ملخص:

تتناول هذه الدراسة النزاعات والخلافات الحدودية في القارة الإفريقية، وتتتبع وفق المعطيات السياسية الراهنة والتاريخية العوامل التي أفرزتها وتداعياتها على الدول الإفريقية، ومستجداتها في ظل ما تعانيه القارة من تحديات تنموية واقتصادية وما تزخر به من موارد وإمكانات طبيعية. وتكشف الدراسة أنه حتى بعد انتهاء الحقبة الاستعمارية، تبقى الحدود الإفريقية بوصفها موروثة عن الاستعمار، عاملًا رئيسيًّا في نشوب الصراعات والنزاعات بين دول القارة، لاسيما أن تلك الحدود أفرزت تقسيمًا عرقيا عشوائيا كان أثره وخيمًا على التنمية الاقتصادية والمؤسسية طويلة المدى في جميع أنحاء إفريقيا. وتُلقي هذه الدراسة الضوء على دور الاتحاد الإفريقي وجهوده في تسوية النزاعات الحدودية بين دوله الأعضاء، وتستخلص أن تعامل منظمة الوحدة الإفريقية مع الحدود الاستعمارية يمثل عبئًا على الاتحاد الإفريقي حاليًّا ودوامةً مغلقة لم يستطع الاتحاد الخروج منها في ظل تقاعس القوى الأوروبية “المستَعمِرة” سابقًا عن المساعدة في حل هذه المعضلة، وانعدام الموارد المادية والمعرفة التقنية والإرادة السياسية الإفريقية لترسيم الحدود.

الكلمات المفتاحية: إفريقيا- النزاعات الحدودية- الحدود الاستعمارية- الاتحاد الإفريقي-التقسيم العرقي

Abstract:

This study investigates border disputes in Africa. Based on current and historical political realities, the study traces the factors behind these borders; their repercussions on the states in the continent; and their impact in light of the continent’s economic challenges, natural resources and capabilities. The study reveals that the borders inherited from colonialism remain a major factor in the outbreak of conflicts and disputes between African states even after the end of the colonial era due to the arbitrary ethnic division that accompanied their demarcation and their severe effects on long-term economic and institutional development throughout Africa. The study also sheds light on the role and efforts of the African Union in settling border disputes between its member states. Ultimately, it finds that the Organisation of African Unity’s handling of colonial borders is currently a burden on the African Union, and a never ending cycle it is unable to break due to inaction of former colonial European powers and the lack of financial resources, technical knowledge and African political will to demarcate borders.

Keywords: Africa, border disputes, colonial borders, African Union, ethnic division.

مقدمة

تشكَّل الكثير من الحدود البرية في العالم في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، نتيجة المغامرات الإمبريالية الأوروبية، التي بلغت ذروتها في العقدين الأولين من القرن العشرين عندما تم الاتفاق على حدود النظام العالمي الجديد لما بعد الحرب العالمية الأولى، والتي أرسى مبادئها مؤتمر باريس للسلام، عام 1919، ومعه أُعيد ترتيب خرائط أوروبا وأجزاء من آسيا وإفريقيا وجزر المحيط الهادئ.

وتتداخل العوامل التي أدت إلى ظهور الحدود، فمنها الجغرافي والتاريخي والسياسي؛ ويبقى الاستعمار الأوروبي عاملًا رئيسيًّا في ذلك وتسبب في أن يورث الدول المستعمَرة معضلة الأزمات الحدودية نتيجة التقسيم الذي قامت به القوى الاستعمارية لأراضي البلدان المستعمَرة بشكل عشوائي أو متعمد بشكل تعسفي، فكان أن فرضت عليها بذلك حدودًا لا تنسجم مع حقائق تاريخية، وهو ما كان أحد أسباب نزاعات دموية تفاوتت حدتها، وأفرزت بدورها مجموعة من الظواهر كالنزوح القسري إلى البلدان المجاورة واللجوء والاقتتال وانتشار الميليشيات على طول الحدود التي أصبح معظمها مرتعًا للأنشطة غير القانونية والأعمال الإجرامية كالتهريب والإرهاب وغيرها.

وبمجرد نشوب النزاعات الحدودية وتصاعدها إلى نزاعات مسلحة، يتأثر اقتصاد وأمن الدول والمجموعات العرقية التي تمارس حياتها في الحدود المشتركة، وتظهر معها المطالبات التاريخية أو الثقافية للبلدان، أو يبرز التنافس بينها على الموارد المعدنية أو الثروات النفطية، أو مصايد الأسماك، أو الأراضي الخصبة، أو الوصول إلى المياه والسيطرة على منابعها.

وفي هذا الاتجاه تأتي هذه الدراسة لإلقاء الضوء على واقع الخلافات والنزاعات الحدودية في القارة الإفريقية، وتبيان كيف عبثت القوى الاستعمارية بها، تاركة خلفها البلدان الإفريقية مُحاطة بأَسوِجَةٍ من لهب، ولم تبذل تلك القوى حتى بعد “انتهاء” الحقبة الاستعمارية أية مساع مجدية لمساعدة هذه البلدان في إيجاد حل توافقي لخلافاتها الحدودية، فتكون بذلك قد أدخلت ثاني أكبر قارة في العالم في مشكلات معقدة طويلة الأمد.

أولًا: الحدود الاستعمارية وتداعياتها على الدول الإفريقية

يوجد في إفريقيا 109 من الحدود الدولية البرية التي تفصل بين دول القارة، يتجاوز طولها مجتمعة أكثر من 170 ألف كيلومتر، لم يُرَسم منها سوى الثلث تقريبًا(1)، وهي مشكلة لا تزال مؤرقة حتى يومنا هذا وتزداد تعقيدًا، رغم أن الدول الإفريقية المستقلة حينها اختارت، في عام 1964، الحفاظ على حدودها الاستعمارية، تلافيًا لحدوث صراعات واسعة النطاق حول الأراضي.

لقد أدى رسم القوى الاستعمارية الأوروبية للحدود السياسية في إفريقيا إلى تقسيم العديد من الأعراق عبر الدول الإفريقية عند حصولها على الاستقلال. ورغم أن هذا التقسيم كان عشوائيًّا في البداية، إلا أن تلك القوى وقَّعت مئات المعاهدات والاتفاقيات الثنائية حول مجالات النفوذ، لاسيما في ستينات القرن التاسع عشر عندما بدأ الفرنسيون والبريطانيون الاستكشاف المنهجي لغرب إفريقيا. وبدوره، أثَّر هذا التقسيم العرقي على جوانب أخرى من التنمية الاقتصادية والمؤسسية وعلى الأداء الاقتصادي طويل الأمد في جميع أنحاء إفريقيا.

كان للاستعمار الأوروبي، دون أدنى شك، تأثير عميق على المجتمعات الإفريقية المعاصرة، وربما قبل ذلك بكثير مع تجارة الرقيق في القرون التي سبقت الحركة الإمبريالية حين قامت القوى الأوروبية بتصدير ما يقرب من 20 مليون إفريقي وبيعهم عبيدًا في أسواق النخاسة(2).

ويُظهر التاريخ الإفريقي أن في الفترة ما بين نهاية تجارة الرقيق وبداية الحكم الاستعماري، وقع حدث كبير كان له تداعيات مؤلمة طويلة الأمد، كما سنرى لاحقًا، وهو عملية “التدافع نحو إفريقيا” التي بدأت بانعقاد مؤتمر برلين، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1884، والذي استمر انعقاده حتى 26 فبراير/شباط 1885(3). ولم تكتمل هذه العملية إلا مطلع القرن العشرين، حين قسَّم الأوروبيون إفريقيا إلى مناطق نفوذ ومحميات ومستعمرات، ورسَّموا حدودها في العواصم الأوروبية في وقت كان الأوروبيون بالكاد قد استقروا في إفريقيا ومعرفتهم بأحوالها وجغرافيتها السياسية محدودة للغاية، وبقيت تلك الحدود إلى يومنا هذا راسخة ملتهبة حتى بعد “انتهاء” الحقبة الاستعمارية. ونتيجة لذلك، أصبح جزء كبير من الشعوب الإفريقية ينتمي إلى مجموعات عرقية مقسمة بين دول مختلفة(4)، ويُرجع عدد من الدارسين هذا الأمر ليس فقط إلى الاستعمار في حد ذاته بل إلى التحديد غير المناسب لحدود الدول المُستَعمَرة(5).

وقد خلص الباحث جيفري هيربست (Jeffrey Herbst)  إلى أن “الحدود الإقليمية اكتسبت أهميتها لأول مرة في تاريخ إفريقيا [مع الاستقلال]، ومثَّلت من نواح كثيرة الجزء الأكثر أهمية بالنسبة للدولة الاستعمارية”(6).

ولقد أفرزت هذه الحدود المصطنعة صراعات عرقية، لاسيما عقب تقسيم المجموعات العرقية عبر الدول الإفريقية حديثة النشأة حينها. وفي هذا الاتجاه، يرى دونالد هورويتز ((Donald L. Horowitz أن التقسيم العرقي أدى بدوره إلى بروز النزعات الوحدوية وساعد في خلق الأيديولوجية الانفصالية والقومية عند هذه المجموعات العرقية المنقسمة، والتي غالبًا ما استُخدمت بشكل فعال من قبل الحكومات لزعزعة استقرار البلدان المجاورة، مما مهد في نظره الطريق لظهور التمييز بين الأعراق المنقسمة في المجال السياسي واندلاع الحروب العرقية(7).

وفي الوقت الذي كان فيه مؤتمر برلين يرسم حدود إفريقيا على الخريطة، فقد أصبح يرمز فعليًّا إلى التقسيم العرقي، لأنه أرسى المبادئ التي سيتم استخدامها بين الأوروبيين لتقسيم القارة، وتمثل الاعتبار الرئيسي في الحفاظ على الوضع الراهن الذي يمنع الصراع والتهافت بين الأوروبيين حول القارة الغنية، لاسيما أن ذكريات الحروب الأوروبية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كانت لا تزال حية وقتها في وجدان القوى الأوروبية.

يسجل التاريخ إذن، أن القوى الأوروبية قامت برسم الحدود بين البلدان الإفريقية دون مراعاة للظروف المحلية لهذه البلدان، ولم يُدعَ القادة الأفارقة ولم يُؤخذ برأيهم حتى. وهنا يشير الباحث الإفريقي، أسيواجو (Asiwaju)، إلى أن “مؤتمر برلين، على الرغم من أهميته لتاريخ إفريقيا اللاحق، قد كان في الأساس شأنًا أوروبيًّا، فلم يكن هناك تمثيل إفريقي، وكانت المصالح الإفريقية على قدر أهميتها هامشية تمامًا في مقابل المصالح الاقتصادية والإستراتيجية والسياسية الأساسية للقوى الأوروبية المتفاوضة”(8).

وتظهر جليًّا في مؤتمر برلين حالة العجلة التي اعترت القوى الأوروبية الاستعمارية لدرجة أنها لم تنتظر وصول المعلومات من المستكشفين والجغرافيين والمبشرين، ولرئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت، اللورد سالزبري (روبرت سيسيل)، قول مأثور يكشف عشوائية القوى الأوروبية في تقسيم القارة وغياب معرفتها بها، حين قال: “لقد انخرطنا في رسم خطوطٍ على خرائط لم تطأها أقدام الرجل الأبيض قط، وكنا نتنازل لبعضنا عن الجبال والأنهار والبحيرات، ولم يُعقنا شيء بقدر ما كنا لا نعرف على وجه الدقة موقعها على الأرض”(9).

لم يكن الأوروبيون يرسمون حدود الدول الإفريقية المرتقبة، بل كانوا يرسمون حدود المستعمرات والمحميات، مما يوضح أنه لم يكن لديهم في ذلك الوقت أي توقع لاستقلال هذه الدول، والأكثر من ذلك أنه لم يكن لديهم استعداد لتغيير الحدود الاستعمارية على الرغم من المعلومات الجديدة على أرض الواقع(10).

ولكن الاستقلال الإفريقي حدث بسرعة لم تتوقعها القوى الاستعمارية، وسرعان ما توالى استقلال الدول تباعًا حيث حصل أربعون بلدًا على استقلاله بحلول نهاية 1966، واقترح الكثيرون في ذلك الوقت تغيير الحدود الاستعمارية، لكن القادة الأفارقة والأوروبيين المغادرين لم يتطرقوا لهذه القضية.

في عام 1964، قبلت جميع الدول الإفريقية تقريبًا الحدود الاستعمارية عند توقيعها على ميثاق منظمة الاتحاد الإفريقي، باستثناء الصومال والمغرب، فضلًا عن اعتراض غانا وتوغو على حدودهما التي قسمت شعب الإيوي، لكن ذلك الاعتراض لم يحقق جدواه فبقيت الحدود الاستعمارية على حالتها، مثلما يذكر الباحث تاسيو جاشو (Tasew Gashaw) مشيرًا أيضًا إلى أن القوى الأوروبية مع بداية الاستعمار قد تعاملت بشكل تفضيلي مع القادة المحليين وزعماء القبائل الإفريقية، واستحوذت على الأراضي الغنية بالموارد ورسمت حدودها عن طريق أساليب الخداع والاحتيال والترهيب والرشوة(11).

وإذا كان مؤتمر برلين قد أضفى الشرعية التاريخية على تقسيم إفريقيا، فإن من أسوأ تداعيات عملية التقسيم تلك هي أنها أسفرت عن حوالي 58 منطقة انفصالية محتملة في 29 دولة مستقلة في إفريقيا، وتحظى هذه المناطق بدعم نحو 83 جمعية سياسية وجماعة ضغط(12).

ومن إفرازات ذلك التقسيم العرقي أيضًا بروز المطالب الوحدوية لدى العرقيات التي قسمتها الحدود الاستعمارية؛ حيث رأى هورويتز (Horowitz) أن ذلك التقسيم زاد من احتمال نشوب الصراعات والاقتتال الدموي، فالحدود الاستعمارية قسمت شعب الإيوي (Ewe) بين غانا وتوغو، وشعب يوروبا (Yoruba) بين نيجيريا وبنين، وشعب الهاوسا (Hausa) بين نيجيريا والنيجر، فيما توزع شعب الفولاني (Fulani) عبر حزام عريض من غرب ووسط إفريقيا، وشعب التيكي (Teke) في الغابون والكونغو (برازافيل)، وشعب الفانغ (Fang) توزعوا بين الكاميرون والغابون وغينيا الاستوائية، وشعب الباكونغو (Bakongo) قسم بين الكونغو (برازافيل) والكونغو الديمقراطية وأنغولا، وشعب اللوندا (Lunda) بين الكونغو الديمقراطية وزامبيا وأنغولا، وجرى تقسيم الشعب الصومالي بين الصومال وإثيوبيا وكينيا وجيبوتي، وشعب الولوف (Wolof) تشتت بين موريتانيا وغامبيا والسنغال، وشعب الكاكوا (Kakwa) في السودان وأوغندا، فضلًا عن توزع مجموعات أمازيغية مختلفة على أكثر من دولة في شمال إفريقيا(13).

لقد تسبب هذا النمط من التقسيم الإداري للدول إلى ظهور نزعات انفصالية متوقعة بشدة، وتسببت بنشوب حروب داخلية مثلت نحو 20% من جميع الحروب الأهلية في إفريقيا(14)، ولعبت النزعة الوحدوية والأيديولوجية المرتبطة بها دورًا رئيسيًّا في بعض الصراعات الكبرى، وخاصة في الصومال ومالي والسنغال(15). فالصوماليون، على سبيل المثال، انقسموا أثناء الاستعمار بين أربع مستعمرات أوروبية مختلفة. وترمز النجمة الخماسية في علم الصومال إلى الرغبة في توحيد المناطق الخمس التي تقطنها العشائر الصومالية، وهي: أرض الصومال الإيطالية، وشمال كينيا، وجنوب إثيوبيا، وأرض الصومال الفرنسية-جيبوتي، وأرض الصومال البريطانية)، وقد كان طموح الصوماليين في إثيوبيا لأن يصبحوا جزءًا من الصومال سببًا في نشوب ثلاث حروب طويلة الأمد(16). ولدينا في كينيا نموذج آخر، فقد شهدت في السنوات الأولى بعد استقلالها صراعًا في منطقة الحدود الشمالية عندما قاتل المتمردون الصوماليون من أجل ضم الصومال(17).

إلى جانب التقسيم العرقي، أسهم وضع الحدود الاستعمارية في تخلف البلدان الإفريقية وفي نشوب الصراعات فيها، فقد حددت تلك الحدود جميع الخصائص الجغرافية والثقافية الخاصة بكل بلد ومنها عدم التجانس العرقي للبلدان وحجم مساحتها ومدى توفرها على السواحل البحرية من عدمه(18). وهذا العامل الأخير كان بالغ التأثير على التنمية، وقد تطرق الباحث كوليير (Paul Collier) مثلًا إلى أن الحدود الاستعمارية جعلت نسبة كبيرة من البلدان الإفريقية دولًا حبيسة بدون سواحل بحرية مما عرقل إمكانات نموها على المدى البعيد(19).

ثانيًا: الدول العربية الإفريقية ونصيبها من النزاعات الحدودية

يظل السودان البلد العربي الإفريقي الأكثر تعقيدًا من حيث التحديات الحدودية، وذلك بالنظر إلى شساعته الجغرافية وتباين تركيبته العرقية والإثنية، وأيضًا إلى الحروب الأهلية التي شهدها هذا البلد منذ منتصف القرن العشرين(20). ربما لا يوجد بلد عربي إفريقي أسوأ حظًّا من السودان، فقد تغلغلت آثار القتال العرقي والميليشيات المتمردة فيه منذ منتصف القرن العشرين وفي جميع الدول المجاورة. فمن غربه لطالما تطلعت تشاد إلى أن تكون وسيطًا في حل نزاع دارفور(21)، وأنشأت لهذا الغرض قوة مشتركة لمراقبة الحدود مع السودان عام 2010، وبقيت هذه الجهود متواضعة حتى في ظل توقيع السودان وليبيا وتشاد والنيجر لاتفاق حول تعزيز التعاون الأمني ومراقبة الحدود المشتركة في عام 2018(22)، الذي يقضي بإنشاء إطار تشاوري وعملي لمواجهة التهديدات الأمنية المشتركة؛ حيث تم الاتفاق على إنشاء لجنة للتنسيق والمتابعة تكون رئاستها دورية لمدة ستة أشهر بين الدول الموقعة. وبموجب هذا الاتفاق، تستطيع أي دولة طرف عند تعرضها لعدوان من مجموعات متطرفة أو مرتزقة على الحدود ملاحقة المعتدين فيما وراء الحدود من خلال التنسيق المسبق مع الدولة المعنية؛ ولكن هذا الاتفاق بقي مجمدًا منذ أكثر من ثلاث سنوات، رغم مطالبة السودان بتفعيله(23).

أما في شرق السودان، فقد أعاقت الاضطرابات المدنية والسياسية الجهود المبذولة لترسيم الحدود مع إثيوبيا، ويتنازع البلدان على منطقة الفشقة حيث يلتقي شمال غرب منطقة أمهرا الإثيوبية بولاية القضارف في السودان(24)، وهذه الأزمة تعتبر هي الأخرى موروثة عن الاستعمار البريطاني، حيث تعود جذور النزاع إلى اتفاقية 1902 الموقعة في 15 مايو/أيار من ذات السنة، في أديس أبابا بين إثيوبيا وبريطانيا (نيابة عن السودان)، ولا يملك السودان من أمره سوى مطالبة بريطانيا بتذكير إثيوبيا بالاتفاقية وبنودها، لكن دون جدوى(25).

وللسودان نزاع حدودي آخر مع مصر حول مثلث حلايب وشلاتين التي تديرها مصر بحكم الأمر الواقع، ويعود هذا الخلاف إلى اتفاقية بين كل من بريطانيا ومصر عام 1899 تم بموجبها تحديد حدود السودان، ليتم لاحقًا تعديلها في يوليو/تموز من العام ذاته بمنح ميناء سواكن إلى السودان، ووصولًا إلى اتفاق عام 1902 الذي حددت خلاله بريطانيا حدودًا إدارية منفصلة بين البلدين.(26) ولا يزال هذا الخلاف قائمًا بين الجانبين؛ حيث رفع السودان شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي في فبراير/شباط 2018، وجدد رفعها مرة أخرى في فبراير/شباط 2021، وكانت آخر المطالبات السودانية في مارس/آذار 2021(27).

وأما الجزائر فلا تزال حدودها البرية مع المغرب مغلقة منذ 1994، وكان للجزائر خلافات كامنة مع ليبيا التي تطالبها بحوالي 32 ألف كيلومتر مربع من جنوب شرق الجزائر(28)، لكن الجزائر أعلنت رسميًّا مؤخرًا عن انتهائها من ترسيم حدودها مع جميع البلدان المجاورة، بل وقدمت للاتحاد الإفريقي في أشغال الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن للاتحاد مقترحات للالتزام بمبدأ احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال، وقد اعتمد الاتحاد الإفريقي قرارًا بمقترحات الجزائر(29). كما أعلنت على لسان وزير خارجيتها أنها انتهت مؤخرًا من ترسيم حدودها مع “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، التي تعترف بها الجزائر، وتعتبرها المغرب جزءًا من أراضيها. وجاءت الخطوة الجزائرية في ظل قلق أممي متواصل من أن يتحول النزاع الدبلوماسي والسياسي بين الجزائر والمغرب حول الصحراء الغربية إلى عامل لزعزعة الاستقرار بين دول الجوار وخطر جر هذه المنطقة إلى مواجهة عسكرية لن تسلم منها كل البلدان المجاورة.

وبالنسبة لجزر القمر، فإن فرنسا قضت نهائيًّا فيما يبدو على مطالبتها بجزيرة مايوت الخاضعة للإدارة الفرنسية. وتمهيدًا لضم الجزيرة النهائي، أدخلتها عام 2003 في المادة 72 من الدستور الفرنسي(30)، وأخضعت الجزيرة عبر عدة عمليات استفتاء لسكانها في الأعوام 1974، و1976، و2009، ومؤخرًا في 2011، لتُصبح خامس مقاطعة خارجية لفرنسا وقسمها رقم 101(31)، بل وحظيت باعتراف الاتحاد الأوروبي كأرض فرنسية اعتبارًا من 1 يناير/كانون الثاني 2014 بموجب قرار للمجلس الأوروبي(32).

وتعترض جزر القمر على مطالبة فرنسا ومدغشقر بملكية جزيرة الشعاب المرجانية “بانك دو جيسير” في قناة موزمبيق، والتي هي جزء من منطقتها الاقتصادية الخالصة؛ ولا تزال الجزيرة موضع خلاف بين هذه الدول الثلاث؛ حيث يزعم الفرنسيون أن الشعاب المرجانية هي جزء من جزرهم المتناثرة في المحيط الهندي(33).

وفيما يتعلق بجيبوتي، فقد اتهمت، عام 1996، إريتريا باختراق حدودها، والتي هي بالمناسبة حدود رسمتها في الأصل فرنسا المستعمِرة لجيبوتي وإيطاليا المستعمِرة لإريتريا في وقت سابق من هذا القرن بموجب بروتوكول موقع بين القوتين عام 1900(34). وفي 2008، احتلت القوات الإريترية شبه جزيرة رأس دوميرة، فاشتبك الجانبان في صراع كاد يتسبب في اندلاع حرب شاملة في القرن الإفريقي؛ ما اضطر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى فرض عقوبات، في ديسمبر/كانون الأول 2009، على إريتريا بسبب رفضها سحب قواتها من جيبوتي، وأيضًا بسبب دعمها للجماعات المسلحة في الصومال(35). واستمر الوضع كما هو عليه إلى أن نجحت الوساطة القطرية، عام 2010، في وضع قوات حفظ سلام على جانبي الحدود، ثم تكلَّلت تلك الجهود بتوقيع اتفاق بين إريتريا وجيبوتي لتسوية النزاع الحدودي برعاية قطرية، في مارس/آذار 2011.

لقد جرى حسم الخلاف بشكل نسبي بين البلدين منذ تطبيع العلاقات السياسية والتجارية بينهما أواخر 2018، وإطلاق إريتريا سراح جميع أسرى الحرب، ورفع مجلس الأمن الدولي عقوباته عن إريتريا في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2018(36)، لكن النزاع الحدودي مرشح للاشتعال في ظل تقلب الأوضاع في منطقة القرن الإفريقي، وفي ظل اندلاع الاقتتال في إقليم تيغراي شمال إثيوبيا، ما أسفر عن موجة نزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى السودان المجاور. وقد بلغ عدد اللاجئين من الإقليم في السودان أكثر من 45 ألف لاجئ، بينما وصل عدد النازحين من الإقليم داخل إثيوبيا نحو 100 ألف شخص، وما يفاقم الوضع هو أن الإقليم يستضيف أصلًا نحو 96 ألف لاجئ من إريتريا بحسب إحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين(37).

وتمتد المشكلات الحدودية لتشمل الحدود مع دول غير إفريقية، وهي موروثة بدورها عن الاستعمار، كما في حالة المغرب مع إسبانيا. وتسيطر الأخيرة على الجيوب الساحلية لسبتة ومليلية وجزيرة قُميرة، وجزر بينون دي ألهوتشيماس وإسلاس شافاريناس، والمياه المحيطة بها. ويستند المغرب في مطالبته بهذه الأجزاء إلى مبادئ الأمم المتحدة لإنهاء الاستعمار، ولاسيما قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1514 لعام 1960 حول إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة، وأيضًا من منطلق أن الاحتلال الإسباني يعرقل الاستقلال الاقتصادي والسياسي للمغرب، كما يعتبر أن القواعد الإسبانية تمثل تهديدًا لأمنه القومي. وفي المقابل، تطالب إسبانيا بهذه الأراضي على أسس تاريخية أهمها مبدأ الأرض الخلاء وحق استعمارها، ورغبة سكان هذه الأقاليم في البقاء تحت الحكم الإسباني(38).

وتبقى هذه الخلافات الحدودية ناتجة في الأساس عن الإرث الاستعماري والتنظيم الجيوسياسي التاريخي للمنطقة، والأكثر من ذلك أن السيطرة الإسبانية على هذه المناطق تجعلها تحت سيادتها المباشرة، لتصبح حدودها -تلقائيًّا- حدودًا للاتحاد الأوروبي مع المغرب، وتتعمق هذه الأفضلية الإستراتيجية لإسبانيا على حساب المغرب بكون هذه الأراضي تصبح -حُكمًا- واقعة ضمن منطقة دفاع حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي تنتسب إليه إسبانيا. ولعل خير إشارة على هذا الأمر هو تذكير رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، خلال قمة أوروبية في بروكسل، بتاريخ 24 مايو/أيار 2021، بأن علاقات اسبانيا والمغرب يجب أن تستند إلى ركيزتين أساسيتين، هما: “الثقة واحترام حدود أوروبا”، وذلك بعد الأزمة الدبلوماسية بين البلدين إثر دخول أفواج من القاصرين المغاربة إلى مدينة سبتة المحتلة بسبب تخفيف الجانب المغربي لمراقبة الحدود(39).

ولا تزال الحدود البحرية بين المغرب وإسبانيا في وضع معقد وبحاجة لتحديد شامل، والبلدان قاما بشكل أحادي بترسيم حدودهما البحرية وخاصة في المحيط الأطلسي؛ حيث صادق مجلس المستشارين المغربي على مشروعي قانونين يهدفان إلى بسط الولاية القانونية للمغرب على كافة مجالاته البحرية بتاريخ 22 يناير/كانون الثاني 2020(40). وربما جاءت هذه الخطوة ردًّا على وضع إسبانيا سنة 2015 بشكل أحادي طلبًا لدى الأمم المتحدة لترسيم مياهها الإقليمية.

ثالثًا: الخلافات الحدودية لدول جنوب الصحراء

تواجه تشاد منذ بداية القرن الحادي والعشرين تحديات على طول حدودها مع الدول المجاورة لاسيما مع السودان والنيجر وجمهورية إفريقيا الوسطى؛ ففي أوائل عام 2003، تسبب الاقتتال الدائر في منطقة دارفور بغرب السودان في فرار آلاف السودانيين إلى تشاد، الذين يصل عددهم حاليًّا، بحسب آخر الإحصائيات، إلى أكثر من 373 ألف لاجئ(41)، وبسبب عدم تعاون حكومتي كل من السودان وتشاد فيما يخص وضع حدٍّ للميليشيات المتمردة، قام الاتحاد الأوروبي، في أبريل/نيسان 2008، بنشر قوة حفظ سلام تابعة للاتحاد الأوروبي لحماية اللاجئين الفارين من تشاد والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى في مناطق الصراع على طول الحدود بعد تصويت البرلمان الأوروبي على قرار بذلك(42)، ثم ما لبثت الأمم المتحدة أن قامت باستبدال وحدة أكبر من قوات حفظ السلام التابعة لها بهذه القوة، في مارس/آذار 2009(43).

ولعل السيناريو الأسوأ الذي ربما ينتظر هذا البلد يكمن في بحيرة تشاد، التي تشترك في حدودها مع تشاد ثلاث دول، هي: نيجيريا والنيجر والكاميرون، وقد تمكنت هذه الدول من تأسيس اتحاد سياسي يُدعى دول حوض بحيرة تشاد. ولكن هذه البحيرة بدلًا من أن تكون نبعًا للحياة، باتت الآن مصدرًا لانعدام الأمن والجريمة المنظمة، مما يزيد من زعزعة استقرار منطقة حوض البحيرة بأكملها، وهي التي تغذي أكثر من 30 مليون نسمة.

يعيش العديد من المجتمعات في المناطق الحدودية الكبيرة المشتركة بين دول حوض بحيرة تشاد، وتعرف اشتباكات ونزاعات دموية بين الفينة والأخرى بين قبائلها ومجموعاتها العرقية نتيجة التنافس على الموارد المائية للبحيرة؛ حيث تتركز هذه المجموعات حول الأنهار والجداول التي توفر الرعي والمياه والأراضي الصالحة للزراعة.

وفي أواخر العام 2020، توصلت دراسة بعنوان “التدهور البيئي وسبل العيش واستقرار منطقة حوض تشاد”(44)، إلى نتيجتين رئيستين، هما:

  • أن بحيرة تشاد أصبحت بحيرة ضحلة جدًّا بعد أن كانت في الستينات سادس أكبر مسطح مائي داخلي في العالم بمساحة مياه مفتوحة تبلغ 25 ألف كيلومتر مربع، وانخفضت في بداية السبعينات إلى أقل من ألفي كيلومتر مربع، وفي الثمانينات تقلصت مساحتها بأكثر من 90%.
  • أن جفاف هذه البحيرة يهدد نمط عيش المجموعات العرقية التي تقطن على حدودها، ووقد تسبب الصراع حول البحيرة في تفاقم ظاهرة الجفاف وتعقيد محاولات نشر الأمن الجماعي في المنطقة.

وبحسب تقرير صادر عن وزارة الخارجية الألمانية بالتعاون مع مركز الأبحاث أديلفي، بعنوان “الصراع والتعاون العابران للحدود في حوض بحيرة تشاد”(45)، فإن نقص مياه البحيرة يؤثر على العلاقات الدبلوماسية لدولها؛ حيث أدت التغيرات في مستويات مياه البحيرة إلى ظهور جزر عليها، وهذا بدوره خلق خلافات حول وضعها القانوني والانتماء الوطني والموارد الناشئة. ونتيجة لتراجع ضفاف البحيرة على الجانب النيجيري بين عامي 1959 و1994، هاجر العديد من النيجيريين واستقروا داخل حدود الكاميرون؛ مما اضطر الأخيرة إلى إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية.

وتكمن خطورة الخلافات الحدودية بين دول بحيرة تشاد في كون الحدود الطبيعية للبحيرة متغيرة بعامل التغير المناخي، الذي تتخذ معه الحدود الجغرافية والسياسية شكلًا جديدًا كلما تقلصت المساحة المائية للبحيرة.

والجدير بالذكر أن لجنة حوض بحيرة تشاد وضعت خطة لبناء سد وقنوات لضخ المياه من نهر الكونغو إلى نهر شاري في جمهورية إفريقيا الوسطى ثم إلى بحيرة تشاد. وتم طرح هذه الخطة لأول مرة عام 1982 من قبل شركة هندسة إيطالية، ونُوقشت في المؤتمر الدولي حول بحيرة تشاد في أبوجا، عام 2018، لكنها لم تر النور بسبب غياب التمويل والظروف الآمنة لتنفيذها، إضافة إلى افتقار الدول الأعضاء في اللجنة إلى الالتزام المطلوب لاتخاذ إجراءات ملموسة(46).

وأما بوركينا فاسو، فتعاني منذ عام 2014 من تهديدات وهجمات الجماعات المسلحة العنيفة مما عرض الأجزاء الشمالية من البلاد المتاخمة لمالي والنيجر للخطر نتيجة امتداد الصراع. وقد أدى استهداف هذه الجماعات المسلحة للمدنيين وارتكابها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان إلى نزوح جماعي للسكان وبشكل يقوض آفاق السلام والتنمية في بوركينا فاسو ومنطقة الساحل؛ حيث بلغ عدد النازحين أكثر من مليون شخص في غضون عامين فقط، كما خلَّف نحو 3.5 ملايين شخص في حاجة إلى الغذاء والدواء(47).

وقد نجحت بوركينا فاسو في ترسيم حدودها مع مالي، وهي حدود في الأساس موروثة عن الاستعمار الفرنسي ويبلغ طولها 1400 كيلومتر، وذلك بعد قرار محكمة العدل الدولية التي بتَّت عام 1986 في نزاع البلدين حول منطقة “قطاع أغاشير”(48).

وفيما يتعلق بالنزاع الحدودي المستمر منذ عقود بين بوركينا فاسو والنيجر، الذي كان ناجمًا في الأساس عن الترسيم الاستعماري الفرنسي الغامض، والذي حال بدوره دون اتفاق البلدين على الموقع الدقيق للحدود على الأرض، فإن محكمة العدل الدولية أصدرت، في 16 أبريل/نيسان 2013، حكمها الذي تم بموجبه تحديد مسار الحدود البالغ طولها 650 كيلومترًا(49).

ويُظهر حكم المحكمة المشار إليه أعلاه، أن حكومتي البلدين اتفقتا على ترسيم الحدود المشتركة بينهما وأنشأتا لجنة فنية مشتركة لترسيم الحدود بموجب اتفاقات مؤرخة في 23 يونيو/حزيران 1964؛ وفي ضوء عمل اللجنة الفنية المشتركة، اتفق البلدان، عام 2009، على ترسيم الحدود الشمالية والجنوبية من تونغ-تونغ إلى مرتفعات نغوما (النقطة الحدودية الثلاثية مع مالي)، ومن منحنى بوتو إلى نهر ميكرو (النقطة الحدودية الثلاثية مع بنين) لكنهما لم يتمكنا من التوصل إلى إجماع حول كيفية تفسير الأقسام المتبقية من حدودهما.

وتنفيذًا لحكم محكمة العدل الدولية، اتفقت بوركينا فاسو والنيجر، في مايو/أيار 2015، على تبادل أجزاء من الأراضي في سبيل إتمام ترسيم الحدود بينهما، حيث ستحصل بوركينا فاسو على 14 قرية، فيما ستنال النيجر أربع قرى؛ وتعمل سلطات البلدين على إحصاء السكان في المناطق المتضررة تمهيدًا للسماح لهم باختيار الجنسية التي يرغبونها(50).

ولا تزال حدود بوركينا فاسو جد معقدة مع الدول المجاورة لها؛ حيث تمتد حدودها إلى أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر تجمعها مع ست دول، وهي: بنين وكوت ديفوار وغانا ومالي والنيجر وتوغو، في ظل بقاء نحو ثلث تلك الحدود دون ترسيم حتى الآن.

وفيما يخص الكاميرون، فلديها حدود مشتركة مع ست دول، يبلغ طولها تقريبا 1157 كيلومترًا مع تشاد، وألف كيلومتر مع جمهورية إفريقيا الوسطى، و537 كيلومترًا مع جمهورية الكونغو، و377 كيلومترًا مع الغابون، و200 كيلومتر تقريبًا مع غينيا الاستوائية، و2062 كيلومترًا مع نيجيريا، وجميع هذه الحدود أُنشئت من قبل القوى الاستعمارية الألمانية والفرنسية في أواخر القرن التاسع عشر ولم تتغير عقب استقلال هذه البلدان في الستينات، ما عدا الحدود مع نيجيريا التي مرت بتاريخ استعماري معقد؛ حيث أُنشئت في الأصل بين ألمانيا (المستعمِرة للكاميرون) وبريطانيا (المستعمِرة لنيجيريا)، ثم نُقل حكم الكاميرون بعد الحرب العالمية الثانية من ألمانيا إلى كل من فرنسا (الكاميرون الفرنسية آنذاك) وبريطانيا (في شمال وجنوب الكاميرون)(51).

وكان للكاميرون أزمة حدودية معقدة مع نيجيريا دامت عقودًا من الزمن، لا تزال تداعياتها قائمة، حيث حدودهما تمتد من بحيرة تشاد إلى المحيط الأطلسي، وشهد البلدان اشتباكات مسلحة وقعت خلال الأعوام 1913 و1981 و1994 و1996، في شبه جزيرة باكاسي(52). ومع تزايد العنف والمناوشات، رفعت الكاميرون، في مارس/آذار 1994، دعوى إلى محكمة العدل الدولية لحل النزاع الحدودي، وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول 2002، حكمت المحكمة لصالح سيادة الكاميرون على شبه جزيرة باكاسي ومنطقة بحيرة تشاد، كما أيدت المحكمة صلاحية بعض الترتيبات الاستعمارية التي استندت إليها الكاميرون(53).

وبالرغم من ترسيم البلدين غالبية الحدود البرية بدءًا من العام 2019 بإشراف ومساعدة الأمم المتحدة، إلا أن العملية لا تزال بطيئة إلى حدٍّ ما نتيجة عدم الاستقرار في منطقة الحدود الشمالية بسبب وجود جماعة بوكو حرام، إضافة إلى وجود بعض الخلاف حول الموقع الدقيق للحدود الدولية.

وتبقى الحدود بين أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية أزمة معقدة ولاسيما بعد اكتشاف النفط في بحيرة ألبرت(54)، في حين أن حدود البلدين التي تبلغ 950 كيلومترًا من النقطة الثلاثية مع رواندا في الجنوب إلى النقطة الثلاثية مع جنوب السودان في الشمال، لم يتم تحديدها بدقة من القوى الاستعمارية البلجيكية والبريطانية في اتفاق موقع بينهما، عام 1894(55).

ولقد أدى اكتشاف البترول في البحيرة إلى نشوب نزاع، عام 2006، حول ملكية جزيرة روكوانزي التي يبلغ عرضها أقل من ثلاثة كيلومترات، وتم تشكيل لجنة فنية مشتركة بين البلدين، في 8 سبتمبر/أيلول 2007، وعقدت هذه اللجنة اجتماعات فحصت فيها المستندات وأجرت مسحًا أوليًّا للجزيرة. وفي مايو/أيار 2008، اتفق رئيسا البلدين في لقاء جمعهما على التعاون في مراقبة الحدود(56)، إلا أن الخلاف لم يتم حله بالكامل، ولم يتم إحراز أي تقدم حقيقي بشأن ترسيم الحدود، ويبقى هذا النزاع دون حل في ظل مواصلة أوغندا خططها لاستخراج النفط من حوض ألبرت، مما يزيد من احتمال نشوب نزاعات أو اشتباكات عنيفة أخرى مرتبطة بالحدود.

وبالنظر إلى كمِّ وحجم الصراعات الحدودية المتعددة بين الدول الإفريقية، فإن نطاق البحث في هذه الدراسة لا يتسع لعرض كل تلك الصراعات والخلافات الحدودية، حيث يوجد هناك نزاع(57) بين غينيا الاستوائية والكاميرون على منطقة حدودية مشتركة، تحتدم فيها المناوشات بين الجانبين بشكل مستمر، كان آخرها في يونيو/حزيران 2020، وأسفر عن إصابة العديد من الجرحى وتدمير الممتلكات. وعلى الرغم من توقيع البلدين على اتفاق للتعاون بشأن أمن الحدود وإجراءات العمل المشترك بعد نحو شهر من اندلاع هذا النزاع(58)، إلا أن الحدود بينهما تبقى مسألة خلافية دائمة؛ حيث أعلنت غينيا الاستوائية عن خطة لبناء جدار على الحدود البالغ طولها 183 كيلومترًا، وذلك بعد اعتقالها، في ديسمبر/كانون الأول 2017، عشرات الأجانب ينتمون لتشاد وإفريقيا الوسطى والسودان بتهم حيازة قاذفات صواريخ وبنادق ومخزون من الذخيرة واتهامهم بالتخطيط لزعزعة استقرار البلاد والإطاحة برئيسها، وعلى إثر ذلك قامت غينيا الاستوائية بإغلاق حدودها مع الكاميرون لمدة ستة أشهر(59).

وتتنازع غينيا الاستوائية أيضًا مع الغابون حول السيادة على الجزر الواقعة في خليج كوريسكو الغني بالموارد النفطية، وتتنازع حول إنشاء حدود بحرية فيها، وتشمل هذه الجزر كلًّا من إمبانييه (Mbanié) التي تحتلها الغابون وجزيرة كوكوتييه (Cocotiers) وجزيرة كونغا (Conga).  وفي 3 مارس/آذار 2020، أعلن البلدان بوساطة الأمم المتحدة عن البدء في تنفيذ الإجراءات المحلية المتعلقة بالاتفاق الخاص الذي كان أبرمه رئيسا البلدين، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ودخوله حيز النفاذ فيما يتعلق بترسيم حدودهما البحرية والإقليمية المشتركة والسيادة على جميع تلك الجزر(60). ولا يزال هذا النزاع معروضًا على محكمة العدل الدولية منذ 5 مارس/آذار 2021، على إثر طلب البلدين من المحكمة أن تقرر فيما إذا كانت الصكوك والمعاهدات والاتفاقيات الدولية القانونية التي يحتج بها الطرفان تتمتع بقوة القانون في العلاقات بين هذه البلدين(61).

وبين الصومال وكينيا نزاع على حدودهما البحرية في المحيط الهندي، ويحتكم البلدان إلى محكمة العدل الدولية منذ رفع الصومال دعوى ضد كينيا بتاريخ 28 أغسطس/آب 2014، ولا يزال تداول القضية جاريًا في المحكمة حتى يومنا هذا(62).

ويبقى النزاع التاريخي حول حدود قرية “يينغا” السيراليونية أزمة مفتوحة بين سيراليون وغينيا، وهي قرية دخلتها القوات الغينية، عام 1998، لمساعدة جيش سيراليون في محاربة المتمردين، ولم تغادرها. ومع الاحتجاج المستمر لسيراليون، تمكَّن البلدان من توقيع اتفاق، عام 2005، يؤكد تبعية القرية لسيراليون(63)، لكنه ظل على ما يبدو حبرًا على ورق، مع دخول القوات الغينية باستمرار إلى القرية، بحسب تقارير إعلامية(64).

ومن أقصى غرب إفريقيا الوسطى، اتهمت أنغولا قبل نحو ثلاثة عشر عامًا(65) جمهورية الكونغو الديمقراطية بتحويل علامات الحدود بينهما، التي تمتد على مناطق غنية بالنفط والألماس. ولعل ما يعقِّد الأمر هو مدى الاختلاف بين البلدين حول الموقع الدقيق للحدود، فيما يجتمع المسؤولون من البلدين خلف أبواب مغلقة لتسوية هذا الخلاف، كان أبرزها في سبتمبر/أيلول 2020(66)؛ حيث تباحث الجانبان بشأن أمن الحدود وتحدياته، وتم توقيع مجموعة من الصكوك القانونية في مجالي التعاون والأمن، ولم يتم الإعلان عنها.

وتطالب موريشيوس بأرخبيل شاغوس في إقليم المحيط الهندي، والمستعمَر من بريطانيا التي ترفض إرجاع الأرخبيل رغم أمر محكمة العدل الدولية الصادر في مارس/آذار 2019 القاضي بوجوب أن تعيد بريطانيا الأرخبيل إلى موريشيوس، وهو قرار لقي ترحيبًا واسعًا من الجمعية العامة للأمم المتحدة، في مايو/أيار 2019(67).

ووقَّعت كينيا مذكرة تفاهم مع جنوب السودان، في يونيو/حزيران 2019، لتسريع ترسيم حدودهما التي لا تزال غير واضحة في “مثلث إيلمي” الذي تديره كينيا منذ الحقبة الاستعمارية، لكن تم تأجيل الترسيم حتى إشعار آخر بسبب عجز مالي(68).

ومن أقصى جنوب شرق القارة، تتنازع ملاوي مع تنزانيا حول الحدود في بحيرة نياسا ونهر سونغوي؛ حيث تزعم ملاوي أن البحيرة بأكملها حتى الخط الساحلي التنزاني هي أراضيها، بينما تدَّعي تنزانيا أن الحدود تقع في وسط البحيرة(69).

رابعًا: الاتحاد الافريقي ودوره في حل النزاعات الحدودية

يلتزم الاتحاد الإفريقي، منذ 2007، ببرنامج حدودي جريء، أُطلق عليه “برنامج الاتحاد الإفريقي للحدود”، يشرف على تنفيذه قسم منع النزاعات والإنذار المبكر بالاتحاد، ويعتبر البرنامج أحد أهم التحولات القانونية في القارة فيما يخص ترسيم الحدود البرية والبحرية الدولية.

تأسس هذا البرنامج جزءًا من جهود الاتحاد الإفريقي لتعزيز القدرات الهيكلية لمنع الصراع في الدول الأعضاء فيه، وفق ثلاثة أهداف محددة، وهي: ترسيم الحدود، والتعاون عبر الحدود، وبناء القدرات. لكن هذا البرنامج بقي أشبه بالأداة التفاوضية لحل النزاعات الحدودية، لاسيما أن الجدول الزمني الذي وُضع لتنفيذه كان طموحًا جدًّا، ثم ما لبث الاتحاد، في عام 2010، أن أصدر “الإعلان الثاني حول برنامج الاتحاد الإفريقي للحدود وطرق تنفيذه”.

ومع ذلك، أخفق البرنامج ولم يحقق أكثر من ربع أهدافه حتى إن بعض المواعيد النهائية فاتت قبل تحقيق الأهداف المحدد بلوغها في العام 2015، كما أن مشاركة أعضاء الاتحاد في هذه المبادرة لم تكن بالمنتظمة(70).

وفي محاولة لتعزيز هذا البرنامج، قرر الاتحاد، عام 2011، تخصيص يوم سنوي أطلق عليه “اليوم الإفريقي للحدود”، واعتمده الوزراء الأفارقة المسؤولون عن قضايا الحدود في السابع من يونيو/حزيران من ذات السنة، وذلك للترويج لأهمية البرنامج في تعزيز السلام والتكامل الإقليمي في إفريقيا، ويتم الاحتفال به سنويًّا منذ ذلك الحين تحت شعار يكون منسجمًا بالأساس مع أهداف البرنامج.

ولعل السبب الفعلي وراء فشل البرنامج هو الخلافات الحدودية الموروثة عن القوى الاستعمارية فجر الاستقلال، إضافة إلى أن الترسيم الكامل لحدود إفريقيا يبقى مهمة شاقة، لاسيما أن مساحة القارة تبلغ 30 مليون كيلومتر مربع(71).

وفي ضوء كل هذه التحديات، واصل الاتحاد جهوده بشكل تدريجي يتلمس الطريق نحو تأطير معضلة الحدود هذه، فأصدر، عام 2011، إطار “سياسة الرعي” في إفريقيا، لكن هذه الجهود ستتخذ منعطفًا جديدًا مع اعتماد اتفاقية الاتحاد الإفريقي بشأن التعاون العابر للحدود عام 2014 (وتُعرف اختصارًا باتفاقية نيامي)، والتي لم يوقع عليها حتى اليوم سوى 17 دولة من أصل 55 دولة، أي 30% من مجموع دول الاتحاد، ومن هذه الدول الموقِّعة لم تصادق على الاتفاقية سوى 7 دول تقريبًا(72).

وما هذه الاتفاقية في الحقيقة إلا امتداد لبرنامج الاتحاد للحدود، والمادة التاسعة منها(73) تعكس بالنص الصريح أن الإطار المتحكم في آليات تنفيذ التعاون العابر للحدود يتمركز حول تنفيذ برنامج الاتحاد للحدود.

وتعكس هذه الاتفاقية سعي الاتحاد إلى الانتقال بدوله بشكل هادئ نحو أطر قانونية أكثر إلزامًا، تحفزهم على الانخراط الجدي في التوافق حول الإقرار بالحدود الموروثة عن الاستعمار والتحديات الناجمة عنها، وتفتح لهم باب التعاون حول أمور أخرى متعلقة بالرعي والمياه والأنشطة الاقتصادية والزراعية ومكافحة الجريمة والإرهاب وغيرها.

وفي عام 2020، سيضع الاتحاد الإفريقي “إستراتيجية من أجل حوكمة متكاملة أفضل للحدود”، اعتمدها رؤساء دول وحكومات الاتحاد، وهي تأتي في إطار تنفيذ برنامج الحدود، وصُممت لاستخدام الحدود كأداة لتعزيز السلام والأمن والاستقرار عبر مبادئ توجيهية وتوصيات للتنسيق والتعاون بشأن السياسات الحدودية على المستويات القارية والإقليمية والوطنية.

لم تكن هذه الإستراتيجية لترى النور ولا لتُوضَع لولا دعم الحكومة الألمانية عبر وزارتها للخارجية التي وضعت الأمر في تصرف المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي كما يتضح من صفحة المعلومات في الإستراتيجية(74)، ولذلك دلالة قوية، فالدولة الألمانية التي رعت مؤتمر برلين الذي قسَّم إفريقيا، كما رأينا سابقًا، تأتي بعد 137 عامًا لتسهم في معالجة البعض من آثار ذلك التقسيم الاستعماري، ولا تبدو هذه المحاولة مجدية من الناحية الواقعية في ضوء التداعيات الكبرى لمؤتمر برلين.

من المؤسف حقًّا أن الدول الإفريقية تلجأ إلى محكمة العدل الدولية ومحكمة التحكيم الدائمة في لاهاي ولا تستطيع حل نزاعاتها الحدودية عبر آلياتها المحلية في الوقت الذي بات الاتحاد الإفريقي يتوفر على آليات مجدية للتعامل مع الأزمات الناشئة عن الحدود كلجنة الحكماء، وأنظمة الإنذار المبكر للاتحاد والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

وقد بلغ عدد القضايا المقدمة إلى محكمة العدل الدولية 13 قضية تتعلق بالنزاعات الإقليمية أو الحدودية من أصل 18 قضية خلافية بين الدول الإفريقية. وتبقى هذه المحاكم متهمة بكونها لا تمثل إفريقيا وتعمد لتطبيق القانون الدولي الأوروبي المركزي بشكل يهدد مصالح الدول الإفريقية، كما يوضح الباحث غبينغا أودونتان، أستاذ القانون في جامعة كينت البريطانية(75).

إن مسألة الحدود بين الدول الإفريقية ليست مسألة بسيطة، بل مسألة مصيرية لمستقبل قارة ملغومة بالصراعات والنزاعات الخامدة، تتطلب وجود مؤسسات إفريقية مستقلة حاسمة وقرارتها ملزمة، لكن ذلك يكاد يكون مستحيلًا في ظل وجود الموارد الطبيعية التي تثير أطماع الكثير من القوى الأجنبية.

ومما زاد من تعقيد مسألة الحدود هذه هو أن ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليًّا) تبنَّى لحظة تأسيسها مبدأ الحفاظ على الحدود الاستعمارية، وذلك بهدف الحفاظ قدر الإمكان على استقرار القارة، مخافة أن يطالب كل بلد إفريقي بمراجعة حدوده قبل التقسيم الاستعماري الغربي.

وقد انعكس هذا المبدأ سلبًا على تعامل منظمة الوحدة الإفريقية مع مسألة الحدود، فلم يرد ذكر احترام الحدود الدولية صراحة في ميثاق المنظمة، وإنما أرسى المبدأ العام لوحدة الأراضي(76)، كما أكدت المادة الرابعة على مبدأ الحدود الموروثة من الاستعمار(77).

علاوة على ذلك، يقوم نهج الاتحاد في حالات الخلاف على ثلاثة معايير أساسية، وفقًا للباحث فولتز، وهي: عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإفريقية، والسلامة الإقليمية وحرمة الحدود الاستعمارية، والحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية(78).

وفي الحقيقة، فإن هذا النهج موروثٌ عن ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية، وهو يعكس مدى تطلع المنظمة وقت تأسيسها إلى الاستقلالية ومدى تخوفها من التدخل الخارجي ومن أي تأثير محتمل لإضعافها من الخارج.

ومن المشاهد التي يمكن للمرء الاستدلال بها عند العودة إلى سجل الاتحاد الإفريقي في حل النزاعات الحدودية في الماضي، نجد أن الجمعية العامة لمنظمة الوحدة الإفريقية واجهت خلال قمتها الأولى نزاعًا خطيرًا على الأراضي بين الصومال من جهة وإثيوبيا وكينيا من جهة أخرى؛ حيث طالب الصومال بالسيادة على الأراضي الحدودية الإثيوبية: أوجادين ومنطقة الحدود الشمالية الكينية، لكن مجلس الوزراء بالمنظمة اعتمد قرارًا أكد في ديباجته أن حدود الدول الإفريقية التي تشكلت “في يوم الاستقلال” تعد “واقعًا ملموسًا”(79).

وعلى الرغم من أن الجمعية العامة لمنظمة الوحدة الإفريقية يمكن أن تتخذ قرارات بأغلبية الثلثين، على غرار مؤتمر الاتحاد حاليًّا، إلا أن هذه القرارات مُقيدة بحسب كون المسألة إجرائية أم لا، ويحتاج البت الفعلي فيها إلى “أغلبية بسيطة”(80). وقد لاحظ الباحث، ورونوف، أن تلك القرارات على عهد منظمة الوحدة الإفريقية لم تكن ملزمة للدول، ويرى أن “الميثاق لم يجعل قرارات الجمعية ملزمة (…) مما وضع الجهاز الأعلى في موقف صعب”(81).

نستخلص مما سبق أن قرارات الاتحاد الإفريقي فيما يخص تسوية النزاعات الحدودية لا يمكنه فرضها على الدول الأعضاء؛ مما يجعل تنفيذ قراراته يتوقف على الإرادة السياسية للدول، في ظل الافتقار إلى سلطات إنفاذ فعالة.

وإذا ما بحثنا في جذور العجز الذي شاب تعامل المنظمة -التي يقوم الاتحاد الإفريقي على ميثاقها الآن- مع مسألة النزاعات الحدودية، سنجد أن مجلس الوزراء التابع للمنظمة لا يمكنه اعتماد أي قرار ملزم أو إجبار الأطراف المتنازعة على عدم تقديم نزاعهم إلى لجنة الوساطة والتوفيق والتحكيم أو قبول أية وسيلة أخرى للتسوية، أي إنه يحق لمجلس الوزراء أن يلعب دورًا في تسوية النزاعات بين الدول والتوسط فيها فقط في حال رفض إحدى الدول المتنازعة الخضوع للولاية القضائية للَّجنة(82).

نستخلص من هذه الخلفية أن الاتحاد الإفريقي ورث نفس المبادئ الموجهة لمنظمة الوحدة الإفريقية، وأن الأطر التي يعتمدها الاتحاد حاليًّا في التعامل مع الحدود بين دوله هي مكرسة بالأساس نحو غاية رئيسية واحدة تتمثل في إلزام الدول الإفريقية بالحدود الموروثة عن الاستعمار، وهذا في الحقيقة يكشف كيف أن الاتحاد لم يستطع حتى الآن الخروج من الدوامة المغلقة التي وقعت فيها منظمة الوحدة الإفريقية لحظة تأسيسها.

 

خاتمة

وختامًا، يبقى السؤال الأخلاقي المشروع: أليس حريًّا بالدول الأوروبية -الاستعمارية سابقًا- أن تسهم في حل هذه الخلافات الحدودية وتساعد الدول الإفريقية في تحديد وترسيم الحدود التي ورثتها عن الاستعمار في ظل ما تعانيه هذه الدول من تحديات كالفقر والاضطرابات السياسية وغيرها؟

لا ريب أن القوى الاستعمارية السابقة تستطيع إنهاء معظم الأزمات الحدودية في القارة الإفريقية، فهي تهيمن على مجلس الأمن، وفي يدها كل التكتلات الأممية والمنظمات الدولية السياسية والمالية والاقتصادية والتجارية والصناعية؛ لكن تقاعسها يكشف أن الاستعمار لم ينته كما نتصور، بل تحول من عسكري بالقوة إلى ناعم بالتغاضي عن تصحيح أخطاء الماضي، وتجاهل الأزمات الإنسانية المزمنة، والديون والاتفاقيات الجائرة غير المتكافئة والضغوطات الدولية والعقوبات الاقتصادية، وغيرها.

وفي ظل هذا التقاعس الغربي وحالة الهشاشة التي تعتري معظم الدول الإفريقية، وفي ضوء انعدام الموارد المادية والمعرفة التقنية والإرادة السياسية لترسيم الحدود، فإن الخلافات الحدودية في هذه القارة مرشحة للارتفاع بقدر التنافس الدولي المحموم على ثروات بلدانها، لاسيما أن القوى الاستعمارية اليوم لم تعد أوروبية فقط كما في الماضي، بل عالمية، منها الأوروبية والأميركية والآسيوية، وقد باشرت فعليًّا ولمدة من الزمن سيطرة منهجية على إفريقيا بكامل مقدراتها، وبما ينذر بمزيد من الصراعات الحدودية في المستقبل.

المراجع                                                                                 

(1) استراتيجية الاتحاد الإفريقي من أجل حوكمة متكاملة أفضل للحدود، الاتحاد الإفريقي، أديس أبابا، 2020، ص: 6. شوهد في 19/02/2022، في:        https://2u.pw/c8wLE

(2) Nathan Nunn, “The Long-Term Effects of Africa’s Slave Trades.” Quarterly Journal of Economics 123 (1) 2008: 139–76.

(3) للمزيد حول مؤتمر برلين، يمكن الرجوع إلى الخلفية التاريخية في ملخص لجامعة أوكسفورد في: https://2u.pw/dydlH

يمكن أيضا الاطلاع على المقال المنشور على مدونات شبكة الجزيرة بعنوان “مؤتمر برلين 1884.. حين اعتبر الأوروبيون أفريقيا أرضا مستباحة” لمؤلفه أحمد بن صالح الظرافي بتاريخ 19 يونيو 2020. رابط المقال:     https://2u.pw/75SnE

(4) لقد حدد الباحث أسيواجو نحو 177 مجموعة عرقية مقسمة؛ وتوصَّل كل من الباحث إنجلبرت وتارانجو وكارتر إلى أن المجموعات المنقسمة تشكل في المتوسط ما نسبته 40% من إجمالي سكان إفريقيا؛ بل ذهب كل من أليسينا، وإيسترلي، وماتوسزيسكي إلى أنّ نسبة السكان المنتمين إلى مجموعات منقسمة تتجاوز في العديد من البلدان الإفريقية 80٪، فقد بلغت في غينيا بيساو 80%، وفي غينيا 88.4٪، وفي إريتريا 83٪، أمّا بوروندي فوصلت 97.4٪، وفي ملاوي 89٪، والسنغال 91٪، وبلغت 100% في رواندا، و99٪ في زيمبابوي. وللمزيد يُنظر:

  • Asiwaju, A., ed, “The Conceptual Framework.” In Partitioned Africans: Ethnic Relations Across Africa’s International Boundaries, 1884–1984, 1–18. (New York: St. Martin Press,1985).
  • Pierre Englebert, Stacy Tarango, and Matthew Carter, “Dismemberment and Suffocation: A Contribution to the Debate on African Boundaries.” Comparative Political Studies 35 (10),2002: 109–118.
  • Alberto Alesina, William Easterly, and Janina Matuszeski, “Artificial States.” Journal of the European Economic Association 9 (2), 2011: 246–77.

(5) للمزيد يُنظر:

  • Asiwaju, A., ed, “The Conceptual Framework.” In Partitioned Africans: Ethnic Relations Across Africa’s International Boundaries, 1884–1984, 1–18. (New York: St. Martin Press,1985).

(6) Jeffrey Herbst, States and Power in Africa: Comparative Lessons in Authority and Control. Princeton: Princeton University Press, 2000, p: 94.

(7) Donald L. Horowitz, Ethnic Groups in Conflict. Berkeley: University of California Press, 1985, p: 281.

 (8)Asiwaju, A., ed, “The Conceptual Framework.” In Partitioned Africans: Ethnic Relations Across Africa’s International Boundaries, 1884–1984, 1–18. New York: St. Martin Press,1985, p: 1.

(9) J.C Anene, The International Boundaries of Nigeria, 1885-1960 (London, The Framework of an Emergent African Nation, Longman Press, 1970), p: 3.

 (10)Henk Wesseling, Divide and Rule: The Partition of Africa, 1880–1914. Westport, CT: Praeger, 1996. p: 122.

(11) Tasew Gashaw, “Colonial Borders in Africa: Improper Design and its Impact on African Borderland Communities”, Woodrow Wilson International Center for Scholars, 17/11/2017, accessed on 20/05/2022, at: https://2u.pw/vTgYH

(12) Gbenga Oduntan, “Africa’s border disputes are set to rise – but there are ways to stop them,” The Conversation, 14/7/2015, accessed on 25/05/2022, at: https://2u.pw/ACTU7

(13) Donald L. Horowitz, Ethnic Groups in Conflict, p: 281.

(14) Andreas Wimmer, Lars-Erik Cederman, and Brian Min, “Ethnic Politics and Armed Conflict. A Configurational Analysis of a New Global Dataset.” American Sociological Review 74 (2) 2009: 316–37.

(15) للمزيد يُنظر:

– Pierre Englebert, Africa, Unity, Sovereignty and Sorrow. Boulder: Lynne Rienner Publishers, Inc. 2009

(16) Martin Meredith, The State of Africa: A History of Fifty Years of Independence. London, UK: The Free Press. 2005, p: 467.

(17) Saadia Touval, “The Organization of African Unity and African Borders.” International Organization 21 (1), 1967: 102–27.

(18) Stelios Michalopoulos and Elias Papaioannou. 2017. The Long Economic and Political Shadow of History, Volume I. A Global View. CEPR Press, London. P: 51.

(19) Paul Collier and Anke Hoeffler. 2007. “Civil War.” In Handbook of Defense Economics, Volume 2, Defense in a Globalized World, edited by Todd Sandler and Keith Hartley, Amsterdam: Elsevier, 2007. 711–40

(20) لخلفية تاريخية حول سياق الأحداث في هذه الفترة، يُنظر:

حلمي شعراوي، السودان في مفترق طرق، مركز البحوث العربية والإفريقية، الطبعة الأولى، القاهرة 2011، ص: 12-47.

(21) جيرومي توبيانا، حرب تشاد-السودان بالوكالة وعملية دارفورة تشاد: الأسطورة والحقيقة، المعهد العالي للدراسات الدولية، طبعة أولى جنيف-سبتمبر 2007، ص: 23.

للاستزادة يُنظر أيضا:  جيرومي توبيانا، نبذ المتمردين: الأبعاد المحلية والإقليمية للتقارب بين تشاد والسودان، المعهد العالي للدراسات الدولية، طبعة أولى جنيف-مارس 2011، ص: 25.

 (22) “قصة القوات المشتركة التشادية السودانية”، الجزيرة نت، في 22/2/2018، شوهد في 15/12/2022، في:

https://2u.pw/MObEb0

(23) “السودان تطلب من تشاد تفعيل اتفاق أمني مجمد مع ليبيا والنيجر”، جريدة الوسط، في 31/8/2021، شوهد في 14/06/2022، في:

https://2u.pw/lTHRt

(24) سلطان بركات، منى هداية، مركزية إقليم الشرق في سالم السودان: التوترات القائمة والوقاية من تصاعد النزاع، سياسيات عربية، العدد 51-المجلد 9-تموز/يونيو 2021، ص: 34.

(25) “السودان يدعو بريطانيا لتذكير إثيوبيا بحدود 1902″، وكالة الأناضول، في 21/1/2021، شوهد في 14/06/2022، في:

https://2u.pw/E0Xhk

(26) Office of Geography. “Sudan – Egypt (United Arab Republic) Boundary”. Wayback Machine International Boundary Study No.18, Bureau of Intelligence and Research, United States Department of State. (July 27, 1962), p: 2, accessed on 15/2/2022, at: https://cutt.us/MkKhQ.

(27) “حلايب وشلاتين: رئيس وزراء السودان يطالب بـ”تفاهم” مع مصر”، بي بي سي بالعربية، في 12/3/2021، شوهد في 14/06/2022، في: https://2u.pw/VCHo7

 (28) Algeria, African Studies Center, 11/4/2015, accessed on 25/06/2022, at: https://2u.pw/zPI4F

(29) لخضر ناجي، “لعمامرة: الجزائر أنهت ترسيم حدودها مع جميع البلدان المجاورة”، الجزائر اليوم، في 19/8/2021 شوهد في 10/05/2022، في: https://2u.pw/sPgPF

 (30) الدستور الفرنسي لعام 1958، النسخة المتضمنة المراجعة الدستورية بتاريخ 23/7/2008، المادة 72، شوهد في 30/05/2022، في:

https://2u.pw/Bg16i

(31) “The Union of the Comoros and Mayotte”, French Ministry for Europe and Foreign Affairs, April 2021, accessed on 30/7/2022, at: https://2u.pw/iyJeW

(32) نص قرار المجلس الأوروبي بشأن المناطق الخارجية الفرنسية وجزيرة مايوت على وجه الخصوص، بتاريخ 17/12/2013، شوهد في 31/7/2022، في:                                                                                           https://2u.pw/yxeuB

(33) Khalid Mohammed, Disputed Islands of the Indian Ocean: A potential danger to Regional peace. 21. 2013. p:127.

 (34) Kevin Frank, “Ripeness and the 2008 Djibouti-Eritrea Border Dispute”. Northeast African Studies. 15. 2015, p: 121.

 (35) Security Council, “Security Council Imposes Sanctions on Eritrea over Its Role in Somalia, Refusal to Withdraw Troops Following Conflict with Djibouti”, 23/12/2009, accessed on 16/06/2022, at: https://2u.pw/G8hNf

(36) بيان وزارة الخارجية القطرية، 14/6/2017، شوهد في 20/06/2022، في:  https://2u.pw/ZF2Wy

 (37) United Nations News, “Eritrea sanctions lifted amid growing rapprochement with Ethiopia: Security Council”, 14/11/2018, accessed on 20/07/2022, at: https://2u.pw/khUpd

 (38) United Nations High Commissioner for Refugees, “Ethiopia Tigray emergency”, accessed on 15/07/2022, at: https://2u.pw/QJCTI

(39) “حقائق عن جزيرتي تيران وصنافير”، بي بي سي بالعربية، في 16/1/2017، تحديث في 12/6/2017، شوهد في 17/06/2022، في:

https://2u.pw/MQtAh

(40) “مصر تبني جدارا عازلا على الحدود مع قطاع غزة”، الجزيرة نت، في 17/2/2020، شوهد في 17/06/2022، في:

https://2u.pw/fwbZj

 (41) Gerry O’Reilly, Ceuta and the Spanish Sovereign Territories: Spanish and Moroccan Claims. Boundary and Territory Briefing, Volume 1. 1994, p: 2, 9.

(42) “بعد ’أزمة‘ سبتة.. إسبانيا تدعو المغرب إلى ’احترام الحدود‘”، وكالة دويتشه فيله الألمانية، في 25/5/2021، شوهد في 25/05/2022، في: https://2u.pw/4BYro

(43) مشروع قانون رقم 37.17، مجلس النواب المغربي، في 22/1/2020، شوهد في 25/05/2022، في:      https://2u.pw/BlcfI

 (44)United Nations High Commissioner for Refugees, “Statistiques des personnes relevant de la compétence du HCR – Septembre 2021,” published on 12/10/2021, accessed on 29/05/2022, at: https://2u.pw/yjwPc

 (45) The European Parliament, “Resolution on the situation in Chad,” 24/4/2008, accessed on 29/05/2022, at: https://2u.pw/llzjC

 (46) United Nations News, “Blue helmets take over from European force in Chad, Central African Republic,” 15/3/2009, accessed on 29/05/2022, at: https://2u.pw/8tR0X

 (47) Saheed Babajide Owonikoko, “The key to peace in the Lake Chad area is water, not military action,” The Conversation, 30/9/2020, accessed on 26/05/2022, at: https://2u.pw/Xn71E

 (48) German Federal Foreign Office, “Transnational Conflict and Cooperation in the Lake Chad Basin,” Climate Diplomacy, accessed on 27/07/2022, at: https://2u.pw/SnbKU

 (49) Will Ross, “Lake Chad: Can the vanishing lake be saved?” BBC, 28/3/2018, accessed on 27/07/2022, at: https://2u.pw/NMWqx

   (50) UN Office for the Coordination of Humanitarian Affairs, “Burkina Faso Situation Report,” 1/2/2021, accessed on 29/07/2022, at: https://2u.pw/2j7nX

 (51) International Court of Justice, “Reports of Judgments, Case Concerning the Frontier Dispute (burkina faso/mali), Order of 10 January 1986,” accessed on 13/05/2022, at: https://2u.pw/YA8AE

(52) International Court of Justice, “Special Agreement: Seising The International Court of Justice of the Boundary Dispute Between Burkina Faso and The Republic of Niger Jointly Notified to the Court,” 20/7/2010, accessed on 13/05/2022, at: https://2u.pw/PWhnz

 (53) The Guardian, “Burkina Faso and Niger exchange 18 towns to settle border dispute,” 8/5/2015, accessed on 14/05/2022, at: https://2u.pw/5h5NG

 (54) Funmilayo Modupe Adu, and William Abiodun Duyile, “An Historical Re-Evaluation of International Border Disputes between Nigeria and Cameroon, North-Eastern Nigeria, 1960-2002,” Global Science Journals: Volume 7, Issue 3, March 2019 p: 960.

 (55)ibid, p: 971.

 (56) Kenneth Nwoko, “Post-Conflict Peace-Building in a Contested International Border: The Nigeria-Cameroon Border Conflict Settlement and Matters Arising,” Revista Brasileira de Estudos Africanos. 3. 2018. p: 68.

 (57)Philipp Sandner imm, “The Great Lakes, Africa’s contested waters,” 27/08/2018, accessed on 15/12/2022, at: https://2u.pw/aozv6W

 (58)Sovereign Limits Database, Democratic Republic of the Congo–Uganda. accessed on 15/12/2022, at: https://2u.pw/kQfoIr

 (59) Wafula Okumu, “Resources and border disputes in Eastern Africa,” Journal of Eastern African Studies, 4:2, 2010. p: 291.

 (60) Moki Edwin Kindzekam, “Cameroon, Equatorial Guinea Agree to Demarcate Border after Skirmishes”, 09/06/2020, accessed on 23/07/2022, at: https://2u.pw/zLQri

 (61) Rodrigue Forku, “Cameroon, Equatorial Guinea sign cross-border pact”, 22/07/2020, accessed on 23/07/2022, at: https://2u.pw/skeA9

 (62) Benita van Eyssen, Moki Kindzeka, “What’s behind the Equatoguinean-Cameroonian border wall plan?”, 16/08/2019, accessed on 13/06/2022, at: https://2u.pw/YG1SX

 (63) United Nations News, “Ceremony concerning the Special Agreement on the border dispute between Gabon and Equatorial Guinea”, 03/03/2020, accessed on 20/07/2022, at: https://2u.pw/tqc97

(64) تقرير محكمة العدل الدولية 1 أغسطس 2020-31 يوليو 2021، ص: 41، شوهد في 29/05/2022، في https://2u.pw/qbklz

 (65) المرجع السابق، ص: 27.

 (66) BBC News, “Guinea-Sierra Leone ‘deal’ to end Yenga dispute”, 02/08/2012, accessed on 15/07/2022, at: https://2u.pw/Of6BI

 (67) Abdul Rashid Thomas, “Guinea’s persistent bullying of Sierra Leone in Yenga calls for rethink of priorities”, 26/01/2021, accessed on 20/07/2022, at: https://2u.pw/KZp0E

 (68) Reuters, “Angola accuses Congo of violating common border”, 17/12/2009, accessed on 19/07/2022, at: https://2u.pw/Y5LIg

 (69)  Xinhua News Agency, “Angola, DR Congo discuss security issues along border”, 15/09/2020, accessed on 19/07/2022, at: https://2u.pw/d6HNO

(70) “الجمعية العامة تعترف بسيادة موريشيوس على أرخبيل شاغوس وتطالب المملكة المتحدة بالانسحاب منه”، أخبار الأمم المتحدة، في 22/5/2019، شوهد في 29/12/2021، في: https://2u.pw/3Nu3M

 (71) Radio Tamazuj, “Lack of funds delaying South Sudan-Kenya border demarcation: official”, 27/11/2019, accessed on 21/07/2022, at: https://2u.pw/z8nlU

 (72) Peter Clottey, “Malawi, Tanzania Seek Mediation Over Border Dispute”, 20/12/2012, accessed on 21/07/2022, at: https://2u.pw/StQNs

 (73) Gbenga Oduntan, op. cit.

 (74) استراتيجية الاتحاد الإفريقي من أجل حوكمة متكاملة أفضل للحدود، مرجع سابق، ص: 6.

 (75) African Union, List of Countries which Have Signed, Ratified/Acceded to the Convention on Cross-Border Cooperation (Niamey Convention), accessed on 16/04/2022, at: https://2u.pw/HUmZu

 (76) African Union, Convention on Cross-Border Cooperation (Niamey Convention), adopted in 27/6/2014, accessed on 16/04/2022, at: https://2u.pw/NbQAb

 (77) استراتيجية الاتحاد الإفريقي من أجل حوكمة متكاملة أفضل للحدود، الاتحاد الإفريقي، أديس أبابا، 2020، صفحة الغلاف الداخلي. شوهد في 15/12/2022، في:   https://2u.pw/LgvWaJ

 (78) Gbenga Oduntan, op. cit.

(79) القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، المادة الثالثة، الفقرة (ب)، ص: 9، بتاريخ 11/7/2000، شوهد في 10/02/2022، في:

https://2u.pw/u1OYo

(80) المرجع السابق، المادة الرابعة، الفقرة (ب)، ص:10.

(81) William J. Foltz, “The Organization of African Unity and the Resolution of Africa’s Conflicts”, in Conflict Resolution in Africa, F.M. Deng and I. W. Zartman (eds.), 1991, p. 352.

(82) قرار منظمة الوحدة الإفريقية بشأن النزاعات الحدودية بين الدول الأفريقية، الدورة الأولى من اجتماع رؤساء الدول والحكومات، في القاهرة في 17 إلى 21 يوليو 1964، شوهد في، 12/02/2022، في:  https://2u.pw/Lq6d2

(83) القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، المادة السابعة، الفقرة (1)، ص: 11.

 (84) Jon Woronoff, Organizing African Unity, The Scarecrow Press. 1970. p: 160.

 (85) Protocol of the Commission of Mediation Conciliation and Arbitration, Basic Documents African Regional Organizations, 1971 pp. 69-76 art. XIII