تبحــث الدراســة دور وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها في حركة الشارع خلال ثورات الربيع العربي، وترصد حالة الإعلام الاجتماعي بعد مرور عشر سنوات على الثورات العربية. وتشير نتائج الدراسة، من خلال استطلاع رأي عيِّنة من المبحوثين في الشمال السوري المحرر، إلى تراجع دور هذه المنصات في تحريك الشارع وتعبئته؛ حيث شكَّلت الأنظمة العربية، التي كانت غائبة عن هذه المنصات، جيوشًا إلكترونية، وتمكنت بسطوتها المالية والسلطوية وعلاقاتها الدولية من التضييق على الإعلام الاجتماعي عبر إغلاق حسابات وصفحات الثورات العربية.
كلمات مفتاحية: الإعلام الاجتماعي، الربيع العربي، الذباب الإلكتروني، منصات الاستبداد، منصات الحرية.
This study examines the role of social media websites and their impact on the street’s movement during and ten years after the Arab Spring revolutions. The findings show, through an opinion poll sample of respondents from north Syria, the decline of the role of social media platforms in the street’s movement and mobilization. This is because Arab regimes, who had been absent from the platforms, have formed “electronic armies” and were able through financial and authoritarian means and international relations to restrict social media by closing down the accounts and pages related to the revolutions.
Keywords: Social Media, Arab Spring, Electronic Flies, Totalitarian Platforms, Freedom Platforms.
تمهيد
كشفت موجات الربيع العربي، التي بدأت شرارتها مع الثورة التونسية، في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، حجم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في حركة الشارع العربي، بعد أن ظلت المؤسسات الإعلامية العربية المملوكة للحكومات تروِّج طوال العقود الماضية لرواية السلطة، فأحدثت بذلك فجوة بين الحاكم والمحكوم. لكن مع ظهور إعلام فضائي جديد بدأ ينافس وبقوة الإعلام الحكومي، ويبرز تقليدية نموذجه الإخباري، عبر فسح مساحات كانت بالأمس من المحرمات، أعادت هذه الخطوة الثقة بالإعلام العربي الفضائي، ورغم ذلك اتسمت نظرة الجمهور للإعلام الحكومي بالسلبية.
في المقابل، تعاظمت أهمية وسائل التواصل الاجتماعي، وتوسع انتشارها وتأثيرها لما تتمتع به من إمكانيات هائلة من حيث سهولة الوصول إلى منصاتها كما لا تحتاج إلى ترخيص، وتحلَّلت من عادية الرقابة التي شلَّت عمل المؤسسات الإعلامية، فضلًا عن رُخْص بل مجانية استخدام هذه المواقع تقريبًا.
ويشير الباحثان الأميركيان، جون أركيلا (John Arquilla) وديفيد رونفليد (David Ronfeldt)، إلى أن بروز وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة وتطور وسائل البث التليفزيوني عزَّزا مقولة: “الوسيلة هي الرسالة”؛ إذ بدون الوسيلة يغيب المحتوى ويختفي معه المُرسِل والمستقبِل وتتلاشى أية عملية إعلامية تواصلية في الأساس(1).
ومع اندلاع شرارة الثورات في المنطقة العربية، أوائل العام 2011، برزت وسائل الإعلام الجديد وبشكل قوي، وفرضت نفسها في المشهد الإعلامي العربي، وبدأت القنوات الفضائية ووسائل الإعلام التقليدية الأخرى تعتمد عليها في نقل مظاهرات واحتجاجات بلدان الربيع العربي. كما وظَّفت الشعوب هذا الإعلام واستخدمته بنجاعة واحتراف ضد الأنظمة المستبدة.
وبعد أن أدركت هذه الأنظمة أهمية الإعلام الجديد وجدواه مبكرًا، لجأت إلى تجييش الجيوش الإلكترونية وشحذ الأقلام للتشبث بسلطتها، لكن في المقابل تمكنت ثقافة صحافة المواطن -وفي فترة قصيرة جدًّا- من مزاحمة الإعلام التقليدي المملوك حكوميًّا وفرض أجندتها الإعلامية في المجال العام، وساعد ذلك في الفصل بين إعلام تقليدي ماضوي، وإعلام جديد، غير أن ذلك كان لجولة قصيرة.
- اعتبارات منهجية
أ- إشكالية الدراسة
أثبتت حركة التاريخ أن لكل فعل ردَّ فعل، وكما أن للثورات ردَّ فعل، فإن ما يُضادها ويعارضها هو “الثورات المضادة”، ومعلوم أن لكل ثورة أدوات، وللثورة المضادة أدوات أيضًا، لكن اشترك هذه المرة الشيء ونقيضه بالأداة ذاتها، فكانت المنصات الاجتماعية هي المشترك بينهما. ومع اعتماد الثورات العربية على منصات التواصل الاجتماعي في لحظة اجتماعية تاريخية، فإن الثورات المضادة سريعًا ما التحقت بالموجة الإعلامية الجديدة ووظَّفت قدرات وإمكانيات وعلاقات الأنظمة التي حافظت على بقائها في السلطة لمعركتها على المنصات الرقمية.
وفي سياق ثنائية الثورات والثورات المضادة واستخدامها لمنصات التواصل الاجتماعي، تعالج الدراسة:
– حملات التضييق والتقييد التي فرضتها وتفرضها المنصات الرقمية على مسارات الثورات، مما أدى إلى إغلاق آلاف الحسابات والصفحات التي يتابعها مئات الآلاف والملايين من المستخدمين؛ الأمر الذي حال دون التواصل مع الفئات التي تستهدفها، وهو ما استتبع ترسيخ أحادية الرواية الحكومية والثورات.
– تطوُّر استخدام المنصات الاجتماعية منذ بدء الربيع العربي أوائل العام 2011 وحتى الآن، عبر إجراء مسح على عينة في الشمال السوري المحرر، والكيفية التي ينظر من خلالها نشطاء الربيع العربي للمنصات الرقمية بعد عقد تقريبًا.
– الجيوش الإلكترونية التابعة للحكومات ودورها في مواجهة ثورات الربيع العربي، كما هي حال الجيش السوري الإلكتروني التابع للنظام السوري الذي واجه مبكرًا الثورة الرقمية التي تسلَّح بها الناشطون. وقد استخدمت دول كثيرة هذا الأسلوب فيما بعد، فأسَّست جيوشًا إلكترونية لمواجهة الثورات أو خصومها ومعارضيها، ومحاربتهم بنفس الأسلوب. وهنا، برزت تساؤلات لدى الناشطين والمعارضين عن انحياز شبكات التواصل الاجتماعي للحكومات واستسلامها لضغوطها في وجه الناشطين.
– التأثير القيمي الذي طرأ على المنظومة الإعلامية، وحجم هذا التأثير سلبًا أو إيجابًا، وهو ما أثار تساؤلات عن احتمالية إلحاق الأذى بجوهر القيم الإعلامية الأساسية.
– احتكار المنصات الرقمية وتحكمها في تدفق المعلومات؛ حيث لم يتمكن العالم حتى الآن من مواجهة هذا التحدي الكبير، لا بسَنِّ التشريعات ولا بتنفيذها وتطبيقها.
ب- أهداف الدراسة
تحاول الدراسة مقاربة المشكلة البحثية بهدف:
– التعرف على قوة وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في الثورات العربية؛ إذ كانت عاملًا مؤثرًا في حركة الشارع العربي.
– تحديد القيود التي فُرِضَت على حرية الناشطين والإعلاميين في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتراجع الثورات العربية.
– التعرف على الجهات المستفيدة من التضييق على وسائل التواصل الاجتماعي والصفحات المحسوبة على الثورات والربيع العربي.
ج- منهج الدراسة
اعتمدت الدراسة المنهجَ الوصفي التحليلي الذي يدرس الظاهرة كما تحدث في الواقع، والتعرف على أسبابها والعوامل التي أسهمت في حدوثها، ومقارنتها بالظواهر الأخرى المتعلقة بها من أجل تفسيرها وتحليلها. وقد تتبعت الدراسة السياق التاريخي لظهور منصات التواصل الاجتماعي وتفاعل المستخدمين معها، ورصد استخدامات الثورة السورية والثورة المضادة لمنصات التواصل الاجتماعي.
د- الاستبيان وحدود الدراسة
أُنجزت الدراسة خلال الفترة الممتدة بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2021، وشملت مكانيًّا ثورات الربيع العربي مع التركيز على الثورة السورية التي مضى على اندلاعها عقد كامل. وأُجري استطلاع الرأي بشأن فاعلية المنصات الاجتماعية، في مناطق الشمال السوري المحرر وبعض المناطق التركية الحدودية المجاورة لسوريا، نظرًا لوجود كثافة سكانية من اللاجئين السوريين فيها؛ حيث شملت العينة 113 شخصًا من الجنسين، وحظيت نسبة الذكور بنسبة 81% بينما بلغت نسبة الإناث 19%. وكانت نسبة المبحوثين ذوي المستوى الجامعي هي الأعلى وسط المشاركين؛ إذ بلغت نسبة خريجي الجامعات 79%، بينما بلغت نسبة المبحوثين ذوي المستوى الثاني (حملة الشهادة الثانوية) 17%، وبلغت نسبة الأفراد ذوي المستوى الابتدائي 3%، وقد غلب على المستجوبين فئة الناشطين الإعلاميين الذين نشطوا على المنصات الرقمية بداية الثورة وحتى الآن.
اعتمدت الدراسة الاستبيان المغلق لجملة أسباب منهجية وواقعية في الحالة السورية، لأن الحديث يتعلق بثنائيتين، هما: الحرية والاستبداد، وإجابتهما في كلتا الحالتين محددة بنعم أو لا، وهي أكثر ملاءمة ودقة. إضافة إلى ذلك، فإن الواقع السوري المثقل بالمشاكل جعل فئات واسعة لا تتفاعل مع الاستبيانات والشروحات والتفصيلات. ويعود اختيار الباحث للجمهور السوري في الشمال الخارج عن سيطرة النظام للحرية التي يتمتع بها في تحديد خياراته بخلاف المناطق الخاضعة للنظام السوري.
وكان الاستبيان إلكترونيًّا حيث وُجِّهت الأسئلة إلى الناشطين والطلبة في مناطق الشمال السوري المحرر وتحديدًا في إدلب وريف حلب ومناطق تركية مجاورة للشمال السوري المحرر مثل الريحانية وأنطاكيا. وحرص الباحث أن تكون أسئلة الاستبيان متوازنة، اثنان منها إيجابيان واثنان سلبيان والخامس محايد، فأما الإيجابيان فجوابهما: “أوافق، وأوافق مطلقًا”، والسلبيان “لا أوافق، ولا أوافق مطلقًا”، والخامس محايد وهو “لا أدري”، وأُجريت عملية تحليل البيانات والمعلومات وفقًا لخاصية الجداول المحورية (Pivot Table) على برنامج جداول البيانات (Exel).
- المعادلة الخبرية بين الماضي والحاضر
ظلت المعادلة الخبرية هي نفسها على امتداد التاريخ الإعلامي إلى أن قلبتها تمامًا منصات التواصل الاجتماعي، فطوال مرحلة ما قبل بروز منصات التواصل الاجتماعي كانت المعادلة الخبرية: مرسِل ورسالة ومستقبِل. ولكن مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي برز أمران مهمان لخَّصا حجم التغيير الهائل الذي طرأ على الإعلام، كان الأول يخص الوسيلة التي غدت أهميتها كالمضمون ذاته، وإن كانت الوسيلة موجودة في وسائل الإعلام التقليدية، ولكن لم تكن بتلك الأهمية والتأثير كما هي عليه الحال اليوم في المنصات الرقمية؛ فحِرمان الوسيلة عنى حرمان الرسالة، كحال انقطاع وسيلة الإنترنت أو الهاتف المحمول أو جهاز البث الفضائي ومن قبله الفاكس؛ مما جعل التكنولوجيا تحدد الرسالة. فحتى لو توافرت للإعلامي صور قوية، إنْ لم يمتلك الوسيلة لبثِّها فستظل رسالته الصورية حبيسة أدراجه لا يعلم بها أحد. أما الأمر الثاني فهو المتعلق بالتفاعل مع الخبر؛ إذ وفَّرت مواقع التواصل الاجتماعي مساحة هائلة للتفاعل مع الخبر، فلم يعد المستخدم مجرد مستقبل، بل أصبح مرسلًا أيضًا. ومرسل الرسالة لن يرد على كل من يعلِّق على كلامه في تويتر أو فيسبوك؛ مما يجعل المستقبِل في هذه الحالة قادرًا على حرف مقصود الرسالة، فكيف إذا جنَّد حسابات أخرى.
وبرزت في المعادلة الخبرية أهمية الرموز الفنية والإعلامية أكثر من الرموز الإعلامية المتخصصة، فحصدت تلك الرموز الإعجابات والمشاركات وإعادات التغريد؛ مما جعل صاحب الرسالة أهم من الرسالة ذاتها، ولم يعد يلتفت أحد لتخصص صاحب الحساب، بعد أن غدا معيار المنصات الرقمية هو معرفة الرجال لا معرفة الحقيقة والواقع، مما كشف ضحالة واقع منصات التواصل الاجتماعي، على حساب تراجع دور المؤسسات الإعلامية العريقة لصالح واقع إعلامي اجتماعي جديد له اشتراطاته ومعادلته الجديدة التي لا علاقة لها بالمهنية والاحترافية.
- المنصات الرقمية وريثة المنصات التقليدية
نجحت المنصات الرقمية إلى حدٍّ كبير في قطف ثمار وسائل الإعلام التقليدي، مثل: الصحافة والإذاعة والتليفزيون، التي بلغ عمرها أكثر من مئة عام، وكان تأثير الإعلام الجديد واضحًا، حيث اضطرت مئات الصحف والمجلات العالمية إلى التوقف عن الصدور. ولا يحتاج هذا الإعلام إلى تراخيص ولا إلى جيوش إعلامية مدربة يُنفَق عليها المليارات من الدولارات. وقد زاد من أهمية هذه المنصات وجود مراسلين لها في كل بيت، بل غالبًا ما يتعدى مراسلوها في البيت الواحد خمسة أو ستة أشخاص وربما أكثر، مما أدى إلى تراجع الاهتمام بالتحليل في ظل الدفق الإخباري الذي لا ينقطع على مدى 24 ساعة في اليوم الواحد.
وبقدر ما وفَّرت شبكات التواصل منصات للتغيير فإنها وفرت بالمقابل منصات للاستبداد لاحقًا، وتصف الكاتبة أدريان لافرانس (Adrienne LaFrance) فيسبوك بـ”كولونيالية رقمية، بعد أن تحكَّم به الاستبداد ضد الديمقراطية والديمقراطيين، والإرهابيون في تجنيد عملائهم، والعسكر في حملات إبادتهم”(2). وسبق أن وصفت المخابرات الأميركية موقع فيسبوك بأكبر ساحة للحرب الإعلامية، وأداة للتدخلات الأجنبية في انتخاباتها عام 2016، كما أصبح فيسبوك جمهورية يقدَّر عدد أعضائها بـ2.3 مليار شخص، وهو ما يعادل سكان كل من الصين والهند، وثلث سكان الأرض اليوم، إنه أشبه ما يكون بأمة بلا دولة(3).
ولاحظت الكاتبة إليزابيث هنتر (Elizabeth Hunter) أن السؤال المطروح ليس هو ما إذا كان بمقدور وسائل التواصل الاجتماعي تغيير الأنظمة وإنما كيف تمكَّن الإعلام الاجتماعي الرقمي من تحريك مئات الآلاف من المتظاهرين في شوارع مصر، التي لم يتجاوز عدد مستخدمي الإنترنت فيها عشية الثورة 20% من إجمالي سكانها البالغ عددهم 80 مليون نسمة(4).
- واقع المنصات الاجتماعية لحظة الثورات العربية
حققت منصات التواصل الاجتماعي في العالم العربي قفزة نوعية بعد الربيع العربي، وفرضت نفسها عربيًّا وربما عالميًّا من حيث قدرة تأثيرها والحشد والتعبئة والتحريض؛ إذ عادة ما كانت وسائل الإعلام بحاجة لحدث كبير لتُشتهر من خلاله فشكَّل الربيع العربي فرصة نادرة لها.
وأتذكر حديثي مع بعض المسؤولين اليمنيين حين أصرُّوا على إبعادي مع زميلي عبد الحق صداح أثناء تغطية احتجاجات اليمن، في فبراير/شباط عام 2011؛ حيث قلت لهم: “إننا اليوم ربما نغطي بمستوى من المهنية والإنصاف بنظركم كما ترون وتعتقدون، ولكن بعد خروجنا ستكون التغطية لصالح الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي المؤيدين للاحتجاجات وحينها لن تكون التغطية لصالحكم، وربما هذا ما جعلهم يؤخرون إبعادنا لأسابيع”. وهكذا، استطاعت مواقع التواصل الاجتماعي في بلدان الربيع العربي أن تخرِّج الكثير من الصحافيين والإعلاميين لاحقًا، وسنلاحظ أيضًا أن عددًا كبيرًا من مراسلي القنوات الفضائية العربية خلال تلك الفترة كانوا في الأصل ناشطين، ويعود الفضل لعملهم في قنوات فضائية إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وإن كان ينقصهم الكثير من أدوات المهنة، فعوضت بعض وسائل الإعلام ذلك بتدريبهم لاحقًا، مما صقل مواهبهم، فقد تحولت هذه الوسائط إلى أشبه ما تكون بمراكز تدريب لعملهم.
- المنصات الرقمية: تأثير خارجي ناعم
شكَّل اتهام المنصات الرقمية في التدخل بالانتخابات الأميركية، عام 2016، بداية أزمة بين قطبين عالميين، أميركي وروسي، وهو ما يشير إلى أهمية هذه الوسائل وقوة تأثيرها. فقد وجَّهت الأجهزة الأمنية والقضائية الأميركية اتهامها لموسكو باختراق انتخاباتها، مما أثار جدلًا واسعًا حول شرعية وصول الرئيس، دونالد ترامب، إلى السلطة، واستمر الجدل حتى ما بعد رحيله. وتصاعد الحديث عن دور هذه المنصات في المذابح والمجازر والمعاناة التي تعرض لها مسلمو الروهينغيا في بورما، عام 2018، حين استخدم النظام الحاكم منصة فيسبوك لنشر الكراهية ضد المسلمين مما شجع على قتلهم وتهجيرهم، ولم تعتذر منصة فيسبوك إلا بعد عامين على هذه المجازر، وهو ما كررته بعد عامين، في 2020، وبالطريقة نفسها في إثيوبيا(5)، بينما لا يستغرق شطبها أو حذفها لحسابات تخص ثورات الربيع العربي بضعة دقائق.
وكانت خبيرة البيانات في فيسبوك، صوفي تشانغ (Sophie Zhang)، سرَّبت مذكرة تحدثت فيها عن تواطؤ الموقع أو تساهله أو تباطئه في اتخاذ إجراءات ضد حسابات وهمية مما نسف انتخابات وأضرَّ بسياسيين على مستوى العالم(6). وأوضحت صوفي كيف أساءت الحكومات لهذه المنصة، فطرحت حسابات وهمية، وانتحل بعضهم شخصيات كاذبة، من أجل التأثير على سير انتخابات في دول عديدة، فكانت هناك عمليات تضليل لشعوبهم بشكل ممنهج ومتواصل(7). وخلصت صوفي في مذكرتها إلى عبارة قد تلخِّص ما جرى ويجري في هذه الوسائط: “أعرف أن يديَّ ملوثتان بالدماء الآن”.
لكن ما فاجأ المغردين هو اختيار دبي مركزًا لمنصة تويتر، وهي التي لا تخفي دعمها للثورات المضادة، بالإضافة إلى خصومتها مع دول مهمة في المنطقة مما قد ينعكس على تعاملها مع المنصة، وهو ما دفع المغردين للمطالبة بنقل مركز تويتر إلى تونس لكن المنصة رفضت ذلك(8)، ترافق هذا مع حذف موقع يوتيوب لآلاف من حسابات ناشطي الثورة السورية، وكذلك فعل فيسبوك، ووصل الأمر إلى التضييق على النشاط الرقمي للمستخدمين عبر كلمات مفتاحية بحيث يُغلَق الحساب إن جرى تداولها، وكان من ضمن الكلمات المفتاحية (الجيش الحر) و(الثوار).
وباتخاذ تويتر من دبي مركزًا له ظهرت الجيوش الإلكترونية للتسلل إلى منصته، فتمكنت من الوصول إلى موظفيه ومسؤوليه؛ حيث كشفت تقارير صحفية تعاون موظفين داخل المنصة بدبي مع بعض الحكومات العربية في التلاعب بالهاشتاغات والترندات، وهو ما دفع صحيفة نيويورك تايمز لإجراء تحقيق مطوَّل عن الموضوع(9).
وتحدثت صوفي تشانغ في مذكرتها عن حذف عشرة ملايين وخمسمئة ألف تعليق وإعجاب من صفحات لشخصيات سياسية خلال الانتخابات الأميركية، والبرازيلية عام 2018، مما دفع لاحقًا الكونغرس الأميركي إلى طلب شهادة الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، مارك زوكربيرغ، واستفساره عن اتهامات وُجِّهت لمنصته في هذا السياق.
وكشف مشروع الدعاية الحاسوبية التابع لجامعة أوكسفورد، وشركة (غرافيكا) لتحليل شبكات التواصل الاجتماعي، عن قصور كبير في هذه الوسائط، وتحدث عن عمليات تلاعب وتدخل من قِبَل وسائط التواصل الاجتماعي. فقد أعدَّ المشروع تقريرًا بعنوان “الاستجابة المتأخرة وغير المنسقة” متهمًا روسيا بالتدخل في الانتخابات الأميركية من خلال شركة روسية وُصفت بأنها “لجان إلكترونية لتوجيه الرأي العام”، ذات صلة بالحكومة الروسية ركزت على استهداف الناخبين المحافظين على نحو خاص عبر نشر مشاركات تتعلق بالهجرة والأصول العرقية وحق امتلاك السلاح(10).
وترافق ذلك مع تقرير لمجلس الشيوخ الأميركي، وتحقيقات مدير وكالة “إف بي آي” السابق، روبرت ميلر، تحدث عن التدخل الروسي لصالح المرشح الرئاسي، دونالد ترامب، ضد منافسته، هيلاري كلينتون، وقد توسَّع الاختراق الروسي في التلاعب والتدخل بالانتخابات الغربية ليشمل دولًا غربية عديدة، مثل: فرنسا وألمانيا وبريطانيا، بهدف تقويض العملية الديمقراطية الغربية والنموذج الغربي. وقد نشرت أخيرًا مجموعة من الباحثين التابعين لجامعة زيورخ دراسة عن حجم الخطر الذي يتهدد 18 من المجتمعات المتقدمة نتيجة المعلومات المضلِّلة عبر الفضاء الإلكتروني. وكشف الباحثون عن أن الأميركيين هم الأكثر احتمالًا بين جميع المجتمعات الديمقراطية المتقدمة لتصديق الأخبار الكاذبة ونظريات المؤامرة. وخلصت الدراسة إلى أن الولايات المتحدة بها ظروف مواتية للانتشار السريع للمعلومات الكاذبة، والتعرض لمعلومات مضلِّلة في الفضاء الإلكتروني(11).
وفي سياق الحالة السورية، أشار الكاتب الصحفي، بورزو دارغاهي (Borzou Daragahi)، في صحيفة الإندبندنت البريطانية، إلى أن “روسيا، الراعي الأقوى لنظام الأسد، تمكنت من تأمين دعاية مضلِّلة لصالح دمشق. وكان العالم، الغارق في عامين من المعلومات المضلِّلة حول طبيعة الصراع وأصله في سوريا، أكثر استعدادًا للامتثال”. وأضاف أن الدعاية الفعالة للنظام وحلفائه سمحت بتجاهل قواعد الحرب، ولطائرات الميغ الروسية والميليشيات الإيرانية بسحق الانتفاضة السورية في نهاية المطاف، لكن الحرب الأهلية السورية وحملة التضليل المصاحبة لها لم تكن سوى نذير تصاعد في حقبة ما بعد الحقيقة التي كانت ستأتي(12).
وخلال استطلاع الرأي الذي أجراه الباحث، لاستقصاء رأي المبحوثين بشأن تراجع مصداقية مواقع التواصل الاجتماعي بعد موجة ثورات الربيع العربي، أجاب 71% بالموافقة على أن مواقع التواصل تراجعت مصداقيتها، وتوزعت هذه النسبة بين 56% وافقوا على تراجع مصداقيتها، بينما وافق 15% وبشدة على هذا التراجع، واعترض على ذلك 18% من المبحوثين ورأوا أن دورها لم يتراجع، بينما “لم يوافق مطلقًا” 2%، ولم يحدد 9% رأيهم واكتفوا بالقول: “لا أدري”.
الشكل 1: توزيع نسب مصداقية مواقع التواصل الاجتماعي بعد ثورات الربيع العربي
وفي ظل هذه الأجواء يُعتقد أن الاستبداد قد استغل اهتمام العالم بالحديث عن التطرف والإرهاب، فاستخدمه لدَمْغ الثورات به، مما شكَّل حماية وحصانة له أمام القوى الدولية التي كانت تطالبه بالتغيير، ففضَّلت بذلك بقاءه على بديل إرهابي قدمته الأنظمة الاستبدادية بينما في حقيقته بديل ثوري يرفض الاستبداد، وأتى ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” ليشكِّل رافعة لسردية الاستبداد بشأن تحذيره العالم من البديل الإرهابي، وقد أتاح له ذلك مراقبة شديدة للمواقع، بل والعبث بها وإغلاقها أو تشويهها، وهو ما دفع ضريبته كثير من المواقع الثورية والوطنية بحجة الدعشنة والإرهاب.
وهنا، وجه الباحث سؤالًا للمستجوبين: هل أصبحت المواقع وسيلة للاستبداد بعد حظر صفحات ثورية؟ فكانت نسبة الإجابة بنعم كبيرة؛ حيث وافق 81% من المبحوثين أن المواقع باتت وسيلة للاستبداد بعد حظر صفحات ثورية وإغلاق صفحات شخصيات معادية للاستبداد، ولم يُجِب بـ”لا أوافق” سوى نسبة صغيرة من المبحوثين بلغت 5%، وتوزعوا بين من اكتفى بالقول: “لا أوافق” 4%، ونسبة 1% قالت: “لا نوافق مطلقًا”، في حين لم يحدد 14% من المستجوبين رأيهم واكتفوا بعبارة: “لا أدري”.
الشكل 2: توزيع نسب تحول مواقع التواصل الاجتماعي
إلى وسيلة للاستبداد بعد حظر صفحات ثورية
لكن ظل المبحوثون يعتقدون أن المواقع لا تزال قادرة على لعب دور في تحريض الشارع العربي؛ فقد أجاب 72% ممن شملهم الاستطلاع بنعم حين سُئلوا عن قدرة المواقع على تحريك الشارع العربي مجددًا، وتوزعت الإجابة بين 50% اكتفت بنعم، و22% وافقت وبشدة على القدرة على تحريك الشارع العربي. بينما رأى 21% منهم أن المواقع لم تعد لها قدرة على تحريك الشارع، ولم تحدد نسبة 8% من المستجوبين رأيها واكتفت بعبارة: “لا أدري”.
الشكل 3: توزيع نسب دور مواقع التواصل الاجتماعي في تحريك الشارع
وحين سُئِل المبحوثون حول ما إذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي لا يزال يُنظَر إليها باعتبارها مواقع نصيرة للثورات كما كانت قناعتهم في البداية، فقد جاءت النتيجة شبه متقاربة بين مؤيد ومعارض؛ إذ عبَّر 37% من المبحوثين عن موافقتهم على اعتبار مواقع التواصل نصيرة للثورات، بينما لم يوافق 36%، ورأت شريحة مهمة تمثِّل 27% من المستطلعة آراؤهم أنها “لا تدري” ما إذا كانت المواقع نصيرة للثورة، وهي حالة تعكس نقلة كبيرة في واقع مواقع التواصل الاجتماعي عمَّا كانت عليه قبل عشر سنوات في أعين مؤيدي الاحتجاجات.
الشكل 4: توزيع نسب دور مواقع التواصل الاجتماعي في نصرة الثورات
ولعل هذا يفسره السؤال الآخر الذي وجهه الباحث للمستجوبين: هل تعتقد أن قبضة الاستبداد قد زادت على مواقع التواصل الاجتماعي؟ حيث رأى غالبية المبحوثين أن القبضة زادت، وهو ما يفسر الجواب الأول بأن هذه المواقع لم تعد نصيرًا للثورات كما كان عليه الأمر من قبل، وقد أجاب 77 منهم بأن قبضة الاستبداد زادت بالفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت نسبة 22% تتفق بشدة، بينما لم توافق نسبة 10% على ذلك، وذهبت نسبة 13% من المستجوبين إلى القول: لا أدري.
الشكل 5: توزيع نسب قبضة الاستبداد على مواقع التواصل الاجتماعي
وحين سأل الباحث المستجوبين عن تشكيل لجنة الحكماء للإشراف على محتوى فيسبوك وفيما إذا كانت تلعب دورًا إيجابيًّا لصالح الثورات، لم يوافق 39% من المبحوثين على ذلك؛ إذ أبدى 29% رفضهم و10% رفضوا ذلك بشدة، في حين وافق على هذا الدور الإيجابي 12% فقط من المستجوبين ووافق بشدة 1.1% أيضًا، أما 48% فاكتفوا بعبارة: “لا أدري”. وهي حالة تعكس ضبابية دور هذه اللجنة أمام مستخدمي فيسبوك وعدم فاعليتها، حيث لم تظهر في أي مؤتمر صحافي، ولم تقدم أي تقرير سلبًا أو إيجابًا عن موقع فيسبوك.
الشكل 6: توزيع نسب دور لجنة الحكماء في الإشراف
على محتوى فيسبوك وتأثيره على الثورات
- جيل الثورة يسود المنصات مؤقتًا
شعر جيل الثورة بالنشوة وهو يرى أمامه تهاوي أنظمة قوية صمدت لعقود في وجه أحزاب ونقابات وصحف تقليدية، كما شعر أيضًا بأن المنصات التي وُلدت معه أصبحت بيديه تمامًا، وبعيدة كل البعد عن عالم الحكومات والأحزاب التقليدية. وزادت نشوة الزهو والانتصار لدى جيل الشباب بعد أن أجمعت معظم الدراسات والأبحاث على دور وسائل التواصل الاجتماعي في إسقاط أنظمة استبدادية في العالم العربي ثار عليها جيل الشباب. وخلص تقرير نشرته مجلة “فورين أفيريز” الأميركية إلى أن “الربيع العربي والإطاحة بحكام مصر وليبيا وتونس واليمن مثَّل ذروة الأمل بعالم جديد وحرٍّ تُعزِّزه التكنولوجيا الحديثة؛ حيث سهَّلت وسائل التواصل الاجتماعي إسقاط الطغاة الذين حكموا هذه البلدان”(13).
ويرى التقرير أن الاحتجاجات أطاحت بعشرة أنظمة استبدادية بين عامي 2000 و2017، أو بـ23% من الأنظمة السلطوية الـ44 التي سقطت خلال نفس الفترة. بالمقابل، فَقَدَ 19 نظامًا استبداديًّا آخر السلطة من خلال الانتخابات(14). ويتفق تقرير نشره معهد كارنيغي مع هذا الاستنتاج؛ حيث أكد أن “ثورة 25 يناير قامت بمساعدة الإنترنت. فقد لعبت الشبكة ومعها منصات التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص دورًا مهمًّا في إعداد قطاعات معينة من المجتمع لهذه اللحظة وتنظيمها ومساعدتها على التعبئة عندما حانت اللحظة المناسبة. في هذا الصدد، من المهم أن نلاحظ أن ثورة 25 يناير لم تبدأ في العام 2011، وأنها لم تنتهِ آنذاك، فهي لا تزال مستمرة. إضافة إلى ذلك، فإن كثيرين ممَّن ملؤوا الساحات في مصر خلال الأيام الثمانية عشر التي أطاحت بمبارك، إن لم يكن معظمهم، لم يكونوا من مستخدمي الإنترنت. ومع ذلك، فإن شبكة الإنترنت هي التي وفرت نقطة البداية التي نظمت الحشود وجمعتهم”(15).
ويرى مارك لينش (mark lench ) أن الجزيرة ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر، قد سرَّعت من حملة الاحتجاجات في “العالم العربي، من خلال نقل الصور والمشاعر والأفكار عبر الحدود”(16)، ويبيِّن الاستطلاع الذي أجراه الباحث أن أغلبية ساحقة بلغت 84% تتفق مع من يقول إن استخدامها لمواقع التواصل الاجتماعي في بدايات الثورة جاء نتيجة فقدان ثقتها بالإعلام التقليدي، وتوزعت هذه النسبة بين 47% أجابت بأوافق بشدة، بينما أجابت بأوافق فقط 37%، وعبَّرت نسبة 10% عن عدم موافقتها، بنيما اكتفت نسبة 5% بعبارة: “لا أدري”، وكانت نتيجة لا أوافق مطلقًا أقل من واحد بالمئة.
الشكل 7: توزيع نسب علاقة المستخدمين بالإعلام التقليدي في بدايات الثورة
وافقت نسبة عالية جدًّا على دور مواقع التواصل الاجتماعي في التحريض على الثورة السورية؛ حيث أكد 92% من المبحوثين على دور مواقع التواصل الاجتماعي في الثورة، وتوزعت هذه النسبة على 61% ممن وافقوا على هذا الدور، بينما وافق بشدة 31% من المبحوثين على دور هذه المواقع في التحريض على الثورة السورية. ولم توافق نسبة 5% على دور مواقع التواصل في التحريض على الثورة السورية، أما المبحوثون الذين لم يحددوا رأيهم واكتفوا بعبارة: “لا أدري” فبلغت 3%.
الشكل 8: توزيع نسب دور مواقع التواصل الاجتماعي في التحريض على الثورة
لكن بالمقابل، لم يكن ضحية الإعلام الجديد فقط الإعلام الحكومي وسياسات الاستبداد، فقد تبين مع تفاعلات عملية الإعلام الجديد أن الضحية كانت أيضًا الأحزاب السياسية والنقابات والأطر القديمة للمعارضات؛ إذ لم يعد لها ذلك النفوذ والتأثير على الشارع العربي كالسابق بعد أن جردها الإعلام الجديد من سلاحها الأساسي في الحشد والتعبئة وهو الجريدة أو الخطابات…إلخ، بعد كانت الصحف عنوانًا للأحزاب على امتداد التاريخ الماضي، كما حصل في سوريا بجريدة البعث.
لقد ظلت تلك الأجسام السياسية التقليدية تتعامل مع الثورة على أن الخلاف بين معارضة وحكومة، وهو ما أبعدها في كثير من الأحيان عن توصيف واقع حقيقي برز بعد جيل الثورات، انعكس ذلك في تغريد الشارع بما يتناقض مع هياكل وأجسام سياسية للمعارضة التي بدا أنها تفتقر إلى الحاضنة والدعم المجتمعي، بعد أن ظلت المعارضة تطبق أساليب قديمة في التواصل مع الخارج دون الالتفات إلى جيل الشباب صاحب النشاط الأهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد تبين من خلال الاستطلاع الذي أجراه الباحث أن نسبة كبيرة من المستجوبين يعتقدون أن وسائل التواصل الاجتماعي قد حلَّت محلَّ الأحزاب السياسية والنقابات المهنية، وأجاب 58% منهم بالإيجاب على سؤال: هل شكَّلت المواقع بديلًا للتنظيم السياسي بعيدًا عن الأحزاب السياسية والنقابات التقليدية؟، وتوزعت هذه النسبة بين 50% من المبحوثين الذين أبدوا موافقتهم، و8% وافقوا بشدة، ونزع 20% من المستجوبين إلى الرفض، بينما مالت نسبة 3% إلى الرفض المطلق، واكتفت نسبة 19% ممن شملهم الاستطلاع بالقول: “لا أدري”.
الشكل 9: توزيع نسب قدرة مواقع التواصل الاجتماعي
على أن تكون بديلًا للتنظيم السياسي
لقد انتقلت المنصات من أداة تواصل لحشد الناس والجماهير عبر المجال الافتراضي إلى الواقع الفعلي حين شاهد الجميع مئات الآلاف من المتظاهرين في الشوارع استجابة لدعوات مواقع التواصل الاجتماعي، لتصبح منتظمًا سياسيًّا حقيقيًّا في ظل تصحر الحياة السياسية العربية بفعل الاستبداد الذي ران حكمه على هذه البلاد طوال العقود الماضية، فجعل من أحزابها ونقاباتها أشكالًا وهياكل لا دور ولا نفوذ كبيرين لها في عالم الإنسان والتغيير الواقعي، وإن كان من الإجحاف بحق الوسائل الأخرى منح كل هذا الدور والرصيد لوسائل التواصل الاجتماعي التي كانت أدوات لنقل الأفكار برأي خبراء ومحللين، وإلا لكان من العدل وصف مطبعة غوتنبرغ باعتبارها رائدة الإصلاح البروتستانتي في القرن السادس عشر الميلادي في أوروبا.
خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وبعد أن أقر رئيس الائتلاف السوري المعارض، نصر الحريري، تشكيل المفوضية العليا للانتخابات في سوريا، وهو ما فُهم منه استعداد للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يُعِدُّ لها النظام عام 2021، تداعى كثير من النشطاء السوريين إلى التغريد للتنديد بالقرار. وغرد الجميع تحت هاشتاغ “الائتلاف لا يمثل الثورة السورية”، مما أرغم الائتلاف على تعليق العمل بالقرار، ورغم ذلك ظلت التغريدات والمنشورات على مواقع التواصل تندد به وبسياساته، وأعلنت قوى ناشطة ومهجرون في الشمال المحرر وقفات احتجاجية ضد سياسة الائتلاف هذه؛ مما عكس حالة الانفصال بين القوى السياسية والواقع العملي الذي تحركه مواقع التواصل الاجتماعي ضد قوى تقليدية قديمة(17).
- هل استعاد الاستبداد سطوته على المنصات؟
برز في ساحة المعركة الافتراضية معسكران رئيسيان: معسكر الثورة والثوار، ومعسكر الاستبداد الذي بدأ يدرك مع مرور الوقت أهمية هذه المنصات، فلجأ إلى الاهتمام بها، وأنشأ لها الجيوش الإلكترونية، أو ما اصطلح عليه بـ”الذباب الإلكتروني”، خصوصًا مع إشغال أو انشغال القوى السياسية التقليدية بمسارات سياسية وتفاوضية. ولوحظ استعادة الأنظمة الاستبدادية لذاتها بعد فقدان توازنها من موجة الشباب الإلكترونية الأولى، وبدأت تفكر بعقلية مختلفة، ولعل ما ساعدها ربما أن المنصات -بعد أن اشتهرت وحصدت متابعين ومستخدمين كثرًا- بدأت تتجه إلى أهداف ربحية، وهو ما يمكن أن تتفوق فيه الحكومات على الأشخاص في هذه الحالة. فقد نقلت وكالة الأنباء الإماراتية عن مسؤولين إماراتيين أن “دبي استثمرت 150 مليون دولار في منصة تلغرام”(18).
لكن الحكومات التي تعرضت لموجة الثورات كانت الأسبق في التعاطي مع موجة الثورة الإلكترونية فقد جرى الكشف مبكرًا، وتحديدًا عام 2011، عن تأسيس الجيش الإلكتروني السوري الذي نجح في اختراق مواقع أوروبية وأميركية وعربية لتوجيه رسائل داعمة لنظام بشار الأسد بعد اندلاع الثورة السورية في العام نفسه(19). واستهدف الجيش السوري الإلكتروني من بداياته وسائل الإعلام العربية والعالمية، التي يعتقد أنها تنقل أحداث الثورة السورية، فكان أن جرت قرصنة مواقع وكالات “رويترز” و”الأسوشيتد برس”، ووكالة الصحافة الفرنسية، و”بي بي سي” و”نيويورك تايمز” وحتى موقع “هيومان رايتس ووتش”(20).
شكَّل الجيش السوري الإلكتروني ونشاطاته ضد الثورة السورية وصفة لكثير من الأنظمة التي تعرضت لاحتجاجات، وعلى الفور بدأ الحديث عن تشكيل جيوش إلكترونية في إيران وروسيا ومعظم دول العالم، لتنتقل الظاهرة إلى دول غربية، فكشفت ألمانيا بشكل رسمي عن تشكيل وحدة الجيش الإلكتروني؛ حيث ورد الحديث على لسان وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون دير لاين، يوم 6 أبريل/نيسان 2017، عن تكوين جيش إلكتروني كوحدة مستقلة داخل الجيش الألماني إلى جانب القوات البرية والبحرية والجوية، حيث يمارس مهام دفاعية وهجومية على شبكة الإنترنت(21).
وحرصت الجيوش الإلكترونية في دول الربيع العربي على تشويه مواقف الخصوم، وتثبيت موقفها وسياساتها، وتضليل الرأي العام، مع اختراق الحسابات، والدخول على الحسابات المعروفة والمشهورة لحرف الأفكار المطروحة عن مسارها، والتشكيك بمضمونها إما بطريقة السب والشتم أو بطريقة أكثر ذكاء بحرف المواضيع عن مسارها. وقامت بدور المتمسك بصنبور المعلومات تدفقًا ومنعًا، ولعبت لعبة الهاشتاغات والترندات التي يعملون بالترويج من خلالها لسياساتهم، وتشويه الثورات، حيث قدرت بعض الأوساط تعداد الجيش الإلكتروني السعودي لوحده بأربعين ألف حساب(22)، ولعل أكثر ما تجلى فيه دور الجيوش الإلكترونية خلال فترة حصار دولة قطر، هو قرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية وبث أخبار كاذبة على مواقعها، ثم إطلاق حملة لتشويه دولة قطر والتشكيك بمواقفها.
ويشير تقرير لمشروع الصراعات نشرته جامعة برنستون الأميركية إلى قائمة تضم 18 دولة نظمت حملات للتأثير على المنصات الاجتماعية، وأن من بينها ست دول سعت للتأثير في دول أجنبية ومنها الصين وإيران وروسيا(23).
أما روسيا، فقد كان الهدف الاستراتيجي لمعركتها السيبرانية أبعد من معركة الأنظمة والربيع العربي، حين استهدفت الانتخابات الغربية والأميركية تحديدًا، وهو ما كشفته وأكدته تقارير أميركية وتحقيقات حكومية عديدة، فكان الهدف الأبعد لهذه القرصنة التشكيك بالقيم الديمقراطية الغربية والعمليات الانتخابية برمتها، ولعل هذا ما يتقاطع مع أهداف الأنظمة العربية المستبدة، للتشكيك في الديمقراطية والقيم التي دعت إليها الثورات.
- استبداد مواقع التواصل الاجتماعي
نجحت مواقع التواصل الاجتماعي في توظيف مستخدميها لصالحها من خلال مراقبة آثار سلوكهم الاتصالي ومعرفة ميولاتهم ورغباتهم وبياناتهم وعرضها في مزاد علني إن كان تجاريًّا أو سياسيًّا أو غيرهما. فقد غدا المستخدم ذاته جاسوسًا على ذاته، بعد أن أقدمت المواقع ذاتها على بيع معلومات وبيانات المستخدمين، وهو ما دفع البعض إلى تسمية ما يجري أشبه ما يكون بشرائح مثبتة في أدمغة المستخدم لمراقبته كما تراقب طائرات بلا طيار (الدرون) مطلوبين عبر شريحة إلكترونية زرعها جاسوس في سيارة أحدهم أو مكان وجودهم. وقد رصد ذلك كله تقرير نشره موقع الجزيرة: “إن هذه الرؤية المأمولة بعالم جديد أكثر ديمقراطية كانت ساذجة، وبدلًا عن ذلك وفرت التكنولوجيا الجديدة ذاتها أدوات للحكومات تستخدمها في المراقبة والحفاظ على السلطة، وعلى سبيل المثال، تسمح التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي للمستبدين بأتمتة مراقبة وتتبع معارضيهم بطرق أقل تدخلًا بكثير من المراقبة التقليدية”(24).
فقد استندت هذه الوسائل على تغذية مستمرة ومحدَّثة وعلى مدار الساعة يقوم بها المستخدم نفسه على صفحته؛ مما سهَّل جمع ذلك لمعرفة أحلامه وأشواقه ورغباته وأسراره، لبيعها لاحقًا في سوق الإعلانات، وقد رصد تقرير أن 98% من البيانات التي يرفعها المستخدم على فيسبوك إنما تستخدم لاحقًا في الدعاية والإعلان(25).
- غياب منظومة قيمية إعلامية
كان من تداعيات الإعلام الجديد وإفرازاته على الإعلام الورقي إغلاق صحف عالمية عريقة صاغت الرأي العام العربي والعالمي لعقود، فسبَّبَ خروجها من المشهد أو تراجع دورها على الأقل حالة أشبه ما تكون بحالة سيولة في الإعلام العربي والعالمي، الذي بات عاجزًا عن تشكيل رأي عام، مع تكاثر وتعاظم الضخ والدفق الإعلامي والخبري من قبل الجميع دون وجود نواظم وأطر محددة موثوق بها جمهورًا، وهو ما عنى فرض واقع جديد اتسم بحالة وصفها البعض بـ”الفوضوية الإعلامية” التي كثر فيها الغث والسمين، وساد فيها تفشي الأخبار الزائفة المضلِّلة؛ مما شتَّت آراء القارئ والمستخدم سواء على المستوى السياسي أو العسكري، أو حتى ما يتعلق بحياة الناس اليومية، ونرى انعكاسات ذلك على لقاحات كوفيد-19، وما يقوم به الإعلام الجديد المدفوع ربما من دول وجهات للتشكيك فيه.
ووصل الأمر إلى أن عناصر المعادلة الإعلامية لم تعد هي ذاتها، فلم يعد الخبر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يجيب عن الأسئلة الخمس الضرورية والملازمة لأي خبر. لقد أصبح الخبر في الإعلام الجديد: (ماذا حصل؟) بغضِّ النظر عن الإجابة عن الأسئلة الأخرى: من فعل؟ ولماذا حصل؟ ناهيك عن غياب التحليلات والتعليقات عن الخبر ذاته. فقد غدا المستهلك للخبر يلهث على مدار الساعة بحثًا عن خبر ربما ينقض آخر، وهكذا دون أن يلتقط أنفاسه لمعرفة عمق الخبر وسياقاته. وغابت أيضًا التحقيقات الصحفية العميقة التي باتت مكلِّفة ماليًّا للمؤسسات.
وأفرزت مواقع التواصل الاجتماعي حقيقة وواقعًا “لا منظومة قيمية إعلامية”؛ إذ إن معظم المستخدمين ليسوا بإعلاميين موثوقين، ويظل همهم حصد المتابعين والإعجابات وليس الولاء للمهنة، وذلك عبر الظهور السريع وجني المال على حساب المهنة أو الثراء الفاحش على حساب الأصول المهنية، ومما زاد الطين بلَّة قيام إعلاميين تقليديين بالترويج لمقاطع ومقالات وأخبار مبالغ فيها عبر منصاتهم مقابل مبالغ مالية، وهو الأمر الذي أشهر مواقع لا تتمتع بمصداقية كبيرة ربما.
وعندما سأل الباحث عينة المستجوبين: هل لعبت مواقع التواصل دورًا في فرض منظومة غير قيمية على الإعلام الجديد؟ وافق 57% على ذلك، وتوزعت النسبة بين 12% وافقت بشدة، واكتفت 45% بالإجابة بنعم، وهو ما يعكس حالة التشكيك على المدى البعيد بوسائل الإعلام الجديد المفتقرة إلى قيم إعلامية، وهو أمر يجعله أقرب ما يكون إلى التجارة في بورصات المال والأعمال، بحيث يكون هذا الموقع اليوم بيد شخص وغدًا بيد آخر، ويباع معه المستخدمون وبياناتهم كاملة، في حين أجاب 32% بـ”لا أدري”، ولم يتفق 11.2% مع السؤال.
الشكل 10: توزيع نسب دور مواقع التواصل الاجتماعي
في فرض منظومة غير قيمية على الإعلام الجديد
وقد حذَّر بعض الخبراء أخيرًا من ظاهرة بدأت تتسلل إلى مواقع التواصل الاجتماعي قد تمس العمل البحثي والأكاديمي وليس العملية الإعلامية بعد أن سمح فيسبوك لحسابات وصفحات تدعو علانية إلى استعداد أصحابها لكتابة أطروحات دكتوراه وماجستير لمن يرغب في ذلك مقابل عائد مادي، وترافق هذا مع سياسة المنصة في محاربة كل من يعترض من المستخدمين على ظاهرة المثليين.
خاتمة
بدا واضحًا من خلال الدراسة أن المنصات الرقمية تقدمت كثيرًا على وسائل الإعلام التقليدية في صناعة وتشكيل الرأي العام، بل وتدخلت حتى في تقرير مصير من يحكم في بعض الحالات من خلال اختراق المنصات الرقمية للانتخابات الأميركية والأوروبية، وبرز أيضًا دور الثورات المضادة في العالم العربي التي عززت مكانتها على حساب الثورات العربية ومناصريها، وبدا ذلك بوضوح من خلال إغلاق حسابات وصفحات للثورات العربية، ولعل ذروة ذلك ظهرت بافتتاح مراكز ومقرات لهذه المنصات في دول تعلن عداءها بشكل علني وصريح للربيع العربي؛ مما سهَّل عليها التأثير على المنصات الرقمية، وهو ما زاد الشكوك لدى أصحاب الثورات العربية في مصداقية وحيادية هذه المنصات الرقمية.
لقد رأينا كيف مَثُل مالك فيسبوك أمام جلسات الكونغرس الأميركي، لكن لم ينجم عن ذلك شيء ملموس، أما التداعيات السلبية فقد تتواصل على الرغم من الجوانب الإيجابية التي لا يمكن استبعادها في هذه الوسائل، ولكن بلا شك فإن هامش الحرية يضيق عن بداية ظهورها. وفي ظل غياب تشريعات حقيقية وواقعية تنظم العملية الإعلامية الجديدة لصالح المستخدمين وتُبعد سطوة ثلاثة أو أربعة من أباطرة إعلام الكرة الأرضية اليوم (فيسبوك وواتساب وإنستغرام) بيد شخص واحد، فإن الأمر سيكون مقلقًا وخطيرًا ربما على الحريات.
وقد شكَّل ذلك في اعتقاد البعض من خلال المنصات الرقمية استبدادًا لكن من نوع آخر في ظل حذفها لعشرات الآلاف من الحسابات المهمة التي وثَّقت جرائم حرب حقيقية إن كان في فلسطين أو في سوريا أو في مصر ونحوها، وهو ما زرع الشك من قِبَل المستخدم تجاه هذه المنصات.
والظاهر ستبقى إشكالية المنصات الرقمية هي المسيطرة على العالم خلال السنوات القادمة في ظل غياب البديل، وفي ظل عجز حكومات كبرى عن معالجة ما يخصها بشكل مباشر في الحوكمة والسيادة، وقد نجحت هذه المنصات الرقمية إلى حدٍّ كبير في تحييد وسائل الإعلام التقليدي عن المعركة، بل واستطاعت أن تجعل من الإعلام التقليدي تابعًا لها. فمن المتعذر على أية وسيلة إعلامية أن تصل للقارئ أو المشاهد والمستمع دون هذه المنصات الرقمية، وبالتالي غدا الإعلام التقليدي تابعًا لها وصاحب حاجة. ولذا، فليس من السهل منافستها أو الحد من تأثيرها، ما لم تُشكَّل لجنة تشريعية، وتنفيذية وإعلامية مهنية عالمية تضع أسسًا حقيقية وصارمة للتعاطي مع المنصات الرقمية، وهذا باستطاعة مؤسسات إعلامية تقليدية عريقة أن تدعو إليه، ويكون مدعومًا من برلمانات وحكومات ليجري وضع تشريعات حقيقية وصارمة لضبط هذه المنصات الرقمية، ويبدو أن الأمر غير متاح في المستقبل القريب.
المراجع
(1) John Arquilla, David Ronfeldt: The Emergence of Noopolitik: Toward an American Information Strategy, (RAND, 1999), “accessed April 4, 2021”. https://bit.ly/39GuMbq.
(2) Adrienne LaFrance, “Facebook is a Doomsday Machine,” theatlantic.com, December 15, 2020, “February 20, 2021”. https://bit.ly/3AM4Hno.
(3) Ibid.
(4) نقلًا عن أسامة عكنان، “دور الإنترنت في الثورات العربية”، المعهد المصري للدراسات، 2 سبتمبر/أيلول 2019، (تاريخ الدخول 24 أبريل/نيسان 2021): https://bit.ly/3icmxZj.
(5) Jamelle Bouie, “Facebook Has Been a Disaster for the World,” September 18, 2020, “accessed April 28, 2021”. https://nyti.ms/39EpgWP.
(6) “اكتشفت تلاعب فيسبوك بالرأي العام.. موظفة سابقة تكشف مخالفات صادمة”، الجزيرة نت، 21 مايو/أيار 2021، (تاريخ الدخول: 22 مايو/أيار 2021): https://bit.ly/3ufcV4N.
(7) المرجع السابق.
(8) “حملة افتراضية لنقل مقر “تويتر” من دبي إلى تونس”، تونس ULTRA، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، (تاريخ الدخول: 30 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3CMsfck.
(9) “جيش إلكتروني سعودي وجاسوس داخل إدارة تويتر.. مزرعة تصيُّد، كتيبة سعود القحطاني لقمع أصوات المعارضين”، عربي بوست، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 21 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3kIbVTC.
(10) “روسيا استغلت مواقع التواصل الاجتماعي للتأثير في الانتخابات الأمريكية”، بي بي سي، 17 سبمتمبر/أيلول 2018، (تاريخ الدخول: 18 مارس/آذار 2021): https://bbc.in/3EW4XCv.
(11) ماكس هاستينغيز، “بي بي سي وعصر الأخبار الزائفة”، الشرق الأوسط، 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، (تاريخ الدخول: 17 أبريل/نيسان 2021): https://bit.ly/3EYQt5c.
(12) “الحرب في سوريا: كيف أسهمت روسيا في تضليل العالم بالأخبار والمعلومات الكاذبة؟”، 23 مارس/آذار 2021، (تاريخ الدخول: 23 مارس/آذار 2021): https://bbc.in/3o7QI7S.
(13) “الطغاة الرقميون.. هل تعزز التكنولوجيا الحريات أو تقوي الدكتاتورية؟”، الجزيرة نت، 8 فبراير/شباط 2020، (تاريخ الدخول: 16 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3CQLxNO.
(14) المرجع السابق.
(15) رشا عبد الله، “الإعلام المصري في خضم الثورة”، 16 يوليو/تموز 2014، معهد كارنيغي، (تاريخ الدخول: 20 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3id0pOx.
(16) Marc Lynch, “The Arab Uprisings Never Ended,” foreign affairs, January/February 2021, “accessed March 2, 2021”. https://fam.ag/3kJwEXd.
(17) معاذ العباس، “إدلب.. نشطاء ينظمون وقفة بعنوان: الائتلاف لا يمثل الثورة السورية”، بلدي نيوز، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 18 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3ujdElM.
(18) “الإمارات تستثمر 150 مليون دولار في منصة “تيليغرام” للتواصل الاجتماعي”، العربي الجديد، 23 مارس/آذار 2021، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/39Fcpn8.
(19) “ماذا تعرف عن الجيوش الإلكترونية؟”، الجزيرة نت، 5 يوليو/تموز 2017، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/3mjBdaz.
(20) المرجع السابق.
(21) المرجع السابق.
(22) “جيش إلكتروني سعودي وجاسوس داخل إدارة تويتر.. “مزرعة تصيُّد”، كتيبة سعود القحطاني لقمع أصوات المعارضين”، عربي بوست، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 21 مارس/آذار 2021): https://bit.ly/2XVQPsE.
(23) Darren Linvill and Patrick Warren, “The Real Target of Authoritarian Disinformation,” foreign affairs, March 24, 2021, “accessed March 25, 2021”. https://fam.ag/3i9boIK.
(24) “الطغاة الرقميون.. هل تعزز التكنولوجيا الحريات أو تقوي الدكتاتورية؟”، مرجع سابق.
(25) Caitlin Dewey, “98 personal data points that Facebook uses to target ads to you,” washingtonpost, August 19, 2016, “accessed. 20-3-2021”. https://wapo.st/2Zuvnep.