مقدمة

ما شهدته المنطقة العربية من تطورات سياسية في أعقاب الربيع العربي، وأزمات تتصل بالأبعاد المذهبية في الحرب السورية، واستهداف منظومة حركة الإخوان المسلمين من قِبَل معظم دول الإقليم، وضع هذه الأخيرة تحت ضغوط هائلة ستنعكس على أدائها في دول عدة، وعلى هويتها في دول أخرى.

بهذا الاعتبار تضع هذه الدراسة الجماعة الإسلامية في لبنان كجزء من منظومة حركة الإخوان المسلمين -ولو من حيث المرجعية الفكرية والرؤية- تحت المجهر، لأنها ليست استثناء مما تعرضت له هذه المنظومة، لكنها أصبحت بالفعل تشكِّل استثناء واضحًا من حيث ارتباط دور الجماعة بالأمن العربي في المشرق، أو من حيث صلتها بالأكثرية السنية ومصالحها في المنطقة، شعوبًا وحتى أنظمة.

تعرضت علاقات الجماعة المحلية والإقليمية في سياق تلك التحولات والتطورات لضغوط وتحديات في اتجاهين: أولًا: في اتجاه المملكة العربية السعودية وتيار المستقبل، وثانيًا: في اتجاه إيران وحزب الله. ويتصل التغير تجاه المملكة بطبيعة الجماعة كهوية أيديولوجية تنظيمية تتمايز عن سواها من المكونات السياسية والثقافية في الإطار السني، وهو ما جعلها يومًا قريبة من الحركات الإسلامية الأخرى ولو مختلفة مذهبيًّا، كحزب الله، وبعيدة نسبيًّا عن تيار المستقبل(1). في حين أن التطور المتصل بموقفها من إيران، قد يرتبط بما سبق من حيث أيديولوجيتها وتطلعاتها كحركة إسلامية أيضًا من بعض الوجوه، ولكن تجاوز ذلك كثيرًا، لاسيما من حيث انتماؤها الطائفي كحركة معنية بشكل مباشر بوجود المسلمين السُّنَّة كـ”طائفة مهمشة” في لبنان (على الأقل)، وبشكل غير مباشر بسنَّة الإقليم؛ ما جعلها تسير اليوم على الأقل على النقيض من طهران وحزب الله على هذا الصعيد.

وإذ تتناول الدراسة هذه الإشكالية، فإنها تبحث التحولات في هوية الجماعة الإسلامية كتنظيم لبناني ونموذج مشرقي قابل للتكرار، وتحاول تقدير قيمة وقوة العامل المذهبي فيها وفي التحولات الجارية، باعتبار أن هذا الأخير كان محورًا لأبرز الأحداث السياسية الأخيرة التي شهدتها المنطقة، وباعتبار أن النموذج اللبناني السياسي ما بعد اتفاق الطائف، قد استُخدم أو استُلهم بعضُه لمعالجة بعض أزمات المنطقة لاسيما في العراق وسوريا واليمن.

ونظريًّا، تقوم الدراسة على أساس الفرضية التي ترى أن للبيئة السياسية، كما لسواها من العوامل الأخرى، تأثيرًا في رسم هوية الفاعل السياسي، وأن الإسلاميين في سعيهم السياسي وفي طريقة تفاعلهم مع الأحداث هم أيضًا يصنعون هويتهم أو يجرون عليها تعديلات بالحذف والإضافة. باعتبار أن الهوية، إذا تجاوزنا المعنى اللغوي(2) إلى الاصطلاحي المراد في هذا السياق، ليست معطى مسبقًا بل هي مفهوم يتم بناؤه ويعكس إحساس الشخص بالانتماء إلى عائلة محددة أو جماعة أو قبيلة أو دين، وهناك علاقة تبادلية بين الهوية الجماعية والعمل الجماعي؛ إذ الإسلاميون صُنَّاع للهوية من حيث السعي لأسلمة قيم المجتمع ومعاييره(3).

أما الدور، ولغة يعني: “دَارَ بالشيء يدور به إذا طاف حوله، وأدار الرأي والأمر أحاط بهما. ويُراد بالدور أيضًا المهمة والوظيفة، وهذا الأخير هو المراد. مع ضرورة الأخذ بالاعتبار بعض المعاني المستهدفة بالمعنى الاصطلاحي، حيث يُراد بالدور: الوظيفة التي يقوم بها الشخص أو مؤسسة، “وينهض بها تبعًا لأهدافه وفنية ممارستها”(4).

وقد اعتمد الباحث المنهج المسحي الذي يسعى للوقوف على الوضع الراهن والواقع الحالي للظاهرة موضوع البحث، ويقوم في جوهره على جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بهذه الأخيرة للتنبؤ مستقبلًا بتحولاتها(5). واستند أيضًا على المقابلة كوسيلة أساسية في جمع المعلومات؛ حيث أجرى خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018 عدة مقابلات مع سياسيين وباحثين وصحفيين معنيين بالشأن اللبناني، والإسلامي في المنطقة، وكذلك مع المعنيين بالموضوع من أي وجه من الوجوه. واشتمل البحث أيضًا على مراجعات فكرية، لتوضيح الصلة ما بين التغير في الدور والوظيفة للجماعة، وانعكاس ذلك على الهوية.

ويعالج البحث هذا الموضوع في أربعة أقسام، يعرض أولها: “جماعة محلية بهوية إقليمية” لطبيعة الجماعة المفتوحة على التأثير الإقليمي دورًا وهوية. ويركز القسم الثاني والثالث على دورها كمتفاعل مع الأحداث في المنطقة، وتحديدًا يتناول القسم الثاني: “مذهبية حزب الله وتمدد المحور الإيراني” علاقة الجماعة مع الآخر الإسلامي المختلف مذهبيًّا، والذي يمثِّل أحد أهم أسباب التحول في هوية الجماعة، بينما يبحث القسم الثالث: “التحول المذهبي والعلاقة مع السعودية وتيار المستقبل” في طبيعة علاقة الجماعة مع الشريكين السنيين، الإقليمي واللبناني، ومدى انسجام الجماعة أو التناقض في علاقتها معهما. أما القسم الأخير، فيبحث في الهوية الجديدة المتوقعة للجماعة الإسلامية والتي قد تسفر عنها التطورات الأخيرة، وإذا ما كانت تمثِّل نموذجًا قابلًا للتكرار في المنطقة، أو للتحول مرة أخرى، وذلك تحت عنوان “التحول في هوية الجماعة والنموذج الجديد”.

جماعة محلية بهوية إقليمية

تأسست الجماعة الإسلامية في لبنان كحركة إخوانية عام 1964، وذلك في سياق الصراع الذي كانت تشهده جماعة الإخوان المسلمين في مصر مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر (تولى السلطة من 1956 إلى وفاته عام 1970)(6)، ونشأت في ظل الحرب الأهلية اللبنانية وفتحت ذراعيها لكل المسلمين من اللبنانيين وحتى من الفلسطينيين الذين تبوأ فيها بعضهم مراكز قيادية(7)، وذلك قبل أن تعيد بناء نفسها وفق مخرجات اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية وأعاد تنظيم بنية لبنان السياسية من جديد وفق معادلات طائفية وإقليمية معقدة.

هذه الظروف، كانت كافية لأن تختزن الجماعة الإسلامية الكثير من تقاليد جماعة الإخوان التي تعني بشكل من الأشكال، التمييز تنظيميًّا وسياسيًّا بين المسلمين المتدينين وغير المتدينين داخل الطائفة نفسها، رغم انتماء الجماعة لبلد متعدد الأديان والطوائف، وتقوم فيه السياسة على تبادل الحصص الطائفية، أي تعصب كل فريق لطائفته، وليس على قيم الدين أو المواطنة البحتة(8)، هذا من جهة. ومن جهة أخرى كانت كافية أيضًا لتجعل طبيعتها الإقليمية تطغى على اهتماماتها المحلية وتقودها أحيانًا، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو قضايا بقية المسلمين أو الإسلاميين في العالم(9).

وقد تعرضت منظومة حركة الإخوان المسلمين عمومًا، والجماعة الإسلامية منها، لضغوط مؤثرة، نتيجة التغيرات الكبرى في المنطقة، ويمكن التركيز على ثلاثة منها:

– أولًا: تلك التغيرات الكبرى التي ضربت المنطقة العربية إثر الثورات عام 2011، وما تلا ذلك من وقائع أرستها “الثورة المضادة”، كما اعتمد تسميتها بعض الإسلاميين إضافة إلى آخرين، وجعلت الإسلاميين مستهدفين، واستعادة بعض الأنظمة المتضررة من الثورات المبادرة، ومحاولتها العودة بالوضع إلى ما قبل الثورات، أو إجهاض مطالب هذه الأخيرة أو استعادة مطالبها من الشارع، كما هي الحال في مصر، وهو ما تركز بشكل كبير بعد الأزمة الخليجية في الدول الثلاث، مصر والسعودية والإمارات، أو كما قد يصفه الإسلاميون “المحور المناهض للثورات”.

– ثانيًا: تطور الصراع السياسي في المنطقة إلى استقطاب طائفي مذهبي، سُنِّي-شيعي، بسبب التدخل الإيراني العسكري المباشر، واتخذ منحى دمويًّا وشهد تهجيرًا وتدميرًا ممنهجًا لقوى وقوة الأكثرية السنية لاسيما في سوريا والعراق. وبرز فاعلون متشددون بصورة غير مسبوقة لاسيما تنظيم “الدولة الإسلامية”، وعشرات الجماعات المذهبية المسلحة الشيعية، “مستفيدين من حالة القمع السلطوي والإقصاء الطائفي وضرب الديمقراطيات”.

– ثالثًا: تزايد التدخل الخارجي حتى باتت عدة دول عربية مسرحًا للصراع والتنافس الدولي، ومن أبرزها تصاعد النفوذ الإيراني في سوريا والعراق فضلًا عن اليمن ولبنان(10).

وإذ لا تزال الجماعة الإسلامية تعتبر نفسها، شأنها شأن بقية حركات الإخوان، معنية بهذه الثلاث ومستهدفة منها جميعًا في آن واحد بشكل ما، وتعاني من انعكاساتها، فإنه سيكون لها بالغ الأثر على دور الجماعة وهويتها، سواء على الصعيد الأيديولوجي الخاص بها كحركة إسلامية سياسية وما تتعرض له من ملاحقة، أو المذهبي باعتبارها تنتمي للأكثرية السنية التي تتعرض للتهشيم أو التهميش في المنطقة، ما يجعلها نموذجًا مختلفًا عن الحركات الإسلامية المنتمية لمنظومة الإخوان، خاصة تلك التي تركز على تمايزها الأيديولوجي كحركة إسلامية في بلدان لا يطرح فيها السؤال المذهبي نفسه، بتلك القسوة التي يشهدها عموم المشرق العربي والخليج راهنًا.

 

مذهبية حزب الله وتمدد المحور الإيراني

جمعت بين الجماعة الإسلامية وإيران علاقة إيجابية بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وكانت الجماعة جزءًا من وفود المُهَنِّئين للثورة ورموزها، وتطورت إبَّان مرحلة المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، أي بعد عام 1982، الأمر الذي انعكس إيجابًا على علاقتها مع حزب الله، الذي انطلق كمقاومة في البداية بالتعاون مع الجماعة الإسلامية، ونفَّذت الجماعتان عمليات مشتركة ضد الاحتلال الإسرائيلي، حتى أضحيتا كأحد أبرز العناوين على العلاقة المذهبية الجيدة بين جناحي الحركة الإسلامية.

ولكن الجماعة الإسلامية تؤكد بنفس الوقت أنها كانت مدركة منذ البداية للبُعد الطائفي في نظام الجمهورية الإسلامية في إيران مع إقرارها بإسلاميتها (بالمعنى الأيديولوجي)، وكانت ترى “بعض الإرباك في مشروع الوحدة الإسلامية بسبب نص دستور الجمهورية الإسلامية على المذهب الاثني عشري كدين رسمي للجمهورية. وحاولت بمشاركة أحد قادتها آنذاك، الشيخ فيصل مولوي(11) مع إسلاميين آخرين،  ومنذ بداية انتصار الثورة، إقناع الإيرانيين بضرورة التخلي عن هذه المادة لمصلحة الوحدة الإسلامية ولكنهم لم يفلحوا(12).

أ- التمايز المذهبي في سياق سياسي

يعيد أبرز القادة في الجماعة الإسلامية بداية شعورهم بعمق التمايز الطائفي في التيار الإسلامي على الصعيد المحلي السياسي اللبناني إلى ما قبيل تحرير الجنوب اللبناني عام 2000، وبالتحديد لما بلغ النفوذ السوري في السلطة اللبنانية ذروته، إلا أنه بقي في جله نتيجة للسياسة السورية في لبنان(13)، التي كانت تميز بين الإسلاميين السنَّة حيث تمنع عنهم كل شيء ما أمكنها ذلك، وتسمح بالمقابل للإسلاميين الشيعة، وهو حزب الله في هذه الحالة، بكل شيء ممكن.

وأول ملف بدأ فيه التمييز الطائفي بطريقة فجة هو سحب الغطاء الشرعي عن العمل العسكري المقاوم للجماعة تدريجيًّا ليبلغ الذروة بعد التحرير (عام 2000)، برغم أن المناطق التي بقيت محتلة بعد ذاك التاريخ إلى اليوم، لاسيما مزارع شبعا، أهلها سُنَّة وتتبع لهم جغرافيًّا (منطقة العرقوب) وهم في مناطق حدودية مع إسرائيل، كما هو الشأن مع بعض جمهور حزب الله. ولكن أيضًا كان أداء حزب الله في تلك الفترة، سواء العسكري أو السياسي، ومسؤولية سوريا والسلطة اللبنانية بالدرجة الأولى عن هذه القرارات، قد خفَّف من حدة المشهد المذهبي.

ويمكن التأريخ لبداية إيلاء الجماعة للخطاب المذهبي أهمية خاصة عام 2006، حيث حصل تحول كبير في خطاب حزب الله وفقًا لتقدير الجماعة، وأصبح المشهد الطائفي شديد الوضوح، ولكن لم تبن الجماعة عليه، بل قامت بالوقوف إلى جانب حزب الله في مواجهة “العدوان الإسرائيلي”، وكتب الشيخ فيصل مولوي ردًّا على فتاوى بعض علماء السعودية(14) التي كانت تحث على عدم الوقوف إلى جانب حزب الله، واعتبر في رده أن ما يحصل هو جهاد، وشاركت الجماعة بما سمح أو أُتيح لها(15).

ولما سيطر حزب الله على بيروت بالقوة العسكرية عام 2008، وجدت الجماعة نفسها غير قادرة على تجاوز تصاعد البعد الطائفي في حزب الله خاصة وأنه ترافق مع تعزيز نفوذه في السلطة اللبنانية السياسية والأمنية(16)، وبات التقدير أن أولوية الحزب في سياساته أصبحت طائفية في الداخل اللبناني على الأقل، ومن ثم تجاوزت ذلك إقليميًّا مع التمدد الإيراني في المنطقة بعد الثورات العربية عام 2011 خاصة في سوريا؛ حيث حسمت الجماعة أمرها، ورأت في المشروع الإيراني بعدًا طائفيًّا ويسير في اتجاه معاكس لدعاوى الوحدة الإسلامية. كما أنه جزء من “الثورة المضادة” بوجه من الوجوه، بسبب انخراطه في الحرب التي شُنَّت على الثورات العربية في سوريا وحتى في اليمن(17).  

أما بالنسبة لمدركات حزب الله عن الجماعة، فهناك اعتقاد في بيئة الحزب أن الجماعة الإسلامية أخذت تجنح نحو الطائفية بتسارع شديد بدءًا من عام 2005 بعد اغتيال رفيق الحريري، أي بعد انحيازها لتيار المستقبل وقوى 14 مارس/آذار لتكون في المحور المقابل الذي اتهم حزب الله بالجريمة وأجَّج الخطاب الطائفي في لبنان، وهو المحور الذي يناهض المقاومة ومحورها. ويرى أن الإخوان المسلمين عمومًا إبَّان الثورات العربية (2011) انحازوا للقوى السلفية التي كانت تستهدف هذا المحور في سوريا واخترقتهم هذه الثقافة عميقًا كما اخترقت قواعد الجماعة في لبنان ومفاهيمها، وهي لا تخلو من طائفية وتشدد مذهبي(18).

ويذهب الشيخ شفيق جرادي، مدير معهد المعارف الحكمية، إلى أبعد من ذلك، فهو يؤكد على هيمنة “تأثيرات التيار السلفي الوهابي الذي مركزه السعودية(19) على “الحركة الإسلامية” المتمثلة بالإخوان وأطيافها الأخرى وأنه وصل الذروة إبان مرحلة “الثورات العربية””، ومن ثم يقرر أن هناك اختلافًا منهجيًّا بين حزب الله والإخوان، وذلك لوجود فروقات كبيرة بين مرحلتين في حزب الله، إحداها باتت تميزه عن الإخوان تمامًا:

– المرحلة الأولى: لم يخل فيها حزب الله من فكر حزب الدعوة الإسلامي العراقي، الذي يُعَدُّ من أبرز رموزه التاريخيين محمد باقر الصدر (1935 -1980)، وكان يشبه فكر الإخوان من حيث اعتماد التغيير عبر التثقيف إضافة إلى سمات أخرى تتصل بالإصلاح السياسي.

– المرحلة الثانية: رغم أن حزب الله كان يعيش أجواء فكر حزب الدعوة والإخوان، لكنه إلى جانب ذلك كان محكومًا بفكر “المرجع الخميني (1902-1989)” من بداية تشكُّله كمقاومة، وكان يتطور وفقه إلى أن أصبح هو المهيمن خاصة بعد عام 2000. وأهم ما في فكر الخميني من اختلاف أنه يجعل الدولة من “داخل منظومة الإسلام” ويعطي للجغرافيا أهميتها ويرى أن “الصراع هو الذي ينتج الوعي والوقائع”(20).

بعبارة أخرى، إن حزب الله كان يعيش المشترك الذي كان يجمع بين حزب الدعوة الإسلامي العراقي الشيعي وحركة الإخوان المسلمين السنية وما يسمى بالفكر الحركي على الرغم من أن الحزب كان وليدًا للثورة الإسلامية في إيران، ثم أخذ يتطور في سياق العمل والبناء وفقًا للمقولات التي جاء بها الخميني في ثورته. وهذا التطور بهذا الاعتبار والانتماء جاء طبيعيًّا وليس تحولًا عن مبادئ كان عليها ثم خرج عنها، التقى مع الإخوان في بعض الطريق فقط، وهو يبني حقائق جديدة في الجغرافيا -لأن مركزه دولة وهي إيران- وليس في الرؤى والفكر والتصورات فقط.

ب- البحث عن عمق إقليمي

على الرغم من هيمنة هذه الصورة على العلاقة بين الطرفين، لا تجزم الجماعة بانتهاء العلاقة مع إيران وحزب الله بشكل حاسم، لأنه لا يزال هناك ما يجمعها بوضوح على صعيد السياسة على الأقل:

– كالقضية الفلسطينية والمقاومة، لاسيما أن حركة حماس نفسها تضغط بهذا الاتجاه، حرصًا منها على أن تكون القضية الفلسطينية قضية جامعة للعرب والمسلمين(21).

– والعلاقة الإسلامية الخاصة كما فصَّلها اتفاق الطائف (1989) الذي قام في توزيعه للسلطة في لبنان على ثنائية إسلامية-مسيحية، ووضع المسلمين وبوجه خاص السنة والشيعة (إضافة للدروز والعلويين) في كفة واحدة، بمقابل بقية الطوائف المسيحية.

كما أن دولة العمق لحزب الله، إيران، هي فاعل أصيل في المنطقة وليست طارئة عليها. وفضلًا عن ذلك، فإن المسألة السورية نفسها، قد تصبح محلًّا للحوار أو التفاوض؛ حيث يتردد رأي -ولو لدى قلة قليلة من “الإخوان المسلمين” السوريين- بوجوب التواصل مع إيران وحزب الله(22).

وبالنسبة لموقفها السياسي ودورها في المنطقة، لا تريد الجماعة أن “تقابل السياسة الطائفية الحادة” بمثلها، وترى أن هذا الواقع نشأ عن التغير في السياسة الإيرانية بالمنطقة، وانعكس في أداء حزب الله في لبنان والإقليم، وأنه اضطرارًا “وضع الجماعة بين نظرتين، كما يقول أمين عام الجماعة الإسلامية، عزام الأيوبي، وكان لزامًا عليها أن توازن بينهما، الأولى: أنها أمام مشروع إيراني له صبغة مذهبية. والثانية: هذا المشروع يمثِّل كتلة من الناس لا يمكن تجاوزها، ولا تريد الجماعة الصدام معه، لذا لم تذهب إلى معادلة صفرية في مواجهته، ولا إلى الذوبان فيه”.

واكتفت الجماعة بهذا الموقف وتدرك أنها مكون صغير لا طاقة له بتحمل عواقب الوضع الإقليمي القائم، وهي لا تملك القدرة على التأثير فيه، بل هذا يتوقف على دول العمق السني بالدرجة الأولى وهذه مسؤوليتها، ولكن هذه الأخيرة بدلًا من أن تقف مع الجماعة أو أن تجنِّبها الصراع على السلطة وعلى هوية الدولة العربية فإنها وضعتها على لائحة الأعداء أو الخصوم.

وهذا الأمر يقود إلى الضفة الأخرى من تقدير الجماعة لعلاقتها مع قوى الإقليم، وما يجمعها معها على صعيد الهوية والدور السياسي.

 

التحول المذهبي والعلاقة مع السعودية وتيار المستقبل

تحولت سياسة الجماعة في لبنان والإقليم بناء على تصورها للواقع الجديد، أن هناك استهدافًا طائفيًّا للأكثرية السنية في المنطقة من قبل مشروع إيراني، وهي لا تريد الصدام معه ولا ترى الحل في ذلك، وبنفس الوقت لا تستطيع تجاهله لاسيما أنه خطر داهم لا يمكن تجاهله أو تأجيل التعامل معه لأية مصلحة أخرى. والحل الأمثل برأي الجماعة، هو في إضعاف “المشروع الإيراني الإقليمي” لاسيما في شقه الطائفي، على أن يكون هناك مشروع آخر في مقابله لموازنته مع الحرص على تفادي المواجهة العسكرية معه. وهو ما كانت تشجع الجماعة عليه بالفعل إضافة إلى حركات إسلامية أخرى في الإقليم وذلك إبان ذروة الربيع العربي، وذلك بالسعي لإيجاد تحالف يقوم على مصر والسعودية وتركيا، وقد يطلق عليه بعضهم “المثلث الذهبي”.

وساعد على تبني هذه الرؤية، الصعود التركي المستمر بقيادة حزب العدالة والتنمية في الإقليم، ونجاح الإسلاميين نتيجة لأحداث الربيع العربي في الوصول إلى قيادة مصر بفوز الرئيس محمد مرسي في انتخابات الرئاسة (30 يونيو/حزيران 2012- 3 يوليو/تموز 2013). أما التوجه للمملكة العربية السعودية فليكن جزءًا من هذا التحالف لما تمثله من مكانة ورمزية في العالم الإسلامي.

وتؤكد الجماعة الإسلامية من جهتها أن علاقتها مع السعودية بالذات، وهي المؤثر الأكبر في الوضع السني اللبناني، بُنيت إبَّان أحداث الربيع العربي على ضرورة حفظ استقرارها لتكون جزءًا من هذا المثلث، وليس لاستهدافها، لكن الدعاية المضادة من بعض القوى نجحت في زرع فكرة العداء للإسلاميين في المملكة والإيحاء لها بأن المشروع الإسلامي يشكِّل خطرًا عليها، وأخطأت الرياض في التحليل وأخذت موقفًا سلبيًّا من الإسلاميين(23). ورغم ذلك استمرت الجماعة في موقفها الثابت من المملكة في حين أن موقف الأخيرة تغير من الجماعة، ولا تزال في تجاهل مستمر لها وللعلاقة معها(24).

أ- تحول الموقف السعودي

دخلت علاقة المملكة مع الجماعة في “آخر عامين تقريبًا من عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز “في برود، لاسيما وأنه كان ينحو نحو الليبرالية أكثر، وهو ما تجلى في القطيعة التي بدأت حينها واستمرت حتى اليوم، وذلك على رغم تفاؤل الجماعة مع استلام الملك سلمان بتغير الحال، لأن سياسته تنحو نحو المحافظة أكثر، إلا أن هذا “التفاؤل لم يكن في محله”.

وجرت محاولة من المملكة نفسها بعد انقلاب المشير عبد الفتاح السيسي في مصر (3 يوليو/تموز 2013)، لرسم حدود العلاقة بين الطرفين، حيث وجهت الرياض -وتحديدًا وزارة الخارجية- دعوة للجماعة لزيارة المملكة، وأوفدت الجماعة النائب عنها في البرلمان اللبناني، عماد الحوت، والقيادي فيها وعضو مجلس الأمناء في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ أحمد العمري، للقاء نائب وزير الخارجية السعودي، عبد العزيز بن عبدالله آل سعود، وكان حينها نائب وزير الخارجية، سعود الفيصل(25)، وذلك في منتصف سبتمبر/أيلول 2013، وتركزت أطروحة الجماعة على شقين:

الأول خاص بلبنان؛ حيث الطبيعة الطائفية ووجود السنة وحاجاتهم حتى يتماسكوا ويصمدوا، وحيث كل فريق طائفي له ظهير وضرورة استمرارية دور المملكة في لبنان لدعم الدولة ككل.

الثاني إقليمي، وتركَّز على أهمية المثلث الذي يستطيع أن يوازن التمدد الإيراني في المنطقة وأن فيه مصلحة الجميع، لأنه سيكون رادعًا للمشروع الإيراني ويجبره على التفاوض والتعايش. ولكن هذا المثلث كما قدمته الجماعة لم يشمل مصر الدولة، بل استعيض عنها بالحالة الشعبية في مصر وسواها، لتكون الحائط الذي يُتكأ عليه.

وبحسب الانطباع لدى موفد الجماعة، فإن “الأمير كان متفاعلًا ومؤيدًا لفكرة التوازن”، ولكن لاحقًا لم تتابع السعودية التواصل بهذا الخصوص مع الجماعة نفسها، وإن حصلت “متابعة جزئية من وزير الداخلية، محمد بن نايف، مع جهات إسلامية غير لبنانية”.

ولكن هذا المسار انتهى مع استلام الأمير محمد بن سلمان زمام الأمور في المملكة وولاية العهد (21 يونيو/حزيران 2017)، حتى إن الأمير عبد العزيز نفسه أُقصي عن وزارة الخارجية أو استقال بتعيين عادل الجبير وزيرًا للخارجية (29 أبريل/نيسان 2015) في بداية عهد سلمان تقريبًا، كما أنه من الأمراء المستهدفين بالتغيير شأنه شأن بقية أبناء الملك عبد الله.

ورغم ذلك لا يزال يعتقد قياديون في الجماعة، لاسيما من قطاع التعبئة الدينية، أن “شقًّا من الأمراء السعوديين أو من السلطة، لا يزالون يميلون” نحو أطروحة الجماعة للشأن اللبناني بغضِّ النظر عن سياسة المملكة الراهنة، ويستدلون أنه “بعد سنة أو أكثر بقليل” على التواصل مع الخارجية ورغم الجمود والتجاهل الذي ساد العلاقة بين الطرفين وتطور موقف المملكة السلبي من الإخوان المسلمين، جرى تواصل بين بعض المسؤولين في الجماعة والسفير السعودي، علي عواض عسيري، في بيروت، وطرحت الجماعة مرة أخرى موضوع تنظيم أمور الطائفة في لبنان، فاستمهل السفير ومن ثم طلب رسالة مكتوبة، وكان من بين أبرز ما جاء فيها بحسب الجماعة: المساعدة على إطلاق مبادرة جمع “البيت السني”، لتجمع السنة في مجلس حكماء تحت مظلة دار الإفتاء اللبنانية. ومن اللافت أن هذا المصطلح “البيت السني” تكرر استخدامه من السفير عسيري خلال زياراته المتكررة إلى لبنان(26) وإلى حين تعيين خلف له في الملف اللبناني(27).

وبنتيجة نهائية، ما يمكن استخلاصه من تقدير الجماعة لموقف المملكة منها راهنًا، وبسبب السياسة الجديدة التي جاءت مع ولي العهد السعودي، أنها لا تميز بين الحركات الإسلامية لاسيما المصنفة إخوانية وكلها عرضة للاستهداف، إلا عند الضرورة القصوى وبقدر ضئيل وعندما يتعلق الأمر بأمن المملكة، كما هو الشأن مع حزب الإصلاح في اليمن، وما سوى ذلك فالرسالة لا تزال أن الرياض لا تكترث بنتائج هذه السياسة وحتى لو أدى ذلك إلى إضعاف السنة، كما هو شأنها في لبنان وعموم الإقليم. وهذا الموقف له تأثيره حتمًا على علاقة تيار المستقبل لصلة الأخير بالمملكة، مع الأخذ بالاعتبار أن هذه العلاقة لها أيضًا محركات وأبعاد محلية أخرى، لا بل أحيانًا حسابات إقليمية يلحظها الطرفان بغض النظر عن الرياض.

ب- الجماعة وتيار المستقبل: الثنائية الممنوعة

تعود جذور تيار المستقبل إلى الكتلة الانتخابية لرئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري، وكان التأسيس الرسمي له برئاسة ابنه سعد الحريري في 9 أغسطس/آب 2007، ويمثُّل المستقبل السُّنِّية السياسية التقليدية في لبنان المتماهية مع النظام العربي عبر البوابة السعودية وما كان يُسمَّى محور “الاعتدال العربي”(28).

كانت الجماعة في أغلب الأحيان منافسًا لتيار المستقبل أو في مواجهته إبَّان مرحلة رئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري، ولكن بعد اغتيال الحريري الأب عام 2005 وقفت الجماعة مع تيار المستقبل ومع الابن سعد الحريري، وأيدت قرار إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان (افتتحت أعمالها عام 2009) لمحاكمة القتلة، كما أيدت قوى 14 آذار بعد تشكُّلها من حلفاء تيار المستقبل، وذلك في مواجهة قوى 8 آذار التي تشكَّلت من حلفاء حزب الله وإيران؛ ما انعكس توترًا مذهبيًّا بين الجماعة والمستقبل من جهة، وحزب الله وحركة أمل من جهة أخرى. وحصلت أحيانًا تحالفات جزئية بين الجماعة والمستقبل سواء في الانتخابات البرلمانية أو البلدية، أو في النقابات وما إلى ذلك.

ولكن العلاقة التي كانت تجمع المستقبل والجماعة في أفضل مستوياتها لم تشبه أبدًا العلاقة التي جمعت بين الغريمين: أمل وحزب الله، فهذه الأخيرة توصف بالثنائية الشيعية، حيث التنسيق الشخصي بين أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، ورئيس حركة أمل، نبيه بري، عال جدًّا ولهما علاقة تكاملية نسبيًّا، في حين أن العلاقة بين المستقبل والجماعة موسمية جدًّا، فلم تشهد تحسنًا إلا بعد اغتيال رفيق الحريري حيث كان الخطاب المذهبي يسود كل الأطراف، وبعد سيطرة حزب الله العسكرية على بيروت عام 2008، حيث دعت الحاجة لتدخل الجماعة سياسيًّا وللاستفادة من قدرتها العسكرية الكامنة رغم تواضعها، لتشكِّل ضغطًا على حزب الله وإيقافه دون حرب مذهبية واسعة(29).

وبحسب الجماعة، فإنها سعت خاصة في السنوات الأخيرة الأربع لنسج علاقة خاصة مع المستقبل، تحت عنوان جمع “البيت السني” كإحدى الخطوات الضرورية لصياغة شراكة وطنية مع بقية الشركاء في الوطن، وعمل الطرفان على ورقة تفاهم أكثر من مرة ولكن لما وصلت إلى الإقرار النهائي توقفت لدى تيار المستقبل(30).

أما السبب الذي يحول دون تشكُّل هذه الثنائية فهو يعود إلى عاملين رئيسين، الأول منهما يتعلق بتيار المستقبل نفسه، والثاني يرتبط بالراعي السعودي لتيار المستقبل.

أ- فيما يتعلق بتيار المستقبل، هناك ثلاثة اتجاهات:

بخصوص الأول، فإن لدى تيار المستقبل عدة أنماط من التفكير، فهناك من يرغب بتعزيز العلاقة مع الجماعة إلى حد بناء ثنائية صلبة، وغالبًا ما يرغب في ذلك الناشطون السنَّة في التيار، والذين يتحملون الأعباء والتحديات اليومية، وهم يرون في مظلومية الطائفة والتهديدات لوجودها مبررًا كافيًا لذلك.

وبالنسبة للثاني، فهناك من يريد تحالفًا يضم الجماعة على أن يبقى مفتوحًا ليضم بقية حلفاء تيار المستقبل، وهذا تؤيده نخب فضلًا عن ناشطين في التيار، ومن السنة وسواهم، لأنه يكرس رمزية سعد الحريري كممثل للطائفة السنية، ويرون في ذلك تحصينًا -لاسيما من الاختراق- للطائفة الأهم في المحور المناهض للمحور السوري/الإيراني وتقوية لها. وهذا النمط الأخير لا تستبعد قيادات في الجماعة رغبة سعد الحريري نفسه به(31).

ويمكن تمييز نمط ثالث في التيار، وقد يستند إلى أسباب فكرية أو سياسية لرفضه أيَّ ثنائية مع الجماعة، أحدها أن الجماعة حزب “سياسي ديني طائفي”، وتيار المستقبل -كما أسسه الراحل الحريري- قومي عربي من حيث الانتماء وليس الأيديولوجيا، وعلماني بمعنى عابر للطوائف، إلا أن البيئة السياسية اللبنانية التي تقوم على توزيع السلطة طائفيًّا، والظرف السياسي الذي جعل الطائفة السنية مظلومة سياسيًّا، حتَّمت على المستقبل القيام بهذا الدور. ومن جهة أخرى، يحرص تيار المستقبل على الاحتفاظ بمحليته رغم حرصه على الارتباط بالانتماء العربي، في حين أن للجماعة امتدادًا إقليميًّا ليس من مصلحة تيار المستقبل أن يتحمل أوزاره، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك ما حصل خلال فترة الربيع العربي وما أعقبها، حيث ارتبط مسار الجماعة في لبنان بمسار الإخوان المسلمين في الإقليم(32).

ب- فيما يتعلق بالسعودية:

لم تُبد السعودية يومًا رغبتها ببناء مثل هذه الثنائية أو التشجيع عليها. وربما لم تكن ترغب فيها؛ لأن مقاربتها السياسية للشأن اللبناني لا تشبه المقاربة الإيرانية وربما لأسباب أخرى، ولكن لو أراد المستقبل ربما كان بالإمكان تجاوز ذلك خاصة في الفترة التي سبقت أحداث الربيع العربي (2011) أو ما قبل الأزمة الخليجية على الأقل (5 يونيو/حزيران 2017)، خاصة أن تقدير الطرفين للسياسة الإيرانية في المنطقة حينها على الأقل، أنها تقوم على “أسس مذهبية وعلى مبدأ التوسع”.

أما في مرحلة ما بعد استلام الملك سلمان القيادة، وتحديدًا بعد تصدُّر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، السياسة السعودية، فإن موقف المملكة من الجماعة الإسلامية أصبح سلبيًّا جدًّا قياسًا إلى ما عرفته العلاقة في السابق، فالسعودية في عهد ولي العهد ترى الجماعة حركة “إرهابية” كسواها من حركات الإخوان المسلمين ولو على الصعيد النظري. وقد أحدث هذا التقدير فجوة كبيرة بين المستقبل والجماعة الإسلامية، وعزَّز من حضور النمط الأخير من التفكير في هذه المرحلة في تيار المستقبل، الذي يرفض التلاقي معها، بل لعب بعض أطرافه دورًا في سدِّ الطرق أمام الجماعة كي لا تنفذ إلى بعض حلفاء تيار المستقبل في الساحة اللبنانية لاسيما من المسيحيين، وإن حصل ليس إلا عبر المستقبل نفسه أو بما يحد من تطلعات الجماعة.

وهناك عوامل أخرى تعزز من هيمنة النمط الثالث في تيار المستقبل، ألا وهو وجود دول أخرى لا تفضِّل أن ترى الجماعة في المشهد السياسي على حد تعبير ناشطين في الجماعة، منها مصر التي لعبت سفارتها دورًا سلبيًّا للحؤول دون تحالف الجماعة مع أية قوة أخرى إبان الانتخابات الأخيرة التي فشلت الجماعة في إيصال أي من مرشحيها إلى مجلس النواب. كما أن للسفارة المصرية نفوذًا تقليديًّا في دار الإفتاء اللبنانية(33) وقد تكرسه لمصالح دول أخرى حليفة (مثل الإمارات) وقد فعلته مرارًا، وذلك بما يحد من علاقة الدار مع الجماعة.

وعلى الرغم من هذه الصورة، فإن الجماعة بحسب أمينها العام تقول: إنه “ليس لديها أي مانع من أي علاقة مع أي دولة عربية، وخاصة السعودية، وإنها تفصل بين أداء الدول مع الإسلاميين في القُطر الخاص وبين علاقتها -أي الجماعة- معهم، ولكن هم -أي الدول العربية- يخلطون”، ولا يدركون ما الذي يحصل في لبنان من تداعيات سيدفع الجميع ثمنها لاحقًا.

وبعبارة أخرى، يمكن استنتاج أن الجماعة مسكونة بخوف عميق يشبه ما لدى الأقليات اللبنانية تاريخيًّا من “التطهير المذهبي في المنطقة”، وهناك قناعة بأن إيران وحلفاءها ماضون فيه، ولا يبدو أن هناك أية مبادرة من إيران أو حزب الله تعزز لديهم خلاف هذه الرؤية، وإلى ذلك الحين فأبوابهم مفتوحة للنظام العربي رغم أنه أوصد أبوابه في وجههم، وهذا بحد ذاته يَعِدُ بِسِمات جديدة لدور الجماعة أو بوظيفة جديدة تضاف إلى دورها في لبنان والمنطقة.

التحول في هوية الجماعة والنموذج الجديد

إن التحول في هوية الجماعة الإسلامية التنظيمية هو جزء من التحولات الكبرى التي يشهدها المشرق العربي، وهو ليس منفصلًا عن التحول الإيراني نحو المذهبية وما يمثله لقوى إسلامية مؤيدة لها، وما تحققه من تقدم على الأرض، ولا عن تحول المملكة العربية السعودية نحو العداء “للإسلاميين السنَّة” وتبدُّل أولوياتها السياسية وحتى الدينية وما تشهده من تراجع على الأرض.

ومن الواضح أن تلقي الجماعة للتغيرين في الإقليم، الإيراني والسعودي، ليس واحدًا، ويمكن رسم سيناريوهات كثيرة في هذا الصدد، وتكتفي الدراسة بثلاث منها فقط للتأكيد على هذا الاختلاف واتجاه كل منها:

أولًا: من حيث الإجمال، فإن ترددات هذه التحولات، في سياسة كل من إيران والسعودية، لا تنعكس على رؤية الجماعة وموضعها من الكيان اللبناني فحسب، بل انعكست فعلًا على مجمل السنة في لبنان وربما في الإقليم؛ حيث تبدو السعودية في موقف “التخلي” عن السنة، وإيران في موقف “المستهدِفة” لهم، ما عزَّز من معاني المظلومية ومن مشاعر الأقلية التي لم يعرفها سُنَّة لبنان في تاريخهم كما عرفوها اليوم. وهذه الوضعية الجديدة تدفع بكل المكونات السُّنِّية جهوية أو حزبية أو ما سوى ذلك للتصرف بما يشبه الأقلية، والسعي للتوحد في مواجهة مهدِّد طائفي آخر، وهو الشيعي في هذه الحالة. وسيبقى الطموح الطبيعي للجمهور السُّنِّي أن تتكامل أو تتفاهم مكوناته، وهذا يشمل الجميع، والجماعة ليست استثناء بمنتسبيها وجمهورها. مع التنويه بأن هذا هو المسار الطبيعي، إذا جاز التعبير، للطائفية السياسية في لبنان حيث تشعر كل طائفة بالحاجة للتوحد في مقابل البقية، على الرغم من أن السُّنَّة لم يكن لديهم مثل هذا الشعور وبهذا الوضوح في مقابل بقية الطوائف اللبنانية سابقًا.

ثانيًا: إن الجماعة الإسلامية وكثيرًا من إسلاميي المنطقة، لاسيما أولئك الذين يدورون في فَلَك فكر حركة الإخوان المسلمين في المشرق أو يشبهونها، موحَّدون حول رؤية وتقدير سياسي متقارب لـ”مخاطر المشروع الإيراني”، وقد يستمر ببعض مفرداته ومفاهيمه في المنطقة لعقود، هذا لو تراجعت بعض أفعاله المؤجِّجة للخلاف المذهبي، ذلك لأنه ترافق مع عنف شديد لم تعرفه المنطقة في تاريخها المعاصر، كما ظهرت نتائجه على الأقل في سوريا (بعد عام 2011) والعراق (بعد عام 2003)(34)، وبالتالي، فإن التغيير لن ينعكس على الجماعة مجرد اختلاف سياسات مرحلية، وسيبقى قائمًا مع مؤيدي هذا المشروع أو من كانوا جزءًا منه. ومن الواضح أنه بات من الصعب على كل الأطراف الإسلامية، السُّنِّية والشيعية، العودة للحديث عن الوحدة الإسلامية كما كان الأمر في السابق؛ إذ أضحت الخصوصية الإسلامية كمشترك له أولويته على ما سواه قيد المراجعة من الجميع. والواضح أن كل طرف يعيد إنتاج نفسه، خاصة في السنوات الخمس الأخيرة(35)، بمعادلات تكرِّس الانقسام الهوياتي، حيث تغلب حقائق الجغرافيا والفكر الدولتي، سواء ذلك المستقى من تاريخ الخلافة بالنسبة للإسلاميين السُّنَّة، أو من ولاية الفقيه وإيران المعاصرة بالنسبة للإسلاميين الشيعة. إن استعادة العلاقة التي كانت قائمة بين الطرفين باتت أصعب من ذي قبل، وتتطلب حلولًا أكثر جذرية وعمقًا وأن تشمل شرائح شعبية واسعة جدًّا، وإلا فقد يكتفي الطرفان بالعمل على تلافي الصدام وهو ما يمكن لمسه راهنًا، بغض النظر عن نجاح هذه المساعي أم لا.

ثالثًا: إن موقف الجماعة من السعودية قد تغير عن السابق، فلم يعد لها هذه الخصوصية الإسلامية التي كانت تجمعها بحركة الإخوان المسلمين وبوجه خاص بالجماعة الإسلامية، لكنها -أي هذه الأخيرة- لن تخرج في موقفها من المملكة عن اثنين: الأول منها أشده قسوة، كأن يكون موقفها من المملكة كما هو موقفها من مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أي إنه يجري في سياق الصراع الطبيعي بين الشعوب والأنظمة أو على الأقل بين الإخوان المسلمين والأنظمة، هذا إذا ما استمرت المملكة في موقفها من الجماعة أو إذا ما وجدت الجماعة عمقًا إقليميًّا سوى السعودية تستطيع التعايش معه بما لا يتناقض مع طبيعتها وطموحاتها. والثاني قد يكون أقل من ذلك في شدته، إذا ما استصحب الباحث كثرة تكرار قيادات الجماعة وتأكيداتهم، على أن السعودية -كما بقية الدول العربية- هي دولة العمق لمسلمي لبنان طبيعيًّا، وأن المسألة الإيرانية مسألة إقليمية؛ ما يعني أن الجماعة نفسها ستقدم تنازلات من طبيعتها الأيديولوجية الإسلامية بقدر ما تضطر إلى ذلك، لمصلحة الطبيعة المذهبية التي تجمعها بدول الإقليم وقد تكون السعودية منها. وهذا في جله رهن ببقاء رؤية الجماعة للطبيعة المذهبية لـ”المشروع الإيراني” وطموحاته التوسعية في المنطقة، أم أنها ستتغير لأي سبب من الأسباب.

وهناك أسباب محلية أيضًا قد تعجِّل بالتحول في هوية الجماعة التنظيمية أو قد تحد منها. فما يتعلق بالمسألة المذهبية فإنه يتأثر باستمرار حزب الله في قيامه بدور النخبة في “المشروع الإيراني التوسعي والمذهبي” وبخروجه عن الثنائية التي أرساها الطائف ولو لمصلحة “هيمنته مذهبيًّا” على الشريك الإسلامي إن لم يكن على الطوائف المسيحية. ويتأثر أيضًا بمدى وجود مساحة مشتركة للعمل بين حزب الله والجماعة، ففضلًا عن رعاية حزب الله لحركة حماس في لبنان، فلا يوجد ما يجمع بينهما لبنانيًّا، لا بل على العكس من ذلك، فإن حزب الله تحالف في الانتخابات مع غريم الجماعة التقليدي، جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، أو جماعة “الأحباش” كما يُطلق عليها في لبنان، والتي فازت بمقعد سُني في بيروت العاصمة في الانتخابات النيابية التي جرت في مايو/أيار 2018، حتى إن الجمعية تحظى راهنًا بعناية تفضيلية من حزب الله للعمل بين السُّنَّة في مناطقه، وقد تتطور إلى أكثر من ذلك رغم وجود خلاف سابق بينهما(36). فضلًا عن أن حزب الله متهم من الجماعة بخلق “منابر وهمية” لقوى سُنِّية سواء ذات طابع ديني أو سياسي، وهذه الأخيرة لا ينفي بعضها تأييده لحزب الله بوصفه “مشروع مقاومة” سواء في لبنان أو سوريا، وينعي على الجماعة تراجعها عن هذا المشروع أو خضوعها للمشروع المقابل، مشروع تيار المستقبل(37).

 

النموذج الآخر

إن ما تريد هذه الدراسة أن تؤكد عليه هو أن الظروف الإقليمية والمحلية التي اجتمعت على الجماعة الإسلامية في لبنان وتؤثِّر في هويتها التنظيمية، قابلة للتكرار في المشرق العربي، خاصة في سوريا والعراق، حيث التخلي العربي والتمدد الإيراني، والتنوع الطائفي والعِرقي وبشكل خاص المذهبي منه، إضافة إلى محاولة استلهام اتفاق الطائف (اللبناني) لبعض دول الإقليم بنسخته المعدلة التي تسمح للقوى المؤيدة لإيران بالاستقرار في السلطة.

إن التغيرات الكبرى التي حصلت في المنطقة ستفرض بتداعياتها وتأثيراتها الجيوسياسية التمييز بين نوعين من الحركات الإسلامية لم يكن ملحوظًا بشكل كاف من قبل:

– أولًا: تلك الحركات الإسلامية التي تقوم أولوياتها على الوصول إلى السلطة بغية تغييرها بما يتوافق مع أيديولوجيتها الدينية كسلطة إسلامية؛ حيث إن النظام السياسي مهما اختلفت معه تلك الحركات، متطابق مع الأغلبية الديمغرافية الساحقة للمسلمين، كما هو الشأن في دول إسلامية أساسية مثل مصر. والجماعة الإسلامية في لبنان وكثير من شقيقاتها في المشرق العربي واليمن قد وُلدت من رحم الحركة الإسلامية في هذه الأخيرة وحملن الكثير من سماتها.

ثانيًا: تلك الدول التي لا تتطابق السلطة فيها مع الديمغرافية الإسلامية، فالحركات الإسلامية فيها مثقلة بهموم تكاد تقترب في جوهرها من تلك التي تعاني منها أقليات إسلامية في دول وبيئات غير مسلمة في بعض الوجوه، حيث تتقدم أولوية الحفاظ على الهوية أو الانتماء العربي وتعزيز دور عموم المسلمين في السلطة وليس الإسلاميين منهم فحسب. ولكن للمفارقة أن الغريم في هذه الحالة هو مسلم آخر بمذهب آخر، هي إيران وبقوى محلية شيعية مؤيدة لها، ويقع لبنان راهنًا على رأس هذا النموذج، خاصة في أعقاب الربيع العربي والأزمة الخليجية.

وتشكِّل الجماعة الإسلامية أحد أهم النماذج على النوع الثاني من تلك الحركات الإسلامية؛ إذ الحركة ليست مشروع سلطة وتحقيق مكاسب فيها، بقدر ما هي مشروع حفاظ على الهوية في واقع لبناني متعدد ومعقد بما يفوق قدرة التبسيط الإسلامي الراهن.

هذا النموذج من الحركات الإسلامية يعيش ظرفًا جيوسياسيًّا وأيديولوجيًّا بالغ التعقيد، والمصالح التي يمثِّلها تعيش تناقضات كبرى، ويبدو أنه عجز عن الحفاظ على التوازن المطلوب لحفظ هويته كحركة إسلامية إصلاحية عابرة للطوائف الإسلامية والحدود، وهو مرغم على الانحياز لجمهوره مذهبيًّا، بغضِّ النظر عن توجهاتهم السياسية والحزبية ومدى التزامهم الديني، وهو مضطر ولو كرهًا للبحث عن صيغة للتصالح مع بعض النظام العربي ليكون عمقه في مواجهة “التمدد الإيراني”، لا التمسك بالتغيير للنظام العربي، فهذا هو الجوهر الأساس في هذا النموذج الذي تمثِّله الجماعة في المستقبل، لحركات إسلامية أخرى تعيش في الفضاء الجيوسياسي الإيراني أو تخضع لتأثيراته المباشرة.

——-

تنويه: يتقدم الباحث بالشكر للزملاء في قناة الجزيرة، مكتب بيروت، على المساعدة في إنجاز المقابلات، لاسيما مدير المكتب، الزميل مازن إبراهيم، والزميل وسيم الزهيري. مع تنويه الباحث بالتعاون الذي لقيه من كل الذين قابلهم، ممن ذُكِروا في التقرير أو تحفظوا على ذكرهم.

 

المراجع

  • من المهم توضيح أن تيار المستقبل لم يتأسس كتيار إلا بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لكنه قبل ذلك كان تيارًا غير رسمي يلتف حول رمزية رفيق الحريري السُّنِّية.
  • الهوية لغة: البئر البعيدة القعر، وهُوِيَّةُ الْإِنْسَانِ: حَقِيقَتُهُ الْمُطْلَقَةُ وَصِفَاتُهُ الْجَوْهَرِيَّةُ. (في الفلسفة): حقيقةُ الشيءِ أَو الشخص التي تميزه عن غيره. انظر: معجم المعاني الجامع، كلمة هوية، (د.ن)، (تاريخ الدخول: 17 ديسمبر/كانون الأول 2018):

  https://bit.ly/2GZYCZx

  • للوقوف على تعريفات الهوية، والربط بين النظريات المعنية ببناء الهوية وصلة ذلك بالعامل السياسي سواء كان بيئة أو فعلًا أو رؤية وما إلى ذلك، انظر: العناني، خليل، داخل الإخوان المسلمين: الدين والهوية والسياسة، ترجمة: عبد الرحمن عياش، مراجعة عومرية سلطاني، (الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، 2018)، ط 1، ص 17 وما بعدها، 63 وما بعدها.
  • انظر: معجم المعاني الجامع، كلمة دور، دار، (د.ت)، (تاريخ الدخول: 17 ديسمبر/كانون الأول 2018):

https://bit.ly/2CQ4B2m

الجوهري، محمد وآخرون، طرق البحث الاجتماعي، (دار المعرفة الجامعية، مصر، 1977)، ص 111. عدلي، عصمت، علم الاجتماع الأمني، (دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 2001)، ص 15.

Biddle, B., Thomas, E. role theory: concepts and research, (Sydney: Willy and soons, New York, London, 1966), p. 8.

  • للمزيد حول المنهج المسحي، انظر: هلال المزاهرة، منال، مناهج البحث الإعلامي، (دار المسيرة، الأردن، 2014)، ط 1، ص 324.
  • انظر كتاب: الجماعة الإسلامية في لبنان منذ النشأة حتى 1975، تحرير وإشراف محسن صالح، (مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، 2009)، ط 1، ص 25، 47 وما بعدها.
  • مقابلة الباحث مع علي بركة، ممثل حركة حماس في لبنان، ضاحية بيروت الجنوبية، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017. كان بركة قياديًّا سابقًا في الجماعة الإسلامية، واستمر عضوًا في مكتبها السياسي من عام 1998 إلى عام 2001، وهذا الأخير هو تاريخ انتقال الأعضاء الفلسطينيين من الجماعة إلى حماس بالتوافق بين الطرفين.
  • مراجعة شفيق شقير لكتاب: الجماعة الإسلامية في لبنان 1975-2000، مركز الجزيرة للدراسات، 13 أبريل/نيسان 2017، (تاريخ الدخول: 17 ديسمبر/كانون الأول 2018):

https://bit.ly/2rH6o3w

  • مقابلة الباحث مع علي بركة، مرجع سابق.
  • انظر: كلمة خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، التي ألقاها في 24 سبتمبر/أيلول 2016 في ندوة مركز الجزيرة للدراسات: “التحولات في الحركات الإسلامية”. رؤية مشعل تعكس تحليل الإسلاميين للوضع القائم. يمكن الاطلاع على كلمته على رابط موقع مركز الجزيرة للدراسات، (تاريخ الدخول: 27 ديسمبر/كانون الأول 2018):

https://bit.ly/2ApryI6

  • المستشار القاضي الشيخ فيصل مولوي، أحد أبرز الشخصيات في تاريخ الجماعة الإسلامية في لبنان، وأحد أبرز فقهاء حركة الإخوان المسلمين، تولى قيادة الجماعة من عام 1992 وتوفي عام 2011. يمكن الاطلاع على بعض سيرته في موسوعة الجزيرة نت عبر هذا الرابط: https://bit.ly/2BV9nKt
  • مقابلة الباحث مع النائب السابق للجماعة الإسلامية في البرلمان اللبناني، عماد الحوت، بيروت، 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2018. وينظر كتاب الجماعة الإسلامية في لبنان (1975-2000)، مرجع سابق، ص 86 وما بعدها.
  • مقابلة الباحث مع أمين عام الجماعة الإسلامية، عزام الأيوبي، بيروت، 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
  • يمكن الاطلاع على نص الفتوى من الإنترنت. انظر رد مولوي على الفتوى: محمد حسين بزي، الوعد الصادق يوميات الحرب السادسة، (مكتبة الشروق الدولية، مكتبة الأمير للثقافة والعلوم، القاهرة، 2006)، ص 528 وما بعدها. وانظر الجزيرة نت: “علماء الشريعة يفندون فتاوى بعدم نصرة حزب الله”، 31 يوليو/تموز 2006، (تاريخ الدخول: 27 ديسمبر/كانون الأول 2018):

 https://bit.ly/2ERYNrh

  • شاركت الجماعة في الحرب حينها بأعداد قليلة، وقابل الباحث بعض الذين شاركوا في هذه الحرب وكانوا عمليًّا تحت إمرة حزب الله.
  • مقابلة الباحث مع عزام الأيوبي، مرجع سابق.
  • بالطبع ترى الجماعة وقوف حزب الله مع معارضة البحرين لأسباب مذهبية لا تتصل بمطالب الثورات.
  • مقابلة الباحث مع الصحافي والباحث قاسم قصير، 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وهو من الأكثر اطلاعًا على علاقة الجماعة الإسلامية وحزب الله، والعلاقات السُّنِّية الشيعية لبنانيًّا.
  • قاسم قصير يقول: إن حزب الله يميز بين السلفية والوهابية وكان له صداقات مع الأولى في لبنان أمثال الشيخ زهير الشاويش والشيخ حسن الشهال، أما الثانية فهي ترى حزب الله كافرًا.
  • مقابلتان للباحث مع الشيخ شفيق جرادي، الأخيرة كانت في ضاحية بيروت الجنوبية، 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2018. الأولى، كانت أيضًا في الضاحية الجنوبية، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2017. جرادي هو مدير معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية في بيروت، ومن شيوخ حزب الله المعنيين بالفكر الديني والفلسفي. مع الإشارة إلى أن تحديد عام 2000 للتمييز بين المرحلتين استنتاج من الباحث.
  • مقابلة الباحث مع علي بركة، مرجع سابق. يؤكد بركة حرص حماس على تجاوز هذه المرحلة من القطيعة بين الطرفين.
  • في سياق مقابلتين منفصلتين أجراهما الباحث في بيروت في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أكد له مسؤولان إسلاميان اثنان، أحدهما من الجماعة الإسلامية في لبنان والآخر من تنظيم إخواني غير لبناني، أن “وفدًا أو شخصيات” من حركة الإخوان المسلمين في سوريا التقت بأخرى من حزب الله في بيروت، ولكن لقاءاتهم هذه تُمثِّلهم ولا تُمَثِّل رسميًّا إخوان سوريا.
  • مقابلة الباحث مع عماد الحوت، مرجع سابق.
  • مقابلة الباحث مع عزام الأيوبي، مرجع سابق.
  • “الحوت يعرض في السعودية رؤية الجماعة”، جريدة المستقبل اللبنانية، 15 سبتمبر/أيلول 2013، (تاريخ الدخول: 25 ديسمبر/كانون الأول 2018):

 https://bit.ly/2Qr3b1R

  • انظر كمثال: عقيل، رضوان، “السعودية مهتمة بترتيب “البيت السني” في لبنان”، النهار، 9 يونيو/حزيران 2016، (تاريخ الدخول: 25 ديسمبر/كانون الأول 2018):

 https://bit.ly/2LxJYuK

  • لم يُعيَّن بديل لعسيري إلا بداية عام 2018، عُيِّن سفيرًا وليد اليعقوب، ومن ثم أُعيد إرسال وليد البخاري كقائم بالأعمال بدلًا منه ومن ثم ثُبِّت كسفير.
  • شقير، شفيق، “خريطة الفاعلين السُّنَّة في لبنان: التركيبة والتوجهات”، مركز الجزيرة للدراسات، 17 مارس/أيار 2015، (تاريخ الدخول: 25 ديسمبر/كانون الأول 2018):

 https://bit.ly/2EM6vU1

  • شقير، شفيق، “السنة في لبنان: التقهقر المذهبي والصعود الوطني”، مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، 4 ديسمبر/كانون الثاني 2015، (تاريخ الدخول: 25 ديسمبر/كانون الأول 2018):

 https://bit.ly/2SsSldr

  • مقابلة الباحث مع عزام الأيوبي، مرجع سابق.
  • لقاءات مع ناشطين ومسؤولين محليين من تيار المستقبل والجماعة الإسلامية، بيروت، الجنوب، جبل لبنان، 19-23 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
  • مقابلة الباحث مع القيادي في تيار المستقبل والنائب السابق في البرلمان اللبناني، مصطفى علوش، طرابلس، 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2018. ومما يقوله علوش: إن المستقبل لا يريد تمثيل السُّنَّة ولكن يريد “إدخال السُّنَّة في منطق الدولة خارج منطق الطائفة.. وليكون السُّنَّة مواطنين كسواهم” وهذا هو خطاب الحريري كما يفهمه هو.
  • مقابلة الباحث مع مهند الحاج علي، باحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، مكتب بيروت، بيروت، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
  • انظر: شقير، شفيق، “المرجعية الفقهية ومخاطر الانفصام المذهبي”، الجزيرة نت، (د.ت)، (تاريخ الدخول: 27 ديسمبر/كانون الأول 2018):

 https://bit.ly/2BGWWBV

  • أي على الأقل منذ معركة حزب الله في القصير عام 2013 حيث بدأ إنتاج الخطاب الطائفي كهدف بحد ذاته، في سياق الأزمة السورية وأزمات الإقليم. حول معركة القصير، انظر: شقير، شفيق، “معركة القصير السورية: تبعات تدخل حزب الله اللبنانية والإقليمية”، مركز الجزيرة للدراسات، 8 مايو/أيار 2013، (تاريخ الدخول: 27 ديسمبر/كانون الأول 2018):

https://bit.ly/2Rx6XeK

  • مقابلة الباحث مع مهند الحاج علي، مرجع سابق. تجدر الإشارة إلى أن الباحث كان قد طلب موعدًا لإجراء مقابلة مع بعض قادة الجمعية لكنهم اعتذروا.
  • مقابلة الباحث مع الشيخ ماهر حمود، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة، صيدا، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.