ملخص :
تبحث الدراسة في التهديدات والتحديات التي يشكِّلها تزايد النفوذ والحضور الاستثماري الصيني في موانئ دول الخليج العربية، وترصد التداعيات الأمنية والسياسية المترتبة على ذلك من خلال تحليل تأثير تمدد خطط الصين في إنشاء قواعد عسكرية لحماية مصالحها الاقتصادية والاستثمارية في موانئ منطقة الخليج العربي. ويمثِّل ذلك منطلقًا للسؤال الإشكالي للدراسة: كيف يؤثر تصاعد حضور الصين في موانئ الخليج على تصاعد التهديدات والتحديات الأمنية لدول الخليج العربية؟ وتنبع إشكالية الدراسة من تحولات البيئة الأمنية التي يفرضها الحضور الصيني المتصاعد، فتسعى إلى تحليل مظاهر التهديدات والتحديات الأمنية، وتفسير الآثار المترتبة على تزايد الحضور الصيني في موانئ دول الخليج العربية. وتوصلت الدراسة، التي اعتمدت المنهجين، التاريخي والوصفي، في رصد تاريخ الصراع بين القوى العظمى للسيطرة على منطقة الخليج، إلى مجموعة من النتائج أبرزها سعي الصين إلى منافسة الولايات المتحدة الأميركية في حركة التجارة الدولية، وخاصة في منطقة الخليج، وهو ما يشكِّل مصدرًا لتحولات عميقة في النظام الأمني الإقليمي لدول الخليج العربية.
كلمات مفتاحية: صراع الموانئ، الصعود الصيني، الولايات المتحدة، الصين، دول الخليج العربية، طريق الحرير الجديد، التغلغل العسكري الصيني.
Abstract:
This study examines the threats and challenges posed by the increasing influence and investment presence of China in the ports of Arab Gulf countries. It explores the resulting security and political ramifications through an analysis of the impact of China’s expansion plans in establishing military bases to protect its economic and investment interests in the ports of the Arabian Gulf region. This leads to the research question of the study: How does the increasing presence of China in Gulf ports affect the escalation of threats and security challenges to Arab Gulf countries? This question arises from changes in the security environment imposed by the rising Chinese presence, and therefore seeks to analyse the manifestations of security threats and challenges and interpret the resulting effects of Chinese presence in the ports of Arab Gulf countries. Using the historical and descriptive methodologies in tracing the history of the power struggle between major powers to control the Gulf region, the study reaches a number of findings, including China’s pursuit of competition with the United States in international trade, especially in the Gulf region. This constitutes a source of profound transformations in the regional security system of Arab Gulf countries.
Keywords: port competition, Chinese rise, United States, China, Arab Gulf countries, New Silk Road, Chinese military penetration.
مقدمة
خلال العقدين الماضيين شكَّل الصعود الصيني أحد أبرز قضايا السياسة والأمن الدوليين؛ فالصين بوصفها قوة اقتصادية صاعدة ومنافسة للولايات المتحدة الأميركية أصبحت مثار اهتمام العديد من البحوث والدراسات الأكاديمية التي كرست جهدها البحثي في استقصاء تأثير ذلك على الأمن الدولي. وقد سعت الصين، وفي سياق خططها الاستراتيجية للصعود كأكبر قوة اقتصادية عالمية، منذ أوائل التسعينات من القرن الماضي إلى البدء في بناء طريق الحرير الجديد، بما في ذلك ما كان يعرف بالجسر البري الأوروبي الآسيوي، الذي يربط الصين وكازاخستان ومنغوليا وروسيا ويصل إلى ألمانيا بالسكك الحديدية. لكن المشروع الأبرز جاء عام 2013، عندما أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ، مبادرة “الحزام والطريق”، التي أصبحت مشروع الصين الأضخم في الوصول إلى أسواق آسيا وأوروبا وإفريقيا، حيث تحتل هذه المبادرة أهمية استراتيجية نظرًا لطبيعة شبكة الطرق البرية والبحرية التي تعمل الصين على توسيعها لتعزيز حضورها قطبًا اقتصاديًّا عالميًّا، حيث وقَّعت الصين، في العام 2019، 173 اتفاقية مع 125 دولة و29 منظمة دولية للمشاركة في هذه المبادرة وتجسيدها على أرض الواقع(1).
يحمل المشروع أهمية استراتيجية كبيرة باستهداف الوصول إلى العديد من الموانئ في القارات الثلاث (آسيا وأوروبا وإفريقيا) من خلال ربط هذه الموانئ بالاقتصاد الصيني، وتنظيم خطوط النقل والتوصيل لمصادر الطاقة. كما أن مرافق النقل وتوصيل مصادر الطاقة ستسهم بشكل إيجابي في تعزيز نمو الاقتصاد الصيني، والتغلب على العديد من التحديات والهيمنة الأميركية لإمدادات الطاقة عبر مضيق ملقا.
تُعد منطقة الخليج والشرق الأوسط بمنزلة القلب الجغرافي لمبادرة الصين “الحزام والطريق”؛ فالموقع الاستراتيجي للمنطقة بين القارات الثلاث (آسيا وأوروبا وإفريقيا) يجعل منها مركزًا رئيسيًّا لخطة الصين في التوسع الاقتصادي ضمن خطتها الاستراتيجية “صنع في الصين 2025″(2)؛ حيث تتمتع منطقة دول الخليج العربية بأهمية استراتيجية على طرق التجارة العالمية. كذلك قامت الصين بإنشاء قاعدتها العسكرية في جيبوتي ليكون لها موطئ قدم على البحر الأحمر ومضيق باب المندب والذي يمثِّل شريانًا بحريًّا رئيسيًّا للتجارة البحرية من وإلى أوروبا.
تعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية؛ حيث بلغ حجم التجارة بين الطرفين أكثر من 190 مليار دولار في 2020، ضمن آليات متوازنة إلى حد ما في الواردات والصادرات، فمنطقة الخليج بالنسبة للصين تعد مصدرًا رئيسيًّا للحصول على الطاقة بكميات ضخمة تغطي حوالي 60% من احتياجاتها، وهي مجال ناشئ ومتاح للاستثمارات الصينية، التي ينمو اقتصادها بسرعة؛ مما يمكِّنها من وضع قدمها بثقة في الأنشطة الاقتصادية لجميع دول الخليج.
كما ترى الصين في منطقة الخليج جسرًا بحريًّا لتوسيع نفوذها في باقي الدول العربية ومنطقة شرق إفريقيا، لذلك تعد منطقة الخليج ذات أهمية جيوسياسية واقتصادية للصين في إطار مشروعها الطموح “طريق الحرير الجديد” لربط أسواق العالم بها بريًّا وبحريًّا ورقميًّا. لذا تعمل الصين على تعزيز حضورها في موانئ الخليج ليكون لها موطئ قدم ترتكز عليها في توسيع نفوذها ومجالها الحيوي الاقتصادي في المنطقة.
ويصاحب تعاظم النفوذ والحضور الاقتصادي المتصاعد للصين في موانئ الخليج تزايد حدة التنافس، أو ربما الصراع مع قوى تصف نفسها بأنها تقليدية ولديها “مصالح قومية” تعمل على حمايتها والحفاظ عليها. فالولايات المتحدة والهند من القوى ذات الحضور الكبير في التجارة البحرية لموانئ الخليج، سواء على صعيد الطاقة أو التجارة السلعية الأخرى، وكلتا الدولتين تريان في تصاعد النفوذ الصيني في موانئ الخليج “تهديدًا” لمصالحهما القومية.
وفي هذا السياق، تحاول الدراسة الإجابة عن هذا الحقل الاستفهامي، الذي يؤطر المشكلة البحثية حول تعاظم النفوذ الصيني وتأثيره في صراع الموانئ وأمن دول الخليج العربية:
– ما أبرز المحطات التاريخية في تنافس القوى الاستعمارية للسيطرة على موانئ دول الخليج العربية؟
– هل سيؤدي تصاعد النفوذ الصيني في موانئ دول الخليج العربية إلى إنشاء قواعد عسكرية صينية في المنطقة أو في جوارها الإقليمي؟
– كيف يؤثر تصاعد النفوذ الصيني في موانئ الخليج على دخول دول خليجية في اتفاقيات أمنية مع الصين؟
– كيف يؤثر تصاعد النفوذ الصيني في موانئ الخليج على تحفيز دول إقليمية كبرى للعب دور تجاري وأمني أكبر في المنطقة؟
وانطلاقًا من هذه المشكلة البحثية تستقصي الدراسة الفرضية التي تؤكد وجود تنافس دولي محموم للسيطرة على الموانئ الخليجية، ويستصحب ذلك علاقة ارتباط إيجابي بين تصاعد حضور النفوذ الصيني في موانئ دول الخليج العربية وتصاعد التهديدات والتحديات الأمنية التي تواجه منطقة الخليج العربي.
وتستخدم الدراسة في مقاربة المشكلة البحثية وأبعادها المنهجَ التاريخي لرصد صيرورة الصراع بين القوى العظمى للسيطرة على منطقة الخليج، كما اعتمدت المنهج الوصفي التحليلي لدراسة متغيرات الصراع الدولي في منطقة الخليج.
مدخل للفهم والتفسير (إطار نظري)
بسبب التغيرات والمدافعة السياسية داخل حزب الشعب الصيني خلال فترة سبعينات القرن العشرين، استطاع الرئيس، دنغ شياو بينغ، انتهاج سياسة الانفتاح عام 1978، والتي سرَّعت من تطبيع العلاقات السياسية مع الولايات المتحدة الأميركية عام 1979. وقد عززت هذه السياسة من تبني الصين التدريجي لسياسات اقتصادية رأسمالية على المستوى الداخلي والخارجي، فخلال مرحلة ما بعد “ماو تسي تونغ” ظهرت نظريتان تدعمان هذا التوجه الصيني نحو المزاوجة بين الاشتراكية والرأسمالية، هما: نظرية قفص العصفور (Bird cage Theory) التي طرحها “دينغ شياو بينغ”، وتقوم على المواءمة بين الاشتراكية والرأسمالية بحيث لا تتخلى كلية عن الاشتراكية وتستعين في ذات الوقت بآليات الرأسمالية، أي أن تظل الصين داخل قفص الاشتراكية مع العمل على توسيع دائرة ذلك القفص(3).
أما النظرية الأخرى فتعرف باسم نظرية لون القط (Cat-color) التي صاغ فكرتها “لوي جيوي”، وهي تتكئ في الأصل على البراغماتية التي سيطرت على الفكر الصيني بعد فترة ماو تسي تونغ، ومؤداها أن النتائج الاقتصادية والسياسية تُعد الهدف والغاية بغض النظر عن التوجه العقدي الذي تنتهجه الدولة، فاللون ليس بذي أهمية طالما أن القط قادر على أداء مهمته(4).
وتجسد تطبيق الصين للسياسات الليبرالية من خلال السياسة الخارجية التي انتهجتها على مدى العقود الأربعة الماضية، حيث دعا الرئيس الصيني خلال مؤتمر دافوس 2017، إلى بناء اقتصاد عالمي أكثر انفتاحًا، وعارض بقوة سياسات الحمائية الاقتصادية التي تبنَّتها إدارة الرئيس دونالد ترامب عام 2017، وهو ما يؤكد أن الصين رسمت سياسات تسعى إلى تعظيم مرتكزات قوتها الاقتصادية العالمية وتوسيع شبكة علاقاتها التجارية، وانتهاج سياسات تجارية تعمل على تحفيز نمو التجارة الخارجية. وفي هذا السياق، أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة الأميركية، حيث بلغت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة في 2021، حوالي 151 مليار دولار. كما تعتبر الصين أكبر شريك اقتصادي لدول الاتحاد الأوروبي بحجم صادرات بلغ 557 مليار دولار في 2021(5). وقد نأت الصين بنفسها عن الخوض في النزاعات الإقليمية والدولية وحرصت على تعزيز الاعتماد الاقتصادي المتبادل مع العديد من دول العالم لتعظيم مصلحتها القومية فتمكنت من نسج شبكة مترامية الأطراف من العلاقات الاقتصادية ذات الاعتماد المتبادل على الاقتصاديات الكبرى.
السياق التاريخي لصراع القوى الاستعمارية على الموانئ في دول الخليج العربية
ظهر صراع الموانئ في دول الخليج العربية مع دخول الاستعمار الأوروبي، وبخاصة البرتغالي، إلى مياه المحيط الهندي ومنها إلى الخليج عبر طريق رأس الرجاء الصالح. وشكَّل موقع الخليج على خطوط حركة التجارة الدولية أهمية استراتيجية جعلت منه منطقة وصل حيوية بين آسيا وإفريقيا. وجاءت البدايات الأولى مع المواجهة بين الأسطولين العُماني والبرتغالي عام 1515، والتي أدت إلى احتلال مضيق هرمز وتأسيس القلعة البرتغالية الأولى في الخليج ليرسي بذلك قواعد الهيمنة البرتغالية على السواحل العُمانية وسواحل شرق إفريقيا لما يزيد عن 100 عام تغيَّر خلالها مسار التجارة الدولية من الخليج والبحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح(6). تراجعت الهيمنة البرتغالية في النصف الثاني من القرن 17 الميلادي بظهور الأسطول الهولندي، والذي سعى إلى تعزيز مكانته على حركة التجارة القارية على حساب البرتغاليين. أسهم ذلك في تصاعد حدة صراع الموانئ مع العُمانيين من جانب، والبرتغاليين والهولنديين من جانب آخر. كما ظهرت خلال تلك الفترة البحريةُ الفارسية التي رغبت في تقاسم الهيمنة على التجارة البحرية في الخليج العربي(7).
وفي ذات السياق، ظهرت بريطانيا بأسطولها البحري خلال القرن الـ17؛ حيث نشطت شركة الهند الشرقية، والتي بدأت كمؤسسة تجارية صغيرة في لندن، ثم ما لبثت أن تحولت لمنظمة تجارية سياسية وعسكرية قوية أثرت في صياغة التاريخ الحديث للمنطقة باحتكارها التجارة الإنجليزية في آسيا والمحيط الهادئ، وتفوقها على الشركات التجارية الأوروبية المنافسة.
دفع تصاعد الصراع الاستعماري بين بريطانيا وفرنسا آواخر القرن الثامن عشر، وقيام فرنسا بحملتها الاستعمارية على المشرق العربي عام 1789، وخشية بريطانيا من وصول فرنسا إلى الهند عن طريق احتلالها لسوريا ثم البصرة فالخليج العربي، دفع كل ذلك بريطانيا إلى توثيق علاقاتها مع سلطنة عمان ذات القوة البحرية الكبيرة لتضم مدينتي جوادر وشهبار عام 1793(8)، كما استولت على ميناء بندر عباس عام 1794. وأعقب ذلك توقيع حكام الخليج لسلسلة من اتفاقيات الهدنة البحرية مع بريطانيا التي باتت القوة المسؤولة عن فرض الأمن والنظام في مياه الخليج، والقوة المهيمنة على التجارة البحرية في المنطقة. وبقيت بريطانيا القوة البحرية الأبرز التي تهيمن على حركة التجارة البحرية في المنطقة حتى بداية القرن العشرين.
ظهرت الولايات المتحدة منافسًا جديدًا للمصالح البريطانية في الخليج العربي؛ ما أجَّج التسابق لاقتسام الثروات النفطية بينهما، فسارع الأميركان لحصد الامتيازات النفطية من سواحل الخليج قبل أن تحاول بريطانيا عرقلة عمل الشركات لتفوز هي بعقود التنقيب. وركزت الاستراتيجية الأميركية في الخليج على ضمان تدفق النفط للغرب مقابل ضمان الأخيرة لأمن الخليج، ما سهَّل عليها تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، أما بريطانيا ورغم انسحابها من الخليج عام 1971، فلا تزال تحافظ على تحالفها الاستراتيجي مع دول الخليج من خلال معاهدات الدفاع المشترك التي وُقِّعت أوائل السبعينات والتي لا تزال سارية المفعول. وخلال الحرب الباردة حافظت الولايات المتحدة على وجود عسكري ونفوذ سياسي قوي في منطقة الخليج العربي، وتزايد هذا الوجود العسكري عبر قواعد دائمة خلال حرب الخليج الثانية عام 1991، حيث شكَّل الحضور العسكري والسياسي الأميركي أحد أبرز الفواعل في البيئة الأمنية لمنطقة الخليج العربي.
تنظر الصين للشرق الأوسط باعتباره ساحة غنية بالنفط والغاز الضروريين لتأمين موارد الطاقة إليها، وسوقًا استهلاكية ضخمة لمنتجاتها، ما يضمن لها نموًّا اقتصاديًّا هائلًا؛ الأمر الذي تحميه من خلال وجودها العسكري في المنطقة. لذا تنتهج بكين مع الشرق الأوسط استراتيجية الشراكات، والتي أدت إلى توقيع اتفاقيات شاملة مع عدة دول عربية وخليجية، إلى جانب استراتيجية التغلغل العسكري التدريجي.
إن المحرك الرئيسي الذي يدفع الصين للوجود في الخليج هو رغبتها في تأمين وصولها لموارد الطاقة الحيوية، وطرق التجارة البحرية والموانئ، للإفلات من سيطرة الولايات المتحدة التي تمتلك الأساطيل البحرية في هذه المناطق وتتحكم بممرات الملاحة التي تنقل أكثر من 80% من احتياجات الصين من الطاقة. لذا استثمرت الصين في العقدين الماضيين نحو 250 مليار دولار في مشاريع تنموية مختلفة بالمنطقة العربية، مثل تطوير الموانئ، والتجمعات الصناعية، والذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة. كما طورت الصين علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع الدول العربية منذ أوائل 2001 إثر تبنيها “سياسة الخروج” للتوجه نحو الاستثمار في الشرق الأوسط. وفي العام 2014، أنشأت منتدى التعاون الصيني العربي ووقَّعت اتفاقية التجارة الحرة مع دول الخليج، ومن ثم زادت معدلات التجارة والاستثمار بين الطرفين على نحو غير مسبوق. وتُعد الصين أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون، كما تحصل الصين على ثلث وارداتها من الطاقة من الخليج، وتتوزع بين السعودية صاحبة الجزء الأكبر، يليها نفط العراق، ومن ثم إيران التي أبرمت مع الصين اتفاقية للاستثمار بقيمة 400 مليار دولار لمدة 25 عامًا.
الصعود الصيني الاقتصادي وتحولات خارطة الفاعلين في الخليج
تشكِّل الصين تحديًا ملموسًا للولايات المتحدة لمحاولاتها إعادة تشكيل النظام الدولي عبر فرض قواعد جديدة؛ ما دفع الولايات المتحدة لاتخاذ سياسات لتقويض التقدم الصيني. وقد زادت حدَّة المخاوف الأميركية بعد اتساع النشاط الصيني في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ إذ بدأ ذلك ببناء العلاقات الاقتصادية عبر الاتفاقيات الموقعة مع دول المنطقة ثم توطيد العلاقات الأمنية والعسكرية، وتزايد نسب مبيعات الأسلحة، خاصة للسعودية والإمارات وقطر. علاوة على تمتع الصين بعلاقات محايدة ومتوازنة بين الخصوم الإقليميين نتيجة عدم تحالفها مع أي قوة على حساب غيرها لئلا تتورط في التزامات دفاعية مكلفة تضر بمصالحها.
وتستغل الصين تراجع الحضور الأميركي وتقليص التزاماته العسكرية في المنطقة بعد أن كان لقرن مضى الفاعل الخارجي المهيمن والضامن الوحيد لأمن الخليج، لتشرع في تعزيز علاقاتها العسكرية مع الدول وهي تشبع بذلك الرغبة الخليجية في بحثها عن حلفاء دوليين جدد خارج النطاق الأميركي لضمان أمنها القومي من جهة، وحاجتها لتنويع مصادر دخلها الريعي وعدم اقتصاره على النفط من ناحية أخرى. في المقابل، تريد الصين ضمان تدفق إمدادات الطاقة النفطية لصناعاتها وتصريفها في سوق استهلاكية ضخمة تزيد معدلات نموها الاقتصادي لها.
يمكن القول: إن الصين تنتهج الاستراتيجية البريطانية في القرن التاسع عشر عندما كانت في الهند وجنوب شرق آسيا في السيطرة على الموانئ البحرية التي كانت على طريق الأسطول البريطاني. فالصين اليوم تتبنَّى الاستراتيجية الاقتصادية التي تقوم على التنمية وإنشاء البنى التحتية وتفعيل قوتها الناعمة، كما تتبنَّى سياسة حماية إنجازاتها الاقتصادية بتفعيل وجودها العسكري في مناطق نفوذها لتحقيق الحماية اللازمة التي تضمن مصالحها، لاسيما فيما وراء البحار. وقد أشار الكتاب الأبيض الصيني لعام 2019 إلى دور الجيش في حماية مصالح الصين فيما وراء البحار باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من مصالح البلاد الحيوية والاستراتيجية. وهكذا صار الجيش مدعوًّا إلى الانخراط في تطوير آليات تدخله الأمني والعسكري وأدواته لحماية الحقوق والمصالح المشروعة للشعب الصيني في الخارج، بدءًا من جنوب شرق آسيا مرورًا بالخليج والمحيط الهندي وصولًا إلى البحر الأبيض المتوسط.
التأثير الأمني للنفوذ الصيني في الموانئ الخليجية
لا شك أن الموانئ في المنطقة تشكِّل حجر الزاوية في استراتيجيات الدول ذات المصالح في المنطقة، كما أن مضيق هرمز يعتبر شريان العالم الغربي، فهو المنفذ الوحيد لإيصال شريان الحياة للعالم من خلال مرور ناقلات النفط والغاز العملاقة إلى جميع دول العالم. فكما أن الولايات المتحدة تعي هذه الأهمية للموانئ في المنطقة فإن الصين وإيران يعلمان تمامًا أهمية تلك الموانئ والمضائق وموقعها في السياسة الأميركية والغربية، لذا أصبح الصراع واضحًا في مسألة السيطرة على تلك الموانئ والمناطق الحيوية أو تأمينها لمصلحة دول دون أخرى. وقد شكَّل الصعود الاقتصاد للصين معضلة سياسية وأمنية وعسكرية للولايات المتحدة الأميركية في العديد من مناطق نفوذها حول العالم، وخاصة في منطقة الإندو-باسيفيك وغرب آسيا، وعلى رأسها منطقة الخليج العربي(9).
وأثَّر ذلك في تنامي ظاهرة الاستقطاب العالمي والعودة إلى أجواء الحروب الباردة والحروب بالوكالة، حيث يُعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان عام 2021، وتوقيع اتفاقية “أوكوس” (Aukus) بينها وبين بريطانيا وأستراليا تجسيدًا حقيقيًّا للتأثيرات الأمنية التي يُحدثها تصاعد النفوذ الاقتصادي الصيني ودوره في رسم خريطة التحالفات السياسة والعسكرية الدولية. ويشكِّل تحالف “أوكوس” مظلة أمنية وعسكرية تقودها الولايات المتحدة الأميركية لمواجهة ما تراه “تهديدًا” لنفوذها ونفوذ حلفائها في منطقة حيوية وإستراتيجية لاستمرار هيمنتها على النظام العالمي. وجاء تحالف “كواد” الرباعي بين الولايات المتحدة الأميركية واليابان والهند وأستراليا، وهو يضم أبرز القوى الاقتصادية والعسكرية في منطقة الإندو-باسفيك، ليكمل تشكيل مظلة تحالفات الولايات المتحدة الأميركية مع حلفائها في هذه المنطقة الاستراتيجية في حركة التجارة الدولية (10).
ويلاحظ أن تزايد النفوذ الصيني في موانئ بحر العرب والخليج سارع من زيادة الحضور الصيني في صناعة العلاقات الدولية في منطقة الخليج العربي؛ حيث تشهد المنطقة حراكًا سياسيًّا وأمنيًّا كبيرًا لإعادة تشكيل خريطة التكتلات والترتيبات الأمنية للمنطقة. في هذا السياق، اغتنمت الصين انسحاب الرئيس دونالد ترامب من “الاتفاق النووي الإيراني”، عام 2018، لتعزز من علاقاتها الاقتصادية والأمنية والعسكرية مع إيران. وتسارعت وتيرة عقد الاتفاقيات ذات المضامين الاقتصادية والأمنية والتي تمنح الصين حضورًا أكبر على المسرح الأمني والعسكري في منطقة الخليج العربي(11).
ففي عام 2014، بدأت الصين في تنفيذ تدريبات عسكرية مع إيران، وانضمت روسيا إلى هذه المناورات عام 2019، وفي العام 2021 أجريت مناورات ثلاثية مشتركة تحت اسم “الحزام الأمني” في المحيط الهندي وبحر عمان. ومن الجدير ذكره أن هذه المناورات العسكرية بين إيران والصين وروسيا بشمال المحيط الهندي وبحر عُمان، تُجرى للمرة الأولى منذ قيام “الثورة الإيرانية”، عام 1979، مع الأخذ في الاعتبار أهمية المحيط الهندي وبحر عمان كمناطق حيوية مطلة على مضيق باب المندب ومضيق هرمز، الذي يَعبُر من خلاله خُمس النفط العالمي ويرتبط بدوره بالخليج (12). (انظر جدول رقم 1).
جدول رقم (1): المناورات العسكرية بين الصين وإيران
التاريخ | نوع/اسم التمرين | الدول المشاركة |
أغسطس/آب 2022 | مناورات في أميركا اللاتينية “قناص الحدود” | إيران والصين وروسيا |
21 يناير/كانون الثاني 2022 | مناورات “حزام الأمن البحري” في المحيط الهندي وبحر عُمان | إيران والصين وروسيا |
16 فبراير/شباط 2021 | مناورات “الحزام الأمني” في المحيط الهندي | إيران والصين وروسيا |
27 ديسمبر/كانون الأول 2019 | مناورات “الحزام الأمني” في المحيط الهندي | إيران والصين وروسيا |
18 يونيو/حزيران 2017 | تدريبات بحرية في مضيق هرمز | إيران والصين |
سبتمبر/أيلول 2014 | تدريبات بحرية مشتركة في الخليج العربي | إيران والصين |
المصدر: الجدول من إعداد الباحث اعتمادًا على المعلومات المنشورة التي رجع إليها.
وقد منحت التدريبات الأمنية والتسليح العسكري الصيني لإيران المزيد من القدرات في “منع وإعاقة وصول” القوى المتنفذة والمهيمنة في الخليج وبخاصة في مضيق هرمز، ومن بين ذلك التحرش بأكثر من سفينة حربية أميركية وسفن تجارية لدول أخرى في مياه الخليج في سياق تأكيد قدراتها في منع الوصول هذه السفن لوجهتها النهائية وتعطيل حركة الملاحة في الخليج. (انظر جدول رقم 2).
جدول رقم (2): مناوشات البحرية الإيرانية للسفن الغربية العسكرية والسفن التجارية الأخرى
جنسية السفينة | نوعها | تفاصيل العملية | التاريخ | |
1 | أميركية | عسكرية | عدد من سفن الهجوم السريع التابعة للحرس الثوري الإيراني اقتربت إلى مسافة 600 ياردة (550 مترًا) من سفينة الرصد والتتبع الأميركية إينفينسيبل، واضطرت السفينة الأميركية لتغيير مسارها. | 8 مارس/آذار 2017 |
2 | سعودية وأخرى | ناقلة نفط | تعرضت أربع سفن من بينها ناقلتان سعوديتان للهجوم في الخليج خارج مضيق هرمز. وحمَّل المسؤولون الأميركيون إيران مسؤولية الهجوم، لكن طهران نفت الاتهامات. | مايو/أيار 2018 |
3 | سنغافورة | ناقلة نفط | تعرض ناقلتين للهجوم جنوبي مضيق هرمز، وواشنطن تتهم إيران بالوقوف وراءه، وطهران تنفي مسؤوليتها عن الهجوم. | 13 يونيو/حزيران 2019 |
4 | بريطانية | ناقلة نفط | احتجز الحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط “ستينا إمبيرو” التي ترفع العلم البريطاني في مضيق هرمز، ردًّا على احتجاز قوات مشاة البحرية الملكية البريطانية ناقلة النفط الإيرانية “غريس 1”. | 19 يوليو/تموز 2019 |
5 | كوريا الجنوبية | ناقلة نفط | احتجز الحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط “إم. تي هانكوك تشيمي” التابعة لكوريا الجنوبية بالقرب من مضيق هرمز بدعوى التلوث البيئي، وذلك ردًّا على احتجاز سول أموالًا إيرانية. | 4 يناير/كانون الثاني 2021 |
6 | غير معروف | أعلن الحرس الثوري الإيراني مصادرته سفينة أجنبية في الخليج تهرِّب الوقود، وعن توقيف طاقمها. | 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 | |
7 | يونانية | ناقلة نفط | احتجزت البحرية الإيرانية ناقلتي نفط تحملان العلم اليوناني، وذلك بعد استيلاء أثينا على شحنة نفط إيرانية. | 27 مايو/أيار 2022 |
8 | أميركية | عسكرية | الحرس الثوري الإيراني أوقف وأطلق سراح سفينة أميركية غير مأهولة في المياه الخليجية بعد أن انقطعت اتصالات الملاحة بها. | 30 أغسطس/آب 2022 |
المصدر: الجدول من إعداد الباحث اعتمادًا على المعلومات المنشورة التي رجع إليها.
تعزيز هيمنة إيران على العراق وسوريا
تعمل الصين بقوة على تعزيز روابطها الاقتصادية مع العراق وسوريا؛ فقامت بتسريع استثماراتها في مجالي الطاقة والبنية التحتية. ففي عام 2021 حصل العراق على تمويل بقيمة 10.5 مليارات دولار في قطاعات الطاقة والبنية التحتية. كذلك وقَّعت الصين مذكرة تفاهم، في يناير/كانون الثاني 2022، لانضمام سوريا إلى مبادرة الحزام والطريق، والعمل على إنشاء منطقة تجارة حرة صينية في ميناء طرطوس السوري(13)، وتسعى الصين إلى ضم العراق وسوريا إلى “مبادرة الحزام والطريق”، وزيادة حجم استثماراتها في مشاريع الطاقة والبنية التحتية، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع إيران التي تمتلك نفوذًا ووجودًا عسكريًّا في كلتا الدولتين.
ولإيران شبكة مشاريع استراتيجية في مجالي الطاقة والبنية التحتية للوصول إلى مياه شرق البحر الأبيض المتوسط؛ فهي تسعى إلى مد خط سكة حديد شلامجة-البصرة لربط ميناء الخميني بغرب إيران بميناء اللاذقية بسوريا، بالإضافة إلى شبكة طرق برية لربط إيران بسوريا عبر العراق. كذلك تعمل بقوة على إحياء “خط أنابيب الصداقة” بين إيران والعراق وسوريا وصولًا إلى ميناء بانياس على الساحل السوري.
وتتشابك مشاريع إيران الاستراتيجية في العراق وسوريا مع مشاريع البنية التحتية للحزام والطريق الصيني؛ مما يخلق شراكة استراتيجية اقتصادية وسياسية وعسكرية طويلة الأمد بين إيران والصين. ومن المتوقع أن يكون لهذه الشراكة الاستراتيجية بين الصين وإيران تبعات أمنية ثقيلة على المنطقة، من بينها زيادة النفوذ الإيراني وسطوته العسكرية وصناعة بيئة أمنية جديدة يكون لإيران فيها يد طولى للتأثير على البيئة الأمنية لمنطقة الخليج العربي. من جانب آخر، أسهمت علاقة الصين الاستراتيجية مع إيران في تعزيز حضورها في المنظمات الإقليمية الأمنية في آسيا. فحصلت إيران على عضوية منظمة شانغهاي للتعاون خلال القمة التي عُقدت في طاجيكستان عام 2021. ومن ثم حصلت إيران على المزيد من النفوذ لتحقيق التعاون الإقليمي لدول المنظمة حول قضايا أمنية إقليمية في منطقة غرب آسيا(14).
السعودية وتصاعد مخاوف المعضلة الأمنية
عززت الصين خلال السنوات القليلة الماضية من علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع المملكة العربية السعودية في سياق التغيرات التي أحدثتها إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في استراتيجية الأمن القومي الأميركي وتوجهاتها الأمنية تجاه المنطقة. فقد بدأت الولايات المتحدة تميل نحو هذا الاتجاه منذ أكثر من 15 عامًا، عندما بدأ الرئيس باراك أوباما “التحول” نحو آسيا ونأى بواشنطن عن حلفائها التقليديين في الخليج، لاسيما من خلال التفاوض على اتفاق نووي مع إيران. كما واصل الرئيس دونالد ترامب توجهه نحو آسيا، بعد سياسته المتقلبة في سوريا، وفشله في الوقوف إلى جانب السعودية بعد هجمات الحوثيين عام 2019 على منشآت النفط السعودية، مما أضعف مصداقية الضمانات الأمنية الأميركية. أما في عهد الرئيس جو بايدن فقد ركزت الولايات المتحدة أكثر على مواجهة الصين في منطقة الإندو-باسفيك، عندما تخلت عن أفغانستان، وسحبت بعض أنظمة الدفاع من الأردن والكويت والمملكة العربية السعودية. كما أن هناك خطة معلنة لتخفيض عدد القوات الأميركية في العراق وتحويل مهمتها من مهمة قتالية إلى مهمة استشارية في العام 2023.
ومع وصول بايدن للسلطة في البيت الأبيض شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية توترًا ملحوظًا ترتب عليه سحب الولايات المتحدة منظومات الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، وخاصة منظومة “ثاد” التي شكَّلت مظلة حماية للمملكة من الهجمات القادمة من اليمن(15).
كما أدت تقلبات وتحولات السياسة الأمنية للولايات المتحدة تجاه السعودية، وزيادة مستويات التقلب والتوتر في العلاقة، ولاسيما تقلبات الرأي العام فيها وضغوط الكونغرس، إلى إحجام الولايات المتحدة عن توريد الأسلحة لدول الخليج والمنطقة، أو إلغاء بعض الصفقات المهمة، كما حدث عام 2020 عندما قرر بايدن تعليق مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات بعد وصوله إلى البيت الأبيض، وهو ما أدى إلى تعزيز توجهات المملكة نحو توطين الصناعات العسكرية. فاستطاعت الصين إيجاد موطئ قدم لتطوير علاقاتها بالمملكة في تجاه تعزيز التعاون العسكري والأمني في العديد من المجالات. فطورت الصين من شراكتها العسكرية والأمنية مع المملكة في عقد العديد من الاتفاقيات الأمنية والصفقات العسكرية.
وكان تطوير السعودية علاقاتها مع الصين تطورًا ذا دلالة في السياسة التقليدية للمملكة العربية السعودية، وهو من استراتيجية التنويع الاقتصادي، ومن مظاهرها إنشاء بنى تحتية جديدة تعتمد على التقنيات والتكنولوجيا الحديثة. لقد بات واضحًا أن إهمال السعودية تطوير العلاقات مع الصين سيكون على حساب مصالحها وخططها الاستراتيجية للتنويع الاقتصادي من جانب، وسيعزز بالمقابل من قدرات الجار الإيراني ويراكم قوته بصورة أكبر على حساب مصالح المملكة الاقتصادية والأمنية.
وقد كان توقيع إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، “الاتفاق النووي” مع إيران عام 2015، سببًا في تعديلات جوهرية في الرؤية الاستراتيجية للتحالف التاريخي مع الولايات المتحدة، وكان من بين أبرز أشكال هذه التعديلات، تطوير علاقات المملكة الأمنية والعسكرية مع بكين للوصول إلى معادلة “توازن مصالح” للصين بين المملكة العربية السعودية وإيران(16). من زاوية أخرى، فإن تعزيز المملكة لعلاقتها الأمنية والعسكرية مع الصين ستراه الولايات المتحدة تناميًا للنفوذ الأمني والعسكري الصيني في منطقة الخليج على حساب مصالحها ونفوذها التقليدي في المنطقة. وستكون بيجين حاضرة وبقوة في حسابات المملكة فيما يتعلق بتطوير برنامج توطين الصناعات العسكرية السعودية، وفي الترتيبات الأمنية المتعلقة بأمن الطاقة في مياه الخليج، وخاصة مضيق هرمز، وفي الترتيبات الأمنية المتعلقة بالنفوذ الإيراني في العراق وسوريا، إلى جانب الترتيبات الأمنية المتعلقة بتوازن القوى بين المملكة وإيران. وسيعزز سعي الصين للوصول إلى هذه المعادلة في علاقتها بالسعودية وإيران من نفوذها وحضورها الأمني في الخليج.
وبطبيعة الحال، فإن مثل هذا التحول يمكن أن يتسبب بتعارض في المصالح، لاسيما مع اعتبار الولايات المتحدة الصين منافسًا استراتيجيا، وقد يتسبب بضغوط أميركية على السعودية لتقليص اعتمادها وتعاونها العسكري والأمني مع الصين، مما يُدخل المملكة في معادلة أمنية تلقي بظلالها وتخيم على الترتيبات الأمنية الإقليمية في منطقة الخليج العربي(17).
وقد بدأت الصين بالفعل بتسجيل حضور متصاعد في الخليج، من خلال شبكة المصالح المتشابكة مع دوله، وهو ما يتسبب بإخضاع الترتيبات الأمنية في المنطقة لتوازنات القوى والمصالح الناشئة والمتزايدة بفعل تعاظم هذا الحضور الصيني، وقد أثَّرت هذه التطورات في العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين الصين والسعودية في توجهات السياسة الخارجية للمملكة تجاه ملفات أمنية وثيقة الصلة بالصين، ولاسيما قضية مسلمي الإيغور (تركستان الشرقية)؛ حيث أسهم ذلك في تبنى المملكة رؤية الصين لما يحدث في إقليم تركستان (شينغيانغ)، وتسليم بعض المطلوبين من الناشطين الإيغور المقيمين أو المعتمرين للصين(18).
الهند والبحث عن دور أمني جديد
تسعى الهند للتنافس مع الصين من أجل لعب دور إقليمي محوري في المنطقة؛ من خلال استثمار علاقاتها التاريخية ومصالحها الوثيقة مع دول الخليج رغم علاقات الأخيرة مع باكستان من جهة. وتراقب الهند مسارات التعاون الصيني الخليجي بشأن تكنولوجيا الدفاع والتعاون النووي فالخليجيون يرغبون في امتلاك الطائرات دون طيار الصينية، وتستعين السعودية بالخبرات الصينية لتوسيع برنامجها النووي، كما تزعم أميركا. وفي ظل التنافس الصيني الهندي، تتطلع دلهي لتطوير شراكاتها الاستراتيجية الاقتصادية والأمنية مع دول الخليج، فقد دشنت تعاونًا دفاعيًّا قويًّا مع عُمان وسمحت لها بتعزيز نشاطها البحري في المحيط الهندي مقابل سماح الأخيرة للهنود بالوصول لميناء “الدقم”، علاوة على التعاون في مكافحة القرصنة، وإجراء المناورات وبرامج التدريب العسكرية للطلاب العمانيين في الهند. كما تتعامل الهند مع إيران في تمويل مشروع ميناء تشابهار في خليج عمان، والذي ستربطه بالسكك الحديدية إلى زاهدان في إقليمي سيستان وبلوشستان الإيرانيين المتاخمين لأفغانستان وباكستان، ويخلق الميناء طريقًا جديدًا للبضائع الأفغانية ودول آسيا الوسطى، ويمثِّل تحديًا لميناء “جوادر” الباكستاني الذي تموله الصين؛ حيث يزود الهند بطريق بديل إلى آسيا الوسطى وروسيا وأوروبا(19).
وتعمل دول الخليج على تنويع مصادر تسليحها وعقد شراكات أمنية جديدة مع دول فاعلة لها مصالح في المنطقة قادرة على المشاركة في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وهذا التوجه أصبح يتنامى تدريجيًّا، ففي أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، تشكَّلت نواة “رباعية جديدة” في الشرق الأوسط عقب مشاورات بين وزراء خارجية أميركا والهند وإسرائيل والإمارات للتعاون في ملفات عدة منها الأمن البحري والطاقة. وفي أغسطس/آب من نفس العام، جرت مناورات عسكرية بحرية تُعد الأولى من نوعها بين السعودية والهند بالساحل الشرقي للمملكة، وذلك بعد أيام من تنفيذ الهند تمرينًا بحريًّا مشتركًا مع الإمارات قبالة سواحل أبو ظبي، ثم انتقال المدمرة الصاروخية الأكبر في الأسطول الهندي “آي إن إس كوتشي” التي شاركت في هذه التدريبات إلى سواحل المنامة في البحرين.
وتخوض الصين والهند تنافسًا استراتيجيا تقليديًّا، يمتد إلى كل المجالات الحيوية، ومن بين أبرزها منطقة الخليج العربي، ولذلك تعتبر الهند أن توطيد الصين علاقتها مع دول منطقة بحر العرب والخليج يمثل تهديدًا استراتيجيا لنفوذها ومصالحها في المنطقة. وقد يتسبب تزايد القطع البحرية الصينية والقواعد العسكرية الصينية، سواء في جيبوتي أو المزمع إقامتها مع عدد من الدول الإفريقية، أو المطلة على بحر وخليج العرب، في تهديد المنظومة الأمنية والقدرات العسكرية للبحرية الهندية، التي توجد تقليديًّا في هذه المناطق إلى جانب قوى بحرية لدول كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا. وقد دفع هذا التوجس والتخوف الهند إلى المشاركة بفاعلية في تحالف “كواد” إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، وأستراليا، وبريطانيا، واليابان. كما تتشارك الهند مع الولايات المتحدة الأميركية في جهودها لمواجهة تزايد الحضور الصيني في مياه بحر وخليج العرب. فاندفاع الهند للعب دور أمني في منظومة الأمن الخليجية بدعم من الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها يهدد الاستقرار الإقليمي، خاصة في حالة اشتداد المنافسة والصراع مع باكستان من جانب والصين من جانب آخر. فالاستقرار الأمني الإقليمي في المحيط الهندي وبحر وخليج العرب مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالترتيبات الأمنية المتعلقة بتوازن القوى الذي تشكَّل بين الهند وباكستان بامتلاك كلٍّ منهما لقوة الردع النووية. ودخول الصين قوة وازنة لدعم باكستان شريكًا تجاريًّا واقتصاديًّا يهدد توازن القوى الإقليمي في المنطقة(20).
خاتمة
يُعد صراع الموانئ في دول الخليج العربية صراعًا ممتدًا بين القوى الإقليمية والدولية منذ عشرات القرون. فمنذ ظهور البرتغاليين في مياه الخليج في بداية القرن السادس عشر الميلادي تزايد الصراع الدولي للسيطرة على موانئ الخليج العربي. فأغلب القوى البحرية والاقتصادية الكبرى التي ظهرت على الساحة الدولية خلال القرون الخمسة الماضية تتصارع فيما بينها ومع القوى الإقليمية، للسيطرة على الموانئ الخليجية لما لهما من أهمية استراتيجية في حركة التجارة والملاحة الدولية. وخلال العقدين الماضيين دخلت الصين بقوة لتنافس قوى تقليدية كبرى في توسيع نفوذها ومصالحها الاستراتيجية في منطقة الخليج العربي، والتي تنبع أهميتها الاستراتيجية من كونها مصدرًا رئيسيًّا للطاقة والمعادن، وسوقًا استهلاكية كبيرة للبضائع والسلع الصينية، وجسرًا رئيسيًّا على طريق الحرير الصيني الجديد نحو إفريقيا وأوروبا. فدخول الصين خلال القرن الحادي والعشرين قوة دولية ذات مصالح اقتصادية وتجارية استراتيجية في منطقة الخليج يؤجج الصراعات ويجعل من المنطقة حلبة للتنافس الدولي، مما يلقي بظلال أمنية ثقيلة على دول الخليج العربية.
لقد انتهجت الصين خلال العقدين الماضيين السياسة البريطانية القديمة في السيطرة على الموانئ الخليجية وزيادة نفوذها الاقتصادي بالتوسيع في إقامة البنى التحتية لتعزيز علاقاتها التجارية مع العديد من دول المنطقة. وتزامن ذلك مع سعى الصين إلى زيادة تغلغلها العسكري وسعيها لتوسيع نفوذها عبر إقامة قواعد عسكرية في جيبوتي التي حققت للصين وجودًا عسكريًّا في أحد أهم الممرات المائية للتجارة الدولية ونفاذًا استراتيجيا للمحيط الهندي. وتجسد هذا التوجه بتوسيع دور الجيش في حماية المصالح الاقتصادية الصينية في الكتاب الأبيض الصيني لعام 2019. فأصبح جزءًا من عقيدة الجيش الشعبي الصيني حماية المصالح الصينية في الموانئ وأعالي البحار. فمنطقة غرب آسيا التي تقع من ضمنها دول الخليج العربية تُعد أكبر مكون إقليمي لطريق الحرير الجديد. وقد استطاعت الصين توقيع اتفاقيات مع كل الدول الخليجية للانضمام لمبادرة الحزام والطريق الصينية. وهو ما يجعل المنطقة في قلب الاهتمام الصيني لتوسيع نفوذها الاقتصادي والأمني والعسكري لضمان مصالحها الجيوستراتيجية في المنطقة؛ حيث شكَّل التمدد الصيني نحو الخليج والصعود الاقتصادي عالميًّا هاجسًا وتحديًا كبيرًا لتفرد الولايات المتحدة الأميركية في الهيمنة الاقتصادية والسياسية والعسكرية على النظام العالمي. فقامت الولايات المتحدة الأميركية خلال العقد الماضي بتصعيد صراعها الاقتصادي والتقني مع الصين، وتقويض تمددها الجيوستراتيجي في العديد من مناطق النفوذ الأميركية في قارتي آسيا وإفريقيا. فقد صعَّد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، عام 2017، من الحرب التجارية مع الصين بفرض رسوم جمركية على البضائع الصينية، وتقييد الشركات الأميركية التكنولوجية من التعامل مع الصين في نقل التكنولوجيا المتقدمة ضمن مخططات استراتيجية الأمن القومي الأميركي في مواجهة تحدي صعود الصين قوةً عالمية منافسة ومناوئة لهيمنتها ونفوذها العالمي.
وقد خلَّف الحضور الصيني في موانئ الخليج العربي، وتعاظم نفوذها العسكري بالمنطقة، العديد من الآثار الأمنية التي تؤثر بشكل مباشر على دول الخليج العربي، خاصة في هذه الجوانب:
- تنامي ظاهرة التكتلات الإقليمية: سرَّع تصاعد الحضور الصيني في موانئ دول الخليج العربية من تنامي ظاهرة التكتلات الاقتصادية والعسكرية وتشكيل منظومات أمنية جديدة متعاكسة ومتضادة. فظهر جليًّا من خلال المناورات العسكرية التي أجريت خلال السنوات الخمس الماضية أن هناك مؤشرات لترتيبات عسكرية جديدة في المنطقة تضم الصين وإيران وروسيا لمواجهة وتحدي النفوذ الأميركي في المنطقة؛ وهو ما يُلقي بتبعات أمنية ثقيلة على دول الخليج العربية في سياق صراع الهيمنة والنفوذ في المنطقة. وسيكون لهذه الترتيبات الأمنية المتصاعدة آثار أمنية كبيرة إذا ما احتدم الصراع بين الطرفين، واضطرت دول الخليج إلى تحديد موقفها من طرفي الصراع، مما يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة ويؤجج الصراعات الإقليمية والطائفية.
-
تغير التوازن الإقليمي: تعمل الصين على تعظيم نفوذها السياسي والعسكري في المنطقة على حساب نفوذ ومصالح الولايات المتحدة الأميركية عبر دعم أطراف إقليمية مناوئة للولايات المتحدة أو متعارضة المصالح معها، وخاصة إيران، مما يؤدي إلى تغيُّر موازين القوى الإقليمية وزيادة مستويات الاضطراب الأمني والعسكري. وستعمل إيران على تشكيل شراكة استراتيجية قوية مع الصين وروسيا (إذا أمكن ذلك)، للاستفادة من حالة التنافر والصراع السياسي والاقتصادي والعسكري بين الصين والولايات المتحدة لترميم قوتها الاقتصادية والعسكرية التي تراجعت خلال السنوات الماضية على حساب دول الخليج. فإيران تحاول الوصول إلى مكانة “المهيمن الإقليمي” من خلال امتلاك قدرات الهيمنة والسلطة الإقليمية في منطقة الخليج العربي. وفي مراحل لاحقة ستقدم إيران نفسها بقوة كــ”شرطي الخليج” للحفاظ على مصالح من يريد من القوى الكبرى في المنطقة. أي إن إيران ستدفع باتجاه أن يكون تحقيق مصالح القوى الكبرى في المنطقة “يمر عبر القناة الإيرانية”، أو على الأقل بــ”موافقتها”. وستتشارك الصين وإيران مسألة معارضة “الوجود الأميركي” في المنطقة باعتباره “تهديدًا للاستقرار الإقليمي”؛ مما يترتب على ذلك من المزيد من الضغوط الأمنية على دول الخليج. كذلك، ستعمل إيران على تعزيز “استراتيجية ذاتية الأمن” بالنظر إلى علاقاتها الأمنية والعسكرية مع الصين. وسترتب على ذلك الحفاظ على مصادر القوة وأدواتها لأطول فترة ممكنة في ظل حالة الفوضى التي ستشهدها المنطقة وتراجع أهمية المنطقة الاستراتيجية للولايات المتحدة. وهذا سيؤدي إلى المزيد من الضغوط على دول الخليج التي تعتمد على المظلة الأمنية الأميركية. في مقابل ذلك، تعمل الولايات المتحدة على ترميم نفوذها في المنطقة عبر تشكيل “مظلات أمنية” جديدة من خلال إشراك قوى إقليمية جديدة للحفاظ على توازن القوى الإقليمية لصالحها في المنطقة. وهذا يؤدي إلى دخول أطراف من خارج منطقة الخليج، مثل إسرائيل والهند للعب دور أمنى جديد في تشكيل منظومة التوازن الإقليمي الجديدة، وتعظيم نفوذها على حساب دول الخليج. في غضون ذلك، تعمل قوى خليجية على الاستفادة من حالة التنافر السياسي بين أميركا والصين واللعب على المتناقضات لتعظيم استفادتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية على حساب مصالح دول خليجية، أبرزها الإمارات العربية المتحدة التي تلعب دور “المساوم” من أجل تعظيم أصولها الاستراتيجية في الخليج لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية لمواجهة قوى إقليمية تقليدية “إيران والمملكة العربية السعودية”، وعلى حساب دولة قطر كقوة اقتصادية صاعدة.
-
تراجع مستويات تراكم الثروة لدى الدول الخليجية: ستؤدي زيادة النفوذ الصيني في موانئ دول الخليج العربية إلى هيمنة صينية على القطاعات الاقتصادية ذات فائض القيمة الأعلى، وخاصة التجارة. كذلك سيكون توسع القاعدة الاقتصادية، ولاسيما الصناعات الثقيلة، محدودًا نظرًا لتمتع الصين بقدرات كبيرة منافسة عالميًّا، وخاصة الدول الصناعية الكبرى. لذا سيكون التوسع في قطاع الخدمات اللوجستية، وبعض الصناعات المساندة “للماكينات الصينية”. ومن ثم ستكون استفادة دول هذه المنطقة مرتبطة بتطور حركة التجارة الصينية، التي سيكون لها الحصة الأكبر من فائض القيمة الاقتصادي. وهكذا سيتجه تراكم الثروة من دول الخليج إلى الصين، أي سيزداد مستوى رفاهية المواطن الصيني على حساب تراجع رفاهية المواطن الخليجي.
- زيادة حدة الاستقطاب العسكري والاختلال الأمني: سيترتب عن تزايد حالة الاستقطاب العسكري بين الولايات المتحدة والصين المزيد من صفقات الأسلحة التي سيكون لها تأثير على التنمية الاقتصادية، والتي بدورها ستؤثر على المنظومة الأمنية بالكامل. كما أن دخول دول الخليج في حالة تجاذبات سياسية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين سيترتب عليه تشكيل مراكز قوى داخل هذه الدول محسوبة على هذا الطرف أو ذاك مما يهدد الاستقرار الداخلي لنظم الحكم.
المراجع
(1) James Chen, “The Emergence of China in the Middle East.” Strategic Forum, No. 271, (December 2011): 1-8.
(2) موح أوبيهي، “الصين.. إستراتيجية كبرى لمواجهة أمريكا العظمى”، 20 يونيو/حزيران 2019، (تاريخ الدخول: 1 مارس/آذار 2022)، https://t.ly/zw_g.
(3) وليد عبد الحي، المكانة المستقبلية للصين في النظام الدولي 1978–2010، مركز الإمارات للدراسات الإستراتيجية والبحوث، أبوظبي، 2000، ص 51.
(4) المرجع السابق، ص 51.
(5) المرجع السابق، ص 25.
(6) “European Union Imports from China,” trading economics, “accessed March 2, 2022”. https://t.ly/NrBpW.
(7) جمال زكريا قاسم، دولة بوسعيد في عمان وشرق إفريقيا (1741-1861)، مكتبة القاهرة الحديثة، القاهرة، 1968)، ص 38-41.
(8) محمود شاكر، التاريخ الإسلامي/العهد العثماني، (ط 4 دار المكتب الإسلامي، بيروت، 2000)، ص 335-340.
(9) صلاح العقاد، الاستعمار في الخليج الفارسي، (مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1956)، ص 215-230.
(10) جيفري فريدمان وآخرون، الاقتصادي السياسي الدولي، ط 6 نيويورك، 2017، ص 12.
(11) جانغ يون لينغ، الحزام والطريق: تحولات الدبلوماسية الصينية في القرن 21، ترجمة آية محمد الغازي، دار صفصافة للنشر والتوزيع، الجيزة، 2017)، ص 439-440.
(12) يُنظر: آي وي جنيفر شانغ وآخرون، العرب والصين: مستقبل العلاقة مع قوة صاعدة. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات 2019، عبد الله باعبود، لماذا تبرز الصين كمروِّج أساسي للاستقرار في مضيق هرمز، (مركز مالكوم كير-كارينغي للشرق الأوسط 2023)، تيموثي أر هيث وآخرون، اعادة تطوير الصين وجيش التحرير الشعبي: الإستراتيجية العسكرية وإستراتيجية الأمن القومي ومفاهيم الردع والقدرات القتالية، (مؤسسة راند RAND 2016).
(13) Maha Yahya, “How Has China’s Role in the Middle East Evolved?,” Carnegie Middle East Center, September 26, 2019, “accessed March 2, 2022”. https://t.ly/9Is_.
(14) Deepika Saraswat, “Iran’s Ties with China: Synergising Geoconomic Strategies,” doha institute, July 7, 2022, “accessed July 10, 2022”. https://t.ly/C4zB.
(15) منتدى التعاون الصيني العربي، chinaarabcf، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، (تاريخ الدخول: 2 مارس/آذار 2022)، https://t.ly/WOD2.
(16) لقاح كورونا السعودي-الصيني دخل المرحلة الثالثة”، العربية نت، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 2 مارس/آذار 2022)، https://t.ly/jLq0.
(17) عبد الله أحمد آل علي، “شراكة إستراتيجية بين دول الخليج والصين”، الخليج، 1 مارس/آذار 2022، (تاريخ الدخول: 3 مارس/آذار 2022)، https://t.ly/Fnqp.
(18) وليد عبد الحي، “الانخراط الحذر: هل تقيد سياسة التوازن دور الصين في الشرق الأوسط؟”، مجلة السياسة الدولية (القاهرة، العدد 206، يناير/كانون الثاني 2017)، ص25-30.
(19) محمد نعمان جلال – الركائز الإستراتيجية لسياسة الصين الخارجية – مركز الجزيرة للدراسات -9 نوفمبر/تشرين الثاني 2009،
https://studies.aljazeera.net/ar/reports/2009/201172123279750464.html
(20 Jonathan Fulton, CHINA’S CHANGING ROLE IN THE MIDDLE EAST, Atlantic Council, RAFIK HARIRI CENTERFOR THE MIDDLE EAST, June 2019: https://www.atlanticcouncil.org/wp-content/uploads/2019/06/Chinas_Changing_Role_in_the_Middle_East.pdf