مقدمة
شكَّل تصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط بين الولايات المتحدة وإيران منعطفًا في تحولات المنطقة ومستقبلها وإعادة تشكيل طبيعة القوة من جديد، بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على إيران والانسحاب من الاتفاق النووي وتحشيد قوتها العسكرية في المنطقة بهدف تحقيق هدف تكتيكي من خلال الضغط وصولًا إلى الهدف الاستراتيجي من التفاوض. ويتضح مما سبق حرص الولايات المتحدة على توظيف القوة الصلبة بهدف أساسي هو الردع سواء بالنسبة لإيران أو للفاعلين الجدد في المنطقة، وبالتالي سيعيد ذلك رسم ملامح خريطة التوازن الإقليمي في الصراع على النفوذ بين الدولتين، ويتضح ذلك في ظل المساعي الأميركية بتقويض الدور الإيراني في الشرق الأوسط.
وتزامنت مع التصعيد الأميركي تحركات دبلوماسية أميركية لتدويل التصعيد ضد إيران والتحرك في أكثر من اتجاه ومحاولة خلق مناخ دولي ضاغط على إيران. ومن هنا، كان الخطاب الإيراني ضد المحاولات الأميركية يجمع بين التهدئة والتصعيد باستخدام قوتها العسكرية لمواجهة أي اعتداء عليها من قبل القوات الأميركية في المنطقة وحاولت من خلال إبداء المرونة استمالة الجانب الأوروبي لجانبها مستغلة بذلك الخلافات الأوروبية-الأميركية لإحداث خرق في العلاقات بين الطرفين واستثماره لصالحها.
وبناء على ذلك، تبرز أهمية الدراسة التي تحاول الكشف عن تصاعد القوة الصلبة في طبيعة التفاعلات الأميركية-الإيرانية ومحاولة التأثير المتبادل في ظل تصورات بشأن قدرة كل طرف على ردع الآخر أو إرغامه على الانصياع لرغباته لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي يسعى إليها الطرفان. ولأهمية هذا الموضوع، يمكن صياغة مشكلة الدراسة على النحو الآتي: “تعكس تطورات الأحدث في منطقة الشرق الأوسط بعد تصاعد التوتر في العلاقات الأميركية-الإيرانية وجود خلل في هيكل بنية القوة الضابطة لطبيعة العلاقات بين دول الإقليم وبالتالي مراهنة كل طرف على عامل الوقت للتغيير في مدركات الطرف الآخر لصالحه وبما يحقق أهدافه ومصالحه”.
وتنطلق مقاربة أبعاد هذه المشكلة من خلال فرضية مفادها “يشكِّل التصعيد الأميركي-الإيراني نقطة تحول في رسم مسارات التحولات الإقليمية وفي بنية طبيعة التفاعلات التي ستجري في المنطقة بالتوازي مع إعادة الانتشار للقوات الأميركية لاستعادة التوازن الإقليمي وممارسة قوتها كمتغير رادع من أجل تحقيق أهدافها”.
واتساقًا مع ما تقدم، سيتم توزيع هيكلية الدراسة إِلى ثلاثة محاور، يركز المحور الأول على “بناء ديناميات النهوض لاسترجاع النفوذ في الشرق الأوسط”، ويتناول المحور الثاني “تحشيد القدرات الصلبة كخيار لتعزيز العمق الاستراتيجي في الشرق الأوسط”، أما المحور الثالث فيناقش “اتساع أعباء مسارات الاحتكاك وتمثلاتها في بناء توازن النفوذ الجديد”.
1-بناء ديناميات النهوض لاسترجاع النفوذ في الشرق الأوسط
منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي انفردت الولايات المتحدة الأميركية بالهيمنة كقوة خارجية على منطقة الشرق الأوسط عامة ومنطقة الخليج العربي خاصة؛ وخلال هذه الفترة كانت ديناميكية القوة الإقليمية في المنطقة مستقرة نسبيًّا، إلا أن حركات التغيير واستمرار أزمات المنطقة فضلًا
______________________
*د. فراس عباس هاشم، باحث متخصص في الشؤون الاستراتيجية والإقليمية
عن انتقال الاهتمام الأميركي خلال فترة حكم إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، نحو آسيا، أنتجت متغيرات جيوبوليتيكية أسفرت عن حدوث تغيرات جذرية في طبيعة القوى الإقليمية في الشرق الأوسط تزامنت مع صعود دول الهامش أو الأطراف على الساحة الإقليمية كإيران، والدولية كروسيا والصين، فتركت تأثيراتها على خريطة التحالفات الجديدة فضلًا عن مستقبل الدور الأميركي في المنطقة.
وتسببت هذه المتغيرات في تغيير ملامح العلاقات الإقليمية في “الشرق الأوسط”*؛ (1) إذ فرضت الجهات الفاعلة نفسها على عملية صنع القرار الإقليمي ومع تلاقي هاتين الديناميكيتين يتطور هيكل جيوسياسي جديد في المنطقة له أهداف استراتيجية، فمثلًا تسعى إيران والسعودية إلى تحقيق التوازن بينهما، بينما تسعى إسرائيل إلى مواجهة قدرات إيران النووية ونفوذها الإقليمي وتشارك في إدارة الصراع بدلًا من حل النزاع في التعامل مع الفلسطينيين وتشترك معها السعودية في الهدف الاستراتيجي لاحتواء إيران بالمنطقة(2).
ومما لا شك فيه أن دخول فاعلين عدة يعكس المصالح والاتجاهات المختلفة التي ستؤثر على طبيعة التفاعلات الإقليمية وطبيعة الأحداث في الشرق الأوسط. ومن هنا، كان للإسهامات النظرية إضافة مهمة لمعرفة ما تشهده المنطقة من تطور للأحداث والتنافس بين القوى الفاعلة وما يحمله من سمات يعاد فيها اكتشاف البعد الكامن وراء تشكيل تحركات الدول لتتضح طبيعة أبعادها وملامحها، فكانت الجيوبوليتيك بدورها تشكِّل حافزًا في بحث السياسة الإقليمية والعالمية وهي أداة جيدة؛ تُقَدِّم منهجية أولية لمتابعة المشكلات المحددة المتعلقة بقضايا المكان أو الإقليم أو مجالات النفوذ. وفي مقابل ذلك، من الممكن أن تكون مفيدة بشأن تحليل القضايا الأمنية أو الصراعية خصوصًا في مجال النزاعات المسلحة والتنافس والهيمنة وسباق التسلح والإرهاب(3) ، والتي ترتبط من جهة أخرى بدوافع “التخيل الجيوبوليتيكي” (Geopolitical Imagination)، أي ظاهرة تخيل المكان أو ما يسمى بالجغرافيا الماورائية (Meta-geopolitics) وذلك عندما يُعْتَرَف بإقليم محدد بعينه باعتباره إقليمًا حيويًّا مهمًّا جدًّا بالنسبة للدول.
والمكان التخيلي هو حيز جغرافي تعلن قوة دولية أو إقليمية عزمها الاحتماء به البقاء فيه واعتباره منطقة نفوذ خاصة بها، فعلى سبيل المثال كان التصور الروسي “للخارج القريب” (Near Abroad) مرتبطًا بتفكك (الاتحاد السوفيتي) السابق عام (1991) فتمت تسمية الإقليم الذي يشمل الدول المستقلة عن (الاتحاد السوفيتي) السابق من قبل وزير الخارجية الروسي الأسبق (أندري كازيريو-Andrirj Kozyriew ) في العام (1992) بـ”الخارج القريب” وكانت تعتبر مناطق مجال حيوي للنفوذ الروسي(4) .
وواقع الأمر أن البعض يرى أن الجيوبوليتيك غير التقليدية تحاول فهم العلاقات بين الفاعلين المختلفين، بما فيهم الفاعلون من غير الدول الذين يتنافسون في المجالات الأرضية المحددة، وعليه يعكس حقيقة الاهتمام ببؤرة تركيز الجيوبوليتيك غير التقليدية بالآتي(5) :
أولًا: المكان: والذي يعرَّف بكونه أوسع من الجغرافيا المادية (الفضاء الافتراضي، الفضاء الخارجي).
ثانيًا: لم تعد الجيوبوليتيك منحصرة في الاهتمام بالدولة فحسب بل تأخذ بعين الاعتبار مختلف الفاعلين في العلاقات الدولية (كالأعراق، والمنظمات الدولية، والأفراد، والأقليات الأثنية، والدينية).
ثالثًا: لم تعد الجيوبوليتيك تركز على المستوى العالمي للتفكير والتحليل ولكنها انتقلت أيضًا إلى المستويين الإقليمي والمحلي.
وفي ظل هذا السياق النظري والواقعي، يمكن فهم الارتباط الوثيق لمنطقة الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج العربي بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية(6) ، على أساس مجموعة من الثوابت هي حماية إسرائيل وتأمين تدفق النفط والحرب على الإرهاب، وقد كان هذا دافعًا لرصد تقييم إدارة الرئيس الأميركي السابق (أوباما) بالانسحاب التدريجي من منطقة الشرق الأوسط الذي عزاه إلى الاكتفاء الذاتي من الطاقة بعد الاكتشافات الضخمة من النفط الصخري داخل الولايات المتحدة.
ولقد رأى أنصار هذا الاتجاه فيما حدث من تغيرات على الساحة الدولية ما يستدعي تعديل المسرح الأساسي لإعادة تركيب النظام الدولي وزيادة الاهتمام بالقارة الآسيوية في إطار ما عُرف بالتوجه نحو آسيا (Pivot to Asia)(7) , ومن ثم يمكن القول: إن التوجهات الاستراتيجية للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط تعيش مرحلة انسحاب وتراجع نفوذ في المنطقة، ما يمكن قياسه على ضعف خيارات الرئيس (أوباما).
ويأتي في إطار مغاير للسياق سابق الذكر أن الرئيس الأميركي (دونالد ترامب Donald Trump) يرى أن استحضاره المتكرر لشعارات تمجِّد المصالح العليا لأميركا تجعل من استراتيجيته للسياسة الخارجية للولايات المتحدة مقبلة بشكل عام على إعادة التحالفات الأميركية التقليدية مع دول الشرق الأوسط، بمعنى أن استرجاع الاستثناء الأميركي يستوجب إعادة النظر في التموضع والصدارة في عمق الشرق الأوسط، أي منطقة الخليج العربي(8) ، ويتضح ذلك على مستوى معالجة الرؤية التي حكمت منطقة الشرق الأوسط في ظل غياب القيادة الأميركية؛ إذ تحوَّل “نظام المساعدة الذاتية” في المنطقة إلى “حروب بالوكالة” (proxy war)، هذه المرحلة نفسها التي تجنبت المنطقة خلالها نشوب حروب مباشرة بين القوى الإقليمية(9) , وفي إطار التذكير باستمرارية الاهتمام الأميركي بمنطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، يمكن فهم قيام الرئيس ترامب باختيار السعودية كأول محطة خارجية له بعد توليه السلطة، في مطلع العام 2017، وزيارة الرياض يوم 20 مايو/أيار من ذلك العام، والمشاركة هناك في قمة رتبتها المملكة بين الرئيس الأميركي ونظرائه في الدول العربية والإسلامية. ويُنظر إلى تلك الزيارة على أنها أسست لبداية جديدة وتغيير كبير في النهج الاستراتيجي للسياسة الخارجية الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط(10) ؛ حيث تبدَّى حرص الإدارة الأميركية على إعادة إحياء استراتيجيات التعاون واسترجاع النفوذ دوليًّا.
إن الطبيعة الجيوبوليتيكية لمنطقة الشرق الأوسط، وما تمتلكه من موارد اقتصادية، وإمكانيات سياسية، لا تترك للفاعلين الدوليين فرصة التخلي عنها، وهو كان السبب الأساسي لعودة الولايات المتحدة للمنطقة بعد ما كانت بدأت بتقليص نوعي وجوهري لقواتها العسكرية في المنطقة، وقد قامت العودة الأميركية للمنطقة على مرتكزين أساسيين، هما(11) :
أولًا: أن الولايات المتحدة أرادت القيام بدور مركزي في العالم عبر الوصول لمناطق استراتيجية منه كالشرق الأقصى، لكن ذلك لم يكن يتطلب منها أن تترك الشرق الأوسط.
ثانيًا: التحديات القائمة في الشرق الأوسط ليست محلية، ولا تخص المنطقة وحدها فقط، بل هي تحديات ذات طابع عالمي تخص الفاعلين الدوليين مثلما تُهِمُّ الفاعلين الإقليميين.
وهكذا، استمر مفهوم المصلحة بالنسبة للدول وما يعنيه دومًا كمحرك أساسي في تفاعلاتها الخارجية، ومن هذا المنظور، فإن دراسة السياسة الخارجية الأميركية ترتبط بتطور ما يُعرف بــ”الاستراتيجية الكبرى” ذات المناحي الأمنية والاقتصادية، والحفاظ على المصالح القومية ضمن إطار السياسة الدولية، ويُعرِّفها (دانيال دريزنر- Daniel W. Drezner) على أنها “مخطط يحدد المصالح القومية للولايات المتحدة وطرق العمل على تحقيقها والدفاع عنها، وبيَّن حرص كل رؤساء الولايات المتحدة على تطوير استراتيجياتهم، دون القطع مع التوجهات الرئيسية للدولة”(12) .
بناءً على ذلك، يتضح هنا أن رؤية (ترامب) للاستراتيجية الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط تحكمها أربع ركائز أساسية، أولًا: العودة لخطاب التفوق المطلق للنفوذ الأميركي تجاه المنطقة، واستحضار لسرديات الوصاية وشرعية التدخل المباشر لحماية المصالح الأميركية وليس لتغيير الأنظمة. ثانيًا: ضرورة حماية الأمن القومي الأميركي بكل السبل المتاحة. ثالثًا: تدرك الإدارة أن استرجاع الأمجاد الأميركية يستوجب تقوية الاقتصاد من خلال إحكام السيطرة على نفط الخليج العربي. رابعًا: شرعية التدخل المستمر في شؤون الشرق الأوسط لا يمكن تسويغها إلا من خلال تضخيم خطر التنظيمات المتطرفة(13) . وفي هذا الإطار، يشير العديد من المعطيات إلى أن الاستراتيجية الأميركية التي تعزز آليات مواجهة إيران في المنطقة(14) ، ستكون على ثلاثة اتجاهات كالآتي:
أولًا: توســـيع قوتها العسكرية في الشرق الأوسط لمواجهة إيران وحلفائها.
ثانيًا: توسيع الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية على إيران.
ثالثًا: تكثيـــف تطبيق العقوبـــات الأميركية على إيران. بالإضافة إلى ذلك، محاولة تأخيـــر تطويـــر البرنامج النـــووي الإيراني باســـتخدام “الحرب السيبرانية”(*) (Cyber wars)(15). من جانب آخر، فإن كل ما تقوم به إيران في المنطقة كرد فعل يرتبط بالطريقة التي تحقق بها أمنها، وبناءً عليه فهي تحاول “تجميع أوراق” يمكن اعتمادها كقاعدة للردع أو للتفاوض مع الأطراف التي تشكِّل مصدر تحدٍّ وتهديد لها، فوجود حلفاء لها في العراق بمنزلة “ملء فراغ” حتى لا يتم استهدافها وعنصر مساومة مع الولايات المتحدة خاصة. وفي مقابل ذلك، فإن تقدم علاقتها بحزب الله اللبناني جزء من المواجهة مع إسرائيل(16) . وعليه، تحاول الولايات المتحدة تحديد نطاق الحركة الإيرانية من خلال منع بناء محور إقليمي إيراني والذي ترى فيه تهديدًا لمصالحها الاستراتيجية.
2-تحشيد القدرات الصلبة كخيار لتعزيز العمق الاستراتيجي في الشرق الأوسط
تشير منظورات المدرسة الواقعية إلى أن الدولة تسعى لزيادة قوتها بهدف الحفاظ على أمنها ومصالحها ومواجهه مخاوفها، في ظل غياب قوة عليا ضابطة لسلوك الدول الأخرى في النظام الدولي، إلى النحو الذي يعزز غلبة الفوضى في طبيعة التفاعلات على الواقع الدولي(17) .
وبناءً على ذلك، يتحدد تعريف القوة التي يوجد لها مكان على تلك المتوالية الممتدة ما بين القدرة على التأثير (influence) في سلوك الغير والقدرة على السيطرة (control) والتحكم في سلوكه، فالقوة هي أحيانًا “القدرة على التأثير في اختيارات وممارسات الغير”، وهي أحيانًا القدرة على تحريك أو دفع هذه الاختبارات والممارسات لتتوافق مع نوايا صاحب القوة “، وهي أحيانًا أخرى القدرة على “تخطي أو تجاهل (override) رغبات واختيارات الغير”.
ومن أشهر التعريفات التي تورد لمفهوم القوة، تعريف (روبرت دال-Robert Dahl) الذي عرَّفها بأنها “القدرة على جعل الغير يقومون بأشياء ما كانوا ليقوموا بها تحت ظروف أخرى”(18) .
وفيما يتصل بالحالة الأميركية، فإن سيطرة عسكريين على مفاصل مهمة في السلطة التنفيذية في إدارة الرئيس الأميركي (دونالد ترامب-Donald Trump) أسهمت في إعطاء القوة الصلبة أهمية كبرى على حساب القوة الذكية في تنفيذ أهداف السياسة الخارجية الأميركية، وقد تجلى ذلك على سبيل المثال في زيادة عدد القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان وإنهاء استراتيجية “بناء الأمة” هناك مع تفويض مسؤولي وزارة الدفاع في تحديد مستويات القوات الأميركية في ذلك البلد، وكذلك تهديد كوريا الشمالية بعواقب وخيمة إذا استمرت في جهودها النووية(19) .
وفي إطار هذا السياق، يمكن بلورة أهم الاتجاهات الحاكمة لمبادئ السياسة الخارجية الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط(20) ، وتحديدها في كل من:
- حماية أمن إسرائيل وتحقيق مصالحها.
- مواجهة الإرهاب.
- احتواء الإسلام السياسي.
- تحقيق الاستقرار وفق رؤى وتصورات الولايات المتحدة للمنطقة.
- منع حدوث تغييرات جذرية في هيكلية البنية الإقليمية نظرًا لاختلال ميزان القوى لصالح أطراف مناوئة لسياستها في الشرق الأوسط (21).
وأصبحت هذه القراءة الجديدة في التصورات الاسترجاعية للإدراك الأميركي هي نفسها وفقًا للمقولات الواقعية تخلق طرحًا يرجع في جذوره الفكرية إلى نظرية قديمة تم التخلي عنها في عهد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وهي تلتزم بانتهاج نظرية تعيد الاعتبار للذراع العسكرية كقاعدة أساسية في خيارات الأمن الاستراتيجي الأميركي في السياسة الخارجية تعمد إلى تموضع أميركي جديد في منطقة الشرق الأوسط يتجاوز مسألة الأزمة الحالية مع إيران(22) .
وبالتالي، توجد صلة بين المصلحة الوطنية وتعريفها بما يحققها من سياسات وقرارات من أجل الحفاظ على مصالح الدولة وهذه المسألة تحديدًا هي التي كانت تعنيها الولايات المتحدة عندما أرسلت حاملة الطائرات الأميركية “إبراهام لينكولن” (Abraham Lincoln) وسفينة “يو إس إس أرلينغتون” (USS Arlington)، فضلًا عن قاذفات القنابل الاستراتيجية بعيدة المدى من طراز (B-52 Stratofortress) وصواريخ “إم آي إم باتريوت” ( (MIM-104 Patriotإلى منطقة الشرق الأوسط، وفيما تبدو إيران المستهدف الرئيسي من إظهار قوة الردع العسكرية الأميركية في المنطقة، إلا أنها تحمل رسائل أخرى موجهة للمنافسين من القوى الدولية الصاعدة تحذرهم من المساس بالمصالح الأميركية في المنطقة(23).
من هذا المنطلق، يمكن القول بأن إيران تتعرض لضغوط أميركية غير مسبوقة؛ إذ توازت العقوبات المتتالية التي تفرضها الولايات المتحدة مع قرار التحشيد العسكري ضدها، على النحو نفسه هذا الاستخدام الأميركي للقوة يشير إلى البقاء بالمعنى المعنوي للهيمنة الأميركية في المنطقة، وعلى أساس هذا الاستنتاج يمكن فهم تهديد إيران باستهداف القواعد الأميركية القريبة من حدودها وخصوصًا في منطقة الخليج العربي، ورفض طهران الاستجابة لإشارات الرئيس الأميركي (ترامب) للتفاوض، هذا التصور نفسه يعود إلى اعتبارات عديدة تتصل برؤية إيران للمسارات المحتملة للتصعيد الحالي مع الولايات المتحدة، والخيارات المتاحة أمام الأخيرة (24).
ويبرز في سياق هذه العلاقات المتوترة بين الطرفين، حقيقة اعتمادهما على الضغوط الاقتصادية من خلال غلبة اعتبارات الجيوايكونومك” (Geoconomics)، وهي رؤية جديدة في تفسيرات الواقع الدولي تعطي الأولوية للعوامل الاقتصادية، لا للعوامل الأيديولوجية أو الإثنية أو الدينية وما سواها من العوامل التي تمثل جوهر المنظور الجيوبوليتيكي.
إن الواقع الاقتصادي المحض وعلاقته بالمكان هو المنظور الذي يشكل محور اهتمام هذه الرؤية(25)، وهكذا يعتبر البعض أن هذا الأمر جعل إيران مهيأة للتعامل مع أشكال مختلفة من استخدام القوة العسكرية ضد المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي خاصة والشرق الأوسط عامة متصلة بتطورات الأحداث في أزمتها الحالية؛ إذ هددت مؤخرًا بإغلاق المجرى الملاحي لمضيق هرمز أمام إمدادات النفط وحركة التجارة العالمية(26) ، وكان في ذلك بطبيعة الحال رسائل تهديد مباشرة للولايات المتحدة والقوى الدولية.
تبني إيران أطروحتها الأساسية في أسلوب عدم التماثل الذي شكَّل عصب فكرها خلال احتدام الصراع مع الولايات المتحدة، وربما يأخذ التهديد الإيراني طابعًا أكثر جدية من المرات السابقة، سيما وأن الإدارة الأميركية لا تبدو متساهلة في تطبيق العقوبات بفعالية على خنق الاقتصاد الإيراني، حيث فرضت قيودًا واسعة على كافة الأنشطة الاقتصادية الإيرانية بما فيها قطاع النفط، كما تضغط بقوة على دول العالم للالتزام بهذه العقوبات(27) . وعليه، يمكن القول: إن الولايات الأميركية تستخدم في تطبيق العقوبات الاقتصادية استراتيجية “الأناكوندا” في سبيل إخضاع إيران.
ولكي تكون استراتيجية “الأناكوندا” (Anaconda)(27) ناجحة كان من الضروري إيلاء اهتمام خاص “للقطاعات الشاطئية” أو منظومة “الأحزمة المتقطعة” وهو المفهوم الذي طوره الاستراتيجيون الأميركيون مثل وزير الخارجية الأميركي الأسبق (هنري كيسنجر-Henry Kissinger) الذي رأى أن الاستراتيجية السياسية للولايات المتحدة المتعلقة “بالمناطق الشاطئية” المتقطعة تتمثل في ربط الأجزاء مع بعضها في كيان واحد (كما هي الحال في منطقة الخليج العربي) وتمكين الولايات المتحدة بذلك من فرض هيمنتها المطلقة على منطقة الشرق الأوسط. وقد سُميت، هذه النظرية بالـ(Linkage) من الكلمة الإنكليزية (link) والتي تعني أداة ربط يماثل الحلقة(29).
ولعل هذا المدخل ارتبط بما وصل اليه الفكر الاستراتيجي الأميركي في إعادة صوغه للجغرافيا في منطقة الشرق الأوسط كقاعدة انطلقت من خلفيات فكرية أسهمت في تشكيلها جملة من التوجهات للسياسة الخارجية الأميركية وأبعادها الجيوبوليتيكية التي تُظهر بالتناغم اهتمامًا ملموسًا بمعالجة ما تسميه الأزمة الداخلية في منظومة مجلس التعاون الخليجي عبر الدعوة إلى تفعيل مصالحة بين أطراف الأزمة. تلك أيضًا مقترحات لها علاقة بالاستراتيجية الأميركية الجديدة والمدعومة بقوة من السعودية وإسرائيل تحت عنوان عزل إيران في المنطقة، وفقًا لتعبير استخدمه القائم بالأعمال الأميركي في عمان (باول مالك- Paul Male)(30).
وهكذا، يمكن رؤية أنه بالرغم من وجود العديد من المؤشرات التي تطرح رؤى متباينة في إطار تركيز الاتجاه بصعود مظاهر التوتر الإيراني مع الولايات المتحدة فإن هناك من يرى أن إيران هي المســـتفيد من خلق حالة عالية من التوتر في المنطقة من شأنها إظهار قدرتهـــا علـــى التأثير وإكســـاب خطاب مســـؤوليها مشـــروعية لدى حلفائها في المنطقة فضلًا عن توجيه موجة النقد والاحتجـــاج فـــي الداخل لصالح مواجهة الخطر الخارجي(31).
إن دلالات سياسات الردع بالنسبة للقوة العظمى تقوم على افتراض أنها لن تدخل في صراع أو نزاع إقليمي إلا إذا كانت مستعدة وراغبة وقادرة على أن تدافع، أي على الأقل أن تحرم القوة الإقليمية من تحقيق الانتصار العسكري أو السياسي. وعليه، تعمل السياسة الدفاعية لتكون رادعًا قويًّا. وفي ضوء ذلك، تلجأ القوة الإقليمية إلى إقناع نفسها بأن القوة العظمى إنما تمارس خدعة التهديد دون التنفيذ وأنها ستواجه وضعًا إقليميًّا مكلفًا وأن تغيير ذلك الوضع سيكون مكلفًا على نحو غير عملي(32).
وتعتبر إيران أن الحشد العسكري المتزايد الذي تقوم به الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط يدخل في إطار الحرب النفسية بهدف ممارسة ضغوط أقوى عليها، ووضعها أمام خيارات محدودة تدفعها في النهاية للاستجابة لمطالب واشنطن المتعلقة بإجراء مفاوضات جديدة للوصول إلى اتفاق يستوعب مجمل التحفظات التي تُبديها الولايات المتحدة حول بنود الاتفاق النووي الذي انسحبت منه في مايو/أيار عام (2018)(33) ، فضلًا عن قضيتي إنتاج إيران من الصواريخ الباليستية، واتهامها بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول الإقليم ودعم (الإرهاب).
وستزيد الولايات المتحدة من وجودها العسكري في المنطقة وتحديدًا في منطقة الخليج العربي وإعادة الانتشار كقوة ردع تدعم من فعالية تأثيرها من ناحية ثانية(34). وبعبارة أخرى، تعتمد ايران في رؤيتها لطبيعة الصراع مع الولايات المتحدة على قناعة صانعي القرار الإيراني؛ إذ يرى المرشد الأعلى، السيد (علي خامنئي)، “أن الاستراتيجية الأميركية تجاه بلاده هي “ممارسة الضغط” لإنهاك الطرف المقابل، وأن التفاوض “تكتيك” أميركي يكمِّل هذا الضغط للوصول إلى الأهداف”، مؤكدًا أن “إيران لن تتفاوض مطلقًا مع الإدارة الأميركية، لأن لا فائدة من ذلك أولًا ولأنه مضرٌّ لنا ثانيًا”. وأضاف: “إن التفاوض يعني المساومة والتنازل في بعض القضايا”، مضيفًا: “إن المسائل الأساسية مثل قدراتنا الدفاعية غير قابلة للتفاوض”. وأوضح أن “الطريق الوحيد لمواجهة هذا السلوك هو توظيف أدوات الضغط ضد الأميركيين”(35) ، ومن المهم أن نشير هنا إلى أن القيادة الإيرانية تدرك أهمية التحوط لمنع حدوث صراع مع الولايات المتحدة لأنها ليست بمأمن من تأثر علاقاتها بدول الجوار لاسيما أن أغلب الدول المجاورة لإيران هم حلفاء استراتيجيون للولايات المتحدة وتشترك معها في اتفاقيات أمنية.
3-اتساع أعباء مسارات الاحتكاك وتمثلاتها في بناء توازن النفوذ الجديد
تشهد منطقة الشرق الأوسط تطورات عديدة وتحولات مفصلية في طبيعة التفاعلات بين الدول على الساحة الإقليمية، خصوصًا مع تصاعد ذروة الصراع بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة بشكل يجعلنا أمام احتمالات قد تأخذ مناحي معقدة، وهو الأمر الذي يجعل الولايات المتحدة تنتهج سياسة لتعزيز حضورها في منطقة الشرق الأوسط.
في هذا السياق، ذهب الكثير من المحللين الاستراتيجيين إلى اعتبار أهم مظهر من مظاهر هذه المرحلة صعود ممارسات التوازن المضاد (Counter Balancing) التي أخذت تمارسها كل من روسيا والصين ضد الولايات المتحدة ومحاولة ردعها، وهي تلك الممارسات التي كانت قد اختفت تمامًا مع نهاية الحرب الباردة؛ إذ كانت القوى الكبرى متناغمة إبَّان ذروة الصعود الأميركي كقطب عالمي لاسيما بعد تفكك (الاتحاد السوفيتي) السابق لكن هذا التفوق الذي تقوده الولايات المتحدة واجه تحديات مع بدء فترة حكم الرئيس الأميركي السابق (باراك أوباما-Barack Obama) وتغيير أولويات الأهداف الأميركية(36)، وبالتالي وضع مصالح الولايات المتحدة على المحك أمام صعود قوى جديدة؛ إذ بدأت الصين بمحاولة تعزيز وضعها البحري في كل من جنوب بحر الصين ومنطقة الشرق الأوسط عبر مشروع طريق الحرير، بينما بدأت روسيا في إعادة وضعها العسكري في القوقاز لمنع تمدد الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وكانت تدخلاتها العسكرية في جورجيا وأوكرانيا وأرمينيا وسوريا، وضمها جزيرة القرم الأوكرانية، خطوات تحوُّل كبيرة ليس فقط منذ نهاية الحرب الباردة بل حتى منذ الحرب العالمية الثانية.
وعلى هذه الأسس، يمكن اعتبار التحركات الروسية والصينية بمنزلة ولادة استراتيجيات لإعادة رسم الخريطة الدولية(37) ، ومثل هذه الرؤية يمكن أيضًا مراجعتها في دراسة ألمانية تضمنت استشرافًا استراتيجيًّا للنظام العالمي، وخلصت إلى أن النظام العالمي الحالي سيتآكل خلال عشرين أو ثلاثين عامًا بعد عقود من عدم الاستقرار، وسيؤدي فشل الولايات المتحدة كقوة عظمى في إيقاف انهيار النظام الدولي إلى اتساع وتفاقم حدة الأزمات الإقليمية والعالمية مما سيتسبب بتغييرات جذرية في البنية الأمنية العالمية(38).
ولعل ذلك فسح المجال أمام اتجاهات جديدة ظهرت على الصعيد الإجرائي وأصبحت منطقة الشرق الأوسط مدخل دوائر الاهتمام المستقبلي للدول، وهكذا اتجهت السياسة الأميركية لضمان أهدافها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط واحتواء إيران؛ وهو ما يوضح زيارة وزير الخارجية الأميركي (مايك بومبيو-Mike Pompeo) إلى روسيا خلال شهر مايو/أيار عام (2019) في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وحلفائها من ناحية وإيران من جهة أخرى، بشكل خطير في منطقة الخليج ومحاولة تحييد الدور الروسي الداعم لإيران، في إطار تدويل سياسة الولايات المتحدة حيال إيران في المنطقة(39) .
إن استمرار حالة التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران سوف يقوض استراتيجية وزارة الدفاع الأميركية الجديدة في التصدي للتوسع الروسي والصيني، وفي هذا الصدد تشير (مارا كارلن- Mara Karlin)(*) قائلة: “إن الطريقـــة المثلى لوأد استراتيجية الدفاع القومي وتركيزها على المنافسة على المدى الطويل والاستعداد لاحتمال نشوب صراع مع الصين وروسيا هي بدء حرب أخرى في الشرق الأوسط”. وأضافـــت: “إن الحـــرب مع إيران ليست وحدها التي ستصرف أنظار وزارة الدفاع عن استراتيجيتها بل إن التخطيط ذاته يمكن أن يستنزف الموارد”(40) . ومن جهة أخرى، رأى (كليمان تيرم- Clement Terme)(**) أنَّ إيران ستحتاج إلى أوروبا ذات سيادة على الصعيد الاقتصادي في الاعتماد على كنفها من أجل مواصلة التعاون الاقتصادي لاستيعاب تحولات ما بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في العام (2018)، معلِّلًا أن الواقع يفرض على إيران مواصلة الحوار السياسي مع أوروبا لتجنُّب تقارب أميركي-أوروبي في جبهة موحدة ضدها(41) .
غير أن هذا الفهم الإيراني لم يصل إلى نتائج واضحة على الصعيد التطبيقي، فالإجراءات التصعيدية التي اتخذتها إيران في برنامجها النووي ستؤدي إلى تقليص مساحة الخلافات (الأوروبية-الأميركية) تجاهها، فضلًا عن أنها تتغاضى عن الحدود المحتملة للخلافات التي قد تحدث بين الولايات المتحدة الأميركية وكل من الصين وروسيا حولها؛ إذ إن تلك الحدود تبقى مرتبطة في النهاية بحسابات كل دولة ومصالحها مع الطرف الآخر(42) ، وقد لا تتسبب -كما يشير المنطق السياسي وتأمل طهران فعليًّا- في إحداث فجوة مهمة في جدار العقوبات الأميركية.
لقد تسببت الخلافات بين الأطراف الأوروبية في منح إيران الفرصة لتأكيد سيطرتها على الملاحة في مضيق هرمز، وبالتالي ارتفاع أسعار النفط وتكاليف نقله، وهو قد يؤدي إلى منح طهران قدرة التأثير على السياسات الغربية التي تتقيد خياراتها بالاستقرار في سوق النفط، وهو واقع قد يؤدي إلى توسع الرغبة بتخفيف العقوبات والجلوس على مائدة المفاوضات؛ وهو بالتحديد ما تريده إيران(43) . ومن هنا، يمكننا القول: إن البراغماتية في السياسة الإيرانية كانت منطلقًا لفاعلية أدائها، وقد تجلى ذلك من خلال محاولة جعل ورقة مضيق هرمز أداة ضغط تفاوض عليها؛ إذ أثبتت قدرتها على المناورة عبر المراهنة على عامل الوقت والصبر الاستراتيجي لمواجهة التحديات الأميركية.
4-معادلة الاقتصاد مقابل الأمن
تحاول إيران التأكيد على ربط الاستقرار والأمن الإقليمي بوقف الضغوط الاقتصادية التي تمارسها الولايات المتحدة ضدها، وتمارس طهران هذا الربط من خلال عدة تكتيكات، من أبرزها: التلويح باستهداف ناقلات النفط والمنشآت النفطية في منطقة الخليج العربي، ونشر الإيحاء بأن القوات الأميركية لن تكون بمنأى عن الاستهداف العسكري من جانب إيران. وفي هذا السياق، صرح اللواء، يحيى رحيم صفوي، المستشار العسكري للسيد (علي خامنئي)،: “إن جميع السفن الأجنبية والقوات الأميركية في منطقة الخليج العربي في مرمى الصواريخ الإيرانية”، وقال: “يسهِّل قدوم السفن العسكرية الأميركية إلى الخليج العربي الأمر كثيرًا بالنسبة إلينا في حال أراد الأميركيون خوض صراع”(44).
في هذا المناخ من التوتر دخلت روسيا على خط الأحداث، وطرحت مشروعًا للأمن المشترك في الخليج، يقوم على أساس تجنُّب إرسال قوات أجنبية أو توسيع القواعد العسكرية الأجنبية في المنطقة، واقتراح خطوات ومرجعيات لحل الخلافات الإقليمية والاحترام المتبادل للسيادة والتحكم بانتشار الأسلحة واعتبار المنطقة خالية من الانتشار النووي(45) . ويبدو من خلال حيثيات المقترح الروسي أنه جاء بهدف إفشال الخطوة الأميركية باتجاه تشكيل قوة دولية لحماية الملاحة في منطقة الخليج العربي.
تنظر روسيا إلى إيران على أنها عامل جيوستراتيجي يحبط هيمنة الولايات المتحدة على الشرق الأوسط، وتحديد قدرتها في التأثير على أسعار النفط والغاز العالمية بما يضر المصلحة الروسية. ويمكن -حسب نفس الرؤية- اعتبار إيران عاملًا في تحديد قدرة الولايات المتحدة على إعادة تخصيص مواردها للضغط على روسيا للدخول في النظام الدولي الذي تقوده، ومِن ثَمّ تسعى روسيا للإبقاء على إيران كقوة إقليمية فاعلة لضمان تحقيق مصالحها الخاصة في مواجهة الضغوط الأميركية، وبالتالي لا ترغب روسيا في دخول إيران مواجهة عسكرية مباشرة مع الدول الغربية(46) . وهذا يعني أن إيران تسعى إلى المراهنة على كل من روسيا والصين في مواجهة الضغوط الأميركية وتوظيف الخلافات الصينية-الروسية مع الولايات المتحدة من أجل تبني مواقف لصالحها وبالتالي زيادة الضغوط ضد الولايات المتحدة.
وتأسيسًا على ذلك، يتضح مما سبق أن الإدارة الأميركية رأت “نجاحات إيران في تشكيل نفوذ ومشاركة حقيقية بمصالحها وحلفائها وقدراتها والتمدد في المنطقة من اليمن إلى العراق إلى سوريا ولبنان وغزة، واعتبرت ذلك نقطة ثقل استراتيجي للسياسة الإيرانية وأنها أصبحت تشكِّل ظاهرة يصعب تجاوز مواقفها ومطالبها ومصالحها، كما أنها أصبحت تشكِّل ظاهرة دولة إقليمية عظمى تتمدد باستمرار وبقوة تنافس قوة ونفوذ إسرائيل والولايات المتحدة(47) ، وهذا في الواقع ما عجَّل بتعمد الإدارة الأميركية رفع منسوب التصعيد ضد إيران مع احتمالية أن يساعدها ذلك على تمرير الصفقة الجديدة، بمعنى أدق يستدعي سياسة “حافة الهاوية” التي اتبعتها الولايات المتَّحدة في مواجهة كوريا الشمالية والتي أفضت في النهاية إلى تسوية للأزمة بين البلدين برغم عدم الوصول إلى اتفاق من أي نوع.
ويمكن ضمن هذا السياق فهم تصريح الرئيس الأميركي، ترامب، على هامش قمة الناتو حينما قال: “إن الولايات المتَّحدة سوف تفرض أقصى الضغوط على إيران، وسوف يتواصلون معنا وسيطلبون الحوار، وفي ذلك الوقت سوف نجلس إلى طاولة التفاوض ونصل إلى اتفاق”(48) ، كما أن هناك احتمالية أخرى لاستخدام الولايات المتحدة لمقاربات أكثر ديناميكية لحساب تهدئة الأوضاع بالتراجع قليلًا عن سياســـة “حافة الهاوية” التي سلكتها مع إيران مؤخرًا ولكن مع الإبقاء على ضغوطها والســـعي إلى توسيع مظلة التعاون الدولي في هذه المواجهة، مـــن خلال اســـتمالة الحلفاء الأوروبييـــن، وأيضًا من خلال توظيف نقاط الالتقاء بالنسبة للدول المختلفة معها مثل روسيا(49) .
وتراهن الولايات المتحدة على تعزيز وجودها العسكري في منطقة الخليج، لتشكيل قوة ردع ضد إيران ومنعها من القيام بأي ردة فعل على سياسة العقوبات التي تستهدف خنقها اقتصاديًّا، وهذا من شأنه أن يعطي المسوِّغات لإيران للقيام بردود أفعال وتأثير متبادل على مستويين: المستوى الأول: التهديد بإغلاق مضيق هرمز، ومنع الآخرين من تصدير نفطهم، إذا ظلت هي غير قادرة على تصدير نفطها. المستوى الثاني: يتصل بالتزامات إيران ببنود الاتفاق النووي، عادة ما تكون متصلة بكميات اليورانيوم المخصب التي يحق لها الاحتفاظ بها(50) . وبعباره أخرى، بإمكاننا القول: إن الولايات المتحدة تسعى من خلال حشد تأييد الدول الأخرى إلى إظهار قدرتها على الردع العسكري وتعزيز توجهاتها الاستراتيجية عبر بناء تحالف “حارس” ضد إيران لحماية الملاحة، وبما يحقق لها تخفيض في تكاليف الانفاق في حال نشوب الحرب وضمان نتائجها، هذا التحالف سيتم تشكيله على مرحلتين كالآتي(51) :
أولًا: تشكيل قوة بحرية مشتركة بين الولايات المتحدة وحلفائها مهمتها حماية النقل البحري، ومن شأن ذلك أن يعزل إيران ويحد من فرصها في السيطرة على مياه الخليج، ويشدد الرقابة على ناقلاتها وحركة قواتها البحرية، بالتالي حصار دولي غير مباشر ضد إيران.
ثانيًا: محاولة دفع إيران باتجاه أداء أي رد فعل ضد القوات البحرية المشتركة، ليكون ذلك بمنزلة ذريعة لرد عسكري غربي واسع تحت غطاء الدفاع عن النفس أو (وقف الأعمال العدائية الإيرانية).
المراجع
(1) إن مفهوم الشرق الأوسط كمنطقة جغرافية محددة المعالم متوارث عن مرحلة الاستعمار الأوروبي فحدوده قد تغيرت بتغير العصور ورسمتها قوى سياسية مختلفة ولأغراض مختلفة وهي الفكرة نفسها التي عبَّر عنها (أفنر كوهين-Avner Cohen) الذي وصل في تحليله إلى القول بأن فكرة الشرق الأوسط في حد ذاتها تمثل في التحليل النهائي مصادفة تأريخية سياسية، أدى ذلك إلى أن الدراسات القائمة حول الشرق الأوسط واجهت تلك المشكلة الخاصة بتحديد حدود المنطقة وعجزت عن الوصول إلى اتفاق حول الدول التي تشكِّل هذا الإقليم، خاصة وأن هذا الإقليم قد بدأ في التحرك شرقًا خلال النصف الثاني من القرن العشرين بفعل متغيرات جديدة. محمد عبد السلام، المتاهة: مشكلات إقامة منطقه خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط، ط1، (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، 2006)، ص 180. وللمزيد، يُنظر: أشواق عباس، أزمة الدولة العربية المعاصرة: مقاربة نقدية لمفهوم الإصلاح وإشكالية التكامل العقلاني، ط1، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2016).
(2 بروس جونز و(آخرون)، الجغرافيا السياسية الجديدة للشرق الأوسط: دور أميركا في منطقة متغيرة: محاولة لفهم واقع المنطقة واستشرف مستقبلها، ترجمة المركز الكردي للدراسات، (ألمانيا، د.ن، 2019)، ص 2.
(3) أغنيتشكا لغوتسكا، “الجيوبوليتيك الجديدة: ما الجديد فعليًّا في هذا الحقل؟”، ترجمة: جلال خشيب، ص 14، بحث متاح على موقع مركز إدراك للدراسات والاستشارات، 13 يناير/كانون الثاني 2018، شوهد في 24 مايو/أيار 2019، في: https://idraksy.net/new-geopolitics-what-is-actually-new
(4 المرجع السابق، ص 13.
(5 لقد أسهم الباحثون في إيجاد أسماء عديدة للجيوبوليتيك غير التقليدية، من بينها: (الجيوبوليتيك الحديثة، النيوجيوبوليتيك، الجيوبوليتيك البديلة، جيوبوليتيك ما بعد الحداثة)، المرجع السابق، ص 9.
(6)Declan Walsh, Iran Crisis or ‘Circus’? A Weary Middle East Wonders, May 16, 2019https://www.nytimes.com/2019/05/16/…/middleeast/iran-war-fears.ht…
(7 خطار أبو دياب، “تحديات حالة الحرب الدائمة في الخليج العربي وحوله”، العرب اللندنية، 18 مايو/أيار 2019.
(8 مثَّلت فترة ما بعد الحرب الباردة السياق الأمثل لإعادة إحياء مفاهيم الاستثناء الأميركي لتأكيد مكانة أميركا في العالم، ودورها القيادي في النظام الدولي، حتى بات صنَّاع القرار داخل الدبلوماسية الأميركية لا يُخفون البعد الأيديولوجي تجاه المنطقة العربية لكل عملية استعمال للقوة العسكرية، أو الحصار الاقتصادي، أو أيضًا الضربات الجوية دون طيار، أو أساليب القوة الناعمة، ولعل أبرزها: مثالا نشر الديمقراطية (Enlargement of Democracy) في إطار مقاربة النظام العالمي الجديد (للرئيس بيل كلينتون (1993 – 2001)، والحرب على الإرهاب (War on Terrorism) في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير لجورج بوش الابن (2001 – 2009)، ونجد أيضًا الاشتباك الانتقائي (Selective Engagement ) في إطار مواصلة محاربة الإرهاب للرئيس السابق باراك أوباما (2009 – 2016)، اتجاهات السياسة الخارجية الأميركية نحو المنطقة العربية: “قراءة في مضامين خطابات الرئيس دونالد ترامب”، أوراق سياسية، موقع مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، 25 مارس/آذار 2018، شوهد في 25 مايو/أيار 2019، في:
https://fikercenter.com//assets/uploads/TRAMP.pdf
9 علي ألفونيه، هل يمكن اعتبار الولايات المتحدة قوة فاعلة للخير في الشرق الأوسط، العرب للندنية، 16 يناير/كانون الثاني 2019.
10 اتجاهات السياسة الخارجية الأميركية نحو المنطقة العربية…، مرجع سابق، ص3.
11 عدنان أبو عامر، “ترحيب إسرائيلي بالتراجع الأميركي عن الانسحاب من الشرق الأوسط “، موقع عربي 21، 3 يونيو/حزيران 2019، شوهد في 4 يونيو/حزيران 2019، في: https://arabi21.com12) اتجاهات السياسة 12الخارجية الأميركية نحو المنطقة العربية…، مرجع سابق. وللمزيد من المعلومات ينظر: تيري إل ديبل، استراتيجية الشؤون الخارجية: منطق الحكم الأميركي، ترجمة: وليد شحادة، ط1، (بيروت: دار الكتاب العربي، 2009).
(13) اتجاهات السياسة الخارجية الأميركية نحو المنطقة العربية…، مرجع سابق.
) 14 Edward Wastnidge, US-Iran crisis: A misleading narrative makes conflict more likely, Middle EastEye, 20 May 2019, https://www.middleeasteye.net/opinion/us-iran-crisis-how-we-got-here
(*) يشير مصطلح (الحرب السيبرانية) إلى “وسائل وأساليب القتال التي تتألف من عمليات في الفضاء السيبراني ترقى إلى مستوى النزاع المسلح أو تجري في سياقة ضمن المعنى المقصود في القانون الدولي والإنساني”. كما تشير إلى “استخدام مجموعة من الممارسات والإجراءات التي تسعى لإلحاق الخلل والعطل بالأنظمة والوسائل الإلكترونية الخاصة بالعدو بالإضافة إلى تحقيق الحماية للذات من الاستطلاع الإلكتروني المعادي ومقاومته وتحقيق الاستقرار للنظم الإلكترونية الصديقة”، عبد الغفار عفيفي الدويك، “مستقبل الصراع السيبراني العالمي في القرن الـــ 21″، مجلة السياسة الدولية، (مركز الأهرام للدراسات والبحوث الاستراتيجية، مصر، العدد 214، 2018)، ص 33.
15 الحشد الأميركي إلى الشرق الأوسط: هل يتجاوز التخويف إلى المواجهة، صحيفة العرب اللندنية، 12 مايو/أيار 2019.
16 محمد عبد السلام، “ذئاب الإقليم: الاشتباك مع محاولات السيطرة على عرب الشرق الأوسط”، مجلة اتجاهات الأحداث، (مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، الإمارات، العدد 22، 2017)، ص 7.
17) للمزيد ينظر: تيم دان، ميليا كوركي، وستيف سميث، نظريات العلاقات الدولية: التخصص والتنوع، ترجمة: ديما الخضرا، ط1، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2016).
18نادية محمود مصطفى (محررة)، العلاقات الدولية في عالم متغير: منظورات ومداخل مقارنة، ج3، ط1، (القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، 2016 )، ص 1635-1636.
19عمرو عبد العاطي، “الرهان المراوغ.. عوامل إعاقة استراتيجية القوة الذكية الأميركية”، ملحق مجلة السياسة الدولية، (مركز الأهرام للدراسات والبحوث الاستراتيجية، مصر، العدد 212، 2018)، ص 10.
( 20 Jonathan Cristol, United States Foreign Policy in the Middle East after the Cold War, E-International Relations, NOV 14 2018, https://www.e-ir.info/…/united-states-foreign-policy-in-the-middle-ea…
21 يمني سليمان، “توجهات السياسة الخارجية عند دونالد ترامب”، المعهد المصري للدراسات، 12 مايو/أيار 2016، شوهد في 18 مايو/أيار 2019، في: https://eipss-eg.org
22حاملة الطائرات الأميركية في الخليج: رسالة لإيران وللحلفاء، العرب اللندنية، 11 مايو/أيار 2019.
23 المرجع السابق، ص 6.
24 محمد عباس ناجي، “حرب نفسية: كيف تتعامل إيران مع الحشد العسكري الأميركي في المنطقة؟”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 12 مايو/أيار 2019، شوهد في 13 مايو/أيار 2019، في:
https://futureuae.com
25 يعد المؤرخ (فريتس ريريغ) أول من وضع علم الجيويكونوميكا. للمزيد، يُنظر: ألكسندر دوغين، أسس الجيوبولتيكا: مستقبل روسيا الجيوبولتيكي، ترجمة: عماد حاتم، ط1، (طرابلس: دار الكتاب الجديد المتحدة، 2004)، ص 170.
26 إبراهيم الغيطاني، “سياقات متوترة: تأثير التهديدات الإيرانية للمنطقة على أسواق النفط العالمية”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 16 مايو/أيار 2019، شوهد في 17 مايو/أيار 2019، في:
https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/4746
27 المرجع السابق.
(*) اعتمدت الولايات الشمالية الاتحادية في الحرب الأهلية الأميركية (1861 -1865) خطة أفعى “الأناكوندا”، التي تمثلت بالخنق الهادف والبطيء لاقتصاد العدو لكسب الحرب بأقل قدر ممكن من إراقة الدماء. ولذا، قامت بالالتفاف على الولايات الجنوبية وحاصرتها من البر والبحر لخنقها تدريجيًّا واقتطاع المناطق المهمة منها؛ الأمر الذي أضعف اقتصاد الولايات الكونفيدرالية وأجبرها على الاستسلام. للمزيد من التفاصيل حول الموضوع، انظر: “”أناكوندا” أوباما يحاول خنق روسيا”، موقع قناة RT، 24 ديسمبر/كانون الأول 2015، شوهد في 28/ مايو/أيار 2019، في:https://arabic.rt.com/news/805110
28 دوغين، أسس الجيوبولتيكا، مرجع سابق، ص 149.
29 بسام البدارين، بومبيو يبدأ من عمان استراتيجية عزل طهران، القدس العربي، 9 يناير/كانون الثاني 2019.
30 الحوثيون يدشنون استراتيجية إيران في الحرب على إمدادات النفط، العرب اللندنية، 15 مايو/أيار 2019.
31 كولن جراي، “سياسة الردع والصراعات الإقليمية: المطامح والمغالطات والخيارات الثابتة”، دراسات عالمية، العدد (26)، (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 1998)، ص 32.
32 ناجي، حرب نفسية، مرجع سابق
33 “مقاربات مزدوجة: حسابات التدافع الأميركي-الإيراني”، تقدير موقف، مركز الجزيرة للدراسات، 14 مايو/أيار 2019، شوهد في 28 مايو/أيار 2019، في: studies.aljazeera.net/ar/positionestimate
34 ويمكن الإشارة هنا إلى إحدى أوراق الضغط التي استخدمتها إيران في الوقت الراهن ردًّا على الضغوط الأميركية، وهي قرارات المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بتقليص تعهدات نووية، وكان المجلس قد أعلن في مايو/أيار 2019، عن قرارات “مرحلية”، بموجبها تعلق إيران تنفيذ تعهدات في الاتفاق النووي، “خامنئي: التفاوض تكتيك أميركي لتشديد الضغوط على إيران”، موقع العربي الجديد، 30 مايو/أيار 2019، شوهد في يونيو/حزيران 2019، في: https://www.alaraby.co.uk/politics/c5e9ae24-3c6e-4afc-a358
35 مصطفى، العلاقات الدولية في عالم متغير، مرجع سابق، ص 1972.
36 المرجع السابق، ص 1972. وللمزيد ينظر: نوح فلدمان، الحرب الهادئة: مستقبل التنافس العالمي، ترجمة: هشام سمير، ط1، ( السعودية: الدار العربية للطباعة والنشر، 2016).
37 خطار أبو دياب، “الاتحاد الأوروبي في مواجهة مخاطر التفكك والاختراق”، العرب اللندنية، 25 مايو/أيار 2019.
38 “واشنطن تسعى لكبح ليونة موسكو تجاه إيران”، العرب اللندنية، 15 مايو/أيار 2019. مما لاشك فيه أن لكل دولة مصالح وأهدافًا وطنية، ولا يمكن تقديم تفسير وتعريف للمصلحة الوطنية خارج الفضاء الإدراكي الاستراتيجي، وهو مؤشر يؤكد أن “الأمن الإقليمي” في منطقة الشرق الأوسط يتْبع دائمًا قانون “الأواني المستطرقة”، وفي أي وقت يتعرض بلد من بلدان هذه المنطقة للتهديد والاضطرابات وعدم الاستقرار فإن نتائج ذلك وعواقبه تصل إلى الجميع. ولذلك، لا يمكننا النظر إلى مؤشرات الأمن وانعدام الأمن للدول بصورة مجردة. فاطمة الصمادي، “إيران والسعودية: حدود التنافس والصراع”، مجلة رؤى تركية، (مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تركيا، العدد 2، 2016)، ص 125.
(*) باحث في معهـــد بروكنجز للدراسات في الولايات المتحدة الأميركية.
39 هل تستخدم روسيا والصين إيران لمشاغلة الولايات المتحدة”، العرب اللندنية، 29 مايو/أيار 2019.
(**) باحث مختص في الشأن الإيراني بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
40 “متاعب اقتصاد إيران تتفاقم مع تشديد العقوبات”، العرب اللندنية، 7 مايو/أيار 2019.
41 ناجي، حرب نفسية، مرجع سابق.
41 كيف حولت إيران مضيق هرمز لورقة تفاوض مع الغرب هي الأشد فتكًا؟ موقع عربي بوست، 29 يوليو/تموز 2019، شوهد في 1 أغسطس/آب 2019، في: https://arabicpost.net
42 تقرير الحالة الإيرانية، (يونيو/حزيران 2019)، (الرياض: المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 2019)، ص47.
43 تقرير الحالة الإيرانية (يوليو/تموز 2019)، (الرياض: المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 2019)، ص 56.
44 المصدر نفسه، ص 54.
45 فراس عباس هاشم، “تمثلات إدراكية صعود مظاهر فجوة التأثير في تشكيل مسارات التفاعلات المتأرجحة (الإيرانية-الأميركية)”، مجلة مدارات إيرانية، (المركز الديمقراطي، ألمانيا، العدد 2، 2018)، ص 84.
46 المرجع السابق، ص 85.
47″واشنطن تطالب برلين بحظر الجناح السياسي لحزب الله”، العرب اللندنية، 1 يونيو/حزيران 2019.
48 فقد أعلنت إيران وقف عمليات بيع اليورانيوم المخصب والماء الثقيل، والذي لا يجوز لها بموجب الاتفاق أن تحتفظ من اليورانيوم المخصب بأكثر من ثلاثمئة كيلوغرام في أي وقت، وأن لا يزيد ما تمتلكه من الماء الثقيل على 130 طنًّا. كما تقول إيران إنها شرعت في تخصيب اليورانيوم بنسبة 4.5% بعد أن كانت النسبة 3.67%، وهي التي ينص عليها الاتفاق، “احتمالات المواجهة في الخليج بعد احتجاز الناقلة البريطانية”، تقدير موقف، موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 22 يوليو/تموز 2019، شوهد في 28 يوليو/تموز 2019، في: https://www.dohainstitute.org
49 أزمة استهداف ناقلات النفط (طبيعتها-الأطراف المتورطة-مستقبلها)”، موقع مركز الأبحاث والدراسات الإنتروستراتيجية، 19 يونيو/حزيران 2019، شوهد في 26 يوليو/تموز 2019، في: casrlb.com/?cat=14