ملخص

تسعى هذه الدراسة إلى إلقاء نظرة سريعة على الجندي الاصطناعي أو الصنعي (أي الجندي الذي يصنعه الإنسان ليحاكي السلوك البشري لجندي المشاة من القوات النظامية) ومترادفاته وأنواعه، ومنها (المقاتل الروبوت)، وإلى عرض التساؤلات القانونية التي يطرحها استخدام الجندي الصنعي، من نحوٍ ثان، وإلى الالتفات إلى محل الجندي الصنعي في الإستراتيجيات العسكرية لبعض الدول العربية، من نحوٍ ثالث. وسيعتمد المنهج التحليلي في مقاربة أبعاد مسألة استخدام الروبوتات (أو الربوطات) في الحرب.

كلمات مفتاحية: تكنولوجيا الروبوت، الجندي الصنعي، الروبوت المقاتل، حرب المستقبل، المسؤولية الدولية.

____________________________________

* أ.د. طارق المجذوب، أستاذ زائر في عدد من الجامعات، وقاض لدى مجلس شورى الدولة، ووزير سابق في لبنان.

Prof. Dr. Tarek Majzoub Visiting Professor at Several Universities, Judge at the Council of State, Former Minister, (Lebanon)

Abstract:

This study seeks first to take a quick look at the robotized or artificial soldier (i.e., man-made infantry soldier able to perform military functions in a humanlike manner) and its types, and second, to raise legal issues about the use of artificial soldier in the battlefield, and third, to overlook its place in the military strategies of some Arab States. The analytical approach will be adopted throughout the paper.

Keywords: Robotics Technology, Artificial Soldier, Soldier Robot, Future War, International Responsibility.

مقدمة

في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لم يستبعد الجنرال السير نيك كارتر، قائد القوات المسلحة البريطانية، أن تحارب روبوتات، قد يصل عددها إلى 30 ألف وحدة، في صفوف الجيش البريطاني، الذي يتحتم عليه أن يحدث نفسه.

وقال الجنرال كارتر لبرنامج “سكاي نيوز أون صانداي” الذي تبثه قناة “سكاي”: إن القوات المسلحة التي “يجري تصميمها لثلاثينات القرن الحالي”، قد تتضمن أعدادًا كبيرة من الآلات التي تعمل بشكل ذاتي أو تلك التي تدار عن بعد. وأضاف السير نيك”: “أعتقد أنه سيكون لدينا جيش قوامه 120 ألف جندي، بينهم 30 ألف روبوت”.

وذكر في وقت لاحق خلال حوار أجراه معه “برنامج آندرو مار” على قناة “بي بي سي” الأولى، أن الروبوتات ستلعب دورًا ما في ميادين القتال خلال السنوات العشر المقبلة، وذلك كجزء من قوات مسلحة “مختلفة للغاية”. وأضاف الجنرال كارتر: “من خلال توقعاتي لما سيجري في عشر السنوات المقبلة، فإنه يجب ألا يساورنا أي شك في أن الحرب ستكون مختلفة، وأنه سيكون لدينا روبوتات في ميدان المعركة، علمًا بأنها بالفعل موجودة هناك حاليًّا” (1).

ونستنتج من كل ما تقدم أن “المملكة المتحدة لديها رؤية جريئة تتضمن امتلاك 30 ألف روبوت قتالي أي ما يمثل 25 في المئة من تعداد جيشها (…). ورغم أن الرؤية البريطانية تتميز بالطموح الكبير إلا أنها ربما تواجه عقبات تتعلق بالاعتمادات المالية اللازمة» (2). وبتعبير آخر: سيكون لبريطانيا جيش قوامه 120 ألف جندي، من بينهم 30 ألف روبوت Robot (أو ربوط (3)، كما عربت الكلمة) قابل للتوجيه، سواء أكان ذلك من طريق التحكم عن بعد Remote controlled robot أو من طريق برمجةٍ يحملها في داخله Autonomous robot.

وتشكِّل الروبوتات Robots نوعًا غريبًا عجيبًا، ووحيدًا فريدًا، ومدهشًا مذهلًا من المقاتلين أو المحاربين أو الجنود. وترتبط تكنولوجيا الربوطيات Robotics technology (4) ارتباطًا عضويًّا بمسألة تطور وسائل الحرب، الحالية والمستقبلية (5). ويتعاظم دور هذه التكنولوجيا في إحداث التحول من الأساليب التقليدية في الحرب إلى الأساليب غير التقليدية الحديثة. ويشكل ظهور الروبوتات بعد العام 2001 عاملًا رئيسًا في تطوير وسائل الحرب لأنها تمثل إعادة اختراع وسائل الحرب وإعادة تنظيمها وهندستها من خلال التكنولوجيا.

وسيؤدي الانتقال إلى الروبوتات إلى إحداث تغيرات جذرية وجوهرية في المفهوم الإداري والعسكري والقانوني للجندي (كالانتساب والتعيين -أو شروط التوظيف- في القوات المسلحة وإدارة الموارد البشرية وغير البشرية فيها) وفي قواعد الحرب (البرية والبحرية والجوية والفضائية).

إن لاستخدام الروبوت المقاتل (Artificial soldier) في الحروب أبعادًا وجوانب وانعكاسات أو آثارًا متعددة، من بين أبرزها: الآثار القانونية بالنسبة إلى استخدام الجندي الاصطناعي أو الصنعي (6) في ميدان القتال (7)، وبخاصة أهم المبادئ التي يقوم عليها القانون الدولي الإنساني (كمبدأ الفروسية ومبدأ الإنسانية ومبدأ الضرورة). ولكننا سنلقي، أولًا، نظرة سريعة على الجندي الاصطناعي أو الصنعي ومترادفاته وأنواعه. ونعرض، ثانيًا، للتساؤلات القانونية التي يطرحها استخدام الجندي الصنعي، القادم إلى ميدان القتال بخطوات متسارعة لا محالة. ونورد، ثالثًا، محل الجندي الصنعي في الإستراتيجيات العسكرية لبعض الدول العربية. وسيعتمد المنهج التحليلي في مقاربة أبعاد مسألة استخدام الروبوتات (أو الربوطات) في الحرب.

أولًا: الجندي الصنعي ومترادفاته وأنواعه

لا ضير إذا ذكرنا بدايةً أن المشاة أو جند المشاة أو الرَّجَّالة Infantry هي القوات المقاتلة راجلةً برغم أنها قد تحمل إلى ميدان القتال على صهوات الجياد أو متون السفن والطائرات وغيرها. وجند المشاة قديم قدم الحرب نفسها، وقد كان رجاله يسلَّحون بادئ الأمر بالسهام أو السيوف أو الرماح أو الحراب، ثم أصبحوا يسلحون بالبنادق الأوتوماتيكية وقاذفات الصواريخ وغيرها. ولقد كانت مهمة هذا الجند، دائمًا، الاستيلاء على الأرض، واحتلال بلدان العدو عند الاقتضاء. والواقع أن الحرب العالمية الأولى (1914-1918) كانت حربًا بين جنود المشاة، في المقام الأول، وفيها كان هؤلاء الجند مزودين بالبنادق والرشاشات والقنابل اليدوية. أما في الحرب العالمية الثانية (1939-1945) فقد اقتصرت مهمة جند المشاة على التقدم في أعقاب الهجمات الأولية (التي يقوم بها سلاح المدرعات وسلاح الطيران) إلى توسيع الثغرات المحدثة في دفاعات العدو والتمركز في أراضيه المحتلة.

إن المصطلحات والتعابير المستعملة والمتعلقة بالجندي في عصر الأتمتة Automation (8) أو الربوطة Robotization (9) أو السبرنة Cybernation (10) كثيرة ومتنوعة. فما الفرق بين الجندي الصنعي ومترادفاته؟ وما العناصر التي تجمع بينها أو تشترك فيها؟ وما أوجه الشبه والاختلاف بين الجندي الصنعي والجندي الروبوت؟ وكيف نصنف الجندي الصنعي؟ (11)

إن عبارة «الجندي الصنعي» Artificial soldier تعني وجود ماكينة أو آلة يصنعها الإنسان لتحاكي السلوك البشري للجندي من المشاة يستعين بها الجيش لمهام عسكرية متعددة (كالتجسس، وتعقب الأهداف العسكرية في الخنادق والأنفاق، وزرع الألغام، وضرب مواقع العدو وقتل جنوده، وتوسيع الثغرات المحدثة في دفاعات العدو والتمركز في أراضيه المحتلة).

وإلى جانب الجندي الصنعي، نعثر على عبارات كثيرة أخرى، مثل:

– الجندي المأتمت Automated soldier: والأتمتة Automation هي “إدارة الأجهزة بالوسائل الميكانيكية أو الإلكترونية التي تحل محل حواس الملاحظة عند الإنسان”، كما ذكرنا سابقًا (12). فالجندي المأتمت هو الجندي المصمم بحيث يقوم، تلقائيًّا، بسلسلة من العمليات المحددة مسبقًا.

– الجندي الروبوت Soldier robot: الروبوت Robot اسم جامع يطلق “على بعض الآلات، كالكمبيوترات، والطائرات التي تنطلق في الجو من غير طيارين» (13). وإنما أطلق “الروبوت”، أول ما أطلق، على “ماكينة أو آلة تحاكي أعمال الإنسان” (14)، ثم وسِّع مفهومه فأصبح يشمل اليوم مختلف الماكينات أو الآلات التلقائية، جزئيًّا كان أو كليًّا. ولتحديد مضمون “الجندي الروبوت” فضَّل فريق من الفقهاء اعتبار هذه العبارة تطبق اليوم على المسيرات، ومنها: الطائرة أو السفينة أو الغواصة من غير ربان التي يتحكَّم في سيرها عن بعد بإشارات لاسلكية أو من طريق برمجةٍ تحملها في داخلها (15)، والجندي الأوتوماتيكي أو الآلي.

– الجندي الروبوت البشراني Humanoid robot soldier: والبشراني Humanoid هو “شبيه بالبشر من حيث الشكل أو الخصائص” (16)؛ فالجندي الروبوت البشراني هو كائن شبيه بالبشر.

– الجندي الروبوتي Robotic soldier: هو الجندي الذي يستعين بـ”التقنية التي تعنى بتصميم الروبوتات وإنشائها وتشغيلها” (17) (أي الروبوتيات Robotics).

– الجندي السيبراني Cybernetic soldier: والسيبرانية أو السيبرناتية Cybernetics هي “الدراسة النظرية لعمليات الضبط في الأجهزة الإلكترونية والميكانيكية والبيولوجية، وبشكل أخص: التحليل الرياضي لانتقال المعلومات في هذه الأجهزة، آليةً كانت أو حيوانية. ويعتبر هذا العلم الأساس الذي تقوم عليه صناعة الكمبيوترات، ويستعان به أيضًا لفهم مختلف العلل العضلية والعصبية” (18). فالجندي السيبراني هو الجندي الذي يدار، جزئيًّا أو كليًّا، من طريق استخدام الكمبيوتر أو الفضاء السيبراني (19).

– الجندي المروبت Robotized soldier: هو تحويل الجندي إلى روبوت Robot، أي جعل الجندي “آليًّا أو أوتوماتيكيًّا” (20).

– الجندي المسبرن Cyborg soldier: والمسبرن Cyborg هو “شخص مشدود إلى أداة ميكانيكية أو أكثر يتوقف عليها انتظام بعض وظائف جسمه الحيوية” (21). فالجندي المسبرن هو الجندي الإنسان (أي الجندي من الجنس البشري) المشدود إلى أداة ميكانيكية أو أكثر.

ليس من اليسير التمييز بين هذه العبارات لأنه ليس لاختلاف التسمية بينها أية نتيجة عملية. وفي رأي معظم الفقهاء أن مؤدَّى هذه الألفاظ واحد وأن الرغبة في التفنن والتمايز هي التي تدفع بعض الساسة إلى التنويع في التسمية والتلاعب بالمصطلحات. وبالإمكان استعمال جميع هذه الأدوات الآلية لتحقيق عملية عسكرية محددة (أي تمكين الجيش من الدفاع عن مصالح دولته وحقوقها أو من فرض إرادتها على الغير من غير إهراق دم جنودها).

إن عبارة “الجندي الصنعي” ومترادفاتها المختلفة (لفظًا لا مضمونًا، في الأعم الأغلب) تتضمن عناصر مشتركة بينها، يمكننا إجمالها بأربعة: وجود ماكينة أو آلة أو أداة، ومحاكاة السلوك البشري للجندي، والقيام بعمليات عسكرية مختلفة، والخضوع لإرادة المشغل Operator/المنتج Producer أو توجيهاته.

وهناك تصنيفات عديدة ومختلفة للجندي الصنعي، إلا أن هناك ثلاثة تصنيفات فقط تتمتع بفائدة عسكرية-قانونية:

– الجندي الصنعي نصف ذاتي التحكم (أو نصف تلقائي) Semi-autonomous robot  الذي لا يتمتع بـ”حريته” في التصرف، بسبب خضوعه وارتباطه، كليًّا، بالمشغلين الجالسين خلف شاشات الحواسيب (أي التحكم بهذا الجندي أو السيطرة عليه).

– الجندي الصنعي ذو ذاتية التحكم المقيدة (أو تلقائية تحت الإشراف، أو إشراف على التلقائية) Supervised autonomous robot الذي لا يتمتع بكامل “حريته” في التصرف (أي اتخاذ القرارات المناسبة في ضوء المعلومات أو البيانات المجمعة لديه)، بسبب خضوعه وارتباطه، جزئيًّا، بالمشغلين الجالسين خلف شاشات الحواسيب.

– الجندي الصنعي ذاتي التحكم (أو تلقائي التوجيه) Autonomous robot الذي لا يخضع في معالجة المعلومات (أو البيانات) المجمعة لديه واتخاذ القرارات المناسبة في ضوئها لأوامر المشغِّلين الجالسين خلف شاشات الحواسيب ورقابتهم. وفي العام 2040، قد نصل إلى مرحلة ما بعد الجندي الصنعي ذاتي التحكم… جندي صنعي يفكر ويقرر بعد إطلاقه.

والمتفق عليه أن جميع هذه العبارات ومرادفاتها المختلفة تطرح التساؤلات ذاتها. فما التساؤلات التي يطرحها استخدام الجندي الصنعي؟

ثانيًا: تساؤلات قانونية يطرحها استخدام الجندي الصنعي

أضاف التطور العلمي المذهل الذي شهده العصر الحديث عوامل مهمة جديدة كان لها، وسيكون، أثر عميق في تطوير قواعد القانون الدولي وتغيير معالمها. إنها العوامل التكنولوجية (22)، ولاسيما تكنولوجيا الربوطيات.

وهذه العوامل التكنولوجية أهملت لفترة طويلة، على الرغم من الاعتراف بأهميتها وتأثيرها؛ فـ”ليس الفلاسفة بنظرياتهم، ولا الحقوقيون بصيغهم، بل المهندسون بابتكاراتهم، هم الذين يصنعون القانون، وخصوصًا تقدم القانون” (23).

وإذا كان تأثير التكنولوجيا في حياة المجتمع البشري أمرًا مسلَّمًا به، فإن ما يشغل بالَ فقهاء القانون ورجال السياسة والإعلام اليوم (24) هو مدى تأثيرها في التغيرات والتوجهات التي طرأت على تطور القانون الدولي العام والعلاقات الدولية.

لقد كان للتكنولوجيا تأثير بالغ ودور كبير، أولًا: في تطور العلاقات الدولية (25)، وثانيًا: في تقييد بعض القواعد الدولية (26)، وثالثًا: في تطوير هذه القواعد (27).

وهكذا نرى أن العوامل والتطورات التكنولوجية المتلاحقة قد أحدثت تغييرًا مهمًّا في كثير من المفاهيم والأسس والمبادئ التي قام عليها القانون الدولي منذ قرون (28). فهل امتد هذا التغيير إلى تكنولوجيا الربوطيات؟

يتجلى تأثير الجندي الصنعي في أربعة أمور مهمة: تغيير في مضمون الجندي ومدلول الدولة الصغيرة، وتقييد مبدأ الفروسية Chivalry، وتغييب مبدأي الضرورة Necessity والإنسانية Humanity، وتشتت المسؤولية الدولية.

أ – تغيير في مضمون الجندي ومدلول الدولة الصغيرة

لقد أسفر التطور في مجال الجندي الصنعي عن تغيير شامل في مضمون القوات النظامية، أي الجيوش بمختلف أشكالها وتشكيلاتها (الجيش العامل، والجيش الاحتياطي، والحرس الوطني، والكتائب المكونة من أجانب كالفرقة الأجنبية Foreign legion/Légion étrangère في فرنسا…)، والقوات المتطوعة التي تتكون من أفراد يعملون بدافع وطنيتهم مع الجيوش النظامية. صحيح أن الفرق الجوهري بين القوات العسكرية التقليدية ومشغلي الجنود الصنعيين لم يتغير من حيث الأغراض والأهداف، إلا أن البنية والروابط مع الدولة قد تغيرت جذريًّا في عصر الأتمتة أو الربوطة أو السبرنة. ففي الماضي، كان نقص عديد القوات العسكرية يحدث خللًا ويهدد أمن الدولة بالتفكك. أما اليوم فلم يعد لعديد القوات العسكرية أية قيمة إستراتيجية تذكر (29)، لأن تكنولوجيا الربوطيات أوهت مفعول الترابط بين قدرة الجيش وعديده وعززت قدرة الدولة الواحدة، المالكة لها أو القابضة عليها، على ضمان أمنها والدفاع عن نفسها بمفردها.

وصار بإمكان دولة صغيرة مستضعفة أن تواجه منفردة دولة متفوقة عسكريًّا بعد قيامها بشراء أو إنتاج أسطول من الجنود الصنعيين. وستحرِّر، إذن، تكنولوجيا الربوطيات الدولَ الصغيرة، حسنة التنظيم والتدبير نسبيًّا، من الاعتماد على حلفائها التقليديين.

ويعتقد البعض أن رؤية أسراب من الجنود الصنعيين الذين يمكنهم التواصل مع بعضهم البعض في ساحات الحرب سيكون أمرًا عاديًّا في المستقبل القريب. ولكن هل ستستند أسراب الجنود الصنعيين إلى القانون الدولي الإنساني، من نحوٍ أول، واحترام الإنسان، من نحوٍ ثان؟

ب – تقييد مبدأ الفروسية

ظهر مبدأ الفروسية في العصور الوسطى، وهو ينطوي على خصال الشجاعة والشرف والنجدة والسخاء التي تتوافر في الفارس أو الجندي الممتطي فرسًا. ومن مقتضيات هذه الصفات الرفيعة الحرص على حماية الضعيف ومعاملة الأعداء معاملة كريمة، وعدم التعرض لغير المقاتلين من سكان دولة العدو.

ومن محاسن الفروسية أنها كانت من أسباب التخفيف من ويلات الحرب وتجنيب غير المقاتلين شرورها. وفي ظل الفروسية انتشرت القواعد الخاصة بحسن معاملة الجرحى والمرضى أثناء النزاعات المسلحة.

أصبح اليوم نظام الفروسية أو روحها أو تقاليدها مستباحًا بفضل الجندي الصنعي عديم الإحساس حتى الآن (30). فهل سيمنع أو يمتنع الجندي الصنعي عن الإجهاز على جريح أو أسير، أو مهاجمة ممتلكات المدنيين غير المشاركين في العمليات الحربية؟ وهل سيحترم العهود المقطوعة، ويبتعد عن أعمال المكر والغدر والخيانة، ويمتنع عن استعمال الأسلحة المحظورة؟ وبتعبير آخر: هل سيُمنع أو يمتنع الجندي الصنعي عن اللجوء إلى أعمال تتنافى مع الفروسية؟

نجيب بالنفي، فخوارزمية Algorithm (31) الفروسية غير جاهزة. والخطورة في مثل هذه التصرفات لا تكمن في إفراغ الفروسية من مضمونها أو فاعليتها فقط، بل تكمن أيضًا وأساسًا في أنها تقهقر القانون الدولي الإنساني.

ج – تغييب مبدأي الضرورة والإنسانية

اكتسب القانون الدولي الإنساني أهميته القصوى وأصبحت له أبعاد حقيقية بسبب ارتباطه الوثيق بالإنسان، فبفضل هذا القانون وحده يمكن حماية مصير العديد من البشر وحماية حرياتهم عند اندلاع الحروب. وقد تبنى الاجتهاد العالمي، بغالبيةٍ ساحقة، تعبير “القانون الدولي الإنساني” International Humanitarian Law (IHL) الذي أصبح اليوم مصطلحًا رسميًّا وشائعًا ومستعملًا في المؤتمرات والندوات الدولية والإعلام. والاهتمام بهذا القانون ينطوي على رغبة في إحلاله محل قانون الحرب Jus in bello وتغليب الطابع الإنساني على النزاعات المسلحة، والتوفيق بين الاعتبارات الإنسانية ومقتضيات الضرورات الحربية.

ولا يتخلى القانون الدولي عن مهماته الإنسانية خلال الحروب، وهي تتجلى في القواعد والضوابط التي يضعها للتخفيف من ويلات الحروب والمنازعات المسلحة وآثارها، والحفاظ على مصالح الدول المحايدة، وحماية المدنيين والأبرياء.

ويستند القانون الدولي الإنساني (32) إلى مبدأين أساسيين (33): مبدأ الإنسانية Humanity، ومبدأ الضرورة Necessity. ويمكن أن نضيف إليهما مبدأ ثالثًا قد يبدو بديهيًّا، وهو مبدأ التناسب Proportionality.

يدعو مبدأ الإنسانية إلى تجنب أعمال القسوة الوحشية في القتال طالما أن استعمال هذه الأساليب لا يؤدي إلى تحقيق الهدف من الحرب، وهو إحراز النصر. فقتل الجرحى أو الأسرى، أو الاعتداء على النساء والأطفال، أو إساءة معاملة المدنيين، تعد أعمالًا غير إنسانية وتخرج عن إطار أهداف الحرب. فهل يراعي الجندي الصنعي غير البشري الاعتبارات الإنسانية؟

أجابت منظمة هيومن رايتس ووتش Human Rights Watch (34) وغيرها من منظمات أو جمعيات حقوقية بالنفي (35). فماذا عن مبدأ الضرورة؟

يقضي مبدأ الضرورة باستعمال كل أساليب العنف والقسوة والخداع في الحرب من أجل إرهاق العدو وإضعاف مقاومته وحمله على التسليم في أقرب وقت ممكن (أي استعمال وسائل العنف والقسوة بالقدر اللازم لهزيمة العدو وتحقيق النصر) (36). والمنادون به يضفون طابع الشرعية على العمليات العسكرية التي تضطر الدولة إلى القيام بها للدفاع عن نفسها. ولكن مبدأ الضرورة يخضع لقيود إنسانية تتجلى في وجوب مراعاة القواعد الإنسانية في أساليب القتال، كالإقلاع عن الأساليب التي تزيد في آلام المصابين، أو تُنزل أضرارًا فادحة بغير المقاتلين، والإقلاع عن اتخاذ الضرورة مبررًا لانتهاك قواعد الحرب المستندة إلى الأعراف والمعاهدات الدولية. فحالة الضرورة لا تبيح، مثلًا، لأي طرف استخدام الأسلحة المحظورة دوليًّا، كالغازات السامة والأسلحة النووية والبيولوجية، أو الاعتداء على المدنيين، أو مهاجمة الأهداف المدنية، أو الإجهاز على الجرحى، أو حرمان المرضى من العناية الطبية.

وهناك فقهاء يرفضون مبدأ الضرورة من أساسه، مستندين في ذلك إلى فكرة أن الحرب باتت، في عهد الأمم المتحدة، عملًا غير مشروع (37)، وإذا كان مبدأ الضرورة تصرفًا ملازمًا للحرب، فقد أصبح، هو أيضًا، عملًا غير مشروع يستوجب التجاهل (38).

وفي رأي الكثيرين أن لفكرة الضرورة، رغم غموضها أهميةً ومجالًا في القانون الدولي الإنساني (39). غير أنه لا يجوز، في أي حال من الأحوال، اتخاذها ذريعة لخرق قوانين الحرب وأعرافها، أو تجاوز مقتضيات الحرب الرامية إلى كسر شوكة العدو بالطرق التي تخالف، حكمًا، تلك القوانين أو الأعراف.

ويكون مبدأ التناسب متوافرًا عندما يوازن العمل العسكري بين نتائجه والضرر المحدث، أي أن يكون حجم العمل العسكري بحجم الضرر.

ويشكِّك البعض، كما ذكرنا سابقًا، في مدى توافر شرطي الضرورة والتناسب في عمليات الجندي الصنعي العسكرية (40). فالتناسب مفقود لأن عدد ضحاياه أكبر بكثير من الجنود المستهدفين وأضراره جسيمة.

إن الركيزة الأولى للقانون الدولي الانساني هي ضرورة التمييز، في كل وقت، بين المدنيين والعسكريين، حيث يحظر القانون على المتحاربين قتل المدنيين عمدًا، أو التسبب بمعاناة لا طائل منها لغير أسباب الضرورة العسكرية، وإلا عُدَّ هذا العمل جريمةَ حرب وانتهاكًا جسيمًا يستوجب المعاقبة. ومثال ذلك اغتيال أو قتل المدنيين.

وعلى هذا الأساس، لا يحق للمتحاربين استهداف المدنيين لأنهم من فئات الأشخاص المحميين (41)، ويشكل استهدافهم عمدًا جريمة حرب يعاقب عليها.

ويعرِّف البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف الأربع، الصادر في العام 1977، المدني بأنه كل من ليس بمقاتل، “أما إذا ثار الشك حول ما إذا كان شخص ما مدنيًّا أم غير مدني، فإن ذلك الشخص يعد مدنيًا” (42). فالقاعدة في هذه الحالة هي تفسير الشك لصالح الشخص المحمي إلى أن يثبت العكس.

والاعتبارات التي تبرر قتل المدنيين هي فقط مبدأ “الضرورة العسكرية” وأن يكون نشاطهم غير المعتاد قد “أسهم إسهامًا فعالًا في العمل العسكري”.

ولا تؤدي المشاركة “غير المباشرة” التي تسهم في المجهود الحربي لأحد المتحاربين، من دون أن تسبب ضررًا مباشرًا، إلى فقدان هذه الحماية؛ فالمبدأ هو استمرار الحماية المقررة للفئات المحمية إلى أن يزول سبب منحها. وهذه الحماية تتوقف إذا قام الأشخاص المحميون بأعمالٍ تلحق ضررًا بالعدو، بشرط عدم استجابتهم للإنذارات الموجهة إليهم؛ فيفقد الشخص حماية القانون الدولي الإنساني إذا شارك “مباشرة في الأعمال العدائية”.

فهل سيميِّز الجندي الصنعي بين المشاركة المباشرة وغير المباشرة في الأعمال العدائية؟ وبتعبير أوضح: هل سيميز الجندي الصنعي بين الفئات المشمولة وغير المشمولة بحماية القانون الدولي الإنساني؟

نجيب بالنفي، فخوارزمية التمييز صعبة التطبيق في ميدان القتال. فمن المسؤول عن ضحايا الجندي الصنعي من الفئات المشمولة بحماية القانون الدولي الإنساني؟ ومن المسؤول عن أضراره الجسيمة؟ وبسؤال موجز: من يتحمل المسؤولية في هذه الحالة؟ وما أساس هذه المسؤولية؟

د – تشتت المسؤولية الدولية

إن هناك شروطًا ثلاثة لقيام المسؤولية الدولية: وجود ضرر ناجم عن عمل غير مشروع، ارتكبته دولة معينة. وتنتفي المسؤولية إذا كان الضرر نتيجة قوة قاهرة، أو خطأ ارتكبته الدولة التي أصابها الضرر (43).

والنشاط الناجم عن استخدام الجندي الصنعي، والمسبِّب للضرر، قد يكون مشروعًا، وقد يتسبب هذا الجندي، عند استعماله، في إحداث ضرر للبشر (44).

وهناك اتفاقيات دولية مهمة استندت إلى نظرية المخاطر “ونصَّت بوضوح على قيام المسؤولية بمجرد وقوع الضرر، ودون الحاجة إلى إثبات وجود فعل غير مشروع. ونذكر، على سبيل المثال، اتفاقية العام 1969، المتعلقة بالتلوث الناتج عن استغلال الموارد المعدنية في قاع البحار، واتفاقية العام 1972، المتعلقة بالمسؤولية عن الأضرار التي تسببها أجسام تدور في الفضاء” (45).

وفي عصر الأتمتة أو الربوتة أو السبرنة وما أفرزته من أضرار جسيمة تجاوزت حدود الدولة التي تستخدم الجندي الصنعي، تضاعفت أهمية تلك المسؤولية، فراح رجال القانون يطالبون بتطوير قواعدها حتى لا تقف القواعد التقليدية عقبة في سبيل حصول من تصيبهم هذه الأضرار على التعويض العادل. فالمفهوم التقليدي للمسؤولية لم يعد قادرًا على التلاؤم مع الآثار والأضرار التي تسببها الثورة العلمية الحديثة، لأن الأضرار أصبحت خطيرة وشاملة، وإثبات الضرر أصبح صعبًا، واستخدام تكنولوجيا الروبوتات أصبح مشروعًا.

إن أضرار الجندي الصنعي قد تحدث، مثلًا، من دون أن يكون بالإمكان نسبة أي خطأ إلى الدولة التي أطلقته. فقد كانت الدولة، قبل تكنولوجيا الروبوتات، قادرة على تحديد مسار جنودها المشاة، بشكل نسبي مقبول. غير أنها أصبحت بعد انتشار تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عاجزة عن التحكم الكامل بمسار الجندي الصنعي. فكيف باستطاعة الدولة مالكة الجندي الصنعي منع خطفه عبر الفضاء السيبراني Cybernetic space (46) وتفجيره؟ وهل بإمكانها عمليًّا منع قراصنة الكومبيوتر أو المقتحمين Hackers (47)، الطبيعيين والاعتباريين، من التقاط ما ينقله الجندي الصنعي من معلومات ومشاهد؟ وهل بإمكانها عمليًّا منع التنصت أو استراق السمع، أو اعتراض أو اختراق ما يبثه الجندي الصنعي من معلومات ومشاهد؟ وهل تحتفظ الدولة التي أطلقت الجندي الصنعي بالولاية والرقابة عليه خارج حدود الولاية الوطنية للدولة؟ وبعبارة أوضح: هل تتحمل الدولة التي أطلقت أو سمحت بإطلاق الجندي الصنعي من أرضها بالمسؤولية الدولية عن جميع الأضرار التي تنزل بالغير؟ وهل تطبق صفة المحارب على من خطف الجندي الصنعي أو خربه أو فجره، سواء في ميدان القتال أم خارجه؟ وهل يمكن عده جنديًّا سيبرانيًا عاملًا Cybernetic soldier أو جنديًا سيبرانيًّا في الاحتياط Cybernetic reservist؟ وهل يمكن عده مرتزقًا أو خائنًا؟

ونستنتج من كل ما تقدم أن الاستهداف المتعمد للمواقع المدنية والفئات المشمولة بحماية القانون الدولي الإنساني يعد جريمة حرب في هذا القانون. أما ادعاء بعض الدول بأن ما تقوم به هو استخدام الجندي الصنعي لحجب دماء جنودها والدفاع عن حياضها والمحافظة على وجودها، فهو لا يبرر قتل العدد الكبير من الفئات المشمولة بحماية القانون الدولي الإنساني، كما سبق بيانه. فهل سيكون استخدام الجندي الصنعي سبيلًا إلى سفك دماء هذه الفئات بسبب خطأ أو خللٍ ما أو قصدٍ ما؟ أو هل سيتمكن العلماء من جعل الروبوت يتألم (48) ليتعلم الجندي الصنعي التخفيف من ويلات الحرب وتجنيب غير المقاتلين شرورها؟ وهل ستتمكن التكنولوجيا الأحيائية Biotechnology (49) من جعل الجندي الصنعي يحاكي الطريقة التي يعمل بها الجهاز العصبي في جسم الإنسان؟ وهل سيستجيب مقياس التحسس Sensor الذي يحمله الجندي الصنعي في داخله لمؤثرات البشر الطبيعية (الإحساس والانفعال، كالحب والغضب والأسى والخوف) ومن ثم يرسل النبضات الكهربائية Electric pulses الناشئة عن ذلك إليه (أي إلى الجندي الصنعي)؟ وبسؤال موجز: هل سيسلك الجندي الصنعي يومًا كما تسلك الفئات المشمولة بحماية القانون الدولي الإنساني فيتمرد على التوجيهات التي يجب عليه اتباعها عند تشغيله أو إطلاقه؟

ثالثًا: الجندي الصنعي في الإستراتيجيات العسكرية لبعض الدول العربية

إننا نلمس، إذن، بعد الاطلاع على جهود الأمم المتحدة في مجال تنظيم استخدام الجندي الصنعي (50)، توجهًا دوليًّا، نظريًّا، نحو إدانة استخدام الجندي الصنعي (51). فحجة “الأضرار الجانبية غير المقصودة” لم تعد سدًّا يحمي الدول من الإدانة عند اللجوء إلى مثل هذا الاستخدام. والتذرع بالخطأ التقني، الحاصل للجندي الصنعي عند مهاجمة العدو أو تنفيذ مهام (الاغتيال، مثلًا)، لم يعد وسيلةً للتهرب من المسؤولية الدولية. وعالم اليوم لم يعد بإمكانه السكوت أكثر عما يجري من عمليات تدمير مواقع العدو أو عمليات قتل (فردية كانت أو جماعية). ومسألة محاسبة من ارتكب مثل هذه الفظائع، وإنزال العقوبات المناسبة به، صارت في مقدمات اهتمام منظمات حقوق الانسان وهيئات المجتمع المدني (52).

قبل حرب أوكرانيا (24 فبراير/شباط – حتى الآن) كانت مشروعية استعمال الجندي الصنعي تثير مناقشات عديدة بين الفقهاء، وكان بعضهم يمقته ويدعو إلى تحريمه لأنه يُنزل بالسكان الآمنين الأبرياء أضرارًا لا قبل لهم بدفعها (53). غير أن كثرة استخدام الجندي الصنعي، وتقدم هذا الاستخدام بعد العام 2001، واعتماد الدول اعتمادًا كبيرًا عليه، كل ذلك جعل من المناقشات الفقهية حول مشروعية الجندي الصنعي مناقشات بيزنطية، وأهاب بالبعض التسليم بالأمر الواقع والانصراف إلى البحث عن قواعد لتنظيم استعماله.

ولم تتمكن الدول حتى الآن من الاتفاق على وضع قانون خاص لهذا السلاح الرهيب. والدول كانت دائمًا تنفر من قضية التنظيم لأنها تريد، كما يبدو، أن تبقى طليقة من كل قيد لتتصرف في حروبها المقبلة بكل حرية وتستعمل الجندي الصنعي الذي تختاره.

لقد حاولت المؤتمرات والمنظمات الدولية في العصر الحديث، كما ذكرنا سابقًا، أن تضع قانونًا لتنظيم نشاط الجندي الصنعي وعملياته، ولكن دون أن تكلل جهودها بالنجاح.

وهذا يعني أن المبادئ حول استخدام الجندي الصنعي لم تَرْقَ بعد إلى مرتبة القواعد القانونية الملزمة، وانتقالها إلى هذا الصعيد لا يتم إلا عند تحولها إلى عُرفٍ متواترٍ ومستقرٍ، أو عند تدوينها في اتفاقية دولية. وبما أن سرعة تطوير الروبوتات لا تحتمل انتظار تبلور القواعد العرفية، فلابد للعرب من اللحاق بركب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الواعدة (54).

فهل للجندي الصنعي محل في الإستراتيجيات العسكرية لبعض الدول العربية؟

يمكن بهذا الخصوص وبعد الاطلاع على الدراسات والأبحاث عن الجندي الصنعي، تسجيل الأفكار أو الملاحظات السريعة التالية:

– إن العمل على تصنيع أو تجميع أو ترقية Upgrade (55) الجندي الصنعي أو شرائه لا يكلف كثيرًا من المال، ففي الوقت الذي يكلف تدريب جند المشاة من القوات النظامية مئات الملايين من الدولارات الأميركية، فإن دول الوطن العربي لا تضطر إلا إلى إنفاق القليل لإنتاجه جمليًا Mass production (56).

– إن اضطلاع الجندي الصنعي بمهام متعددة يتجاوز، بشكل ملحوظ، ما يمكن أن يقوم به جندي المشاة من القوات النظامية.

– إن الجندي الصنعي الذي يحل محل حواس الملاحظة عند جندي المشاة يوفر عليه عناء التقرير وبذل الجهد، وأحيانًا كثيرة بذل الحياة؛ فالجندي الصنعي هو حجب لدماء جندي المشاة من القوات النظامية.

– إن دول الجوار العربي (إسرائيل (57) وإيران وتركيا)، وبشكل متفاوت طبعًا، من أوائل الدول في مجال أبحاث تكنولوجيا الروبوتات، وصارت تبيع الجندي الصنعي إلى عدد من دول العالم، ومنها الولايات المتحدة الأميركية وبعض دول أوروبا.

– إن التطورات المتسارعة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تجد صدى جيدًا في دول عربية بعينها، تقدم تجارب جيدة في مجال البحوث والتخصصات الأكاديمية الخاصة بهذا المجال، كما في دولة قطر والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والإمارات العربية المتحدة (58)، وإن بشكل متفاوت.

وتشعر الدول العربية أن الأمر تجاوز التقني إلى الأمني، وأنها لابد لها من أن تطور جنديها الصنعي (بحثيًّا كان أم تصنيعيًّا) لفرض “توازن رعب جديد”، أو على أقل تقدير، خلق “توازن ردع نسبي” (59) يستفيد إلى أقصى حد ممكن من تكنولوجيا الروبوتات، ويؤدي إلى كبح جماح بعض دول الجوار العربي عن اللجوء إلى التلويح باستخدامه. وعلينا أن نتذكر أن التقدم المذهل في مجال الأسلحة التدميرية أفرز وضعًا دوليًّا جديدًا يُعرف باسم “توازن الرعب” أو “السلام بواسطة الردع” (60). والنظام الإقليمي (خليجيًّا كان أم مشرقيًّا أم مغربيًّا) معرض للتغيير، وعوامل التغيير كثيرة، يأتي التطور التكنولوجي في مقدمتها، وبخاصة تكنولوجيا الروبوتات، فالاختراعات في المجال العسكري كانت دائمًا العامل الأهم في تغيير مواقع الدول في سلم القوى الدولية أو الإقليمية.

– إن الجندي الصنعي (بالمعنى الواسع) هو سلاح المستقبل الأكيد، ومن يملك ناصية هذه التكنولوجيا فلا شك أنه سيكون هو المسيطر على مسار الحرب (أو على أقل تقدير، المعركة).

وبعد أن أوردنا هذه المعلومات المبسطة عن أوضاع الجندي الصنعي، نتساءل: هل أحسن الوطن العربي ودوله الاستفادة من تكنولوجيا الروبوتات التي تشكل اليوم، وستبقى تشكل لفترة طويلة، ميزة واعدة للدفاع عن حياض الوطن؟

الحقيقة أننا لم نُولِ حتى الآن هذه التكنولوجيا الأهمية التي تستحق. ولو طُلِب منَّا تقديم الدليل، مجددًا، على أهمية الجندي الصنعي ودوره في إدارة حروب المستقبل في العالم أجمع لاكتفينا بالإشارة إلى وضعه، أولًا، أداةً ضروريةً لا غنى عنها اليوم للقيام بمهام متعددة يعجز عنها جندي المشاة من القوات النظامية، وإلى وضعه، ثانيًا، سلاحًا أساسيًّا فعالًا لحسم أي حرب (أو على أقل تقدير، معركة)، إقليمية أو عالمية، أو للدفاع عن النفس ضد أي خطر خارجي أو داخلي، وإلى وضعه، ثالثًا، ككبش المحرقة أو الفداء عن جندي المشاة فيوفر عليه بذل الحياة.

خاتمة

إن الجندي الصنعي، بمترادفاته وأنواعه، قد ينسف أسس القانون الدولي الإنساني بسبب التساؤلات العديدة التي يطرحها استخدامه (كالتغيير في مضمون الجندي، وتقييد مبدأ الفروسية، وتغييب مبدأي الضرورة والإنسانية، وتشتيت المسؤولية الدولية) ونفور معظم الدول من قضية تنظيمه (61)، وإن مستوى تطور تكنولوجيا الروبوتات سيُستخدم في المستقبل المنظور معيارًا لتحديد حجم القوة العسكرية التي تملكها الدولة. ومن هذه الناحية، فإن التمييز بين الدول لن يتم على أساس عديد أفراد الجيش من القوات النظامية فقط، بل على أساس مدى التقدم أو التخلف في إنتاج أو تصنيع أو تطوير الجندي الصنعي. فتكنولوجيا الروبوتات ستفرز عاملًا جديدًا في تغيير مواقع الدول في سلم القوى الدولية أو الإقليمية من شأنه قلب الآية والسماح لدولة مزدهرة فيها صناعة الروبوتات باحتلال مركز دولي أو إقليمي مرموق والتأثير في النظام الدولي أو الإقليمي من دون أن تكون متفوقة عسكريًّا بمعايير الدول الكبرى أو مصافها (62). وإسرائيل وإيران وتركيا أمثلة تؤكد ذلك.

وصيانة الحرية والسيادة والاستقلال والمستقبل تحتم علينا في المرحلة الراهنة أن نسعى جاهدين إلى تحويل المجتمع العربي إلى مجتمع علمي، لأن التخلف، مدنيًّا كان أم عسكريًّا، لا يمكن التغلب عليه إلا بالثورة العلمية الصادقة (63).

المراجع

 

(1) راجع ما كتبه كونراد دانكن Conrad Duncan، «آلاف الروبوتات قد تُحارب قريبًا في صفوف الجيش البريطاني»، إندبندنت Independent عربية، 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 (تاريخ الدخول: 17 يونيو/حزيران 2022)،

bit.ly/3QF0jyX

وكذلك راجع: «الجيش البريطاني يعتزم تجنيد آلاف ”الروبوتات“ الذكية بحلول عام 2030»، الجندي، 1 ديسمبر/كانون الأول 2020 (تاريخ الدخول: 17 يونيو/حزيران 2022)،

bit.ly/3OdN7iJ

وكذلك راجع ما كتبه محمد منصور، «الروبوتات القتالية.. مشاة الحروب المستقبلية»، الميادين، 9 ديسمبر/كانون الأول 2020 (تاريخ الدخول: 17 يونيو/حزيران 2022)،

bit.ly/3QCrdYg

(2) راجع: «بريطانيا تخطط لامتلاك جيش ضخم من الروبوتات القتالية في 2030»، Sputnik عربي، 9 نوفمبر/نشرين الثاني 2020 (تاريخ الدخول: 20 مايو/أيار 2022)،

bit.ly/3Ocj0IB

وكذلك راجع:

Army sets out Future Soldier robotics and autonomous systems plans, September 16, 2021, accessed May 20, 2022.

bit.ly/3xJPBhN

(3) الروبوت Robot «ماكينة أو آلة تُحاكي أعمال الإنسان. والروبوت ليس شيئًا جديدًا، ونستطيع القول إنه يرقى إلى القرن الأول للميلاد عندما صنع هيرون Hero الإسكندري صنمًا يتحرك وينحني بواسطة الهواء الساخن. (…). وفي العصر الحديث صُنعت روبوتات متعددة قادرة على السير، وعلى القيام ببعض الأعمال المنزلية والمكتبية. واليوم يُطلق لفظ ”الروبوت“ على بعض الآلات، كالكمبيوترات، والطائرات التي تنطلق في الجو من غير طيارين» (منير البعلبكي، رمزي البعلبكي، المورد الأكبر، ط 1) (بيروت، دار العلم للملايين، 2005)، ص 1587.

(4) الروبوتات Robotics هي «التقنية التي تُعنى بتصميم الروبوتات وإنشائها وتشغيلها» (البعلبكي، المورد الأكبر، المرجع السابق، ص 1587).

(5) راجع، على سبيل المثال، الكتب الآتية:

– Mark Galeotti, The Weaponisation of Everything: A Field Guide to the New Way of War (Yale University Press Publications, 2022).

– Kenneth Payne, I, Warbot: The Dawn of Artificially Intelligent Conflict (London: Hurst Publishers, 2021).

– Matthew Breay Bolton, Political Minefields: The Struggle against Automated Killing (London: I.B. Tauris, 2020).

– Paul Scharre, Army of None: Autonomous Weapons and the Future of War (New York: W. W. Norton & Company, 2018).

– Kenneth Payne, Strategy Evolution and War: From Apes to Artificial Intelligence (Washington, DC: Georgetown University Press, 2018).

(6) راجع، على سبيل المثال، ما كتبه:

Vishvendu Jaipuriar, An ‘artificial soldier’ comes to life – 26-year-old Giridih techie builds spy robot prototype for Rs 22000, wins laurels at IIT fests, The Telegraph online, August 23, 2011, accessed June 19, 2022.

bit.ly/39EFvqH

(7) راجع، على سبيل المثال، الكتب الآتية:

– Afonso Seixas-Nunes, The Legality and Accountability of Autonomous Weapon Systems: A Humanitarian Law Perspective (Cambridge: Cambridge University Press, 2022).

– Jai Galliott, Duncan MacIntosh and Jens David Ohlin (eds), Lethal Autonomous Weapons: Re-Examining the Law and Ethics of Robotic Warfare (New York: Oxford University Press, 2021).

– Daniele Amoroso, Autonomous Weapons Systems and International Law: A Study on Human-Machine Interactions in Ethically and Legally Sensitive Domains (Baden-Baden: Nomos Verlagsgesellschaft, 2020).

– Nehal C. Bhuta et al. (eds), Autonomous Weapons Systems: Law, Ethics, Policy (Cambridge: Cambridge University Press, 2016).

(8) «إدارة الأجهزة بالوسائل الميكانيكية أو الإلكترونية التي تحل محل حواس الملاحظة عند الإنسان وتوفر عليه عناء التقرير وبذل الجهد» (البعلبكي، المورد الأكبر، المرجع السابق، ص 154).

(9) «تحويل الإنسان إلى روبوت أو إنسان آلي» (المرجع ذاته، ص 1587).

(10) «الضبط الأوتوماتي لعملية ما، في حقل الصناعة مثلًا، من طريق استخدام الكومبيوترات» (المرجع ذاته، ص 514).

(11) راجع، على سبيل المثال، ما كتبته:

Heba Soffar, Army robots types, advantages, disadvantages & how do Artificial soldiers change the future of war?, August 29, 2019, accessed June 18, 2022.

bit.ly/3xFQPL7

(12) «إدارة الأجهزة بالوسائل الميكانيكية أو الإلكترونية التي تحل محل حواس الملاحظة عند الإنسان وتوفر عليه عناء التقرير وبذل الجهد» (البعلبكي، المورد الأكبر، المرجع السابق، ص 154).

(13) المرجع ذاته، ص 1587.

(14) المرجع ذاته، ص 1587.

(15) راجع، على سبيل المثال، ما كتبه طارق المجذوب، «الطائرات بلا طيار كوسيلة حرب (ملاحظات أولية عسكرية – قانونية)»، مجلة الدفاع الوطني اللبناني (بيروت، العدد 82، أكتوبر/تشرين الأول 2012)، ص 39-74،

bit.ly/3HIxu0n

(16) البعلبكي، المورد الأكبر، المرجع السابق، ص 917.

(17) المرجع ذاته، ص 1587.

(18) المرجع ذاته، ص 514.

(19) راجع، على سبيل المثال، ما كتبه طارق المجذوب، «السايبر ساحة ”خفية“ لحربٍ ”ناعمة“ قادمة!»، مجلة الدفاع الوطني اللبناني (بيروت، العدد 89، يوليو/تموز 2014)، ص 5-46،

bit.ly/3xGi600

(20) البعلبكي، المورد الأكبر، المرجع السابق، ص 1587.

(21) المرجع ذاته، ص 514.

(22) حول موضوع أثر التكنولوجيا في تطوير القانون الدولي، راجع: محمد المجذوب، الوسيط في القانون الدولي العام، ط 7 (بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، 2018)، ص 68-100. ولابد أيضًا من مراجعة كتاب مصطفى سلامة حسين، التأثير المُتبادل بين التقدم العلمي والتكنولوجي والقانون الدولي العام، (القاهرة، دار النهضة العربية، 1990).

(23) راجع ما كتبه:

Albert de la Pradelle, « La guerre maritime après la nouvelle conférence de la paix », in Revue des Deux Mondes, juillet-août 1908, p. 708.

(24) قال وزير خارجية الولايات المتحدة السابق، هنري كيسنجر، إننا «نعيش الآن في عصر جديد تمامًا، ومع انتشار التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم، ستحتاج الدبلوماسية والحرب نهجًا مختلفًا، وسيكون ذلك تحديًا». راجع: «هنري كيسنجر: هكذا سيتغير العالم بعد حرب أوكرانيا»، 11 مايو/أيار 2022 (تاريخ الدخول: 12 مايو/أيار 2022)،

bit.ly/3blYtCZ

(25) راجع ما كتبه: المجذوب، الوسيط في القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص 73-81.

وكذلك راجع: محمد سالم، «تأثيرات الذكاء الاصطناعي على النظام الدولي والأمن القومي»، مجلس الوزراء – مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، 31 مارس/آذار 2022 (تاريخ الدخول: 12 مايو/أيار 2022)،

bit.ly/3bgyFYG

(26) راجع ما كتبه: المجذوب، الوسيط في القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص 82-95.

(27) المرجع ذاته، ص 96-100.

(28) لمزيد من المعلومات عن تأثير التقدم التكنولوجي في القواعد المُنظمة للحرب، راجع كتاب:

James Gow, Ernst Dijxhoorn, Rachel Kerr and Guglielmo Verdirame (eds), Routledge Handbook of War, Law and Technology (Abingdon, Oxon; New York, NY: Routledge, 2019).

(29) راجع، على سبيل المثال، «هذا ما سيحدث لو تواجه روبوت مع جندي في ساحة الحرب.. العلماء قلقون مما صنعت أيديهم»، عربي بوست، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، (تاريخ الدخول: 20 مايو/أيار 2022)،

bit.ly/3Ncga4O

(30) لمزيد من المعلومات عن الموضوع، راجع الشريط المُصور، euronews.com، 18 يونيو/حزيران 2022 (تاريخ الدخول: 18 يونيو/حزيران 2022)،

bit.ly/3n3FnUL

(31) الخُوارزمية هي «طريقة مُقننة لإجراء عملية رياضية ما» (البعلبكي، المورد الأكبر، المرجع السابق، ص 72).

(32) لمزيد من المعلومات عن هذا الموضوع: راجع كتاب: محمد المجذوب، طارق المجذوب، الوجيز في القانون الدولي الإنساني، ط 2 (بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، 2021).

(33) المرجع ذاته، ص 41-42.

(34) راجع تقريرها، بعنوان:

Losing Humanity: The Case Against Killer Robots, HRW, 2012.

(35) راجع، على سبيل المثال، الدراسات والأبحاث الآتية:

– Human Rights Watch, Stopping Killer Robots: Country Positions on Banning Fully Autonomous Weapons and Retaining Human Control, 2020, accessed May 22, 2022.

bit.ly/3tRybyG

– Elvira Rosert and Frank Sauer (2021) How (not) to stop the killer robots: A comparative analysis of humanitarian disarmament campaign strategies, Contemporary Security Policy, 42:1, 4-29, accessed May 22, 2022.

bit.ly/3OyJSSX

– Submission from the Campaign to Stop Killer Robots for the United Nations Special Rapporteur on Racism, Racial Discrimination, Xenophobia and Related Intolerance, August 21, 2020, accessed May 22, 2022.

bit.ly/39J4F7w

– Killer Robots, accessed May 22, 2022.

bit.ly/3tOeZly

(36) المجذوب، الوسيط في القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص 769.

(37) راجع، على سبيل المثال:

– Kristen E. Boon, Aziz Huq, and Douglas C. Lovelace, JR. (eds), The Intersection of Law and War, Terrorism: commentary on security documents 126 (New York: Oxford University Press, 2012), 39.

– John Scales Avery, Collected Essays, Part 3 (Sparsnäs: Irene Publishing, 2016), 40.

(38) المجذوب، الوسيط في القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص 42.

(39) راجع، على سبيل المثال، الفصل الرابع (بعنوان: The Foundations of Necessity in IHL) من كتاب:

Jens David Ohlin and Larry May, Necessity in International Law (New York: Oxford University Press, 2016), 90-120.

وكذلك راجع دراسة:

Michael N. Schmitt, “Military Necessity and Humanity in International Humanitarian Law: Preserving the Delicate Balance”, Virginia Journal of International Law 50 (2010), 795-839.

(40) راجع، على سبيل المثال، الدراسات والأبحاث الآتية:

– Human Rights Watch, Heed the Call: A Moral and Legal Imperative to Ban Killer Robots, 2018.

– Women’s International League for Peace and Freedom, A User Guide to Killer Robots, 3rd Edition, 2020.

– Asif Khan, Muhammad Abid Hussain Shah Jillani, and Maseehullah, Killer Robots and their Compliance with the Principles of Law of War, Journal of Law and Society (2019), 1(75), 55.

(41) من الصعب الإحاطة بكل أنواع فئات الأشخاص المحميين، لكن أهمها: الجرحى والمرضى في ميدان القتال، والجرحى والمرضى والغرقى في البحار، وأسرى الحرب، والمدنيون، والفئات التي يُقرر لها القانون الدولي الإنساني حمايةً مُحددةً :النساء، والأطفال، والمظليون، والمناضلون من أجل التحرر من الاحتلال أو الاستعمار، واللاجئون وعديمو الجنسية، والأشخاص الذين يُرافقون القوات المُسلحة من دون أن يكونوا من أفرادها، وأفراد الأطقم الطبية، والأُسرة، والقوات العسكرية التابعة للمنظمات الدولية، ورجال الدين، والأجانب المقيمون في إقليم أحد الأطراف المتنازعة…). راجع: المجذوب، الوسيط في القانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص 118-123.

(42) الفقرة الأولى من المادة 50.

(43) راجع ما كتبه: المجذوب، الوسيط في القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص 97-98، و274-290.

(44) راجع ما كتبته برانكا ماريجان، «أسلحة الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى ضوابط أمثل: هذه الأسلحة عرضة للخطأ.. وقد تدمر أهدافًا غير مقصودة»، مجلة للعلم Scientific American، 15 أبريل/نيسان 2022، (تاريخ الدخول: 30 أبريل/نيسان 2022)،

bit.ly/3N9VJ8O

(45) المجذوب، الوسيط في القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص 98.

وكذلك راجع، على سبيل المثال، ما كتبه طارق المجذوب، «الفضاء الخارجي مجال ”متباعد“ لحربٍ ماحقة ”قادمة“!»، مجلة الدفاع الوطني اللبناني (بيروت، العدد 107، يناير/كانون الثاني 2019)، ص 5-32،

bit.ly/3NaY8jt

(46) أي السيطرة على الجندي الصنعي وهو في طريقه إلى تنفيذ مهمته العسكرية وإجباره على التوجه إلى مكان بعينه ومن ثم الإصرار على تحقيق بعض المطالب لقاء الإفراج عنه.

(47) هو «الخبير ببرمجة الكمبيوتر والكشف عن مشكلاته» أو «من يقتحم نظامًا للكمبيوتر، على نحو غير شرعي، بُغية الحصول على المعلومات أو سرقة الأموال.. إلخ» (البعلبكي، المورد الأكبر، المرجع السابق، ص 857). فالمقتحم، في الأعم الأغلب، هو شخص جالس خلف شاشة الكومبيوتر في مكان يبعُد آلاف الكيلومترات عن ميدان القتال.

(48) راجع الشريط المُصور، بعنوان: «علماء يطورون جلدًا اصطناعيًّا يجعل الروبوتات تشعر بالألم ويمنحها شعورًا شبيهًا بإحساس البشر»، euronews.com، 18 يونيو/حزيران 2022، (تاريخ الدخول: 18 يونيو/حزيران 2022)،

bit.ly/3n3FnUL

(49) «شُعبة من التكنولوجيا تُعنى بتطبيق المُعطيات البيولوجية والهندسية على المشكلات المُتعلقة بالإنسان والآلة» (البعلبكي، المورد الأكبر، المرجع السابق، ص 220).

(50) راجع، مثلًا، قرار الجمعية العامة للأُمم المتحدة A/RES/76/64 تاريخ 6 ديسمبر/كانون الأول 2021 («اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر») (تاريخ الدخول: 23 مايو/أيار 2022)،

bit.ly/3zU3Xih

وكذلك راجع: «ماعت تشارك في اجتماع فريق الخبراء الحكوميين المعني بالتكنولوجيات الناشئة بمجال منظومات الأسلحة الفتاكة»، بوابة الأهرام، 11 مارس/آذار 2022، (تاريخ الدخول: 23 مايو/أيار 2022)،

bit.ly/3Odfnls

(51) راجع، مثلًا، ما قالته المقررة الأممية تنداي أشيوم E. Tendayi Achiume (في سبتمبر/أيلول 2017، عيَّنها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خامس مقرر خاص معني بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب (https://www.ohchr.org/ar/special-procedures/sr-racism). وتولت مهامها في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2017):

United Nations Human Rights Council, 44st session, Geneva, Palais des Nations, 15 July 2020, accessed May 22, 2022.

bit.ly/3zTVknZ

وكذلك راجع:

– Frank Sauer, Stepping back from the brink: Why multilateral regulation of autonomy in weapons systems is difficult, yet imperative and feasible, International Review of the Red Cross (2020), 102 (913), 235–259, accessed May 22, 2022.

bit.ly/3xBTCok

(52) راجع، على سبيل المثال، الرسائل والأخبار والمقالات الآتية:

– Samuel Gibbs, Elon Musk leads 116 experts calling for outright ban of killer robots: Open letter signed by Tesla chief and Alphabet’s Mustafa Suleyman urges UN to block use of lethal autonomous weapons to prevent third age of war, The Guardian, August 20, 2017, accessed May 22, 2022.

bit.ly/3tQsvoy

– Adam Satariano, Nick Cumming-Bruce and Rick Gladstone, Killer Robots Aren’t Science Fiction. A Push to Ban Them Is Growing (A U.N. conference made little headway this week on limiting development and use of killer robots, prompting stepped-up calls to outlaw such weapons with a new treaty), The New York Times, December 17, 2021, accessed May 22, 2022.

nyti.ms/3NceGYt

– Toby Walsh, How can you stop killer robots?, TEDxBerlin, October 8, 2015, accessed May 22, 2022.

bit.ly/3OuEjER

– Junno Arocho, ‘Killer robots’ pose threat to innocent civilians, National Catholic Reporter, August 6, 2021, accessed May 22, 2022.

bit.ly/3yaWDNS

– Jeremy Kahn, Air Force A.I. test raises concerns over killer robots, Fortune, December 22, 2020, accessed May 22, 2022.

bit.ly/3OabCgX

(53) راجع تقرير حملة «وقف القاتل الروبوتات» Stop Killer Robots، بعنوان: «الروبوتات العسكرية والقاتلة»، (تاريخ الدخول: 20 مايو/أيار 2022)،

bit.ly/3tRzE8a

(54) راجع، على سبيل المثال، «حرب الذكاء الاصطناعي.. سلاح الصين للانتصار دون قتال»، العين الإخبارية، 16 يونيو/حزيران 2022، (تاريخ الدخول: 18 يونيو/جزيران 2022)،

bit.ly/3OieN6k

(55) يرفع الروبوت إلى درجة أعلى أو مستوى أعلى، أي نسخة محسَّنة أو شكل محسن.

(56) أي إنتاج الجندي الصنعي على نطاق واسع (إنتاجه بالجملة).

(57) اعتبرنا إسرائيل، في هذه الدراسة، تجاوزًا، دولة من دول العالم التي انضمت إلى عضوية الأمم المتحدة في 11 مايو/أيار 1949، وصدَّقت، منذ ذلك التاريخ، على بعض المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وذلك على الرغم من إيماننا بأن ليس لإنشاء إسرائيل أي أساس أو سند قانوني. لمزيد من المعلومات حول كيفية قبول إسرائيل في عضوية الأمم المتحدة، راجع: محمد المجذوب، الوسيط في التنظيم الدولي (النظرية العامة والمنظمات العالمية والقارية والإقليمية والمُتخصصة)، ط 9 (بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، 2018)، ص 223-228.

(58) راجع الرابط الإلكتروني الآتي:

https://www.tawazun.ae/ar/

راجع كذلك الرابط الإلكتروني الآتي:

https://www.tawazun.ae/ar/tip-announced-launch-of-drone-competition/

(تاريخ الدخول: 31 يوليو/تموز 2022).

(59) راجع حول فكرة التوازن الدولي: المجذوب، الوسيط في القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص 111.

(60) راجع الفصلين السادس والسابع من كتاب دانييل كولار Daniel Colard، العلاقات الدولية، ترجمة خضر خضر، ط 2 (بيروت، دار الطليعة، 1985).

(61) راجع ما كتبته نينا فيركهاوزر، «الروبوتات القاتلة.. هل تنجح الجهود الدولية في حظرها؟»، على موقع دويتشه فيله DW، 31 يوليو/تموز 2022، (تاريخ الدخول: 31 يوليو/تموز 2022)،

https://www.dw.com/ar/الروبوتات-القاتلة-هل-تنجح-الجهود-الدولية-في-حظرها/a-62613399

(62) راجع ما كتبه يوسف جمعة الحداد، «الذكاء الاصطناعي.. كيف غير من مفاهيم الردع وتوازن القوى وحروب المستقبل؟»، مجلة درع الوطن، 1 مارس/آذار 2022،(تاريخ الدخول: 31 يوليو/تموز 2022)،

bit.ly/3n4uuBN

(63) راجع ما كتبه محمد المجذوب حول «عشر حقائق كشفتها معركة تشرين المجيدة» في كتابه: دراسات قومية ودولية، (بيروت، مؤسسة ناصر للثقافة، 1981)، ص 131-148، ولا سيما ص 136-137 و145.a