ملخص:
تحاول الدراسة استكشاف الأهداف التي تسعى روسيا إلى تحقيقها من عملية التحكُّم والسيطرة وإعادة هيكلة مؤسسة الجيش في سوريا بعد تدخلها العسكري المباشر عام 2015، مُبَيِّنَة الاستراتيجية التي اتبعها الروس لتحقيق عملية السيطرة سواء من خلال التغيير في التكوين الاجتماعي لهذه المؤسسة، أو التغيير في مراكز القوة والفاعلين فيها، أو إنشاء تشكيلات عسكرية جديدة تدين بالولاء لروسيا لتحقيق أهدافها ومصالحها طويلة الأمد في البلاد.
كلمات مفتاحية: سوريا، النظام، الجيش السوري، عملية التحكم، إعادة الهيكلة.
Abstract:
This study attempts to explore the goals that Russia seeks to achieve from the process of controlling and restructuring the military institution in Syria after its direct military intervention in 2015, indicating the strategy that the Russians pursued to achieve this control process, whether through a change in the social composition of this institution, a change in the centres of power and their actors, or through the creation of new pro-Russia military formations in order to achieve the long-term objectives and interests of the Russians in Syria.
Keywords: Syria, Regime, The Syrian Army, Control, Restructuring.
مقدمة
منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية في سوريا، في مارس/آذار 2011، استطاعت قوات المعارضة السيطرة على مساحات واسعة من الجغرافية السورية، بعد أن خاضت معارك عديدة مع قوات النظام التي تكبَّدت خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، ما جعل النظام السوري يصل عام 2012 إلى حافة الانهيار لولا التدخل العسكري الإيراني المباشر، من خلال استقدام الميليشيات الإيرانية والأفغانية والباكستانية واللبنانية، التي أمدَّت جيش النظام السوري بالعناصر البشرية والأسلحة، وساعدته على الصمود لفترة امتدت قرابة العامين والنصف؛ لتعود قوات النظام السوري، ومن ورائها الميليشيات المساندة لها، بالتقهقر مرة أخرى. وتتدخل روسيا هذه المرة بشكل مباشر، في أواخر عام 2015، وفق قاعدة اغتنام الفرص ودرء المخاطر؛ حيث استقدمت جنودها ومقاتلاتها الحربية ومعداتها العسكرية لتدخل في صلب المعارك وتقودها، مما عكس زخم الصراع بشكل حاسم لصالح قوات النظام السوري، التي بدأت تستحوذ على المناطق التي خسرتها خلال السنوات الماضية، محققة انتصارات كبيرة على حساب قوات المعارضة، التي انحصرت سيطرتها على مساحات صغيرة في الشمال السوري؛ الأمر الذي أخرج النظام السوري من عنق الزجاجة، وأنقذه عسكريًّا وعملياتيًّا، بعد أن أنقذته روسيا مرات عدة دبلوماسيًّا.
ومنذ تدخلها العسكري المباشر، بادرت روسيا إلى توطيد نفوذها في سوريا عبر تأسيس قواعد عسكرية استراتيجية في العديد من المناطق الحيوية في البلاد، إلى جانب تشكيل بعض الوحدات العسكرية الجديدة كالفيلق الرابع والفيلق الخامس والفيلق السادس، وعملت في نفس الوقت على إجراء بعض التغييرات التي طالت هيكل وتنظيم مؤسسة الجيش، وإعادة تأهيل مجموعة من الضباط والعناصر من خلال إلحاقهم بدورات تدريبية في روسيا، وفي قاعدتها العسكرية في حميميم، بالإضافة إلى الإمساك بأَزِمَّة القرار العسكري في وزارة الدفاع ورئاسة الأركان، ترافق كل ذلك مع جهدها المكثف لتحقيق الاعتراف الدولي بدورها في تثبيت الاستقرار، من خلال مناطق “خفض التصعيد” و”اتفاقيات التهدئة” التي عُقدت مع فصائل المعارضة في العديد من المناطق السورية.
انطلاقًا مما سبق، جاءت هذه الدراسة لمقاربة طبيعة العلاقة الروسية مع النظام في سوريا، لتحديد دور روسيا في البلاد بعد تدخلها العسكري المباشر عام 2015، وذلك من خلال رصد سياقات هذا التدخل ومراحله وتطوراته وما أحدثه من تغيير في موازين القوى على الأرض بعد قيادة روسيا للعديد من المعارك العسكرية وإنشاء أكثر من ستين نقطة عسكرية روسية في سوريا، إلى جانب استكشاف أهم التغييرات العسكرية التي أحدثها الروس في مؤسسة الجيش سواء في التكوين الاجتماعي لهذه المؤسسة، أو في مراكز القوة والفاعلين فيها، أو على مستوى التشكيلات وإعادة الضبط؛ وذلك من خلال معالجة ثلاث نقاط أساسية توضح المساعي الروسية لإعادة تشكيل مؤسسة الجيش في سوريا، وهي السيطرة على وزارة الدفاع السورية، وتشكيل هياكل عسكرية جديدة في مؤسسة الجيش كالفيالق الرابع والخامس والسادس، وحل القوات الرديفة، وما رافق ذلك من إجراءات وممارسات أكدت سيطرة روسيا على مؤسسة الجيش وتحكُّمَها في كامل مفاصلها وقراراتها، وذلك في سبيل تحقيق أهدافها بعيدة المدى التي لا تزال تواجه بعض التحديات؛ تنبع بشكل أساسي من تَوَزُّع موازين القوى على الأرض السورية بين مجموعة من القوى الفاعلة سواء أكانت محلية أو إقليمية.
- الإطار المنهجي للدراسة
أ- إشكالية الدراسة
تكمن إشكالية الدراسة في بحث متغير فاعل في الأزمة السورية، وهو التدخل العسكري الروسي الذي بدأ عام 2015 واستمر إلى وقت إعداد هذه الدراسة، وما أحدثه هذا التدخل من تغيير كبير في طبيعة وشكل الأزمة السورية وتعقيداتها من حيث الانعكاسات الحالية والمستقبلية في ضوء التحكُّم الروسي شبه الكامل بمؤسسة الجيش السوري وقرارات نظامه، بالشكل الذي يجعل من روسيا فاعلًا رئيسًا في أية تسوية مستقبلية سياسية كانت أو عسكرية في سوريا بما يتماشى مع أهدافها ومخططاتها.
ب- تساؤلات الدراسة وفرضياتها
تحاول الدراسة الإجابة على سؤال محوري:
– ما رؤية روسيا لإعادة هيكلة مؤسسة الجيش في سوريا بعد تدخلها العسكري المباشر عام 2015؟ وما أبعاد وأهداف هذه الرؤية؟
إلى جانب مجموعة من التساؤلات الفرعية، منها:
– ما مراحل التدخل العسكري الروسي في سوريا؟
– ما الخطوات التي اتبعها الروس من أجل السيطرة على مؤسسة الجيش في سوريا؟
– ما أبرز التشكيلات العسكرية والتغييرات التي فرضها الروس على بنية وهيكل وعمل مؤسسة الجيش؟ وما الهدف منها؟
– ما أهم التحديات التي تواجه روسيا في عملية إعادة هيكلة مؤسسة الجيش في سوريا؟
وفي سياق هذا الحقل الاستفهامي، تفترض الدراسة أن التدخل العسكري الروسي في سوريا جاء في إطار الرؤية الروسية لإعادة ضبط وتشكيل مؤسسة الجيش في سوريا بما يتوافق مع أهدافها المستقبلية، بعد أن أدركت روسيا أن هذه المؤسسة وفق بنيتها وهيكليتها السابقة لن تلقى قبولًا في الحل السياسي، لا على الصعيد الداخلي ولا الخارجي، لذا بدأ الروس يعملون على إعادة تشكيل نظام جديد في سوريا؛ بوضع اليد على مؤسسة الجيش، لإعادة هيكلتها بالطريقة التي تحافظ على مكتسباتهم ومصالحهم مستقبلًا.
ج- أهمية الدراسة
تنبع أهمية الدراسة من الاعتبارات الآتية:
– تناول الدراسة لمؤسسة مهمة لعبت دورًا كبيرًا في الأزمة السورية وهي مؤسسة الجيش.
– الفاعل الروسي يعتبر الفاعل الأهم في الأزمة السورية منذ تدخله العسكري في سوريا إلى وقت إعداد الدراسة.
– توضيح التكتيك الذي اتبعته روسيا منذ تدخلها العسكري في سوريا لتحقيق استراتيجيتها في البلاد.
– إبراز أهم السيناريوهات المتوقعة لمستقبل مؤسسة الجيش في سوريا.
د- أهداف الدراسة
تهدف الدراسة إلى تتبع مراحل التدخل العسكري الروسي في سوريا وتطوُّر كل مرحلة من هذه المراحل، من أجل توضيح المساعي التي اتبعتها روسيا للسيطرة على مؤسسة الجيش بما فيها هيئة الأركان السورية، بالشكل الذي يخدم مصالحها وأهدافها مستقبلًا، إلى جانب توضيح أهم التحديات التي تواجه المسعى الروسي، سواء أكانت تحديات داخلية متعلقة ببنية الجيش، أو تحديات خارجية متعلقة بأطراف أخرى.
ه- منهج الدراسة
استعان الباحث في مقاربته لإشكالية الدراسة وأبعادها المختلفة بالمنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على رصد مراحل التدخل العسكري الروسي في سوريا وتطورها، إلى جانب رصد أهم القواعد العسكرية ونقاط الوجود الروسي على الأراضي السورية، والتي بدأت تظهر مع التدخل العسكري الروسي المباشر في خريف عام 2015 واستمرت حتى وقت إعداد هذه الدراسة، إلى جانب تحليل المساعي الروسية للتحكم والسيطرة على مؤسسة الجيش في سوريا، وتوضيح الإجراءات المتبعة لمحاولة إعادة هيكلتها؛ وذلك في محاولة لتفسير أبعاد وأهداف المساعي الروسية لإعادة ضبط وتنظيم مؤسسة الجيش بما يتوافق مع رؤيتها لتعظيم المكاسب مستقبلًا.
وتتناسب خطوات هذا المنهج مع أهداف الدراسة؛ إذ يبحث الظاهرة كما تحدث في الواقع، ويتناول مختلف الأسباب والعوامل التي أسهمت في حدوث هذه الظاهرة مع تحليل مختلف عناصرها وأبعادها من أجل الوصول إلى إجابات عن التساؤلات المطروحة.
و- الإطار الزماني والمكاني للدراسة
– الإطار المكاني للدراسة: يشمل الإطار المكاني للدراسة الجمهورية العربية السورية.
– الإطار الزماني للدراسة: يبدأ من العام 2015، وهو العام الذي تدخلت فيه روسيا عسكريًّا بشكل مباشر في سوريا، ويمتد حتى نهاية عام 2019.
- بدايات التدخل العسكري الروسي في الأزمة السورية وتطوراته
شكَّل شهر أغسطس/آب من العام 2015 بداية التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، إثر الاتفاقية التي وقَّعتها روسيا مع النظام السوري، والتي سمحت بتأسيس قاعدة عسكرية روسية في منطقة حميميم، التابعة لمدينة اللاذقية، لتتخذ منها روسيا منطلقًا لعملياتها العسكرية في سوريا.
بدأت العمليات العسكرية الروسية في سوريا بشكل فعلي في 30 سبتمبر/أيلول 2015، إثر موافقة مجلس الاتحاد الروسي بالإجماع على طلب الرئيس، فلاديمير بوتين، باستخدام القوات المسلحة الروسية في الخارج، لتحلِّق في اليوم نفسه مجموعة من القوات الجوية الروسية إلى مطار حميميم(1) معلنةً بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا، والذي شرع بإرسال خبراء الصواريخ وخبراء الاستطلاع الروس للإشراف على المعارك؛ الأمر الذي عكس زخم الصراع بشكل حاسم لصالح قوات النظام؛ حيث كانت إحدى أهم الأدوات التي لجأ إليها الروس بشكل مستمر هي كثافة النيران التي تم إطلاقها من الجو والبحر، ومن قطع المدفعية التي تم نشرها في مناطق متعددة في سوريا(2).
ويمكن تقسيم التدخل العسكري الروسي في سوريا إلى عدة مراحل، كان الدور الروسي يتطور فيها بين كل مرحلة وأخرى، ويشمل:
أولًا: مرحلة التدخل النشط
بدأت هذه المرحلة بعد التدخل العسكري الروسي المباشر في سبتمبر/أيلول 2015، واستمرت قرابة أربعة أشهر، وفيها استخدمت روسيا القوة النارية المكثفة من خلال سلاح الجو، وشهدت هذه المرحلة استخدام القاذفات الاستراتيجية الروسية العملاقة تو-95، تو-22، التي كانت تقوم بما يقارب 100 طلعة جوية في اليوم الواحد؛ حيث شهدت هذا المرحلة ذروة الطلعات الجوية الروسية، والتي بلغت 139 طلعة جوية في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2015(3)، كما تميَّزت هذه المرحلة بمشاركة الغواصات والسفن الحربية الروسية؛ حيث تم اطلاق صواريخ كاليبر المجنحة(4) بعيدة المدى من بحر قزوين، إلى جانب إطلاق الصواريخ من الغواصات في البحر المتوسط.
ثانيًا: مرحلة الإسناد والحسم
بدأت هذه المرحلة في فبراير/شباط 2016 واستمرت طيلة العام، وتميَّزت بالاعتماد على الطيران الحربي إلى جانب أنظمة المدفعية التي تم نشرها على الأرض. وفي هذه المرحلة تمكنت روسيا من تثبيت مواقع النظام السوري، وانتقالها من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، والبدء باستعادة المناطق التي كانت واقعة تحت سيطرة قوات المعارضة التي خسرت الكثير من المعاقل بدأتها بحلب، في ديسمبر/كانون الأول 2016، كأكبر خسارة لقوات المعارضة بعد التدخل الروسي.
كما شهدت هذه المرحلة مساعي روسية لإعادة تنظيم المؤسسة العسكرية في سوريا، من خلال التدخل في التعيينات، وإحداث هياكل جديدة، كالفيلقين الرابع والخامس-اقتحام، وإعادة هيكلة عدد من الميليشيات المحلية؛ حيث مثَّلت هذه المرحلة فترة جديدة تميَّزت بأسبقية الأمن على السياسة، على الرغم من العمل على المسار السياسي بالتوازي مع المسار الأمني، إلا أن الأولوية كانت للمسار الأمني.
ثالثًا: مرحلة التحكُّم
بدأت هذه المرحلة مع بداية عام 2017، وتحديدًا في يناير/كانون الثاني؛ حيث تمكَّنت روسيا خلالها من إطلاق “مسار أستانا”، الذي أسَّس لما يُعرَف بـ”مناطق خفض التصعيد”، كما استطاعت روسيا في هذه المرحلة اختراق المعارضة السياسية السورية، من خلال تكتيك المنصات السياسية (منصة موسكو، منصة القاهرة)، ودمجها في الهيئة العليا للمفاوضات، كذلك دخل الروس على مسار ما يُسمَّى بالمصالحات؛ إذ تم إحداث مكتب خاص بالمصالحات في قاعدة حميميم، كان ضباطه طرفًا رئيسًا في جميع المفاوضات مع المناطق المحاصرة بدمشق وريفها وريف حمص(5)؛ ترافق كل ذلك مع الانتصارات التي حققتها روسيا على قوات المعارضة، والتي استطاعت من خلالها فرض رؤيتها للحل في المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام، وذلك من خلال تسليم المناطق بعد توقيع الهدن.
وتعتبر هذه المرحلة من أهم المراحل التي مكَّنت روسيا -إلى جانب فرض رؤيتها داخليًّا- من تعزيز حضورها خارجيًّا، ومحاولة إيجاد حل سياسي يتماشى مع رؤيتها، من خلال “مسار أستانا” الذي عُدَّ فرصة كبيرة لروسيا لإعادة تموضعها في الساحة الدولية، وتأكيد دورها بوصفها قوة عظمى، انطلاقًا من البوابة السورية، التي سمحت لها بتحقيق مكاسب اقتصادية وجيوسياسية، وخاصة في منطقة الساحل السوري التي تضم أكبر قاعدتين روسيتين في طرطوس(6) وفي حميميم باللاذقية.
وبالتالي، ونتيجة العلاقة القوية والراسخة التي كانت قائمة بين النظام السوري وروسيا قبل اندلاع الانتفاضة الشعبية في سوريا عام 2011، قامت روسيا مع اندلاع الانتفاضة بدعم النظام السوري ومؤسسة الجيش فيه عبر إمداده بالأسلحة والذخيرة والمستشارين العسكريين الروس، ومع بدء التدخل العسكري المباشر في سوريا، اتخذ هذا الدعم شكلًا مغايرًا وفَّر لقوات النظام السوري الغطاء الجوي الكثيف، والقوة النارية المدمرة؛ الأمر الذي أسهم في قلب موازين المعارك لصالح قوات النظام السوري والميليشيات المساندة لها، وجعل من روسيا أحد أهم اللاعبين في الساحة السورية، وأحد المتحكِّمين في مصير سوريا ونظامها من خلال فرض رؤيتها العسكرية والسياسية.
- القواعد العسكرية الروسية في سوريا
لم يكن الانتشار الروسي في سوريا انتشارًا اعتباطيًّا وإنما كان انتشارًا مدروسًا يتماشى مع الرؤية المستقبلية والخطط التي رسمتها روسيا لوجودها في سوريا؛ حيث بدأت القوات الروسية انتشارها انطلاقًا من مرفأ طرطوس البحري، وذلك بتهيئة البنية التحتية الخاصة بسفنها الحربية الكبيرة للرسو في الميناء، ثم عززت انتشارها من خلال إنشاء قاعدة حميميم الجوية والتي استقبلت عشرات المقاتلات والمروحيات الروسية. ومن ثم بدأت عملية الانتشار بالتوسُّع من المناطق الساحلية إلى المناطق الداخلية والجنوبية حتى وصلت نقاط الوجود العسكري الروسي في سوريا إلى 66 نقطة، منها 24 قاعدة عسكرية، و32 نقطة وجود و10 نقاط مراقبة في محيط إدلب، بحيث احتلت محافظة حماة مقدمة المحافظات السورية بعدد القواعد التي بلغت خمس قواعد، تلتها محافظة حمص بأربع قواعد، ثم الساحل السوري والرقة وحلب ودمشق بثلاث قواعد لكل محافظة، ثم دير الزور والحسكة بقاعدة واحدة لكل محافظة(7)، ومن أهم هذه القواعد:
أ- قاعدة طرطوس البحرية
تتمتع قاعدة طرطوس البحرية بأهمية استراتيجية كبيرة لروسيا؛ إذ تمثِّل موطئ القدم الوحيد لروسيا في البحر الأبيض المتوسط، وتُعَدُّ هذه القاعدة من أولى القواعد العسكرية التي أنشأتها روسيا في سوريا وذلك بعد ضم جزء من المرفأ التجاري إلى المرفأ العسكري الذي كان يستخدمه النظام السوري. وتستوعب القاعدة 11 سفينة حربية، وتضم صواريخ “إس 300” للدفاع الجوي، كما تُسْتَخْدَم لعمليات التجسس في المنطقة(8).
وفي 18 ديسمبر/كانون الثاني 2017، وقَّعت روسيا مع النظام السوري اتفاقية تقضي ببقاء القاعدة الروسية في طرطوس لمدة 49 عامًا قابلة للتمديد(9)، وتقضي الاتفاقية أيضًا بمنح القاعدة الروسية حصانة كاملة من القوانين السورية(10)، وعدم السماح للسلطات السورية بدخولها تحت أي ظرف من الظروف، إلى جانب السماح لروسيا -وبموافقة الأطراف المعنية- بنشر مواقع عسكرية متحركة لها خارج نطاق القاعدة بهدف حمايتها والدفاع عنها، إلى جانب أحقية روسيا بتحديث القاعدة وتوسيعها لاستيعاب حاملات الطائرات والغواصات النووية.
ب- قاعدة حميميم الجوية
يُعَدُّ مطار حميميم العسكري القاعدة الجوية الرئيسة لروسيا في سوريا، فمنذ تدخل الروس في البلاد شرعوا بتوسعة المطار وتجهيزه كقاعدة عسكرية روسية رئيسة. وتحتضن القاعدة طائرات من نوع سوخوي، وطائرات تجسس، وطائرات أنتونوف التي تحمل الدبابات والمدافع، وصواريخ “إس 400” وغيرها. وفي 26 أغسطس/آب 2015، وقَّعت روسيا مع النظام السوري اتفاقًا يمنحها الحق باستخدام قاعدة حميميم الجوية في كل وقت من دون مقابل ولأَجَل غير مسمى(11).
وتشرف على حراسة المطار كتيبتان من القوات الخاصة السورية، كما تقوم بتقديم الخدمات للعساكر الروس في القاعدة الجوية، من طعام وماء، وكافة مستلزمات الحياة اليومية، بما فيها توصيل العسكريين الروس إلى فنادقهم في اللاذقية(12)، كما تم تأمين 1200 منـزل للضباط الروس في التلال المشرفة على كل القواعد الروسية، وتوزعت هذه المنازل بمعظمها في تلال دريكيش وكفرون ومشتى حلو ووادي العيون وصافيتا؛ حيث تطل منازل هؤلاء الضباط بمعظمها على قاعدة حميميم الجوية، وقريبة من القاعدة البحرية في طرطوس(13).
ج- مطار المزة العسكري بدمشق
منذ دخولها إلى سوريا بسطت روسيا سيطرتها على مطار المزَّة العسكري ليكون مقرًّا رئيسًا للقوات البرية الروسية، بعد أن كان المطار تحت الإدارة المباشرة للمخابرات الجوية السورية؛ حيث تم إخراج عناصر المخابرات الجوية مع الإبقاء على كتائب الدفاع الجوي التي تقوم بخدمات الحراسة وخدمات أخرى(14). كما تستخدم روسيا مطار المزة العسكري كقاعدة لتأمين الخدمات اللوجستية لجنودها، وكذلك كان يُستخدم مركزًا لشنِّ الحملات الجوية على ريف دمشق قبل استعادتها من تحت سيطرة قوات المعارضة في الربع الأول من عام 2018.
د- القاعدة الجوية في تياس
تُعرَف هذه القاعدة أيضًا باسم مطار “T-4” الذي يقع في محافظة حمص غرب تدمر، وهي أكبر قاعدة جوية في سوريا، حوَّلها الروس لتصبح المركز الرئيس للعمليات الجوية في وسط سوريا.
ه- ثكنة جورين العسكري
تقع هذه الثكنة في قرية جورين بسهل الغاب؛ حيث تم إنشاؤها لتكون مقر إقامة دائمًا لفرقة مدرعة روسية وتم نشر فوج مدفعية فيها.
و- قاعدة بلدة موثبين
تقع هذه القاعدة بالقرب من بلدة موثبين القريبة من مدينة الصنمين في محافظة درعا، وتُعَدُّ بلدة موثبين ذات موقع استراتيجي؛ لأنها تقع بين طريقي دمشق-درعا القديم والجديد، وتبعد عن العاصمة السورية دمشق 45 كيلومترًا وعن درعا 50 كيلومترًا(15).
ز- قاعدة بلدة خربة رأس الوعر
تقع هذه القاعدة قرب بئر القصب شرق دمشق، وتبعد 50 كيلومترًا عن دمشق و85 كيلومترًا عن خط فك الاشتباك في الجولان و110 كيلومترات عن جنوب هضبة الجولان، كما تبعد 96 كيلومترًا عن الأردن، و185 كيلومترًا عن معسكر التنف قرب العراق(16).
ح- قاعدة إسطامو الجوية
تقع شمالي بلدة حميميم في ريف اللاذقية، وتبعد عنها مسافة 9 كيلومترات فقط؛ حيث تمَّ إنشاؤها في 15 سبتمبر/أيلول 2015 من قبل روسيا.
ط- قاعدة مطار كويرس
وهي ثالث أكبر قاعدة عسكرية روسية في سوريا وتقع في ريف حلب وتضم قوات برية روسية وقوات للدفاع الجوي(17).
خريطة رقم (1) تبين قواعد ونقاط وجود القوات الروسية في الجغرافية السورية
المصدر: مركز جسور للدراسات، 1 ديسمبر/كانون الأول 2019
- المساعي الروسية لإعادة تشكيل مؤسسة الجيش
منذ تدخلها العسكري المباشر في سوريا، بادرت روسيا إلى توطيد نفوذها عبر تأسيس قواعد استراتيجية لها، وعملت في نفس الوقت على تحقيق الاعتراف الدولي بدورها في سوريا، وتأكيد حقها في الاحتفاظ بقواعدها الجوية والبحرية(18)، كما بذلت جهدًا مكثفًا لبناء شبكتها داخل مؤسسة الجيش السوري من خلال بوابة إعادة هيكلة هذه المؤسسة، وجعل ولائها روسيًّا، بعد أن كان قسم منها تتحكَّم به إيران، وقسم آخر تحكمه مافيات عسكرية تتحكَّم ببعض مفاصل مؤسسة الجيش بهدف جني ثروات مادية من خلال عمليات الفساد التي تمارسها كالحصول على الرشاوى من المجندين الراغبين في التنصل من الخدمة الإلزامية والنقل والترقيات والندب وغيرها من العمليات.
وفي سبيل تحقيق ذلك، اتخذت روسيا مجموعة من الإجراءات؛ حيث عملت بداية على انتقاء مجموعة من الضباط في الجيش لتدريبهم، ليكونوا بذلك تحت إمرتها وتابعين لها، كما ضغطت روسيا على النظام السوري لإجراء حركة تعيينات وتنقلات وإقالات مكثفة طالت الضباط غير المتعاونين معها في سلكي القوات المسلحة والمخابرات العسكرية. والأهم من ذلك، قامت روسيا برعاية تشكيل وحدات عسكرية جديدة من المجموعات شبه العسكرية ذات الطبيعة المحلية على أسس مناطقية وعشائرية، تحت اسم الفيالق الممولة من روسيا والخاضعة لقيادتها(19)، وترافق كل ذلك مع محاولات حثيثة لحل القوات الرديفة، وخاصة القوات ذات الولاء الإيراني.
وبالتالي، يمكن الحديث عن ثلاث نقاط أساسية توضِّح المساعي الروسية لإعادة تشكيل مؤسسة الجيش في سوريا، وهي: السيطرة على وزارة الدفاع السورية، وتشكيل هياكل عسكرية جديدة في مؤسسة الجيش، وحل القوات الرديفة.
أ- السيطرة على وزارة الدفاع السورية وهيئة الأركان
منذ تدخلها العسكري المباشر في سوريا، حرصت روسيا على إنشاء شبكتها داخل مؤسسة الجيش، من خلال تأسيس علاقات مع الضباط الأمراء والقادة في الجيش والمخابرات العسكرية، ولتحقيق ذلك، بدأت روسيا بانتداب الضباط إلى قاعدة حميميم الروسية لتدريبهم، ليكونوا بذلك تابعين لها ويأتمرون بأمرها، كما قامت بإرسال عشرات الضباط إلى روسيا لإجراء دورات أركان في اختصاصات الدفاع الجوي والآليات والمشاة، وتسليمهم مناصب رفيعة لدى عودتهم، وعملت كذلك على استقطاب شخصيات عسكرية موثوقة من قِبلها من الذين تخرَّجوا في مدارسها العسكرية، وبدأت بإظهارهم وتوسيع دائرة سيطرتهم داخل مؤسسة الجيش(20).
كما كان من اللافت للانتباه، حجم التغير الذي طال أبرز التشكيلات العسكرية والأكثر محورية في الجيش السوري، كالحرس الجمهوري، والفرقة الرابعة، والفيلق الخامس، علمًا بأن التنقلات قد جاءت عقب تغير رئاسة الفرعين (291) الفرع الإداري، و(293) شؤون الضباط، في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018(21)؛ حيث شملت عمليات التعيين والعزل: تعيين قائد الحرس الجمهوري اللواء، طلال مخلوف، قائدًا للفيلق الثاني، وتعيين العميد مالك عليا، الذي كان يرأس منصب رئيس لجنة حلب الأمنية، بدلًا عنه، وهو أحد أبرز الموالين للروس، وكذلك اللواء مراد خير بيك، الذي تم تعيينه رئيسًا لأركان الفيلق الخامس، كما تم إبعاد مدير مكتب ماهر الأسد، العميد غسان بلال، في الفرقة الرابعة، وذلك من خلال تسليمه قيادة أركان المنطقة الجنوبية، لكن التغيير الأكثر أهمية كان ترقية اللواء علي مملوك، رئيس مكتب الأمن القومي، الذي أصبح نائب الرئيس للشؤون الأمنية، وطالت عملية التصفية كذلك غرفة العمليات العسكرية بهيئة الأركان، والفيلق الأول، وكلية الحرب الإلكترونية، وبعض أفواج الدفاع الجوي، والمحاكم العسكرية، والخدمات الطبية(22).
ويشير العديد من المصادر إلى أن عملية التنقل والترفيع في الجيش السوري قد جرت بدفع روسي بهدف وضع شخصيات موالية لها واحتواء بقايا الحرس القديم وأولئك الموالين لإيران(23) أو غير المتعاونين مع روسيا(24)، مع إجراء موجة كبيرة من الاعتقالات(25)، طالت مئات الضباط السوريين، فضلًا عن الميليشيات الموالية(26)، وترافق كل ذلك مع إعادة عشرات الضباط والمستشارين المُسرَّحين من الخدمة، والموالين لها(27).
ونتيجة هذا الأمر، تمكَّنت روسيا نوعًا ما من فرض رأيها وهيمنتها، ونجحت في بداية عام 2018 في بسط سيطرتها على وزارة الدفاع السورية؛ حيث دفعت بشار الأسد لإقالة وزير الدفاع، فهد جاسم الفريج، المحسوب على الإيرانيين، وتعيين العماد علي أيوب، المقرَّب منها، في حين أبقت على منصب رئيس هيئة الأركان شاغًرا، دون تسمية خليفة للعماد علي أيوب الذي كان رئيسًا الهيئة(28).
إن هذه المقاربة في فهم الرغبة الروسية في التحكم بوزارة الدفاع ورئاسة الأركان في الجيش السوري، تؤكدها أيضًا دراسة المجلس الروسي للشؤون الدولية، التي ناقشت تطور القوات المسلحة السورية واتجاهاتها ومشاكلها الرئيسية؛ حيث توصلت إلى نتائج مفادها أن الجيش السوري لا يمكن وصفه بـ”الجيش الحقيقي” نتيجة تعدد الجماعات المسلحة غير الحكومية، وافتقار القوات المسلحة السورية إلى الانضباط والمركزية والتحديث التقني والتنظيمي والسلطة. لذا، فإن إصلاح القوات المسلحة السورية يعتبر ضرورة حتمية، باعتبار أن سوريا لن تتمكن من استعادة سيادتها بالكامل، وتوفير بيئة مواتية للتحول السياسي والإصلاح من دون جيش، لذا يطلب من روسيا بدء تأهيل القوات المسلحة من الصفر، على الرغم من أن هذا الأمر يعترضه العديد من الصعوبات منها عدم سيطرة الجيش على كامل الأراضي السورية، إلى جانب التشكيلات التي أنشأتها إيران، والتي يصعب ضمها إلى هياكل الجيش السوري، كما يصعب حلها ومغادرتها سوريا(29).
لذا، سعت روسيا منذ بداية عام 2018 إلى محاولة تنظيم وإعادة هيكلة الجيش السوري وترميم بنيته التحتية، فتم دمج شعبة التنظيم والإدارة مع إدارة شؤون الضباط، وتسمية الإدارة الجديدة باسم إدارة القوى البشرية، ويرأسها حاليًّا مدير إدارة شؤون الضباط السابق اللواء، بسام وردة، بينما تم تعيين اللواء، عدنان محرز عبدو، الذي كان رئيسًا لشعبة التنظيم، قائدًا للمنطقة الجنوبية(30). كما عملت روسيا على الاستحواذ على قطاع التجنيد عبر استحداث إدارة للتجنيد العام، وتعيين اللواء، سامي محلا، مديرًا لها، وتكليفه بالعمل على خطة روسية تهدف إلى إفشال محاولات الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية تجنيد شباب التسويات والمصالحات، وضمهم بدلًا من ذلك للفيلق الخامس-اقتحام، بالإضافة إلى فتح مكاتب للتجنيد في المدن الرئيسة والجامعات، والضغط على عناصر القوات الرديفة للانضمام إلى الفيلق الخامس(31). كما أصبح الضباط الروس يشتغلون على إعادة تأهيل كل الألوية والكتائب والمقرات العسكرية وتحصيناتها وتجهيزاتها الفنية والقتالية، واستطاع الخبراء الروس إعادة ترميم اللواء 61 مشاة بكامله، وهو أضخم وأهم الألوية المقاتلة في الجيش السوري، والشيء ذاته جرى في اللواء 52 الواقع في بلدة الحراك في ريف درعا الغربي(32)، الأمر الذي مكَّن روسيا من إحكام قبضتها على وزارة الدفاع ورئاسة الأركان، معتمدة في ذلك على مجموعة من الضباط الموالين لها.
جدول رقم (1) يُظهر أبرز أسماء الضباط الموالين لروسيا
في المهام الأمنية والتشكيلات العسكرية في الجيش السوري
م | الاسم | المنصب |
1 | العماد علي أيوب | وزير الدفاع في الحكومة السورية |
2 | اللواء زهير الأسد | قائد الفرقة المدرعة الأولى في الجيش |
3 | اللواء محمد خالد رحمون | وزير الداخلية في الحكومة السورية |
4 | اللواء غسان إسماعيل | مدير إدارة المخابرات الجوية |
5 | اللواء علي مملوك | مدير مكتب الأمن الوطني |
6 | اللواء محمد ديب زيتون | مدير المخابرات العامة |
7 | اللواء زيد صالح | قائد الفيلق الخامس |
8 | اللواء أوس علي أصلان | قائد الفيلق الثاني في الجيش السوري |
9 | اللواء أحمد محمد بلول | قائد القوى الجوية والدفاع الجوي |
10 | اللواء بسام حيدر | قائد الفرقة 20 – قوى جوية |
11 | اللواء مراد خير بيك | رئيس أركان الفيلق الخامس |
12 | اللواء حسن مرهج | قائد الفيلق الرابع في الجيش السوري |
13 | اللواء سامي توفيق محلا | مدير إدارة التجنيد العام |
14 | اللواء جودت مواس | إدارة المدفعية والصواريخ |
15 | اللواء مفيد حسن | قائد الفرقة 14 |
16 | العميد سهيل الحسن | قائد قوات النمر |
17 | العميد صالح العبد الله | ضابط العمليات في قوات النمر |
18 | العميد مازن هواش الكنج | رئيس فرع الأمن العسكري في حلب |
19 | العميد أكثم محمود | رئيس أركان فوج المهام الخاصة في الفيلق الخامس |
20 | العميد مالك عليا | قائد الحرس الجمهوري |
21 | العميد ميلاد جديد | رئيس أركان الحرس الجمهوري |
المصدر: قام الباحث بجمع هذه المعلومات من مصادر مختلفة.
وبذلك، أخذ الدور الروسي يتطور من خلال تدخله في أدق تفاصيل المؤسسة العسكرية للنظام السوري حتى أصبح اليوم يأخذ مهمة الرقابة والتفتيش على مختلف القطع العسكرية والإدارات بدعوى محاربة الفساد المتفشي داخلها، وخاصة في ظل تردي أداء قوات النظام وولوغ ضباطه في الفساد. وتتولى قاعدة حميميم في اللاذقية هذه المهمات من خلال لجان التفتيش والرقابة التي تتحكَّم بالمحاسبة والتعيين والمكافآت داخل المؤسسة العسكرية فضلًا عن التحكُّم في كل القطع العسكرية للنظام(33).
وبالمحصلة، وصلت روسيا في الوقت الراهن إلى درجة التحكُّم شبه المطلق بكل مفاصل عمل هذه المؤسسة، كما تمكَّنت من فرض كل الإملاءات على رأس النظام السوري والقيادات العسكرية العليا في مؤسسة الجيش؛ الأمر الذي أسهم أكثر فأكثر بتوسيع دائرة النفوذ الروسي داخل وحدات الجيش، وأكسبها ثقة الكثير من العناصر الذين باتوا يرون فيهم القوة الأقوى والمتحكِّم الأكبر بمفاصل تلك الوحدات.
ب- تشكيل هياكل عسكرية جديدة
جلب التدخل العسكري الروسي متغيرات عديدة في هيكلية مؤسسة الجيش السوري عن طريق تشكيل وحدات عسكرية جديدة رافدة للجيش، وبإشراف وتدريب وإدارة روسية، بالإضافة إلى تجهيز هذه الوحدات بمعدات عسكرية، وذلك بهدف ربط هذه التشكيلات بالقيادة الروسية في سوريا، لتأتمر بأمرها بعيدًا عن التركيبة الطائفية التي صبغت الجيش قبل وخلال الأزمة، إلى جانب محاولة إبعاد الميليشيات التابعة لإيران من هذه التركيبة(34).
ويُعَدُّ تشكيل الفيلقين الرابع والخامس-اقتحام من أهم هذه التشكيلات، وبذلك ارتفع عدد فيالق مؤسسة الجيش في سوريا من ثلاثة فيالق إلى خمسة(35)، يضاف لها الفيلق السادس الذي تسعى روسيا لبنائه بعيدًا عن أماكن وجود الميليشيات الإيرانية.
- الفيلق الرابع
أُعْلِن عن تشكيل الفيلق الرابع بعد شهر من التدخل العسكري الروسي في سوريا، وتحديدًا في أكتوبر/تشرين الأول 2015، وذلك على لسان العماد، علي أيوب، رئيس هيئة الأركان آنذاك في جيش النظام السوري، بدعوى تحرير جميع البلدات والقرى الخارجة عن سيطرة قوات النظام السوري(36). وجرى تشكيل هذا الفيلق من المحاربين القدماء، ومن أولئك الذين تركوا الجيش لسبب أو لآخر، ومن الموظفين، إلى جانب بعض المجموعات شبه العسكرية الأخرى الموجودة في محافظة اللاذقية، مثل قوات الدفاع الوطني، وقوات النمر(37)، ونسور الزوبعة التابعة للحزب السوري القومي الاجتماعي، وكتائب البعث(38)، وبذلك ضمَّ الفيلق الرابع ستة ألوية محلية، بالإضافة إلى اللواء 103 التابع للحرس الجمهوري؛ حيث بلغ عدد قواته 10-12 ألف مقاتل، واتخذ الفيلق من مدينة مصياف بريف حماة الغربي مقرًّا له، وانتشرت قواته في ريفي حماة الشمالي والغربي، وريف اللاذقية الشمالي، وريف حلب الجنوبي، ومن أهم المعارك التي شاركت بها قوات الفيلق كانت معارك ريف اللاذقية الشمالي، ومعارك السيطرة على مدينة حلب في نهاية عام 2016، ومعارك ريف حلب الجنوبي منذ عام 2016، ومعارك ريف حماة الشمالي والغربي.
ومنذ تأسيسه، كانت روسيا ترى في الفيلق الرابع فرصة لتحقيق مجموعة من الأمور يمكن تلخيصها بالتالي:
– تغطية العجز في القوة الميدانية المتدهورة لجيش النظام السوري، وتحقيق التكامل مع الطيران الروسي في معارك الشمال السوري، وفي سبيل ذلك تولَّت روسيا عملية تنظيمه وتسليحه.
– إكساب البنية التنظيمية للجيش مرونة أوسع يحتاجها الطيران الروسي، تتيح له التعاطي مع الأحداث وتنفيذ استراتيجية تحرك عسكرية مرنة.
– تحجيم دور وتأثير ميليشيا الدفاع الوطني، التي شكَّلت رديفًا مهمًّا لجيش النظام السوري؛ إذ مع بدء الإعلان عن تشكيل الفيلق، حلَّت قوات النظام إحدى المجموعات التابعة لميليشيا الدفاع الوطني، وهو ما يمكن اعتباره ضبطًا روسيًّا للبنية العسكرية التي حوَّلتها إيران لعمليات ميليشياوية(39).
وعلى الرغم من بعض النجاحات التي حققها الفيلق الرابع عبر عملياته الهجومية عامي 2015 و2016 في اللاذقية، إلا أن الفشل في محاولات دمج حوالي 18 فصيلًا مدعومًا من إيران ضمن هذا الفيلق، وبقاء التنسيق العسكري ضمن الفيلق بالحد الأدنى وبأولويات مختلفة(40)، دفع روسيا للإعلان عن إنشاء الفيلق الخامس-اقتحام، ولكن هذه المرة بالتعاون مع النظام السوري فقط، دون التنسيق مع إيران.
- الفيلق الخامس-اقتحام
منذ تأسيسه في أكتوبر/تشرين الثاني 2016، أُثِير الكثير من الجدل حول دور الفيلق الخامس-اقتحام وهدفه ودلالات إنشائه، خاصة أن الضخ الإعلامي والمادي والدعائي الذي شهده هذا الفيلق مع بداية تأسيسه دلَّ على الأهمية القصوى المرتجاة من تشكيله. فالنظام السوري ومن ورائه روسيا لم يوفِّرا أية وسيلة من وسائل الاستمالة المادية والعقلية إلا واستخدماها لحث الشباب على الانضمام إلى الفيلق، بدءًا بالرواتب المرتفعة، مرورًا بالحوافز المادية والأمنية، وليس انتهاء باستخدام منابر المساجد. ومنذ إنشائه، اعتمد الروس على المتطوِّعين من الشباب السوريين الذين أغرتهم الرواتب الجيدة، ومع مرور الوقت استطاعت روسيا زيادة أعداد مقاتلي الفيلق، بعد استقطاب المجندين المؤيدين للنظام، وكذلك عناصر الميليشيات التطوعية، إلى جانب ضم مقاتلي فصائل المعارضة السابقة، التي وقَّعت على اتفاقيات التسوية مع النظام السوري وروسيا(41).
كان يرأس الفيلق من جانب النظام السوري اللواء، عبدو عيسى إبراهيم(42)، إلى أن تمَّ تعيين اللواء زيد صالح قائدًا للفيلق عام 2018 بدلًا عنه، في حين كان يقوده من الجانب الروسي الجنرال، فاليري أسابوف، قائد اللواء الخامس، وكبير المستشارين العسكريين الروس في سوريا، قبل أن يُقتل، في 24 سبتمبر/أيلول 2017(43).
ويقع مقر قيادة الفيلق الخامس في مدينة اللاذقية (معسكر الطلائع)، وتوجد مجموعة من القواعد العسكرية التابعة لقيادة الفيلق موزَّعة في وحدات مشاة وهندسة وآليات واقتحام، ضمن ثمانية ألوية، هي: اللواء الأول، الذي ينتشر في ريف حمص الشرقي، واللواء الثاني في ريف حماة الشمالي الغربي، واللواء الثالث في المنطقة الجنوبية من سوريا، واللواء الرابع في ريف اللاذقية، واللواء الخامس في المناطق القريبة من محافظة إدلب، واللواء السادس في المناطق القريبة من إدلب وحماة، واللواء السابع في دير الزور، واللواء الثامن في جنوب سوريا في درعا.
ويبلغ عدد مقاتلي الفيلق حوالي 15 ألف عسكري، وتشكِّل قوات النمر نواة الفيلق، إلى جانب عناصر من قوات “صقور الصحراء”، و”مغاوير البحر”، و”كتائب البعث”، و”صيادو الدواعش”، و”قوات العشائر”، و”قوات محردة”، و”درع الوطن”، و”قوات المردة”، وغيرها(44)، ويرتبط الفيلق مباشرة بمركز قيادة القوات الروسية في مطار حميميم، أما تمويله فهو روسي بالكامل بحيث تبلغ رواتب عسكرييه حوالي 200 دولار، تصل لبعض الضباط إلى حوالي 300 دولار(45).
في بداية إنشاء الفيلق، شاركت قواته في عدة عمليات هجومية كان أولها وأهمها معركة تدمر ضد تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”؛ حيث تمكَّنت هذه القوات من صد هجمات تنظيم الدولة ضد القاعدة الجوية العسكرية الرئيسة المعروفة باسم “T4″، وقد استخدمت روسيا الفيلق الخامس لاحقًا في معارك الغوطة الشرقية ودرعا بشكل أقل، وفي معارك شرق سكة الحجاز بريف حلب وإدلب، في يناير/كانون الثاني 2018، وفي معارك ريف حماة وريف اللاذقية.
وترى روسيا في الفيلق الخامس-اقتحام فرصة لتحقيق مجموعة من الأمور، يمكن تلخيصها في الآتي:
– إيجاد نوع من التوازن مع إيران داخل مؤسسة الجيش، في محاولة لمنع إيران من فرض رؤيتها المنفردة داخل مؤسسة الجيش، ومسك زمام المبادرة في تدريب الميليشيات، بعدما كانت إيران هي الجهة التي تشرف عليها، من خلال الحرس الثوري الإيراني.
– ضبط مؤسسة الجيش على المديين المتوسط والبعيد بعد حالة الإنهاك والترهُّل الكبير الذي أصابها بسبب الخسائر البشرية الكبيرة في المعارك، وحالات الانشقاقات والفرار من الخدمة العسكرية، بالإضافة إلى حالات الفساد والتجاوزات الضخمة التي قامت بها قوات الجيش والقوات الرديفة من الميليشيات.
– توفير الغطاء القانوني اللازم لإدماج هذه القوات التي تم تشكيلها خارج إطار مؤسسة الجيش، بحيث لا يتم استهدافها في أي حل سياسي قادم، ويصبح التعامل معها كجزء من الجيش نفسه، خاصة أن قانون الخدمة العسكرية السوري يتيح إنشاء قوات فرعية وقوات أخرى عند الضرورة للقتال إلى جانب الجيش.
– السماح بالتكامل التنظيمي والقانوني لفصائل المعارضة التي تقبل التسوية السياسية داخل مؤسسة الجيش، من خلال منحها نفس الاعتبارات الممنوحة للميليشيات المنضوية تحت قيادة الفيلق الخامس.
– إنهاء حالة الفوضى التي سبَّبتها الميليشيات الأجنبية المدعومة إيرانيًّا على مدى السنوات الماضية، وتخفيف الاعتماد عليها شيئًا فشيئًا، وخاصة بعد انتفاء الحاجة إليها في ظل استعادة أغلب المدن الكبرى والمناطق التي كانت تحت سيطرة قوات المعارضة.
وبالمحصلة، يمكن القول: إن إنشاء الفيلق الخامس-اقتحام وتجهيزه، أعطى دلالة واضحة على أن روسيا لن تكتفي بدعم الفرق العسكرية للنظام السوري والتشكيلات المرتبطة به من الجو، وإنما تفكر بأبعد من ذلك، أي قيادة العمليات البرية، والإشراف عليها بشكل مباشر، دون الحاجة للاعتماد على التشكيلات التي تُديرها إيران، وهذا ما أثبتته المعارك اللاحقة التي شارك فيها الفيلق الخامس في ريف حماة وإدلب وريف اللاذقية.
- الفيلق السادس
بعد نجاحها في تشكيل وإدارة الفيلق الخامس-اقتحام، تحاول روسيا إعادة التجربة في الجنوب السوري، من خلال تشكيل الفيلق السادس، ليحتضن فصائل المعارضة التي وقَّعت هدنة مع النظام عام 2018. وعلى الرغم من أن هذا التشكيل لا يزال قيد التخطيط، ولم تتضح ملامحه بعد، فإن روسيا تهدف من السعي لإنشائه إلى تحقيق عدد من الأهداف منها:
– وقف تمدد ميليشيات إيران و”حزب الله” اللبناني في الجنوب السوري.
– مواجهة حالة الرفض في بعض مناطق الجنوب للالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية في قوات النظام، واستقطاب الرافضين إلى تشكيل عسكري محلي يكون خاضعًا للنظام وروسيا.
– مواجهة “المقاومة الشعبية” في حوران التي ظهرت مؤخرًا ونفذت عدة عمليات ضد قوات النظام(46).
وبالتالي، تشكِّل محاولة روسيا لإنشاء تشكيلات عسكرية جديدة في جيش النظام، الجزء الأهم من المحاولات التي تقودها روسيا لتحسين النظام الأمني السوري، وإنشاء هيكل قيادة موحَّد يكون قادرًا على إدارة ومراقبة واستيعاب الميليشيات المختلفة التي تدعم النظام(47).
ويُلاحَظ في الفيالق التي أنشأتها روسيا، وخاصة الفيلق الخامس-اقتحام، تبعية الفيلق المباشرة للقيادة الروسية، والاستقلالية المالية والإدارية عن كامل القيادة العسكرية للنظام، وذلك بهدف جعل هذه التشكيلات أكثر تنظيمًا وصلابة من الجيش النظامي السوري الحالي الذي تحوَّل فعليًّا إلى ما يشبه الميليشيات أكثر من كونه جيشًا نظاميًّا، إلى جانب تحقيق الانفراد الروسي في النفوذ على الأرض السورية، من خلال هذه التشكيلات التي تدين بالولاء الكامل لروسيا، بعيدًا عن الولاءات لإيران وبشار الأسد. كما تعوِّل روسيا على هذه التشكيلات أيضًا لاحتواء فصائل المعارضة، وإعادة هيكلتها ضمن كيانه، لتكون هذه التشكيلات القوة العسكرية المحلية الأبرز التي تمثِّل نفوذ روسيا بمؤسسات الدولة السورية مستقبلًا.
فروسيا تدرك تمامًا أنه من غير الممكن إعادة تأهيل نظام الأسد وفق بنيته وهيكليته السابقة، لذلك تسعى من خلال وضع يدها على مؤسسة الجيش لإعادة تشكيلها وهيكلتها بالشكل الذي يضمن لها السيطرة الفعلية على الأرض، ومن هنا كان الإصرار الروسي على ضم فصائل المعارضة التي وقَّعت على اتفاقيات التهدئة إلى الفيالق التي تم إنشاؤها مع منحهم فسحة من حيث التأثير المحلي من أجل كسب ولائهم وثقتهم وتسهيل دمج أكبر عدد ممكن من مقاتلي الفصائل الموقعة على التهدئة في هذه الفيالق، ومن ثم تسهيل تشكيل نظام جديد في سوريا، يضمن لروسيا انتقالًا سلسًا لشكل الدولة التي تضمن مصالح الروس لعقود قادمة من الزمن.
ج- حل القوات الرديفة
عند بدء التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا نهاية سبتمبر/أيلول 2015، كانت الحالة الميليشياوية متفشية بشكل كبير بديلًا عن الوحدات العسكرية النظامية؛ الأمر الذي أزعج روسيا، ودفعها فور تدخلها للملمة هذه الميليشيات، بهدف ضبط السلاح، وتحقيق فاعلية عسكرية أكبر(48)، فعملت روسيا على محاولة إنهاء كل المظاهر الميليشياوية، وحصر الميليشيات الأجنبية التي تُشرف عليها إيران في مناطق محددة، وإلغاء مظاهرها ووجودها خارج هذه الأماكن، إلى جانب تفكيك وحل القوات الرديفة، وبعض الميليشيات المموَّلة من قبل إيران. وفي إطار هذه الجهود حُلَّ الكثير من الميليشيات الموالية في الأحياء المُؤمَّنة في دمشق وضواحيها، كبرزة وعش الورور وضاحية الأسد وقدسيا، وخصوصًا تلك الميليشيات التابعة لقوات الدفاع الوطني وكتائب البعث، وبالمثل حُلَّ العديد من الميليشيات في محافظة حماة كان أبرزها ميليشيا “علي الشلِّي” في ريف حماة الغربي، وميليشيا “أحمد درويش” في قرية أبو دالي، إلى جانب حل ثلاث ميليشيات صغيرة في مدينة حمص.
كما أصدر اللواء، جميل الحسن، رئيس شعبة المخابرات الجوية، قرارًا، في سبتمبر/أيلول 2018، بإنهاء عقود 6800 عنصر في صفوف قواته في مختلف مواقع تمركزها(49)، وبالتوازي مع ذلك شَنَّت قوات النظام السوري -بدعم روسي- حملة اعتقالات طالت عناصر من ميليشيا الدفاع الوطني في مدينتي موحسن والبوليل في دير الزور، وذلك في أعقاب اعتقال الشرطة الروسية لقائد قوات الدفاع الوطني في دير الزور(50).
وفي اللاذقية أيضًا، تمت مصادرة أملاك أيمن الجابر، قائد الميليشيات في اللاذقية، وملاحقة العديد من المطلوبين ضمن تشكيلات متنوعة كنسور الزوبعة، وصقور الصحراء، ومغاوير البحر؛ حيث تزامنت هذه الجهود في تفكيك الميليشيات، مع تردد الحديث في الأروقة الرسمية في روسيا عن الدور السلبي للميليشيات الإيرانية في إذكاء سياسات التشييع، وإثارة الاحتقان الطائفي، ونشر الفوضى في البلاد(51).
وفيما يؤكد تنامي الخلاف بين روسيا وإيران حول مستقبل القوات الرديفة في سوريا، عبَّرت مصادر عسكرية إيرانية عن سخطها من خطة روسية تقضي بإبعاد القوات الموالية لها، وإنشاء مخافر مشتركة (روسية-تركية( في منطقة القطاع الأوسط من سهل الغاب، وجعل المنطقة تحت وصاية الطرفين مع نزع السلاح فيها. ولذلك عمدت الميليشيات الموالية لإيران إلى عرقلة إجراءات تسليم المنطقة للشرطة الشيشانية، التابعة للشرطة العسكرية الروسية، ووَقَعَت مواجهات مع القوات الروسية الموجودة في سهل الغاب بريف حماة الغربي، في سبتمبر/أيلول 2018، أسفرت عن سقوط ثلاثة قتلى من الجنود الروس، إثر اشتباكهم مع ميليشيات الدفاع الوطني والميليشيا التابعة للمدعو “باسم محمد” بالقرب من قرية عين سليمو في سهل الغاب، مما دفع القوات الروسية لإرسال قوة من الشرطة العسكرية الروسية والشيشانية لطرد الميليشيات من سهل الغاب، وسبقت تلك الأحداث مواجهات أخرى بين الطرفين عندما حاولت القوات الروسية السيطرة على معبر قلعة المضيق من قوات الفرقة الرابعة؛ حيث رفضت الفرقة حينها تسليم المعبر(52).
وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على التدخل العسكري الروسي في سوريا، حلَّت روسيا العديد من الميليشيات الصغيرة، والتي كانت تابعة لرجال الأعمال(53)، كما اختفت معظم الميليشيات المسلحة التي كانت تملأ الساحل السوري، في حين أدمجت العديد من الميليشيات الأخرى في الأجهزة الأمنية أو الوحدات المسلحة التابعة للنظام السوري.
وبالمحصلة، يمكن القول: إن روسيا وبعد تدخلها العسكري المباشر في سوريا، عملت بثلاثة اتجاهات فيما يتعلق ببسط سيطرتها على مؤسسة الجيش ومواجهة النفوذ الإيراني في هذه المؤسسة؛ إذ كان الاتجاه الأول: بإنشاء شبكتها داخل مؤسسة الجيش للسيطرة على وزارة الدفاع وهيئة الأركان، وذلك من خلال شراء ولاءات الضباط الكبار في جيش النظام، والتحكُّم بحركة التعيينات والتنقلات والإعفاءات والاعتقالات. في حين كان الاتجاه الثاني: عن طريق بناء جسم عسكري ضمن مؤسسة الجيش تابع لروسيا مجهز بأحدث أنواع الأسلحة، ومحاولة جعله يسيطر على مناطق واسعة من الأرض السورية من أجل ضمان الجغرافيا لصالحهم. أما الاتجاه الثالث: فركَّز على إضعاف الوجود العسكري الإيراني في سوريا من خلال التضييق على الضباط الموالين لإيران، وحل القوات الرديفة والميليشيات ذات الولاء الإيراني، وحصر ما بقي منها في مناطق جغرافية محددة، وطردهم من مناطق وجود القوات ذات الولاء الروسي.
- تحديات إعادة الهيكلة
بعد أن وصل الجيش السوري إلى مرحلة متقدمة من الاختلال على كافة المستويات التنظيمية والتعبوية وحتى التمويلية، بدأت روسيا محاولة إعادة هيكلة هذا الجيش، والتي على ما يبدو ما زالت تواجه العديد من التحديات، في ظل استمرار توزُّع موازين القوى على الأرض السورية بين مجموعة من القوى الفاعلة، كالنظام السوري ومن ورائه روسيا وإيران، وفصائل المعارضة ومن ورائها تركيا، وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية؛ حيث طرح العديد من الخبراء الروس سيناريو للتسوية على غرار “اتفاق دايتون”(54) للسلام في البوسنة والهرسك عام 1995، والذي يقوم على مسألة الحفاظ على الجيش السوري، مع دمج تشكيلات المعارضة العسكرية في قوات مسلحة جديدة(55). لذلك، تعمل روسيا للحفاظ على هيكلية الجيش في سوريا، ودمج جميع الميليشيات الأخرى ضمن تشكيلاته حفاظًا على تماسكه وفق التشريعات الدستورية السورية، بهدف نزع التدخلات الخارجية من التحكم في الجيش السوري مستقبلًا بعد التسوية السياسية(56). كما اقترح بعض الخبراء الروس إعادة إحياء الفيالق السورية الثلاثة التي كانت قائمة قبل الانتفاضة الشعبية، وتحويل هذه التشكيلات إلى قيادات إقليمية (تشبه المناطق العسكرية الروسية)، لتشمل جميع الجماعات المسلحة، النظامية وغير النظامية، في مناطق مسؤولياتها، ومن المحتمل جدًّا هنا أن تكون مهمة اللواء، طلال مخلوف، مرتبطة بخطط روسيا لإعادة هيكلة الجيش ولإجهاض ورقة “أمراء الحرب المؤسسين” الذين تتحكم فيهم إيران، بحيث يمكن للفيلق الثاني الذي يقوده اللواء مخلوف أن يقود عملية تحويل تشكيلات الفيالق إلى قيادات إقليمية أوسع(57).
واستكمالًا لذلك، سعت روسيا للإشراف على القوة الضاربة للاستخبارات العسكرية السورية المسؤولة عن الإشراف على القوات الخاصة، كقوات النمر، التي أصبح اسمها “الفرقة 25 مهام خاصة”، والتي تتولى تنفيذ مهمات عسكرية أساسية أسوة بروسيا التي تشرف فيها الاستخبارات العسكرية على قوات “سبيتسناز” النخبة(58)، علاوة على إشرافها على قوى غير نظامية مثل “فاغنر”(59)، مع محاولة تعزيز قواعدها في سوريا من خلال إقامة قواعد عسكرية لفترات زمنية طويلة بعد استئجارها من النظام السوري، كقاعدتي حميميم وطرطوس في الساحل السوري، وقاعدة مطار القامشلي، التي تتفاوض روسيا مع النظام لاستئجارها لمدة 49 سنة قابلة للتجديد.
ومع ذلك، يعتري عملية الجهود الروسية تلك مجموعة من المعوقات التي تتباين بحدتها وتداعياتها، والتي من شأنها جعل عملية التشكُّل الآخذة في التبلور عملية غير مستقرة، ويمكن حصر تلك المعوقات في:
أ- معوقات مرتبطة ببنية الجيش المهترئة
بعد الاضطراب البنيوي والتنظيمي في الجيش السوري، والاستنزاف البشري على مستوى المتطوعين المجندين، تحوَّل هذا الجيش إلى ميليشيا كبرى، خاصة بعد شَرْعَنَة الميليشيات المحلية والأجنبية ضمن أُطُره الإدارية.
ب- معوقات متعلقة بإيران
تبدو روسيا حتى الآن غير قادرة على ضبط إيران بحكم تغلغلها الواضح في بنية وعصب النظام من جهة، ومن جهة أخرى ينبغي مراعاة المحدد الأمني الذي فرضته الولايات المتحدة الأميركية والمتعلق بأمن “إسرائيل”، والمتمثل في محاصرة إيران وإعادة ضبطها(60).
وعليه، فإن روسيا تسعى من خلال استراتيجيتها في سوريا إلى إعادة هيكلة الجيش السوري، من خلال السيطرة على تشكيلاته، إلى جانب إنشاء تشكيلات جديدة وضمها إلى قوام الجيش السوري للحفاظ عليه، كالفيلق الخامس، مع إعادة دمج الفصائل المقاتلة، سواء أكانت فصائل المعارضة، أم قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، في هذه التشكيلات الجديدة للحفاظ على تشكيلات الجيش في سوريا لتتناسب مع المرحلة المستقبلية.
خلاصة
منذ بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا، ونجاحه في تغيير كفة موازين الصراع لصالح النظام السوري، شرعت روسيا بعملية الضبط، وإعادة التشكيل داخل المؤسسة العسكرية السورية، التي شهدت خلال السنوات الماضية تحولات مهمة. فبعد أن أدرك الروس جيدًا أن الاستحقاق التاريخي في سوريا لا مفرَّ منه، وأن نظام الأسد وفق بنيته وهيكليته السابقة لن يلقى قبولًا في الحل السياسي، لا على الصعيد الداخلي ولا الخارجي، وخاصة في ظل طائفية العديد من مؤسساته، كمؤسسة الجيش، بدأ الروس يعملون على إعادة تشكيل نظام جديد في سوريا، بدؤوه بوضع اليد على مؤسسة الجيش، وعملوا على إعادة تشكيلها،
ليشارك فيها عناصر من كافة المناطق السورية، بما فيها المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام السوري كدرعا وحمص وريف حلب والقلمون، لجعلها مقبولة من قبل السوريين، وليضمنوا لأنفسهم السيطرة على الأرض. كما قاموا بتغيير دور الميليشيات وشكلها من خلال دمجها في الهياكل الجديدة في مؤسسة الجيش، وشرعوا في نفس الوقت بمحاولة لإضعاف النفوذ الإيراني في مؤسسة الجيش، وذلك من خلال دعم شبكة الضباط الموالين لهم، واستبعاد الضباط الموالين لإيران، وكذلك من خلال تفكيك وحلِّ القوات الرديفة، والميليشيات المموَّلة من قبل إيران، ودمج عناصر المصالحات في الجنوب السوري ووسط وشمال سوريا، في التشكيلات العسكرية التابعة لروسيا، وهو ما نجحت فيه روسيا إلى حدٍّ ما؛ حيث وصلت روسيا في الوقت الحالي إلى درجة التحكُّم شبه المطلق بكل مفاصل عمل مؤسسة الجيش في سوريا، وتمكَّنت من فرض جميع إملاءاتها على رأس النظام السوري، وعلى القيادات العسكرية العليا في مؤسسة الجيش؛ الأمر الذي مكَّن الروس إلى جانب فرض رؤيتهم داخليًّا من تعزيز حضورهم خارجيًّا.
فالروس أدركوا جيدًا أن السيطرة العسكرية الروسية على الأرض، وفرض الأمر الواقع عسكريًّا، سيجعل الأرض مهيأة أكثر لفرض واقع سياسي يفتح المجال أمام حل سياسي، يتماشى مع رؤيتهم ويرسخ كافة المصالح الروسية على الأرض السورية، ويعترف بسيادتها عليها.
المراجع
(1) “سورية مكتظة بالقواعد العسكرية.. تعرف عليها”، الجزيرة نت، 1 مارس/آذار 2018، (تاريخ الدخول: 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://bit.ly/2N1lB9o.
(2) أليمار لاذقاني، “القوات الروسية في سورية والتأسيس لتواجد عسكري مستدام”، مبادرة الإصلاح العربي، 21 يونيو/حزيران 2018، (تاريخ الدخول: 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://cutt.us/cvcxf.
(3) إيغور دولانويه، “مكتسبات روسيا من تدخلها العسكري في سورية”، Orient XXI، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://cutt.us/OnTiI.
(4) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2015، أطلقت السفينة “داغستان” وثلاث سفن صغيرة بواسطة منصات رأسية 24 صاروخ “كاليبر”، واجتازت هذه الصواريخ التي يبلغ طولها 9 أمتار نحو 1500 كيلومتر فوق أراضي العراق وإيران وأصابت 11 موقعًا في سوريا.
(5) ريان محمد “تفتيش ورقابة روسية على جيش النظام السوري”، العربي الجديد، 29 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 23 أكتوبر/تشرين الأول 2019): https://bit.ly/2siCEe5.
(6) “ميناء طرطوس السوري بيد الروسي لمد 49 عامًا”، الجزيرة نت، 20 أبريل/نيسان 2019، (تاريخ الدخول: 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://cutt.us/yVBtp.
(7) “قواعد ونقاط وتواجد القوات الروسية في سورية”، مركز جسور للدراسات، 1 ديسمبر/كانون الأول 2019، (تاريخ الدخول: 13 ديسمبر/كانون الأول 2019): https://cutt.us/8ItSj.
(8) لاذقاني، “القوات الروسية في سورية والتأسيس لتواجد عسكري مستدام”، مرجع سابق.
(9) بالنسبة للتمديد، نصَّت الاتفاقية على إمكانية تمديد هذه الفترة تلقائيًّا لفترات متعاقبة لمدة 255 عامًا دون مقابل مالي.
(10) جاء في نص الوثيقة “يُمنَح موظفو المركز اللوجستي، بما في ذلك قائده، وأفراد أسرهم، وأفراد أطقم السفن الحربية، الحصانات والامتيازات التي تُمنح لموظفي البعثة الدبلوماسية، ولاسيما حرمة الشخص وحرمة السكن والحصانة من الملاحقة القضائية، والحصانة المالية، والحصول على الامتيازات الجمركية”.
(11) “سورية مكتظة بالقواعد العسكرية، تعرف عليها”، الجزيرة نت، 1 مارس/آذار 2018، (تاريخ الدخول: 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://bit.ly/2N1lB9o.
(12) لاذقاني، “القوات الروسية في سورية والتأسيس لتواجد عسكري مستدام”، مرجع سابق.
(13) حسن صبرا، “تسوية سورية 2019-2020 تسوية فلسطينية، ماهر الأسد يلحق بعمه رفعت”، الشراع، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، (تاريخ الدخول: 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://bit.ly/2TL68wR.
(14) لاذقاني، “القوات الروسية في سورية والتأسيس لتواجد عسكري مستدام”، مرجع سابق.
(15) “التشكيلات المسلحة الروسية والميليشيات المحلية التابعة لها في سورية (الدور العسكري والسياسي)”، خبر بريس، 12 أبريل/نيسان 2019، (تاريخ الدخول: 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://cutt.us/BGsPL.
(16) مرتضى الشاذلي، “الأسباب الخفية وراء القاعدة العسكرية الروسية الجديدة في سورية”، نون بوست، 15 يوليو/تموز 2017، (تاريخ الدخول: 4 ديسمبر/كانون الأول 2019): https://bit.ly/2Dw2BM3.
(17) “التشكيلات المسلحة الروسية والميليشيات المحلية التابعة لها في سورية”، مرجع سابق.
(18) “سورية: محركات الصراع الداخلي في المؤسسة العسكرية ومآلاتها المتوقعة عام 2019″، المرصد الاستراتيجي، 13 يناير/كانون الأول 2019. ص13، (تاريخ الدخول: 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://goo.gl/5BCgQw.
(19) أيمن الدسوقي، “ما الذي تفصح عنه الطائفية في الجيش السوري”، في المؤسسة العسكرية السورية عام 2019: طائفية وميليشياوية واستثمارات أجنبية، (مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 2019)، ص 27.
(20) رائد الصالحاني وألكسندر حداد، “روسيا تعيد هيكلة قوات النظام، حان وقت التقاعد”، المدن، 12 يناير/كانون الثاني 2019، (تاريخ الدخول: 16 أكتوبر/تشرين الأول 2019): https://bit.ly/2Se0th8.
(21) نوار شعبان، “التجمعات والشبكات العسكرية داخل الجيش السوري”، في المؤسسة العسكرية السورية عام 2019، مرجع سابق، ص 47.
(22) معن طلاع، “اختبار قدرة النظام على إعادة الهيكلة والدمج”، في المؤسسة العسكرية السورية عام 2019، مرجع سابق، ص 95.
(23) نوار شعبان، “التجمعات والشبكات العسكرية داخل الجيش السوري”، مرجع سابق، ص 47.
(24) تم تجميد اللواء طلال مخلوف، قائد الحرس الجمهوري، ومنعه من ممارسة أية مهام رسمية قبل عشرة أيام من نقله من قيادة الحرس الجمهوري إلى قيادة الفيلق الثاني، وجاء ذلك بسبب ممانعة اللواء طلال للأوامر الروسية. للمزيد، راجع: أيمن الدسوقي، “ما الذي تفصح عنه الطائفية في الجيش السوري؟”، في المؤسسة العسكرية السورية عام 2019، مرجع سابق، ص 27.
(25) في شهر أغسطس/آب 2019، أصدر ضباط روس مذكرات اعتقال طالت خمسة ضباط من جيش النظام، تتراوح رتبهم بين الرائد والعميد الركن وأغلبهم من الفرقة الثامنة المعروف بتبعية غالبية ضباطها لإيران. للمزيد، راجع: “الروس يعزلون عددًا من ضباط جيش الأسد بريف حماة ويحيلونهم للتحقيق”، مدونة هادي العبد الله، 1 أغسطس/آب 2019، (تاريخ الدخول: 9 ديسمبر/كانون الأول 2019): https://cutt.us/bzHhR.
(26) الصالحاني وحداد، “روسيا تعيد هيكلة قوات النظام، حان وقت التقاعد”، مرجع سابق.
(27) إعادة العميد حافظ مخلوف، شقيق رامي مخلوف، بعد أكثر من عامين من الغياب عن المشهد السوري، ليستلم منصب مدير العلاقات الاستخبارية الخارجية بين لبنان وسوريا وإيران، للمزيد، راجع: “الجهود الروسية للاستحواذ على القوات المسلحة في سورية خلال عام 2018″، المرصد الاستراتيجي، 23 ديسمبر/كانون الأول 2018، (تاريخ الدخول: 27 أكتوبر/تشرين الأول 2019): https://goo.gl/C6iXw8.
(28) “سورية: محركات الصراع الداخلي في المؤسسة العسكرية ومآلاتها المتوقعة عام 2019” مرجع سابق، ص 13.
(29) شعبان، “التجمعات والشبكات العسكرية داخل الجيش السوري”، مرجع سابق، ص 48-49.
(30) “تسريبات: الأسد يبدأ إعادة هيكلة الجيش بقرارات روسية”، زمان الوصل، 11 يوليو/تموز 2018، (تاريخ الدخول: 2 ديسمبر/كانون الأول 2019): https://bit.ly/2SOuGI2.
(31) “الجهود الروسية للاستحواذ على القوات المسلحة في سورية خلال عام 2018″، مرجع سابق، ص6.
(32) شعبان، “التجمعات والشبكات العسكرية داخل الجيش السوري”، مرجع سابق، ص 49.
(33) محمد “تفتيش ورقابة روسية على جيش النظام السوري”، مرجع سابق.
(34) شعبان، “التجمعات والشبكات العسكرية داخل الجيش السوري”، مرجع سابق، ص 45.
(35) وُزِّعت الفيالق الخمسة على جبهات مختلفة، فقد أسندت إلى الفيلق الأول جبهة هضبة الجولان، ووُضع الفيلق الثاني في ناحية لبنان، وتركز عمل الفيلق الثالث في حمص، وأما الفيلق الرابع-اقتحام فقد أوكلت إليه مهمة القتال في حماة وإدلب واللاذقية، في حين تركز عمل الفيلق الخامس في دمشق وحمص وتدمر.
(36) خضر خضور، “القوة في الضعف، قدرة الجيش العربي السوري العرضية على الصمود”، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 14 مارس/آذار 2016، (تاريخ الدخول: 18 أكتوبر/تشرين الأول 2019): https://bit.ly/2GkMODH.
(37) يقود هذه القوات العميد سهيل الحسن، وهو أحد الضباط المقربين جدًّا من روسيا، وفي أغسطس/آب 2019 تم تغيير اسم هذه القوات من قوات النمر إلى الفرقة 25 مهام خاصة-مكافحة الإرهاب.
(38) خضور، “القوة في الضعف، قدرة الجيش العربي السوري العرضية على الصمود”، مرجع سابق.
(39) مركز عمران للدراسات، “الفيالق العسكرية المستحدثة في الجيش”، في المؤسسة العسكرية السورية عام 2019، مرجع سابق، ص 81.
(40) إبراهيم حميدي، “الفيلق الخامس: جيش الشرق الروسي لقمع رفاق السلاح وتثبيت السلام”، موقع الحياة، 9 يناير/كانون الأول 2017، (تاريخ الدخول: 3 ديسمبر/كانون الأول 2019): https://bit.ly/2BzERqa.
(41)Joseph Daher, “Three Years Later: The Evolution of Russia’s Military Intervention in Syria,” international view point 1(10), (2018), “accessed March 20, 2019”. https://bit.ly/2TGjOsS.
(42) “الفيلق الخامس يربط تأخر رواتب مقاتليه بتغييرات مفصلية في سورية”، زمان الوصل، 21 ديسمبر/كانون الأول 2017، (تاريخ الدخول: 21 ديسمبر/كانون الأول 2019): https://bit.ly/2S2qD6v.
(43) “الجهود الروسية للاستحواذ على القوات المسلحة في سورية خلال عام 2018″، مرجع سابق، ص 5.
(44) تُعتبر قوات شباب السُّنَّة من أكبر فصائل الجيش الحر سابقًا في درعا والتي انضمت إلى الفيلق الخامس عن طريق قائده، أحمد العودة، بعد تسليم مناطق سيطرته للنظام السوري وروسيا في شهر يوليو/تموز عام 2018، كما انضم إلى الفيلق الخامس جيش التوحيد وهو أحد فصائل المعارضة في ريف حمص الشمالي بعد فرض النظام السوري وروسيا تسوية على ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي في منتصف عام 2018.
(45) مركز عمران للدراسات، “الفيالق العسكرية المستحدثة في الجيش”، مرجع سابق، ص 87.
(46) المرجع السابق، ص 88.
(47) “Syrian Army’s 5th Assault Corps: Formation, Operations, Capabilities,” veterans today, April 25, 2017, “accessed March 20, 2019”. https://bit.ly/2DADXdf.
(48) “الفيلق الخامس: الفاعلية العسكرية والمستقبل المتوقع”، مركز جسور للدراسات، 3 يونيو/حزيران 2019، (تاريخ الدخول: 11 ديسمبر/كانون الأول 2019): https://cutt.us/f4hsE.
(49) “سورية: محركات الصراع الداخلي في المؤسسة العسكرية ومآلاتها المتوقعة عام 2019 “، مرجع سابق، ص 13.
(50) “الجهود الروسية للاستحواذ على القوات المسلحة في سورية خلال عام 2018″، مرجع سابق، ص 12.
(51) “سورية: محركات الصراع الداخلي في المؤسسة العسكرية ومآلاتها المتوقعة عام 2019” مرجع سابق، ص 17.
(52) “الجهود الروسية للاستحواذ على القوات المسلحة في سورية خلال عام 2018″، مرجع سابق، ص 12.
(53) تم حل الميليشيات المرتبطة بجمعية البستان التابعة لرامي مخلوف، ابن خالة بشار الأسد؛ حيث تم ضم 400 عنصر من هذه الميليشيات إلى القوة التي يقودها العميد سهيل الحسن التابعة للفيلق الخامس.
(54) نصَّ “اتفاق دايتون” على وحدتين إداريتين، هما: اتحاد البوسنة والهرسك، والجمهورية الصربية، ففي البوسنة والهرسك، تم دمج التشكيلات العسكرية على مرحلتين: في الأولى شكَّل المسلمون والكرواتيون قوة عسكرية مشتركة، وبعد ذلك انضم إليهما الصربيون، وفي نهاية المطاف، وبحلول العام 2006، اندمجت الجيوش الثلاثة لتصبح جيشًا واحدًا بثلاث كتائب مشاة، تضم مسلمين وكرواتًا وصربيين.
(55) أبانوب سامي، “خبراء روس يقترحون تطبيق النموذج البوسني على الأزمة السورية”، آرام نيوز، 7 يوليو/تموز 2017، (تاريخ الدخول: 10 ديسمبر/كانون الأول 2019): https://cutt.us/2EdJy.
(56) ضياء عودة وآخرون “ضبط روسي وتغلغل إيراني، ما مستقبل الجيش السوري؟”، عنب بلدي، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، (تاريخ الدخول: 9 ديسمبر/كانون الأول 2019): https://cutt.us/JoIMm.
(57) -“مستقبل الجيش السوري بين الإرث السوفيتي والميليشياوية الإيرانية في ظل الحرب المستعرة على النفوذ داخل أروقته”، وكالة الفرات للأنباء، (تاريخ الدخول: 7 ديسمبر/كانون الأول 2019): https://cutt.us/2HxIU.
(58) تمثِّل “سبيتسناز” فرق القوات الخاصة التابعة لمديرية الاستخبارات العامة التابعة للأركان العامة للقوات المسلحة في الاتحاد الفيدرالي الروسي، وتقوم بمهمات الاستطلاع العميق والأنشطة التخريبية مع تدمير نقاط العدو المحصنة واتصالاته. للمزيد، راجع: “القوات الخاصة الروسية (سبيتسناز)”، مركز نورس للدراسات، 10 سبتمبر/أيلول 2017، (تاريخ الدخول: 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://cutt.us/56hrU.
(59) مهند الحاج علي، “عن الاستخبارات الروسية في سورية”، المدن، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 7 ديسمبر/كانون الأول 2019): https://cutt.us/YIyJf.
(60) شعبان، “التجمعات والشبكات العسكرية داخل الجيش السوري”، مرجع سابق، ص 51.