاقتصادي
تمثَّلت أهم الأفكار الرئيسية التي عبَّرت عن هذا الإطار فيما يأتي:
– تحذير المديرة العامة في “سي.بي.آي” (CBI)، من أن الانسحاب بدون صفقة من شأنه أن يترك الشركات “غارقة في مستنقع من عدم اليقين”.
– طالب جونسون أوروبا بضرورة “إلغاء” الدعامة كشرط مسبق لأي صفقة انسحاب للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
وجاء في التغطية الصحفية ما يؤكد هذه الأفكار، ومن أمثلة ذلك ما ورد بتاريخ 6 أكتوبر/تشرين الأول 2019:
– قال سكرتير الأعمال، أندريا ليدزوم: “نعلم أن الشركات غالبًا ما تعتمد على مجتمع الأعمال الأوسع للحصول على المساعدة والمشورة في التخطيط.. سيتم الآن تزويد مجموعات الأعمال بالأدوات اللازمة للمشاركة في هذه المهمة الحاسمة والتواصل مع غير الأعضاء والشركات من جميع الأحجام”.
- 3. صحيفة فايننشال تايمز
كشف التحليل الكيفي للتغطية الصحفية لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي أن صحيفة “فايننشال تايمز” ركزت على مجموعة من الأطر الإخبارية الرئيسية في تغطيتها لقضية الانسحاب، والتي تمثَّلت في مجموعة من الأفكار الرئيسية. ومن هذه الأطر ما يلي: الإطار الاقتصادي، الإطار السياسي:
- 1. الإطار الاقتصادي
تمثَّلت أهم الأفكار الرئيسية التي عبَّرت عن هذا الإطار فيما يأتي:
– انخفاض الصادرات إلى المملكة المتحدة عام 2019 بنسبة 21% على أساس ربع سنوي، وهو أكبر انخفاض منذ الأزمة المالية.
– تصريح محافظ بنك إنجلترا بأن الانسحاب غير المنتظم من الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي.
– انخفاض الناتج المحلي بنسبة 8%، وبلوغ التضخم ذروته عند 6.5%، وارتفاع معدل البطالة إلى 7.5%”.
وجاء في التغطية الإخبارية ما يؤكد هذه الأفكار، ومن أمثلة ذلك ما ورد بتاريخ 3 سبتمبر/أيلول 2019:
– “في الأشهر الثلاثة حتى يونيو/حزيران 2019، انخفضت الصادرات إلى المملكة المتحدة بنسبة 21% على أساس ربع سنوي، وهو أكبر انخفاض منذ الأزمة المالية قبل عقد من الزمان، مما ساهم في انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% على أساس ربع سنوي، وهو ما شهدته ألمانيا في نفس الفترة”.
وورد بتاريخ 4 سبتمبر/أيلول 2019 ما يلي:
– قال محافظ بنك إنجلترا، مارك كارني: “إن الانسحاب غير المنتظم من الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي قبل أي انتعاش بنسبة 5.5%، وارتفاع معدل البطالة إلى 7%، في حين أن التضخم سيبلغ ذروته عند 5.25%”.
- الإطار السياسي
تمثَّلت أهم الأفكار الرئيسية التي عبَّرت عن هذا الإطار فيما يأتي:
– هناك تسلسل هرمي لثلاث نتائج محتملة لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
– الرسالة الرئيسية لرئيس الوزراء خلال حملة قيادة حزب المحافظين هي أن المملكة المتحدة يجب أن تغادر الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر/تشرين الأول.
– الخوض في انتخابات قادرة على مواجهة تهديد حزب البريكست بزعامة نايجل فاراج، والذي يريد انفصالًا تامًّا عن الاتحاد الأوروبي.
وجاء في التغطية الإخبارية ما يؤكد هذه الأفكار، ومن أمثلة ذلك ما ورد بتاريخ 2 أكتوبر/تشرين الأول 2019:
– “سيخوض بعد ذلك انتخابات قادرة على مواجهة تهديد حزب البريكست بزعامة نايجل فاراج، والذي يريد انفصالًا تامًّا عن الاتحاد الأوروبي، والديمقراطيين الليبراليين الصاعدين الذين يتمثَّل هدفهم الرئيسي للناخبين في رغبتهم في وقف انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد”.
استنتاجات
خرجت الدراسة بعدد من النتائج بناءً على تساؤلات الدراسة:
أولًا: نتائج الدراسة التحليلية الكمية
- تباين تغطية الصحف البريطانية عينة الدراسة لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، حيث جاءت صحيفة “ديلي تلغراف” كأكثر الصحف تغطية لهذه القضية؛ إذ قامت بتغطية 59 موضوعًا خلال فترة الدراسة، ثم جاءت صحيفة “الغارديان” في المرتبة الثانية بتغطية 56 موضوعًا، بينما جاءت صحيفة “فايننشال تايمز” في المرتبة الأخيرة، إذ لم يتجاوز عدد المواضيع التي غطتها حول القضية 18 موضوعًا.
- تبيَّن أن أهم المواضيع التي ركزت عليها عينة الدراسة حول قضية الانسحاب، كان موضوع المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بشأن الانسحاب من عضويته، وهو ما اهتمت بتغطيته بشكل متقارب صحيفتا “ديلي تلغراف” و”الغادريان”، بينما لم تهتم صحيفة “فايننشال تايمز” بتغطية هذا الموضوع إلا بنسبة متدنية، وركزت بشكل كبير على تغطية موضوع الآثار الاقتصادية للانسحاب، في حين لم تهتم صحيفتا “ديلي تلغراف” و”الغارديان” كثيرا بهذا الموضوع وجاءت تغطيتهما له بنسب متدنية.
- اختلفت اتجاهات تغطية عينة الدراسة لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، حيث تبيَّن أن اتجاه تأييد الانسحاب كان لصحيفة “ديلي تلغراف” في المرتبة الأولى، بينما جاء تأييد صحيفة “فايننشال تايمز” متوسطًا. أما صحيفة “الغارديان” فقد جاء التأييد فيها بنسبة متدنية، حيث كان توجهها المعارض للانسحاب واضحا، في حين لم تقم صحيفة “فايننشال تايمز” بتغطية قضية الانسحاب بشكل محايد نظرًا لاختلاف توجهات الصحف السياسية.
- كانت الأساليب التحليلية من أكثر الأساليب استخدامًا في عينة الدراسة، وجاءت لصالح صحيفة “الغارديان” التي استخدمته بشكل كامل، وتلتها صحيفة “فايننشال تايمز” في المرتبة الثانية، بينما جاءت صحيفة “ديلي تلغراف” في المرتبة الأخيرة. ويدل ارتفاع نسبة استخدام هذا الأسلوب على الاهتمام بعرض القضية وشرحها لتحقيق النهايات والنتائج. من جهة أخرى، لم تستخدم الصحف عينة الدراسة الأساليب الحوارية باستثناء تغطية واحدة لصحيفة “ديلي تلغراف”، التي استخدمت أيضًا أسلوب إملاء الآراء والاتجاهات، تلتها صحيفة “فايننشال تايمز”، أما صحيفة “الغارديان” فلم تستخدم نهائيًّا هذا الأسلوب في تغطيتها لقضية الانسحاب.
- غلب استخدام التقارير الإخبارية على تغطية قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وجاءت الأخبار في المرتبة الثانية بنسب متدنية، بينما أهملت الصحف عينة الدراسة استخدام التحقيقات أو المقالات أو الروبورتاجات كأحد الأنماط الإعلامية المهمة التي يجب استخدامها في تغطية هذه القضية، باستثناء صحيفة “ديلي تلغراف” التي استخدمت المقال مرة واحدة فقط خلال فترة الدراسة.
- استخدمت صحيفتا “ديلي تلغراف” و”الغارديان” عبارات الحقائق المؤكدة بشكل واضح كأحد أنواع العبارات التي تستخدم لتأكيد القضية من خلال بنائها اللغوي، في حين لم تستخدم صحيفة “فايننشال تايمز” هذا النوع من العبارات في أي مادة صحفية أثناء تغطية قضية الانسحاب.
ثانيًا: نتائج الدراسة التحليلية الكيفية
كشفت نتائج الدراسة التحليلية الكيفية أن الصحف البريطانية عينة الدراسة اختلفت في تغطيتها لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بسبب اختلافاتها الأيديولوجية وتوجهاتها السياسية، إذ تباينت في طريقة معالجة الأطر الرئيسية التي تناولتها في التغطية. وتبين ما يأتي:
- ركزت “الغارديان” على كل من الإطار السياسي والإطار القانوني والإطار الاقتصادي، لأن توجهات هذه الصحيفة اليسارية الليبرالية هي بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي.
- اهتمت صحيفة “فايننشال تايمز” بكل من الإطار الاقتصادي والإطار السياسي، لأنها ذات توجه سياسي محايد حول قضية الانسحاب.
- ركزت “ديلي تلغراف” على كل من الإطار السياسي والإطار القانوني والإطار الاقتصادي، لأن توجهاتها السياسية المحافظة كانت مع الانسحاب من الاتحاد.
ثالثًا: التوصيات
- إعطاء المزيد من الاهتمام العربي لإجراء دراسات حول قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في المجال الإعلامي نظرًا لأهمية العلاقات البريطانية-العربية، وبالتالي التعرف على تأثير الانسحاب على هذه العلاقات.
- ضرورة الاهتمام العربي بقضية الانسحاب، لأن المملكة المتحدة تستطيع التعاون في جميع المجالات مع كافة الدول ووضع قواعد جديدة للتعامل معها.
- على الرغم من اعتبار قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي قضية داخلية أوروبية، فإن المنطقة العربية تأثرت بها في العديد من الجوانب السياسية والاقتصادية، وقد تستفيد الدول العربية من الشراكات الثنائية مع الجانب البريطاني بعد الانسحاب، وستكون هناك مصالح قصيرة المدى للمملكة المتحدة إزاء المنطقة العربية فيما يتعلق بعدد من الملفات الهامة كاللاجئين ومكافحة الإرهاب.
- العمل على زيادة طرح هذه القضية إعلاميًّا، لأن انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي سيرتبط بانحسار الدور البريطاني في عملية السلام في الشرق الأوسط، وخاصة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
المراجع
(1) محمد حجاب، المعجم الإعلامي، ط 1 (القاهرة، دار الفجر للنشر والتوزيع، 2004)، ص 80.
(2) Sue Robinson, “Journalism as Process: The Organizational Implications of Participatory,” Journalism & Communication Monographs, September 1, 2011, “accessed January 1, 2020”. https://bit.ly/3sFGoGq.
(3) Amol Rajan, “what does the future hold for the Daily Telegraph?,” BBC News, (2016), “accessed January 1, 2020”. https://bbc.in/3z2idmO.
(4) “The Scott Trust: values and history”, The Guardian, October 24, 2016, “accessed January 1, 2020”. https://bit.ly/3EycCpp.
(5) John Ridding, et all., “FT tops one million paying readers,” Financial Times, April 1, 2019, “accessed January 1, 2020”. https://on.ft.com/3FzclE7.
(6) Graham Taylor, “Understanding Brexit: Why Britain Voted to Leave the European Union,” Emerald Publishing Limited, Review 3, (2017), “accessed January 1, 2020”. https://bit.ly/3pzykFo.
(7) “The EU in brief,” European Union, (2016), “accessed January 1, 2020”. https://bit.ly/32sZQeR.
(8) نوار جليل هاشم، “التوجهات المستقبلية للسياسة البريطانية في حال الانسحاب من الاتحاد الأوروبي”، مجلة المستقبل العربي (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 493، 2020)، ص 2-18.
(9) راضيه مزاني، “الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي: الدوافع والانعكاسات”، مجلة العلوم القانونية والسياسية (جامعة الجزائر، الجزائر، العدد 1، 2019)، ص 1002-1015.
(10) عطا الله أيوب، التداعيات السياسية لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، (رسالة ماجستير جامعة الأزهر، 2017)، ص 4.
(11) Reem Alkhammash, “Discursive Representation of the EU in Brexit-related British Media,” Journal of Language Studies, Vol. 20(1), (2020): 1-2.
(12) Stefanie Walter, “Better off without you? How the British Media Portrayed EU Citizens in Brexit News,” The International Journal of Press/ Politics, Vol. 24(2), (2019): 210-232.
(13) Sioned Ellen Lavery, A very English Brexit: A comparative analysis of the immigration debate in the news media of the four UK nations, (PhD Thesis, University of Sydney, Australia, 2019), 3.
(14) منال المزاهرة، بحوث الإعلام، ط 1 (الأردن، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، 2010)، ص 123.
(15) شيماء زغيب، مناهج البحث والاستخدامات الإحصائية في الدراسات الإعلامية، ط 3 (القاهرة، الدار المصرية اللبنانية،2017)، ص 110.
(16) منال المزاهرة، مناهج البحث الإعلامي، ط 2 (الأردن، دار المسيرة للنشر والتوزيع، 2020)، ص 167.
(17) المرجع السابق، ص 322.
(18) منال المزاهرة، نظريات الاتصال، ط 2 (الأردن، دار المسيرة للنشر والتوزيع، 2018)، ص 322.
(19) المزاهرة، مناهج البحث الإعلامي، مرجع سابق، ص 265.
(20) المزاهرة، نظريات الاتصال، مرجع سابق، ص 275.
(21) أماني فهمي، “الاتجاهات العالمية الحديثة لنظريات التأثير في الراديو والتلفزيون”، المجلة المصرية لبحوث الإعلام (جامعة القاهرة، كلية الإعلام، العدد 6، 1999)، ص207-245.
(22) محمد عبد الحميد، نظريات الإعلام واتجاهات التأثير، ط 1 (القاهرة، عالم الكتب، 2015)، ص 275.
(23) Shanto Iyengar, “The accessibility bias in politics: Television news and public opinion,” International Journal of Public Opinion, Vol. (2)1, (1991): 1-15.
(24) المزاهرة، نظريات الاتصال، مرجع سابق، ص 319.
(25) المرجع السابق، ص 334.
(26) عبد الرزاق الدليمي، نظريات الاتصال في القرن الحادي والعشرين، ط 1 (الأردن، دار اليازوري للنشر والتوزيع، 2016)، ص 187.
(27) المزاهرة، نظريات الاتصال، مرجع سابق، ص 332-333.
(28) Website Editor, “David Cameron ‘prepared to consider EU referendum,” BBC News, June 1, 2012, “accessed January 2, 2020”. https://bbc.in/3qsMTtq.
(29) HM Government, “The Future Relationship between the United Kingdom and the European Union,” (London: 2018), 8.
(30) Benjamin Kentish, “Article 50 was designed for European dictators, not the UK, says man who wrote it,” The Independent, March 29, 2017, “accessed January 2, 2020”. https://bit.ly/3sIdG7M.
(31) Jack Fiehn, “EU referendum: Voters in South East vote to leave,” BBC News, June 14, 2016, “accessed January 2, 2020”. https://bbc.in/3Jgm4kK.
(32) Laura Kuenssberg, “Brexit: UK and EU agree delay to 31 October,” BBC News, April 11, 2019, “accessed January 2, 2020”. https://bbc.in/3qtnQqe.
(33) أحمد علي، “8 أسباب دفعت البريطانيين للانفصال عن المملكة المتحدة”، وكالة الأناضول الإخبارية التركية، 24 يونيو/حزيران 2016، (تاريخ الدخول: 2 يناير/كانون الثاني 2020)، https://bit.ly/3mDJAyu.
(34) عدلي قندح، “تأثير انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي”، موقع الغد، 4 أبريل/شباط 2020، (تاريخ الدخول: 4 أبريل/شباط 2020)، https://bit.ly/3HinF80.
(35) مروة نظير، “لماذا يجب أن تهتم الدول العربية بالبريكست؟”، موقع العين، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2019، (تاريخ الدخول: 4 أبريل/شباط 2020)، https://bit.ly/3Esv7eQ.
(36) Muhammad Islam, Media Coverage of the Role of Big Data in the 2016 Brexit Referendum: an Analysis of the Guardian and the Telegraph Coverage Using Social Responsibility Theory, (PhD thesis, University of Gothenburg, January 2018).
(37) Katja Ballmann, Brexit in the News: Frames and Discourse in the Transnational Media Representation of Brexit: A Comparative Study of Framing and Discourse in the Media Representation of Brexit in 2016 on Deutsche Welle, France 24 and Al Jazeera English, Department of Media Studies (Master thesis, Stockholm University,2017), 2.
(38) Alkhammash, “Discursive Representation of the EU in Brexit-related British Media,”: 4.
(39) Ellen Lavery, A very English Brexit: A comparative analysis of the immigration debate in the news media of the four UK nations, 5.
(40) Islam, Media Coverage of the Role of Big Data in the 2016 Brexit Referendum, 8.