مقدمة

من الملاحظ، اليوم، أن تحضُّر الرُّحَّل من شعب التبو في مدن الجنوب الليبي شكَّل تحوُّلًا كبيرًا في مسار حياة التبو أنفسهم، من حيث تحوُّلهم إلى حياة الاستقرار والتحضر، ونعني هنا التبو المنحدرين من جبل تيبستي، وهم معروفون بالترحال إلى يومنا، عكس التبو القاطنين في دولة النيجر المعروفين بالتحضر منذ القدم. ولكن وجود الميليشيات التشادية والدارفورية، في خضم التحولات التي يشهدها الجنوب الليبي، يتسبَّب في خلل في التوازن الإثني والقبلي الحساس في المنطقة(1).

لقد ظلت قضية التبو قضية تشادية بحتة إلى أن صحا العالم فجأة من غفوته، بعد انطلاق شرارة ثورة فبراير/شباط 2011 على نظام معمر القذافي؛ فاكتشف أن ثمة آلاف التبو مواطنون ليبيون، بل تم إقرار 15 سبتمبر/أيلول يومًا وطنيًّا للثقافة التباوية بموجب قرار رقم 39 لسنة 2017(2).

وبغضِّ النظر عن شح المصادر عمومًا، وانعدام إحصائيات ودراسات حديثة حول هذا الشعب الذي تشغل فضاءات انتجاعه أكثر من خُمس مساحة الصحراء الكبرى، فإنه لا يمكننا الحديث عن هذا الموضوع دون تناول معمَّق لتداعياته على العلاقات بين مكونات المجتمع الليبي عمومًا، وخصوصًا في الجنوب؛ وبالأخص ما بين التبو وأولاد سليمان؛ من حيث إن ليبيا هي مجتمع قبائل تنيف على الألفي قبيلة(3).

لذا، فإنه لا مناص من تناول أبعاد الصراع القبلي في جنوبي ليبيا، الذي يمثِّل عاملًا رئيسيًّا في تحديد ملامح خارطة الصراع داخل الأراضي الليبية، وكذلك موازين القوى في الجنوب، وخاصة في ظل المعطيات الديمغرافية الجديدة، وانبعاث الأطماع الفرنسية في منطقة فزَّان التي كانت قد حكمتها فرنسا لحوالي عقد من الزمن في النصف الأول من القرن العشرين(4)، وخاصة مع الحضور العسكري الفرنسي على حدود ليبيا في قاعدة مداما في أقصى شمالي شرقي دولة النيجر.

ومع تصاعد عمليات المعارضة التشادية المسلحة على الحدود مع ليبيا(5)، بل داخل جنوبي ليبيا نفسها، وتلويح بعض أعضائها بأن إقليم أوزو جزء لا يتجزأ من ليبيا؛ فإن المشكلة التي يناقشها البحث تتمثَّل في هذا الحقل الاستفهامي: هل التبو ديمغرافيًّا وعسكريًّا- بما هم أيضًا منخرطون في المعارضة التشادية المسلحة- جزء من حرب مؤجلة في الجنوب قد يشتعل أوارها في المستقبل القريب؟ وما علاقة التبو بفرنسا؟ وهل سيتطور الوضع إلى انفصال؟ وما الشكل الذي قد يأخذه هذا الانفصال؟ هل هو انفصال مناطق وجود التبو في ليبيا عن ليبيا؟ أم انفصال أوزو عن تشاد؟

 

الخريطة الاجتماعية

تُقدِّر الدراسات الاستعمارية -التي تكاد تكون المصدر الوحيد حول هذا الشعب البدوي في معظمه- أن فضاءات انتجاعه تتجاوز أكثر من مليون وربع المليون كلم2، وتمتد من واحات جنوب غربي مصر إلى واحات أقصى جنوبي ليبيا، مرورًا بأقصى شمال شرقي وجنوب شرقي دولة النيجر وشمالي تشاد، وصولًا إلى بحر الغزال في جنوبي دولة تشاد، وانتهاء بغرب وشمال غربي دولة السودان. وتكاد تُجْمِع المصادر والمراجع على أن موطن التبو يتركز في شمالي تشاد، مع وجود امتدادات إلى جنوبي ليبيا وشمال شرقي دولة النيجر. وهنالك مَنْ يحصره على هضبة تيبستي، الواقعة شمالي دولة تشاد، وهي نفسها ذات امتدادات جغرافية في ليبيا؛ باعتبار أن اسم التبو أطلقتْه شعوب مملكة الكانم “بورنو” على هذا الشعب بِقِسْمَيْه انطلاقًا من نحت مسمى الهضبة “تيبستي” مع إضافة كلمة كانمية. ففي لغة الكانم تعني كلمة “بو”: الدم أي العِرق، وفي لغة التبو تعتبر كلمة “تو” مرادفة لكلمة تيبستي؛ ومن ثم يصير المعنى الحرفي لكلمة التبو: مَن فيه دماء تيبستي، أما المعنى الأدبي فهو: مواطنو تيبستي. وهكذا، فإن اسم التبو يُحيل إلى الجغرافيا أكثر مما يعني الانتماء إلى عِرْق معيَّن.

وتبلغ مساحة هضبة تيبستي حوالي مئة ألف كلم2، وبها 5 براكين كبيرة لا يزال بعضها نَشِطًا. ويبلغ طول الهضبة حوالي 380 كلم وعرضها حوالي 350 كلم. وتبعد عن نجامينا عاصمة تشاد 1.000 كلم، في ما لا تبعد عن أكبر واحات جنوبي ليبيا سوى 700 كلم. وتعتبر بارداي وأوزو وازْوار أهم قرى الهضبة. فيما تعتبر قمة بِيكُوبِتِّي، الواقعة في امتداد هضبة تيبستي في أقصى جنوبي ليبيا، أطول قمة في ليبيا بارتفاع يبلغ حوالي 2267 متر. وترتفع حوالي 60 في المئة من أراضي هضبة تيبستي عن منسوب سطح البحر بحوالي 1.500 متر. وقد حالت طبيعة التبو أنفسهم وكذلك اعتبارات جيوسياسية دون استكشاف هذه الهضبة كما ينبغي، فلا تزال منطقة بِكْرًا، يُرَجَّح أنها تضم ثروات معدنية كبيرة أبرزها اليورانيوم والنفط. ويعتبر الرحالة الألماني، غوستاف ناختيغال (Gustav Nachtigal)، الذي زارها سنة 1869 أبرز القلائل الذين تمكنوا من استكشافها، بل رائدهم(6).

يرتبط التبو في الأذهان، جيوسياسيًّا أيضًا، بشريط أوزو الذي نال شهرة أكثر من الهضبة. وتبلغ مساحته حوالي 114 ألف كلم2، ويقع في أقصى شمالي تشاد بمحاذاة خط الحدود مع دولة ليبيا، وهو ذو مخزون كبير من اليورانيوم والكوبالت والمنغنيز والحديد وغيرها، حالت دون استغلاله الحروب والنزاعات ومخلفاتها من ألغام وكذا القرارات القضائية الدولية. تنازل عنه الاستعمار الفرنسي لصالح الاستعمار الإيطالي في 7 يناير/كانون الثاني 1935. وكانت وجهة نظر المملكة الليبية أن شريط أوزو يقع داخل الأراضي الليبية. ثم دام النزاع عليه بين ليبيا وتشاد حوالي عشرين سنة، وبعد ثلاث سنوات من التقاضي بين الدولتين حكمت محكمة العدل الدولية في لاهاي بسيادة تشاد على الشريط في 23 فبراير/شباط 1994(7).

وإذا كان تعداد شعب التبو قبل الميلاد بحوالي أربعة قرون يُقدَّر بحوالي مئتي ألف نسمة، عند المؤرخ هيرودوت، فإن الإحصائيات التقديرية، اليوم، بعد حوالي 25 قرنًا، ترفع تعداد قومية الدازا (القرعان) وحدها في تشاد إلى 368.600 نسمة، أي 3.8% والتيدا 1.2% أي ما مجموعه 5% من سكان دولة تشاد البالغ عددهم 11.1 مليون نسمة حسب إحصاء سنة 2009، و220.397 في النيجر أي 1.5% من تعداد السكان لسنة 2009، وبلغ عددهم في نيجيريا 2000 نسمة أو يقلون بحسب إحصاء 1990. وفي ليبيا 2000 نسمة حسب إحصاء 1954. وهؤلاء التبو الذين تم حصرهم في التعداد السكاني لسنتي 1954- 1968 يقيمون في الغالب في جنوبي ليبيا في واحات: ربيانة والكفرة والقطرون وتجرهي. وفي سنة 2012، كان التبو يمثلون ما بين 10 و15% من سكان سبها كبرى حواضر الجنوب الليبي البالغ عدد سكانها آنذاك تقديرًا: 150 ألف نسمة(8).

إلا أن الزائر المتمعِّن للجنوب الليبي يلاحظ أن ثمة انفجارًا ديمغرافيًّا تُباويًّا -إن صح التعبير- في حواضر فزَّان الكبرى: سبها، مرزق، زويلة، القطرون. وحتى في الواحات: تراغن، غدوة، أم الأرانب، تيجرهي… علمًا بأن مصادر غربية، تعود لمستكشفين ألمان أساسًا، تشير إلى وجود محتشم جدًّا للتبو في هذه الواحات، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي(9)، وحتى غاية سنة 1920(10). بل يمكننا القول: إن هذا الوجود ظل كذلك -وإن تفاقم قليلًا- لغاية بدايات العقد الثاني من الألفية الثالثة. وتُقدِّر بعض المصادر أنه يستوطن أكثر من 55 ألف مواطن تباويٍّ في الجزء الجنوبي من ليبيا(11).

وتشير مصادر تباوية إلى عمليات تهجير تعرض لها التبو من واحة تراغن حوالي 1867، كما ذكر ذلك الرحالة الألماني غوستاف ناختيغال أثناء وجوده في منطقة تيبستي. وانحصر وجود التبو في ليبيا في واحات القطرون. وبعد سنة 1924، عاد كثير من أبناء التبو للاستقرار في ليبيا في الواحات التي هُجِّروا منها. وشمل هؤلاء إحصاء 1936 الذي أجرته السلطات الإيطالية. وفي سنة 1941، هاجر تبو تراغن والقطرون إلى النيجر بحثًا عن المراعي. ثم جاء سجل النفوس في العهد الفرنسي لسنة 1946، إذ تم تسجيل مئات الأسر التباوية من البدو والمقيمين في المدن حسب ما هو ثابت في تقرير السلطات الفرنسية إلى الأمم المتحدة بالإضافة إلى المسجلين السابقين. بعد ذلك جاء إحصاء 1954، وشمل كل التبو الليبيين المقيمين في ليبيا. وبقي كثير من البدو لا يهتمون بالتسجيل في السجلات الرسمية، إلا أنه أثناء مجاعة 1958 أو قبلها وبعدها رفضت السلطات منح الإغاثة الأميركية لغير المسجلين في سجلات النفوس؛ فاضطر كل البدو إلى التسجيل في سجلات النفوس. وشمل إحصاء 1964 أيضًا كل التبو الليبيين المقيمين في ليبيا. ثم صدر القانون رقم 36 لسنة 1968 بشأن الأحوال المدنية الذي قضى بحصر المسجلين في إحصاءات 1936 و1954 و1964 وتسجيلهم بمكاتب الأحوال المدنية في البلديات(12).

ورغم أن هذا الشعب يشكِّل عرقًا واحدًا فإن ليس له اسم يُوحِّد المجموعتين الكبيرتين اللتين تشكِّلانه، وهما: التيدا في هضبة تيبستي شمال خط العرض 18، والدازا (القرعان) جنوب نفس الخط. هاتان المجموعتان تتحدث كل منهما لهجة مختلفة عن الأخرى؛ وإن كانت الفروق بين اللهجتين غير كبيرة. ويسمَّى الشماليون على لهجتهم: التيداقا، والجنوبيون أيضًا على لهجتهم: الدازاقا إلا أن جيرانهم الجنوبيين من شعب الكانوري -رعايا مملكة الكانم بورنو العتيقة- يُسمُّون الجميع بالتبو؛ وإن كان هذا الاسم يستعمل غالبًا في حق سكان تيبستي والواحات، بينما يُسمَّى الجنوبيون من هذا الشعب باسم القرعان. كذلك، فإن اسم القسم الجنوبي من هذا الشعب، وهم القرعان الذين يقطنون في الغالب منطقة بوركو في وسط تشاد، يختلف عن اسم “أبناء عِرقهم” سكان تيبستي تمامًا كما تختلف اللهجتان القريبتان أيضًا من بعضهما البعض. وهكذا، فإن اسم التبو خاص أصلًا بسكان تيبستي الذين يُسمَّون أيضًا تيدا، ويُطلق اليوم من باب التغليب على قسمي هذا الشعب: التيدا؛ والقرعان الذين يُسمَّون أيضًا دازا. ويدخل في اسم القرعان الكريدا وعِزّا وتِيَيْنِي، وهذه الفروع الثلاثة الأخيرة تمثل شرائح سُفْلية في نظام طبقات القرعان(13). ولا يشعر القرعان ولا التبو بأنهم ينتمون لنفس العرق؛ رغم التقارب اللساني في ما بينهما(14).

أما الطوارق فيطلقون على شعب التبو اسم إكَرَدَنْ(15). ويَغْلب إطلاقهم له على التبو الذين يقطنون شمال شرقي النيجر وشرقيها، أي الذين هم على خط تماس مع الطوارق، والذين هم أيضًا ذوو تمازج عرقي مع شعب الكانم الذي يُسمِّيهم غَزِيبِيدا؛ بفعل مصاهراتهم معه، وبفعل تحضُّرهم النسبي مقارنة مع باقي شعبهم(16). أضف إلى ذلك أنه لا يمكننا الحديث عن وجود قبائل أو أفخاذ لهذا الشعب؛ بل عن أحلاف تتفاوت ما بين 36 و50 حلفًا، تجمع أفرادًا من أصول شتى توحدها المصاهرة(17).

وتذكر مصادر غربية هجرات لثلاثة أحلاف من التبو، هاجروا في القرن السابع عشر من منطقة الكفرة في ليبيا إلى هضبة تيبستي، وتحيل أحد هذه الأحلاف إلى أصول من واحة جالو القريبة من منطقة برقة. وتشير نفس المصادر إلى أن حلفين على الأقل من الأحلاف المشكلة للتبو تنحدر من تزاوج عرقي بين الطوارق والتبو(18).

ينتخب التبو سلطانًا لهم من حِلْف “توماغْرا” يُلقَّب دُرْدَيْ. وتحمل ذراري السلاطين السابقين لقب مايْنا. ولا ينبغي أن يتولى السلطنة من أسرة واحدة أكثر من اثنين. وتُعتبر قرية ازْوار مقر السلطان الذي يمثِّل مرجعية شرعية وقانونية لا أكثر على امتداد هضبة تيبستي؛ فقد فشلت كل محاولات الاتحاد تحت لواء حرب واحد(19). ويعود تنصيب أول دُرْدَيْ في المنطقة إلى أواخر القرن السادس عشر الميلادي حين تم التحالف بين أربعة أحلاف تمتهن الزراعة وبين حلف “توماغْرا” ذي الاهتمامات الرعوية(20).

هذا التمصير -إن صح التعبير- هو نفسه الذي نجده عند هيرودوت، حوالي خمسة قرون قبل الميلاد؛ فقد أطلق عليهم اسم الأحباش سكَّان الكهوف(21)، ووصفهم بأنهم أسرع في العداء من أي شعب من الشعوب. وتتحدث المصادر عن علاقات بين التبو وبين قرطاجة الفينيقية(22)؛ ولكنها مستبعدة بحكم اهتمام الفينيقيين بالموانئ البحرية لا الموانئ الصحراوية التي كانت في محيط التبو.

لاحقًا، في القرن الثامن الميلادي كان للتبو موعد مع الفتح الإسلامي. يعود ذلك إلى ألف وأربعمئة سنة خَلَتْ، حين نهض عقبة بن نافع الفهري على رأس أربعمئة فارس، ومعهم أربعمئة جمل محمَّلة بثمانمئة قربة ماء، منطلقين من مغمداس قرب سرت في شمالي ليبيا متجهين إلى ودَّان، ومنها أمضوا ثماني ليالٍ ليصلوا إلى جرمة في وادي الحياة، ومنه خمسة عشر يومًا إلى جادو في بلاد كاوار أقصى الطرف الشمالي الشرقي لدولة النيجر، ثم إلى بيلما وهي من بلاد كاوار أيضًا، ثم عادوا إلى جادو ومنه ثلاث ليالٍ عائدين نَفد الماء فصلى عقبة ركعتين ودعا ودعوا؛ وبينما هم كذلك إذا بفَرس عقبة تحفر بيديها في الصفاة؛ فأمرهم عقبة أن يحفروا حيث حفرت فإذا هي صفاة فنقروها فانفجر الماء؛ فسُمِّيتْ ماء فَرَس(23).

شهدت علاقات التبو مع مملكة الكانم-برنو توترات منها ما يعود لنحو سبعة قرون، بالتحديد عام 1230 حينما اتهم التبو الملكَ دونما دابالامي(24) بالمساس بمقدساتهم؛ إذ فتح النسخة التباوية من تابوت العهد الذي يسميه التبو بالموني، فشنوا ضده حربًا استمرت، حسب المرويات التباوية، سبع سنوات وسبعة شهور وسبعة أيام متواصلة. وكان تعداد جنود الملك دونما حينذاك مئة ألف مقاتل من بينهم ثلاثة آلاف فارس(25).

ولم تكن علاقات التبو مع الأتراك العثمانيين بالمستقرة، فقد فضَّل هؤلاء التعامل مع الماينا أي ذرية السلاطين القدماء من التبو؛ مما جعلهم في خلاف مستمر مع الدردي خلال سنوات 1780 و1805 و1859 و1890(26). بينما شهدت علاقاتهم مع السنوسية ولاءً من التبو للطريقة ولقادتها، فأقيمت زاوية سنوسية في برداي. وقد توحد التبو في حربهم ضد الفرنسيين؛ وهاجر الدردي مرتين إحداهما سنة 1914 بعد دخول الفرنسيين إلى تيبستي والأخرى إلى ليبيا سنة 1966 بعد تقليص سلطاته في ظل الدولة الحديثة في تشاد(27).

 

علاقات التبو بالجنوب الليبي

كانت العلاقة مع التبو محكومة في ظل القذافي وحتى لحظة الإطاحة(28) بنظامه باعتبارات جيوسياسية إقليمية بحتة أفرزت قرارات سياسية وعسكرية، طالت آثارها الدول المجاورة مثل تشاد والنيجر وحتى السودان، كما رافقتها ترسانة قانونية مثيرة للجدل.

دعم النظام الليبي، في بداية السبعينات من القرن الماضي، التبو في حربه لبسط السيطرة على شريط أوزو الغني باليورانيوم، ووعدهم بتولية ابن زعيمهم، كوكوني واداي، زمام الأمور في تشاد؛ ومن جهة أخرى أخذ يقدم الدعم لعرب تشاد (المحاميد). وانخرط رجالات النظام في هذا المشروع الرسمي لدرجة أن اللواء آمر حامية سبها العسكرية، آنذاك، اقترن بابنة أخ الرئيس كوكوني السيد أنر واداي.

وحين عُرضت قضية أوزو المتنازع عليها، في عهد الرئيس التشادي، حسين حبري، على محكمة لاهاي، أخذت وقتًا قبل إصدار حكمها بتبعية الإقليم المتنازع عليه لدولة تشاد. ومما ترتب على حكم المحكمة الدولية: نزع صفة المواطنة من تبو شريط أوزو، بل من تبو تشاد جميعهم، وتبو النيجر. وصدرت الأوامر في 1994 بترحيل كل التبو وغيرهم ممن لديهم ما يفيد ميلادهم في منطقة أوزو. ورغم مذكرة قدمتها فعاليات المواطنين مواليد أوزو إلى معمر القذافي بتاريخ 30 أكتوبر/تشرين الأول 1994، فإنه صدرت في ديسمبر/كانون الأول 2007 التعليمات بسحب الجنسية الليبية منهم. ومن هنا بدأ التصادم مع الليبيين، سواء في الكفرة أو غيرها من المدن الليبية. وحرقت المدارس، وتم الاعتداء على المدرسين والطلبة، وبعض ممتلكات الدولة. ثم تبنى القذافي من 1998 وحتى 2003 وزيرَ العدل التشادي السابق، يوسف توقيمي، زعيم الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة في تشاد (MDJ)، والذي قتل على إثر انفجار لغم أرضي تحت سيارته. ثم تبنى القذافي رئيس المجلس العسكري مرزق وعموم فزان، بركة المهدي وردكو، الذي ينحدر من منطقة كاوار شمال شرقي دولة النيجر، وزجَّ به في المعارضة المسلحة للنظام في النيجر، بعد مقتل شها بركاي سنة 2001، الذي كان قائدًا للقوات المسلحة الثورية للصحراء.

بعد ذلك تم تبنِّي عيسى ماينا قرنسو (عيسى عبد المجيد) الذي انتهى به الأمر مهاجًرا في أوروبا معارضًا للقذافي، ثم عاد مع ثورة فبراير/شباط، وقام بالتنسيق مع المجلس الانتقالي. وتبنَّى نظام القذافي كذلك حركة العدل والمساواة السودانية المعارضة، بالتنسيق مع الأخ الأصغر للرئيس إدريس دبي والسفير السابق لجمهورية تشاد بليبيا، حيث اتخذ من منطقة (أم جرس) في الحدود السودانية-التشادية قاعدة إمداد كتائب القذافي بالمقاتلين من دارفور وتشاد. وبمجرد ما عرف زعيم حركة العدل والمساواة، خليل إبراهيم، أن نظام القذافي الذي يستخدمه آيل للسقوط انسحب بمئات الآليات ثم دخل الأراضي السودانية. وبعد مقتل خليل إبراهيم وَفَقْد الحركة للدعم السياسي التشادي إثر تصالح تشاد والسودان، عادت الحركة إلى ليبيا(29).

ويرى باحثون تباويون أن السلطات الليبية لم تكتفِ بتهميش التبو عمليًّا، إنما عملت على تقنين عمليات التهميش. فقد أصدرت الحكومات الليبية المتعاقبة عددًا من القوانين التي تمس حقوقهم، سواءٌ عن طريق الحد من ممارستها، أو تجاهلها. من هذه القوانين، القانون رقم 18 لسنة 2010 بشأن التعليم؛ إذ نصت المادة الثانية من هذا القانون في فقرتها الرابعة على أن الهدف من التعليم “هو الاهتمام باللغة العربية وتعميق الإيمان بقدرتها على استيعاب العلوم والمعارف والاعتزاز بها باعتبارها رمزًا أساسيًّا للهوية”، متجاهلًا بذلك اللغة التباوية. وكذلك القانون رقم 24 لسنة 1369ه؛ إذ نصت المادة الأولى منه على حظر استعمال غير اللغة العربية في جميع المعاملات. كما قضت المادة الثالثة بمنع استخدام الأسماء غير العربية، وحظرت تسجيلها في السجلات والوثائق أيًّا كان نوعها. وفرضت المادة الرابعة من هذا القانون عقوبات قاسية على من يخالفون أحكامه، منها حرمانهم من الحصول على جواز السفر والتراخيص وغيرها من الوثائق الشخصية. كما نصت على حرمان من يحملون أسماء غير عربية من القيد بالمؤسسات التعليمية.

نتيجة لتطبيق هذا القانون حُرم أبناء التبو من حمل أسماء آبائهم وأجدادهم، وفُرِضت عليهم أسماء لا يستطيعون نطقها نطقًا سليمًا؛ الأمر الذي اضطرهم إلى استعمال أسماء تباوية بديلة يستعملونها فيما بينهم، لذلك تجد معظم أبناء التبو يحملون اسمين: اسم تباوي يستعملونه في حياتهم الخاصة؛ واسم آخر عربي يسجلونه في سجلات الدولة الرسمية ويستعملونه في المدرسة؛ حتى لا يبقى أبناؤهم دون تعليم. كما اشترطت المادة 43 من القانون رقم (6) لسنة 1374ه بشأن نظام القضاء، في من يعين في إحدى الهيئات القضائية ألا يكون متزوجًا بغير عربية(30).

وكانت العلاقات بين الأعراق في الجنوب الليبي في أواخر العهد العثماني مبنية على قاسم مشترك هو العداء للأتراك(31). وفيما كانت القبائل العربية في مواجهة الطوارق، كان هؤلاء في مواجهة التبو. ففي ما بين سنتي 1831-1841 قاد زعيم قبيلة أولاد سليمان، عبد الجليل سيف النصر، حربًا شعواء ضد الأتراك، هاجر قبلها وبعدها أفراد من قبيلته إلى منطقة الكانم في محيط بحيرة تشاد(32). ويروي مخطوط تاريخي حيثيات هذه الفترة، وأن زعيمًا من أولاد سليمان هاجر إلى بلاد التبو. ويروي المخطوط كيف تم إكرامه حتى إنه حفظ القرآن في تلك المنطقة(33). ويورد ناختيغال في رحلته أن أولاد سليمان وهم محاربون خطرون قساة -كما يصفهم- كانوا يعتبرون عبيدهم جزءًا من الدائرة العائلية(34).

ولا يكاد يوجد تاريخيًّا ما يفسِّر العداء الشديد القائم حاليًّا بين أولاد سليمان وبين التبو. وإن كان البعضُ اليوم يرى أن هذا العداء يعود لحوالي خمسة قرون؛ في إشارة إلى سلالة بني نصور التي كانت تحكم إقليم فزان اسميًّا باسم مملكة الكانم، مرجِّحًا أنها سلالة تباوية وأن أولاد محمد الفاسي الذين ينحدر منهم آل سيف النصر زعماء أولاد سليمان أطاحوا بهذه الأسرة وانتزعوا ملكها إلا أن ما تورده المصادر الشحيحة هو أن بني نصور من أصول سودانية -أي من بلاد السودان لا دولة السودان(35)، وأن الذين انتزعوا منهم الملك هم بنو هويدي من قبيلة الخرمان. وعلى أنقاض مُلك هؤلاء قامت دولة أولاد محمد الفاسي(36).

ويرى باحثون غربيون أن مردَّ العداء بين أولاد سليمان أساسًا وعرب جنوب ليبيا الآخرين وبين التبو إنما هو الصراع على الثروة(37) التي يزخر بها إقليم فزَّان، وأن الحل يكمن في اقتسام الثروة؛ بحيث لا يشعر أي طرف بالحيف أو الغبن.

ويعتقد باحثون آخرون أن الأمر لا يعدو كونه استعظامًا للطفرة الديمغرافية للتبو في الجنوب الليبي، وخاصة في حواضر لم يكونوا من سكانها أصلًا(38)؛ كما أن التَّرِكة المأساوية لنظام القذافي لا تزال تلقي بظلالها على الجميع؛ من حيث الإحساس بالغبن والتهميش من الطرفين: عربًا وتبو.

مهما يكن من أمر؛ فإن الزائر للجنوب الليبي وخاصة مدينة سبها يلاحظ مدى الدمار الذي لحق بهذه المدينة ومنشآتها حتى التاريخية منها -جرَّاء الحرب الدامية بين القبيلتين- فلم تنجُ قلعة القاهرة الأثرية ولا مآذن المساجد ولا جدرانها ولا المستشفيات ولا الفنادق ولا الدور الآمنة. وتحسب نفسك في بيروت في مطلع الثمانينات: متاريس هنا وهناك وبوابات تفتيش ورصاص يلعلع في كل حين، وخطف بفدية وبدونها، واغتيالات… وهياكل دبابات ومدرعات وسيارات عسكرية ومدنية محروقة أو معطَّلة. هذا، دون الحديث عن مئات الأرواح التي أزهقت والجرحى الذين يعيشون بعاهة مزمنة. ووسط كل ذلك تستمر الحياة وتنعقد الزيجات إلى جانب المآتم، ويتردد رواد المقاهي على أفخمها، ويزخر السوق بكل أنواع البضائع، وإن كان بعضها لا يُنال إلا بالطابور كالخبز اليومي.

 

البعد القبلي والدولة المدنية

كما أسلفنا، فإن المجتمع الليبي قَبَلي يحكمه البعد القبلي والجهوي، الذي يمثِّل عاملًا رئيسيًّا في تحديد ملامح خارطة الصراع داخل الأراضي الليبية. اعتمدت كافة الأنظمة السياسية التي حكمت ليبيا، بدءًا بالملكية وصولًا إلى مرحلة الثورة مرورًا بالجمهورية والجماهيرية، على القبلية وما لديها من ميليشيات مسلحة في بناء تحالفاتها. وهكذا، فإن حال ميليشيات قبائل مصراته والزنتان في المنطقة الغربية، وقبائل المغاربة في المنطقة الشرقية، هي نفسها حال قبائل الجنوب: أولاد سليمان والزوي والمقارحة والحساونة والقذاذفة مع وجود امتداد لقبيلة ورفلَّة في الجنوب، وإن كانت غالبيتها في الغرب، فهذه القبائل تمتلك أكبر ميليشيات المنطقة الجنوبية، إضافة إلى التبو، وتتدخل في الشأن السياسي، بشكل لافت، بغية الحصول على مكاسب ونفوذ عن طريق المحاصصة. وكان نظام القذافي قد عمل على إعطاء امتيازات لقيادات بعض القبائل مثل الورفلة والزنتان في الغرب، على حساب بعض القبائل الأخرى مثل مصراته في الغرب، وأولاد سليمان في الجنوب؛ ما ساعد على تنامي روح الكراهية والتربص والحقد بين القبائل المختلفة(39).

تعاني قبائل هذه المنطقة من تجاهل الأنظمة الحاكمة على مرِّ العصور؛ إذ يشهد الجنوب صراعات مستمرة بين القبائل التي تنحدر من أصول إفريقية كالتبو، والقبائل العربية كالزوي، تدور في معظمها حول المحاصصة والتهريب والهجرة غير الشرعية. كذلك هناك قبيلة أولاد سليمان التي تُعَدُّ من أكبر القبائل المسيطرة في الجنوب، في مقابل قبائل الطوارق ذات الأصول الأمازيغية، والمحرومة من أدنى حقوقها الطبيعية كالأرقام القومية وجوازات السفر. وهكذا، يبدو الحديث عن دولة مدنية بليبيا خلال الفترات المقبلة إشكاليًّا إلا أن القبلية لها وجه إيجابي في المشهد السياسي الليبي، يتمثَّل في تصدي بعض القبائل للجماعات المتطرفة. ويعلِّق البعض آمالًا على المجلس الأعلى للقبائل الليبية المعني بوضع الحلول والآليات للمِّ الشمل القبلي الليبي(40).

ويصطدم قيام الدولة المدنية بجملة معوقات أبرزها الإرث الثقيل لنظام القذافي المتمثل أساسًا في تعميق الشرخ بين القبائل نفسها وبينها وبين الدولة؛ مما أدى إلى لا مركزية الاستبداد نتيجة أيضًا لضعف المؤسسة العسكرية، إضافة إلى الصراع على الثروة ولعنة الجغرافيا.

ولم تفلح محاولة السلطات الانتقالية منع التمييز في الانتساب للأحزاب على أسس قبلية وجهوية، من خلال قانون الأحزاب لسنة 2012. كما أن مسودة الدستور لا تزال متعثرة، تحت ضغوط ومطالبات من بينها مطالبة بعض القبائل بإدراج لغاتها في الدستور، ونعني بذلك الأمازيغ والطوارق والتبو.

 

التفاعلات والتوازنات

لئن كان نظام القذافي قد خلَّف إرثًا سياسيًّا واجتماعيًّا تنوء به الدولة الليبية وتتخبط في غياهبه بعد 7 سنوات على رحيله، فإن حلف شمال الأطلسي لم يقم بـ”خدمة ما بعد البيع”؛ بل خلَّف هو الآخر وضعية سياسية معقَّدة متعددة الفرقاء داخليًّا وخارجيًّا، وخاصة في الجنوب الليبي(41).

ومما يزيد الوضع تعقيدًا أن الصحراء الليبية الشاسعة الغنية بالنفط وبالمياه الجوفية، حيث يقع الجنوب الليبي، تمتد من خليج سرت في انبساط كبير يمتد شرقًا وغربًا وينزاح متسعًا إلى حدود ليبيا مع كل من تونس والجزائر والنيجر وتشاد والسودان ومصر. وهي مناطق حدودية ملتهبة بفعل أنشطة الحركات المسلحة وعمليات التهريب المتنوعة والحضور الأجنبي العسكري. هذا، فضلًا عن النزاعات العرقية والقبلية الدموية بين مكونات الشعب الليبي عموًما وخاصة في الجنوب.

ولكن مربط الفرس في ذلك كله هو الصراع على الثروات المعدنية الهائلة التي تزخر بها الصحراء الليبية وشريط أوزو ومنطقة كاوار ومنطقة دارفور؛ والتي تُسيل لُعاب القوى الأجنبية قبل كل شيء؛ مما يجعل من المشهد الليبي عمومًا وخاصة في الجنوب لوحة فنية دامية تشبه إلى حد بعيد رائعة غرنيكا للرسام العالمي الشهير بابلو بيكاسو.

وتزيد ضبابيةُ المشهدِ قتامةً إذا تعلق الأمر باستطلاع مآلات الأوضاع، خاصة في ظل تعدد الفرقاء داخليًّا وخارجيًّا. ولعل من أبرز المؤثرين في الجنوب الليبي الجارة الجنوبية تشاد التي لم تُحْرم فحسب من استغلال ثروات شريط أوزو بفعل النزاعات والحروب والألغام، بل تنامت على حدودها الشمالية قوةُ أصعبِ مكوناتِ شعبِها مِراسًا؛ ألا وهم التبو الذين استطاعوا فرْضَ أنفسهم في الجنوب الليبي أمرًا واقعًا وقطعوا أشواطًا في الاعتراف بهم محليًّا كشريك في صياغة دستور البلاد ويطمحون إلى ترسيم لغتهم، شأنهم في ذلك شأن جيرانهم الطوارق.

ويبدو أن تخوف تشاد من الظاهرة التباوية في الجنوب الليبي هو ما دفعها إلى الزجِّ بقوة جديدة على المسرح، حسب مصادر الطرف التباوي، بالتنسيق مع قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، كانت وراء عملية أم الأرانب، التي لم يتم تبنِّيها من أي طرف، بل أصدرت المعارضة التشادية بيانًا أعلنت براءتها منها براءة الذئب من دم يوسف(42)، وقام المجلس العسكري التشادي المعارض أيضًا بإقالة بعض أبرز قيادييه بعد العملية مباشرة(43)، وتنصَّل منها التبو أيضًا واتهموا النظام التشادي بالوقوف وراءها. وقد جاءت تزامنًا مع أنباء عن هجوم قوات النظام التشادي على محافظة مسكي الغنية بالذهب في شرقي تيبستي(44).

وتُقدِّر مصادر صحفية وأمنية تشادية أن حوالي 11 ألف عنصر من المعارضة التشادية منتشرون حاليًّا في جنوبي ليبيا، وأن هذه العناصر مقسمة إلى ست حركات، أهمها: “المهدي” و”تيمان” و”بوليمي”. وكانت المعارضة التشادية قد اعترفت بوجود قوات لها تقاتل في جنوبي ليبيا، ضمن قوات “سرايا الدفاع عن بنغازي”، كاشفة أن قادة من مسلحيها وقعوا أسرى لدى القوات المسلحة الليبية أثناء المعارك التي انسحبت على إثرها عناصر “السرايا”، والقوة الثالثة، من مناطق الجفرة وشمال سبها. ومن أهم المجموعات المسلحة التشادية التي تنتشر في الجنوب الليبي: المجلس العسكري لإنقاذ الجمهورية، الذي يُعَدُّ من أقوى حركات المعارضة التشادية، ويتشكَّل من آلاف المقاتلين، ويترأسه أبوبكر عيسى، بعد اعتقال زعيمه السابق محمد حسن بولماي، في النيجر؛ و”جبهة الوفاق من أجل التغيير” في تشاد، بمحيط مدينة سبها، وبعض المناطق المحيطة بها، ويتزعمها المعارض والوزير السابق، مهدي علي محمد، ذو الأصول التباوية، إضافة إلى “تجمع القوى من أجل التغيير” في تشاد، وهو إحدى حركات المعارضة التشادية المسيطرة على مواقع في جنوب مدينة سبها، ويتزعم التجمع أحد أبرز قادة المعارضة التشادية، الجنرال تيمان أردمي، الذي انشق عن الرئيس التشادي، إدريس ديبي. كما تحتفظ “الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة” في تشاد بوجود لها في الجنوب الليبي؛ حيث تنتشر في مناطق جبال “تيبستي” الحدودية وينادي معظم أبنائها بانتمائهم الليبي(45).

أما النيجر، فقد أوكلت أمر حدودها وأمنها للفرنسيين والأميركيين؛ حيث أقام الفرنسيون قاعدة عسكرية كبرى بمطار عسكري في مداما، آخر نقطة على الحدود النيجرية مع ليبيا، في حين أقام الأميركيون قاعدة لهم في مدينة أكدز عاصمة الشمال النيجري ذي المساحة البالغة حوالي 850 ألف كلم2. وانشغل عنها التبو في الجنوب الليبي وهم الذين طالما كوَّنوا الجبهات التي تناصبها الحرب وساعدوا جبهات الطوارق الثائرين على نظام نيامي.

وبعد المصالحة بين الخرطوم ونجامينا(46) ورفع النظام التشادي يده عن حركة العدل والمساواة السودانية المعارضة، دخلت هذه الحركة من بوابة التبو التابعين لإقليم الكفرة(47) وأصبح عناصرها سدنة موانئ تصدير النفط الليبي، والقوة التي يُراد منها أن تقف في وجه فلول تنظيم “الدولة الإسلامية” بعد دحره في سرت ولجوئه إلى صحراء الجفرة والفقهاء والهاروج.

شاركت حركة العدل والمساواة في جبهات القتال إلى جانب القوات الموالية لنظام القذافي ثم انسحبت في سبتمبر/أيلول 2011 من الجبهات إلى سبها. ثم ظهرت مجموعات كبيرة منهم في حراسة الحقول النفطية النائية في الصحراء. ويوجد حاليًّا معسكر لمقاتلي العدل والمساواة في زلة على بعد حوالي 280 كلم من خليج سرت (لعقيلة). وحسب مصادر صحفية من الجنوب الليبي، فإنه جرت اتفاقات جديدة بين اللواء المتقاعد خليفة حفتر وحركة مني على زيادة عناصر الأخيرة في الجفرة؛ إذ وجَّه قائد قوات الكرامة اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، لجنة من القيادات العسكرية الرفيعة للجلوس مع قيادات حركة جيش تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي، لحل الخلافات بين الجانبين، وانتهوا بزيادة عدد المقاتلين من قوات الحركة في ليبيا؛ ليصل العدد الكلي لقوات مناوي إلى أكثر من أربعة آلاف مقاتل. وحسب نفس المصدر، فإن المخاطبات تؤكد وجود قوات مناوي في كل من زلة التي ينتشر فيها 1450 مقاتلًا على متن 188 عربة، والجفرة 128 مقاتلًا و73 عربة، وتازربو 900 مقاتل و126 عربة(48).

أما بريطانيا التي كانت إلى غاية النصف الثاني من القرن العشرين أكبر المستفيدين من تقسيم ليبيا، فقد يئست من عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ثورة فبراير/شباط 2011، وفي هذا السياق، دعت صحيفة التايمز البريطانية في افتتاحيتها(49) دول العالم والغرب بشكل خاص “لمساعدة ليبيا التي تتجه إلى التقسيم”(50).

فيما يراقب الفرنسيون بحذر شديد ما يجري في الجنوب الليبي الذي حكموه لحوالي عقد من الزمن من سنة 1943 إلى غاية سنة 1951، ولكنه لم يعد ذلك الجنوب الذي خَبَروه وكانوا حريصين على عدم الخروج منه وكانوا يتطلعون إلى أن يربط بين مستعمراتهم في شمالي إفريقيا ومثيلاتها في وسط إفريقيا وغربيها، بل وتنازلوا للإيطاليين عن شريط أوزو طمعًا في الحصول على طرف منه(51). فقد طرأ عامل ديمغرافي جديد طالما اكتووا بنيرانه في شمالي تشاد(52). ورغم أنهم أسهموا في تسليح التبو في جبل نفوسة(53) فإنهم يخشونهم ويحاولون خطب ودهم؛ كي لا يخسروا ثروات الجنوب الليبي بعد عدم قدرتهم على الاستفادة من ثروات شريط أوزو الذي كانوا أول من استكشفه في مطلع القرن العشرين(54).

أما السودانيون فيعوِّلون على حليفهم الجديد، إدريس ديبي، في التنسيق مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر للمضي قُدُمًا في التحالف مع حركة العدل والمساواة السودانية المعارضة، ولا يُخْفُون مع ذلك تخوُّفَهم من الترسانة العسكرية التي أصبحت بأيدي هذه الحركة المسلحة جرَّاء تعاونها مع قوات حفتر.

ويظل الهاجس الكبير لكل من مصر وتونس والجزائر هو ضمان الأمن على حدودها مع جنوبي ليبيا؛ هذه الحدود التي تعتبر ممرًّا لشبكات التهريب وخاصة تهريب المخدرات(55). وتشترط الجزائر شرطين سياديين لحلحلة الأوضاع في ليبيا، هما: حكومة توافقية من جميع الفرقاء الليبيين، وعدم التدخل الأجنبي ولاسيما على الصعيد الميداني عسكريًّا.

فيما لا تُخفي إيطاليا دعمها لحكومة الوفاق الوطني، وتسعى إلى احتضان جلسات المصالحة(56) بين الفرقاء في الجنوب الليبي أملًا في جلبهم إلى صف هذه الحكومة التي تدعمها. كما لا تُخفي إيطاليا عدم الحرص على تنظيم انتخابات في القريب العاجل في ليبيا؛ فصناديق الاقتراع قد لا تجلب لها الحظ، وعصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة. ومن أكبر الهواجس لدى إيطاليا ملف الهجرة السرية الذي حدا بالإيطاليين إلى جعله ذريعة للوجود العسكري الإيطالي في الجنوب الليبي(57).

إلى ذلك، تتنازع إيطاليا(58) وفرنسا(59) الريادة في التدخل الأجنبي في الشأن الليبي(60). وتنظران بعين ملؤها الجشع إلى الثروة النفطية التي يزخر بها الجنوب الليبي، وبعين أخرى ملؤها الريبة إلى الحدود الجنوبية الليبية منفذ الهجرة غير الشرعية(61). هذا دون الحديث عن تدخل الدول الخليجية وانقسامها بين دعم الحكومة المؤقتة في الشرق الليبي وحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، ودون الحديث عن الروس والإيرانيين والأتراك والبيلاروس والأوكرانيين(62).

عمومًا، فإن تصريح المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، بتونس، في يونيو/حزيران 2018، يلخص كل شيء؛ حيث قال: إن “السيادة الليبية منتهكة لعدم توفر حدود مؤمَّنة وسلطة مركزية موحدة من جيش وشرطة وغيرها ما جعلها مهددة بالتدخل العسكري الخارجي”(63).

 

مآلات الصراع

يجري اليوم تمهيد غير معلن من أجل جرِّ البلاد لحروب جديدة، وخاصة من المؤسسات التي يفترض أنها تعمل على التمهيد لتأسيس كيان دولة تلمُّ شعث الجميع؛ حتى الهيئة التي تم تنصيبها وانتخابها لأجل وضع دستور يجمع الليبيين وُلدت ميتة؛ انسحب منها التبو ثم الطوارق منذ أيام قليلة. وكانت صحيفة الفايننشيال تايمز، في عددها الصادر في العاشر من يناير/كانون الثاني 2014، قد أوردت على لسان الشيخ محمد وردوغو أحد قادة التبو: “إذا لم يعطونا حقوقنا واستمروا في إساءة التعامل معنا سنعلن أننا لسنا جزءًا من ليبيا، هذه أرضنا نحن”(64).

فهل حلَّت لعنة الجغرافيا على شعب التبو كما يرى فردريك هورنمان (Frederick Horniman)؛ حيث يقول: “لولا الشعوب المتوحشة حولهم لأصبح التبو أمة عظيمة”(65)؟ وهل حلَّت على الجنوب الليبي لعنة ثرواته؟ وهل نحن أمام بَلْقَنةٍ للجنوب الليبي أم سَيَلُمُّ شعثه؟ وبأي ثمن باهظ؟

خاتمة

لا يبدو ضوء النفق في الأفق، فتعدد الفرقاء محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، وتعدد الامتدادات الديمغرافية، والانكشاف الجغرافي، والثروات الباطنية، كلها عوامل تَحُول دون استقرار ليبيا موحَّدة بأقاليمها الثلاث: برقة وطرابلس وفزَّان. وأكبر ضحية بينها هو الأخير الذي يكاد يغطي معظم الجنوب الليبي، إن لم يكن كله؛ لأنه الأكثر انكشافًا ديمغرافيًّا وجغرافيًّا، وهو أيضًا خزَّان ليبيا من حيث الطاقة والمياه بحوضيه الهيدروليكيين: الكفرة ومرزق.

وتُغذِّي الصراعَ الليبي-الليبي أزماتٌ إقليمية لها حظها الوافر في عدم استقرار الجنوب الليبي في مقدمتها: دارفور وأوزو أو تيبستي. وهي مناطق غنية أيضًا بالثروات الباطنية لها امتداداتها الديمغرافية في جنوبي ليبيا، وخاصة أوزو وتيبستي. ولها جبهاتها التي تتخذ من الجنوب الليبي معقلًا، بل ميدانًا لعملياتها كلما اكتتبها هذا الطرف أو ذاك، ما لم تعمل لحساب نفسها. وفي هذا المناخ المضطرب ينشط التهريب بكل أشكاله، حيث يُعَدُّ الجنوب الليبي ممرًّا رئيسًا من مسارب الهجرة غير الشرعية، إضافة إلى المخدرات بجميع أصنافها، ناهيك عن الأسلحة والوقود والذهب وغيرها.

يحنُّ الكثير من أبناء منطقة فزَّان إلى العهد الملكي، ومنهم من يُسِرُّ حَسْوًا في ارتغاء، من حيث يُظْهر ذلك وهو يحنّ أيضًا إلى عهد القذافي. إنهم يتعلَّقون بقشَّة: سئموا انقطاعات الماء والكهرباء، وطوابير الخبز والبنزين، والخطف ودفع الفديات، والقتل والترويع…

لكأن الوجود العسكري الفرنسي على حدود الجنوب الليبي تحضير للانقضاض على فزَّان، كما انقضُّوا عليه منذ أكثر من ستة عقود. ولكن الخريطة الديمغرافية تغيرت كثيرًا، فلم يعد التبو تلك الأقلية، وتغيَّر ميزان القوى، فلم تعد القبائل العربية، وخاصة أولاد سليمان، ذلك الشريك القوي الذي يُعوَّل عليه في بسط النفوذ على فزَّان. لكن، هل تسعى فرنسا التي سلَّحت التبو يومًا، من بوابة الزنتان، إلى أن يكونوا عصاها التي تتوكَّأ عليها وتهشُّ بها عن منطقة نفوذها الغابرة؟ وما مستقبل منطقة فزَّان في هذا الخضم المائج؟

المراجع

(1) هاوز-وارد، توماس، “الميليشيات الأجنبية في ليبيا”، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 10 أبريل/نيسان 2018، (تاريخ الدخول: 29 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

 http://carnegieendowment.org/sada/76035

(2) Boisbouvier, Christophe, “Libye: quand les Toubous se réveillent”, jeuneafrique, 16 Mai 2012, (Vu le : 28 Octobre 2018) :

https://www.jeuneafrique.com/141629/politique/libye-quand-les-toubous-se-r-veillent/

(3) Chougui, Hocine, “La composition ethnique des tribus libyennes”, the international solidarity movement-France, 1 Mars 2012, (Vu le : 27 Octobre 2018) :

http://www.ism-france.org/analyses/La-composition-ethnique-des-tribus-libyennes-article-16702

يتكوَّن المجتمع الليبي من أكثر من 2.200 قبيلة تتجمع تحت غطاء حوالي 30 قبيلة كبرى.

(4) دخلت القوات الفرنسية مدينة سبها في يناير/كانون الثاني 1943 وانسحبت سنة 1956 مع الاحتفاظ بثلاثة مطارات في منطقة فزَّان. وكانت مصحوبة لدى دخولها قادمة من الجنوب ببضعة آلاف من الليبيين تحت إمرة حمد سيف النصر زعيم قبيلة أولاد سليمان الذي شارك في الحملة على فزَّان بإيعاز وطلب من الملك إدريس السنوسي الذي وعده الفرنسيون بمساعدة الليبيين على تقرير المصير بعد التخلص من الإيطاليين. راجع: الصيد، محمد عثمان، محطات من تاريخ ليبيا، مذكرات محمد عثمان الصيد رئيس الحكومة الليبية الأسبق، (منشورات الجبهة الشعبية، الرباط، المغرب، 1996)، ط 1، ص 27-28.

وأيضًا:

Frémeaux, Jacques, Le Sahara et la France, (SOTECA, Saint-Cloud, 2010), p. 213-239.

(5) تُقَدِّر مصادر صحفية وأمنية تشادية أن حوالي 11 ألف عنصر من المعارضة التشادية منتشرون حاليًّا في جنوبي ليبيا.

Djiddi Ali, Sougoudi, “Des rebellions ou des identités meurtrières : pourquoi il ne faut pas participer à ces groupes?”, Alwihda Info, 5 Septembre 2018, )Vu le: 30 Octobre 2018) :

 https://www.alwihdainfo.com/rebellion+armee+tchadienne+en+libye

(6) للتوسع أكثر حول هضبة تيبستي راجع:

– Roure, Gil, “Le Tibesti, bastion de notre Afrique Noire”, L’Illustration, No 5013, 1er avril 1939.

– Bearman, P.J., Bianquis, Th., Bosworth, C.E., van Donzel, E., Heinrichs, W.P., Encyclopédie de l’Islam, (Brill, 2005).

– Bangoura, Mohamed Tétémadi, Violence politique et conflits en Afrique: le cas du Tchad, (L’Harmattan, 2005), p. 23.

– Maoundonodji, Gilbert, Les enjeux géopolitiques et géostratégiques de l’exploitation du pétrole au Tchad, (Presses universitaires de Louvain, 2009), p. 258.

(7) راجع: الصيد، محطات من تاريخ ليبيا، مرجع سابق، ص 183.

وأيضًا:

– Jason L. Permenter, Clive Oppenheimer, “Volcanoes of the Tibesti massif, (Chad, Northern Africa)”, Bulletin of Volcanology, No 69, 2007, p. 615.

– Deniel, Catherine; Vincent, Pierre M.; Beauvilain, Alain et Gourgaud Alain, “The Cenozoic volcanic province of Tibesti (Sahara of Chad): major units, chronology, and structural features”, Bulletin of Volcanology, No 77/74,‎ septembre 2015.

(8) للتوسع أكثر حول مناطق انتشار التبو، راجع:

– Collelo, Thomas; Nelson, D. Harold, Chad: a country study, (Library of Congress, Washington, D.C, 1990), p. 91.

– Kulesza, Patrick; Bellier, Irène, “Estimation des peuples autochtones dans le monde”, horiautoch2.indd, 2013, (Vu le: 27 octobre 2018) :

https://www.gitpa.org/web/MONDE.pdf.

– Leclerc, Jacques, “L’aménagement linguistique dans le monde”, Tchad, 24 décembre 2015, (Vu le: 25 octobre 2018) :

http://www.axl.cefan.ulaval.ca/afrique/tchad.htm.

– Boisbouvier, “Libye : quand les Toubous se réveillent”, jeuneafrique, op. cit.

(9) Nachtigal, Gustav, Saharâ und Sûdân, (E. Groddeck, Leipzig, 1889), Vol. 3, p. 39.

Chapelle, Jean, Nomades noirs du Sahara, (Plon, Paris, 1958), p. 36-37.

(10) ظلت واحة تازربو قرب الكفرة طوال قرن ونصف خالية، وحين زارتها الإنجليزية روزيتا فوربس سنة 1921 وجدتها خالية فيها آثار تركها التبو قبل أكثر من تسعة عقود لم يسكنها أحد من بعدهم، وهو ما أكده الرحالة الألماني غيرهارد رولفس قبلها بعقد كامل. راجع: الميدي آجي، شكري، “التبو المقاتلون”، فيسبوك، أغسطس/آب 2015، (تاريخ الدخول: 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

 https://www.facebook.com/ShoukriMediAji

(11) كافالا، غادي، “التبو مواطنون خارج النص”، منصة إلبيرو الإعلامية، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

 http://elbiro.net/tebou-in-libya/

(12) راجع: كادينو، حسن، “سجلات النفوس في ليبيا والتبو: الظلم المزعوم”، فيسبوك، 13 فبراير/شباط 2018، (تاريخ الدخول: 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

https://www.facebook.com/search/str/hassan+kadino/

(13) Baroin, C. Anarchie et Cohésion sociale chez les Toubou, (Cambridge University Press, Éditions de la Maison des sciences de l’homme, 1985).

(14) Chapelle, Nomades noirs du Sahara, op. cit, p.1-2.

(15) لم تخلُ العلاقات بين الطوارق والتبو من نزاعات دموية تُوِّجت بعدة اتفاقيات سلام تعود إلى سنوات 1650 و1820 و1893، راجع:

Carayol, Rémi, “Touaregs contre Toubous: la guerre oubliée du Sud libyen”, jeuneafrique, 7 Octobre 2015, (Vu le: 26 Octobre 2018):

https://www.jeuneafrique.com/mag/267994/politique/touaregs-contre-toubous-la-guerre-oubliee-du-sud-libyen/

(16) Chapelle, Jean, “Nomades noirs du Sahara”, in le Cœur, Ch., note critique, (Annales de géographie, persée, 1960), p. 632-635.

(17) Sougoumi, Abdramane, “des éclaircissements sur les terminologies: TOUBOU, DAZAGADA ET GORANE”, 28 Juin 2016, (Vu le: 15 Octobre 2018):

http://yaal-tchad.over-blog.com/2016/06/toubou-dazagada-et-gorane.html

 تعني كلمة “تو” أيضًا في لغة الكانم: الصخرة أو الجبل. هنالك تأويلات أخرى لاسم التبو ليست ذات بال لعل أشهرها أن كلمة التبو تعني العصفور (البُلْبُل) ومردُّ ذلك إلى الصفير الذي كثيرًا ما يُصْدِرُه التبو. ويوجد بهضبة التيبستي بركانٌ لا يزال نَشِطًا يسمَّى تُوسيدي ومعناها بلغتهم: الذي قتَل التبو بالنار.

راجع أيضًا:

Auzias, D., Labourdette, J-P, Tchad, (Petit Futé, 2de édition, 2006(, p.22.

(18) Chapelle, Nomades noirs du Sahara, op. cit, p. 38-79.

(19) يفتخر التبو بانتصارهم على “الإمبرطورية التركية في الكفرة بعد قتال شرس مع التبو بقيادة السلطان وردوغو الأول لجأوا بعده إلى مفاوضات مع التبو بسبب أن التبو لم يعطوا الميري أي الضريبة”. وتعدد وثيقة صادرة بتاريخ 6 سبتمبر/أيلول 2017 عن موسى وردوغو موسى كوني متحدث باسم زعيم التبو و”ملك ملوك إفريقيا” سلطان أحمد حكي انتصارات التبو على النازيين الألمان والفاشيين الإيطاليين والفرنسيين وتحيل الوثيقة إلى أرشيف مجاهدي قبائل ليبيا. راجع: ورضوا، موسى، متحدث باسم زعيم التبو وملك ملوك إفريقيا سلطان أحمد حكي (موسى وردوغو موسى كوني)، موسى ورضوا، 6 سبتمبر/أيلول 2017، (تاريخ الدخول: 19 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

https://www.facebook.com/profile.php

(20) Chapelle, Nomades noirs du Sahara, op. cit, p .4-79.

BAROIN, C., Les Toubou du Sahara central, (Editions Vents de sable, Paris, 2003), p. 75.

(21) تحدث الرحالة غوستاف ناختيغال في العقد الثاني من النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي عن كهوف في أرض تيبستي تُحيل إلى ما قاله هيرودوت. وكان هذا الأخير قد سمَّاهم الأحباش وأن لهم رطانة كأصوات الخفافيش. راجع:

Chapelle, Nomades noirs du Sahara, op. cit, p.36-37.

(22) Bonnichon, P.; Gény, P.; Nemo, J. Présences françaises outre-mer XVIe- XXIe siècles, (Académie des sciences d’outre-mer, Éditions Asom-Karthala, 2012), p. 89.

(23) ابن عبد الحكم، عبد الرحمن بن عبد الله، فتوح مصر والمغرب، (مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 1415هـ)، ص 60-65. البكري، أبو عبيد الله، المسالك والممالك، تحقيق سعد غراب، (دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1992)، ص 12-14-35. الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، (دار صادر، بيروت، 1993). القزويني، زكريا بن محمد، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، (دار آفاق الجديدة، بيروت، لبنان، 1981)، ص59. وكاوار هي بلاد التبو منذ القِدَم. ولا يزال “ماء فرس” يحمل نفس الاسم العربي ويقع ما بين مواضع أسماؤها كلها تباوية.

(24) يسميه ابن خلدون “عاهل كانم وسيِّد بورنو”. ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، (دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1983)، ج6، ص 652، ج2، ص346-347. قام سنة 640هـ/1242م بتأسيس مدرسة مالكية في القاهرة. العمري، ابن فضل الله شهاب الدين، مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، تحقيق: كامل سلمان الجبوري – مهدي النجم، (دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2010)، ص 46. المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، (دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1418هـ)، ج1، ص 194. كانت والدته من التبو وكان جيشه يتكون من مئة ألف فارس ومئة وعشرين ألفًا من المشاة دون احتساب عساكر البربر. وبفضل استعمال الفرسان ومساندة التبو امتدت مملكته إلى كاوار وفزان وتابع زحفه حتى ودَّان. راجع: تيري، جاك، تاريخ الصحراء الليبية في العصور الوسطى، ترجمة: جاد الله عزوز الطلحي، (منشورات للجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام، 2008)، ط 2، ص 362-363.

(25) كادينو، حسن، رأي، التباوية نيوز، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 29 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

 https://www.facebook.com/altubaweya.news

(26) في سنة 1859 كان حاكم بنغازي يدعى أحمد عزت باشا أرسل جيشًا لمهاجمة التبو بحجة تأمين طرق القوافل، فتأثرت تجارة الرقيق آنذاك. شارل، فيرو، الحوليات الليبية منذ الفتح العربي وحتى الغزو الإيطالي، ترجمة: محمد عبد الكريم الوافي، (جامعة قار يونس، بنغازي، 1994)، ط 3.

(27) الصيد، محطات من تاريخ ليبيا، مرجع سابق، ص 183-184.

(28) صدر ما يزيد عن 4500 شهادة جنسية لتشاديين من التوبو والقرعان وزغاوة دارفور خلال شهر مايو/أيار 2011. راجع: “حقيقة التبو وأصول علاقتهم بليبيا”، فيسبوك، 26 يونيو/حزيران 2012، (تاريخ الدخول: 29 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

 https://www.facebook.com/141274465971507/posts/289155367850082/

(29) راجع: “آخر حلفاء العقيد”، بي بي سي، 25 يونيو/حزيران 2011، (تاريخ الدخول: 29 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

 unsaid@bbc.co.uk/ https://www.youtube.com/watch?v=r91FDxLXWwk

– Human Rights Council, “Working Group on the Universal Periodic Review”, Summary prepared by the Office of the High Commissioner for Human Rights in accordance with paragraph 15 (c) of the annex to Human rights Council resolution 5/1: Libyan Arab Jamahiriya, Ninth session, Geneva, 1-12 November 2010, (Visited on 23 October 2018):

https://documents-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G10/150/54/PDF/G1015054.pdf?OpenElement

– “Libye: les Toubous et la tribu Ouled Slimane s’affrontent à nouveau à Sebha”, RFI, 27/02/2018, (Vu le: 29 Octobre 2018):

http://www.rfi.fr/afrique/20180227-libye-combat-sebha-tribu-toubou-ouled-slimane-khalifa-haftar

– Carayol, Rémi, Touaregs contre Toubous: la guerre oubliée du Sud libyen, jeuneafrique, 07/10/2015, (Vu le: 30 Octobre 2018):

https://www.jeuneafrique.com/mag/267994/politique/touaregs-contre-toubous-la-guerre-oubliee-du-sud-libyen

– Boisbouvier, “Libye: quand les Toubous se réveillent “, op. cit.

(30) كادينو، حسن، “تقنين تهميش التبو في ليبيا”، فيسبوك، 1 مارس/آذار 2018، (تاريخ الدخول: 29 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

 https://www.facebook.com/search/

(31) تيري، تاريخ الصحراء الليبية في العصور الوسطى، مرجع سابق، ص 710-711.

(32) المرجع السابق، ص 376.

(33) يقول مؤلف المخطوط، محمد عبد الجليل سيف النصر: إنه: “لما بلغ سن الثالثة عشر، تولى عمه عمر شقيق والده أمره، فانتقل إلى أرض تبو برفقته، فأولى اهتمامه بتعليمه، وأدخله محاضر الكتَّاب لحفظ القرآن وتلقينه، حتى فرغ من حفظه بالتمام، فأقام له عرسًا باذخًا في حضرة جمع الأنام، ذبح فيه مئة شاة من غنم الصدار، واستضاف الكثير من أهل النواحي بالجوار، باركوا لي وله الإجازة والتكريم، على ما أفاض الرب من النعيم، بحفظه للقرآن الكريم”. راجع: سيف النصر، محمد عبد الجليل، ري الغليل في أخبار بني عبد الجليل من سلاطين بلاد فزان، 1852، تحقيق عبد القادر الفيتوري، (د. ن.، د. ت)، ص 4.

(34) Nachtigal, Saharâ und Sûdân, op, cit, p. 351-352.

(35) يقول بعض سكان تراغن -الواحة الواقعة قرب مرزق في أقصى جنوبي غربي ليبيا- السود أولاد كسوم حتى اليوم إنهم منحدرون من الحكام الكانميين للمنطقة، وترجع وثائق بني ثامر هذه الأسرة إلى بورنو. راجع: تيري، تاريخ الصحراء الليبية في العصور الوسطى، مرجع سابق، ص 363-364.

(36) أسستها أسرة إدريسية من فاس سنة 1553 وانتهت سنة 1813 على أيدي الأتراك، شهدت 22 سلطانًا كانوا يحكمون فزَّان من عاصمتهم مرزق وكانوا يعطون إتاوة كبيرة للأتراك في طرابلس. للمزيد راجع: الحسناوي، حبيب وداعة، وثائق دولة أولاد امحمد بفزان، (مركز جهاد الليبيين للدراسة التاريخية 1994؛ ليون). فرانسيس، جون، من طرابلس إلى فزان، ترجمة: مصطفى جودت، (الدار العربية للكتاب، ليبيا، تونس 1976). أيوب، محمد سليمان، جرمة من تاريخ الحضارة الليبية، (دار المصراتي، طرابلس ليبيا).  فيرو، شارل، الحوليات الليبية، ترجمة: محمد عبد الكريم وافي، (جامعة قار يونس، ليبيا).

(37) تُعَدُّ ليبيا ثاني منتج للنفط في إفريقيا ولديها أكبر احتياطي نفطي في القارة قُدِّرَ سنة 2011 بحوالي 46.4 مليار برميل إضافة إلى احتياطي الغاز المقدَّر بحوالي 1548 مليار متر مكعب. وبلغ دخل الفرد سنة 2009 حسب الناتج الوطني الخام أكثر من 12 ألف دولار. وتتركز هذه الثروات في الجنوب الليبي.

TOÏ, Germain, “La communauté internationale face à  la crise libyenne: quel équilibre entre le droit d’ingérence humanitaire et la souveraineté des états?”, Mémoire online, 2011, (Vu le : 20 Octobre 2018):

https://www.memoireonline.com/06/17/9969/La-communaute-internationale-face–la-crise-libyenne-quel-equilibre-entre-le-droit-dingerence.html

(38) نسبت صحيفة الفايننشيال تايمز، في عددها الصادر في العاشر يناير/كانون الثاني 2014، إلى من وصفته بالمتحدث باسم مجلس حكماء قبائل سبها قوله: “إن القذافي جلب سبعمئة وخمسين ألفًا من ذوي البشرة السوداء من النيجر وتشاد ومالي إلى ليبيا خلال الحرب وأن مئة وخمسين ألفًا منهم فقط عادوا إلى ديارهم”.

Daraghi, Borzou, “Libya’s badlands”, Financial Times, 10 January 2014, (Visited on 23 October 2018):

https://www.ft.com/content/e5881820-78c4-11e3-a148-00144feabdc0

(39) عنان، عماد، “خريطة القبائل في ليبيا ودورها الأساسي في الصراع”، رصيف 22، 6 مارس/آذار 2017، (تاريخ الدخول: 29 ديسمبر/كانون الأول 2018):

 https://raseef22.com/politics/2017/03/06/

(40) حنفي علي، خالد، “خرائط القوى القبلية والسياسية والجهادية في ليبيا بعد الثورة”، مجلة أوراق الشرق الأوسط، العدد 64، يوليو/تموز-سبتمبر/أيلول 2014.

(41) تقر صحيفة الفايننشيال التايمز اللندنية في عددها الصادر يوم 10 يناير/كانون الثاني 2014 بأنه “رغم إنهاء حكم القذافي الديكتاتوري، إلا أن الغرب لم يساند ليبيا في بناء الدولة بالقدر الكافي والمطلوب”.

Daraghi, “Libya’s badlands”, op, cit.

وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول من نفس السنة 2014، وفي المنبر الدولي حول السلم والأمن في إفريقيا المنعقد في داكار بالسنغال اتهم الرئيس التشادي، إدريس ديبي، حلف شمال الأطلسي والدول الغربية عمومًا بأن حربهم على ليبيا كانت من أجل اغتيال القذافي فقط وأنهم لم يباشروا “خدمة ما بعد البيع”.

Duhem, Vincent, “Paix et sécurité: à Dakar, Idriss Déby Itno se lâche sur la crise libyenne”, jeuneafrique, 17 décembre 2014,  (Vu le: 19 Octobre 2018) :

 https://www.jeuneafrique.com/37238/politique/paix-et-s-curit-dakar-idriss-d-by-itno-se-l-che-sur-la-crise-libyenne/

(42) جاء في بيان حركة الخلاص الوطني التشادية المعارضة على لسان الناطق الرسمي باسمها باسولي داود، بتاريخ 18 أكتوبر/تشرين الأول 2018، أنها “تطالب بتشكيل لجنة دولية للتقصي والتحقيق فى اتهامات زائفة بتدخل المعارضة التشادية في الصراع الليبي-الليبي”، وأن الحركة تدين وتستنكر بشدة أي تدخل في شؤون دول الجوار عامة ودولة ليبيا خاصة. واتهم البيان “عصابات الإجرام والحرابة المتحالفة مع مخابرات نظام إدريس ديبي في نجامينا”، و”أن مثل هذه الاتهامات المعممة باسم (المعارضة التشادية) عمل مرفوض ويعتبر إشاعة لا أساس لها من الصحة، ولا تستند إلى أي دليل”. داود، باسولي، بيان، التباوية نيوز بوست، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

 https://www.facebook.com/altubaweya.news/

(43) حسب مصادر صحفية محلية في الجنوب الليبي قام المجلس العسكري القيادي التشادي المعارض بإقالة شخصيات وازنة في المجلس وطرد البعض منهم من الجبهة، من بينهم: محمد علي يوسف (ضيوف)، المرشح القوي لرئاسة الجبهة في المرحلة القادمة، وأبكر محمد إسحاق، نائب المتحدث العام للجبهة، وحسن سنوسي، المدير العام للشرطة العسكرية للجبهة، وعيسى كدي محمد، نائب مدير الشرطة العسكرية المستشار الخاص للشؤون الأمنية للأمين العام، وسليمان محمد أبو يسكيمي، نائب المستشار العام للشؤون الاستشارية الإدارية التنفيذية للجبهة. المجلس العسكري القيادي التشادي المعارض، التباوية نيوز بوست، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

 https://www.facebook.com/altubaweya.news/

(44) تؤكد مصادر محلية من جنوبي ليبيا تحرك قوات النظام التشادي نحو تيبستي وأنه تمت هزيمة هذه القوات التي يقودها ابن الرئيس التشادي. وينظر التبو إلى عملية أم الأرانب وعمليات الخطف والقتل التي تقوم بها العصابات على أنها ليست بمنأى عن إقالة المجلس العسكري التشادي لبعض قيادييه الذين خططوا وموَّلوا هذه العمليات -حسب التبو دائمًا- بدعم من اللواء المتقاعد خليفة حفتر وبتنسيق بين الأخير والنظام التشادي، كادينو، حسن، “أنباء عن هزيمة قوات ديبي”، فيسبوك، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 29 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

  https://www.facebook.com/search/str/stories-keyword/stories-public

(45) Djiddi Ali, Sougoudi, “Des rebellions ou des identités meurtrières: pourquoi il ne faut pas participer à ces groupes?”, Alwihda Info, 5 Septembre 2018, (Vu le : 30 Octobre 201) :

https://www.alwihdainfo.com/rebellion+armee+tchadienne+en+libye

(46) وصف الرئيس السوداني، عمر البشير، القوة الحدودية السودانية-التشادية المشتركة بأنها “نموذج لإرساء الأمن”، ودفع باتجاه حدوث انعطافة دراماتيكية في العلاقات السودانية-التشادية منذ العام 2010، في تغيير إيجابي نادر في المنطقة. انظر: هاوز-وارد، الميليشيات الأجنبية في ليبيا، مرجع سابق.

(47) يُنظر إلى عيسى ماينا قرنسو (عيسى عبد المجيد)، مؤسس جبهة التبو لإنقاذ ليبيا سنة 2007 في عهد القذافي، وهو تباوي من إقليم الكفرة على أنه وراء استجلاب حركة العدل والمساواة الدارفورية السودانية إلى ليبيا من جديد كما يتم الحديث عن أسماء أخرى معه من بينها بشير صالح. علمًا بأن بعض الدارفوريين هم على ارتباط بقبائل التبو، أو يتشاركون معها تحالفات قديمة. انظر: هاوز- وارد، الميليشيات الأجنبية في ليبيا، مرجع سابق.

(48) وفي مراسلة من آمر منطقة سبها، بتاريخ 11 أكتوبر/تشرين الأول 2018، إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر، شدَّد الآمر المذكور على أن القوة المساندة السودانية غير منضبطة ومنتشرة في الواو وسبها وأم الأرانب وتمسة. راجع: “اتفاقات جديدة بين خليفة حفتر وحركة مني على زيادة المرتزقة في الجفرة”، التباوية نيوز بوست، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 29 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

https://www.facebook.com/altubaweya.news

(49) في عددها الصادر يوم 29 يوليو/تموز 2014، نوَّهت فيه أن المقال يعبِّر عن وجهة نظر الصحيفة.

(50) نشرت صحيفة الفايننشيال تايمز البريطانية، في عددها الصادر يوم 10 يناير/كانون الثاني 2014، تقريرًا مطولًا عن الجنوب الليبي الذي يُعَدُّ منبعًا رئيسيًّا للنفط. التقرير الذي كتبه بورزو داراغاهي (Borzou Daragahi) مراسل الفايننشيال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وصفه في صفحته على تويتر بأنه أروع وأهم ما قدم من تقارير خلال عمله مع الصحيفة منذ وقت طويل. بدأ التقرير بعنوان مثير يصف ليبيا بالوعرة (Libya’s badlands) وتحدث بإسهاب شديد عبر مقابلات متنوعة مع الجنوبيين عن العلاقة بين النفط والسلاح، والصراع الخطير بين الأعراق المختلفة: تبو وعرب وطوارق، واصفًا إقليم فزان بالإوزة التي تبيض ذهبًا، وكيف تم العبث وعدم الاستفادة من هذه الإمكانيات والثرواث بسبب الحروب القبلية.

Daraghi, Borzou, “Libya’s badlands”, op, cit.

(51) حدث ذلك في معاهدة 1935 بين موسوليني ولافال، وهي المعاهدة التي لم يصادق عليها البرلمان الفرنسي آنذاك.

Djarma, Al-Hadj Garondé, “Encore un drapeau libyen à Aouzou?”, makaila, 25 Décembre 2011, (Vu le : 23 Octobre 2018) :

http://www.makaila.fr/article-encore-un-drapeau-libyen-a-aouzou-94602813.html

(52) فقد الفرنسيون بين سنتي 1968-1972 في تيبستي شمالي تشاد 39 جنديًّا في حربهم ضد التبو الثائرين آنذاك على نظام نجامينا. كما خطف التبو عدة رعايا فرنسيين أعدموا بعضهم. وكانوا إلى جانب ابن زعيمهم، جوكوني وداي، الذي تصفه فرنسا بالحصان الخاسر والذي راهنت عليه ليبيا في ظل القذافي في بداية السبعينات من القرن الماضي لانتزاع السلطة في تشاد من حليف فرنسا.

Djarma, “Encore un drapeau libyen à Aouzou?”, op, cit.

(53) في شهر يونيو/حزيران من سنة 2011، قامت القوات الفرنسية بإلقاء كميات كبيرة من الأسلحة من الطائرات على جبل نفوسة دعمًا لمقاتلي الزنتان الذين كان التبو قد دخلوا للتو معهم في تحالف ضد نظام القذافي، انظر:

Boisbouvier, “Libye : quand les Toubous se réveillent”, jeuneafrique, op. cit.

(54) قامت بعثة علمية عسكرية فرنسية بتفويض من أكاديمية العلوم الفرنسية بأبحاث جيولوجية مهمة في شريط أوزو ووضع أول خريطة جغرافية دقيقة للمنطقة وأظهرت الأبحاث وجود كميات ضخمة من النفط واليورانيوم والكوبالت والمنغنيز والحديد وغيرها، انظر:

Djarma, “Encore un drapeau libyen à Aouzou?”, op, cit.

(55) نسبت صحيفة الفايننشيال تايمز، في عددها الصادر يوم 10 يناير/كانون الثاني 2014، إلى إبراهيم موسى أحد قادة الميليشيات التباوية المكلفة بحماية آبار النفط الليبي في أقصى الجنوب قوله: “إن السلاح الآن في يد الجميع هنا، وإن القاعدة تأتي من مالي، بينما تدخل المخدرات من الجزائر والنيجر”، راجع:

Daraghi, Borzou, “Libya’s badlands”, op, cit.

(56) رعت باريس كذلك، نهاية مايو/أيار 2018، اتفاقًا غير مكتوب بين الفرقاء الليبيين، ينص على إقامة انتخابات برلمانية ورئاسية في شهر ديسمبر/كانون الأول 2018، وتعهدت كل الأطراف بقبول نتائج الانتخابات، والمساعدة في عملية دعمها، مع توفير المتطلبات الأمنية لحماية العملية الانتخابية. وجمع مؤتمر باريس أطراف الأزمة الرئيسية الأربعة، وذلك لأول مرة على طاولة المفاوضات، وهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ورئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، ورئيس مجلس الدولة الأعلى، خالد المشري، انظر: غبارة، عبد الباسط، “إيطاليا تحشد الدَّعم لمؤتمرها حول ليبيا”، بوابة إفريقيا الإخبارية، 27 سبتمبر/أيلول 2018، (تاريخ الدخول: 22 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

https://www.afrigatenews.net/article

(57) لدى تصريح وزير الداخلية الإيطالي باعتزام دولته فتح مراكز للمهاجرين في جنوبي ليبيا بحماية إيطالية سارعت فعاليات ليبية أبرزها المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان إلى إصدار بيان في 29 يونيو/حزيران 2018 يحمل الرقم الإشاري 127 ب/2018 رفض فيه المجلس بشدة هذه الخطوة. انظر: بيان، المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان، فيسبوك، 2 يوليو/تموز 2018، (تاريخ الدخول: 27 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

 https://www.facebook.com/MajlsFazan/

(58) جددت إيطاليا دعمها حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، إثر زيارة مفاجئة قام بها وزير خارجيتها، إنزو ميلانسيزي، إلى العاصمة الليبية طرابلس، في أول زيارة للوزير خارج إيطاليا بعد توليه منصبه، حيث قال الوزير الإيطالي: إن “اختياره لليبيا كأول زيارة له خارج إيطاليا بعد استلامه لمنصبه هو دلالة على أن الملف الليبي يتصدر قائمة ملفات السياسة الخارجية لإيطاليا”. انظر: غبارة، عبد الباسط، “أطماع الدول تهدد ليبيا”، بوابة افريقيا الإخبارية، 8 يوليو/تموز 2018، (تاريخ الدخول: 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018):

https://www.afrigatenews.net/article

(59) طالب خالد المشري، رئيس مجلس الدولة الأعلى في ليبيا، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالتواصل مع كل الأطراف الليبية لوقف ما وصفه بـ”الخروقات”، التي تقوم بها بعض الأطراف لاتفاق باريس. وانتقد المشري في خطاب وجهه إلى الرئيس الفرنسي قرار اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بنقل إدارة مؤسسات النفط في منطقة الهلال النفطي إلى الحكومة المؤقتة في الشرق بدل حكومة الوفاق في الغرب. راجع: غبارة، أطماع الدول تهدد ليبيا، مرجع سابق.

(60) حرب النفوذ بين إيطاليا وفرنسا في ليبيا تحولت إلى حرب علنية منذ اجتماع باريس. ونقلت صحيفة “الجورنال” الإيطالية تحذيرات وزيرة الدفاع الإيطالية، إليزابيتا ترينتا، السلطات الفرنسية من تدخلها في الشأن الليبي مؤكدة أن بلادها هي الدولة القادرة على قيادة الدولة الليبية وأن القيادة بيد “إيطاليا” فيما يتعلق بالحالة الليبية. وذكرت الصحيفة أن الوزيرة الإيطالية قالت لنظيرتها الفرنسية، فلورنس بارلي، على هامش الاجتماع الوزاري بمقر الناتو في بروكسل: “لنكن واضحين.. القيادة في ليبيا لنا”، انظر: غبارة، “أطماع الدول تهدد ليبيا”، مرجع سابق.

(61) صرَّح وزير الخارجية الإيطالي، في أول زيارة له خارج بلاده بعد تعيينه بأن بلاده حريصة على وحدة المؤسسات الليبية، على وجه الخصوص المؤسسة الوطنية للنفط، مضيفًا أن إيطاليا تتطلع إلى زيادة التعاون الاقتصادي مع ليبيا والتعجيل بإعادة تدوير عجلة الاقتصاد. وأعلن الوزير الإيطالي رفض بلاده قرار اللواء المتقاعد خليفة حفتر الخاص بتسليم موانئ النفط إلى ما وصفه بـ”كيانات موازية غير معترف بها، ووجوب تصحيح ذلك”. كما أكد الجانبان أهمية العمل لتحقيق الاستقرار تحت مظلة الأمم المتحدة. وأكد وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، أن “إيطاليا في حال امتناع الاتحاد الأوروبي عن تقديم الدعم الضروري لليبيا لمساعدتها على مواجهة التسيُّب الأمني وأنشطة المهربين ستضطر إلى مساعدة ليبيا بنفسها”. انظر: غبارة، “أطماع الدول تهدد ليبيا”، مرجع سابق.

(62) العقيد أحمد المسماري، وهو كبير المتحدِّثين باسم الجيش الوطني الليبي، يشدِّد مرارًا وتكرارًا على أن هناك “مؤامرة واضحة” تتمثل في تواطؤ بعض الحكومات العربية سرًّا، لدعم الإرهاب في ليبيا، ارجع: هاوز-وارد، “الميليشيات الأجنبية في ليبيا”، مرجع سابق.

(63) يربط تقرير صادر في العام 2017 عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة والمعني بليبيا، صراحةً أنشطة جيش تحرير السودان بالجيش الوطني الليبي بزعامة خليفة حفتر. يوجد الفصيلان الأساسيان التابعان لجيش تحرير السودان -جناح مني مناوي وجناح عبد الواحد نور- في ليبيا، وفي حين أن التقديرات عن أعدادهم غير دقيقة، أشارت مصادر تحدَّث معها فريق الأمم المتحدة، إلى أن جناح نور وحده يتألف من 1500 مقاتل في ليبيا في أي وقت من الأوقات. فضلاً عن ذلك، يُعرَف عن القيادي السابق في حركة العدل والمساواة، عبد الله جنا، أنه يتنقَّل في موكب مؤلَّف من 70 آلية سيارة على الأقل، وقد ادَّعت جبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد المتحالفة مع قوة مصراته الثالثة أن عدد مقاتليها في ليبيا يبلغ، في كانون الأول/ديسمبر 2016، 700 مقاتل، على الرغم من أن تقرير الأمم المتحدة يلفت إلى أنه ربما ازداد هذا الرقم ليصبح ما بين 1000 و1500 مقاتل. حتى إنه يُشتبَه بأن حكومة تشاد تضغط من أجل دفع متمرديها لعبور الحدود باتجاه ليبيا كي “يبقوا منشغلين بأمور أخرى”، انظر: هاوز-وارد، “الميليشيات الأجنبية في ليبيا”، مرجع سابق.

(64) في لقاء أعيان التبو بأعيان الجبل الأخضر والمستشار مصطفى عبد الجليل، خلال مايو/أيار 2012، أكد أعيان التبو في مجمل حديثهم على أنهم ليسوا طلاب سلطة ولا من دعاة تقسيم ليبيا. وأشار أحد الأعيان إلى أن “الهوية لا تُمنح بل إنهم ينتزعونها بقوتهم الجغرافية”. وفي رسالة إلى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، بتاريخ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2018، اتَّهمَ التجمعُ الوطني التباويُّ السيدَ عبدَ المجيد سيف النصر بالسعي لفصل الجنوب عن جسد الوطن، وأنه المتهم الرئيس في إذكاء فتيل الفتنة في الجنوب عندما كان عضوًا بالمجلس الانتقالي من بين اتهامات أخرى. راجع: “لقاء أعيان التبو بأعيان الجبل الأخضر”، التباوية نيوز بوست، مايو/أيار 2012، والتجمع الوطني التباوي، “رسالة إلى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني”، التباوية نيوز بوست، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 29 أكتوبر 2018):

    https://www.facebook.com/altubaweya.news

(65) هورنمان، فردريك، رحلتان عبر ليبيا، (دار ومكتبة الفرجاني، ليبيا، 1974)، ط 1، ص 9.