ملخص

ننطلق في هذه الدراسة من ملاحظة أن الحركات السلفية عامة، وفي المغرب على وجه التحديد، لا تملك ثقافة سياسية على مستوى الخطاب، ولكنها توجد على مستوى أشكال العمل اليومية، والعلاقات الاجتماعية…. وعليه، نفترض أن ما تقوم به بعض هذه الحركات من توسل دائم للمشروعية عبر عملها وعلاقاتها لاقت توافقًا بينها وبين عالمها الخارجي؛ وفي ثنايا ذلك نعثر على تصورات للعالم وللكون السياسي، أي على ثقافة سياسية.

وما نثيره في هذه الدراسة، ليس ببعيد عما جاء في كتابنا “الحركات السلفية في المغرب..”، وفي ثناياه حاولنا تتبع السلوك السياسي للحركة السلفية المغربية، وما نقوم في هذه الدراسة هو تلمس ثقافة سياسية من خلال تأويل السلفية خطابات وممارسات وتفسيرهما في أفق اكتشاف تفاعلات اجتماعية جديدة دالَّة وسرديات ذات مغزى.

نسترشد في عملنا هذا بإسهامات الباحث الأميركي، بريان ويلسون، الذي قارن بين عدد من الطوائف في أميركا الشمالية، من بينها واحدة تشبه السلفية، وهي “الحركات الوعظية”. وما نخلص إليه في حالة المغرب هو اتساع دائرة الدنيوي في طبيعة السلفية؛ ما يجعلها حركة سياسية صريحة وإن ظهرت بشكل الوعظ الديني.

الكلمات المفتاحية: الثقافة، الامتثالية، التصلب، الطائفة، الدين، السياسة

Abstract

In this study, we start from the observation that political culture among Salafist movements in general, and in the Moroccan case specifically, does not exist at the level of discourse, but rather exists at the level of daily forms of work and social relations…. Accordingly, we assume that what some of these movements are doing from a constant plea for legitimacy through her work and relationships, she found agreement between her and her outside world. Within this, we find perceptions of the world and the political universe, that is, a political culture.

In any case, what we are raising in this study is not far from what was stated in our book “Salafist Movements in Morocco…”, within which we tried to trace the political behavior of the Moroccan Salafist movement, and what we are doing today is examining the culture of Salafist politics through interpreting and interpreting this behavior. Whether by connecting it to each other, or discovering new social interactions that are significant and meaningful.

We are guided in particular by the contributions of the American researcher Brian Wilson, who researched these movements. He conducted a comparative study of the situation of several sects in North America, including one that interests us that is similar to Salafism, which is the “preaching movements.” In Morocco, what we conclude is the expansion of the worldly circle in the nature of Salafism, such that it becomes an explicit political movement even if it is disguised as religious preaching.

Keywords :Culture – Conformity – Sclerosis – Sect – Religion –Politics

مقدمة

نختصر الثقافة السياسية للسلفية في مصطلح “الامتثالية”، فقد كانت السلفية من أبرز القوى المساندة والخادمة للسلطة السياسية، وظلت بعيدة عن الخوض في المسائل السياسية، خاصة قضية العدالة الاجتماعية، وما فتئت السلطة ترى في السلفية قوى محافظة تكفل السلم الاجتماعي، وتضمنه على المدى القصير، تدفع المصالح المتغيرة لهذه السلطة بالسلفية لتكييف نفسها ومن ثم إعادة توظيف ثقافتها السياسية في اتجاهات متعددة؛ مما يبين حسَّها السياسي المتزايد بحيث يتم توظيف الثقافة نفسها بشكل أداتي لإنتاج تموقعات جديدة تسمح لها بالوجود المادي حتى في أشد الظروف.

فعبر كل ذلك، نحاول تفسير ما للسلفية من قدرة على إنتاج براغماتية تختفي تحت ستار كثيف من التعبيرات غير السياسية (Apolitique)، فضلًا عن ذلك تفسير منحى النظام السياسي الدائم نحو طلب خدمات السلفية، وما نثيره في هذه الدراسة، ليس ببعيد عمَّا جاء في كتابنا “الحركات السلفية في المغرب…”(1) ، وفي ثناياه حاولنا تتبع السلوك السياسي للحركة السلفية المغربية، وما نقوم به في هذه الدراسة هو تلمس ثقافة سياسية سلفية من خلال تأويل هذا السلوك وتفسيره سواء أكان عن طريق ربط بعضه ببعض، أم اكتشاف تفاعلات اجتماعية جديدة دالة وذات مغزى.

نسترشد في هذا العمل بإسهامات باحث أميركي بحث في مثل هذه الحركات؛ حيث قارن بريان ويلسون بين العديد من الطوائف في أميركا الشمالية وخلص إلى تصنيف حدَّد بموجبه سبع طبقات، تندرج إحداها في اهتمامنا؛ وهي الحركات الوعظية ((Les sectes conversionistes، يتعلق الأمر” بطائفة نموذجية للمسيحية الإنجيلية الملتزمة، تتميز بنظرة فريدة إلى العالم فتؤكد أنه فاسد بحكم فساد بني البشر. وعليه، يمكن تغيير العالم إذا قمنا بتغيير البشر…وتمكن الأنشطة المميزة لهذا النوع من الطوائف الإحيائية بالدعوة العمومية…ويغلب على الأجواء العامة داخلها الطابع الانفعالي العاطفي، دون أن يصل أفرادها إلى درجة الزهد، ففي حالة الطوائف المسيحية، تشدد النصوص المستحدثة على تشجيع الدعوة والوعظ الإنجيلي في العالم كله”(2).

يلاحظ أن الطوائف الوعظية تتأرجح بين: “التصلب” و”الامتثالية”، وهما متغيران يرتهنان بالمناخ الاجتماعي السائد اليوم؛ ذلك أن أشكال التضامن العضوية السائدة في المجتمعات الحديثة، والضبط الاجتماعي الذي تمارسه المؤسسات الرسمية لم يعد يرجح إمكانية الانعزال التام للجماعات الدينية.

وبناء عليه، سنحاول تناول الحركات السلفية في المغرب من زاوية الثقافة السياسية التي تنتجها وأوجه خدمتها لمصالح السلطة، والموارد التي تحصل عليها السلفية من ذلك، وارتهان كل ذلك بما يعرفه المغرب من حركية في حقلي الدين والسياسة.

أولًا: سياسة مضمرة

تعد السلفية من المفاهيم التي يعسر تعريفها لفرط استعمالها في سياقات مختلفة ومتباينة، وكيفما كان الأمر، فإننا توصلنا من خلال دراساتنا السابقة إلى ما يرمز إلى مفهوم السلفية باعتبارها نزعة احتجاجية على التطويرات التي طرأت على مستويي الدين، نقصد بذلك المستوى الفكري والتعبدي.

تهتم بعض هذه النزعات بعملية إعادة تقنين الدين على المستوى العقائدي، سعيًا إلى الترشيد الميتافيزيقي، والأخلاقي للعقائد كما هي موجودة بالفعل، وقد تنصرف نزعات أخرى إلى إعادة تقنين الشعائر الدينية، بتوحيد نماذجها، وكلماتها، وإشاراتها وإجراءاتها، لكي يحافظ على النشاط الشعائري الأصلي في مواجهة البدع(3).

أما من الناحية السوسيولوجية، فتتمظهر هذه النزعة الدينية في الزمن المعاصر، في حركات ذات طابع طائفي، وهي بالتعريف تمثل حركات تحاول ضمان الاستقلالية تجاه العلاقات الاجتماعية السائدة. حركات اجتماعية تتبنى تدينًا راديكاليًّا ترفض بموجبه المؤسسات الاجتماعية والسياسية، وتسعى إلى الحفاظ على أقصى حدٍّ من الحرية تجاه ما درج عليه المجتمع الرسمي، من عادات وسلوكيات دينية، ساعية بذلك إلى استلهام طقوسها الخاصة من مذهبية دينية أخرى، أو من تأويل مختلف للديانة الرسمية(4).

لقد كان افتقاد الحركات السلفية إلى الخطاب السياسي -بما هو مجموعة من الأفكار، والتصورات السياسية المرتبطة منطقيًّا، والمتعلقة بتحليل الواقع السياسي، وتحديد طرق معالجته، والتأثير فيه- عائقًا واضحًا يحول دون دراسة العلاقات السياسية للحركات السلفية. كما أن عدم امتلاكها منبرًا إعلاميًّا، يمكِّنها من التعبير عن الرأي السياسي، جعل جُلَّ نشاطها منحصرًا في حلقات التدريس، ونشر وتأليف الكتب، وغيرها من المناشط المليئة بالوعظ الديني(5).

فأكثر ما يستقطب اهتمام الحركات السلفية هو الاستقامة الفردية، وليس الفعل الجماعي الذي يتوخى أهدافًا دنيوية، وهذا ما يجعل منها حركات تزدري السياسة وأبعادها، وتبعدها من اهتماماتها، مثلها في ذلك مثل العديد من الحركات الدينية التي لا تهدف إلى الاستيلاء على السلطة، أو التحوير الثوري للمجتمع، فبعضها يعمل على تكوين جماعة مؤمنين حقيقيين، ولنا في حال “اللوبافيتش” في العالم المسيحي، أو “التبليغ” في العالم الإسلامي، خير مثال على هذه الحركات؛ ذلك أنها تقترح صيغة أخرى للحياة تكون التضامنات الأهلية، والجماعية فيها مؤسسة على التجربة الدينية الشخصية(6).

لكن غياب السياسة على مستوى الخطاب، لا يعني غيابها بشكل نهائي؛ لأنها تنتمي إلى مستوى آخر، إنه مستوى الممارسة اليومية؛ بحيث يمكن أن نجد بعض مدلولاتها في التفاعلات، والعلاقات الاجتماعية…(7) ، ففي الغرب أهَّل نجاح بعض النزعات الطهرانية في خلق ثروة مادية كبيرة لمفاوضة السلطات من موقع قوة، فعندما بدأت هذه الطوائف تسهم في خلق الثروة؛ أصبح الوعي ينضج بكونها مجموعات دينية جديدة لا تخلو من مردودية سياسية ويجدر التعامل معها(8).

إذن، فعلى الرغم من رفضها للسياسة، وامتناعها عن الخوض فيها، فلا شيء يبعد ويمنع السلفية من تأويل العالم الحالي وما يسود فيه من نزاعات، وظواهر دينية ودنيوية، وهو ما يفسر لماذا أصبحت الظاهرة تستقطب اهتمام مختلف التيارات السياسة وترسم على ضوئها الإستراتيجيات الدولية، والسياسات الوطنية. ومن هنا يحق لنا أن نتساءل كيف أمكن لمذهبية دينية بعيدة عن الشؤون السياسية منافسة الأيديولوجيات الأخرى الدينية منها والعلمانية(9) ؟

ثانيًا: الامتثالية… سمة السلفية

إذا كان من المستحيل الحديث عن خطاب سياسي لدى الاتجاهات السلفية، فإن الامتثالية السياسية تشكِّل مبدأ ناظمًا لسلوكها السياسي، إذ تختصر السلفية فعلها السياسي في هذا المبدأ، وتبعد من خلاله كل حديث مفصل عن السياسة بكل ما يتفرع عنها من قضايا.

تقدم السلفية نمطًا من الدين تستخدمه لأغراض المحافظة على ما هو قائم، فجمعت بين التَّزمُّت والطهرانية في جانب الدين، وبين الامتثالية والاستكانة في جانب السياسة(10). وعليه فقد مارست السلفية دعوتها بمرونة كبيرة؛ فجمعت بين التعصب العقدي والبراغماتية السياسية، وبهذا أبدت مرونة فائقة في التكيف مع متطلبات السلطة السياسية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على تصلبها العقائدي.

وضمن أيديولوجية الاستكانة، نجد اختلافًا بين شيوخ السلفية المهادنة، فثمة من يقاطع تمامًا أي شكل من المشاركة السياسية، ويرفضها، ومن يفتي بجواز الانتخاب، واختيار الأصلح، لكنه لا يقبل باندماج السلفيين في العملية السياسية “ابن باز، ابن عثيمين، الألباني”(11).

يعد ابن تيمية، أول من وضع المرتكزات النظرية لمبدأ الامتثالية، بحيث لم يُعِرْ مسألة تعيين الإمام أو الخروج عليه، ومسألة مشروعية الحكم اهتمامًا كبيرًا، وإنما ركز على التذكير بحقوق كل من الإمام والرعية، متناولًا في كتابه “السياسة الشرعية” دراسة حقوق الله، وحقوق الجماعة في عمومها(12) ، ثم ركز في كتاب آخر على الحقوق الفردية، متناولًا على التوالي الضمانات التي تحفظها الجماعة للفرد والأسرة وللأموال العامة(13).

كانت نظرية ابن تيمية الاجتماعية والسياسية نتاجًا مباشرًا لعقيدته في النبوة والأصول؛ إذ كان فهمه لواجب الطاعة منسجمًا مع نظريته في التوحيد، فهو يدرج في الواجب الملقى على عاتق الأمة تقليد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، والخضوع الكامل للشريعة الإسلامية.

هكذا كانت مسألة نشأة الدولة ثانوية في مذهب ابن تيمية السياسي، فسواء تم تبرير قيام السلطة عن طريق التعيين الإلهي أم عن طريق انتخاب شكلي فلم يكن لذلك أهمية، ما دامت السلطة موجودة بالفعل، وبهذا كانت نزعة مذهب ابن تيمية واقعية، ومتعارضة مع شكلية الانتخاب عند أهل السنة، ومع النزعة المثالية عند الشيعة(14).

وفيما يخص مسألة الخروج على الحكام “البراء”، ذهب ابن تيمية مذهب أغلب أهل السنة وأهل الحديث وكبار الأئمة؛ إذ قال بوجوب طاعة الحكام الفجرة، أو الجهلة في الحدود التي لا تعد فيها أوامرهم مخالفة صريحة لأمر الله ورسوله، ويجب لكي يصبح العصيان مباحًا أو واجبًا أن تكون قرارات الإمام مخالفة تمامًا لأحكام شرعية، تستند على نص صريح من القرآن والسنة، وإجماع السلف(15).

وعلى عكس علماء أهل السنة الذين فصَّلوا في مسألة البراء، وقف ابن تيمية في حديثه عن هذه المسألة عند هذا الحد، مكتفيًا بمعالجتها في إطار جلب المصالح، ودرء المفاسد، يقول: “]…[ وهذا بعينه هو الحكمة التي رعاها الشارع في النهي عن الخروج على الأمراء، وندب على ترك القتال في الفتنة، وإن كان الفاعلون لذلك يرون أن مقصدهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لكن، إذا لم تكن إزالة المنكر الا بما هو أنكر منه، صارت إزالته على ذلك الوجه منكرًا، وإذا لم يحصل المعروف إلا بمنكر مفسدته أعظم من مصلحة ذلك المعروف، كان تحصيل ذلك المعروف على هذا الوجه منكرًا”(16).

نتيجة لذلك، كانت الثورة المسلحة التي دعا إليها الخوارج ضد كل إمام جائر مرفوضة في مذهب ابن تيمية، بحيث إنه يحرم على كل مسلم أن يستل سيفه في وجه أخيه المسلم؛ ومن ثم كان الولاء السياسي واضحًا عند هذا الفقيه المحافظ، لا يرد عليها من حق للرعية سوى حق توجيه النصح للإمام من طرف الأفراد في الأمة، اقتداء بتعامل النبي مع صحابته.

لا يعد مبدأ الامتثالية إذن إنتاجًا للسلفية المعاصرة، بل يوجد في قلب النظرية السياسية الإسلامية. ورغم الظروف الاجتماعية والسياسة الخاصة التي رهنت ابن تيمية في إنتاجه لمبدأ الامتثالية، فإن الناطقين باسم السلفية المعاصرة، يكتفون بترديد هذه النظرية تحت شعار “لا نكران ولا هجران ولا خروج”(17) ، بمعنى أن التمرد والخروج على ولي الأمر فيه مفاسد كثيرة ولا خير فيه للأمة الإسلامية مهما بلغ ظلمهم وجورهم(18) ؛ “فجور الإمام لا يجيز لنا الخروج عليه ولا يجيز لنا أن نسبَّه، ولا أن نشتمه، ولا أن نتكلم فيه، وعلينا أن ننصحه إذا كنَّا من أهل النصح، وليكن ذلك سرًّا بيننا وبينه”(19). وعلى المنوال نفسه، ترى السلفية المعاصرة أن الاشتغال بالعمل السياسي ليس من اختصاص العامة، وإنما محصور وخاص بأهل الحل والعقد، أما أن يشتغل من ليس بيدهم حل ولا عقد، ويشغلوا جمهور الناس بالمهم عن الأهم، ففي ذلك صرف لهم عن المعرفة الصحيحة(20). وعلى المستوى النظري، تعتبر السلفية أن من ترف العلم صياغة نظريات سياسية، ثم التحدث في شأنها، وصياغة احتمالات بصددها مثل: لمن الحق في إزالة الحاكم غير الخاضع لحكم الشريعة؟ فالخوض في ذلك، بعيد عن منهج السلف الصالح الذين لا يتحدثون في القضايا إلا عند وقوعها، وهذا هو أسلوب الدعوة الذي يجب أن يتبع، وليس التنظير، وبناء الأحكام على تصورات خيالية(21). لا يجعل كل ذلك من السلفية المعاصرة حركة سياسية، ولا تنظيمًا من أي نوع وإن شكَّلت ما يمكن وصفها بـ”أخوية”، ترفض الانخراط في أي نشاط سياسي معارض سلميًّا كان أو عنيفًا، وتقصر دورها على تقديم النصيحة(22) ، ورفض أي مسؤولية عما آلت إليه السلفية من تقارب مع الحركات السياسية الإسلامية، أو مع الحركات السلفية الجهادية(23).

من الواضح إذن، أن السلفية المعاصرة تكتفي بترديد الأيديولوجيا التقليدية التي روجها العلماء القدامى، عندما قالوا بوجوب الطاعة الكاملة، وعدم شرعية الإعلان عن الجهاد وعدم طاعة السلطان، وجر الأمة إلى الفتنة، وخدمة العدو(24) ، ليبقى مجال التحرك السياسي الوحيد المتاح هو النصيحة، من خلال المشورة، ومراعاة الضوابط الشرعية، بعيدًا عن لغة الإلزام، والتشهير(25).

لا تستند السلفية، بكل تلاوينها، في معارضتها للنشاط السياسي على تحريم ديني واضح وإنما على قراءة واقعية بعدم جدوى التجربة الحزبية وأولويتها(26) ؛ وبذلك تكون في انسجام تام مع “باراديغم الطاعة”؛ فقد حرمت أي نوع من أنواع الخروج على الحاكم، أو محاولة الخروج عليه.

لذلك يعود الخطاب السلفي في معرض حديثه عن الإصلاح إلى منبعه الديني، وذلك من خلال القول: إن “الاشتغال الآن بالعمل السياسي مع أننا لا ننكره، إلا أننا نؤمن بالتسلسل الشرعي المنطقي في آن واحد: نبدأ بالعقيدة ثم بالعبادة ثم بالسلوك تصحيحًا وتربية، ثم لابد أن يأتي يوم ندخل السياسة بمفهومها الشرعي”(27) ، أما التحرك السياسي قبل تحقيق “التصفية” و”التربية”(28) ، فلن تكون له سوى نتائج سيئة.

ويدل هذا التصور على مدى احتفاظ الخطاب السلفي، بالنظرة الضيقة لمسؤولية العلماء في صورتها العامة، كما تطورت في تقاليد العالم الإسلامي، فالمسؤولية الأولى لرجل العلم كانت محددة أساسًا في اكتساب المعرفة الدينية، واستغلالها وفق الطرق الموضوعة لها، وليس السعي إلى تغيير المجتمع(29) ؛ فلا يوجد حس أو إدراك واضح لأهداف جماعية؛ يجب إنجازها في مستوى أقل من الأمة الإسلامية برمتها، أما مسؤولية العلماء فتبقى محدودة في الإصلاح الديني.

ثالثًا: من السياسة ترك السياسة

يهاجم السلفيون زعماء الحركات الإسلامية المشتغلة بالنشاط السياسي بالقول: “أي إصلاح سيكون من هؤلاء إذا لم يكونوا على علم بسُنَّة رسول الله؟! وأي إصلاح في الأمة إذا لم يكن في إصلاح عقيدتها، وتطهيرها من الخرافات والبدع وتأويل المتأولين وتحريف الجاهلين وانتحال المبطلين؟”(30) ، ناصحين منظِّري العمل الإسلامي أن يكونوا علماء بالكتاب والسنة، وأن لا يتركوا تقدير الأمور لتجاربهم وعقولهم وإلهاماتهم(31). وعمومًا، يوصي السلفيون أتباعهم بالإخلاص للعقيدة السلفية في بابها السياسي، حتى ولو لم يفهموا بعض المواقف التي تبدو غامضة، ويرون أن عدم الالتزام بذلك يعد خيانة لمجمل العقيدة السلفية.

تكتسب الأفكار السلفية صلاحيتها من كونها مفصلة على مقاس الواقع، لا من كونها مؤسسة معرفيًّا، بشكل يجعلها صالحة للواقع، ولا تبتعد عن خصوصياتها التي تتجسد في الجانب الأخلاقي والمسائل السلوكية المتعلقة بالملبس والمأكل والمشرب وسياسات العلاقات الإنسانية.

أما الذين لا يقبلون بنظرية الخضوع السياسي التام الذي تقول به السلفية، فينضمون إلى السلفية الجهادية، مع العلم أنه بين اتجاهي الدعوة والجهاد داخل السلفية يجب عدم البحث عن فرق لاهوتي بين المجموعتين، ما دام الفرق يتجلى بالأحرى في الموقف المؤسساتي للناشطين(32) فعلى مستوى الخطاب، وإذا استثنينا قضيتي نصرة الجهاد العالمي(33) والموقف من أهل الذمة(34) ، فإن كلا الاتجاهين يتشابهان في أولوية الإصلاح العقدي، وفيما طوراه من مبحث نقدي ضد القيم السياسة الحديثة مثل الديمقراطية والعلمانية(35).

وبشكل عام، تنتهي السلفية إلى ازدراء الشأن السياسي الذي يبقى الاهتمام به عارضًا، واستثناءً قياسًا مع مهمة الهداية الأخلاقية والدينية، أي بناء مجتمع مثالي، ركيزته الوحيدة الالتزام الشخصي بالتعاليم الدينية. فبعكس الإسلاميين الذين يسعون إلى تحقيق الإسلام بشكل جماعي، تراهن السلفية على الفرد الذي يجب أن تكون مساعي ممارساته الوصول إلى مرحلة الخلاص، والمتمثل في إرضاء الله، دون المراهنة على النجاح الدنيوي.

وبهذا فقد أسهمت السلفية من دون قصد في الحشد لفائدة السلطة، واستنفرت مناصريها وجعلتهم فائقي النشاط في تنظيمات بعيدة كل البعد عن العمل السياسي المباشر، وعليه فالمحافظة جاءت أقل تكلفة بالنسبة للسلطة من حركات دينية أخرى نشطة على المستوى السياسي(36).

إن التفسير السلفي للدين والتدين تنعدم فيه الروحانية، وتهمش فيه الأخلاق، وتصبح المسؤولية الفردية عن الفعل، والعقيدة أمورًا لا معنى لها إطلاقًا، ويصبح الأمر الأساسي هو إظهار الدين شكليًّا، والتظاهر بالورع والتقوى (37).

إن التفكير في السياسة والاشتغال بها هو أمر لا محيد عنه في نهاية المطاف بوصفه مرحلة مستقبلية، فهي نداء من أجل استعادة السلطة على تقاليد مقدسة ومتخيلة يفترض العمل على إعادتها من أجل مجتمع يتصور أنه تخلى عن أصوله الثقافية.

رابعًا: الامتثالية في المواقف السياسية

وفي سبل تحقيق مبدأ الامتثالية، يبدأ محمد المغراوي، زعيم تنظيم الدعوة إلى القرآن والسنة، بتبرئة الدولة من مسؤولية تفشي البدع، فقد قال، عند افتتاح إحدى دور القرآن التابعة لجمعيته: “أيها الإخوة، المغرب بلد إسلامي، والحمد لله من أقدم البلاد الإسلامية التي دخلها الإسلام في وقت مبكر. والإسلام في هذا البلد ليس بالقريب؛ فالإسلام دخل إليه في عهد التابعين، واستقبله المغرب، ولله الحمد، استقبالًا طيبًا، وتعاقبت على هذا البلد دول إسلامية، وما من دولة من هذه الدول التي مرت إلا كان لها دور كبير في إحياء القرآن والسنة”(38). إن تفشي البدع، مصدره الأساس الفعاليات النشطة في الحقل الديني، والتي لم تتحمل مسؤوليتها في محاربة البدع، بل إن بعضها يتحمل مسؤولية وجود تلك البدع الدينية، وخصوصًا منها ذات الصيغ الشعبية والصوفية معًا.

لم تقتصر امتثالية الشيخ المغراوي على الاستجابة لتوجهات السلطة، بل سعى جاهدًا إلى رفض كل أشكال الحراك الاجتماعي، المناوئ للسلطة، مثل الإضرابات والمظاهرات، وكل ما من شأنه أن يخلق بلبلة في الوطن والمجتمع، ما دامت الاستجابة لولي الأمر من الدعائم التي قامت عليها الدعوة بلا منازع.

ليس بالإضراب يتحقق التغيير، يقول المغراوي، ولكن بالتقرب إلى الله(39) ، لذلك يشدد على مريديه، رفضه التام لكل من يدعو إلى الإخلال بالأوضاع الأمنية، بالقول: “إن أردتم لدور القرآن أن تبقى فأبعدوها عن القلاقل والفتن”(40).

بشكل عام، وحتى يضمن الامتثالية خطًّا سياسيًّا لتنظيمه، يرفض المغراوي اشتغال أتباعه بالسياسة في جميع مستوياتها، ما دام ذلك يؤثر سلبًا على الأصول السلفية، وحسب زعمه فـ”الاشتغال بالسياسة باب للفتنة، ويجر إلى التنازلات غير المقبولة، والتي هي بمنطق المذهب السلفي خيانة للأصول، فأصحاب الجماعات الأخرى كان لهم استعداد مبدئي للاشتغال في السياسة، والانخراط في التوفيق العلمي، نظرًا لمرجعياتهم المتعددة، والتي أحدثت لهم خللا في المنهج والعمل، ولذلك غاب عندهم المبدأ الموجه”.

إن ذم السياسة لا يقصد به هجرانها بالشكل الكامل، بل إن أسسها، وثقافتها حاضرة في الحدود التي يظهر فيها السلفيون امتثاليتهم الشاملة، وما يدل على ذلك مدح المغراوي للنظام السياسي المغربي، إذ تحقق في كنفه ازدهار الدعوة السلفية وشهدت توسعها وانتشارها(41). فحسب رأيه، لم يحرم من الحرية التي كانت متوافرة سوى مَنْ بالَغَ في استعمالها، ولم يحسن عمليًّا استغلال الهامش المتوافر منها(42).

خامسًا: المفاوضة بالامتثالية

ببالغ الفخر، سعى المغراوي إلى سرد العديد من المواقف التي تبين عن امتثاليته للسلطة، مثل عدم تقديم أي أحد من رواد دور القرآن إلى المحكمة بملف جنائي طوال تاريخ الدعوة؛ ومن ذلك أيضًا عدم مشاركة المغراوي في أي انتخابات، وعدم ورود اسمه في أي سجل انتخابي(43). ولم يخف في هذا السياق تعرضه لمحاولات استقطاب سياسي، فقد قال: “أبدوح، النائب عن حزب الاستقلال، كان لنا معه حكاية. فلما رفضت عمالة سيدي يوسف إعطاءنا رخصة لبناء دار للقرآن تدخل النائب أبدوح وسيطًا، ليمكِّننا من مرادنا، لكنه طلب منًّا مساندة حزب الاستقلال في الاستحقاقات الانتخابية. آنذاك ثارت حفيظة السلطة، فوضحنا لها حقيقة الأمر، ولم نعد نقبل الاتصال الرسمي مع الهيئات الحزبية”.

ليست مواقف المغراوي في الواقع امتثالية فحسب، بل إنها مساندة لكل ما تقوم به السلطة، والحق أنه ناب عنها غير مرة في مواجهة مناوئيها السياسيين والعقائديين، فقد سعى إلى تعبئة دور القرآن لمواجهة المد الشيعي، الذي بدأ منذ نجاح الثورة الإسلامية في إيران، في بداية الثمانينات، كما عمل على مهاجمة عبد السلام ياسين، مرشد جماعة العدل والإحسان، خصوصًا بعد أن أظهر نزعته المعارضة للنظام السياسي في رسالة “الإسلام أو الطوفان”. ومن دون شك، فمن خلال هذه الخدمات، وجد المغراوي في السلطة حليفًا إستراتيجيًّا.

تعَلَّم المغراوي من هذا التحالف الصريح كيف يفاوض السلطة على مطالب جزئية؛ تتمثل في السماح لتنظيمه، بالنشاط الديني المعزول. ولم يكن تشديد المغراوي على مقولة: ضمان الأمن والحفاظ عليه مجرد مقولة اقتضاها مبدأ الامتثالية، إنما وضع من خلالها هدفًا محددًا، يفترض فيه أن يعزز موقفه وسيطًا قادرًا على إعادة السلم الاجتماعي، مقابل الحصول على مطالب تلائم طائفته، وتتمثل أساسًا في المطالبة بحياة طائفية معزولة.

لا تقتصر استجابة المغراوي وأتباعه لمعالم الثقافة السياسية الامتثالية على ما ذكرناه سالفًا، بل تمتد إلى مظهر آخر يتمثل في احتياطه، قبل إصدار الأحكام في ملف السلفية الجهادية التي رهنت الوجود المادي لتياره، فصرح: “عاصرت أحداثًا كثيرة طيلة أربعين عامًا، أنا شخصيًّا حسب تتبعي للأحداث التاريخية، أحاول أن التزم الهدوء والسلامة في الأمور. قضية الخميني أيضًا عندما جاءت الثورة في إيران تفاعل معها الكثير، لكنني كنت دائمًا حينها أدعو إلى التأني، وأقول: هل شيعة اليوم هم شيعة الأمس؟ قضية دخول العراق إلى الكويت، الكثيرون ساندوا صدام في عمله هذا، واعتبروا الأمر جهادًا، لكنني دعوت مرة أخرى إلى التريث، وقلت: صدام عُرف بقتل العلماء والأبرياء. أما عندما وقعت أحداث 11 سبتمبر/أيلول. سُئلت عن موقفي منها، فكان جوابي: يمكن أن أعلق على ما حدث بعد مرور خمس سنوات، أنا أقول بأن على المرء ألا يتسرع في الحكم على الأحداث حتى لا يتورط فيما بعد”(44).

مكَّنت قيادة المغراوي الصارمة لتنظيمه من إرساء دعائم الامتثالية بشتى الصيغ، ومن الأمثلة على ذلك طرد التابع الشاب، عبد الحكيم الفاخري، بعد أن بادر إلى مراسلة الملك في مواضيع الشرك ومحاربة التنصير والاشتراكية والعلمانية، وغيرها(45). كما درج على طرد كل فرد تظهر عليه بعض معالم النزوع السياسي غير الامتثالي. لذا تبرأ من تابعه، عبد الحق رضوان، الذي أظهر ميوله إلى مقتضيات السلفية الجهادية، وقد تنكر له المغراوي قائلًا: “عبد الحق هذا لا علاقة لي به، إنه صاحب مكتبة، سبق لي أن نصحته نصحًا حتى بكى ووعد بالابتعاد وترك هذا المنهج، ما تلقَّى عني شيئًا، ولا أظنه طالب علم مؤهلًا، فهو رجل عامي لم يسبق له أن درس وقد نصحته وظهر لي أنه تراجع فإذا به ينقلب”(46).

أكثر من ذلك، فإن المغراوي كان يتولى بنفسه تبليغ الأمن عن أي تابع خرج عن خط الامتثال لتنظيمه مثلما تبرأ من تابعه، يوسف الصولي، الذي التحق بالسلفية الجهادية وقُتل في العراق، ليعلق المغراوي قائلًا: “إن هذا السلوك انتحار، ولا يعبِّر سوى عن الزيغ الواضح عن معالم منهج السلفية”.

وفي صبيحة أحداث 16 مايو/أيار 2003 الإرهابية بالدار البيضاء، أصدر بيانًا باسم تنظيمه يستنكر ما حدث، مبينًا مخالفته الصريحة لشرع الله، وللخط الدعوي للجمعية، في مسعى إلى إبعاد شبهة تورط التنظيم في الأحداث. لذا وإثر ذلك زادت شدة مراقبة المغراوي للتنظيم. كما حرص على تبيان عدم وجود أي تابع لجمعية الدعوة من بين المتابعين، وذلك في رأيه دليل على سلامة المنهج الذي يتبناه تنظيمه(47) ، مصرحًا بركونه المبدئي إلى الوسطية والاعتدال، والاستماع إلى ولي الأمر.

سادسًا: سلفية أقصى اليمين

تأكيدًا لمبدأ الامتثالية، درجت تصريحات المغراوي على تأكيد حكمة الدولة وسلامة نهجها في التعامل مع ملف السلفية ومتغيراته الجديدة؛ إذ أكد “أن معالجة الدولة بكل أجهزتها لمرحلة ما بعد 16 مايو اتسمت بالعدالة؛ إذ لم تخبط خبط عشواء، ووضعت الكل في سلة واحدة لتجهز على الدعاة”(48).

فمن وراء مبدأ الامتثالية، مارس المغراوي السياسة في مجال غير مرئي؛ إذ إنه عاود إنتاج تحالفات مستترة مع المسؤولين من مختلف الرتب، سعى من خلالها إلى الحفاظ على الوجود المادي لتياره الدعوي.

إن ما وقفنا عنده يمثل أهدافًا سياسية غير واضحة المعالم لا تفصح عنها السلفية ولا تظهرها، لكنها موجودة بكثافة على صعيد الفعل اليومي والتفاعلات مع باقي الفاعلين. وقد جرت عليه ذرائعيتها ازدراء كبيرًا من علماء السلطة، والذين نعتوها بالحساسية “المشوشة” على ثوابت الأمة، كما تم نعت زعمائها بـ”المرجئة” “سماسرة الدرهم والريال” من طرف متحمسين سلفيين مناوئين(49).

سابعًا: المحافظة ثقافة مناسبة للسلطة

رأت السلطة في السلفية المهادنة حليفًا ممتازًا، باعتبارها متدنية الكلفة، فهو وكيل مهم تضرب به من يعاديها من النشطاء الإسلاميين، وهو أيضًا بنية ذات مساهمة في المحافظة على السلم الاجتماعي، من خلال امتصاصها لبعض مظاهر الفقر والتهميش، وعمومًا فقد أضحى وسيطًا مباشرًا بين السلطات العمومية، والمجموعات الاجتماعية المهمشة(50).

فعلى العكس من المناضلين الإسلاميين المعارضين والثوريين، استفاد السلفيون من حلم الدول التي ترى فيهم قوى محافظة تكفل السلم الاجتماعي، وتضمنه على المدى القصير، فهم إذن يؤدون خدمات، ويتحملون نفقات الأطفال في المدارس القرآنية، ويجمعون العاطلين في المساجد للصلاة، ويعملون على إعادة تنظيم وجودهم، ويقومون بنشاطات خيرية لا تتعارض مع القيم الإسلامية المطلوبة مجتمعيًّا، وتلك الأعمال، كما لا يخفى، تدفعهم إلى عدم تقبل تلك السلوكيات الاحتجاجية، والابتعاد عن كل ما من شأنه خدمة أجندات السلفية الجهادية(51).

كان هذا التحالف السياسي غير متكافئ بين الجانبين بحكم أن السلفية خضعت لإستراتيجية السلطة، فكانت مدعوة إلى مواءمة أهدافها وتحركاتها مع سياسة السلطة المعلنة والخفية، ومنها الابتعاد عن السياسة الرسمية، فلم يبق لها سوى العمل في تخوم المجتمع. هكذا وجدت السلطة في الحركات السلفية فضاءات دينية تستوعب احتياطيًّا كبيرًا من الحماسة والتفاني التام الذي تقوم بإفراغه عن طريق الإغراق في مظاهر التقوى والعبادة، وفي اتجاه مسالم للسلطة(52).

كما وجد السياسيون في التزمت الشعائري والوجودي الذي يتلخص في تطبيق تعاليم الدين بحرفيتها، وتكريس الذات للعبادة احتياطيًّا كبيرًا من الطاقات القادرة على التفاني التام لمواجهة القوى الإسلامية المعارضة، وعلى الخصوص جماعة “العدل والإحسان” وكأنها تريد أن تقول أن لا أحد يحتكر المحافظة أفضل منها، فهي تملك القدرة على التعبير عن آراء الأغلبية من الناس غير النشطين سياسيًّا وتتحرك في مجال منفصل عن ذلك الذي يتحرك فيه الإسلاميون عمومًا. لهذا ضمنت الحركات السلفية وجودها نشيطة.

ثامنًا: السلطة تقوِّم حليفها

لم تعد العلاقة بين الحركات السلفية والسلطة على ما يرام، بعدما تبين أن للمذهبية السلفية دورًا في إلهام القائمين بأحداث 16 مايو/أيار 2003 الإرهابية بالدار البيضاء، فقد تحولت كما يبدو بعض مظاهر التقوى السلفية إلى عنف سياسي، وكان لهذا أثره على توجس السلطة التي بادرت بدورها إلى معاقبة الذين بدا عليهم هذا التحول، بقسوة وعنف.

ورغم المجهود الذي بذلته في إنتاج مواقف تترجم الامتثالية، إلا أن السلطة عمدت إلى تقليم أظافر حليفها بكل ما أوتيت من قوة، فلجأت في البداية إلى منع الطلبة من المبيت بدور القرآن التابعة للجمعيات السلفية، مما اضطر عددًا من دور القرآن إلى إيقاف أنشطتها. أما رد فعل المغراوي، فقد كان استباق إجراءات السلطة والمبادرة بالتوقيف الطوعي لبعض دور القرآن التابعة لتنظيمه، في إجراء وقائي، أراد من خلاله طمأنة السلطة، وإفهامها أنه يتفهم الضغط الذي تعرضت له بعد الأحداث(53). وبادر إلى اتخاذ بإجراءات رمزية منها إلزام تابعيه باللباس المغربي التقليدي بدل اللباس الأفغاني.

وخلال هذه المدة، راجت لدى السلطة عدة تصورات عن مستقبل السلفية مما يدل على اضطراب موقفها من حليفها، ومن هذه التصورات أن تقوم وزارة الأوقاف بإخضاع مقرات السلفية للمراقبة، ومنها أيضًا أن تعين سلطة الأوقاف مدرسين بدور القرآن وأن تعين المقرر التعليمي، لكن لم يعمل بتلك التصورات. لذا ظلت دُورُ القرآن تعمل بشكل طبيعي، حتى أُغلقت بعد مرور سنة كاملة على أحداث 16 مايو/أيار2003، ففي 2004، ظهرت معالم السياسة الدينية الجديدة للدولة والتي وضعت السلفيين في صف الخوارج عن التوجه الديني للدولة.

أُصدر قرار التوقيف بشكل غير رسمي من طرف وزير الداخلية الذي وجَّه تعليمات إلى والي مراكش بهذا الخصوص، لكن السلطة لم تدفع بالوسائل القانونية لمنع نشاط التنظيمات، بل دفعت زعماء هذه الجمعيات لتوقيف نشاطهم. بمعنى أنها لجأت إلى وسائل غير رسمية وخارجة عن الموجبات القانونية؛ مستغلة بذلك العلاقات الشخصية التي كانت تجمعها بهؤلاء الزعماء، والذين كانوا على كل حال مساندين، وخاضعين على الدوام لتعليمات السلطة.

على إثر ذلك، بادر المغراوي بمجرد توصله بالقرار إلى إغلاق جميع مقراته، وإزالة اللافتات من فوق أبوابها، كما أجبر على التنازل عن دور القرآن المملوكة له لفائدة إدارة الأوقاف، لكن الخدمات التي أداها المغراوي للسلطة طوال 30 سنة شفعت له في الاحتفاظ بمقر واحد يوجد بمدينة مراكش، ولا يزال هذا المقر نشطًا إلى حدود اليوم، من دون أي تغيير على أنشطته التي ظلت مطبوعة بالسلفية(54).

تاسعًا: نضال في المجال العمومي

بدأت الدولة تفكر في صيغة جديدة تواجه بها الفكر السلفي وحامليه بعد انتهاء أغلب المحاكمات؛ وكان تعيين أحمد التوفيق وزيرًا للأوقاف، وهو المعروف بنزعته الصوفية وارتباطه بالصوفية (الطائفة القادرية-البوتشيشية)، رسالة واضحة إلى أن الدولة تريد أن تقطع مع التيار الوهابي ما دام تيارًا محافظًا امتثاليًّا(55). وستتضح الأمور أكثر انطلاقًا من الخطاب الملكي، في 30 أبريل/نيسان 2004، والذي وضع ما أسماه “الإستراتيجية الشمولية والمندمجة لتأهيل الحقل الديني”.

جرى عبر هذا الخطاب تقنين الدين، عبر ثلاثة مستويات متداخلة مع بعضها البعض: الطقس الديني، والعقيدة، والتنظيم. وقد وُضعت الإجراءات المتخذة انطلاقًا من الحاجة إلى الاستقرار والاستمرارية وسط وضع يتسم بالصراع الداخلي الذي اتخذ أشكالًا أكثر وضوحًا بعد أحداث 16 مايو/أيار2003، وترافق مع بداية الجواب عن تساؤلات نشأت بناء على مضامين العقيدة ذاتها، والحاجة إلى تفسير مضامين التعليم التقليدية؛ بحيث تجعلها قادرة على مقاومة المؤثرات الخارجية. ومن ثم فقد اعتمدت الإستراتيجية الجديدة على مبدأ التوطين أكثر من التحديث؛ أي وضع إسلام مغربي محدد تاريخيًّا وجغرافيًّا.

لم تُفعَّل مضامين السياسة الدينية الجديدة في وجه الحركات السلفية بشكل راديكالي سوى في شهر سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول من 2008، أي بعد 5 أعوام كاملة من حدث 16 مايو/أيار2003؛ إذ تم إغلاق ما يناهز 67 مقرًّا للسلفية عبر التراب المغربي.

أسهم الإغلاق الجماعي لمقرات السلفية في التساؤل عن حق السلفية ومكانتها في المجال العمومي، وقد أثار قرار الإغلاق استنكارًا من لدن العديد من الجمعيات الحقوقية التي عدَّت القرار ضد القانون، ويمس بحرية ممارسة العمل الثقافي والجمعوي معًا. كما صدر استنكار أيضًا من طرف كل من حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، إلى جانب تنديد شخصيات وطنية ومحلية تترأس 15 جمعية ثقافية وإسلامية، مطالبين وزير الداخلية بإعادة فتح دور القرآن من أجل “ممارسة رسالتها التربوية والثقافية والدينية”.

وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول 2008، تقدمت ثلاث فرق برلمانية بسؤال في مجلس النواب عن موضوع منع الجمعيات السلفية، ورأوا في قرار الإغلاق قرارًا “موافق للصواب”؛ لأنه يصحِّح وضعًا يتميز بالشطط في استعمال الحريات من أجل إنتاج فكر أقل ما يمكن أن نقول عنه: إنه بعيد عن المعاصرة”، وردَّ وزير الداخلية بصوابية القرار المبرر بعدم الخضوع للقانون رقم 01.13 المتعلق بمؤسسات التعليم العتيق الصادر بتاريخ يناير/كانون الثاني 2002.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2008، وسَّعت السلطات من نطاق المنع ليشمل تنظيمات إسلامية متعددة الاتجاهات، والتي انتظمت في حركة مطلبية وطنية ودعت الجهات المسؤولة إلى رفع قرار المنع محذرة في بيان مشترك لها من امتداد ما أسمته بـ”الاستقطاب الفكري المتطرف والأخلاقي المنحرف إلى شريحة الشباب التي تسعى جمعياتهم إلى تحصينها ورعايتها من هذه المزالق الخطرة”. كما رفعت سبعة تنظيمات وطنية مذكرة مطلبية إلى السلطات المحلية ووزارة الداخلية بشأن قرار الإغلاق الذي استهدفها قبل أن ترفع دعاوى قضائية فيما بعد.

وبحضور وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أثيرت قضية التنظيمات السلفية في البرلمان المغربي، وتم التنبيه لما لقضية الإغلاق من وقع سلبي على سمعة المغرب الخارجية والدينية وخصوصًا أنها شملت 67 دارًا للقرآن تابعة لـ20 جمعية مدنية.

كما حظي الملف باهتمام حساسيات حقوقية علمانية؛ ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2008، استنكرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قرار إغلاق المدارس القرآنية التابعة لجمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بمراكش، ورأت في بلاغ لها، أصدرته عقب اجتماع لمكتبها، أن قرار الإغلاق ” قرار إداري متعسف”، كما عبَّرت عن تضامنها مع جمعية المغرواي التي قالت: إنها ضحية إجحاف.

ومن جهة الإسلام السياسي، فقد ترافع لصالح الملف منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، باعتبار الإجراء لا يستند إلى أي مسوغ قانوني. كما وقَّع مثقفون إسلاميون عرائض تطالب وزارة الداخلية بالاعتذار عن الأخطاء التي ارتُكبت بشأن هذه الدور(56).

عاشرًا: السلفية تفسر عقيدة الدولة

فضلًا عن النضال الحقوقي، فتحت السلفية لنفسها إمكانية الاشتغال من داخل المجال الديني الرسمي من خلال تفسير محدداته الجديدة(57) فقد أعادت تفسير ثوابت السياسة الدينية الرسمية (الأشعرية، المالكية، الصوفية) في اتجاه الإقرار بها، لكن بدون أن تتنازل عن خصوصية انتمائها المذهبي والعقدي. مستغلة بذلك الدرجة العالية من العمومية التي يكتسبها الحديث عن الثوابت الدينية في التوجهات الرسمية. فمثلًا لا يبدي السلفيون أي حساسية تجاه قبول المقولات الفقهية لمالك، ما دامت تمثل في رأيهم اجتهادات، والأصل في الاجتهاد احتمال الخطأ والصواب. بل يحيلون إلى الجوانب العقدية، وليست الفقهية عند الإمام، والتي تعد بحسبهم سلفية التوجه؛ مما يخولهم اتهام السياسة الدينية، بعدم الوفاء لهذه المذهبية. وللتذكير، فإن هذا الانتقاد تشترك فيه الاتجاهات السلفية والإسلامية(58).

ويوجد كثير من الشخصيات العالمة السلفية التي لا تبلغ هذه الملاحظات عندها مبلغ الانتقاد والاحتجاج العلني، بل تعمل على خدمة توجهها الديني من خلال ربط الاجتهادات المالكية بالأصول (الرجوع إلى الكتاب والسنة حسب فهم السلف). وقد تمكنت بفعل هذه الإستراتيجية من الحفاظ على مواقعها داخل المجالس العلمية الرسمية، رغم المحددات الصارمة التي أصبحت تحكم العضوية فيها.

وقد استغلت السلفية تناقضات السياسة الدينية الجديدة للدولة، فعلى الرغم من وضوح الأسس التي بُنيت عليها هذه السياسة، فإنها تحتوي، كما هو شأن كل سياسة، على جوانب غير مصرح بها، وأحيانًا مصرح بها بلغة دبلوماسية قد تخفي أكثر مما تظهر، فمما أظهره تطبيق هذه السياسة أننا لا نعرف بوضوح من المكلف بتطبيق الإصلاح في المجال الديني. فكما هو معروف يتم تقديم وزارة الأوقاف، باعتبارها الجهة التي تتولى صياغة السياسة الدينية وتطبيقها، في حين أن هذه الوزارة ليست في الحقيقة سوى مؤسسة من بين مؤسسات أخرى، تشرف على تفعيل السياسة الدينية.

ومن خلال الإجراءات التي واكبت حدث 16 مايو/أيار 2003، اتضح جليًّا أن السياسة الجديدة لتدبير الشأن الديني تركت هامشًا كبيرًا لتدخل وزارة الداخلية والأجهزة المخابراتية بمختلف أذرعها لضبط الحقل الديني؛ ولتحقيق أهداف غير معبَّر عنها في الخطاب الرسمي. ولذلك نفهم لماذا ظل ملف الحركات السلفية حكرًا على هذه الأجهزة، ولقد ركنت هذه الأخيرة إلى عقيدتها الأمنية المحافظة لتعاود على أساسها اتصالاتها مع السلفيين وإشراكهم بصفة غير رسمية في تدبير الحقول الدينية المحلية مما ضمن من جديد لهم هامشًا من المناورة وحضورًا من حيث النشاط الميداني من جديد.

خاتمة

لقد أتاح لنا تأويل المواقف والسلوكيات والتفاعلات الاجتماعية للسلفية استنتاج عناصر الثقافة السياسية للسلفية مع وصمها بالامتثالية من حيث استنادها إلى المبادئ الأكثر محافظة من الناحية المذهبية والخاضعة بشكل كلي للسلطات السياسية، فرغم التصريح المعلن بالابتعاد عن السياسة فقد كانت، في الواقع، فضاءات تستوعب احتياطيًّا كبيرًا من الطاقة والحماسة والتفاني التام الذي تقوم بإفراغه عن طريق الإغراق في مظاهر التقوى والعبادة وفي اتجاه مسالم للسلطة، وقد أسهمت السلفية، عبر تنظيماتها، في الحشد لفائدة السلطة، وعلى الرغم من توظيفها قاموسًا سياسيًّا حقوقيًّا بعد التضييق عليها، فإنها لم تبتعد عن معالم الامتثالية، ما دامت السلفية تقدم نفسها على أنها تفسير ممكن لهوية الدولة العقدية والمذهبية وليست خارجة عنها.

وبعد أن وجدت امتثالية السلفية تبريرها من داخل القاموس الديني، بدأت تستند إلى خطاب حقوقي سياسي محيل على المظلومية ومطالبًا بالحقوق في مؤشر دال على “اتساع دائرة الدنيوي في خطاب السلفية”. لقد التقط السلفيون، بحس سياسي، حاجة الدولة إلى خدمات جديدة مطلوبة منها في الآونة الأخيرة وهي حشد الدعم لمشروعها الديني الجديد شريطة عدم الخروج عن القواعد المحققة للأمن الوطني. لقد غدت هذه الحركة الدينية حركة سياسية صريحة بوضع نفسها، وبشكل واع، جزءًا لا يتجزأ من الصراع على السلطة، وأصبحت من الأدوات التي تستعين بها السلطة في إستراتيجية النظام السياسي في الحاضر ومن أجل المستقبل.

المراجع

  • عبد الحكيم أبو اللوز، الحركات السلفية في المغرب (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، سلسلة أطروحات 79، 2013).
  • Bryan R. Wilson : Typologie des sectes dans une perspective dynamique et comparative. Archives des sciences sociales des religions. (Juillet- Décembre), 1963/16, P 49-63
  • عبد الحكيم أبو اللوز، الحركات السلفية في المغرب – بحث أنثروبولوجي وسوسيولوجي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط2، سلسة الأطروحات 79، 2013).
  • المصدر السابق، ص 40.
  • المصدر السابق، ص 43.
  • يمارس هذا التعليم الديني في مقرات تسمى دور القرآن وتقدم نوعًا من التعليم التعويضي غير النظامي، الذي يوفر فرص التعليم لفئات من كل الأعمار، الأطفال في سن الدراسة الذين لم يلتحقوا بالمدرسة، ثم الشباب والكبار الذين حرموا من فرص التعليم النظامي لسبب أو لآخر وقد وقع تقنين هذا النوع من الخدمة بالقانون المذكور. عبد الحكيم أبو اللوز: الحركات السلفية، ص 162-192.
  • Wilson, Typologie des sectes, p 53
  • نعتمد على التيار الأنثروبولوجي السياسي ومن أبرز أعلامه جورج بلدانييه الذي رفض اقتصار السياسة على مجتمعات الدولة ويعمم الوجود السياسي إلى كل الأشكال الاجتماعية: الرمزية، الشخصية، الطقسية. للاستزادة:

Balandier (J), Anthropologie politique, (Paris : PUF, 4éme édition, 1999)

  • مثال Mennonistes في فرنسا وQuakers في بريطانيا، للاستزادة راجع:

Séguy (J), Sectes chrétiennes et développement. In, Archives des sciences sociale des religions, n◦ 131, Janvier – juin, 1962, p

  • عبد الحكيم أبو اللوز، الحركات السلفية، ص 370.
  • محمد أبو رمان، محمد أبو رمان، السلفيون والربيع العربي، سؤال الدين والديمقراطية في السياسة العربية، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 2013، ص31.
  • المصدر السابق، ص18[1].
  • تأتي في المقدمة حقوق الله التي يختص في حقه المطلق في أن يكون وحده المعبود، والحقيقة أن الله وحده هو صاحب هذا الحق، ولا تنحصر عبادة الله في ممارسة بعض العبادات فقط، فإن احترام كل الحقوق هو في النهاية احترام لحقوق الله، وإن حقوق الأمة لا تسقط بأي حال كما تسقط حقوق الله… هنري لاووست، أصول الإسلام ونظمه في السياسة والاجتماع. ترجمة محمد عبد العظيم علي (القاهرة: دار الدعوة، ط1، دت) ص322.
  • المصدر السابق، ص36[1].
  • المصدر السابق، ص32[1].
  • المصدر السابق، ص231.
  • ابن تيمية، منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، تحقيق محمد رشاد سالم، (المدينة المنورة: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ج2، 1406-1986)، ص 422.
  • محمد المغراوي، أهل الإفك والبهتان الرادون عن السنة والقرآن (مراكش: مكتبة دار القران، ط 1، 2001)، ص89.
  • المصدر السابق، ص 8.
  • المصدر السابق، ص 9.
  • محمد المغراوي، حوار مع أسبوعية الصحيفة المغربية، العدد 142، 26 ديسمبر/كانون الأول-1 يناير/كانون الثاني 2003.
  • الألباني، السياسة الشرعية، شريط مسموع، تسجيلات جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة رقم 102/1.
  • عزمي بشارة، في الإجابة عن سؤال: ما السلفية؟ (الدوحة-بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2018)، ص85.
  • 23 المصدر السابق، ص87.
  • علاوة على قولهم بوجوب الطاعة فصَّل العلماء الكلاسيكيون بنمط ممارسة السلطة وشروط النفاذ إليها، وهو الجانب الذي لا نجده عند السلفية. عبد الحكيم أبو اللوز: إشكالية الدين والسياسة في الخطاب الإسلامي، خطاب حركة النهضة التونسية نموذجًا، (القاهرة: درا رؤية، 2009) ص 145-148.
  • سليم بن عيد الهلالي، الفوائد الحسان في حديث ثوبان: تداعي الأمم (دار ابن عفان، الطبعة الأولى، 2001)، ص 115.
  • محمد أبو رمان، السلفيون والربيع العربي، ص 22.
  • الهلالي، الفوائد الحسان، ص116.
  • مبدأ ناظم للعمل السلفي وضعه الألباني، ويعني أن الأولوية للسلفية هي تصفيه العقائد الإسلامية من التصورات الدخيلة والتربية على العقائد الصحيحة.
  • ديل إيكلمان، المعرفة والسلطة في المجتمع المغربي، ترجمة محمد أعفيف (الرباط: مركز طارق ابن زياد، 2000)، ص 167.
  • محمد المغراوي، حاجتنا إلى السنة،ص 4.
  • الهلالي، الفوائد الحسان، ص 29.
  • أوليفييه روا، عولمة الإسلام، ترجمة لارا معلوف، (بيروت: دار الساقي، 2003 )، ص 144.
  • يعتبر السلفيون الجهاديون أن قضايا التصفية والتربية والابتلاء والجهاد مندمجة في السلفية كوحدة عقائدية غير قابلة للتجزيء.
  • إن تفسير السلفيين الجهاديين لأحكام أهل الذمة وتنزيلهم على الواقع يكون داعيًا إلى تنفيذ عمليات ضد اليهود والنصارى، ويبقى ترجيح المصالح والمفاسد رهينًا بتقدير المشايخ المؤثرين في هذا التيار، وتقديرهم هذا هو الخيط الفاصل بين الاقتناع بهذه الأحكام وبين تنفيذها.
  • أثناء محاكماتهم عبَّر شيوخ السلفية الجهادية عن فكرة الامتثالية للسلطة بحيث قال عمر الحدوشي (جهادي سابق): “إننا دعاة ولسنا ثوارًا، وإصدار الأحكام ليس من اختصاصنا، فنحن دعاة وليس قضاة، فالأحكام من اختصاص السلطان ونوابه”. كما قال الفيزازي (جهادي سابق) بأن «تغيير المنكر باليد لا يجوز شرعًا للأعيان بل للسلطان، والغنيمة لا تكون إلا في دار الحرب.. والحرب يعلنها أمير البلاد في جيش الإسلام»، جريدة الأحداث المغربية، عدد خاص عن أحداث 16 مايو/أيار 2003، 8 سبتمبر/أيلول 2003.
  • خالد الحروب، التشكيلات السلفية في فلسطين: حدود بيئة نزعت عنها صفتها الفلسطينية. ضمن المؤلف الجماعي: السلفية العالمية، الحركات السلفية المعاصرة في عالم متغير، حرره رول مير، ترجمة محمد محمود التوبة (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط1، 2014)، ص324.
  • أوليفييه روا، عولمة الإسلام ، ص 9.
  • محمد المغراوي، الإفك والبهتان، ص 89.
  • حفاظًا على خطه الامتثالي رفض المغراوي الدعوة التي وُجِّهت إلى تنظيمه للمشاركة في المظاهرة ضد خطة إدماج المرأة في التنمية التي شاركت فيها جميع الحساسيات الإسلامية الأخرى بما فيها.
  • محمد المغراوي، الإفك والبهتان، ص 89.
  • حول الامتداد والتوزيع الجغرافي للسلفية في المغرب، انظر: عبد الحكيم أبو اللوز، الحركات السلفية، ص 217 -230.
  • محمد المغراوي، في حوار مع أسبوعية الصحيفة، ع 142، 26 ديسمبر/كانون الأول- 1 يناير/كانون الثاني 2003.
  • باستثناء مرة واحدة وهي عندما دفع المغراوي إلى ذلك بمناسبة التصويت على التعديل الدستوري القاضي بتعديل سن الرشد عند الملك عام 1980.
  • محمد المغراوي، في حوار مع أسبوعية الصحيفة المغربية، ع 142، 26 ديسمبر/كانون الأول- 1 يناير/كانون الثاني 2003.
  • انظر بعض مقتطفات هذه الرسالة في الحوار الذي أجراه عبد الحكيم الفاخري مع أسبوعية الصحيفة المغربية، ع142، 26 ديسمبر/كانون الأول-1 يناير/كانون الثاني 2003.
  • المصدر السابق.
  • محمد المغراوي، في حوار مع أسبوعية الصحيفة المغربية، العدد 142، 26 ديسمبر/كانون الأول-1 يناير/كانون الثاني 2003.
  • المصدر السابق.
  • محمد الفيزازي، علماء لا عملاء، خذوا حذركم ( موقع منير التوحيد والجهاد على الإنترنت)،
    1. www.tawhed.ws
  • حول الأسواق التي تنتدب منها السلفية اتباعها ومصير علميات الاستقطاب، راجع: عبد الحكيم أبو اللوز، الحركات السلفية، ص 309-322.
  • – Kepel (J), La revanche de Dieu. Juifs et musulmans à la reconquête du monde ( Pais: Seuil, 1991), p 33.
  • ماكسيم رو دنسون، ظاهرة التزمت الإسلامية: محاولة إيضاح، ترجمة، هاشم صالح، (بيروت: مجلة الفكر العربي المعاصر، مركز الإنماء القومي، عدد 22، 1985) ص35.
  • 35-Kepel (J), la revanche..op.cit., p
  • المصدر السابق، ص 78.
  • برر المغراوي هذا التوقيف بحرارة الصيف، وأنه لم يكن بإملاء من السلطة، انظر حواره مع أسبوعية الصحيفة، ع 24 مايو/أيار 2003.
  • بعد إغلاق دور القرآن تم تفعيل موقع الجمعية على الإنترنت فأصبحت الدروس والمحاضرات تذاع بشكل نشيط على إذاعة القرآن الكريم في الموقع الالكتروني التابع لجمعية الدعوة، maghrawi.net
  • قبل هذه الفترة لم يكن للإسلام المحلي أهمية لدى السلطة بل غلب عليها التقارب مع الإسلام الوهابي، والدليل أن الدولة كانت تمنع الحركات الإسلامية من الحراك السياسي الشرعي لمدة طويلة وفي المقابل سمحت لأطراف أخرى بالدعوة بحرية داخل المجتمع. وفي هذا الإطار يمكن فقط إحصاء عدد الجمعيات المشتغلة بالدعوة على الصعيد الوطني. محمد العيادي وآخرون، في حلقة نقاش حول أحداث 16 مايو/أيار. انظر: جريدة الاتحاد الاشتراكي، ع7241، 8 يونيو/حزيران 2003.