تسعى الدراسة إلى استشراف تأثير الصعود الصيني والتراجع الأميركي على النظام الدولي، بما يشمل الآثار في مجالات العلاقات السياسية والعولمة الاقتصادية والسلام العالمي. وتبحث سيناريوهات مستقبل العلاقة: التهدئة، واحتمالها ضئيل، واستمرار المستوى الحالي من التصعيد، وفي حال حصوله فمن المرجح أن يقود إلى الحرب الباردة، وهي آخذة بالتحقق وسيكون لها آثار عميقة على النظام الدولي، وسيناريو الحرب الذي أصبح واردًا.

كلمات مفتاحية: العلاقات الصينية-الأميركية، الحرب التجارية، النظام الدولي، الحرب الباردة، الجغرافيا السياسية.

This study explores the impact of the Chinese rise and the American decline on the international system, including in the fields of political relations, economic globalisation and global peace. Among the possible scenarios for the future of relations are pacification, which is not likely; the continuation of the current level of escalation, which is likely to lead to a cold war and will have profound effects on the international system; and war, which is possible.

Keywords: Sino-U.S. Relations, Trade War, International System, Cold War, Geopolitics.

مقدمة

يشهد النظام الدولي تراجعًا مطردًا في دور ومكانة الولايات المتحدة الأميركية، فعلى الرغم من كونها لا تزال القوة الكبرى في العالم، فإن هيمنتها في تراجع مستمر منذ ما لا يقل عن عقد ونصف؛ إذ إن قدرتها على فرض خياراتها عالميًّا تراجعت كثيرًا، وهي تتَّجه نحو المزيد من التراجع. وتشكِّل الصين التهديد الأساسي لهيمنة الولايات المتحدة العالمية، فقد شهد العقدان الماضيان تصاعدًا متصلًا للقوة الاقتصادية الصينية، وترافق ذلك مع زيادة وزنها السياسي على المستوى الدولي، فيما يتعاظم تعارض مصالحها مع مصالح الولايات المتحدة بفعل توجهها لاستعادة دورها كقوة عالمية عظمى.

وكانت استراتيجية “مراكمة القوة من مناطق خفيضة”، والتي وضعها الرئيس الصيني الأسبق، دينغ شياو بينغ، قد أثمرت في تعزيز قوة الصين الاقتصادية إلى أن وصلت إلى مستوى لا تستطيع فيه الاستمرار بتلك السياسة، وفقًا لرؤية الرئيس الصيني الحالي، شي جين بينغ، الذي سرَّع من التوجه نحو استثمار القوة الاقتصادية لبناء القوة الاستراتيجية في المجالين السياسي والعسكري وفي تعزيز قوة النموذج الصيني كأساس للقوة الناعمة.

وهنا، يبرز السؤال الإشكالي للبحث الذي يحاول النظر في تأثيرات هذه القوة الصينية المتصاعدة خلال العقدين الماضيين على المسرح الدولي: ما تأثير الصعود الصيني والتراجع الأميركي على شكل النظام الدولي؟ وإلامَ تشير المؤشرات الاقتصادية والجيوستراتيجية بهذا الخصوص؟

ويستمد البحث أهميته انطلاقًا من التداعيات المحتملة للصراع بين الصين والولايات المتحدة الأميركية وآثاره السياسية والاقتصادية على جميع دول العالم، مما يستدعي تركيز البحث على استشراف مستقبل هذا الصراع، بهدف تفادي السيناريوهات الأسوأ، أو التحسب لها إن لم يكن تفاديها ممكنًا.

ولمقاربة أبعاد المشكلة، يستخدم البحث المنهج الوصفي التحليلي من خلال وصف وتفكيك وتحليل الظاهرة محل البحث، ويستعين أيضًا بمنهج البحث المستقبلي وذلك باستشراف مستقبل الظاهرة، ولئن كانت طرق البحث المستقبلي لا تنتج أوصافًا دقيقة أو كاملة تمامًا للمستقبل، فإنها تساعد في إظهار ما هو ممكن، وتسليط الضوء على خيارات السياسة، وتحديد الإجراءات البديلة وتقييمها، وعلى الأقل إلى حدٍّ ما، تجنب المزالق واغتنام الفرص المتاحة(1). وتستخدم الدراسة أداة بناء السيناريوهات، والسيناريو هو توصيف لوضع “مستقبلي محتمل” يشتمل على مسارات التطور المحتملة التي قد تؤدي إلى وضع مُتَصَوَّر في المستقبل المنظور(2)، وهو أيضًا احتمال وفرضية مبنية على تحليل عناصر محددة، وليس حقيقة مؤكدة. ومن وظائف السيناريوهات إضافة معرفة بشأن عوامل مؤثِّرة في تطوُّر الأوضاع المستقبلية، وإنتاج فهم مشترك، وتحفيز النقاش وتبادل الأفكار التي تدعم عملية اتخاذ القرارات.

ويستخدم البحث مفهومين أساسين في فهم وتفسير أبعاد مشكلة الصراع الأميركي-الصيني وأثره على النظام الدولي، وهما: الصراع والنظام الدولي، ويعرِّفهما إجرائيًّا كالآتي:

– الصراع: حالة من المجابهة ترتبط بالقيم والسعي إلى تحقيق المطالب النادرة والمميزة مثل القوة والموارد، وتتحدد أهداف أطراف الصراع إما في تحييد الخصم، أو في إيذائه، أو القضاء عليه(3).

– النظام الدولي: مجموعة من “الترتيبات الحاكمة بين الدول، وتشمل قواعدها ومبادئها وأعرافها الأساسية”. ويمكن بناء الأنظمة من مجموعة من التحالفات والمنظمات (الرسمية والخاصة) والقواعد والمتطلبات (الموضوعة بمعاهدة أو بوسائل أخرى) والمعايير (الطارئة في بعض الأحيان والمدروسة في البعض الآخر)(4).

ويمكن تمييز النظام الدولي، بحسب هذا التصور، عن المنتظم الدولي أو السياق العالمي الشامل الذي تعمل فيه هذه الدول؛ إذ يعكس المنتظم الدولي جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية وأشكالًا أخرى من التفاعل الذي ينشأ بين الدول. وتقترح المدرسة “الواقعية الجديدة” لنظرية العلاقات الدولية أنَّ سِمَتي المنتظم الدولي -وهما طبيعته الفوضوية وتوزيع القوى على الدول (يُطلق عليها أيضًا “قطبية” المنتظم)- تفرضان قيودًا على سلوكيات الدول وتدفعها إلى التفاعل بطرق معينة(5).

وتوقع كينيث والتز (Kenneth N. Waltz)، منظِّر “الواقعية الحديثة”، أن تتشكَّل موازين القوى بشكل متكرر للحد من هيمنة القوي، وأن الحروب ستستمر؛ إذ “لا يوجد ما يمنعها” كما لا توجد في النظام الدولي الفوضوي سيادة للحد من توسع الدول القوية أو الطموحة(6). وبالنسبة للواقعيين البنيويين مثل والتز، ما لم تتنازل الدول عن سيادتها لحكومة عالمية، سيستمر الهيكل الفوضوي للنظام الدولي، وستستمر الحرب والصراع، عن قصد وبغير قصد، بين مجموعة واسعة من القادة والدول(7).

1.  الاقتصاد محرك لتغيير توازن القوى بين الصين وأميركا

يُعَدُّ الاقتصاد مجالًا حيويًّا للتنافس بين الصين وأميركا، ومحركًا أساسيًّا لتغيير موازين القوى وكسب رهان النفوذ الجيوستراتيجي، وهو ما يبيِّنه الوضع والسلوك الاقتصادي للبلدين خلال العقود الثلاث الماضية.

أولًا: الصعود الصيني وهواجس أميركا

أ- جذور الخلاف: “معجزة الصين” الاقتصادية

تمكَّنت الصين من تحقيق ما يُسمِّيه الكثيرون معجزة اقتصادية خلال العقدين الماضيين، فيما عانى الاقتصاد الأميركي من أزمة حادة في العام 2008، وما زال يعاني من آثارها حتى الآن، إلا أن الإدارات الأميركية تبذل جهودًا مضنية للإبقاء على هيمنتها على الاقتصاد العالمي.

فمنذ العام 1990 وحتى العام 2019 تضاعف الناتج القومي الصيني بمقدار 14 ضعفًا تقريبًا (828 مليار دولار إلى 11.537 تريليون دولار) في حين تضاعف اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية مرة واحدة خلال الفترة ذاتها (من 9 تريليون إلى 18.3 تريليون دولار، بالأسعار الثابتة لدولار 2010)(8). كما أنشأت الصين البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، والذي بلغ عدد أعضائه 102 دولة، ويقوم بإقراض العديد من الدول النامية، بما يشكِّل منافسة لدور البنك الدولي(9).

الشكل رقم (1) يبرز الدخل القومي الإجمالي للصين وأميركا

حسب تعادل القوة الشرائية (تريليون دولار)(10)

لكن الصين تواجه عوائق عدة في طريق صعودها الاقتصادي، منها الاعتماد على التصدير وليس الاستهلاك المحلي، والاعتماد أيضًا على مصادر الطاقة في الخارج، لاسيما في مناطق تسيطر عليها القوى الغربية أو تخضع لنفوذها(11). فضلًا عن الخبرة السلبية لبعض الدول مع الاستثمار الصيني، والتي شملت نقل الصناعات الملوِّثة للبيئة(12)، ونقل العمالة الصينية إلى بلدان الخارج. وكذلك ضعف جودة التكنولوجيا الصينية في قطاعات عديدة مقارنة بالتكنولوجيا الغربية.

وعلى الجهة المقابلة من المحيط الهادئ، كان خوف الولايات المتحدة الأميركية من تغيير الصين للنظام الدولي يتزايد، مدعومًا باتهامات لبيجين بتعزيز وحماية الصناعات التي تفضِّلها الحكومة، وبالتلاعب بأسعار العملات للحفاظ على سعر منخفض لليوان.

في حين أن الدافع الأكثر إثارة للقلق الأميركي هو أن “الطريقة الوحيدة التي يمكن للولايات المتحدة من خلالها الحفاظ على القوة التي لا مثيل لها هي أن تظل البلدان الكبيرة أكثر فقرًا اقتصاديًّا وتخلفًا من الناحية التكنولوجية”(13).

الجدول رقم (1) يعرض بعض المحاور الرئيسة للتنافس الاقتصادي بين الصين وأميركا

المحور السلوك/الوضع الأميركي السلوك/الوضع الصيني
 

 

الناتج القومي

– 21.43 تريليون دولار(14) (بسعر السوق).

– 20.58 تريليون دولار (القيمة الشرائية بالأسعار الثابتة لدولار 2017 الدولي)(15).

– نسبة الناتج القومي الأميركي من الناتج القومي العالمي 24%(16) (بسعر السوق).

– 14.43 تريليون دولار(17) (بسعر السوق).

– 22.53 تريليون دولار (القيمة الشرائية بالأسعار الثابتة لدولار 2017 الدولي)(18).

– نسبة الناتج القومي الصيني من الناتج القومي العالمي 16%(19) (بسعر السوق).

الاحتياطيات 517 مليار دولار(20) (شاملة الذهب). 3223 مليار دولار(21) (شاملة الذهب).
النمو الاقتصادي معدل النمو الاقتصادي بين 2000-2019: 1.8%(22). معدل النمو الاقتصادي بين 2000-2019: 9.4%(23).
 

الميزان التجاري

– حققت الصين فائضًا تجاريًّا ضخمًا لصالحها في تجارتها مع الولايات المتحدة، وهو ما شكَّل هاجسًا مزمنًا للعديد من الإدارات الأميركية، مما دفعها إلى شنِّ حرب تجارية من أبرز معالمها فرض تعريفات جمركية على البضائع الصينية(24).

– اقتراح اتفاقية الشراكة عبر الهادئ، ثم امتناع إدارة ترامب عن تصديقها.

ردَّت على الحرب التجارية بإجراءات منها: التعريفات الجمركية.
 

 

 

 

العملة

هيمنة عالمية للدولار، مع تراجع الثقة به منذ الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.

 

– قوة متصاعدة لليوان؛ إذ تم اعتماده في صندوق النقد الدولي ضمن سلة العملات، واعتماد العملة المحلية للتبادل مع روسيا وإيران وغيرها.

– الحفاظ على انخفاض سعر صرف اليوان عبر شراء الدولار.

– تخفيض احتياطياتها بمقدار 732 مليار دولار في الفترة 2014-2019(25) بما يتضمن تخفيض تمويلها للدَّيْن الأميركي(26)، وهو ما يشكِّل مؤشرًا على توجهها لتقليل الاعتماد على الدولار.

 

مصادر الطاقة

تراجع اعتماد أميركا على استيراد النفط والغاز إلى حدود دنيا بسبب تزايد قدرتها على إنتاج النفط من الصخر الزيتي وبفعل اكتشافات حقول النفط الجديدة. تستورد قرابة 75% من احتياجاتها من النفط والغاز، وهذه نقطة ضعف جوهرية.
 

 

التكنولوجيا 

– تفوُّق في غالبية المجالات (التكنولوجيا الفضائية، العسكرية، الحيوية).

– حظر مشاريع 5G الصينية في الولايات المتحدة، ومنع التكنولوجيا الأميركية عنها، والضغط على الحلفاء لمقاطعة هواوي ولقطع تكنولوجيا الذكاء الصناعي عن الصين.

– تفوق في تقنية 5G.

– التجسس الاقتصادي، القرصنة الاقتصادية، الاستثمار في الشركات التكنولوجية الأميركية والغربية.

ب- المواجهة حيث لا يُجدي الاحتواء

تنبَّهت إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، إلى تزايد تهديد المنافسة الصينية، ما دفعها إلى وضعه على رأس أولوياتها، كما اعتمدت سياسة “إعادة التوازن في آسيا” التي تقوم على نقل أولوية الاهتمام الاستراتيجي الأميركي إلى منطقة غرب المحيط الهادئ. ومن الوسائل التي اعتمدتها للتضييق على الصعود الاقتصادي الصيني اقتراحها توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادئ (TTP) مع العديد من الدول المحيطة بالصين، بما يوثِّق العلاقة الاقتصادية بين هذه الدول والولايات المتحدة على حساب علاقتها بالصين. وقد بذلت إدارة أوباما جهودًا مضنية لإقناع هذه الدول بالتوقيع على الاتفاقية في وجه مقاومة صينية قوية، إلا أن الرئيس، دونالد ترامب، امتنع عن التصديق على هذه الاتفاقية بذريعة أنها لا تحقق المصلحة الاقتصادية، وهو ما خفَّف من التأثير السلبي للاتفاقية على الصعود الاقتصادي الصيني(27).

وقد اتخذت إدارة الرئيس، ترامب، سياسة أكثر تشددًا تجاه الصين، منذ العام 2018؛ إذ لجأت إلى فرض التعريفات الجمركية من جانب واحد، والدبلوماسية النشطة لمنع تبني التقنيات الصينية (مثل تقنية Huawei 5G) من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، واتخاذ تدابير لمنع بيع التقنيات الأميركية والأوروبية للشركات والمؤسسات الصينية، وإعاقة استثمارات الصين في الولايات المتحدة، وتشويه سمعة دوافع الصين(28).

ثانيًا: تفوق المركز الاقتصادي الأميركي

يمثِّل الاقتصاد الأميركي قرابة ربع الاقتصاد العالمي(29)، كما أن الولايات المتحدة كانت شكَّلت النظام الاقتصادي العالمي وفقًا لرؤيتها بمقتضى اتفاقية “بريتون وودز” (Bretton Woods) عام 1944، التي اعتبرت الذهب والدولار عنصرين أساسين لتحديد معالم العلاقات النقدية الدولية، وأصبح الدولار حينها عملة ارتكازية دولية(30). كما أسهمت الولايات المتحدة في تأسيس البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين يدعمان هيمنتها الاقتصادية(31). ولاحقًا في العام 1971، فكَّت الولايات المتحدة الارتباط بين الدولار والذهب لتصبح القوة الأميركية، سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا، هي الضمانة الأساس للدولار، ويتحقق ذلك من خلال عوامل من أهمها الضغط على العديد من دول العالم لتسعير النفط والاتجار به باستخدام الدولار. إلا أن العام 2008 شهد انهيارًا لسوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة، وهو ما أظهر هشاشة في الأسس التي يعتمد عليها اقتصادها، وتسبب في أزمة اقتصادية عالمية. ومنذ ذلك الحين، تراجعت الثقة العالمية بالنظام الاقتصادي العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، وبدأت دول عديدة تقلِّل من اعتمادها على الدولار الأميركي، وهو ما يشكِّل تهديدًا حقيقيًّا للهيمنة الأميركية على الاقتصاد العالمي.

وفي الوقت الحالي يدور صراع عملات بين كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والصين؛ إذ يسعى كل منها إلى قيادة النظام النقدي الدولي، وتتعمد هذه الأطراف تخفيض قيمة عملاتها من أجل اكتساب مزايا تنافسية لتنمية اقتصادها، مما أفرز نتائج سلبية كالحرب التجارية والسياسات الحمائية(32). وقد عبَّر وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، عن التوجه للحدِّ من الهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة بمطالبته “بتعزيز الاستقلالية الأوروبية وإنشاء قنوات دفع مستقلة عن الولايات المتحدة، وإنشاء صندوق نقد أوروبي، ونظام دفع مالي (سويفت) مستقل”(33).

كما شهدت السنوات الأخيرة توجهًا متزايدًا للعديد من الدول -كالصين وروسيا وإيران وتركيا وفنزويلا- لاستخدام عملاتها المحلية في التبادل التجاري بينها، وخصوصًا في مجال الطاقة، وهو ما يشكِّل تهديدًا جديًّا لمكانة الدولار كعملة ارتكاز دولية. ومما سرَّع في ذلك توسع الإدارة الأميركية في اللجوء إلى العقوبات الاقتصادية في السنوات الأخيرة(34).

2. الصين ورهان النفوذ الجيوستراتيجي

إن الفوز بالتنافس الاقتصادي غير ممكن دون امتلاك النفوذ الجيوستراتيجي القادر على إسناد الصعود الصيني؛ إذ إن تأمين احتياجات الصعود الاقتصادي، وعلى رأسها إمدادات الطاقة، بحاجة إلى علاقات سياسية بدول المصدر والممر، وحضور عسكري لحماية هذه الإمدادات. وكذلك الحال بخصوص الصادرات التي يشكِّل النفوذ الدولي دعمًا أساسيًّا لإكسابها التفضيل على غيرها، أو إزالة العوائق ذات الدوافع السياسية من طريقها. ولا يمكن استبعاد مخاطر اعتراض طرق الصادرات والواردات الصينية، بشكل مباشر أو غير مباشر، من قبل المنافسين كالولايات المتحدة.

ولذلك، فإن الصين، التي أدركت هذا الأمر متأخرًا، بدأت مسارًا طموحًا لتعزيز نفوذها السياسي والعسكري والأيديولوجي/الدعائي على المستوى الإقليمي والدولي بما يخدم ويحمي صعودها الاقتصادي. وبالمقابل لا تكلُّ السياسة الأميركية عن إعاقة هذه المساعي الصينية مدعومة بحلفاء سياسيين مهمين، وبالآلة العسكرية الأقوى في العالم، والتي استخدمتها لإعاقة مساعي السيطرة على بحري الصين، الجنوبي والشرقي(35)، وتوفير الدعم العسكري للمنافسين الإقليميين للصين كاليابان وتايوان وكوريا الجنوبية والهند.

وبالفعل، فإن الهيمنة العسكرية الأميركية على طرق التجارة والموارد الصينية تشكِّل تهديدًا حقيقيًّا لمساعي الصعود الاستراتيجي الصيني، كما تشمل المعيقات في الطريق الصيني: الفجوة التكنولوجية الواسعة بينها وبين الولايات المتحدة، وبنية النظام السلطوي الذي قد لا يؤهلها لامتصاص أي صدمات سياسية داخلية مقارنة بالنظام الأميركي المرن.

الجدول رقم (2) يبين محاور التنافس الجيوستراتيجي بين الصين وأميركا

وآفاق التأثير السياسي على المستوى الدولي

محاور التنافس الوضع الأميركي السلوك الأميركي الوضع الصيني السلوك الصيني
 

 

 

التحالفات السياسية

قيادة “العالم الغربي”، مع تزايد الانكفاء وضعف القدرة على القيادة، وخصوصًا في عهد إدارة الرئيس، دونالد ترامب. ملاحقة التحالفات السياسية للصين والعمل على تفكيكها وربط الدول بتحالفات بديلة مع الولايات المتحدة. علاقات جيدة مع جزء من تركة “المعسكر الشرقي”. – سعي لبناء تحالفات على طول الحزام والطريق، والتقارب مع روسيا واستمالة أوروبا بالاستثمارات، ومشروع التحالف مع إيران(36).

-استمالة تايوان(37)، والضغط لزيادة ارتباط هونغ كونغ بالصين.

– دبلوماسية المساعدات والمبيعات الطبية لمواجهة وباء كوفيد-19.

 

 

الاستقرار السياسي

نظام سياسي مرن، إلا أن الفوضى فيه تزداد.

 

دعم المعارضين الصينيين في الخارج، وتأييد مطالب الحرية والتعددية الثقافية في الصين، والتراجع عن الاعتراف بسياسة بلد واحد ونظامين بخصوص هونغ كونغ. نظام سياسي جامد وقدرته على استيعاب الصدمات محدودة، ورقابة شاملة على الشعب، وتزايد الميل إلى صبغ القومية الصينية بقومية الهان(38). لا تظهر الصين سياسة للتأثير على الاستقرار السياسي الداخلي للولايات المتحدة.
 

طرق

التجارة

سيطرة على طرق التجارة البحرية الصينية. محاولات لقطع الطرق البرية في طريق الحرير باتفاقيات مع دول في آسيا الوسطى. ضعف السيطرة على طرق التجارة. سعي لبناء وتأمين الطريق والحزام، والاعتماد على المصالح المشتركة مع الشركاء التجاريين لضمان أمن الطاقة(39).

أولًا: مساعي الصين لبناء رافعة استراتيجية من التحالفات السياسية

تتوجَّه الصين في السنوات الأخيرة غربًا؛ لعوامل عديدة منها معاناتها من جهود الولايات المتحدة لمحاصرتها من جهتي الشرق والجنوب، وتزايد حاجة الصين إلى استيراد النفط والغاز الطبيعي من البلدان الواقعة على طريق الحرير التاريخي(40). وتستفيد في توجهها هذا من رغبة العديد من الدول النامية في تزايد النفوذ الصيني لتعديل هيمنة النفوذ الأميركي؛ إذ تتخوف بعض الأنظمة الاستبدادية من الديمقراطية التي بشرت بها الولايات المتحدة لسنوات طويلة، كما أن لدول مثل إيران وتركيا رغبة في التمدد الإقليمي والذي قد يدعمه بعض التوازن في النفوذ بين الولايات المتحدة ودول أخرى كروسيا والصين.

وتُعَدُّ مبادرة الطريق والحزام مشروعًا جيوسياسيًّا عملاقًا تسعى الصين لتحقيقه إلى جانب مشاريع مشابهة، أبرزها: البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ومبادرة “صنع في الصين 2025”. ففي العام 2013 أعلن الرئيس الصيني عن مبادرة “الطريق والحزام” التي تسعى إلى تشكيل شبكة من الحلفاء والشركاء في النمو الاقتصادي الصيني من أجل تأمين واردات الصين من الطاقة، وتأمين خطوط تجارتها البحرية والبرية من أراضيها وصولًا إلى أوروبا(41). وقدَّر روبين شينغ (Robin Xing)، الخبير الاقتصادي في مؤسسة “مورغان ستانلي”، أن استثمار الصين في مشروع الطريق والحزام سيصل إلى 1.2- 1.3 تريليون دولار بحلول العام 2027(42).

وفي إطار سعي الصين لتعزيز مكانتها في النظام الدولي، تكتسب العلاقة الروسية-الصينية أهمية خاصة؛ إذ تملك روسيا القوة العسكرية والخبرة والجرأة السياسية والعلاقات الدبلوماسية التي تنقص الصين علاوة على امتلاكها مصادر الطاقة الضرورية لاستمرار الصعود الاقتصادي الصيني. وبالفعل، فقد وقَّع البلدان اتفاقية للتبادل التجاري بالعملات المحلية، كما ازداد مستوى التنسيق بينهما في المواقف السياسية، إلا أن العلاقة بين الطرفين لها بعد تنافسي أيضًا؛ إذ تبرز مواقف روسية ترى أن “لروسيا والهند مصلحة في تشكيل حركة “عدم انحياز” جديدة لدى التعامل مع الصراع الأميركي- الصيني، وذلك لموازنة النفوذ الصيني”(43).

كما يُعَدُّ الموقف الأوروبي فاعلًا في مسار التنافس الأميركي-الصيني؛ إذ تبرز مصلحة مشتركة صينية-أوروبية في تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب يتجاوز الهيمنة الأميركية، وهو ما ينعكس على السلوك الأوروبي المتحفظ على الصرامة الأميركية في التعامل مع الصين. وبالمقابل، تبذل الصين جهودًا كبيرة لاستمالة أوروبا، وخصوصًا دول شرقها ووسطها، بالاستثمارات(44).

وفي التعامل مع جائحة كوفيد-19، كان قرار الصين بإرسال أطقم ومعدات طبية إلى أوروبا تمرينًا جيوسياسيًّا يشير إلى إرادة الصين لعب دور الهيمنة والاستفادة من الفراغ المتزايد الذي تُخلِّفه الولايات المتحدة(45). وكمثال على تطور استعداد الصين لتحدي الولايات المتحدة، فقد أعدت مشروع “شراكة اقتصادية وأمنية شاملة” مع إيران تمهِّد الطريق لاستثمارات صينية بمئات المليارات من الدولارات في الطاقة وقطاعات أخرى، مما يقوض جهود إدارة ترامب لعزل النظام الإيراني(46).

وتبذل الصين جهودًا لزيادة ارتباط كل من تايوان وهونج كونغ بها. وفي مثال واضح على التأثير السياسي للقوة الاقتصادية الصينية، يُظهر رئيس تايوان ميلًا إلى الصين مدفوعًا بالرغبة في الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي توفرها مبادرة الطريق والحزام، وذلك خلافًا للمشاعر الشعبية السائدة في بلاده تجاه الصراع الصيني-الأميركي(47). كما خَطَت الصين خطوة إضافية لتعزيز ارتباط هونغ كونغ بها؛ إذ مرَّرت تشريعًا يمنحها سلطات جديدة في هونغ كونغ(48).

وفي مقابل الخطوات التي تُظهر الصعود السياسي للصين، تجدر الإشارة إلى نقطة ضعف سياسية تعاني منها وتتمثَّل -كما ذُكر آنفًا- في بنية نظامها السياسي الاستبدادي شبه المغلق، الذي تشتد النزاعات السياسية والعرقية المكتومة داخله، والتحدي الأساسي بهذا الشأن هو عدم امتلاك المرونة اللازمة لامتصاص أية هزات داخلية قد تحدث(49).

ثانيًا: مقاومة أميركية واسعة ولكن “عرجاء”

لمواجهة الصعود الصيني، عملت الولايات المتحدة على ملاحقة التحالفات السياسية للصين والعمل على تفكيكها، ودعم المعارضين الصينيين في الخارج، وتأييد مطالب الحرية والتعددية الثقافية في الصين، والتراجع عن الاعتراف بسياسة بلد واحد ونظامين بخصوص هونغ كونغ، وتقديم إغراءات اقتصادية للعديد من الدول على طريق الحرير وحثِّها على رفض عروض الاستثمار والتحالف الصينية مما يشير إلى الحرص على التحكُّم بالطرق البرية والبحرية للتجارة الصينية، والاستعداد لاعتراض صادرات وواردات الصين في حال شعرت بضرورة ذلك، والإصرار على إعاقة الصعود الاقتصادي الصيني.

وفي الإطار الأوسع للتنافس الجيو-استراتيجي يظهر أن التهديد الأكبر للهيمنة الأميركية يأتي من أداء الإدارة الأميركية ذاتها، فإدارة الرئيس، ترامب، تقوم بإضعاف الأدوات التي تقود الولايات المتحدة بواسطتها النظام الدولي؛ إذ يظهر تدهور علاقة الولايات المتحدة مع حلفائها في أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية وكندا وتركيا. كما أن سياسة “أميركا أولًا” التي تنتهجها تشكِّل نقيضًا موضوعيًّا للهيمنة الأميركية على العالم؛ ففي حين قد تجلب هذه السياسة بعض الفوائد الاقتصادية على المدى القريب إلا أنها تضر بشدة بثقة حلفاء الولايات المتحدة بها، وتدفعهم إلى البحث عن بدائل لتأمين الحماية السياسية والعسكرية لأنفسهم، بما يشمل تطوير العلاقة مع منافسين للولايات المتحدة كالصين وروسيا.

وعلى سبيل المثال، فقد دفعت سياسات ترامب الأوروبيين إلى توحيد صفوفهم، وتسببت بتقارب بين الصين وأوروبا، وبتعاون بين روسيا وتركيا(50). وفي أحدث تطور بهذا الشأن، لم تتمكن الولايات المتحدة من التعامل بفعالية مع وباء كوفيد-19 بفعل وجود قائد غير كفء، أثار الانقسام بدلًا من تعزيز الوحدة، وسيَّس توزيع المساعدات، وهاجم المؤسسات الدولية بدل تحفيزها(51)، وتحرَّك لإخراج بلده من منظمة الصحة العالمية(52).

3. حاجة الصين لموطئ قدم عسكري لفرض نفوذها

يمثِّل المجال العسكري أصعب مجالات التحدي بالنسبة إلى الصين؛ إذ تسيطر الولايات المتحدة بفعل تفوقها العسكري على طرق التجارة العالمية وعلى منابع الطاقة، وتضيِّق بشكل استراتيجي على الصين من جهتي الجنوب والشرق؛ وهو ما أسهم في تشكل وعي صيني متزايد بأهمية امتلاك قوة عسكرية قادرة على حماية طرق تجارتها. ولذلك، فقد عززت الصين إنفاقها العسكري بشكل متصاعد مستفيدة من الفائض المالي الذي يوفره نموها الاقتصادي؛ إذ تضاعف الإنفاق العسكري للصين عدة مرات خلال العقدين الماضيين بما يُظهر الاهتمام المتزايد الذي توليه للقوة العسكرية.

وتُعَدُّ الصين حاليًّا البلد الثاني في حجم الإنفاق العسكري الذي بلغ 261 مليار دولار عام 2019(53)، ولديها الجيش الأكبر في العالم وقوامه 2.3 مليون جندي. علمًا بأن الولايات المتحدة تتهم الصين بأن إنفاقها العسكري الحقيقي يفوق الرقم المعلن بكثير(54).

الشكل رقم (2) يوضح تصاعد الإنفاق العسكري للصين منذ العام 1995 وحتى العام 2018(55)

وأعطى الرئيس الصيني الحالي أولوية لتطوير القوة البحرية؛ إذ يُقدِّر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أنه منذ عام 2014، أطلقت القوات البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي عددًا من الغواصات والسفن الحربية، وسفن الحرب البرمائية، وفرق الإِغاثة العسكرية، يفوق العدد الإجمالي للسفن التي تخدم حاليًّا في القوات البحرية لكل من ألمانيا، والهند، وإسبانيا، وتايوان، والمملكة المتحدة. كما يفوق برنامجها لبناء السفن نظيره في الولايات المتحدة(56).

وعلى المدى البعيد، سترتبط القوة العسكرية ارتباطًا وثيقًا بالقوة الاقتصادية، خاصة مع توجيه الصين استثمارات كبيرة في إقامة بحرية “المياه الزرقاء”، وبناء قوات جوية فائقة التقدم(57). ولا يتوانى الرئيس الصيني عن الضغط من أجل الهيمنة على التقنيات التكنولوجية المتقدمة، مثل: الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، وشبكات الاتصالات من الجيل الخامس، وهو ما يثير مخاوف صقور الأمن الوطني في واشنطن(58).

ووظَّفت الصين هذه القدرات العسكرية لتعزيز هيمنتها العسكرية الإقليمية، وخصوصًا في بحريها الشرقي والجنوبي، وأبدت جرأة متزايدة في تحدي الوجود العسكري الأميركي في محيطها، ووظفت قضية كوريا الشمالية في هذا السياق؛ إذ إن أحد العوامل التي تدفعها لإسناد النظام الكوري الشمالي هو حرصها على إبقاء القوات الأميركية الموجودة في كوريا الجنوبية بعيدة عن حدود الصين.

كما عززت الصين حضورها العسكري في مناطق أبعد كالمنطقة العربية وقرب القرن الإفريقي، وبَنَتْ سلسلة من الموانئ على طول المحيط الهندي(59)، كما كثفت حركة بحريتها العسكرية في الشرق الأوسط. ومن المتوقع أن تُنْشِئ قاعدة عسكرية لبحريتها في عُمان، إضافة إلى قاعدتها الموجودة في جيبوتي(60). وتضمَّن مشروع اتفاقية الشراكة مع إيران تعميق التعاون العسكري الصيني-الإيراني؛ مما يمنح الصين موطئ قدم في منطقة كانت تشغل بال الولايات المتحدة استراتيجيًّا منذ عقود. وينص الاتفاق على تعزيز التعاون بين القوات المسلحة من خلال آليات التعاون في مجال تدريب القوات والتمارين المشتركة، والبحوث المشتركة وتطوير الأسلحة وتبادل المعلومات الاستخبارية(61).

وفي ذات السياق، أيدت الصين مشروع قرار في مجلس الأمن تقدمت به روسيا، في يوليو/تموز 2019، لإنشاء منظمة للأمن والتعاون في الخليج العربي(62)، واستبعاد أي وجود عسكري دائم لأي دول من خارج المنطقة(63)، وهو ما يشير إلى الوجود الأميركي بشكل أساس، وهذه سابقة أولى من نوعها عندما تتماهى الاستراتيجية الصينية مع الاستراتيجية الروسية في التمدد في الخليج على حساب النفوذ الأميركي الذي تشبَّع بفكرة ترامب بشأن الانعزالية السياسية للولايات المتحدة.

الجدول رقم (3) يظهر محاور التنافس العسكري بين الصين والولايات المتحدة

المحاور الرئيسة للتنافس الوضع والسلوك الأميركي الوضع والسلوك الصيني
الإنفاق العسكري 732 مليار دولار(64). 261 مليار دولار(65).
 

التحالفات العسكرية

قيادة حلف الناتو، والتحالف مع كل من اليابان وأستراليا وتايوان وكوريا الجنوبية، ودعم الهند في خلافاتها الحدودية مع الصين. دعم كوريا الشمالية، والتقارب مع روسيا وباكستان، والتوجه لتوقيع اتفاق عسكري مع إيران.
 

الانتشار والسيطرة الإقليمية

إعاقة مساعي السيطرة على بحري الصين الجنوبي والشرقي، والدعم العسكري لليابان وتايوان وكوريا الجنوبية. – المطالبة بغالبية غرب المحيط الهادئ كمياه إقليمية، ونشر الموانئ ذات الاستخدام المزدوج (مدني/عسكري) على طول طريق الحرير (جوادر، اتفاقية إيران، عمان..).

– زيادة النشاط والمناورات العسكرية في بحري الصين الشرقي والجنوبي، وفي الشرق الأوسط وإفريقيا والقطب الشمالي.

 

التكنولوجيا العسكرية

تفوق واضح في مجالات البحر والجو. – برنامج بناء البحرية الزرقاء بما يشمل حاملات الطائرات، وتعزيز القوة الفضائية بما يشمل الصواريخ المضادة للأقمار الصناعية.

– السعي الحثيث لامتلاك التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، مدني وعسكري.

وبتقييم المشهد العسكري، يظهر أن الصين تحاول بصعوبة امتلاك حرية الحركة في محيطها الإقليمي، في حين تشكِّل الولايات المتحدة وحلفاؤها القوة الأكبر في العالم وتسيطر على طرق التجارة العالمية، وهو ما يشير إلى الطريق الطويل الذي ينبغي أن تقطعه الصين قبل أن تكون في مستوى يمكِّنها من توفير الحماية العسكرية اللازمة لضمان استمرار صعودها الاقتصادي والسياسي.

الشكل رقم (3) يبرز أعلى الدول إنفاقًا عسكريًّا في العام 2019 (بالمليار دولار)(66)

4. الدعاية والقوة الناعمة

شكَّل النمو الاقتصادي للصين دعامة لتأسيس نموذج اقتصادي يدعم السياسة الخارجية والنفوذ الدولي لها؛ إذ حقق الاقتصاد الصيني معدل نمو قارب 9% سنويًّا على مدار عقدين تقريبًا(67)، وهو ما أكسب نموذجها الاقتصادي جاذبية لدى الكثير من الدول النامية. كما أصبحت الصين تتبنى خطابًا خارجيًّا يدعو إلى إعادة هيكلة النظام الدولي ليصبح أكثر عدالة وتمثيلًا للمصالح المشتركة لدول العالم، بما يشمل إصلاح النظام الاقتصادي العالمي ومؤسساته الأساسية، وتطرح نموذجًا قائمًا على التنمية بديلًا للنموذج الأميركي والأوروبي الذي يركز على الأمن. وفي السياق ذاته، تسعى الصين لامتلاك القوة الثقافية ومنافسة الغرب وروسيا بهذا الشأن، وتُسوِّق نموذجها كنجاح اقتصادي تنسبه إلى “الالتزام بالنهج الاشتراكي سياسيًّا واجتماعيًّا، والأخذ باقتصاد السوق تنمويًّا”(68).

وبالفعل، فإن هذا النموذج يلقى رواجًا في بعض مناطق العالم، بما يثير شكوكًا بشأن قدرة الغرب على هزيمته، وخصوصًا في بعض الدول النامية؛ إذ يلحظ الكثيرون من سكان إفريقيا الجهود الإنمائية في مجال البنى التحتية، وفي مجال إيصال الخدمات إلى المناطق النائية بواسطة شركاتها(69).

إلا أن لطبيعة النظام السياسي الصيني الاستبدادية والمغلقة انعكاسًا على النموذج الذي تصدِّره الصين؛ إذ تجد نفسها مضطرة إلى التبشير بنموذج قائم على التنمية الاقتصادية، مع إغفال التنمية السياسية، وهو نموذج يجذب بعض حكومات الدول النامية، إلا أنه ليس جذابًا للشعوب التي تميل بشكل طبيعي إلى الحرية والمشاركة في تقرير شؤونها. وفي المقابل، تستفيد الولايات المتحدة بشكل كبير من إرث الدعاية الغربية ونموذج “الحلم الأميركي” الذي يبشِّر بالديمقراطية وحقوق الإنسان، مما يكسبها تعاطف الكثيرين على امتداد الكرة الأرضية، ويشكِّل فرصة لبناء تحالفات سياسية واقتصادية وعسكرية.

ويمثِّل ملف حقوق الإنسان ساحة للاشتباك السياسي والإعلامي بين الصين من جهة، والولايات المتحدة والدول الأوروبية من جهة أخرى، سواء فيما يتعلق بقضية مسلمي الإيغور(70)، أو إقرار قانون الأمن في هونغ كونغ(71). ويضاف إلى العوائق التي تعترض طريق الصعود الصيني مسألة اللغة والثقافة؛ ففي حين أن اللغة الإنجليزية لغة عالمية سمحت بنشر الثقافة الغربية على امتداد العالم، فإن انتشار اللغة والثقافة الصينيين خارج الصين محدود للغاية، وهو ما يشكِّل عقبة في طريق تعزيز النفوذ السياسي والحضور الثقافي؛ باعتباره دعامة ضرورية لأية دول تسعى لأن تصبح قوة عالمية أساسية.

الجدول رقم (4) يظهر محاور التنافس بين الصين وأميركا في مجال الدعاية والقوة الناعمة

المحاور الوضع والسلوك الأميركي الوضع والسلوك الصيني
اللغة واسعة الانتشار عالميًّا، وخصوصًا بين النخب السياسية والاقتصادية الفاعلة. محدودة الانتشار خارج الصين.
الثقافة ذات تأثير وانتشار واسع بفعل السينما وشبكات التواصل الاجتماعي أميركية المنشأ. قليلة الانتشار خارج الصين، مع محاولات لتسويق الكونفوشية المترافقة مع الأنشطة الاستثمارية الصينية.
 

الصورة الذهنية

صورة قديمة هي صورة الحلم الأميركي وبلد المهاجرين، تزاحمها صورة جديدة لدولة عظمى تفرض إرادتها على العالم وتقدم مصالحها الضيقة وقصيرة المدى على حساب المصالح المشتركة بعيدة المدى. – صورة لدولة شيوعية ونظام مستبد، مع محاولات لتسويق نفسها كممثلة لدول الجنوب ودولة مسالمة بفضل تاريخها ثقافتها الكونفوشية، تقدم المصالح الاقتصادية المشتركة على الأبعاد الأمنية والسياسية “المؤدلجة كما يفعل الغرب”(72).

– صورة نموذج اقتصاد ناجح.

 ملف حقوق الإنسان توظيف قضية الإيغور، وقانون الأمن في هونغ كونغ. خطاب دفاعي يسعى لتبرير الرقابة الواسعة ومحاولات فرض عناصر ثقافية موحدة على مختلف الأعراق والأديان.

5. سيناريوهات المستقبل

لاستشراف مستقبل الصراع الصيني-الأميركي، من المفيد استخدام أداة السيناريوهات، وهي، كما سبق ذكره، توصيف لوضع “مستقبلي محتمل”، وتشتمل على مسارات التطور المحتملة التي قد تؤدي إلى وضع متصور في المستقبل المنظور(73). وتفترض الدراسة أربعة سيناريوهات هي: التهدئة، أو استمرار الوضع الحالي، أو الحرب الباردة، أو الحرب.

أولًا: التهدئة

وذلك بوقف الحرب التجارية، واستعادة التعاون بين الطرفين في الملفات غير التنافسية، كقضايا المناخ ومواجهة وباء كوفيد-19. وفي حين يعطي الاتفاق المبدئي بين رئيسي البلدين -في مطلع العام 2020 بخصوص الميزان التجاري والتكنولوجيا الأميركية(74)- مؤشرًا إيجابيًّا على إمكانية تحقق التهدئة، فإن من المرجح أن يكون التنافس على الهيمنة الاقتصادية العالمية طويل الأمد، مما يجعل حل النزاعات التجارية الحالية في وقت قريب أمر غير محتمل(75).

كما تشير التجربة التاريخية إلى ضآلة احتمال القبول الأميركي بتفوق الصين اقتصاديًّا؛ فقد خاضت الولايات المتحدة منذ سبعينات القرن الماضي حروبًا تجارية عديدة للحفاظ على تفوقها الاقتصادي والسياسي، من أبرزها الحروب التجارية مع اليابان والاتحاد الأوروبي حول صناعات السيارات والأقمشة والفولاذ وأجهزة التلفاز الملونة وأسعار صرف العملات(76). وفي حال تحقق هذا “السيناريو التعاوني” فإن أقصى ما يمكن أن يحققه البلدان هو وقف الحرب التجارية بينهما(77).

ثانيًا: استمرار الوضع الحالي

إن التجارة بالشكل الطبيعي ليست لعبة صفرية، بل تقوم على استفادة الطرفين، إلا أن خوض كل من الولايات المتحدة والصين حربًا تجارية تضر باقتصاديهما، يشير إلى أن الدافع إلى الحرب التجارية الجارية هو التنافس على الهيمنة السياسية. ولذلك، فمن المتوقع أن تطول مدة الحرب التجارية، وحتى حينما تتوقف فمن المتوقع أن تحصل أشكال مماثلة من الصراع ما دام الطرفان يتنافسان على الهيمنة(78). ومما يعزز احتمال تحقق هذا السيناريو قدرة الصين على احتمال الآثار الاقتصادية للحرب التجارية بفعل الحجم الهائل لناتجها القومي، والتطور السريع لاقتصادها، ووفرة الأصول الاحتياطية لديها(79).

وفي حال تحقق هذا السيناريو فمن الممكن أن تشمل الإجراءات الأميركية: وضع قيود على الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة، وخصوصًا في مجال التكنولوجيا، ووضع قيود على دراسة الطلاب الصينيين في الجامعات الأميركية. وفي المقابل، تلوِّح الصين بإجراءات منها تقييد تصدير المعادن النادرة للولايات المتحدة إلا أن استمرار التصعيد والإجراءات من هذا القبيل قد يؤدي في نهاية المطاف إلى حرب باردة بين الطرفين.

ثالثًا: الحرب الباردة

يشمل هذا السيناريو تصاعد المواجهة لتشمل حروبًا سياسية وإعلامية، وتحالفات واسعة النطاق، وانطلاق سباق تسلح بما في ذلك نشر الأسلحة في الفضاء، والحرب السيبرانية، وصولًا إلى الاشتباك غير المباشر بين الدولتين على شكل حرب -أو سلسلة حروب- بالوكالة.

ومن الدوافع لتحقق هذا السيناريو: سعة نطاق التنافس بين الطرفين؛ إذ يتنافسان على الهيمنة على صناعات المستقبل: الذكاء الاصطناعي (AI)، والروبوتات، و5G، والحوسبة الكمية، والسيارات الكهربائية، والتكنولوجيا الحيوية. وستكون تقنية 5G قريبًا الشكل القياسي للاتصال لمعظم البنية التحتية المدنية والعسكرية الحساسة، ناهيك عن السلع الاستهلاكية الأساسية المتصلة عبر “إنترنت الأشياء” الناشئ. ويشير وجود شريحة 5G إلى أن أي جهاز منزلي يمكن أن يصبح جهاز تنصت. وهذا يعني أنه إذا كان يُنظر إلى شركة هواوي على نطاق واسع باعتبارها تهديدًا للأمن القومي، فسيكون الأمر كذلك لآلاف صادرات السلع الاستهلاكية الصينية. ومن شأن هذا أن يؤدي إلى فصل اقتصادي على نطاق عالمي(80).

ومن المؤشرات على التوجه نحو التصعيد واستدامة المواجهة السياسية: اندفاع الإدارة الأميركية في شنِّ الحرب التجارية، ومحاولاتها قطع الطريق على مشروع الحزام والطريق، وصولًا إلى توظيف ملف فيروس كورونا لعزل الصين دوليًّا(81)، وإغلاق القنصليتين: الصينية في هيوستن(82) والأميركية في تشنغدو(83) على خلفية الاتهامات الأميركية للصين بالتجسس الاقتصادي، والتصريحات الإعلامية والتحريض في الأوساط البحثية ومراكز دعم القرار(84).

ويضاف إلى ما سبق تزايد تشدد رؤية المسؤولين والمؤسسات الرسمية الأميركية تجاه الصين؛ إذ نصَّت وثيقة الأمن القومي الأميركي للعام 2018 على أن التحدي الرئيس الذي يواجه ازدهار الولايات المتحدة وأمنها يتمثَّل في عودة ظهور منافسة استراتيجية طويلة الأمد مع الصين وروسيا(85).

وفي السياق ذاته، يندرج العديد من التصريحات الصادرة عن مسؤولين أميركيين؛ فقد اتهم مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، كريستوفر راي، الصين بإدارة حملة واسعة النطاق من التجسس الاقتصادي وسرقة البيانات والأموال، واللجوء إلى الرشوة والابتزاز للتأثير على السياسة الأميركية، بما يشكِّل “أكبر تهديد على المدى الطويل” لمستقبل الولايات المتحدة(86).

ومن العوامل التي تدعم احتمال تحقق هذا السيناريو شعور الصين بتزايد ضعف الولايات المتحدة وزيادة جرأتها على تحديها، وهو ما يظهر، على سبيل المثال، في مشروع الاتفاقية الشاملة مع إيران، والتي قد تُفشل -في حال إتمامها- سياسة “الضغط الأقصى” التي تنتهجها إدارة الرئيس، دونالد ترامب، في مواجهة إيران. ومن هذه العوامل أيضًا تزايد احتمال تصاعد حدة الحرب التجارية بإجراءات من قبيل منع الاستيراد أو زيادة التضييق على الاستثمارات في الصين(87).

ومن المؤشرات على خطورة مستوى الصراع بين الطرفين ما يلاحظه المراقبون بشأن عدم بذل الصين وأميركا جهدًا كافيًا لقيادة مواجهة عالمية لفيروس كورونا على الرغم من أنه شكَّل أخطر جائحة عالمية منذ قرابة مئة عام. في حين تمكَّن الطرفان من التعاون لمواجهة تحديات عالمية سابقة، دون تحييد صراعهما الجيوسياسي، ومن ذلك مواجهة الأزمة المالية العالمية عام 2008، ومواجهة وبائي سارس وإيبولا(88).

رابعًا: الحرب 

من الضروري التطرق إلى الخطورة التي يخلقها الوضع الذي قد يتقارب فيه نفوذ الولايات المتحدة مع نفوذ أي تكتل سياسي منافس لها؛ إذ إن ذلك يزيد من خطر الفوضى والحروب بالوكالة، وبما لا يُستبعد معه احتمال المواجهة المباشرة وإن كان ذلك احتمالًا ضئيلًا. فهناك آراء تعتقد أن صدامًا قد ينشأ حينما يلتقي خط صعود القوة الصيني مع خط هبوط القوة الأميركي، وهذا يقترب من الفكرة القائلة بأن “الخبرة التاريخية تشير إلى أن القوى الصاعدة مثل أوروبا والولايات المتحدة قد ساهمت بشكل كارثي في اضطراب النظام الكوني”(89).

وتشير التعبيرات السياسية الصادرة عن الطرفين إلى تصاعد التوتر العسكري بينهما، وأن احتمال المواجهة العسكرية المباشرة بينهما لم يعد أمرًا مستبعدًا -وإن كان غير مرغوب فيه بالتأكيد- ومن المؤشرات بهذا الخصوص تصريح وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، بأن الولايات المتحدة تقوم بتجهيز قواتها في جميع أنحاء آسيا وتعيد تمركزها استعدادًا لمواجهة محتملة مع الصين(90)، ثم مطالبة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أعضاء الحلف بالاستعداد لمواجهة تهديدات الصين(91)، وتحذير وزارة أمن الدولة الصينية من أن الصين واجهت العداء بسبب تفشي وباء كوفيد-19 الذي يمكن أن يقلب العلاقات مع الولايات المتحدة إلى مواجهة مسلحة(92).

وعلى المدى القصير، فإن أكثر موقع محتمل لأن يتحوَّل فيه الصراع إلى حرب حقيقية هو بحر الصين الجنوبي. وفي حال حصول صراع عسكري “صغير” بين الطرفين فمن الممكن أن يكلِّف ذلك الاقتصاد العالمي تريليونات الدولارات، ناهيك عن تعطل سلاسل الإمداد في جميع أنحاء العالم(93).

6. تأثير الصراع على شكل النظام الدولي

في حال تحقق أي من سيناريوهي الحرب الباردة أو الحرب، فإن من شأن ذلك إحداث تغيير عميق في النظام الاقتصادي والسياسي العالمي، ففي مآل حرب باردة من المرجح أن ينشأ نظام دولي جديد يعترف بأن القوة الجديدة الصاعدة يجب منحها دورًا في تشكيل القواعد والمؤسسات العالمية(94).

وفي الوقت الحالي، يُؤجِّج الصراع الصيني-الأميركي عملية واسعة النطاق لإزالة العولمة، أو على الأقل تقسيم الاقتصاد العالمي إلى كتلتين اقتصاديتين غير متوافقتين. وفي أي من الحالتين، ستصبح التجارة في السلع والخدمات ورأس المال والعمل والمعلومات والبيانات والتكنولوجيا “مُبَلْقَنَة” بشكل متزايد، وستصبح شبكة الإنترنت “مُبَلْقَنَة” (Splinternet)؛ حيث لن تتصل العقد الغربية والصينية ببعضها البعض(95).

وفي هذا العالم “المُبَلْقَن”، تتوقع كل من الصين والولايات المتحدة أن تختار كل الدول الأخرى جانبًا “أنت معنا أو ضدنا”. وبفعل تحكم الصين والولايات المتحدة بشكل منفصل في الوصول إلى التقنيات المهمة مثل الذكاء الاصطناعي و5G، من المحتمل أن “تصبح الأرضية الوسطى غير قابلة للسكن”، وسيتعين على الجميع الاختيار، وقد يدخل العالم في عملية طويلة من إنهاء العولمة والتفتت(96).

ومن العوامل المؤثرة في تحديد أوزان كل من الولايات المتحدة والصين في النظام الدولي مستقبلًا: مدى قدرة كلا الطرفين على جذب أوروبا وروسيا أو تحييدهما، وكذلك الحال بشأن التنافس على استمالة بقية الدول على طريق الحرير، ومدى استعداد الولايات المتحدة لإعاقة التجارة الصينية بالعقوبات أو باستخدام القوة العسكرية، إضافة إلى التداعيات الاقتصادية والسياسية على الطرفين بفعل الحرب التجارية الجارية حاليًّا.

كما يدفع تفشي وباء كوفيد-19 باتجاه المزيد من التراجع النسبي للولايات المتحدة في السنوات المقبلة، واستمرار التحوُّل في توزيع السلطة العالمية باتجاه الشرق بفعل أداء الصين ودول شرق آسيا الذي تفوق على أداء الولايات المتحدة ودول أوروبا في التعامل مع الوباء(97) إلا أن الولايات المتحدة تتمتع بعناصر قوة متعددة وفريدة ستساعدها في الحفاظ على موقع الدولة الأبرز والأكثر تأثيرًا بين عدد من المنافسين، ربما لأكثر من عقد مقبل من الزمن(98).

وبملاحظة المؤشرات السياسية والاقتصادية والعسكرية يظهر أنه على الرغم من الصعود الصيني المستمر فإن الفجوة بين الصين والولايات المتحدة لا تزال كبيرة للغاية، وهو ما يجعل أي تغير جوهري لشكل النظام الدولي مستبعدًا على المدى القريب، لكنه أمر ممكن على المديين المتوسط والبعيد.

خاتمة

تشير المؤشرات الاقتصادية والسياسية والعسكرية إلى تقدم مطَّرد للصين على المستوى العالمي، فيما تشير المؤشرات السياسية إلى تراجع متسارع للهيمنة العالمية للولايات المتحدة، وهو ما يُعزِّز بدوره الضغوط والتحديات التي يواجهها الاقتصاد الأميركي.

فيما تشكِّل القوة العسكرية الأميركية الدعامة الأكثر أهمية لاستمرار الهيمنة الأميركية في الوقت الراهن، إلا أن عدم مواكبة القدرات السياسية لهذه القدرة العسكرية سيعزز التداعيات السلبية لاستخدام القوة العسكرية على المكانة الدولية للولايات المتحدة. وفي حين كانت تتم الإشارة إلى كفاءة النظام السياسي الأميركي باعتباره أحد أهم الضمانات لاستمرار الهيمنة العالمية للولايات المتحدة، إلا أن هذا النظام أفرز إدارة تُلحق أضرارًا فادحة وغير مسبوقة بمكانة الولايات المتحدة وتُضعف الأدوات التي كانت تسيطر بها على العالم، من دون أن يتمكن هذا النظام من إيقاف تلك الأضرار، ولعل هذا هو المعطى الأكثر تأثيرًا في تراجع الهيمنة الأميركية العالمية.

وفي المقابل، فإن التهديد الصيني للهيمنة الأميركية يتمركز حول الاقتصاد وهو ما يضعفه؛ إذ إن العلاقات الاقتصادية لوحدها تتناقض مع المصلحة الاستراتيجية أحيانًا، ولن تستطيع الصين أن تصبح دولة عظمى إلا حينما تتحرر من هذا الأمر(99). كما أن الصين لا تقدم للشعوب “الحلم الصيني” الذي يمكن أن يتفوق على “الحلم الأميركي”، وهو مما يحدُّ من قدرتها على بناء العلاقات مع الشعوب ويركِّز علاقاتها بالأنظمة. إضافة إلى أن فرص تحوُّل الصين إلى قطب جديد في النظام الدولي تتأثر بحاجز اللغة وبالنفوذ الثقافي الذي لا تزال الولايات المتحدة في موقع الهيمنة العالمية فيه. ومن العوائق الاستراتيجية أيضًا التي تعيق صعود الصين إلى موقع الهيمنة العالمية أنها محاطة بحلفاء للولايات المتحدة وأن الأخيرة لا تزال تسيطر على طرق تجارة الصين.

المراجع

(1)  Jerome C. Glenn, “Introduction to the Futures Research Methods Series,” The Millennium Project, Futures Research Methodology- V3.0, (2020): 4.

(2) Hannah Kosow and Robert Gabner, “Methods of Future and Scenario Analysis, Overview, Assessment, and Selection Criteria”, Deutsches Institut für Entwicklungspolitik, Bonn, (2008): 11.

(3) جمال سلامة علي، تحليل العلاقات الدولية: دراسة في إدارة الصراع الدولي، (القاهرة، دار النهضة العربية، 2013)، ص 52.

(4) مايكل جيه مازار وآخرون، فهم النظام الدولي الحالي، (كاليفورنيا، مؤسسة راند، 2016)، ص 7.

(5) المرجع السابق، ص 8.

(6) The Encyclopedia of Political Science, (2011), 833.

(7) Ibid, 834.

(8) The World Bank, “GDP (constant 2010 US$)- United States, China, World,” The World Bank Database, “accessed July 17, 2020”. https://bit.ly/3a9x9mr.

وتُحسب القيمة الشرائية باستخدام “الدولارات الدولية” التي تعني أنها تشتري من السلع والخدمات في بلد ما نفس مقدار السلع والخدمات التي تشتريها الدولارات الأميركية في الولايات المتحدة.

(9) “About AIIB,” Asian Infrastructure Investment Bank, “accessed July 24, 2020”. https://bit.ly/3klHNLP.

(10) “GDP, PPP (constant 2017 international $) – United States, China,” The World Bank Database, “accessed July 17, 2020”. https://bit.ly/2DyTE8R.

(11) “الورقة المرجعية لمؤتمر الصين والعرب”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 21 و22 مايو/أيار 2016، (تاريخ الدخول: 27 يوليو/تموز 2020): http://bit.ly/2lGzPmF.

(12)  على سبيل المثال، انظر:

Mwenda Kailemia, “Enter the Dragon: the Ecological Disorganisation of Chinese Capital in Africa,” Third World Quarterly, Vol. 38, Issue 9, (2017): 2082-2096.

(13) Jeffrey D. Sachs, “Will America Create a Cold War with China?,” China Economic Journal, Vol. 12, Issue 2, (June 2019): 100-108.

(14) The World Bank, “United States,” The World Bank Database, “accessed August 9, 2020”. https://bit.ly/2DMn17i.

(15) The World Bank, “GDP, PPP (constant 2017 international $)- United States, China,” The World Bank Database, “accessed August 9, 2020”. https://bit.ly/3kqrJZ6.

(16) بحسابها من بيانات البنك الدولي، انظر:

The World Bank, “GDP (current US$)- United States, China, World,” The World Bank Database, “accessed August  9, 2020”. https://bit.ly/3a9IB1r.

(17) The World Bank, “China,” The World Bank Database, “accessed August 9, 2020”. https://bit.ly/3gKw6w2.

(18) The World Bank, “GDP, PPP (constant 2017 international $)- China,” The World Bank Database, “accessed August 9, 2020”. https://bit.ly/2XFZLPu.

(19) Ibid.

(20) The World Bank, “Total reserves (includes gold, current US$)- China, United States,” The World Bank Database, “accessed August 9, 2020”. https://bit.ly/3ioutEs.

(21) Ibid.

(22) The World Bank, “World Development Indicators: Growth of output,” The World Bank Database, “accessed August 9, 2020”. https://bit.ly/2F1pCKZ.

(23) Ibid.

(24) عن وقائع الحرب التجارية، انظر:

Dorcas Wong and Alexander Chipman Koty, “The US-China Trade War: A Timeline,” China Briefing, “accessed July 15, 2020”. https://bit.ly/2Cb645U.

 (25) استنادًا إلى قاعدة بيانات البنك الدولي، انظر:

The World Bank, “Total reserves minus gold (current US$)- China, United States,” The World Bank Database,  “accessed August 10, 2020”. https://bit.ly/30FNc8E.

(26) للمزيد، انظر: أليسار كرم، “الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة: يضحك طويلًا من يضحك أخيرًا”، الإعمار والاقتصاد (لبنان، العدد 345، نوفمبر/تشرين الثاني 2018)، ص 11.

(27) للمزيد، انظر: “الشراكة عبر المحيط الهادئ: اتفاق طموح حتى بدون الولايات المتحدة”، وكالة الأنباء الفرنسية، 31 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، (تاريخ الدخول: 10 أغسطس/آب 2020):https://bit.ly/33IBSKW .

(28) Sachs, “Will America Create a Cold War With China?,” op, cit.

(29) استنادًا إلى أرقام البنك الدولي:

The World Bank, “GDP (current US$)- United States, World,” The World Bank Database, “accessed August 10, 2020”. https://bit.ly/33JpRF2.

(30) جيلالي بورزامة، خالد بن عمر، “صراع العملات الدولية وقيادة النظام النقدي الدولي”، مجلة البشائر الاقتصادية (المجلد 4، العدد 3، 2018)، ص 233.

(31) كان من أسباب انهيار منافس الولايات المتحدة الرئيس آنذاك، وهو الاتحاد السوفيتي، عدم تمكنه من إنشاء نظام اقتصادي ومالي منافس.

(32) جيلالي، ابن عمر، “صراع العملات الدولية وقيادة النظام النقدي الدولي”، مرجع سابق، ص 232.

(33) كرم، “الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة: يضحك طويلًا من يضحك أخيرًا”، مرجع سابق.

(34) للمزيد حول صراع العملات، انظر: جيلالي، ابن عمر، “صراع العملات الدولية وقيادة النظام النقدي الدولي”، مرجع سابق.

(35) انظر مثلًا: “بعد مناورات مكثفة للصين: أمريكا تنظِّم دوريات في بحر الصين الجنوبي”، رويترز، 11 أبريل/نيسان 2018، (تاريخ الدخول: 10 سبتمبر/أيلول 2020):https://bit.ly/3mkKYEy .

(36) تفاصيل مشروع الاتفاق مع إيران نشرتها صحيفة نيويورك تايمز في:

Farnaz Fassihi and Steven Lee Myers, “Defying U.S., China and Iran Near Trade and Military Partnership,” The New York Times, July 11, 2020,  “accessed Aug  10, 2020”. https://nyti.ms/2XKlIwF.

(37) Jinhyun Lee, “Duterte’s (Pivot to China) and the Influence of the Public,” Asia-Pacific Social Science Review, Vol. 20, Issue 1, (2020): 53-65.

(38) عن تزايد التماهي بين هوية الصين وهوية قومية الهان على حساب غيرها من القوميات، انظر:

 رايموند لي، “صعود هوية قومية الهان في الصين: الأسباب والتداعيات”، مركز الجزيرة للدراسات، 6 أبريل/نيسان 2014، (تاريخ الدخول: 10 أغسطس/آب 2020):https://bit.ly/2PEut7a .

(39) مثل الاعتماد على الاتفاقية مع إيران لضمان عدم استهداف إيران إمدادات الطاقة الخاصة بالصين، وهو ما قد يفسر الإحجام الصيني عن المشاركة في القوات التي تشكَّلت “لحماية حرية الملاحة” في الخليج.

(40) عن استراتيجية التوجه غربًا، انظر: ناصر التميمي، “اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﺠوﻫﺮﻳﺔ ﻟﺒﻜين واﻟﺘﺪاﻋﻴﺎت اﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ﻋرﺑﻴًّﺎ”، المستقبل العربي (لبنان، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 461، يوليو/تموز 2017)، ص 79.

(41) للمزيد، انظر: “الورقة المرجعية لمؤتمر الصين والعرب”، مرجع سابق.

(42) “Inside China’s Plan to Create a Modern Silk Road,” Morgan Stanley, March 14, 2018, “accessed August 10, 2020”. https://mgstn.ly/30Hx0DP.

(43) للمزيد، انظر:

 Andrew  Korybko, VM. Morozov, “The Prospects of Russia and India Jointly Leading a New Non-Aligned Movement,” Vestnik MGIMO-University, Vol. 13, Issue 2, (2020): 94-122.

(44) للمزيد، انظر:

 Aaron Wess Mitchell, “Central Europe’s China Reckoning,” The American Interest, April 23, 2020,  “accessed August 10, 2020”. https://bit.ly/3fLrfZT.

(45) Javi Lopez, “The Coronavirus: A Geopolitical Earthquake”, The European Council on Foreign Relations (ECFR), April 2020,  “accessed August 10, 2020”. https://bit.ly/2DHvwAp.

(46) لتفاصيل مشروع الاتفاقية، انظر:

Fassihi and Lee Myers “Defying U.S., China and Iran Near Trade and Military Partnership,” op, cit.

(47) Lee, “Duterte’s (Pivot to China) and the Influence of the Public,”: 1.

(48) “قانون الأمن في هونغ كونغ: الصين تقر التشريع المثير للجدل”، بي بي سي عربي، 30 يونيو/حزيران 2020، (تاريخ الدخول: 30 يوليو/تموز 2020): https://bbc.in/3gI3FyK.

(49) Daniel Blumenthal, “The Unpredictable Rise of China,” The Atlantic, February 3, 2019, “accessed August 10, 2020”. http://bit.ly/2kpXHuB.

(50) عبد الله جودة، “نهاية الهيمنة الأمريكية: نحو عالم متعدد الأقطاب”، رأي اليوم، 14 فبراير/شباط 2017، (تاريخ الدخول: 26 يوليو/تموز 2020):https://bit.ly/2PGwX4I .

(51) Francis Fukuyama, “The Pandemic and Political Order It Takes a State”, Foreign Affairs, Vol. 99, Issue 4, (July/August, 2020): 26-32.

(52) “فيروس كورونا: ترامب يتخذ إجراءات لخروج الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية”، بي بي سي عربي، 8 يوليو/تموز 2020، (تاريخ الدخول: 25 يوليو/تموز 2020):https://bbc.in/3gCgwCq .

(53) “Military expenditure”, Stockholm International Peace Research Institute,  “accessed August 10, 2020”, https://bit.ly/31BCr6i.

(54) Yew Lun Tian, “China defence spending rise at three-decade low, still to grow 6.6%,” Reuters, May 22, 2020, “accessed August 10, 2020”. https://reut.rs/3gHHtEV.

(55) “China Military Expenditure,” Trading Economics, “accessed July 15, 2020”. https://bit.ly/2F19UiZ.

(56) Nick Childs, “China’s Naval Shipbuilding: Delivering on its Ambition in a Big Way,” the International Institute for Strategic Studies, May 1, 2018, “accessed August 10, 2020”. https://bit.ly/30DFCeK.

(57) مايكل أندريج، “هل يمكن إنهاء الخلافات بين الولايات المتحدة والصين؟”، اتجاهات الأحداث، (العدد 30، 2019)، ص 31-32.

(58) المرجع السابق.

(59) Fassihi and Lee Myers “Defying U.S., China and Iran Near Trade and Military Partnership,” op, cit.

(60) التميمي، “اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﺠوﻫﺮﻳﺔ لبكين والتداعيات اﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ﻋرﺑﻴًّﺎ”، مرجع سابق.

(61) Fassihi and Lee Myers “Defying U.S., China and Iran Near Trade and Military Partnership,” op, cit.

(62) Abhishek G. Bhaya, “China backs Russian Plan for ‘Collective Security’ in Persian Gulf,” China Global Television Network, July 26, 2019, “accessed August 10, 2020. https://bit.ly/3bx8AR2.

(63) Ministry of Foreign Affairs of the Russian Federation, “Russia’s Security Concept for the Gulf Area,” Ministry of Foreign Affairs of the Russian Federation, July 23, 2019, “accessed September 8, 2020”. https://bit.ly/2DuOIl4.

(64) “Military expenditure,” Stockholm International Peace Research Institute, op, cit.

(65) Ibid.

(66) Ibid.

(67) The World Bank, “World Development Indicators: Growth of output,” op, cit.

(68) سيدي أحمد ولد أحمد سالم، “الصين والتحديات الداخلية”، مركز الجزيرة للدراسات، 18 يناير/كانون الثاني 2015، (تاريخ الدخول: 26 يوليو/تموز 2020):http://bit.ly/2koFNIF .

(69) دامبيسا مويو، “هل أصبحت الصين القوة الجديدة التي يحتذى بها بالنسبة للأسواق الناشئة؟”، تيد، يونيو/حزيران 2013، (تاريخ الدخول: 26 يوليو/تموز 2020):http://bit.ly/2lFj5fz .

(70) للمزيد، انظر: محمد غازي الجمل، “لماذا نتعاطف مع الإيغور؟”، مدونات الجزيرة، 20 يناير/كانون الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 11 أغسطس/آب 2020):https://bit.ly/33FTbfu .

(71) “هونغ كونغ: حزمة عقوبات أمريكية إثر فرض الصين قانون الأمن الجديد فيها”، بي بي سي عربي، 2 يوليو/تموز 2020، (تاريخ الدخول: 11 أغسطس/آب 2020): https://bbc.in/3fGXZUj.

(72) سون ديغانغ، “الصين وحوكمة أمن الشرق الأوسط في العصر الجديد”، المستقبل العربي (لبنان، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 461، يوليو/تموز 2017)، ص 92- 114.

(73) Kosow, “Methods of future and scenario analysis,” 11.

(74) “تفاصيل المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري الأمريكي الصيني”، وكالة الأناضول، 16 يناير/كانون الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 11 أغسطس/آب 2020):https://bit.ly/3ifSe1A .

(75) Terence Chong and Xiaoyang Li, “Understanding the China–US Trade War: Causes, Economic Impact, and the Worst-Case Scenario,” Economic and Political Studies, Vol. 7 Issue 2, (2019): 195.

(76) Ibid: 191.

(77) أندريج، “هل يمكن إنهاء الخلافات بين الولايات المتحدة والصين؟”، مرجع سابق.

(78) Iram Khalid, “Sino-US Competition and Challenges for Global Political Order,” Journal of Political Studies, Vol. 26, Issue 2, (2019): 281-300.

(79) Chong, “Understanding the China–US Trade War: Causes, Economic Impact, and the Worst-Case Scenario,” 199.

(80) Nouriel Roubini, “The Specter of Deglobalization and the Thucydides Trap”, horizons, Center for International Relations and Sustainable Development, issue 15, (Winter 2020), “accessed August 11, 2020”. https://bit.ly/3fHJ7Vu.

(81) للمزيد، انظر: محمد غازي الجمل، “منشأ فيروس كورونا والتصعيد بين الولايات المتحدة والصين”، تي آر تي عربي، 6 مايو/أيار 2020، (تاريخ الدخول: 11 أغسطس/آب 2020):https://bit.ly/2DxI51m .

(82) Kate O’Keeffe et al., “U.S. Orders China to Close Houston Consulate,” The Wall Street Journal, July 22, 2020, “accessed August 10, 2020”. https://on.wsj.com/2CknI7s.

(83) “ردًّا على إجراء أميركي مماثل في هيوستن.. بكين تغلق قنصلية أميركية في أراضيها”، الجزيرة نت، 24 يوليو/تموز 2020، (تاريخ الدخول: 11 أغسطس/آب 2020):https://bit.ly/2PCVzLL .

(84) كنموذج للتعبئة ضد الصين في مراكز الدراسات بالولايات المتحدة، انظر: دراسة مجلس العلاقات الخارجية الذي تبنَّت إدارة ترامب سياسات قريبة من توصياته:

Robert D. Blackwill and Ashley J. Tellis, “Revising U.S. Grand Strategy Toward China,” Council on Foreign Relations, April 2015, “accessed August 11, 2020”. https://on.cfr.org/30PBFUt.

وانظر أيضًا:

Michael Mandelbaum, “The Geopolitics of the Coronavirus,” The American Interest, March 24, 2020, “accessed August 11, 2020”. https://bit.ly/2PEvooa.

(85) United States Department of Defense, “Summary of the 2018 National Defense Strategy,” United States Department of Defense, January 19, 2018, “accessed August 11, 2020”. https://bit.ly/3gMSSTU.

(86) “مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي: الصين هي “الخطر الأكبر” الذي يتهدد الولايات المتحدة”، بي بي سي عربي، 8 يوليو/تموز 2020، (تاريخ الدخول: 11 أغسطس/آب 2020): https://bbc.in/30HdmHS.

(87) كرم، “الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة: يضحك طويلًا من يضحك أخيرًا”، مرجع سابق.

(88) Evan A. Feigenbaum, “Six Crises: How the U.S. and China Coordinated Despite Strategic Rivalry,” Carnegie Endowment for International Peace, April 2020, “accessed August 11, 2020”. https://bit.ly/31xYCKX.

(89) ديفيد شامبوا، “التنين الصيني: التحدي الاستراتيجي الجديد القديم للغرب”، السبيل، 24 يوليو/تموز 2010، (تاريخ الدخول: 26 يوليو/تموز 2020):http://bit.ly/2lGAdl7 .

(90) Nancy A. Youssef, “U.S. Is Positioning Military Assets Around Asia to Counter China, Esper Says,” The Wall Street Journal, July 21, 2020,  “accessed August 11, 2020”. https://on.wsj.com/2XEe0Eg.

(91) “NATO’s Jens Stoltenberg Sounds Warning on China’s Rise,” Deutsche Welle, June 13, 2020, “accessed August 11, 2020”. https://bit.ly/3gMYpda.

(92) Tian, “China Defence Spending Rise at Three-Decade Low, Still to Grow 6.6%,” op, cit.

(93) أندريج، “هل يمكن إنهاء الخلافات بين الولايات المتحدة والصين؟”، مرجع سابق.

(94) Roubini, “The Specter of Deglobalization and the Thucydides Trap,” op, cit.

(95) Ibid.

(96) Ibid.

(97) Fukuyama, “The Pandemic and Political Order,” op, cit.

(98) “ما بعد وباء كوفيد 19: أي عالم يمكن توقعه؟”، مركز الجزيرة للدراسات، 13 أبريل/نيسان 2020، (تاريخ الدخول: 11 أغسطس/آب 2020):https://bit.ly/2DQnsO0 .

(99) مقابلة أجراها الباحث مع الدكتور علي مراد، أستاذ القانون الدولي في جامعة بيروت العربية، 1 مارس/آذار 2019، بيروت.

تنويه: يتقدم الباحث بالشكر للدكتور علي مراد، أستاذ القانون الدولي في جامعة بيروت العربية، على المساعدة القيمة التي قدَّمها في وضع خطة البحث، وفي الملاحظات التي أسهمت في تشكيل مضمونه.