مقدمة
شهد قطاع غزة، في فبراير/شباط 2019، حراكًا جماهيريًّا مفاجئًا للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة، نتيجة سنوات طويلة من الحصار الإسرائيلي وحالة الانقسام القائم بين حركتي فتح وحماس؛ والتي اتخذتها السلطة الفلسطينية ذريعة لفرض عقوبات إضافية شملت استقطاع مبالغ مالية من رواتب موظفيها؛ الأمر الذي ضاعف المعاناة الإنسانية في قطاع غزة لتشمل فئات اجتماعية جديدة. وتحت ضغط هذا الواقع وتفاعلاته، تخلَّل الحراك مواجهات مع قوى الأمن، هددت ترابط النسيج المجتمعي في القطاع، لاسيما أن هناك تصريحات أطلقتها إسرائيل وحركة فتح وجهات إقليمية أسهمت في حرف الحراك عن مطلبه الرئيس ليتبنى شعارات سياسية تنادي بإسقاط “حكم” حركة حماس.
وبغضِّ النظر عن مآلات الحراك اللاحقة إلا أنه تزامن مع حملة دعائية إلكترونية كثيفة، شكَّلت شبكات التواصل الاجتماعي ساحتها الأساسية. ولأن الحراك اتخذ منحى صراع سياسي واجتماعي بين حركتي فتح وحماس، دأب مناصرو الطرفين، خاصة نشطاء شبكة فيسبوك، على ترويج حجج كل فريق، حيث تراوحت بين الرفض المطلق والتأييد الكامل. ونتيجة للتفاعل المتعاظم، وارتفاع منسوب خطاب الكراهية والإقصاء بين التيارين، ظهرت مؤشرات حول سلوكات جديدة نسبيًّا، لم يسبق أن شهدها المجتمع الشبكي الفلسطيني بهذه الحدة والاتساع، كان من أبرزها سلوك “إلغاء الصداقة”.
ركز العديد من الأدبيات العملية، لاسيما الغربية، على دراسة مفهوم الصلات القائمة بين المستخدمين على مواقع الشبكات الاجتماعية، وأشكالها وأنماطها، والدوافع التي تحفِّز نشأتها واستمرارها، إلا أن القليل منها تطرق لموضوع الانفصال، خاصة لأسباب سياسية أو أيديولوجية. وحيث إن هذه الدراسة تهتم برصد وتفسير حالات الانفصال بين المستخدمين الفلسطينيين في قطاع غزة ضمن سياق أزمة اجتماعية وسياسية داخلية، والتي تأخذ شكل “إلغاء صداقة”، فإنها تهتم أيضًا بتناول التأثيرات والتداعيات التي تنجم عنها، ما يجعل منها إضافة نوعية لحقل الدراسات الإعلامية والاجتماعية، خاصة تلك التي تهتم برصد سلوك مستخدمي مواقع الشبكات الاجتماعية.
وبالرجوع إلى الأبحاث العلمية القليلة التي تناولت سلوك “إلغاء الصداقة” على فيسبوك نجدها تؤكد على مجموعة أسباب، مثل التباين الأيديولوجي، واختلاف الآراء السياسية، والتعرض المتكرر لموضوعات خارج دائرة الاهتمام الشخصي، أو الانزعاج الذي تتسبب به بعض المنشورات غير “اللائقة”، إلى جانب عادة النشر الكثيف والمتكرر عند شريحة من المستخدمين. ولا تقف الأسباب عند هذا الحد، بل تمتد نحو رغبة البعض في الإبقاء على صلات من داخل الدائرة الاجتماعية المقربة فقط، أو المحافظة على صورة شخصية معينة في مواجهة بعض السلوكات التي تُعَدُّ مُهِينَة أو محرجة. كما أظهرت أبحاث أخرى ارتباط سلوك “إلغاء الصداقة” بالعلاقات القائمة في الواقع الفعلي، حيث تؤدي عوامل العزلة وفقدان الثقة ونوع الشخصية والطباع دورًا في تحفيز قرار قطع
___________________________
*حيدر المصدر، باحث في مجال الإعلام السياسي والدعاية
الصلة مع أحد الأصدقاء(1)، كما أن احتمال اللجوء إلى “إلغاء الصداقة” يرتفع بين المستخدمين الذين تجمعهم علاقات منذ فترة طويلة لأسباب تتعلق بسلوك أحد الطرفين في الواقع الفعلي(2). وبمراجعة هذه الأسباب، نجدها تعكس سياقات اجتماعية مستقرة، دون أن تطرح دوافع وأسبابًا نابعة من مجتمعات تعاني أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية متحركة، كالحالة الفلسطينية. ومن ثم، تسعى الدراسة إلى الكشف عن سمات المستخدمين الذين لجؤوا إلى خيار “إلغاء الصداقة”، ونوعية الصلات التي يفضلون التخلص منها، والأسباب التي تقف خلف هذا السلوك، وتداعياته، واختبار عدد من الفرضيات في هذا السياق من خلال دراسة حالة اجتماعية ميدانية تتمثَّل في حراك “بدنا نعيش” في قطاع غزة، وبالتحديد الحملة الدعائية الرقمية التي رافقت الحراك على موقع فيسبوك.
- الإطار المنهجي والنظري للدراسة
أ- مشكلة الدراسة وتساؤلاتها
تحاول الدراسة رصد سلوك “إلغاء الصداقة” بين مستخدمي شبكة فيسبوك في قطاع غزة، ضمن سياق أزمة اجتماعية وسياسية فلسطينية، تجسدت في حراك “بدنا نعيش”، من خلال تحديد سمات المستخدمين الذين لجؤوا إلى هذا السلوك، ونوعية الصلات المقطوعة، والأسباب التي تحفِّزه، والتداعيات المترتبة عليه، في ظل الانقسام السياسي القائم بين قطبي الحركة الوطنية الفلسطينية (فتح وحماس).
وهنا، تسعى الدراسة إلى الإجابة عن الحقل الاستفهامي الآتي:
- ما سمات المستخدمين الذين لجؤوا إلى “إلغاء الصداقة” خلال حراك “بدنا نعيش”؟
- ما نوعية الصلات التي يفضِّل المستخدمون التخلص منها خلال حراك “بدنا نعيش”؟
- ما الأسباب التي تقف وراء سلوك “إلغاء الصداقة” خلال حراك “بدنا نعيش”؟
- ما التأثيرات المحتملة عن سلوك “إلغاء الصداقة”؟
ب- فرضيات الدراسة
– الفرضية الأولى: توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين معدل نشاط المستخدمين الزمني على شبكة فيسبوك خلال حراك “بدنا نعيش” وسلوك “إلغاء الصداقة” لصالح النشاط أكثر من الطبيعي. بمعنى أن المستخدمين الذين ينشطون بمعدلات زمنية أعلى من المعتاد على فيسبوك يلجؤون إلى إلغاء الصداقة أكثر من غيرهم.
– الفرضية الثانية: توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين الانتماء السياسي وسلوك إلغاء الصداقة لصالح المستخدمين المنتمين سياسيًّا، أي إن المستخدمين المُؤَطَّرين تنظيميًّا وحركيًّا سيلجؤون إلى إلغاء الصداقة بشكل أكبر من المستخدمين ذوي التوجهات المستقلة.
– الفرضية الثالثة: توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين التطرف الحزبي عند المنتمين سياسيًّا وبين سلوك إلغاء الصداقة لصالح التطرف الحزبي العالي، بمعنى أن المستخدمين المُؤَطَّرين تنظيميًّا ويمتلكون مؤشرات تطرف عالية، يميلون إلى سلوك إلغاء الصداقة بشكل يفوق المستخدمين من أصحاب درجات التطرف المنخفض أو المعتدل.
– الفرضية الرابعة: توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين نوعية التعرض وسلوك إلغاء الصداقة لصالح التعرض المختلط، بمعنى أن المستخدمين الذين يتعرضون لآراء مختلطة حول الحراك (بالتأييد والرفض معًا) سيلجؤون إلى سلوك إلغاء الصداقة بشكل أكبر من الذين يتعرضون لرأي واحد فقط.
– الفرضية الخامسة: توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين الغلو من حراك “بدنا نعيش” وسلوك إلغاء الصداقة لصالح الغلو المرتفع، وهذا يعني أن المستخدمين الذين يمتلكون مواقف تأييد أو رفض شديدة تجاه الحراك، يميلون إلى إلغاء صداقة الآخرين بشكل أكبر من المستخدمين أصحاب درجات الرفض أو التأييد المعتدل أو المنخفض.
– الفرضية السادسة: توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين القيم الديمقراطية وسلوك إلغاء الصداقة لصالح القيم المنخفضة، وهذا يعني أن المستخدمين الذين يمتلكون مؤشرات ديمقراطية منخفضة (رفض الرأي الآخر، رفض حرية التعبير…إلخ)، يميلون إلى إلغاء الصداقة بشكل أكبر من المستخدمين أصحاب مؤشرات القيم الديمقراطية المرتفعة (قبول الرأي الآخر).
– الفرضية السابعة: توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين عدد الأصدقاء وسلوك إلغاء الصداقة لصالح عدد الأصدقاء الكبير، بمعنى أن المستخدمين الذين يحظون بعدد أصدقاء كبير على فيسبوك (يتجاوز 400 صديق) يميلون إلى إلغاء الصداقة بشكل يفوق المستخدمين أصحاب عدد الأصدقاء المنخفض.
ج- أهمية الدراسة
تنبع أهمية الدراسة من اعتبارات عدة، يتمثَّل أولها في انتمائها لمسار بحثي يحاول فهم سلوك الأفراد الاتصالي في العالم الافتراضي، وتأثير أنماطه المختلفة على العلاقات الاجتماعية والسياسية في الواقع الفعلي. ثانيًا: تجسد الدراسة أول جهد بحثي علمي فلسطيني يتصدى بالتحليل لظاهرة “إلغاء الصداقة” بين مستخدمي شبكة فيسبوك في قطاع غزة ضمن سياق أزمة اجتماعية وسياسية، ما يساعد على فهم طبيعة التفاعلات التي تجري داخل المجتمع الفلسطيني، ومدى تأثرها بالسلوكات السيبرانية. ثالثًا: فحص إمكانية مساهمة سلوك “إلغاء الصداقة” في تعميق الخلاف السياسي من خلال تغذيته بشكل غير مباشر لانقسام اجتماعي بين الأفراد والمجموعات في الواقع الفعلي.
د- أهداف الدراسة
تسعى الدراسة إلى تحقيق الأهداف الآتية:
– كشف سمات المستخدمين الذين لجؤوا إلى “إلغاء الصداقة” خلال حراك “بدنا نعيش”، وتحديد نوعية الصلات التي يفضلون التخلص منها.
– الوقوف على الأسباب التي دفعت المستخدمين نحو خيار “إلغاء الصداقة”، وعلاقتها بعدد من المتغيرات: كالانتماء السياسي، والتطرف الحزبي، واختلاف الآراء في الحراك.
– تحديد التأثيرات المترتبة عن سلوك “إلغاء الصداقة” على الحالة في قطاع غزة.
ه- المفاهيم الأساسية للدراسة
– شبكة فيسبوك: أحد مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يمكن الوصول إليها عبر الشبكة العنكبوتية من خلال العنوان (www.Facebook.com)، وهي شبكة تتيح لمستخدميها التعارف والتواصل ومشاركة المعلومات وتبادل الخبرات من خلال أدوات وخيارات تقنية تفاعلية.
– “إلغاء الصداقة”: خيار متوفر على شبكة فيسبوك يتيح للمستخدم إزالة مستخدم آخر من قائمة أصدقائه بشكل مقصود ومتعمد(3).
– حراك “بدنا نعيش”: حراك شعبي ميداني، انطلق بتاريخ 14 مارس/آذار 2019 في أنحاء متفرقة من قطاع غزة: (جباليا، دير البلح، خان يونس، النصيرات…إلخ) بعد دعوة أطلقتها مجموعة من الناشطين عبر مواقع الشبكات الاجتماعية، خاصة فيسبوك، تحت وسْمَي (#الترنس_يجمعنا، #بدنا_نعيش)، للمطالبة بتحسين الظروف الاقتصادية والإنسانية التي يعاني منها سكان القطاع. وبموازاة التحرك الميداني، أطلق عدد من النشطاء الفلسطينيين حملة دعائية رقمية “افتراضية” على موقع فيسبوك لإسناد وترويج أطروحات الحراك، إلا أنها تحولت بمرور الوقت، وتفاعل الأحداث الميدانية، إلى مواجهة سيبرانية-سياسية محتدمة بين مؤيدي الحراك ورافضيه، خاصة بين نشطاء حركتي فتح وحماس. ومن غير المعلوم إذا ما كان الحراك عفويًّا أو موجهًا لأغراض سياسية يستهدف إسقاط حكم حركة حماس، لكنه انتهى فعليًّا على الأرض بعد مرور أسبوع على انطلاقه، وإن ظلت تداعياته مستمرة على المستوى الافتراضي لفترة أطول.
– التطرف الحزبي: هو اعتناق مواقف أيديولوجية وتنظيمية متشددة تتجاوز الاعتدال والوسطية، حيث تُقدِّم أفكار الحزب ومواقفه على غيرها من المواقف والأفكار الأخرى المخالفة، من خلال التمترس حولها والدفاع عنها بشدة.
– الغلو: يعني المبالغة في الحماسة لقضية أو فكرة ما، سواء بالرفض أو التأييد المطلقين. وهو مظهر من مظاهر الإفراط في التحمس الإيجابي أو السلبي نحو حراك “بدنا نعيش”.
– النشاط على فيسبوك: يشير إلى المدة الزمنية التي يقضيها المستخدم على موقع فيسبوك، وتشمل: نشاطًا أكثر من الطبيعي، وهنا يتجاوز الفرد المعدل الزمني الذي يقضيه يوميًّا على الشبكة، ونشاطًا طبيعيًّا يتوافق مع المعدل الزمني اليومي المعتاد، ونشاطًا أقل من الطبيعي، بمعنى الانخفاض لأقل من المعدل الزمني اليومي.
و- منهج الدراسة وأدواتها
تنتمي الدراسة إلى البحوث الوصفية التي “تستهدف تصوير وتحليل وتقويم خصائص مجموعة أو موقف معين تغلب عليه صفة التحديد، بهدف الحصول على معلومات كافية ودقيقة”(4). وقد اعتمدت المنهج المسحي، وهو أحد الأشكال الخاصة بجمع المعلومات عن حالة الأفراد وسلوكهم وإدراكهم ومشاعرهم واتجاهاتهم، وهو بهذا المفهوم يعد المنهج الرئيس لدراسة جمهور وسائل الإعلام(5). وفي إطاره، اعتمدت الدراسة على أسلوب مسح جمهور وسائل الإعلام للتعرف على سلوك “إلغاء الصداقة” خلال حراك “بدنا نعيش”، من خلال كشف سمات المستخدمين الذين لجؤوا إليه، ونوعية الصلات التي يفضلون التخلص منها، والأسباب التي تحفِّزه. كما جرى توظيف منهج العلاقات المتبادلة للتعرف على العلاقات بين المتغيرات المختلفة في الظاهرة.
وتمثلت أداة الدراسة في صحيفة الاستقصاء الإلكترونية (الاستبيان). وهي من الأساليب الأساسية لجمع المعلومات والبيانات، وتتم عبر توجيه مجموعة من الأسئلة المعدة سلفًا بهدف التعرف على حقائق معينة، أو وجهات نظر المبحوثين، أو الدوافع والعوامل والمؤثرات التي تدفعهم إلى تصرفات سلوكية معينة(6). ويُعَدُّ الاستبيان أداة فعالة في البحث العلمي لما يتميز به من سهولة وتوفير في الوقت والجهد والتكاليف، والانتشار السريع بين المستخدمين، إضافة إلى مراعاته سرية هوية المشاركين، كما يوفر للمستجوبين الحرية اللازمة للإدلاء بالمعلومات التي يرغبون بها. ورغم هذه المميزات فإن عيوبًا عدة تشوب الاستبيان، مثل: إمكانية الحصول على إجابات غير دقيقة، واحتمال عدم فهم المستجوب لمعاني الأسئلة والعبارات، وصعوبة التوسع في الأسئلة تجنبًا لأي شعور بالملل قد يصيب المستجوب، وبالتالي تجاهل الاستبيان.
واتبع الباحث خلال تصميم الاستبيان مجموعة خطوات، منها: تحديد محاوره الرئيسة، وصياغة أسئلته بشكل واضح يتلاءم مع طبيعة الدراسة، ثم توزيعه على عينة للتأكد من صلاحيته منطقيًّا وتجريبيًّا، وصولًا إلى إخراجه بصورته النهائية، بعد عرضه على عدد من المحكَّمين(*). ومن بين الملاحظات التي أبداها المحكمون، تعديل صياغة الفرضيات بشكل إحصائي، وخفض بعض المقاييس المستخدمة للموافقة وفقًا لمقياس “ليكرت” (Likert) من سبع درجات إلى ثلاث وخمس درجات، وإلغاء تحديد جهة الانتماء السياسي مع الاكتفاء بصيغة (منتمٍ، غير منتمٍ) تجنبًا لعدم استجابة المبحوثين، واعتماد رقم محدد للتفريق بين معدل الصداقات الكبيرة والمنخفضة (400 صديق).
من جانب آخر، جرى تقسيم محاور الاستبانة على الشكل الآتي:
– المحور الأول: يتناول سمات المبحوثين العامة (الجنس، العمر، طبيعة العمل، مكان السكن، المستوى التعليمي، الانتماء السياسي، عدد الأصدقاء على فيسبوك).
– المحور الثاني: يضم أسئلة حول معدل الاستخدام ودرجتَي النشاط والمشاركة على فيسبوك، جرى إعدادها بالاعتماد على مقياسي “ليكرت” الثلاثي والخماسي، وفق الآتي:
– معدل استخدام المبحوثين لشبكة فيسبوك في الحراك: (بشكل مرتفع، بشكل منخفض، بدون استخدام). وذلك لتحديد درجة توظيف فيسبوك في فعاليات سيبرانية-دعائية ذات امتداد ميداني.
– معدل النشاط الزمني للمبحوثين على فيسبوك خلال الحراك: (طوال الوقت، أكثر من الطبيعي، طبيعي، أقل من الطبيعي، بدون نشاط). لاحقًا، وبعد تفريغ البيانات، تم خفض المقياس إلى 3 درجات: (أكثر من الطبيعي، طبيعي، أقل من الطبيعي)، بعد شطب استجابات (بدون نشاط) ودمج (طوال الوقت وأكثر من الطبيعي مع بعض)، وذلك لتيسير إجراء اختبار علاقة متغير (النشاط) مع متغير (إلغاء الصداقة). وتجدر الإشارة هنا، إلى أن الباحث تجنب طرح خيارات زمنية محددة لتقدير معدل النشاط (عدد ساعات)، وترك للمبحوث حرية الاختيار بحسب تقديره الخاص، وذلك لتباين المجتمعات في هذا المضمار.
– درجة تفاعل ومشاركة المبحوثين مع موضوعات قطاع غزة السياسية والإنسانية سواء قبل أو خلال الحراك: حيث تم توجيه عدد من الأسئلة لقياس شدة الموافقة، بمقياس “ليكرت” من خمس درجات: (بشكل كبير جدًّا، كبير، متوسط، ضعيف، بدون تفاعل).
– المحور الثالث: يهتم بميول المبحوثين لقياس درجة المماثلة السياسية والأيديولوجية لديهم، ويضم:
– الاتجاه من الحراك (درجة الغلو)، ويشمل مقياس “ليكرت” من 5 درجات (مؤيد بشكل كامل، مؤيد إلى حد ما، محايد، رافض إلى حد ما، رافض بشكل كامل). ولتحديد درجة الغلو من الحراك عند المبحوثين بشكل أدق، جرى ملاحظة وتسجيل حركة المقياس، بحيث كلما توجه نحو الأطراف سجَّل المبحوث درجة غلو مرتفع (تأييد أو رفض كامل للحراك)، أما إذا اتجه المقياس نحو الوسط، سجل المبحوث درجة غلو منخفض (تأييد أو رفض منخفض، أو محايد).
– التطرف الحزبي عند المبحوثين المنتمين لأحزاب وحركات سياسية، ويحتوي على مقياس “ليكرت” من 5 درجات (ملتزم بتوجيهات وأفكار الحزب بشكل مطلق، ملتزم إلى حد كبير، ملتزم بشكل معتدل، غير ملتزم إلى حد كبير، غير ملتزم بالمطلق). وللتعرف على درجة التطرف الحزبي، جرى ملاحظة وتسجيل حركة المقياس، بحيث كلما توجه نحو الأعلى سجل المبحوث درجة تطرف حزبي عالية، وفي حال استقر المقياس في الوسط، اعتُبر المبحوث متوسط التطرف، أما إذا توجه نحو الأسفل، سجل المبحوث درجة تطرف منخفض.
– نوعية المنشورات التي تم التعرض لها (منشورات مؤيدة للحراك، مختلطة، رافضة للحراك).
– القيم الديمقراطية، ويشمل مقياس “ليكرت” من 5 درجات، بحيث طلب من المبحوثين تحديد شدة موافقتهم لعدد من العبارات (1= بشكل كبير جدًّا…5= بشكل قليل جدًّا). وبعد فرز البيانات، جرى توزيع مجموع درجات الإجابات (20 درجة، 4 لكل مستوى) على مؤشر من 3 درجات (منخفض، متوسط، مرتفع) لتحديد درجة القيمة الديمقراطية التي يتمتع بها كل مبحوث.
– المحور الرابع: يتناول سلوك “إلغاء الصداقة” بين المبحوثين خلال الحراك (معدل تبني سلوك إلغاء الصداقة، وأسباب إلغاء الصداقة، ونوعية الصلات الملغاة).
ز- مجتمع الدراسة وعيَّنته
يشمل مجتمع الدراسة مستخدمي شبكة فيسبوك في قطاع غزة خلال حراك “بدنا نعيش”، أي الفترة الممتدة من 14 آذار/مارس 2019، وحتى 21 من الشهر نفسه. وحيث إنه لا يوجد إطار للمجتمع نستطيع من خلاله اختيار عينة احتمالية وفق قواعد حسابية (حجم عينة كلي محدد)، جرى اتباع طريقة العينة المتاحة (المتوفرة) كعينة غير احتمالية. وهي طريقة لا تتيح إمكانية تعميم النتائج خارج إطار العينة التي تخضع للدراسة، إلا أنها ملائمة للدراسات الاستكشافية التي تتبعها دراسات أخرى مشابهة تعتمد على عينات احتمالية(7). وفيما يتصل بتوزيع الاستبيان، تم نشر رابط إلكتروني على صفحات شخصية لعدد مختار (عمدي) من مستخدمي فيسبوك بما يشمل صفحة الباحث لجذب أكبر قدر من المشاركات، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 15 و21 أبريل/نيسان 2019، كما تم انتهاج طريقة إضافية تعرف بـ”كرة الثلج”، حيث طُلب من بعض المشاركين تمرير الاستبانة إلى مستخدمين آخرين نشطوا على فيسبوك خلال الحراك. وجرى اللجوء إلى هذه الطريقة لصعوبة حصر العينة، فضلًا عن غياب طريقة منهجية متفق عليها. وقد بلغ حجم الاستجابة (440) مفردة، تمثل الاستبانات الصحيحة التي ستخضع للتحليل، وذلك بعد استبعاد (34) استبانة غير مستوفية للشروط، من أصل (474).
جدول رقم (1) يوضح السمات العامة للمبحوثين
| |||
السمة | الفئات | العدد | النسبة% |
النوع (الجنس) | ذكر | 363 | 82.5 |
أنثى | 77 | 17.5 | |
العمر | 18-30 سنة | 284 | 64.5 |
31-40 سنة | 126 | 28.6 | |
41-50 سنة | 24 | 5.5 | |
51- فأكثر | 6 | 1.4 | |
طبيعة العمل | موظف حكومي | 80 | 18.2 |
موظف قطاع خاص | 93 | 21.1 | |
عمل حر | 92 | 20.9 | |
لا أعمل | 175 | 39.8 | |
المستوى التعليمي | ثانوي فأقل | 45 | 10.2 |
دبلوم | 87 | 19.8 | |
بكالوريوس | 249 | 56.6 | |
دراسات عليا | 59 | 13.4 | |
مكان السكن | محافظة الشمال | 51 | 11.5 |
محافظة غزة | 117 | 26.6 | |
محافظة الوسطى | 101 | 23.0 | |
محافظة خان يونس | 103 | 23.4 | |
محافظة غزة | 68 | 15.5 | |
الانتماء السياسي | منتمٍ | 281 | 63.9 |
بدون انتماء | 159 | 36.1 |
ح- المعالجات الإحصائية المستخدمة
- تفريغ وتحليل الاستبانة باستخدام برنامج التحليل الإحصائي (SPSS).
- النسب المئوية والتكرارات والوزن النسبي (Frequencies & Percentages).
- اختبار العلاقة بين المتغيرات (Chi-Square Test).
ط- المدخل النظري للدراسة
تستعين الدراسة بمدخلين نظريين لفهم وتفسير سلوك إلغاء الصداقة بين مستخدمي شبكة فيسبوك في سياق الحراك الفلسطيني الذي شهده قطاع غزة “بدنا نعيش”، وهما: التماثل السياسي والصلات الضعيفة اللذان يحددان آليات الانفصال والاتصال بين الأفراد.
أولًا: التماثل السياسي
يشير مبدأ “التماثل”، باختصار، إلى جنوح المستخدمين نحو إقامة علاقات مع آخرين يوافقون ميولهم واهتماماتهم؛ إذ يفترض إمكانية نشوء صلات بين أفراد متماثلين بمعدلات أعلى من الأفراد غير المتماثلين(8). وبالنسبة لأنواع التماثل، فهي متعددة: كالتماثل القائم على السلوك، أو الرأي، أو الأيديولوجيا…إلخ، وكل ما من شأنه أن يحتوي مجموعة من الأفراد تحت مظلة واحدة متجانسة. وتعود أصول المبدأ إلى خمسينات القرن العشرين (1954)، عندما صاغ كل من بول لازارسفيلد (Paul Lazarsfeld) وروبرت ميرتون Robert Merton)) مصطلح “التماثل” ليشير إلى مَيْلِ الأفراد نحو التشابه مع الآخرين(9). وبحسب المبدأ، يُفضل الأفراد تشكيل مجموعات أو شبكات اجتماعية متناغمة، سواء في الواقع الفعلي أو الافتراضي، يتجنبون من خلالها صلات لا توافق ميولهم، أو يباشرون عمليات إقصاء لأصوات من داخل المجموعة غير متناغمة معها(10). والتماثل في علاقته مع سلوك “إلغاء الصداقة” على شبكات التواصل الاجتماعي يهتم بالانفصال، وكيفية تكريس المستخدم لبيئة نظيفة وخالية تمامًا، أو بالحد الأدنى، من الأصوات والمحتويات التي لا يرغب في سماعها أو التعرض لها؛ لذلك يمكن النظر إلى العلاقة، بوصفها آلية انفصال أو انعزال، تتيح نشوء شبكات متجانسة ومتماثلة من الأفراد، ذات لون أو طبيعة واحدة(11).
وفي المجال السياسي، ينقسم التماثل إلى نوعين: الأول قائم على الموضوع (Topic-oriented Homophily)، وهو رابط بين فردين يتشاركان مصلحة متبادلة تجاه موضوع سياسي محدد؛ والثاني قائم على الأيديولوجيا (Ideology-oriented Homophily)، وهو رابط بين فردين يتشاركان الأيديولوجيا نفسها(12). وبالنظر إلى النوع الأول، في سياق علاقته بسلوك “إلغاء الصداقة”، فالمستخدمون الذين لا تجمعهم اهتمامات أو مصالح سياسية مشتركة، يميلون إلى إلغاء صداقة بعضهم البعض بشكل يفوق أصحاب الاهتمامات المشتركة. وقد أثبتت دراسات عديدة، قيام المستخدمين من ذوي الاهتمامات السياسية المنخفضة بإلغاء صداقة مستخدمين آخرين بسبب منشورات ذات محتوى استقطابي، أو سياسي، أو ديني(13)، أو بسبب النشر الكثيف والمتكرر لمنشورات ذات محتوى سياسي(14)، أو بسبب التعرض لمضمون مخالف لآرائهم(15). على الجانب الآخر، تُعَدُّ الأيديولوجيا متغيرًا متحكمًا في رصد سلوكات إلغاء الصداقة، وبحسب استطلاع لمركز بيو للأبحاث، فالمستخدمون الأميركيون أصحاب الهوية الحزبية القوية أكثر ميلًا لإلغاء صداقة من يخالفونهم سياسيًّا، وأكثر تفضيلًا لإقامة صلات قائمة على المماثلة الأيديولوجية(16). وقد بيَّنت دراسة حول مدى تفشي “إلغاء الصداقة” بين المستخدمين الإسرائيليين خلال حرب غزة الثالثة أن الأفراد الأعلى تطرفًا على المستوى الأيديولوجي، أكثر ميلًا لسلوك إلغاء الصداقة(17). وكلا النوعين السابقين، (التماثل القائم على الموضوع أو الأيديولوجيا)، يسهم في الدراسة الحالية من ناحية كشف الأبعاد السياسية والأيديولوجية لخيار “إلغاء الصداقة” خلال حراك “بدنا نعيش” في قطاع غزة، وتفسير أسباب هذا السلوك، وخصائص الأفراد المستهدفين منه. وبناء على ما سبق، يمكن الافتراض أن المستخدمين الفلسطينيين من أصحاب الغلو المرتفع تجاه “الحراك”، سواء بالتأييد أو الرفض الشديدين، أكثر ميلًا لإلغاء صداقة مستخدمين آخرين، وأن المنتمين لأحزاب سياسية أكثر عرضة لتفعيل سلوك إلغاء الصداقة من غير المنتمين (المستقلين)، أو الذين يمتلكون درجات تطرف حزبي أقل، وأن المستخدمين الذين يتعرضون لآراء مخالفة لتوجهاتهم من الحراك أكثر ميلًا لتفعيل سلوك “إلغاء الصداقة”.
ثانيًا: نظرية الصلات الضعيفة
تعود أصول هذه النظرية إلى عالم الاجتماع الأميركي، مارك غرانوفيتر (Mark Granovetter)، ويُقصد بالصلات الضعيفة تلك الروابط التي تنشأ بين مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي على أساس هشٍّ، كعدم المعرفة الشخصية المسبقة؛ بمعنى أنها صلات من خارج إطار الدائرة الاجتماعية المقربة للمستخدم. وهذا النوع نقيض للصلات القوية؛ إذ إن الثاني يحظى بامتداد حقيقي في الواقع الفعلي، عكس الأول، الذي يقتصر غالبًا على العالم الافتراضي. كما تفترض هذه الصلة أنه كلما ارتفع عدد أصدقاء المستخدم ارتفعت على التوازي نسبة الصلات الضعيفة لديه. وهذا يعني أن سلوك “إلغاء الصداقة” يحدث بمعدلات أكبر بين المستخدمين الذين تجمعهم صلات هشة، من خارج الدائرة الاجتماعية(18). وخلال الأزمات الاجتماعية والسياسية، يمكن للصلات الضعيفة أن تنهار بسهولة بسبب المناقشات الجدلية التي قد تقع، أو اختلاف الآراء؛ عكس القوية التي تستطيع الصمود أمام الاختلافات السياسية(19). وحول التداعيات الاجتماعية، تشير دراسات عدة إلى أن التحلُّل من صلة ضعيفة في العالم الافتراضي قد لا يحمل ذات الأثمان الاجتماعية التي قد تُدفع في مواقف اتصالية أخرى؛ ويردُّ السبب إلى غياب العلاقة أو الانخراط على المستوى الاجتماعي، وبالتالي سهولة التخلص من صلة افتراضية(20). وبالإسقاط على حراك “بدنا نعيش”، يفترض الباحث أن المستخدمين أصحاب معدلات الصداقة المرتفعة (أكثر من 400 صديق) يلجؤون إلى سلوك “إلغاء الصداقة” بشكل أكبر من المستخدمين أصحاب معدلات الصداقة المنخفضة. كما يفترض أن المستخدمين يميلون إلى إلغاء صداقة الصلات الضعيفة بشكل أكبر من الصلات القوية.
- محددات ودوافع إلغاء الصداقة وهوية المستخدمين
تكشف نتائج الجدول رقم (2) حول استخدام المبحوثين لشبكة فيسبوك خلال حراك “بدنا نعيش” عن أغلبية لصالح الاستخدام المرتفع (%52.5)، مقابل (11.4%) للاستخدام المنخفض، ونسبة (%36.1) بدون استخدام. وتتوافق هذه المعطيات مع نتائج دراسة نيكولاس جون (Nicholas John) وشيرا جفرسمان (Shira Gvirsman) التي أظهرت معدلات استخدام عالية (%50) بين المستخدمين الإسرائيليين خلال حرب غزة الثالثة عام 2014(21).
جدول رقم (2) يبرز استخدام المبحوثين لشبكة فيسبوك خلال الحراك
م | درجة النشاط | ن | % |
1 | استخدام مرتفع | 231 | 52.5 |
2 | استخدام منخفض | 50 | 11.4 |
3 | بدون استخدام | 159 | 36.1 |
المجموع | 440 | 100.0 |
وبرغم معدلات الاستخدام المرتفعة فإن غالبية المبحوثين (%52.5) تجنبوا نشر موضوعات (Posts) حول الحراك، مقارنة مع أصحاب معدلات النشر الكبير (%31.4)، أو المنخفض (%16.1). وعلى النقيض تمامًا، تكشف معطيات الجدول رقم (3) عن استغلال غالبية المبحوثين (%45.5) للخواص التفاعلية التي يوفرها فيسبوك، كالتعليق، والإعجاب، والمشاركة، من أجل التفاعل مع موضوعات الحراك التي ينشرها مستخدمون آخرون. وهذا يعني وجود إحجام عن المشاركة المباشرة، وتفضيل للطرق غير المباشرة. وتتواءم هذه النتيجة مع دراسة لمركز بيو للأبحاث بيَّنت ميل المستخدمين الأميركيين إلى التفاعل مع منشورات الآخرين على حساب النشر، أو ما يعرف بتحديث الحالة (Statues Update)(22).
جدول رقم (3) يبين مشاركة المبحوثين خلال وقبل الحراك
م | العبارة | بنسبة كبيرة | بنسبة منخفضة | لم أقم بذلك | |||
ن | % | ن | % | ن | % | ||
1 | خلال حراك “بدنا نعيش” قمت بنشر منشورات حول الحراك. | 138 | 31.4 | 71 | 16.1 | 231 | 52.5 |
2 | خلال الــ12 شهرًا التي سبقت الحراك قمت بنشر منشورات حول الوضع السياسي والإنساني في غزة. | 221 | 50.2 | 96 | 21.8 | 123 | 28.0 |
3 | خلال حراك “بدنا نعيش” قمت بالتعليق والإعجاب ومشاركة منشورات لآخرين حول الحراك. | 200 | 45.5 | 74 | 16.8 | 166 | 37.7 |
4 | خلال الــ12 شهرًا التي سبقت الحراك قمت بالتعليق والإعجاب ومشاركة منشورات لآخرين حول الوضع السياسي والإنساني في غزة. | 238 | 54.1 | 96 | 21.8 | 106 | 24.1 |
يكشف الجدول رقم (3) عن ارتفاع معدل تفاعل المبحوثين مع المستجدات السياسية والإنسانية التي يشهدها قطاع غزة. فخلال الفترة التي سبقت الحراك، ارتفعت نسبة المشاركة عبر المنشورات (%50.2)، أو عبر التفاعل غير المباشر (%54.1)، إلا أنها انخفضت خلال الحراك، لاسيما المنشورات (%31.4). ويعزو الباحث ذلك إلى خوف المبحوثين من الملاحقة الأمنية، أو التعرض للانتقاد من قبل مستخدمين آخرين، ما دفع الغالبية نحو الاكتفاء بالتفاعل غير المباشر، إلى حين اتضاح مآلات الحراك النهائية.
وفيما يتعلق بنسبة الصلات المقطوعة، يبيِّن الشكل رقم (1) لجوء أكثر من نصف المبحوثين إلى خيار “إلغاء الصداقة” خلال الحراك (%51.8) خلافًا للفترة التي سبقته (%44.3)، في حين قررت نسبة (%44.3) تجنُّبه برغم تفكيرها فيه، مقابل نسبة (%23.2) تعتقد بتعرضها لإلغاء الصداقة من قبل مستخدمين آخرين. ويتضح مما سبق أن سلوك “إلغاء الصداقة” متفشٍّ بين المستخدمين الفلسطينيين في قطاع غزة بشكل كبير، سواء قبل الحراك أو خلاله، ولعل مردَّ ذلك إلى حالة الانقسام السياسي القائم، وتحوله إلى انقسام اجتماعي بين الأفراد والمجموعات، حيث وجد له مجالًا إضافيًّا على الفضاء الافتراضي، ممثلًا بشبكة فيسبوك. وتتسق النتيجة مع تقرير وسائل التواصل الاجتماعي والرقمي في فلسطين لعام 2017 من ناحية لجوء (52%) من المستخدمين الفلسطينيين إلى إلغاء صداقة مستخدم آخر(23).
شكل رقم (1) يوضح سلوك إلغاء الصداقة بين المبحوثين خلال وقبل الحراك
ولأن الدراسة تهتم بتحديد سمات المستخدمين الذين لجؤوا لخيار “إلغاء الصداقة” خلال حراك “بدنا نعيش”، إلى جانب الكشف عن نوعية الصلات التي يفضلون التخلص منها، والأسباب التي تقف خلف ذلك، تستعرض في هذا السياق ما سبق على الشكل الآتي:
2.1. سمات المستخدمين الذين لجؤوا لخيار إلغاء الصداقة
تكشف نتائج الدراسة حول سمات المبحوثين الذين لجؤوا لخيار “إلغاء الصداقة” خلال الحراك عن انتشاره بين “الذكور” (%84.6)، و”العاطلين عن العمل” (%39.9)، والفئة العمرية “18-30 عامًا” (67.1%)، والحاصلين على درجة “البكالوريوس” (%54.4)، وسكان “محافظة خان يونس” (25.4%)، و”المنتمين سياسيًّا” (%71.5). واللافت في هذه النتائج انسجام بعضها مع تقرير المركز الفلسطيني للإحصاء حول الواقع العمالي في فلسطين بشأن تصدر محافظة “خان يونس” والفئة العمرية من “19-29 عامًا” لنسب البطالة في قطاع غزة(24). وهو مؤشر على وجود علاقة بين المعاناة من البطالة من ناحية، والمشاركة في الحراك، وسلوك إلغاء الصداقة على شبكة فيسبوك من ناحية أخرى، لاسيما أن العوامل الاقتصادية والإنسانية المتردية للمواطن الفلسطيني في قطاع غزة شكَّلت الدافع وراء السرديات التي طغت على خطاب الحراك خلال انطلاقته.
وفيما يتعلق بتأثير معدل النشاط الزمني للمستخدمين على فيسبوك في تحفيز سلوك “إلغاء الصداقة”، أظهرت نتائج اختبار العلاقة بين متغير “النشاط على فيسبوك” ومتغير “إلغاء الصداقة”، وجود علاقة ذات دلالة إحصائية، بدرجة (6.578) لصالح النشاط الزمني “أكثر من الطبيعي”، بقيمة احتمالية (Sig.) تساوي (0.037)، ما يؤكد صحة الفرضية الأولى. وتتوافق هذه النتيجة مع دراسة نيكولاس جون وشيرا جفرسمان حول سيادة إلغاء الصداقة بين المستخدمين أصحاب النشاط الكثيف(25). وبرغم ذلك، فإن معطيات الجدول رقم (4) تؤكد ضعف العلاقة القائمة؛ إذ إن المبحوثين من أصحاب معدلات النشاط الزمني “الطبيعي” يميلون أيضًا إلى “إلغاء الصداقة” بفارق ضئيل عن الأول. وفي كل الأحوال، يُعَدُّ معدل النشاط الزمني فوق المعتاد على فيسبوك عاملًا محفزًا لسلوك “إلغاء الصداقة” بين المستخدمين، لاسيما خلال الأزمات السياسية والاجتماعية التي يطغى فيها مبدأ التماثل على التنوع.
جدول رقم (4) يبرز اختبار العلاقة بين النشاط وإلغاء الصداقة
م | معدل النشاط الزمني | إلغاء الصداقة | المجموع | قيمة الاختبار | القيمة الاحتمالية (Sig.) | ||||||||||
نعم | لا | ||||||||||||||
1 | أكثر من الطبيعي | ن | 64 | 36 | 100 | *6.578 | 0.037 الارتباط دال إحصائيًّا عند مستوى دلالة 0.05 ≥ α.
| ||||||||
% | 22.8 | 12.8 | 35.6 | ||||||||||||
2 | طبيعي | ن | 63 | 68 | 131 | ||||||||||
% | 22.4 | 24.2 | 46.6 | ||||||||||||
3 | أقل من الطبيعي | ن | 24 | 26 | 50 | ||||||||||
% | 8.5 | 9.3 | 17.8 | ||||||||||||
المجموع | ن | 151 | 130 | 281 | |||||||||||
% | 53.7 | 46.3 | 100 | ||||||||||||
من ناحية أخرى، وفيما يتعلق بتأثير الانتماء السياسي (الحزبي) في تحفيز سلوك “إلغاء الصداقة” تشير نتائج الجدول رقم (5) إلى شيوع “إلغاء الصداقة” بين المستخدمين المنتمين لأحزاب وحركات سياسية (%71.5) مقابل تدنيها عند غير المنتمين “المستقلين” (%28.5)، ما يثبت صحة الفرضية الثانية حول وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين متغير “الانتماء السياسي” ومتغير “إلغاء الصداقة”، حيث بلغت درجة الاختبار (11.930) لصالح المنتمين سياسيًّا بقيمة احتمالية تساوي (0.001)، وهي أقل من مستوى الدلالة (0.05).
جدول رقم (5) يبين اختبار العلاقة بين الانتماء السياسي وإلغاء الصداقة
م | مؤشر الانتماء | إلغاء الصداقة | المجموع | قيمة الاختبار | القيمة الاحتمالية (Sig.) | ||
نعم | لا | ||||||
1 | منتمٍ | ن | 163 | 118 | 281 | *11.930 | 0.001 الارتباط دال إحصائيًّا عند مستوى دلالة 0.05 ≥ α.
|
% | 71.5 | 55.7 | 63.9 | ||||
2 | غير منتمٍ (مستقل) | ن | 65 | 94 | 159 | ||
% | 28.5 | 44.3 | 36.1 | ||||
المجموع | ن | 228 | 212 | 440 | |||
% | 100 | 100 | 100 |
ولمعرفة تأثير درجة التطرف الحزبي (التطرف الأيديولوجي) على سلوك المستخدمين المنتمين سياسيًّا نحو “إلغاء الصداقة”، جرى اختبار العلاقة بين متغير “التطرف الحزبي” ومتغير “إلغاء الصداقة” ليتبيَّن وجود علاقة ذات دلالة إحصائية لصالح التطرف العالي بلغت درجته (11.144) بقيمة احتمالية تساوي (0.004)، وهي أقل من مستوى الدلالة (0.05) وهذا يعني، بحسب الجدول رقم (6)، ميل المنتمين سياسيًّا من أصحاب درجة التطرف العالي إلى سلوك “إلغاء الصداقة” بشكل أكبر من أصحاب درجات التطرف الأقل؛ ومن ثم صحة الفرضية الثالثة. وبرغم نتيجة الاختبار، فإن العلاقة بين المتغيرين بالكاد قوية؛ إذ إن المنتمين من أصحاب درجة التطرف المتوسط يميلون أيضًا إلى “إلغاء الصداقة”، ولكن بدرجة أقل من أصحاب التطرف العالي. وفي كل الأحوال، تتوافق جميع النتائج أعلاه مع استطلاع لمركز بيو للأبحاث بشأن لجوء المستخدمين من أصحاب الهوية الحزبية القوية إلى “إلغاء صداقة”(26)، أو بمعنى آخر، رغبة المستخدمين في تحقيق مماثلة قائمة على الأيديولوجيا.
جدول رقم (6) يوضح اختبار العلاقة بين التطرف الحزبي وإلغاء الصداقة
م | التطرف الحزبي | إلغاء الصداقة | المجموع | قيمة الاختبار | القيمة الاحتمالية (Sig.) | ||||||||||
نعم | لا | ||||||||||||||
1 | تطرف عالٍ | ن | 83 | 37 | 120 | *11.144 | 0.004 الارتباط دال إحصائيًّا عند مستوى دلالة 0.05 ≥ α.
| ||||||||
% | 29.5 | 13.2 | 42.7 | ||||||||||||
2 | تطرف متوسط | ن | 64 | 68 | 132 | ||||||||||
% | 22.8 | 24.2 | 47 | ||||||||||||
3 | تطرف منخفض | ن | 16 | 13 | 29 | ||||||||||
% | 5.7 | 4.6 | 10.3 | ||||||||||||
المجموع | ن | 163 | 118 | 281 | |||||||||||
% | 100 | 100 | 100 | ||||||||||||
فيما يتعلق بالتماثل القائم على الموضوع، تشير معطيات الجدول رقم (7) إلى أن المستخدمين الذين يتعرضون لمنشورات مختلطة (مؤيدة ورافضة للحراك) يلجؤون إلى “إلغاء الصداقة” بمعدلات أكبر من الذين يتعرضون لمنشورات مؤيدة فقط، أو معارضة فقط. وتثبت النتيجة صحة الفرضية الرابعة حول وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين متغير “نوعية التعرض” ومتغير “إلغاء الصداقة”، حيث بلغت درجة الاختبار (12.428) لصالح التعرض المختلط بقيمة احتمالية تساوي (0.002)، وهي أقل من مستوى الدلالة (0.05). وتؤكد النتيجة وجود رغبة لدى غالبية المبحوثين في تحقيق تماثل قائم على الموضوع عبر التخلص من المضامين التي لا تتفق وتوجهاتهم من الحراك.
جدول رقم (7) يوضح اختبار العلاقة بين نوعية التعرض وإلغاء الصداقة
نوعية التعرض | إلغاء الصداقة | المجموع | قيمة الاختبار | القيمة الاحتمالية (Sig.) | ||
نعم | لا | |||||
تعرضت فقط لمنشورات مؤيدة | ن | 35 | 14 | 49 | *12.428 | 0.002 الارتباط دال إحصائيًّا عند مستوى دلالة 0.05 ≥ α.
|
% | 8.0 | 3.2 | 11.1 | |||
تعرضت لمنشورات مختلطة | ن | 169 | 185 | 354 | ||
% | 38.4 | 42.0 | 80.5 | |||
تعرضت فقط لمنشورات رافضة | ن | 24 | 13 | 37 | ||
% | 5.5 | 3.0 | 8.4 | |||
المجموع | ن | 228 | 212 | 440 | ||
% | 51.8 | 48.2 | 100 |
من زاوية أخرى، وللتعرف على درجة تأثير الغلو من الحراك في تحفيز سلوك “إلغاء الصداقة”، جرى اختبار علاقة متغير “درجة الغلو” ومتغير “إلغاء الصداقة”، ليتبين، بحسب الجدول رقم (8)، وجود علاقة ذات دلالة إحصائية لصالح الغلو المرتفع بلغت درجته (18.971) بقيمة احتمالية تساوي (0.000)، وهي أقل من مستوى الدلالة (0.05)، ما يشير إلى صحة الفرضية الخامسة. وتؤكد النتيجة على أن امتلاك المستخدمين لغلو مرتفع تجاه موضوع ما (تأييد أو رفض كلي وشديد)، سيؤدي إلى تحفيز “إلغاء الصداقة” بشكل يفوق أصحاب الغلو المنخفض (تأييد ورفض معتدل، أو محايد). وتصب هذه النتيجة أيضًا في تأكيد ميل المستخدمين نحو تحقيق تماثل قائم على الموضوع.
جدول رقم (8) يظهر اختبار العلاقة بين الغلو من الحراك وإلغاء الصداقة
م | الغلو من الحراك | إلغاء الصداقة | المجموع | قيمة الاختبار | القيمة الاحتمالية (Sig.) | ||
نعم | لا | ||||||
1 | غلو مرتفع | ن | 129 | 76 | 205 | *18.971 | 0.000 الارتباط دال إحصائيًّا عند مستوى دلالة 0.05 ≥ α.
|
% | 29.3 | 17.3 | 46.6 | ||||
2 | غلو منخفض | ن | 99 | 136 | 235 | ||
% | 22.5 | 30.9 | 53.4 | ||||
المجموع | ن | 228 | 212 | 440 | |||
% | 51.8 | 48.2 | 100 |
بالإضافة لما سبق، ولكشف مدى تأثير القيم الديمقراطية التي يتمتع بها المبحوثون في تحفيز “إلغاء الصداقة”، جرى اختبار للعلاقة بين متغيري “مؤشر القيم الديمقراطية” وسلوك “إلغاء الصداقة”، ليتبين وجود علاقة ذات دلالة إحصائية، بلغت درجته (13.150) لصالح المؤشرات المتوسطة والمرتفعة، بقيمة احتمالية تساوي (0.001)، وهي أقل من مستوى الدلالة (0.05)، وبالتالي خطأ الفرضية السادسة. وهذا يعني، أن المستخدمين الذين يفترض بهم قبول الآراء المخالفة يميلون إلى سلوك إلغاء الصداقة بشكل أكبر من أصحاب المؤشرات المنخفضة. وتختلف النتيجة مع دراسة جون وجفرسمان، التي أثبتت قيام أصحاب معدلات حرية الرأي المنخفضة بإلغاء صداقة الآخرين(27).
جدول رقم (9) يوضح اختبار العلاقة بين القيم الديمقراطية وإلغاء الصداقة
م | مؤشر القيم الديمقراطية | إلغاء الصداقة | المجموع | قيمة الاختبار | القيمة الاحتمالية (Sig.) | |||||||||
نعم | لا | |||||||||||||
1 | قيم منخفضة | ن | 47 | 28 | 49 | *13.150 | 0.001 الارتباط دال إحصائيًّا عند مستوى دلالة 0.05 ≥ α.
| |||||||
% | 10.7 | 6.4 | 11.1 | |||||||||||
2 | قيم متوسطة | ن | 100 | 73 | 354 | |||||||||
% | 22.7 | 16.6 | 80.5 | |||||||||||
3 | قيم مرتفعة | ن | 81 | 111 | 37 | |||||||||
% | 18.4 | 25.2 | 8.4 | |||||||||||
المجموع | ن | 228 | 212 | 440 | ||||||||||
% | 51.8 | 48.2 | 100 | |||||||||||
وتظهر نتائج الجدول رقم (10) وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين متغيري “عدد الأصدقاء” و”إلغاء الصداقة” لصالح عدد الأصدقاء الكبير بلغت درجته (6.305) بقيمة احتمالية تساوي (0.012)، وهي أقل من مستوى الدلالة (0.05)، ما يثبت صحة الفرضية السابعة. وهذا يعني أن المستخدمين الذين يمتلكون عدد صداقات كبير على فيسبوك يميلون إلى إلغاء الصداقة بشكل يفوق المستخدمين الذين يمتلكون عدد صداقات أقل. ويعود سبب ذلك إلى أنه كلما ارتفع عدد الأصدقاء اتسع على التوازي حجم الصلات الضعيفة التي يمتلكها المستخدم، وبالتالي إمكانية قيامه بإلغاء صداقتهم.
جدول رقم (10) يبرز اختبار العلاقة بين عدد الأصدقاء وإلغاء الصداقة
م | عدد الأصدقاء | إلغاء الصداقة | المجموع | قيمة الاختبار | القيمة الاحتمالية (Sig.) | ||
نعم | لا | ||||||
1 | 400 صديق فأقل | ن | 49 | 68 | 117 | *6.305 | 0.012 الارتباط دال إحصائيًّا عند مستوى دلالة 0.05 ≥ α.
|
% | 11.1 | 15.5 | 26.6 | ||||
2 | 400 صديق فأكثر | ن | 179 | 144 | 323 | ||
% | 40.7 | 32.7 | 73.4 | ||||
المجموع | ن | 228 | 212 | 440 | |||
% | 51.8 | 48.2 | 100 |
2.2. نوعية الصلات المقطوعة خلال الحراك
تكشف بيانات الشكل رقم (2) عن ميل غالبية المبحوثين إلى قطع الصلات مع الروابط الضعيفة، كالذين لم يتم الالتقاء بهم خارج فيسبوك (%57.5)، والمعارف غير المقربين (%38.6)، والمنتمين لتنظيم سياسي آخر (%35.5)، أو الذين بالكاد يتم التواصل معهم (%29.8). وتؤكد هذه النتيجة ما ذهبت إليه نظرية الصلات الضعيفة بشأن ميل مستخدمي مواقع الشبكات الاجتماعية إلى قطع الصلات مع الأفراد الذين لا تجمعهم بهم علاقات اجتماعية حقيقية ومتينة على أرض الواقع، أو الذين لا يحتوي قطع صلاتهم على أثمان اجتماعية كبيرة. وتظهر المعطيات رغبة المبحوثين المنتمين سياسيًّا في الإبقاء على الصلات الحزبية، حيث انخفضت نسبة سلوك إلغاء الصداقة تجاه الأفراد الذين ينتمون لنفس الحزب (%8.8)، مقابل ارتفاعها تجاه الذين ينتمون لحزب آخر (%35.5)، وهو الأمر الذي يثبت الميل نحو تحقيق تماثل قائم على الأيديولوجيا.
شكل رقم (2) يُظهر نوعية الصلات المقطوعة خلال الحراك
2.3. أسباب إلغاء الصداقة خلال الحراك
تكشف معطيات الشكل رقم (3) عن الأسباب التي تقف خلف إلغاء الصداقة لدى المبحوثين خلال حراك “بدنا نعيش”، حيث جاءت “المنشورات والتعليقات ذات المحتوى المسيء والألفاظ النابية” أولًا بنسبة (38.2%)، ثم “المنشورات التي تعبِّر عن رأي لا أتفق معه حول الحراك” ثانيًا بنسبة بلغت (%22.9)، و”الشعور بالانزعاج تجاه النشر الكثير والمتكرر لمنشورات تتعلق بالحراك” ثالثًا بنسبة (%22.1)، و”المنشورات والتعليقات التي تسيء إلى أصدقاء آخرين” رابعًا بنسبة (%9.5)، وأخيرًا “الدخول في جدل حول أحداث الحراك” بنسبة بلغت (%7.3). وتتوافق النتيجة مع دراسة جون وجفرسمان، التي تصدرت فيها المنشورات المسيئة (%52)، إلى جانب الاختلاف في الآراء (%60)، كأسباب لسلوك “إلغاء الصداقة”(28). كما تنسجم مع نتائج دراسة فيراه أونات وآخرين (Ferah Onat et.al) حول أسباب إلغاء الصداقة عند المستخدمين الأتراك، التي تصدَّر فيها المحتوى المسيء بنسبة (%86.6)(29).
شكل رقم (3) يبرز أسباب إلغاء الصداقة خلال الحراك
جدول رقم (11) يظهر علاقة متغيرات الدراسة بإلغاء الصداقة
المتغيرات | سبب إلغاء الصداقة | ||||||
الانزعاج | المحتوى المسيء | الرأي المخالف | الجدل | الإساءة للأصدقاء | |||
الانتماء السياسي | منتمٍ | ن | 39 | 62 | 40 | 13 | 9 |
% | 11.5% | 11.5% | 11.4% | 12.1% | 7.6% | ||
غير منتمٍ | ن | 15 | 23 | 14 | 3 | 10 | |
% | 4.4% | 4.3% | 4% | 2.8% | 8.4% | ||
النشاط على فيسبوك | أكثر من الطبيعي | ن | 8 | 19 | 22 | 7 | 8 |
% | 2.4% | 3.5% | 6.3% | 6.6% | 6.7% | ||
طبيعي | ن | 18 | 24 | 14 | 4 | 3 | |
% | 5.3% | 4.5% | 4% | 3.7% | 2.5% | ||
أقل من الطبيعي | ن | 5 | 7 | 5 | 3 | 4 | |
% | 1.5% | 1.3% | 1.4% | 2.8% | 3.4% | ||
التطرف الحزبي | تطرف عالٍ | ن | 25 | 27 | 22 | 4 | 5 |
% | 7.3% | 5% | 6.3% | 3.7% | 4.2% | ||
تطرف متوسط | ن | 11 | 30 | 14 | 6 | 3 | |
% | 3.2% | 5.6% | 4% | 5.6% | 2.5% | ||
تطرف منخفض | ن | 3 | 5 | 4 | 3 | 1 | |
% | 0.9% | 0.9% | 1.1% | 2.8% | 0.8% | ||
عدد الأصدقاء | أقل من 400 صديق | ن | 16 | 17 | 11 | 0 | 5 |
% | 4.7% | 3.2% | 3.1% | 0 | 4.2% | ||
أكثر من 400 صديق | ن | 38 | 68 | 43 | 16 | 14 | |
% | 11.2% | 12.7% | 12.2% | 15% | 11.8% | ||
الغلو من الحراك | غلو مرتفع | ن | 27 | 43 | 35 | 12 | 12 |
% | 7.9% | 8.1% | 10% | 11.3% | 10.2% | ||
غلو منخفض | ن | 27 | 42 | 19 | 4 | 7 | |
% | 7.9% | 7.8% | 5.4% | 3.7% | 5.9% | ||
القيم الديمقراطية | منخفضة | ن | 14 | 12 | 11 | 5 | 5 |
% | 4.1% | 2.2% | 3.1% | 4.7% | 4.2% | ||
متوسطة | ن | 20 | 43 | 27 | 4 | 6 | |
% | 5.9% | 8% | 7.7% | 3.7% | 5% | ||
مرتفعة | ن | 20 | 30 | 16 | 7 | 8 | |
% | 5.9% | 5.6% | 4.5% | 6.6% | 6.7% | ||
نوعية التعرض | منشورات مؤيدة | ن | 6 | 12 | 9 | 3 | 5 |
% | 1.8% | 2.2% | 2.6% | 2.8% | 4.2% | ||
منشورات مختلطة | ن | 42 | 65 | 37 | 12 | 13 | |
% | 12.3% | 12.1% | 10.5% | 11.2% | 10.9% | ||
منشورات رافضة | ن | 6 | 8 | 8 | 1 | 1 | |
% | 1.8% | 1.5% | 2.3% | 0.9% | 0.8% |
وبالنظر إلى الجدول رقم (11)، يتضح أن غالبية المستخدمين الذين لجؤوا إلى “إلغاء الصداقة” بسبب “منشورات ذات محتوى مسيء تحتوي ألفاظًا نابية” هم من المنتمين سياسيًّا (%11.5)، وأصحاب معدلات نشاط طبيعي (%4.5)، ودرجات تطرف حزبي ما بين متوسطة (%5.6) وعالية (%5)، وشدة غلو مرتفعة (%8.1)، وعدد أصدقاء أكبر (%12.7)، ومؤشرات حرية رأي متوسطة (%8)، كما يتعرضون لمنشورات مختلطة (%12.1). ونلاحظ تقلص النسب بين المتغيرات، ما يدلِّل على دور اللغة الحادة المحمَّلة بمعاني التخوين والاستقطاب (خطاب الكراهية) في تحفيز قطع الصلات بين المستخدمين الفلسطينيين في قطاع غزة.
بالإضافة إلى ما سبق، تظهر المعطيات أن المستخدمين الذين لجؤوا إلى “إلغاء الصداقة” بسبب “اختلاف الرأي من الحراك”، هم من المنتمين سياسيًّا (%11.4)، وأصحاب معدلات نشاط أكثر من الطبيعي (6.3%)، ويتصفون بدرجة تطرف حزبي عالٍ (%6.3)، وشدة غلو مرتفعة (%10)، وعدد أصدقاء أكبر (%12.2)، ومؤشرات حرية رأي متوسطة (%7.7)، ويتعرضون لمنشورات مختلطة (%10.5). وجميع ما سبق، يصب في تأكيد مبدأَيْ التماثل القائم على الموضوع والأيديولوجيا بشأن عدم رغبة المستخدمين، من أصحاب الهوية الحزبية القوية والنشاط العالي، في التعرض لآراء تخالف توجهاتهم من الحراك، فيلجؤون إلى التخلص منها، لاسيما الأصوات المصنفة ضمن الروابط الضعيفة.
وترتفع نسبة “إلغاء الصداقة”، بسبب “الانزعاج تجاه النشر الكثيف لمنشورات حول الحراك”، بين المنتمين سياسيًّا (%11.5)، وأصحاب معدلات النشاط الطبيعي (%5.3)، ودرجة التطرف الحزبي العالي (7.3%)، وشدة الغلو المرتفع (%7.9)، ومؤشرات حرية الرأي المتوسطة والمرتفعة (%5.9)، وقوائم أصدقاء كبيرة (%11.2) ويتعرضون لمنشورات مختلطة (%12.3). وتدلِّل النتيجة على طبيعة الحالة التي تنتاب المستخدمين -خاصة “المُؤَدْلَجِين”- عند التعرض لرأي مخالف لتوجهاتهم وأفكارهم، حيث تؤدي الضغوط النفسية، الناجمة عن تعرض دائم غير انتقائي، دورًا في تحفيز سلوك “إلغاء الصداقة” باتجاه البحث عن الاستقرار النفسي من خلال التخلص من مسببات هذه الضغوط.
2.4. التأثيرات المحتملة عن سلوك “إلغاء الصداقة”
بالاعتماد على النتائج التي توصلت إليها الدراسة، يمكن تصنيف التأثيرات المحتملة عن سلوك “إلغاء الصداقة” ضمن مستويين: الأول: سيبراني، يهتم برصد التأثيرات في حدود الفضاء الشبكي الفلسطيني، فيما يعالج الثاني تداعياته على الواقع الاجتماعي والسياسي الفعلي داخل قطاع غزة.
أ- التأثيرات على المستوى السيبراني:
بالنظر إلى كثافة سلوك “إلغاء الصداقة” بين مستخدمي فيسبوك في قطاع غزة، يمكن الاستنتاج أن تفشي ظاهرة قطع الصلات تجاه الأصوات المخالفة لآراء وميول المستخدم خلال النزاعات السياسية والاجتماعية المحتدمة، سيؤدي إلى نشوء مجموعات تتصف بالتجانس والتماثل، سواء من ناحية الاهتمامات أو الأفكار أو الأيديولوجيا، وهو الأمر الذي يعزز احتمال نشوء ما اصطُلح على تسميته بتأثير غرف الصدى (Echo-Chambers)، البعيدة عن التنوع الفكري، والرافضة لاحتواء أصوات مخالفة أو مختلفة داخلها(30)؛ ما يعني تدهورًا في الخطاب الجمعي الفلسطيني داخل شبكة فيسبوك، ومزيدًا من التطرف والعنصرية والاستقطاب خلف الآراء السياسية والاجتماعية ذات الصبغة الأُحادية. وبهذا الخصوص، يكشف تأثير غرف الصدى عن ميل الأفراد إلى الراحة المعرفية من خلال فتح نقاشات مع أفراد آخرين مشابهين لطريقة تفكيرهم، وبالتالي تعزيز وتصليب آراء ومواقف الأفراد(31). وفي سياق فيسبوك، يتحقق تأثير غرف الصدى عندما يتقاطع المستخدم مع أصدقاء ينسجمون مع توجهاته بشرط ألا تشكِّل آراؤهم تجاه أي موضوع تحديًا أو تنافرًا مع ما يؤمن به. وتكشف دراسة حول التعرض الأيديولوجي أن التكنولوجيا التي أتاحت فرصة التفاعل الثري مع طيف متنوع من وجهات النظر سمحت أيضًا للأفراد بضبط هذا التعرض لصالح الآراء ومصادر المعلومات المنسجمة مع أفكارهم(32). لهذا، يمكن النظر لشبكة فيسبوك خلال حراك “بدنا نعيش” كفضاء عدواني غير صالح للحفاظ على ديمومة الصلات الافتراضية بين المستخدمين في قطاع غزة، لاسيما أصحاب وجهات النظر المختلفة؛ الأمر الذي حدَّ من فرص التنوع الإيجابي لصالح التماثل السلبي.
ويمكن مقاربة سلوك “إلغاء الصداقة” من ناحية تأثيره في خوارزمية فيسبوك، واحتمال استيعاب وحفظ مرشحات التصفية (Filter Bubbles) لسلوكيات الأفراد تجاه مستخدمين آخرين، وبالنتيجة، طرح خيارات تنسجم مع طبيعة هذه السلوكيات. بمعنى ترشيح قوائم صداقة جديدة لمستخدمين يمتلكون ذات الاهتمامات وتوجهات وميول الفرد. وهو مؤشر على دور مفترض لسلوك “إلغاء الصداقة” باتجاه مساعدة خوارزمية فيسبوك في صناعة حالة فرز بين المستخدمين الفلسطينيين على أساس التماثل، ورعاية غير مباشرة لنشوء عقلية القطيع داخل البيئة الشبكية في قطاع غزة. ويمكن لسهولة قبول الصداقات الافتراضية أن تؤدي إلى تفعيل سلوك إلغاء الصداقة، لاسيما مع قيام شبكة فيسبوك باقتراح مزيد من الأصدقاء كلما تم قبول صداقات جديدة. وهنا يكتشف المستخدم أن كثيرًا من الصداقات تقع خارج دائرة اهتمامه، ليقوم لاحقًا بإلغاء عدد منها. ويدعم هذا التفسير أن العديد من حالات إلغاء الصداقة التي جرت خلال حراك “بدنا نعيش” كانت لأفراد لم يتم الالتقاء بهم خارج فيسبوك، أو لأشخاص غير مقربين، أو بالكاد يتم التواصل معهم.
وأخيرًا، لا تسمح الشبكات الافتراضية المتجانسة بتنوع الأصوات داخلها، لاسيما المتناقضة مع أفكار ومواقف سائدة. ويتضح ذلك من خلال انخفاض نسبة التفاعل المباشر للمبحوثين خلال الحراك. فالغالبية فضلت عدم نشر موضوعات، واكتفت بالتفاعل غير المباشر (المشاركة، والتعليق، والإعجاب) في مؤشر على وجود رقابة ذاتية لدى المبحوثين. وبهذا الخصوص، تؤكد إحدى الدراسات الأميركية على ممارسة المستخدمين لرقابة ذاتية عالية في حال الخوف من الاختلاف، أو مواجهة نقد من قبل مستخدمين آخرين(33). وهذا يدلِّل على حدة الاستقطاب الحاصل، ودوره في تكميم أصحاب الفكر والمقاربات المختلفة داخل الجماعات الشبكية المتجانسة؛ كما يؤكد على وجود دوامة صمت؛ حيث يفضِّل المستخدمون طرح وجهات نظرهم في حال تأكدهم من موافقتها وانسجامها مع أفكار الآخرين(34). وقد أثبت سلوك “إلغاء الصداقة” خلال حراك “بدنا نعيش” أنه مظهر من مظاهر التفسخ والانعزال السياسي والاجتماعي السائد حاليًّا في قطاع غزة.
ب- التأثيرات على الواقع السياسي والاجتماعي الفعلي:
لعل أهم تأثير لسلوك “إلغاء الصداقة” على الواقع في قطاع غزة هو تعزيز وترسيخ الانقسام السياسي. ولو افترضنا أن “إلغاء الصداقة” فعل مقصود باتجاه تجنب التعرض لخطاب الآخر المختلف، فهو بهذا المعنى، انعكاس لحالة الرفض المتبادل بين مكونات المشهد السياسي الفلسطيني الرئيس مُمَثَّلًا بحركتي فتح وحماس؛ ما يعني مزيدًا من الانغلاق السياسي الداخلي، وتعاظمًا لحالة الفرز بناء على الأفكار والتوجهات المعتنقة. ويؤكد هذا التفسير جنوح المبحوثين نحو “إلغاء الصداقة” قبل الحراك بنسبة (%44.3)، مقابل (%51.8) خلاله، وهي نسب مرتفعة تعكس مقدار إسهام الحراك في تعزيز منهج إلغاء ورفض الآخر لدى الفرد الفلسطيني في قطاع غزة. كما تؤكده تحقيق المنتمين سياسيًّا لنسب إلغاء صداقة مرتفعة (%71.5)، بالمقارنة مع حجم العينة الكلي.
إلى جانب تعزيز الانقسام السياسي، يمكن لسلوك “إلغاء الصداقة” زعزعة التماسك الاجتماعي داخل قطاع غزة لصالح الانكفاء على الذات، أو الرضا بالتعايش مع المجموعات المتماثلة فقط. ولو دققنا في النتائج، خاصة ما يتعلق بالروابط القوية الملغاة، يتضح تسجيلها نسبة مهمة لا يمكن تجاهلها؛ حيث ألغى (%14) من المبحوثين صداقة زميل دراسة، أو صداقة فرد من العائلة (%11.4)، أو صديق مقرب جدًا (%11). وهذا يعني أننا أمام تأثير عكسي الاتجاه، فبدل أن تجد السلوكات الاجتماعية طريقها إلى فيسبوك، صار البعض منها ينشأ في الفضاء الافتراضي، ثم يتعزز لاحقًا في الواقع الفعلي على شكل ممارسات اجتماعية جديدة. وهذه الملاحظة بحد ذاتها تحتاج إلى رصد معمق، لاسيما مع تسجيل المبحوثين لمعدلات نشاط مرتفع (%52.5) خلال الحراك.
استنتاجات
توصل الباحث من خلال دراسته لسلوك إلغاء الصداقة بين مستخدمي شبكة فيسبوك في قطاع غزة، ضمن سياق حراك “بدنا نعيش”، إلى جملة من الاستنتاجات، يمكن إجمالها كالآتي:
- لجوء أكثر من نصف المبحوثين إلى خيار إلغاء الصداقة (%51.8) خلال حراك “بدنا نعيش” مقارنة بالفترة التي سبقته (%44.3)، وهذا مؤشر على تفشيه كسلوك سيبراني بين مستخدمي فيسبوك في قطاع غزة.
- ارتباط النشاط المرتفع بسلوك إلغاء الصداقة؛ إذ كلما ارتفع نشاط المستخدم على شبكة فيسبوك ليتعدى المعدلات اليومية الطبيعية، زاد احتمال تفعيله لخيار إلغاء الصداقة، لاسيما خلال فترات التوتر والخلاف السياسي أو الاجتماعي.
- يؤدي الانتماء السياسي إلى جانب التطرف الحزبي دورًا في تفعيل سلوك إلغاء الصداقة من حيث ميل المبحوثين إلى تحقيق مماثلة قائمة على الأيديولوجيا. ويرفع هذا الأمر من احتمال نشوء غرف صدى على العالم الافتراضي تجمع بين طياتها مستخدمين ذوي لون سياسي واحد، ومنعزلين عن باقي الأطياف السياسية الأخرى.
- يشكِّل التعرض إلى منشورات مختلطة (رافضة ومؤيدة للحراك) حافزًا باتجاه إلغاء الصداقة من حيث ميل المبحوثين نحو تحقيق مماثلة قائمة على الموضوع. بمعنى رفض الآراء والمحتويات التي تحمل وجهة نظر مخالفة.
- يؤدي الرفض أو التأييد الشديد (الغلو) للحراك دورًا في تحفيز قطع الصلات الافتراضية.
- يميل المبحوثون، أصحاب عدد الأصدقاء الكبير (أكثر من 400)، إلى إلغاء الصداقة عبر التخلص من الصلات الضعيفة (الأفراد من خارج الدوائر الاجتماعية المقربة).
- يميل المبحوثون إلى إلغاء صداقة الأفراد الذين “لم يتم الالتقاء بهم خارج فيسبوك” بالدرجة الأولى (57.5%)، ثم “المعارف غير المقربين” بالدرجة الثانية (%38.6).
- تقف “المنشورات والتعليقات المسيئة ذات الألفاظ النابية” على رأس الأسباب التي تدفع المبحوثين إلى إلغاء الصداقة (%38.2)، ثم “المنشورات التي تعبِّر عن مواقف لا أتفق معها” (%22.9).
المراجع
(1) Ferah Onat, Melike Uluçay, Goker Gülay, “An Analysis on Unfriending Decision of Facebook Users,” Galatasaray University Journal of Communication 26, (2017): 115-116.
(2) Christopher Sibona, Steven Walczak, “Unfriending on Facebook: Friend request and online/offline behavior analysis” (Paper presented at the 44th Hawaii International Conference on System Sciences, Kauai, January 4-7, 2011), “accessed May 2, 2019”. https://bit.ly/2RzKPOt.
(3) Onat, Uluçay, Gülay, “An Analysis on Unfriending Decision of Facebook Users,” 115.
(4) سمير حسين، بحوث الإعلام، ط 2 (القاهرة، عالم الكتب)، ص 131.
(5) عاطف العبد، المنهج العلمي في البحوث الإعلامية، (القاهرة، دار الهاني للطباعة، 1999)، ص 167.
(6) حسين، بحوث الإعلام، ص 206.
* أسماء المحكَّمين:
– سليم الحبش، أستاذ العلاقات العامة والإعلام الاجتماعي المشارك في قسم الإعلان والعلاقات العامة بجامعة متشيغان، الولايات المتحدة الأميركية.
– بهجت أبو زعنونة، أستاذ الإعلام المساعد في كلية الإعلام بجامعة الأقصى، غزة.
– وسام عامر، محاضر وباحث في قسم الإعلام بجامعة نيوكاسل، بريطانيا.
– محمد بربخ، أستاذ الإحصاء التطبيقي في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالجامعة الإسلامية، غزة.
(7) شيماء زغيب، منهج البحث والاستخدامات الإحصائية في الدراسات الإعلامية، (القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 2009)، ص 243.
(8) Miller McPherson, Lynn Smith-Lovin, James Cook, “Birds of a feather: Homophily in social networks,” Annual review of sociology 27, (2001): 416.
(9) Mariagiovanna Baccara, Leeat Yariv, “Homophily in Peer Groups,” American Economic Journal: Microeconomics 5, issue. 3, (2013): 71.
(10) Nicholas John, Shira Dvir-Gvirsman, “I don’t like You Any More: Facebook Unfriending by Israelis during the Israel–Gaza Conflict of 2014,” Journal of Communication 65, issue. 6, (2015): 955.
(11) Ibid, 955.
(12) Ibid, 956.
(13) Sibona, Walczak, “Unfriending on Facebook”.
(14) Lee Rainie, Aaron Smith, “Politics on social networking sites,” Pew Research Center, September 4, 2012, “accessed May 2, 2019”. https://pewrsr.ch/2ZW7QhD.
(15) John, Gvirsman, “I don’t Like You Any More,” 963.
(16) Amy Mitchell, Jeffrey Gottfried, Jocelyn Kiley, Katerina Eva Matsa, “Political polarization & media habits: From Fox News to Facebook, How Liberals and Conservatives Keep up with Politics,” Pew Research Center, October 21, 2014, “accessed May 2, 2019”. https://pewrsr.ch/2X3EJab.
(17) John, Gvirsman, “I don’t Like You Any More,” 963.
(18) Daniele Quercia, Mansoureh Bodaghi, Jon Crowcroft, “Loosing friends on Facebook”, (Paper presented at the 3rd Annual ACM Web Science Conference, Evanston-Illinois, June 22-24, 2012), “accessed May 2, 2019”. https://bit.ly/2xhOy9X.
(19) Catherine Grevet, Loren Terveen, Eric Gilbert, “Managing political differences in social media”, (Paper presented at the 17th ACM Conference on Computer Supported Cooperative Work & Social Computing, Baltimore-Maryland, February 15-19, 2014), “accessed May 2, 2019”. https://bit.ly/2LnihXp.
(20) Marisela Lopez, saila Ovaska, “A look at unsociability on Facebook” (Paper presented at the 27th International BCS Human Computer Interaction Conference, London, September 9-13, 2013), “accessed May 2, 2019”. https://bit.ly/2Lm8ykb.
(21) John, Gvirsman, I don’t Like You Any More,” 962.
(22) Keith Hampton, Lauren Goulet, Cameron Marlow, Lee Rainie, “Why most Facebook Users get more than they Give,” Pew Research Center, February 3, 2012, “accessed May 7, 2019”. https://pewrsr.ch/2XxmdLz.
(23) حسان جدة، “تقرير وسائل التواصل الاجتماعي والرقمي في فلسطين 2017،” سوشال ستوديو، 26 فبراير/شباط 2018، (تاريخ الدخول: 8 مايو/أيار 2019): https://bit.ly/2XxmvC9.
(24) الجهاز المركزي للإحصاء، “رئيس الإحصاء الفلسطيني، تستعرض الواقع العمالي في فلسطين لعام 2018″، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 1 مايو/أيار 2019، (تاريخ الدخول: 8 مايو، 2019): https://bit.ly/2WdP2Jj.
(25) John, Gvirsman, “I don’t Like You Any More,” 963.
(26) Mitchell, Gottfried, Kiley, Matsa, “Political polarization & media habits”.
(27) John, Gvirsman, I don’t Like You Any More,” 963.
(28) Ibid, 965.
(29) Onat, Uluçay, Gülay, “An Analysis on Unfriending Decision of Facebook Users,” 126.
(30) Kiran Garimella, Gianmarco Morales, Aristides Gionis, Michael Mathioudakis, “Political Discourse on Social Media: Echo Chambers, Gatekeepers, and the Price of Bipartisanship” (Paper presented at the International World Wide Web Conferences, Geneva, April 23-27, 2017), “accessed May 7, 2019”. https://bit.ly/2XBws1E.
(31) Kirill Dyagilev, Elad Yom-Tov, “Echo chamber amplification and disagreement effects in the political activity of Twitter users,” arXiv 1, (2014): arXiv:1403.7102.
(32) Itai Himelboim, Stephen McCreery, Marc Smith, “Birds of a Feather Tweet Together: Integrating Network and Content Analyses to Examine Cross-Ideology Exposure on Twitter,” Journal of Computer-Mediated Communication 18, (2013): 155.
(33) Sauvik Das, Adam Kramer, “Self-censorship on Facebook” (Paper presented at the 7th International AAAI Conference on Weblogs and Social Media (ICWSM), Boston-Massachusetts, July 8-10, 2013), “accessed May 7, 2019”. https://bit.ly/2KGL2i6
(34) Keith Hampton, Lee Rainie, Weixu Lu, Maria Dwyer, Inyoung Shin, Kristen Purcell, “Social Media and the ‘Spiral of Silence,” Pew Research Center, August 26, 2014, “accessed May 5, 2019”. https://pewrsr.ch/2EnfVEK.
ملحق
رابط الاستبيان على الشبكة العنكبوتية:
https://bit.ly/2ZOBu8m