مقدمة

كان اجتياح مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق والشام، مدينة الموصل العراقية، في 14 يوليو/تموز 2014، بداية النهاية لصعود هذا التنظيم المفاجئ، الذي بسط نفوذه على مناطق واسعة من سوريا والعراق، قبل إعلانه حالة التمكين النهائية، وإقامة الخلافة الإسلامية، مُتَوِّجًا زعيمه، “أبو بكر البغدادي”، في الخامس والعشرين من نفس الشهر خليفة للمسلمين، وفارِضًا بيعته على سائر المسلمين أينما كانوا في أرجاء المعمورة. لكن تلك الخطوة كانت بمنزلة ضوء أخضر للشروع في تشكيل تحالف دولي ضم 80 دولة، على جناح السرعة، كانت الغاية منه القضاء على تنظيم الدولة وتحرير الأراضي الواقعة تحت سيطرته. فشرع “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في توجيه ضربات جوية للتنظيم في معاقله، بداية الأسبوع الأول من أغسطس/آب 2014، ليدخل مع تلك المرحلة في مواجهة برية مفتوحة، شاركت فيها القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي وقوات البيشمركة الكردية العراقية، ووحدات حماية الشعب الكردية السورية، وقوات سوريا الديمقراطية. وانتهت تلك المواجهة بتحرير المدن العراقية وطرد عناصر التنظيم منها، ثم تلا ذلك تحرير مدينة الرقة السورية وسائر الأراضي الواقعة تحت سيطرة التنظيم، لتنتهي سيطرة التنظيم على الأرض مؤخرًا بسقوط آخر جيب له في منطقة الباغوز السورية.

ومع تلاحق هذه الأحداث وانقلاب حال “دولة خلافة” التنظيم من شعار “باقية وتتمدَّد” إلى واقع جديد هو “تتلاشى وتختفي”، بدأت أسئلة عديدة تطرح نفسها عن مصير عشرات آلاف المقاتلين الذين كانت تعج بهم مناطق سيطرة التنظيم، وجاؤوا من كل بقاع الدنيا، منهم من قُتِل ومنهم من اعتُقِل، وكثير منهم تلاحق الأسئلة مصيره المجهول، لتتجه الأنظار إلى مناطق ظهر فيها لذلك التنظيم أنصار وفروع أيام عزه وإعلان خلافته، مثل منطقة الساحل والصحراء التي لا تزال تشكل خاصرة رخوة في المنظومة الأمنية العالمية بسبب اعتبارات عديدة، فضلًا عن بعض مناطق شمال إفريقيا.

وبالتزامن مع كل هذا، كان تنظيم القاعدة يُلَمْلِم شتاته، ويحاول تجاوز الضربات التي تلقاها بعد انسحاب مئات المقاتلين منه والتحاقهم بخصمه العنيد ومنافسه اللدود في ساحة الجهاد العالمية، وهو تنظيم “الدولة الإسلامية”، منذ انفصالهما عن بعضهما البعض عام 2013، وذلك بعد أن ظن قادة تنظيم القاعدة أن “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”، سيكون قوتهم الضاربة في المنطقة، ليتفاجؤوا بإعلان زعيم التنظيم، “أبو بكر البغدادي”، رفض التبعية للقاعدة وإنهاء حالة الارتباط بها، ووصف مُمَثِّل تنظيم القاعدة في سوريا زعيم “جبهة النصرة”، “أبو محمد الجولاني”، بـ”المارق والآبق”، ووصل الأمر إلى درجة الاقتتال بين الطرفين في سوريا وليبيا والصومال. وقد سعت قيادة تنظيم القاعدة إلى محاولة امتصاص تلك الصدمات والتأقلم مع الواقع الجديد، مستعينة بسلسلة توصيات ومخططات كان الزعيم المؤسس للتنظيم، أسامة بن لادن، قد وضعها وشرع في التخطيط لتنفيذها قبل اغتياله على يد وحدة خاصة من القوات الأميركية في مدينة آبوت آباد الباكستانية، فجر يوم 2 مايو/أيار عام 2011، فشرع خليفته، أيمن الظواهري، في إعادة ترتيب أوراقه ومنح مزيد من الاستقلالية المحلية، والتحرر من ربقة المركزية المرتبطة بقرار القيادة في “بلاد خراسان”، لفروع التنظيم في مناطق مختلفة من العالم، فظهرت تشكيلات جديدة، وأُعِيد رسم تحالفات وتسميات لم تكن معروفة من قبل في سوريا ومصر وليبيا ومالي ونيجيريا وغيرها.

انطلاقًا من هذه المعطيات، سنحاول في هذه الدراسة تتبع مصير هذين التنظيمين في منطقة الساحل والصحراء وشمال إفريقيا، على ضوء مستجدات الوضع في منطقة المشرق العربي، حيث تقلصت فرصهما في الانتشار والظهور، على أن نقف على واقع الجيوب والفروع التابعة لهما في هذه المنطقة، واحتمال تحولها إلى حاضنة للهاربين من العراق وسوريا.

وتهدف الدراسة إلى الغوص في إشكالية حالة الانزياح التي يُتوقع أن تعرفها “الحالة الجهادية” في المشرق العربي أو جزء كبير منها على الأقل، نحو منطقة شمال إفريقيا والساحل والصحراء، على ضوء انهيار المنظومة الإدارية والعسكرية لدولة “الخلافة” التي أنشأها تنظيم الدولة، وتقلص مساحتها الجغرافية، إلى حد الاندثار، وتشتت مواردها البشرية بين المقابر والمعتقلات والمخابئ، ثم نبحث فيما يثار من أسئلة حول العلاقة بين “الجهاديين” في المشرق العربي، ونظرائهم في المنطقة، ومدى الارتباط التنظيمي والأيديولوجي بينهما، وهل من الوارد أن يكون الجيل الجديد من الجهاديين في شمال إفريقيا والساحل والصحراء أكثر راديكالية وأشد تطرفًا من الجيلين السابقين، (القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية)؟ وما مدى تأثير التنازع على شرعية تَمْثِيل “الحركة الجهادية العالمية” بين القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، على فروعهما في المنطقة؟

كما تسعى الدراسة إلى رصد المعطيات المتوافرة ومقاربتها واستجلاء حقيقتها، من خلال قراءة استنباطية تستند إلى المتكأ العلمي البحت وتتبع ما يُنشَر ويتردد صداه في مراكز الدراسات وبين المهتمين والمتخصصين، عن فرضية بروز جيل ثالث من الجهاديين في منطقة الساحل والصحراء وشمال إفريقيا، جيلٍ تمرَّس على المواجهة وخَبِر الحروب والاحتكاك، وبات أقدر على إلحاق الضرر بالمنظومة العالمية التي تحاربه، خصوصًا في منطقة كالساحل والصحراء تعاني الهشاشة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وغياب النَّفَس الديمقراطي والعدالة الاجتماعية، فضلًا عن رصد الدراسة للتطورات الميدانية هناك، وذلك بغية فهم أعمق لما يدور فيها، بعد أن أصبحت منطقة ملتهبة، وتحولت إلى مسرح مفتوح للمواجهة بين دول المنطقة وبعض الجيوش الغربية من جهة، والتنظيمات ذات الطرح الجهادي من جهة أخرى، ومعرفة ما إذا كان هذا “المد الجهادي” المنتشر في صحراء تمتد حتى ضفاف البحر الأبيض المتوسط، وتعج بالمصالح الغربية والدولية، سيتصاعد بوتيرة مشابهة لما حصل خلال العقد الماضي في المشرق العربي.

وتعتمد الدراسة منهجًا يستحضر الحالة التاريخية القريبة للحركة الجهادية في المنطقتين (المشرق العربي، والساحل والصحراء وشمال إفريقيا)، والتطورات التي مرت بها، والمنعطفات الحاسمة التي واجهتها، قبل أن تصل إلى الوضع الراهن، الذي سنحاول تقديم قراءة لخريطته السياسية انطلاقًا من مفهوم الجغرافيا السياسية باعتبارها تهتم بالعلاقات التبادلية-التأثيرية بين كل من الجغرافيا والسياسة، حيث تفرض الجغرافيا نفسها على السياسة كَقَدَر لا فكاك منه، ومن هنا تسعى السياسة لتخطي العوائق الجغرافية(1). وفي هذا السياق، تهدف الدراسة إلى التعمق في الخريطة الجغرافية للحركات الجهادية في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، والتأثير المتبادل بين هذه التنظيمات والمناطق التي توجد فيها، وأسباب تمركزها ونشاطها هناك، على أن يقودنا ذلك إلى استشراف مستقبل تلك الجماعات والتنظيمات، مع التنبيه إلى أن النشاط الجهادي في المنطقة يقتصر على تنظيمي القاعدة و”الدولة الإسلامية”، باعتبارهما طرفي المعادلة في الحركة الجهادية العالمية، حيث يتخذ تنظيم القاعدة بكل فروعه في شتى أنحاء العالم، من قيادة “تنظيم القاعدة في بلاد خراسان” التي يتزعمها أيمن الظواهري، مرجعًا قياديًّا له، ويعتبر أسامة بن لادن الأب الروحي والمؤسس الأول لهذا التنظيم خلال العقد الأخير من القرن الماضي. أما تنظيم “الدولة الإسلامية”، فهو الابن الشرعي لحركة التوحيد والجهاد التي أسَّسها “أبو مصعب الزرقاوي” في العراق عقب الاحتلال الأميركي سنة 2003، وتطور التنظيم بعد ذلك ليمر بمراحل من أهمها مرحلة “الدولة الإسلامية في العراق”، ثم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، قبل أن يستقر أمرها على “الدولة الإسلامية” أو “دولة الخلافة”، وتتَّخذ فروع هذا التنظيم من خليفته، “أبو بكر البغدادي”، مرجعية قيادية ودينية؛ حيث يأتمرون بأمره وينتهون بنواهيه.

  1. تنظيم الدولة: من الباغوز إلى أين؟

يبقى تنظيم الدولة الأكثر تضررًا من الحرب الدائرة ضد ما يسمى الإرهاب في المشرق العربي، خصوصًا في سوريا والعراق، بعد إسقاط خلافته وطرده من مناطق سيطرته، التي كانت منطقة الباغوز في سوريا آخر جيب له فيها، لاسيما أنه كان يعتمد في تعاطيه مع أنصار التيار الجهادي على منطق الكَمِّ والوفرة والأرض، بخلاف تنظيم القاعدة الذي اعتمد منطق الكيف والنوع والتمويه. فقد استقطب تنظيم الدولة آلاف المقاتلين والعناصر من كلا الجنسين، من مختلف أصقاع الدنيا بحجة العيش تحت راية التوحيد وعلى أرض يُقام فيها شرع الله، ويحكمها خليفة المسلمين، فكان حجم التوافد والإقبال على مناطق سيطرته كبيرًا، ومع انهياره وخروج الأراضي عن سيطرته، كان لزامًا على المئات من أولئك المقاتلين والعناصر الذين تلقوا تكوينًا فكريًّا وعقديًّا، فضلًا عن تأهيل عسكري وقتالي، أن يبحثوا عن ملاذات آمنة لإعادة التجميع ومواصلة “النشاط الجهادي”، فكانت منطقة الساحل والصحراء وشمال إفريقيا من أهم الاحتمالات المطروحة، خصوصًا وأن “إخوة” في التنظيم ينشطون في تلك المناطق ويقاتلون على جبهات فتحوها باسم “جند الخلافة” هناك، فكانت ليبيا معقلًا للعشرات من مقاتلي التنظيم الذين استغلوا حالة الفراغ الأمني وضعف سلطة الدولة المركزية منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي، عام 2011، فحكموا مدينة درنة في شرق ليبيا فترة تحت اسم “ولاية برقة الإسلامية”، قبل طردهم منها، فسيطروا على مدينة سرت في الجنوب تحت اسم “ولاية فزان الإسلامية”، ليُطردوا منها وينتشروا بعد ذلك في الصحاري والجبال الممتدة بين ليبيا والنيجر ومالي، فضلًا عن مجموعات أخرى تابعة للتنظيم تنتشر في مناطق بغرب ليبيا تحت اسم “ولاية طرابلس الإسلامية”، وبعض الأتباع والمؤيدين في تونس، التي بدأت تظهر فيها هي الأخرى دعوات لمبايعة “الدولة الإسلامية” منذ إعلان ما يعرف “بالنصرة القيراونية للدولة الإسلامية”، على يد عناصر كانوا ينشطون ضمن تنظيم أنصار الشريعة في تونس. أما في مالي والنيجر، فتنشط جماعة “أبو الوليد الصحراوي” التي تدين بالولاء لتنظيم الدولة، منذ مايو/أيار 2015، وفي شمال نيجيريا وجنوب النيجر تنشط جماعة “أهل السنة للدعوة والجهاد” المعروفة إعلاميًّا باسم “بوكو حرام”، وقد بايع قادتها تنظيم الدولة الإسلامية، وأخذت اسم “ولاية غرب إفريقية”.

هذه المعاقل كان من الطبيعي أن تكون الاحتمال الأقوى للجوء المئات من مقاتلي التنظيم الناجين من معارك العراق وسوريا، خصوصًا من أبناء دول منطقة شمال إفريقيا والساحل والصحراء، الذين رحل العشرات منهم إلى  العراق وسوريا للقتال في صفوف الحركات الجهادية، حيث توجه المئات من التونسيين والليبيين والمغاربة والجزائريين وغيرهم إلى هناك، واليوم يتوقع أن يعود عشرات منهم، لكنها عودة محفوفة بالمخاطر، وتنظر إليها دول المنطقة والدول الأوروبية على الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، بكثير من القلق والريبة، بل يزداد الأمر تعقيدًا حين تكشف القراءات التحليلية والمعطيات المتوفرة(2) عن احتمال عودة مقاتلين ينتمون للتيار الأكثر تشددًا في التنظيم ليشكِّلوا بذلك نواة للجيل الثالث من السلفية الجهادية، يكون أكثر راديكالية وتشددًا من القاعدة وتنظيم الدولة..

من المعلوم أن تنظيم الدولة حين سيطر، ما بين عامي 2013 و2014، على مساحات شاسعة من العراق وسوريا، كان يُنظر إليه باعتباره جيلًا جديدًا من “الجهاديين” أكثر راديكالية من جيل تأسيس الحركة السلفية المقاتلة (تنظيم القاعدة)، غير أنه بعد سيطرته على الأرض وشروعه في ترتيب شؤون دولته وبناء مؤسساتها، اتضح أنه يضم في صفوفه خليطًا من الأفكار والرؤى يتوكَّأ كل منها على منظومة فتاوى ورؤى عقدية، تتقاطع أحيانًا وتتصادم أحيانًا أخرى. وقد تبلورت هذه الاختلافات في صراع ثنائي بين تيارين رئيسيين داخل التنظيم، حاول كل منهما السيطرة على مفاصل الدولة والتحكم فيها عشية إعلان “الخلافة”، ويتعلق الأمر بتيار البنعليين (نسبة إلى مفتي التنظيم السابق البحريني، تركي البنعلي) والحازميين (نسبة إلى الداعية السعودي، أحمد بن عمر الحازمي). وتطور الصراع بين الطرفين بشكل كبير، وصل في بعض الأحيان إلى حد قيام عناصر “البنعليين” المسيطرين على مفاصل الدولة الإسلامية بتنفيذ إعدامات واعتقالات في حق عدد من عناصر وقادة “الحازميين” بتهمة “الغلو والتطرف” والانتماء لمجموعة أشد راديكالية من المرجعية الفكرية للتنظيم، وذلك بعد أن ظهرت داخل صفوف التنظيم نزعة تطورت سريعًا لتتبلور في شكل تيار عريض سيطر على ما يُعرف باللجنة المفوَّضة داخل التنظيم، وتوغل في هياكل “الدولة” وقنوات اتخاذ القرار، ويبشر برؤية تدفع نحو مزيد من التشدد والتطرف، لدرجة وصلت حدَّ تكفير قيادة تنظيم “الدولة الإسلامية” نفسها، ووَصْفِها بـ”الطاغوت والشِّرْك”، وعُرِف هذا التيار باسم “الحازميين” نسبة إلى شيخ سلفي سعودي يسمى أحمد بن عمر الحازمي، (معتقل حاليًّا في المملكة العربية السعودية). وقد دخل منظِّرو هذا التيار في نقاشات وخصومات مع باقي منظِّري تنظيم الدولة، وفي مقدمتهم المفتي السابق للتنظيم، البحريني “تركي البنعلي” (قُتل في مايو/أيار عام 2017)، والمتحدث السابق باسم التنظيم، “أبو محمد العدناني” (قتل في أغسطس/آب عام 2016). وانحازت قيادة التنظيم، مُمَثَّلَة في أبي بكر البغدادي وكبار معاونيه، إلى تيار “البنعليين”، وشنَّت حملة اعتقالات وإعدامات استهدفت عناصر “الحازميين” في التنظيم بتهمة الغلو والتشدد والتكفير(3).

غير أن ما يهمنا هنا هو الزاوية الأخرى لهذا التخندق الفكري والأيديولوجي داخل التنظيم، إذ كان من اللافت للانتباه أن أغلب معتنقي فكر تيار “الحازميين” وقادته ينتمون لمنطقة المغرب العربي وشمال إفريقيا، مع وجود أنصار لهم في السودان وقلة من المشرق العربي؛ لذلك سنجد حين نعود إلى الوقائع أن أغلب الإعدامات، التي نفذها تنظيم الدولة ضد “الحازميين” بتهمة الغلو والتطرف، استهدفت بعض التونسيين والجزائريين والمغاربة، ومن أبرز من تم إعدامهم بهذه التهمة: “أبو جعفر الحطاب التونسي”، وهو قيادي سابق في تنظيم أنصار الشريعة بتونس، وكذلك “أبو مصعب التونسي” و”أبو أسيد المغربي”، و”أبو الحوراء الجزائري”، و”أبو عبد الله المغربي”.

ويعود السبب الرئيس لانتشار النزعة “الحازمية” بين التونسيين وأبناء دول المغرب العربي أكثر من غيرهم إلى أن مُنَظِّر التيار، أحمد بن عمر الحازمي، زار تونس أواخر، عام 2011، بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، وأقام فيها فترة من الزمن، قابل خلالها العشرات من أنصار التيار السلفي الجهادي، وألقى هناك العديد من المحاضرات والدروس والدورات العلمية، في المساجد والتجمعات العلمية، فكان له تأثير كبير على الشباب السلفي التونسي الذين اعتنق عددٌ منهم أفكارَ الرجل ورؤاه العقدية، ونشروها في ليبيا وفي صفوف الجهاديين الجزائريين وغيرهم من أبناء المنطقة.

  1. المنطقة في انتظار “الحازميين”

بعد انهيار الخلافة في سوريا والعراق، بدأت المرحلة التالية من مسيرة التنظيم، وتشمل عودة آلاف المقاتلين من غير العراقيين والسوريين إلى بلدانهم ومناطقهم الأصلية لاستئناف نشاطاتهم من جديد، وهو ما يعني عودة المئات من مقاتلي دول المغرب العربي وشمال إفريقيا إلى المنطقة، وأغلبهم من أتباع تيار “الحازميين”. وليس مستبعدًا أن تكون مناطق الصحراء الكبرى والساحل وليبيا وشمال سيناء الموطن القادم لهؤلاء، هذا إضافة إلى أن المنطقة عرفت سابقًا وجود قيادات جهادية تحمل نفس الطرح الفكري، كما هي الحال بالنسبة لزعيم بوكو حرام السابق، “أبو بكر شيكاو”، والذي ما زال يحتفظ بولاء أغلب عناصر الجماعة له، حيث كشفت الوثائق والمراسلات بين قيادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وقيادة بوكو حرام خلال الفترة ما بين 2006 و2011، عن اعتماد “أبو بكر شيكاو” على مراجع ومصنفات تُنَظِّر لهذا الفكر وتدافع عنه، مثل كتاب “المتممة” لعلي بن خضير، وكتاب “لا عذر بالجهل في الشرك الأكبر” لضياء الدين القدسي، وكتاب “الأفق المبين” لبشير عبد الله، وهي كلها مؤلفات توصف بأنها تنظير وتشريع لفكر أكثر راديكالية وتطرفًا، وينتقدها معظم مُنَظِّري الحركات الجهادية في العالم ويُسمِّيها قادة القاعدة وشرعيوها “خرافات الخوارج”.

كما أن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن بعض الخارجين من مدينة سرت في جنوب ليبيا بعد طرد تنظيم الدولة منها عام 2016، على يد قوات البنيان المرصوص التابعة لحكومة الوفاق الليبية، يحملون نفس الفكر الحازمي، وقد توغل بعضهم في الصحراء وبدأ ينشط فيها.

  1. شمال سيناء: بؤرة تنظيم الدولة

في شمال سيناء، ينشط فرع تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف باسم “ولاية سيناء”، الذي أعلن مبايعته لتنظيم الدولة في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وهو التنظيم المنبثق عما كان يعرف بجماعة “أنصار بيت المقدس” التي برزت إلى الوجود في مطلع العام 2011، بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك. وقد نفذت هذه الجماعة في بداية نشاطاتها هجمات استهدفت أنبوب الغاز المصري المتجه إلى إسرائيل والذي يمر عبر أراضي سيناء، كما نفذت هجمات ضد الجيش المصري والقوات الأمنية، والأقباط المصريين. ويعتبر تنظيم ولاية سيناء أنشط التنظيمات الجهادية في سيناء، كما سبق وأن أُعْلِن عن ميلاد تنظيم جهادي آخر في شمال سيناء يحمل اسم “جند الإسلام”، عام 2013، يدين بالولاء لتنظيم القاعدة. وقد دخل في مواجهات مع عناصر “ولاية سيناء” الذين يدينون بالولاء لتنظيم الدولة، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017. ووصف “جند الإسلام” مقاتلي ولاية سيناء بأنهم “جند الخوارج” منددًا بما سمَّاه اعتداء مسلحي ولاية سيناء على المدنيين، كما سبق وأن نفذ هجومًا ضد الجيش المصري في مدينة رفح المصرية بسيناء، غير أن تنظيم “جند الإسلام” اختفى تقريبًا أو توقف نشاطه منذ حوالي عامين(4).

وأُعْلِن عام 2015 عن ميلاد تنظيم جهادي جديد تحت اسم “المرابطون” يدين بالولاء كذلك لتنظيم القاعدة، وقد أسَّس هذا التنظيم الضابط السابق في قوات الصاعقة المصرية، هشام عشماوي، المكنَّى “أبو عمر المهاجر”، وذلك بعد أن رفض قرار قيادة تنظيم “أنصار بيت المقدس” مبايعة تنظيم الدولة وتغيير اسمها إلى ولاية سيناء، لكن ظل هذا التنظيم شبه غائب عن الأحداث الميدانية، وإن كانت الحكومة المصرية، قد اتهمته بالمسؤولية عن محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق، اللواء محمد إبراهيم، في سبتمبر/أيلول 2013، وشن هجمات ضد مراكز ونقاط أمنية من أشهرها هجوم في منطقة الفرافرة بالصحراء الغربية المصرية، الذي قتل فيه 26 ضابطًا وجنديًّا من القوات المصرية. وقد اعتقلت القوات الموالية، للواء المتقاعد خليفة حفتر، في شرق ليبيا، زعيم هذا التنظيم، هشام عشماوي، في مدينة درنة الليبية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2018، وسلَّمته للقوات المصرية في نهاية مايو/أيار 2019، حيث يواجه عقوبة الإعدام بتهمة المسؤولية عن عدد من الهجمات في مصر. ولا يُعرَف ما إذا كان التنظيم سيحتفظ ببنيته الهيكلية ونشاطاته المسلحة بعد اعتقال زعيمه ومؤسسه، أم سيختفي ويذوب مقاتلوه في التنظيمات الجهادية الأخرى في المنطقة.

  1. ليبيا: انتشار للجهاديين

ينشط حاليًّا في ليبيا عدد من التنظيمات والخلايا الجهادية تتوزع في الولاء بين تنظيمي الدولة والقاعدة، ولفهم حيثيات هذه التنظيمات وخلفياتها، لابد من العودة ولو باختصار لتاريخ النشاط الجهادي المسلح في ليبيا، حيث ظهرت أول جماعة جهادية في ليبيا تحت اسم “سرايا الجهاد” التي أسَّسها الناشط الليبي، عوض الزواوي، سنة 1982، لكن القبضة الأمنية لنظام معمر القذافي شلَّت التنظيم بعد إلقاء القبض على عدد من عناصره وفرار آخرين خارج البلاد، غير أن الحرب في أفغانستان شكَّلت فرصة لتجمع عشرات من الشباب الليبيين على غرار مجموعات شبابية من بلدان عربية شتى، للتدريب والتأهيل. وفي نهاية تلك الحرب، أسَّس عدد من الليبيين الذين كانوا منخرطين في الجهاد الأفغاني تنظيمًا جديدًا باسم “الجماعة الليبية المقاتلة” استطاع التسلُّل إلى داخل الأراضي الليبية، ودخل في مواجهات أمنية مع القوات الأمنية الليبية سنة 1995، لكنه تعرض لضربات قوية كان من أشدها مذبحة سجن “أبو سليم” في العاصمة طرابلس، التي وقعت في يونيو/حزيران 2006، وقُتِل فيها حوالي 1200 سجين، من المتهمين بالانتماء للتنظيم. وأعلن التنظيم لاحقًا عن وقف النشاط المسلح في ليبيا والدخول في حوار مع النظام، أفضى إلى إعلان قادة الجماعة الليبية المقاتلة عن مراجعات جوهرية في منهجها، والدخول في مصالحة مع نظام العقيد، معمر القذافي(5).

لكن بعد اندلاع الثورة ضد نظام القذافي، عام 2011، حمل العشرات من عناصر “الجماعة” السلاح، وشاركوا في القتال ضد كتائب القذافي، وبعد سقوط النظام توزع هؤلاء بين مجموعات مسلحة مختلفة، والتحق بهم العشرات من الليبيين الذين قاتلوا في مالي والجزائر وآخرون كانوا ينشطون ضمن خلايا نائمة في الداخل الليبي، وتأسست عدة جماعات جهادية كان من أبرزها:

4.1. تنظيم أنصار الشريعة

تعتبر كتيبة أنصار الشريعة التي تأسست في مدينة بنغازي بشرق ليبيا واحدة من أكبر التنظيمات الجهادية في ليبيا، وقد تأسَّست على يد القيادي الجهادي الليبي، محمد الزهاوي، المكنى “أبو مصعب”، في بداية 2012، ورفعت راية المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، وانخرطت مبكرًا في بيعة “تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي”، وأسَّست فروعًا تابعة لها في درنة وأجدابيا وسرت وأوباري. ولجأ تنظيم أنصار الشريعة في صراعه مع أنصار تنظيم “الدولة الإسلامية” عشية ظهورهم في درنة إلى تحكيم القيادات الشرعية لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، الذين آزروا تنظيم أنصار الشريعة ونصروه في مواجهته مع المنشقين عنه من أتباع تنظيم الدولة. وتتهم الحكومة الأميركية التنظيم بالمسؤولية عن الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، يوم 11 سبتمبر/أيلول عام 2012، والذي قُتِل فيه السفير الأميركي في ليبيا، كريستوفر ستيفنز (Christopher Stevens)، رغم نفي قادة الجماعة مسؤوليتهم عن ذلك. كما دخل التنظيم في مواجهة مفتوحة مع قوات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، بعد إعلانه إطلاق عملية الكرامة. وشهدت شوارع وأحياء مدينة بنغازي مواجهات ضارية بين مقاتلي التنظيم وميليشيات قوات الكرامة، مُنِي خلالها التنظيم بخسائر فادحة وقُتِل عدد كبير من قادته ومُؤَسِّسيه من بينهم، أمير التنظيم، محمد الزهاوي، الذي أُعلن عن وفاته في شهر سبتمبر/أيلول 2014، متأثرًا بإصابات لحقت به أثناء المعارك مع قوات خليفة حفتر، وتولى قيادة الجماعة بعده، ناصر الطرشاني، المكنى “أبو خالد”، وقد أُعْلِن عن مقتله هو الآخر في قصف طائرة مجهولة في يوليو/تموز عام 2017، في شمال مدينة بنغازي(6).

وبعد إخراجه من مدينة بنغازي، أعلنت قيادة تنظيم أنصار الشريعة في مايو/أيار 2017، عن حلِّ التنظيم، غير أن العديد من الخبراء يعتقدون أن مقاتلي التنظيم أعادوا إحياءه من جديد، خصوصًا في مناطق الجنوب والوسط، حيث احتفظ التنظيم ببنيته الهيكلية في مدن أوباري وغات، تحت قيادة الشيخ أحمد الإفوغاسي، وهو من أقارب زعيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في مالي، إياد أغ غالي، ومن أبرز مُنَظِّريها في الجنوب الليبي، “أبو ميمون”، وصلاح أيوب، وتتوفر هذه الجماعة على عدد من المقار والمراكز في الجنوب، وترتبط بالتنظيمات الجهادية التابعة للقاعدة في شمال مالي.

4.2. تنظيم الدولة: من درنة إلى سرت

شهدت ليبيا ميلاد تجمعات وميليشيات مسلحة تدين بالولاء لتنظيم “الدولة الإسلامية”، ظهرت لأول مرة في مدينة درنة بشرق ليبيا التي سيطر عليها مسلحون إسلاميون منذ بداية الثورة الليبية ضد نظام القذافي عام 2011، وذلك بعد نشوب خلافات بين تلك التنظيمات إثر قيام مقاتلي كتيبة “شهداء أبو سليم”، أبرز الكتائب الإسلامية المسلحة في المدينة، بتأمين وحراسة رئيس المجلس الانتقالي الليبي الأسبق، مصطفى عبد الجليل، عندما زار المدينة  في بداية الثورة الليبية، فأعلن عناصر من الكتيبة انشقاقهم عنها بحجة أن مصطفى عبد الجليل “طاغوت” وحراسته عمل ينافي التوجهات الدينية والفكرية للكتيبة. وأعلنت مجموعات جهادية أخرى، مثل: “كتيبة البراء” و”جيش الإسلام” وتنظيم طلائع الخلافة”، رفضها لتصرف كتيبة “شهداء أبو سليم”، وانخرطوا في إطار تنظيم موحد سنة 2013 تحت اسم “مجلس شورى شباب الإسلام في درنة وضواحيها”. وفي عام 2014، أعلن هذا التنظيم مبايعته لتنظيم الدولة الإسلامية وخليفته، “أبو بكر البغدادي”، وتغيير اسمه ليصبح “ولاية برقة التابعة لدولة الخلافة الإسلامية”، ودخل أنصار تنظيم الدولة في مواجهات عنيفة مع كتيبة “شهداء أبو سليم” التي كانت مدعومة من طرف تنظيم أنصار الشريعة، وقوى إسلامية أخرى تعمل تحت اسم “مجلس شورى مجاهدي درنة”. وتوترت العلاقة بين الطرفين إلى أن وصلت حد الاحتكاك المباشر، الذي بلغ ذروته في يونيو/حزيران عام 2015، حيث اندلعت معارك عنيفة بين الطرفين انتهت بطرد التنظيم من درنة وسيطرة “مجلس شورى مجاهدي درنة” عليها، منتصف عام 2015، حيث توجهت أرتال من التنظيم إلى مدينة سرت بجنوب البلاد وفرضوا سيطرتهم عليها، واستتب لهم الأمر هناك إلى أن طردتهم قوات البنيان المرصوص التابعة لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج منها، فانسحبوا إلى الصحراء والجبال والوديان المنتشرة في جنوب البلاد، وأعادوا تنظيم صفوفهم هناك، بينما تسلل بعض من قادتهم وعناصرهم إلى شمال مالي عبر الحدود مع النيجر، حيث انضموا لمقاتلي جماعة “أبو الوليد الصحراوي” المبايِعة لتنظيم الدولة الإسلامية، كما استمر عدد منهم في التمركز قرب بلدة النوفلية شرق مدينة سرت، بقيادة المدعو “القرقعي”، حيث يشنون من حين لآخر هجمات على بعض المواقع النفطية ويقتلون بعض حراسها(7).

  1. مالي: حاضنة الجهاديين في الساحل

في مالي، أعيد رسم خريطة الحركات الجهادية أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، وفي الوقت الراهن توجد في المنطقة عدة تنظيمات جهادية من أبرزها تنظيم ما يُعرف بجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وهي عبارة عن تكتل بين عدة حركات جهادية كانت تنشط في شمال ووسط مالي، ويقودها الزعيم الطارقي، إياد أغ غالي، وتدين بالولاء لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وتنظيم القاعدة الأم في أفغانستان، كما جاء في بيان تأسيسها الذي تلاه زعيمها، مطلع مارس/آذار 2017، وتضم التنظيمات التالية:

5.1. جماعة أنصار الدين

وهي تنظيم سلفي جهادي محلي تأسَّس في أكتوبر/تشرين الأول 2011، ويتألف أساسًا من مقاتلين من قبائل “الإفوغاس” الطارقية، ويتزعمه إياد أغ غالي، وهو زعيم طارقي محلي، قاد حركة التمرد الثورية اليسارية في شمال مالي سنة 1989، قبل أن يوقع اتفاق سلام مع الحكومة المالية(8)، ثم تخلَّى سنة 2007 عن الفكر اليساري القومي، وانضم إلى جماعة الدعوة والتبليغ، كما عمل قنصلًا لجمهورية مالي في السعودية، قبل أن يظهر عام 2011 في جبال “تغرغارت” بشمال مالي، معلنًا عن تأسيس تنظيم جهادي محلِّي سمَّاه “أنصار الدين”، وانضم إليه عشرات المقاتلين الطوارق الذين كانوا ينشطون ضمن حركة متمردة تعرف باسم “تحالف مايو”، أسَّسها الزعيم الطارقي الراحل، إبراهيم أغ باهنغا. وقد دخل إياد أغ غالي في تنسيق مباشر مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي فور تأسيس “جماعة أنصار الدين” وأصبح القائد الفعلي لتجمع الحركات الجهادية في مالي؛ حيث بسط نفوذه سنة 2012 على منطقة أزواد بكاملها، والتي تمثِّل نسبة 66% من أراضي جمهورية مالي. وتعتبر منطقة آدرار الإفوغاس، في أقصى شمال شرق مالي، مسرحًا لنشاطاتها وتحركاتها، خصوصًا منطقة جبال تغرغارت، وبوقسة وإبيبره، وتنزواتين، وغيرها، ولها فرع في منطقة نهر النيجر جنوب أزواد، يعرف باسم “أنصار الدين الجنوب”، ويعرف أيضًا باسم كتيبة غورما، ويتألف هذا الفرع من مقاتلين من قبيلة “سيرير” وهي إحدى قبائل الإيمغاد الطارقية، إضافة إلى بعض المقاتلين من قبائل إدوسحاق وشماناماس وغيرهم، وهي كلها قبائل طارقية، وينشط هذا الفرع في منطقة هاروباندا، وأدونيزا وغورما، باتجاه حدود منطقة منيكا، وعلى ضفاف نهر النيجر، وكان يقودها القاسم أغ المنصور، الذي قتله الفرنسيون سنة 2018، ولم يُكشف النقاب عن اسم قائد جديد لها حتى الآن.

5.2. كتائب ماسينا

تأسَّس هذا التنظيم عام 2014 من طرف مقاتلين من قبائل الفلان الزنوج تحت قيادة الداعية السلفي، محمد كوفا، والذي ينحدر من منطقة موبتي وسط مالي، وقد أعلنت قيادة هذا التنظيم فور تشكيلها عن مبايعتها لآمر جماعة أنصار الدين، إياد أغ غالي، وانخراطها في القتال إلى جانبه. وتنشط كتائب تحرير ماسينا أساسًا في منطقة “ماسينا” وسط جمهورية مالي، خصوصًا ولايتي موبتي وسيغو، وتتميز هذه الكتائب بطابعها العرقي، حيث ينتمي كل مقاتليها لقبائل الفلان المنتشرة في المنطقة. وقد أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي (Florence Parly)، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عن قتل قواتها زعيم التنظيم، محمد كوفا، لكن هذا الأخير ظهر بنفسه في فيديو أصدرته جماعة نصر الإسلام والمسلمين، بداية مارس/آذار 2019، متحدثًا بالصوت والصورة، وكذَّب الوزيرة الفرنسية ساخرًا من حديثها عن مقتله، ومن أشهر كتائب ماسينا كتيبة “خالد بن الوليد” التي تعتبر بمثابة قوات النخبة في التنظيم.

5.3. جماعة “المرابطون”

وهي تنظيم تأسس في أغسطس عام 2013 بعد إعلان توحد “حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا” بقيادة عبد الرحمن ولد العامر المكنى أحمد الأزوادي، الذي ينحدر من إحدى القبائل العربية في مالي، وكتيبة “الملثمون” بقيادة الجزائري المختار بلمختار المكنى “خالد أبو العباس”. وتولى قيادة التنظيم عشية تأسيسه “أبو بكر المهاجر”، وهو ناشط جهادي مصري قاتل سابقًا في أفغانستان والعراق ضد القوات الأميركية(9)، لكنه قُتِل بعد أشهر من تعيينه على رأس التنظيم، فأُسْنِدت قيادته إلى أحمد الأزوادي، الذي تمكنت القوات الخاصة الفرنسة من اغتياله نهاية عام 2014، بعدها انفجر صراع داخلي على قيادة التنظيم بين رئيس مجلس شورى الجماعة، المختار بلمختار، والرئيس السابق لمجلس شورى جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، “عدنان أبو الوليد الصحراوي”، فنصَّب كل واحد منهما نفسه أميرًا للتنظيم؛ حيث أعلن “أبو الوليد الصحراوي” أنه القائد الفعلي للتنظيم وبايع باسمه “خليفة” تنظيم الدولة، “أبو بكر البغدادي”، وانشق مع عدد من المقاتلين وغيَّروا الاسم إلى جماعة الدولة الإسلامية في مالي. أما المختار بلمختار، فقد احتفظ بقيادة التنظيم وأعلن تجديد البيعة لتنظيم القاعدة في بلاد خراسان بقيادة أيمن الظواهري، كما أعلن مبايعة أمير القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، عبد الملك دوركدال، المكنى “أبو مصعب عبد الودود”، 2012، وبقي بلمختار يقود التنظيم إلى غاية اختفائه عن الأنظار في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016؛ حيث يُرجَّح أنه قُتل مع عدد من قادة القاعدة في قصف جوي استهدف مسلحين في أحد المساكن قرب بلدة قرضة الشاطئ شمال مدينة سبها الليبية، فأُسندت قيادة التنظيم بعده إلى محمد ولد انويني، المكنى الحسن الأنصاري، وهو من عرب شمال مالي، لكن القوات الفرنسية تمكنت من اغتياله مع عدد من قادة أنصار الدين بداية عام 2018. وقد أشرف الحسن الأنصاري قبل مقتله على إدماج التنظيم في التحالف الجهادي الجديد المسمى “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، وبعد مقتل ولد انويني، غيَّر التنظيم اسمه ليصبح “إمارة غاو الكبرى” وعُيِّن هماما ولد لخويير، المكنى حمزة الأنصاري، أميرًا له.

وينشط تنظيم المرابطون أو “إمارة منطقة غاو الكبرى” في منطقة غاوا وتلمسي، انطلاقًا من مدينة غاوا عاصمة الولاية، باتجاه بلدة تبنكورت شمالًا، وحتى منيكا والحدود مع النيجر شرقًا، حيث ينتشرون في الغابات والمرتفعات الرملية هناك.

5.4. إمارة الصحراء

تعود أصول هذا التنظيم إلى ما يعرف بالمنطقة التاسعة في “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” الجزائرية، التي كانت تنشط في الولايات الجنوبية الجزائرية بمحاذاة الحدود مع مالي، وقد اجتاز المقاتلون الجزائريون إلى شمال مالي سنة 2000، ومنذ ذلك التاريخ بدأ المقاتلون السلفيون يستقرون في المنطقة، وأسَّسوا ما يُعرف بإمارة الصحراء الكبرى، وكانت مهمتها في البداية توفير الدعم اللوجستي للجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر فضلًا عن اكتتاب المقاتلين وتدريبهم وإرسالهم إلى العمق الجزائري. وقد تولَّت “إمارة الصحراء الكبرى” مهمة التفاوض مع قيادة القاعدة في أفغانستان، حتى انضمام الجماعة إليها نهاية عام 2006، وكان المختار بلمختار أول قائد لإمارة الصحراء، وفي بداية عام 2007، تم عزله من قبل قيادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وعُيِّن خلفًا له الجزائري، يحيى جوادي، المكنى “يحيى أبو عمار”، ثم تلاه “موسى أبو داود”، وهو جزائري أيضًا، لكنه لم يتمكن من الوصول إلى شمال مالي، فَعُيِّن خلفًا له “نبيل أبو علقمة”، وهو جزائري أيضًا، وبعد وفاته سنة 2012 في حادث سير بشمال مالي، عُيِّن خلفًا له الجزائري، جمال عكاشة، المكنى “يحيى أبو الهمام”، الذي أعلن الفرنسيون اغتياله، نهاية شهر فبراير/شباط 2019، في عملية خاصة شمال مدينة تمبكتو، ولم يعلن حتى الآن عن الأمير الجديد لمنطقة الصحراء الكبرى بعد مقتل “يحيى أبو الهمام”.

وتتكون إمارة الصحراء من عدة كتائب وسرايا تنشط في منطقة غرب الشمال مالي، من أبرزها:

أ- سرية يوسف بن تاشفين

أغلب مقاتلي هذه السرية من قبائل الطوارق وأميرها يدعى سيدنا أغ حطا، ويكنى “أبو عبد الحميد الكيدالي” نسبة إلى مدينة كيدال في أقصى شمال شرق مالي، ويُلَقَّب أيضًا بـ”القيرواني”، وينحدر من قبائل الطوارق، وكان قائدًا ميدانيًّا في سرية “الأنصار” التي تأسَّست سنة 2007، وبعد تشكيل سرية يوسف بن تاشفين في النصف الأخير من عام 2012، أُسْنِدَت قيادتها إليه.

وقد تم تأسيس هذه السرية بعد توسع المساحة الجغرافية التي ينشط فيها التنظيم، وازدياد عدد الملتحقين به، بعد سيطرته على مدينة تمبكتو وأجزاء كبيرة من أزواد، ومشاركته مع الحركات الجهادية المحلية الأخرى في السيطرة على باقي المدن الأزوادية الأخرى، وذلك بهدف تسهيل انسيابية تحركات التنظيم وعملياته في تلك الصحاري الشاسعة، كما تصادف تأسيس هذه السرية مع تحضير الجماعات المسلحة في أزواد للحرب التي كانت تدق طبولها في المنطقة حينها، واندلعت بداية عام 2013 بقيادة فرنسا والقوات الإفريقية واستهدفت طرد تلك الجماعات من أزواد وإعادته إلى السيادة المالية.

ب- سرية الأنصار

أُسِّست سرية الأنصار كمعظم سرايا وكتائب إمارة الصحراء بموجب قرار إعادة هيكلة هذه الإمارة الذي اتخذته قيادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي المتمركزة في الجزائر، بداية عام 2007، وتقرَّر أن تكون “سرية الأنصار” خاصة بالمقاتلين من قبائل الطوارق الماليين، واختار لها التنظيم اسم “الأنصار” على اعتبار أن الطوارق التحقوا بالعمل المسلح في موطنهم الأصلي أزواد، فكانوا “أنصارًا” للمسلحين القادمين من خارج مالي (المهاجرين) الذين جاؤوا من الجزائر وموريتانيا والنيجر وتونس وليبيا وغيرها من بلدان المنطقة.

وأُسندت قيادة هذه السرية لأحد أبناء قبائل الطوارق ويدعى أحمد أَغ أمامة، المكنى “أبو عبد الكريم الطاريقي”، وينحدر من منطقة آدرار الإفوغاس بأقصى شمال شرق مالي، ويعتبر أول قائد لسرية في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي من غير الجزائريين، وهو من مواليد بداية السبعينات من القرن الماضي. درس العلوم الشرعية في المدارس الأهلية بموريتانيا، ثم ذهب إلى الجزائر ومنها عاد إلى منطقة أزواد؛ حيث انضم في البداية إلى جماعة الدعوة والتبليغ، ثم بدأ التعامل التجاري مع عناصر تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، قبل أن يلتحق بهم وينضم إلى المجموعة التي يقودها المختار بلمختار تحت اسم “كتيبة الملثمين”، وبقي معه إلى أن تم عزل بلمختار، سنة 2007، عن إمارة الصحراء، فغادره، وانضم إلى خصمه، “عبد الحميد أبو زيد”، كما هو شأن معظم قادة سرايا وكتائب الصحراء، الذين انحازوا لموقف قيادة التنظيم في الجزائر الداعم لـ”عبد الحميد أبو زيد” في منافسته مع بلمختار في الصحراء.

وقد أسندت له قيادة سرية الأنصار التي استحدثت حينها، وضمت عناصر من الطوارق من بينهم عشرات كانوا مقاتلين ضمن ما عُرِف بتنظيم “تحالف مايو” المناوئ للحكومة المركزية في مالي، والذي قاده إبراهيم أغ باهنغا سنتي 2005 و2006، فضلًا عن عدد محدود من العرب الأزواديين والموريتانيين، لكنهم كانوا قلة في السرية. وقد تولى “أبو عبد الكريم الطاريقي” تنفيذ الإعدام في الرهينة الفرنسي، ميشيل جرمانو (Michelle Germano)، في يوليو/تموز عام 2010، بأمر من القائد “عبد الحميد أبو زيد” بعد فشل محاولة تحريره بالقوة في عملية مشتركة بين الجيش الموريتاني والقوات الخاصة الفرنسية، وبعد مقتل “أبو عبد الكريم الطاريقي”، في مايو/أيار عام 2015، لم يكشف النقاب عن مصير السرية، ولا قائدها الجديد.

ج- كتيبة طارق بن زياد

تأسَّست سنة 2007، وظل يقودها الجزائري “عبد الحميد أبو زيد” منذ تأسيسها حتى قُتل، في مارس/آذار عام 2013، خلال قصف للطيران الفرنسي على منطقة جبال تغرغارت بشمال مالي، فَعَيَّنت قيادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي الجزائري، “سعيد أبو مقاتل”، أميرًا على كتيبة “طارق بن زياد”، وهو من الجزائريين الذين وصلوا إلى صحراء أزواد ما بين سنتي 2003 و2004، لكنه اختفى بعد تعيينه على رأس الكتيبة مباشرة، ولا يُعرف مصيره، وقد عُيِّن خلفًا له، الجزائري، شعيب الصوفي، المكنى “شعيب أبو عبد الله”، ويُلَقَّب أيضًا بطارق، وقد قام بنقل معظم عناصر كتيبته إلى الصحراء في جنوب ليبيا وشمال النيجر، وتركزت مهمتهم في توفير التموين ونقل المقاتلين والسلاح بين ليبيا وشمال مالي. وفي نهاية عام 2016، قُتِل “شعيب أبو عبد الله” في قصف لقافلة من السيارات في صحراء إدري بجنوب ليبيا، فعاد بعض عناصر سريته، خصوصًا من الجزائريين والماليين، إلى شمال مالي ليلتحق بكتائب إمارة الصحراء الأخرى، والتحق الليبيون العرب منهم بكتائب أنصار الشريعة في بنغازي وأجدابيا ودرنة، بينما التحق الطوارق، بكتائب أنصار الشريعة في أوباري وغات.

د- سرية القدس

تأسَّست سرية القدس سنة 2014، ضمن محاولة إعادة هيكلة قامت بها إمارة الصحراء، للتأقلم مع الظروف التي فرضتها الحرب في شمال مالي، وأُسْنِدَت قيادتها إلى القائد السابق لسرية الفرقان، عبد الرحمن ولد سعيد، المكنى طلحة الليبي نسبة إلى ليبيا التي نشأ فيها وأقام فترة من الزمن. فقد ولد عبد الرحمن في مدينة تمبكتو بأزواد لأب موريتاني، وأم من عرب شمال مالي، ونشأ في بداية طفولته هناك قبل أن ينتقل مع والدته ضمن أفواج اللاجئين الماليين إلى شرق موريتانيا، سنة 1990، ثم انتقل معها إلى ليبيا والتحق سنة 2006 بكتائب الجماعة السلفية للدعوة والقتال في شمال مالي، وبعد مقتل الأمير السابق لسرية الفرقان، محمد الأمين ولد الحسن، المكنى عبد الله الشنقيطي، في مارس/آذار عام 2013، عُيِّن طلحة الليبي أميرًا لها، قبل أن يتم تعيينه أميرًا لسرية القدس التي تأسَّست بعد ذلك، ويُلَقِّب أحيانًا نفسه بكنية، طلحة البربوشي، نسبة إلى أخواله قبائل البرابيش في شمال مالي.

ه- سرية الفرقان

تأسَّست هذه السرية نهاية عام 2006، وأُسندت قيادتها إلى الجزائري، جمال عكاشة، المكنى “يحيى أبو الهمام”، وكانت مهمتها تتمثَّل في التمركز في المناطق المحاذية للحدود بين مالي وموريتانيا، وكُلِّفَت هذه السرية بتنفيذ عمليات في عمق الأراضي الموريتانية منها عمليات اغتيال وخطف طالت بعض الأجانب والجنود الموريتانيين، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2012، أصدرت قيادة التنظيم قرارًا بترقية “يحيى أبو الهمام” إلى أمير للصحراء الكبرى، وأَسْنَدَت قيادة سرية الفرقان إلى الموريتاني، محمد الأمين ولد الحسن، المكنى “أبو عبد الله الشنقيطي”، الذي كان يشغل ساعتها منصب مسؤول الإعلام في إمارة الصحراء الكبرى ومفتيها، وبعد مقتله في قصف فرنسي في مارس/آذار 2013، أُسْنِدَت قيادة السرية إلى طلحة الليبي قبل أن يتم تعيينه، سنة 2014، قائدًا لسرية جديدة هي سرية القدس، وتم تعيين الموريتاني، الشيخ إبراهيم ولد حمود، المكنى “أبو الدرداء الشنقيطي”، أميرًا لها وقد تمكنت القوات الفرنسية من اعتقاله، نهاية شهر يناير/كانون الثاني 2019، وحتى الآن لم يكشف النقاب عن أمير السرية الجديد.

وتتألف سرايا وكتائب إمارة الصحراء من مقاتلين ينتمون لجنسيات مختلفة، وعشرات من المنحدرين من شمال مالي خصوصًا من بعض القبائل العربية التي تشكِّل العمود الفقري لمقاتلي الجماعة، فضلًا عن جنسيات أخرى كالجزائريين والموريتانيين والمغاربة والتونسيين والليبيين والمصريين والنيجريين، وتنشط المجموعات التابعة لها في المنطقة الممتدة بين تمبكتو وتنزواتين شمالًا على الحدود مع الجزائر.

5.5. جماعة الدولة الإسلامية في مالي

يقود هذه الجماعة، “عدنان أبو الوليد الصحراوي”، واسمه الحقيقي الحبيب ولد عالي الجماني، وهو من مواليد النصف الأول من سبعينات القرن الماضي، في مدينة العيون (جنوب المغرب). التحق بمخيمات اللاجئين الصحراويين قرب مدينة تيندوف بالجزائر، عام 1991. درس في الجماعات الجزائرية قبل أن ينضم في بداية عام 2011 إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في شمال مالي، وعمل تحت قيادة أمير كتيبة طارق بن زياد، “عبد الحميد أبو زيد”، وفي أكتوبر/تشرين الأول من نفس السنة، انشق مع بعض زملائه عن تنظيم القاعدة وشكَّلوا تنظيمًا جديدًا عُرِف باسم “جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا”، وقد ساعدته خبرته بالعلوم الإسلامية في الترقي بسرعة، فتولى منصب أول رئيس لمجلس شورى جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا. وبعد الإعلان عن حل ذلك التنظيم واندماجه مع تنظيم “المرابطون”، سنة 2013، عُيِّن عضوًا في مجلس شورى جماعة “المرابطون”، حتى كان عام 2015، حيث انتهز فرصة مقتل أمير تنظيم “المرابطون” حينها، أحمد التلمسي، وغياب الرجل القوي في التنظيم، المختار بلمختار، في مهمة إلى ليبيا، فأعلن نفسه أميرًا للتنظيم وبايع تنظيم “الدولة الإسلامية”، لكن بلمختار عاد إلى شمال مالي وتمكن من استعادة التنظيم وطرد “أبو الوليد” ومؤيديه منه، فشكَّل الأخير جماعة سمَّاها “جماعة الدولة الإسلامية في الصحراء”، وتضم مقاتلين أغلبهم من قبائل الفلان في غرب النيجر، والتحق به، سنة 2017، مقاتلون من عرب مالي ضمن كتيبة تعرف باسم “كتيبة صلاح الدين” بقيادة سلطان ولد بادي، المكنى “أبو علي”، الذي انشق عن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، قبل أن يسلِّم نفسه للسلطات الجزائرية عام 2018.

وينشط مقاتلو تنظيم “الدولة الإسلامية” التابعون لأبي الوليد الصحراوي أساسًا في المنطقة الواقعة بين أسنغو ومنيكا وهاروباندا، وهي منطقة غابات في غالبها الأعم وتوجد بها بعض التجمعات السكانية، إلا أن أغلب تلك الأراضي عبارة عن غابات كثيفة، كما يتحرك المقاتلون شمال وشمال شرق مدينة غاوا، فضلًا عن انتشارهم في الغابات الموجودة غرب النيجر في منطقة تونغو تونغو واضرمبوكار. وينفذ التنظيم عملياته داخل الأراضي المالية وفي النيجر وبوركينافاسو، وقد دخل منذ سنتين في حرب مفتوحة مع حركة “غاتيا” التي أسَّسها مقاتلون من قبائل الإيمغاد الطارقية موالون للحكومة المالية ويتبعون للقائد المساعد للجيش المالي، الجنرال الهجي أغ غامو، كما اشتبكوا أكثر من مرة مع مقاتلي “حركة إنقاذ أزواد” التابعة لقبائل إدوسحاق الطارقية، والمتحالفة هي الأخرى مع قبائل الإيمغاد، وقد تمكن مقاتلو “جماعة أبو الوليد الصحراوي”، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، من قتل أربعة جنود أميركيين في كمين قرب بلدة تونغو تونغو على الحدود مع مالي.

  1. بوكو حرام

تأسست هذه الجماعة، سنة 2001، على يد المسمى محمد يوسف، واسمها الرسمي “جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد”، إلا أن وسائل الإعلام درجت على تسميتها باسم “بوكو حرام”، وهي ترجمة لعبارة “التعليم الغربي حرام”، بلغة الهوسا المنتشرة في نيجيريا، نظرًا لأن التنظيم يحارب هذا التعليم. وقد بدأت هذه الجماعة دعوتها مبكرًا وبشكل علني في بعض ولايات شمال نيجيريا، خصوصًا ولايتي بورنو ويوبي، وظل نفوذها يتصاعد هناك حتى عام 2009، حين دخلت في مواجهات مع الجيش وقوات الأمن النيجيريين، بعد سيطرتها على بعض المساجد والأحياء خصوصًا في مدينة مايدوغري عاصمة ولاية بورنو، وهي المواجهات التي قُتل فيها المئات من أتباع الحركة والمدنيين من السكان. وكان زعيم الجماعة ومؤسسها، محمد يوسف، من بين القتلى، فلجأ الناجون من عناصر الجماعة بعد ذلك إلى الأدغال والمناطق الريفية، خصوصًا غابة “سامبيسا” في أقصى الشمال الشرقي على الحدود مع تشاد والنيجر، حيث تحصنوا هناك وبدؤوا مرحلة جديدة من المواجهة المسلحة مع الحكومة النيجيرية، ونفَّذوا عددا من التفجيرات والهجمات الانتحارية في أبوجا ومايدوغري وكبريات المدن النيجيرية، وأعلن أبو بكر شيكاو نفسه أميرًا للتنظيم، وكان أكثر دموية من سلفه حيث نفذ عشرات الهجمات الانتحارية واختطف مئات الفتيات والأشخاص، وطالت هجماته منطقة بحيرة تشاد برمتها. وقد ارتبطت جماعة بوكو حرام مبكرًا بالجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر، ومن بعدها بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وأرسلت عشرات من مقاتليها إلى معسكرات تنظيم القاعدة في صحراء مالي للتدريب والتأهيل، كما تلقت الدعم المالي واللوجستي من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي حسب الوثائق المتوافرة. لكن بعد تولي “أبو بكر شيكاو” قيادة الجماعة، بدأت علاقتها مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي تسوء حتى إعلان الانفصال نهائيًّا أواخر عام 2011، قبل أن يعلن شيكاو، سنة 2015، بيعته لتنظيم “الدولة الإسلامية” ويغيِّر اسم الجماعة ليصبح “ولاية غرب إفريقيا”، لكن قيادة تنظيم الدولة التي أعلنت قبول بيعة بوكو حرام، سارعت إلى عزل “أبو بكر شيكاو” وتعيين “أبو مصعب البرناوي” (ابن مؤسسة التنظيم محمد يوسف) أميرًا عليها، وهو ما رفضه شيكاو وهدد بقتل الأمير الجديد، وحاليًّا تنقسم الجماعة إلى ثلاث طوائف، تتمركز كل منها في منطقة مستقلة داخل غابة “سامبيسا”، وهي:

6.1. جماعة “أبو بكر شيكاو”

ترفض هذه الجماعة قرار البغدادي بعزل “أبو بكر شيكاو” عن قيادة “ولاية غرب إفريقية” وتتمسك به أميرًا لها، وتعتبر أن قرار “البغدادي” عزله كان خطأ ويجب التراجع عنه، وتتمركز في وسط الغابة وجنوبها، وتنشط في مناطق ولاية بورنو، وشمال الكاميرون.

6.2. جماعة “أبو مصعب البرناوي”

وهو الأمير الذي عيَّنه أبو بكر البغدادي أميرًا للتنظيم، وكان في منصب المتحدث الرسمي باسم الجماعة، وهو نجل مؤسسها، محمد يوسف، ويقود هذا الفصيل عسكريًّا القيادي المؤسس في الجماعة، محمد نور، وهو من الخصوم التقليديين لشيكاو في الجماعة، وكان قد فرَّ إلى الصومال، سنة 2010، بعد تلقيه تهديدات من شيكاو بالقتل، ويتمسك هذا الفصيل ببيعة تنظيم “الدولة الإسلامية” ويعتبر شيكاو خارجًا عن الطاعة ومتمردًا على أوامر الخليفة، وينتشر مقاتلو هذا الجناح في شمال شرق الغابة قرب الحدود مع تشاد والنيجر، ولهم وجود في مناطق ديفا وزندر بجنوب النيجر.

6.3. جماعة بانا بانكي

وهو قيادي في التنظيم، رفض قرار “أبو بكر شيكاو” بمبايعة “تنظيم الدولة الإسلامية”، ويدعمه القائد العسكري السابق للتنظيم، محمد داود، ويتألف هذا الفصيل من مقاتلين أغلبهم من تشاد وقبائل “عرب شوا” المنتشرين على الحدود بين نيجيريا وتشاد والنيجر(10).

  1. جماعة أنصار الإسلام في بوركينافاسو

وهي جماعة أُعلن عن ميلادها نهاية سنة 2015، أسَّسها المدعو إبراهيم مالام جيكو، وتضم مقاتلين من قبائل “الفلان” الإفريقية المنتشرين في شمال بوركينا فاسو، وتعتبر أقرب تنظيميًّا وعرقيًّا إلى “كتائب ماسينا” المنتشرة في الوسط المالي. وقد أُعلن، سنة 2017، عن وفاة مؤسسها “إبراهيم ملام جيكو” بسبب مضاعفات إصابته بمرض السكري، وتولى شقيقه، جعفر جيكو، قيادة هذه الجماعة، وتعتبر من أنشط الجماعات المسلحة في شمال وشرق بوركينا فاسو. نفذت عددًا من الهجمات التي استهدفت قوات الجيش والأمن في بوركينا فاسو، كما قامت بإغلاق عشرات المدارس الحكومية في شمال وشرق البلاد، وتدين هذه الجماعة بالولاء لتنظيم القاعدة(11).

وعلى ضوء واقع هذه الجماعات ومسار تطورها وتنوع تحالفاتها، يمكن القول: إنها تواجه مستقبلًا غامضًا بالنسبة لها وبالنسبة للمنطقة، فالحرب التي تشنها فرنسا وحلفاؤها ضد هذه الجماعات في مالي منذ مطلع عام 2013، أدت إلى مقتل عشرات القادة ومئات العناصر من هذه الجماعات، لكنها فشلت في القضاء عليها أو تعطيل أنشطتها، بل تمكَّنت هذه الجماعات من احتواء الضربات التي تلقتها والتَّكيُّف مع الواقع الجديد، ودخلت في حرب عصابات استنزافية، تمكنت خلالها من قتل عشرات الجنود الماليين والنيجريين والبركينابيين، وعدد من عناصر القوات الفرنسية، كما نفذت هجمات نوعية في عمق كبريات مدن المنطقة.

فتنظيم “الدولة الإسلامية” في مالي تمكَّن من إيجاد موطئ قدم له في المنطقة الشمالية الشرقية، وداخل النيجر وبوركينا فاسو، ويتوقع أن تتصاعد وتيرة أنشطته مع نزوح عشرات المقاتلين المتمرسين إليه، قادمين من الصحراء الليبية حيث يلاحقهم الطيران الحربي الفرنسي والأميركي، فضلًا عن التحاق عدد من الوافدين من جنوب النيجر وشمال نيجيريا به. كما أن توغل هذا التنظيم في قبائل الفلان في النيجر يعطيه حاضنة اجتماعية ورافدًا بالعنصر البشري، فضلًا عن تجنبه حتى الآن أي صدام مع الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، بخلاف ما حصل في منطقة المشرق العربي، غير أن هناك معطيات أخرى لا ينبغي تجاهلها عند محاولة استشراف مستقبل التنظيم، وهي  أن جماعة تنظيم “الدولة الإسلامية” في مالي والنيجر تفتقر إلى الكوادر القيادية؛ إذ يعتبر مؤسسها، “عدنان أبو الوليد الصحراوي”، أهم قادتها وأكثرهم تأهيلًا فكريًّا وعلميًّا، ومعظم من حوله كانوا رعاة بقر أو رجال عصابات، يعتبرون جنودًا متميزين في الحرب والقتال، لكنهم يفتقرون إلى المؤهلات القيادية اللازمة، وإلى الكفاءة المعرفية اللازمة للتنظير والتخطيط؛ لذلك يتهدد التنظيم خطر كبير في حال مقتل أو اعتقال “أبو الوليد الصحراوي”. أما الليبيون القادمون من جنوب ليبيا، فسيكون من الصعب عليهم احتواء مقاتلين من أبناء الفلان وقبائل عرب شمال مالي، وقيادتهم، فضلًا عن أنهم، أي الليبيين، يفتقرون إلى الخبرة في المنطقة ومعرفة تضاريسها وفسيفسائها الاجتماعية والعرقية.

أما في منطقة بحيرة تشاد، فتواصل الجماعات الثلاث التابعة لبوكو حرام سيطرتها على غابة سامبيسا، وتتفادى الاقتتال بينها رغم اختلافها والعداء الدفين بين قادتها، ومن المتوقع أن يستمر الوضع على ما هو عليه فترة أطول نظرًا لأن ظروف وأسباب القضاء على تلك التنظيمات لم تتوافر حتى الآن بحكم عوامل عديدة من بينها حالة الاحتقان في شمال النيجر واعتماد المقاربة العسكرية والأمنية البحتة، بما تؤول إليه من تجاوزات وانتهاكات بحق السكان تزيد من قابلية احتضانهم لتلك الجماعات وتزويدها بالمقاتلين، أو على الأقل رفض عدائها والدخول في حرب معها.

أما في شمال سيناء، فإن عمليات التهجير المُمَنْهَج للسكان وتدمير المنازل والاعتقالات العشوائية وعمليات الإخفاء القسري لمئات الشباب كلها تجعل المنظومة السكانية هناك في حالة عداء مع أجهزة الدولة، خصوصًا العسكرية والأمنية منها، وتوفر للمقاتلين السلفيين مزيدًا من الشبان الهاربين من المدن والأرياف خوفًا من الاعتقال أو التنكيل، أو بدافع الثأر من الانتهاكات، وهو ما يعني مد تلك الجماعات برافد بشري يجعلها قادرة على الاستمرار وتطوير أساليبها وربما هيكلتها وقيادتها، رغم أنه لا مناص من القول: إن الضربات الأمنية القوية التي تلقتها تلك الجماعات في سيناء، إن لم تقض عليها فإنها ستشلُّ جزءًا كبيرًا من حركيتها وانسيابية أنشطتها وقدرتها على التحرك بحرية والضرب في أمكان مختلفة من شمال سيناء، وفي وسط مصر.

أما التنظيمات المرتبط بالقاعدة في المنطقة، فيمكن القول: إن أكثرها قوة وانتشارًا هي تلك المجموعات المنتشرة في شمال مالي، والتي أعادت تموقعها منذ عام 2017 عشية اندماج كبريات التنظيمات الجهادية هناك في تنظيم موحد هو “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”. وتسلَّمت القيادات المحلية من أبناء شمال ووسط مالي مراكز القرار والنفوذ (إياد أغ غالي، ومحمد كوفا) الأمر الذي يعتبر عامل تحفيز وتنشيط لها، بعد أن كانت القيادة أصلًا من نصيب الجزائريين الوافدين على المنطقة. كما أن توغل هذه التنظيمات في المجموعات السكانية المحلية، وفشل الحكومة المالية في تطبيق الاتفاقيات التي وقَّعتها مع الحركات الأزوادية المتمردة، فضلًا عن إخفاق القوات الفرنسية والدولية في استعادة ثقة السكان، كلها عوامل تجعل الحديث عن مستقبل خال من التنظيمات الجهادية في مالي أمرًا غير وارد، خصوصًا على المديين القريب والمتوسط، رغم أنه بالغوص في التفاصيل سنجد أن تنظيم “المرابطون” التابع لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، والذي أصبح اسمه “إمارة منطقة غاو الكبرى” يواجه مصاعب حقيقية في الاحتفاظ ببنيته ووجوده، بعد الخسائر البشرية الكبيرة التي واجهها في السنوات الأخيرة، وحالة الاستنزاف التي تعاني منها مراكز القيادة بسبب عمليات الاغتيال التي طالت قادته وعناصره البارزة، إضافة إلى تقلص دعم الحاضنة الشعبية والقبلية له، ووجود منطقة تمركزه وانتشاره غير بعيد من أماكن القواعد الفرنسية ومراكز العمليات العسكرية في غاو، لذلك سيواجه أميره الجديد، حمزة الأنصاري، تحديًا حقيقيًّا يتمثَّل في إعادة بناء التنظيم والتأقلم مع الواقع الجديد، والبحث عن مصادر بشرية تعوض الخسائر الكبيرة التي مُني بها، كما تواجه جماعة إمارة الصحراء تحديًا آخر يتعلق بتعويض قادة كبار قُتلوا منها من بينهم أمير الجماعة، “يحيى أبو الهمام”، وبعض القادة البارزين الآخرين، ورغم ذلك يبقى تنظيم إمارة الصحراء هو الأقوى والأكثر تمرسًا في مجال حرب العصابات؛ حيث يمتلك معظم مقاتليه وقادته تجربة طويلة في هذا المجال، فضلًا عن قدرته على التكيف مع مستجدات الحرب وامتصاص الضربات العنيفة التي يتلقاها.

كما تمتلك كتائب ماسينا التي تنشط في وسط مالي فرصة كبيرة للحفاظ على مكانتها كواحدة من أكثر التنظيمات نشاطًا وحيوية في منطقتها، وتشكِّل المذابح العرقية التي تتعرض لها قومية الفلان على يد ميليشيات الدونزو، وبعض الميليشيات التابعة لقبائل طارقية موالية للحكومة المركزية في باماكو، عاملًا مهمًّا وحاسمًا في مد التنظيم بعشرات الشبان من قبائل الفلان الذين نجوا من تلك المذابح؛ حيث ينظر هؤلاء إلى “كتائب ماسينا” باعتبارها القوة الضاربة لقبائل الفلان التي تدافع عنهم وتحميهم من تلك الهجمات.

كما اعتمدت التنظيمات المرتبطة بالقاعدة استراتيجية جديدة، تمثَّلت في العزف على وتر المظالم العرقية والفئوية في المنطقة، وهو ما مكَّنها من إيجاد موطئ قَدَم لها في بوركينا فاسو حيث جندت عشرات من الفلان واستطاعت التوغل في مجتمعاتهم(12)، ومن غير المستبعد أن يتوسع ذلك النشاط ليشمل دولًا أخرى مثل جمهورية وسط إفريقيا والكاميرون وغيرهما، وهو ما يعني أن المنطقة قد تكون مقبلة على مزيد من التوتر وتوسع رقعة انتشار الجماعات الجهادية، وبالتالي توسع نشاطاتها وتنوع هجماتها.

خاتمة

تبقى منطقة الساحل والصحراء وشمال إفريقيا واحدة من أكثر المناطق توترًا وعدم استقرار، وأكبرها مساحة، فضلًا عن تنوع وتعدد التنظيمات الجهادية التي تنشط فيها من الجماعات ذات الطابع الإثني مثل جماعة أنصار الدين وكتائب ماسينا وبوكو حرام، وغيرها، مرورًا بالجماعات الجهادية مختلطة الأعراق وذات النزعة الفكرية الواحدة، كإمارة الصحراء الكبرى، وتنظيم “المرابطون” وجماعة الدولة الإسلامية في مالي، هذا فضلًا عن أنها تعج بالحركات المسلحة الأخرى المتمردة وذات الطابع الانفصالي أحيانًا كما هي الحال في شمال مالي الذي يوجد فيه عدد كبير من الحركات الطارقية والعربية المتمردة، وشمال تشاد الذي ينتشر فيه مسلحو المعارضة التشادية بمختلف فصائلها. كما تنتشر مجموعات أخرى مسلحة تأسست على أساس قبلي أو مافيوي، تخصصت في تهريب المحرمات والمحظورات، وقطع الطريق والخطف والسطو المسلح. وتشهد المنطقة تدخلًا خارجيًّا كبيرًا متعدد الأوجه ومتضارب المصالح؛ إذ تنتشر القوات الفرنسية في مالي والنيجر وتشاد، لحماية المصالح الفرنسية الكثيرة هناك، كما توجد قوات أميركية في النيجر وبعض البلدان الأخرى، وتغطي نشاطاتها الاستخباراتية وتدخلاتها العسكرية مناطق شاسعة من الصحراء الكبرى في جنوب ليبيا وصحراء النيجر ومالي وشمال وشرق بوركينافاسو، وهي كلها أمور تزيد الوضع تعقيدًا وتُبْقِي دوامة العنف على أشدها، وتُبْعِد أمل الاستقرار والهدوء عن المنطقة ذات البعد الاستراتيجي المهم، حيث تشكِّل قنطرة عبور بين إفريقيا والضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، كل ذلك يمثِّل عامل جذب لمجموعات العنف الجهادي القادمة من المشرق العربي، حيث ينتظرها شركاء الفكر والتنظيم.

المراجع

(1) “الجغرافيا السياسية”، المركز العربي للدراسات المستقبلية، 3 مارس/آذار 2012، (تاريخ الدخول: 1 مايو/أيار 2019): https://bit.ly/2KVrirs.

(2) “خبير أمني يكشف وصول مجموعات إرهابية كبيرة إلى المغرب العربي”، وكالة سبوتنيك، 25 فبراير/شباط 2019، (تاريخ الدخول: 1 مايو/أيار 2019): https://bit.ly/300hJe2.

(3) عبد الغني مزوز، “عن الصراع بين “الحازمية” و”البنعلية” داخل داعش؟”، ن. بوست، 23 يوليو/تموز 2017، (تاريخ الدخول: 1 مايو/أيار 2019): https://bit.ly/305QrD2.

(4) أيمن حسان محمد، “الجماعات الجهادية في سيناء.. النشأة والتكوين والعمل”، المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، (تاريخ الدخول: 3 مايو/أيار 2019): https://bit.ly/2FNqSyT.

(5) “الجماعات الإسلامية في ليبيا: حظوظ الهيمنة السياسية وتحدياتها”، منظمة فريدريش إيبرت، 2015، ص 13، (تاريخ الدخول: 3 مايو/أيار 2019): https://bit.ly/300qlRO.

(6) محمد عبد الحفيظ الشيخ، “ليبيا بين جماعات العنف والديمقراطية المتعثرة”، مجلة المستقبل العربي، (العدد 432، السنة 37،)، ص 126.

(7) رشيد خشانة، “المشهد الجيو-سياسي للجماعات المسلحة في شمال إفريقيا والصحراء”، القدس العربي، 26 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 4 مايو/أيار 2019): https://bit.ly/2FL96fS.

(8) “إياد أغ غالي.. من اليسار إلى زعامة أنصار الدين”، وكالة الأناضول، 29 يناير/كانون الثاني 2013، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2019): https://bit.ly/2RORyUH.

 (9) – Marc Mémier, “AQMI et Al-MOURABITOUN Le djihad sahélien réunifié?,” Ifri, janvier 2017, accessed June 4, 2019. https://bit.ly/2YpBL1n.

(10) مهند عبد الواحد النداوي، “مشكلة الاندماج الوطني في نيجيريا: بوكو حرام أنموذجًا”، مركز جيل للدراسات والبحوث، 25 أبريل/نيسان 2015، (تاريخ الدخول: 6 يونيو/حزيران 2019): https://bit.ly/2xoPREb.

(11) “الجهاديون يعززون انتشارهم في بوركينا فاسو”، العرب، 8 ديسمبر/كانون الأول 2018، (تاريخ الدخول: 6 يونيو/حزيران 2019): https://bit.ly/327QoIH.

(12) عبد الله ممادو با، “العنف ضد قبائل الفلان.. إلى أين تتجه منطقة الساحل الإفريقي؟”، الأخبار، 23 أبريل/نيسان 2019، (تاريخ الدخول: 6 يونيو/حزيران 2019): https://bit.ly/2KS9xJu.