مقدمة

بدأ اهتمام مراكز الدراسات الاستراتيجية بالبحث في استراتيجية المغرب في الانفتاح الاقتصادي والتجاري على إفريقيا منذ أواخر العام 2014 وذلك حينما استطاع مشروع القطب المالي للدار البيضاء (Casablanca Finance City (CFC)) استقطاب أكثر من 60 شركة دولية (من بينها عملاق التكنولوجيا الصينية، شركة هواوي، والمجموعة المصرفية الدولية الفرنسية BNP Paribas التي تعمل في أكثر من 77 دولة حول العالم) لافتتاح مكاتبها الإقليمية بمدينة الدار البيضاء المغربية. وبلغ هذا الاهتمام ذروته حينما صدر مؤشر الاستثمار في إفريقيا (Africa Investment Index (AII))، في مارس/آذار 2018، والذي أشار إلى احتلال المغرب للمرتبة الأولى ضمن الدول الإفريقية التي تُمثِّل وجهة للاستثمارات الأجنبية؛ متجاوزة بذلك جنوب إفريقيا ومصر والجزائر وبوتسوانا التي كان المغرب يأتي خلفها في العادة. لكن هذا الاهتمام البحثي كان يكتفي، في الغالب، بدراسة نوعية السياسات الاستثمارية التي انتهجها المغرب والتحديات التي تواجهها هذه السياسات في المستقبل، ولا يتعمق في دراسة الظروف الإقليمية والدولية التي أسهمت في تفعيل السياسات الاستثمارية. كما أن معظم المنتج البحثي كان لا يستقصي أثر هذا الانفتاح على معالجة التحديات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المغربي خاصة فيما يتعلق بارتفاع معدلات عدم المساواة وارتفاع نسبة البطالة وسط الشباب المغربي، وهو ما تحاول هذه الدراسة تقديم مساهمة معرفية فيه.

تهدف الدراسة إلى إبراز تجربة المغرب في الانفتاح الاقتصادي على إفريقيا والعوامل الداخلية والإقليمية التي أسهمت في تحقيق هذا الانفتاح، بالإضافة إلى مناقشة أثره على التحديات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المغربي، ورصد التحديات المستقبلية لهذا الانفتاح. وتكمن أهمية الدراسة في كونها تناقش إحدى التجارب الاقتصادية والاستثمارية الرائدة في العالم العربي، والتي يمكن لكثير من الدول العربية والإفريقية الاستفادة منها في تطوير سياساتها الاستثمارية والتجارية وتدارك الجوانب التي أغفلتها التجربة المغربية.

إذًا، تقوم الدراسة برصد وتحليل استراتيجية المغرب الجديدة في الانفتاح الاقتصادي على الدول الإفريقية وتجادل بأن القطاع البنكي والمصرفي، في السنوات الخمس الأخيرة، أصبح يُمثِّل قلب (أي يحتل النسبة الأكبر) وعقل (أي يلعب دور المستكشف) للاستثمارات المغربية في إفريقيا، كما تناقش الآثار المترتبة على ذلك، وتحلِّل التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه استراتيجية المغرب في الانفتاح الاقتصادي على إفريقيا، وتتساءل عما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستساعد المغرب في معالجة التحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد المغربي.

تعتمد الدراسة في مقاربة أبعاد الموضوع على المنهج الكيفي مستندة على مؤشرات رصد التغييرات المحلية والإقليمية وتحليل أنماط هذه التغييرات بصورة استقرائية من أجل الوصول إلى مقاربة تفسيرية تساعد في فهم استراتيجية المغرب في الانفتاح الاقتصادي على إفريقيا وتحديات هذا الانفتاح. وفي ضوء ذلك، قسَّم الباحث الدراسة إلى سبعة محاور، يستعرض أولها تاريخ المغرب التجاري مع إفريقيا والتغيير الاستراتيجي الذي طرأ على هذا التاريخ، ويرصد المحور الثاني ثلاثة دوافع (أيديولوجية، واقتصادية، وإقليمية) محرِّكة للاستراتيجية الجديدة. أما المحور الثالث فيناقش مدى نجاح الاستراتيجية ومؤشرات هذا النجاح، ويحلِّل المحور الرابع الظروف العالمية والإقليمية لحركة التجارة الدولية التي جعلت من هذه الاستراتيجية خيارًا ناجحًا ومقبولًا. وتجادل الدراسة في المحور الخامس بأن البنوك المغربية وقطاع التمويل يلعبان دور المحرك لهذه الاستراتيجية وتناقش آثار هذا الدور، وفي المحور السادس تناقش الدراسة التحديات التي تواجه هذه الاستراتيجية وإلى أي مدى أسهمت في معالجة التحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد المغربي. أما المحور السابع فيركز على مناقشة النتائج والخلاصات الرئيسية.

  1. تاريخ المغرب التجاري مع إفريقيا واستراتيجية الانفتاح الجديدة

اعتاد الشعب المغربي أن يستمع إلى خطاب رسمي من قِبل ملك المغرب في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، إحياء للذكرى السنوية لما يطلق عليه المغاربة “المسيرة الخضراء”، وهو حدث مهم في الذاكرة المغربية يقترن بخروج أكثر من 350 ألف مواطن مغربي معهم 20 ألف جندي في المسيرة الخضراء التي نظمتها الحكومة المغربية، في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 1975، لإجبار السلطات الإسبانية على الجلاء من الصحراء. لكن في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وفي خرق للبروتوكول المتعارف عليه، تفاجأ الشعب المغربي عندما تحدث إليه الملك محمد السادس من العاصمة السنغالية، داكار، بدلًا من الأراضي المغربية. وفي ذلك الخطاب التاريخي، أكد الملك محمد السادس التزام بلاده باستراتيجية الانفتاح على إفريقيا، والتكامل مع اقتصاداتها، ودعم طموحات شعوبها، واستعرض الملك كذلك بعض نتائج جهوده التي بذلها لتحقيق هذا الانفتاح على إفريقيا عن طريق ذكر ثمار زيارته لرواندا، والتي كانت قبل شهر من ذلك الخطاب، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، حيث تم توقيع 19 اتفاقية اقتصادية بين البلدين(1).

بعد تلك الحادثة بشهرين فقط، أي في يناير/كانون الثاني 2017، قرَّر قادة 39 بلدًا من بين 54 دولة إفريقية، في القمة السنوية للاتحاد الإفريقي بالعاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، قبول الطلب الذي قدَّمه ملك المغرب، قبل عام في قمة الاتحاد الإفريقي التي عُقدت في العاصمة الرواندية، كيغالي، وكان مفاده عودة المغرب إلى حظيرة الاتحاد الإفريقي بعد غياب دام قرابة 31 عامًا؛ إذ كان المغرب قد غادر منظمة الوحدة الإفريقية، التي تغير اسمها لاحقًا إلى الاتحاد الإفريقي، في العام 1984، احتجاجًا على قبولها انضمام “جبهة البوليساريو” للمنظمة. وبعد ثلاثين عامًا من النزاع بين الطرفين (الجبهة والمغرب) لا يزال الأمر دون حل واضح، لكن يبدو أن المغرب بدأ في تبني استراتيجية جديدة قد تغيِّر من الوضع الحالي مستقبلًا. وصرَّح الملك محمد السادس بعد عودة المغرب لعضوية الاتحاد الإفريقي: “إنه ليوم جميل عندما يعود المرء إلى بيته بعد فترة طويلة من الغياب”، وفي توضيحه لأسباب عودة المغرب إلى الاتحاد، قال الملك: “عندما يكون الجسد مريضًا، فإن علاجه من الداخل، وليس الخارج، هو العلاج الفعَّال والناجع”(2).

تاريخيًّا، فإن انفتاح المغرب على إفريقيا ليس أمرًا جديدًا، فالمغرب كان من الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية في 1963، بل إن المؤتمر الذي شكَّل البذرة لتكوين تلك المنظمة عُقد في الدار البيضاء عام 1961. وتحت قيادة الملك محمد الخامس، ثم الملك الحسن الثاني، قام المغرب بتكوين علاقات وطيدة مع عدد من الدول الإفريقية، مثل السنغال والغابون وغينيا والكونغو الديمقراطية (التي كانت تُعرف وقتها بـ”زائير”)، وبلغت درجة التعاون مستوى متقدمًا، حيث قام المغرب في 1977 و1978 بإرسال جنود وقوات عسكرية لدعم نظام موبوتو سيسي سيكو في الكونغو. أما على المستوى الثقافي، فقد استضاف المغرب آلاف الطلاب الأفارقة في جامعته منذ الثمانينات، بالإضافة إلى انتشار الطائفة التيجانية الصوفية (ذات النشأة المغربية) في أغلب دول غرب إفريقيا(3).

لكن الأمر الجديد في الانفتاح المغربي على إفريقيا في السنوات الأخيرة هو حجمه وتمركزه حول الجوانب الاقتصادية، ففي الفترة بين العامين 2000-2015، نما التبادل التجاري بين المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء بمعدل 12.8% في السنة، ووصلت عوائد هذا التبادل التجاري لحوالي مليار دولار سنويًّا للمغرب(4). وأكثر ما يمكن أن يُلاحظ في سياق هذا الانفتاح على إفريقيا هو النظر في استثمارات المغرب الأجنبية، ففي 2015 وصلت قيمة استثمارات المغرب في إفريقيا 600 مليون دولار، بل إن نسبة استثمارات المغرب في إفريقيا بلغت 85% من إجمالي الاستثمارات المغربية الأجنبية المباشرة وفقًا لبيانات وزارة المالية والبنك الإفريقي للتنمية(5)، وهي زيادة ضخمة جدًّا من العام 2015 الذي كانت فيه نسبة الاستثمارات المغربية في إفريقيا لا تتجاوز 40% من مجمل الاستثمارات المغربية(6).

شكل رقم (1) يوضح صادرات المغرب مع دول إفريقيا جنوب الصحراء بين عامي 2005 و2019 (بآلاف الدولارات)(7)

ولأن هذا الانفتاح يتمركز حول الجوانب الاقتصادية، تم، ولأول مرة، تجاوز كثير من القيود السياسية التي كانت تضعها الدبلوماسية المغربية في طريقها. فتوسعت الاستثمارات المغربية لتشمل دولًا مثل كينيا وإثيوبيا ونيجيريا وزامبيا، وهي دول خارج نطاق الدول الفرانكفونية التي كان يركز عليها المغرب في استثماراته، بل إن نيجيريا وإثيوبيا تشكلان مثالين رئيسين لكيفية تجاوز الاستثمارات المغربية القيود التي كانت تضعها سياسة المغرب الخارجية السابقة، فكلا البلدين اعترفا بـ”الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” كدولة مستقلة، وهذا أمر وحتى وقت قريب جدًّا كان يمثل عقبة رئيسية في علاقة المغرب مع أية دولة أخرى، ولكن تحت الانفتاح المغربي الجديد والمتمركز حول الجوانب الاقتصادية تم تجاوزه، وقام المغرب بتمويل مشاريع اقتصادية في كلا البلدين. ففي إثيوبيا، موَّل إنشاء مصنع لإنتاج الأسمدة بلغت قيمته 2.4 مليار دولار، أما في نيجيريا، فقد أسهم المغرب في تمويل خط أنابيب للغار الطبيعي بين نيجيريا والمغرب يبلغ طوله 5000 كيلومتر ويكلِّف مليارات الدولارات(8). تهدف هذه الاستراتيجية الجديدة إلى التأثير غير المباشر على قضية الصحراء عن طريق عزل “جبهة البوليساريو” في المنطقة باحتواء مناصريها (مثل نيجيريا وإثيوبيا) أو بالتقليل من تأثير أولئك المناصرين الذين لا يمكن تحييدهم مثل الجزائر(9).

  1. دوافع استراتيجية الانفتاح على إفريقيا

يمكن أن نرصد ثلاثة أسباب لاستراتيجية الانفتاح الجديدة على إفريقيا والمتمركزة حول الجوانب الاقتصادية:

– أولًا: من ناحية ثقافية وأيديولوجية، فإن اهتمام المغرب ببناء شراكات اقتصادية مكثفة مع القارة الإفريقية قد تم في إطار خطاب أيديولوجي يحتفى بالإرث الإفريقي في الثقافة المغربية، ويقدم النقد اللاذع والمناهض في ذات الوقت للاتحاد الأوروبي وللاستعمار الغربي بكل أشكاله، وينحاز بصورة واضحة لدول الجنوب. فبالنسبة للملك محمد السادس نفسه، فمنذ أن نشر أطروحته للدكتوراه في كتاب يحمل عنوان “التعاون بين السوق الأوروبية المشتركة واتحاد المغرب العربي”، في العام 1993، ظهر انتقاده الشديد لتجربة الاستعمار الأوروبي لإفريقيا، ورؤيته لاختلال التوازن الهيكلي بين علاقة المغرب بالسوق الأوروبية المشتركة، بل ذهب لأبعد من ذلك؛ إذ يتهم الدول الغربية بالتلاعب والتملص من مسؤولياتها التاريخية، ودعاها إلى بذل المزيد من التعاون والتوازنات العادلة في المحافل الدولية. وبالتالي فإن استراتيجية الانفتاح على إفريقيا وتعاون دول الجنوب مع بعضها البعض، بالنسبة للملك محمد السادس، هي الخيار الأمثل والبديل لهذه الدول بدل ربط اقتصاداتها بالدول الأوروبية(10).

ولم يكتف الملك محمد السادس بتقديم خطاب ناقد للغرب ومنفتح على إفريقيا، بل أشرف فعليًّا على هذه الاستراتيجية الجديدة، حيث قام في السنوات الأخيرة بأكثر من 51 زيارة إلى 26 دولة إفريقية، وعلى خلاف معظم صانعي القرار والمستثمرين الذين كانوا يزورون تلك الدول الإفريقية لأوقات قصيرة فقد كان الملك يقوم بزيارات طويلة تتضمن الكثير من اللقاءات الشخصية، وافتتاح مشاريع تنموية، بل كان يقوم حتى برحلات سياحية فضلًا عن الاختلاط مع الناس في الشوارع؛ الأمر الذي جعل تلك الزيارات تتصدر عناوين الصحف والقنوات الإفريقية. كما قام الملك بنفسه، في تلك الزيارات، بتوقيع أكثر من 952 اتفاقية وشراكة ثنائية بين المغرب وبين الدول الإفريقية في قطاعات اقتصادية وثقافية متنوعة(11).

– ثانيًا: فمن زاوية اقتصادية تُركز الاستراتيجية على الوضع الداخلي لإفريقيا، حيث سنجد أن 11 دولة إفريقية تقع ضمن العشرين اقتصادًا الأكثر نموًّا في العالم، وبالرغم من عدم استقرار النمو في إفريقيا فإن معدل النمو السنوي تجاوز 5.4% بين عامي 2000-2010. وبينما تنهار أسعار المنتجات الزراعية والمواد الخام بالإضافة إلى الأزمات السياسية في بعض دول شمال إفريقيا، فمن المتوقع أن يستمر معدل النمو السنوي بمتوسط 4.3% في السنوات المقبلة كذلك. علاوة على هذا، فإن تعداد سكان القارة الإفريقية يتجاوز مليار ومئتي مليون نسمة، ويتمتع هؤلاء السكان بقوة شرائية تبلغ 1.5 تريليون دولار سنويًّا، ومن المتوقع أن تزيد هذه القوة الشرائية لتبلغ 2 تريليون دولار بحلول 2025(12). كل تلك العوامل كانت كفيلة بتغيير النظرة العامة لإفريقيا من قارة يضربها الفقر والتخلف والحروب، إلى قارة بِكر ذات إمكانات واعدة وفرص هائلة ومتنوعة يمكنها أن تحقق للمستثمرين فيها أرباحًا لا يمكن أن يحققوها في أي مكان آخر في العالم، وبالتالي فإن قرار الانفتاح على إفريقيا له مبرراته المتعلقة بالفائدة الاقتصادية والاستثمارية المباشرة من هذا الانفتاح.

شكل رقم (2) يبرز توقعات زيادة القوة الشرائية في إفريقيا (الأرقام بقيمة تريليون دولار)(13)

– ثالثًا: أما من ناحية العلاقات الخارجية المغربية، فإن الانفتاح الاقتصادي على إفريقيا سيعزز من سياسة المغرب الخارجية في علاقاته مع الدول الأخرى، حيث سيكون قادرًا على تقديم نفسه كبوابة سياسية واقتصادية وثقافية للقارة الإفريقية.

وفي سبيل جذب الاستثمارات الأجنبية عن طريق تقديم نفسه كمركز تجارة واستثمار إقليمي، قامت الحكومة المغربية، على سبيل المثال، في ديسمبر/كانون الأول 2010، بإنشاء نظام استثماري خاص جديد أطلقت عليه “القطب المالي للدار البيضاء”، والشركات التي ستدخل في هذا النظام الاستثماري الجديد ستحظى بعدد من الحوافز الاستثمارية، بعضها يتعلق بالضرائب (مثل الإعفاء من ضريبة الشركات لمدة خمس سنوات للمؤسسات التي تعمل في قطاع الخدمات، بالإضافة إلى تقليل معدل الضريبة للشركات الإقليمية والدولية التي ستفتح مكاتبها الإقليمية الرئيسية في الدار البيضاء)، وبعضها يتعلق بتقليل القيود على التحويلات الأجنبية، بالإضافة إلى تسهيلات تأشيرات العمل والإقامة للعاملين بتلك الشركات. وحتى تتمتع أي شركة بهذه الحوافز الاستثمارية يجب أن يتوفر فيها عدد من الشروط أهمها أن يكون أكثر من 70% من دخل الشركات يأتي من خارج المغرب. وفي نهاية عام 2014، كان هنالك 60 شركة دولية تستفيد من مشروع القطب المالي للدار البيضاء وتتخذ من هذه المدينة مقرًّا لمكاتبها الإقليمية. على سبيل المثال، ففي يونيو/حزيران 2014، قام عملاق التكنولوجيا الصينية، شركة هواوي، بافتتاح مكتبه الإقليمي في مدينة الدار البيضاء. وقبل هواوي، قامت كل من “المجموعة الأميركية الدولية (American International Group)، التي تعمل في أكثر من 80 دولة حول العالم ومتخصصة في قطاع التأمين، والمجموعة المصرفية الدولية الفرنسية (BNP Paribas)، التي تعمل في أكثر من 77 دولة حول العالم، بإنشاء مكاتبها الإقليمية في الدار البيضاء في الشهور الأولى من العام 2014. وفي مارس/آذار 2015، كنتيجة لهذه السياسات الاستثمارية، قام مركز العالم للتمويل (Global Financial Centres) بتصنيف الدار البيضاء كثاني أفضل مدينة للاستثمار في إفريقيا، مع احتلالها المرتبة 42 عالميًّا(14).

وفي سبيل تقديم نفسه كبوابة لإفريقيا، قام المغرب بتغيير عدد من سياساته الاستثمارية وجعلها أكثر مرونة؛ حيث سمح، في أغسطس/آب 2014، للشركات المُسجلة والتي تعمل لأكثر من ثلاث سنوات، بأن تستثمر ما يعادل 3.12 ملايين دولار خارج المغرب. وفي ديسمبر/كانون الأول 2015، تم رفع هذا السقف ليصل إلى ما يعادل 10.42 ملايين دولار إذا كان هذا الاستثمار في إحدى الدول الإفريقية، وما يعادل 5.21 ملايين دولار إذا كان الاستثمار في باقي الدول. كما تم وضع صندوق استثماري قيمته 20.83 مليون دولار لدعم الشركات المغربية التي تود الاستثمار في السوق الإفريقية(15).

  1. آثار وثمار استراتيجية الانفتاح على إفريقيا

آتت استراتيجية الانفتاح على إفريقيا، والتي يقع ضمن أهدافها جذب الاستثمارات الأجنبية للمغرب عن طريق تقديم نفسه كبوابة اقتصادية لإفريقيا، ثمارها سريعًا، فقد استطاع المغرب جذب استثمارات أجنبية بلغت 2.57 مليار دولار في العام 2017 بزيادة 12% عن 2016(16). أما في 2018، فقد تجاوزت الاستثمارات الأجنبية التي استقبلها المغرب 3.3 مليارات دولار، بزيادة تفوق 28.4% عن 2017(17). وفي مارس/آذار من العام 2018، وبحسب مؤشر الاستثمار في إفريقيا (Africa Investment Index (AII))، أصبح المغرب في المرتبة الأولى ضمن الدول الإفريقية التي تمثِّل وجهة للاستثمارات الأجنبية متجاوزة بذلك جنوب إفريقيا ومصر والجزائر وبوتسوانا التي كان المغرب يأتي خلفها في العادة. وبحسب المؤشر فقد “برز المغرب كأفضل دولة من ناحية جاذبيته للاستثمار في إفريقيا، وجاءت مصر والجزائر في المرتبة الثانية والثالثة، على التوالي. وهنالك أربعة أسباب وراء هذه الأفضلية تتمثَّل في بيئة العمل المرحِّبة بالأجانب، وانخفاض مخاطر الاستثمار، وحجم الاقتصاد المغربي الذي يحتل المرتبة الخامسة في القارة الإفريقية، ثم تمتع المغرب برأس مال اجتماعي وروابط اجتماعية قوية بباقي الدول الإفريقية، كل هذه العوامل مجتمعة جعلت من المغرب أفضل مكان للاستثمار على مستوى القارة الإفريقية”(18).

وبالإشارة إلى رأس المال الاجتماعي، فإن تقديم المغرب كمنارة للثقافة الإسلامية وتدريب الدعاة الأفارقة يعتبر جزءًا أصيلًا من استراتيجيته في الانفتاح على إفريقيا. وعلى سبيل المثال، وفي مارس/آذار 2015، قام المغرب بافتتاح معهد محمد السادس لتدريب الأئمة والدعاة، وفي يونيو/حزيران 2016، قام الملك محمد السادس بافتتاح مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة التي تهدف إلى تعزيز العلاقات التاريخية والدينية بين المغرب وباقي الدول الإفريقية. وقد قامت المؤسسة بدعوة 120 عالمًا متخصصًا في علوم الشريعة وعلم اللاهوت من 31 دولة إفريقية، وكان الهدف من هذه الدعوة -كما صرح الملك محمد السادس نفسه في حفل الافتتاح- هو “تأكيد أن قيم الإسلام المعتدلة تساعد في تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في إفريقيا”. وأخيرًا، يدرس أكثر من 16 ألف طالب إفريقي في الجامعات المغربية، وأكثر من 90% من هؤلاء الطلاب الأفارقة يستفيدون من منح تقدمها الحكومة المغربية(19).

الجدول رقم (1) يظهر تصنيف الدول الإفريقية بحسب مؤشر الاستثمار في إفريقيا للعام 2018(20)

المرتبة أفضل الدول للاستثمار في إفريقيا عام 2018 المرتبة أسوأ الدول للاستثمار في إفريقيا عام 2018
1 المغرب 1 جمهورية إفريقيا الوسطى
2 مصر 2 ليبيريا
3 الجزائر 3 الصومال
4 بوتسوانا 4 إريتريا
5 ساحل العاج 5 غينيا الاستوائية
6 جنوب إفريقيا 6 غامبيا
7 إثيوبيا 7 سيراليون
8 زامبيا 8 غينيا
9 كينيا 9 ساو تومي وبرينسيبي
10 السنغال 10 زيمبابوي

 

  1. العوامل الإقليمية والدولية لاستراتيجية الانفتاح على إفريقيا

هناك عدد من العوامل الإقليمية والدولية التي جعلت الانفتاح المغربي على إفريقيا خيارًا استراتيجيًّا قابلًا للتطبيق، ويمكن إجمالها في خمسة عوامل:

العامل الإقليمي الأول، الذي أسهم في هذه الاستراتيجية، وتحديدًا في مقدرة المغرب على تجاوز قضية الصحراء والخلاف مع جبهة البوليساريو، هو أن اللاعب الدبلوماسي الرئيسي، إن لم يكن الوحيد، في هذا النزاع هو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأن المؤثرين في قرارات ذلك المجلس يستطيع المغرب التنبؤ بتحركاتهم المستقبلية، بل إن الأعضاء الخمسة الدائمين في ذلك المجلس يميلون إلى كفة المغرب في هذا النزاع ويسمحون له بالاحتفاظ بوضع الصحراء الراهن كما هو الآن. وبالرغم من أن هذا ليس هو الوضع المثالي الذي يسعى إليه المغرب، لكنه مقبول بالنسبة للرؤية المغربية من باب أن هناك ضمانًا دوليًّا بأن قضية الصحراء لن يتم تصعيدها لمستويات أعلى مما هو عليه الوضع الآن(21).

ا

لعامل الإقليمي الثاني: هو الاستقرار السياسي والاقتصادي الداخلي الذي شهده المغرب في السنوات الماضية، وفقدان هذا العامل المهم جعل دولًا في شمال إفريقيا، والتي كان بإمكانها أن تنافس المغرب في الانفتاح على إفريقيا، تبتعد عن الحلبة. فقد تدهور الاقتصاد الليبي كثيرًا بسبب الوضع الأمني المتردي، أما الجزائر فبسبب اعتمادها الكبير على عائدات النفط الذي انخفضت أسعاره في السنوات الأخيرة لم تستطع أن تستثمر أموالًا كبيرة في إفريقيا، بينما لا تزال تونس تعاني من الاضطرابات والصراعات السياسية الداخلية. كل تلك الظروف الجيوسياسية سمحت للمغرب بأن يظهر ويحتل المشهد كأول مستثمر، من شمال إفريقيا، في الدول الإفريقية جنوب الصحراء(22).

العامل الإقليمي الثالث: هو فشل “اتحاد المغرب العربي”، الذي تأسس في فبراير/شباط 1989 بمدينة مراكش المغربية، ويضم خمس دول، هي: ليبيا وتونس والمغرب والجزائر وموريتانيا. وكان الغرض الرئيسي من إنشائه هو تطوير التعاون الإقليمي بين دول شمال إفريقيا لمواجهة التحدي الأوروبي بالإضافة إلى تنسيق سياسات اقتصادية مشتركة. لكن وبعد قرابة 30 عامًا من إنشائه لم يتم تحقيق الأهداف التي تأسس من أجلها، ولم تُعقد أية قمة على مستوى رؤساء الدول منذ قمة 1994، والتي كانت في تونس(23). فبسبب الخلاف السياسي بين المغرب والجزائر بشأن قضية الصحراء، وتباين الرؤى مع دول أخرى، لم يحدث أي تعاون اقتصادي/تجاري كبير بين هذه الدول ولم تتجاوز نسبة التجارة بين هذه الدول 3% من إجمالي التجارة الخارجية(24). ولذلك، وبعد فشل محاولات متعددة لإعادة إحياء اتحاد المغرب العربي(25)، قرَّر المغرب أن يتجاوز دول اتحاد المغرب العربي والاتجاه نحو الدول الإفريقية جنوب الصحراء، بل إن الملك محمد السادس، في حديثه للقادة الأفارقة في قمة الاتحاد الإفريقي، في 2017، صرَّح بأن المغرب قد استبدل بـ”اتحاد المغرب العربي” علاقة وثيقة مع دول “الاتحاد الإفريقي”(26).

العامل الإقليمي الرابع الذي عزَّز من هذه الاستراتيجية الجديدة، هو أن الكساد الاقتصادي الذي أصاب منطقة الاتحاد الأوروبي بعد الأزمة المالية في 2008 تسبب في حدوث خسائر كبيرة لصادرات المغرب الذي كان يعتمد بصورة أساسية على السوق الأوروبية في استهلاك بضائعه وصادراته؛ الأمر الذي تسبب في حدوث هزة اقتصادية كبيرة للمغرب. ومنذ ذلك الحين، بدأ المغرب بصورة جادة في تنويع أسواق صادراته عن طريق البحث عن أسواق جديدة. وكانت إفريقيا هي الخيار الأمثل بسبب الكثافة السكانية العالية والمتزايدة بأعلى معدل في العالم مع قوة شرائية تفوق 1.4 تريليون دولار في العام، بالإضافة للقرب الجغرافي والثقافي من المغرب(27).

أخيرًا، فإن الحرب التجارية التي شنتها أميركا ضد الصين ودول الاتحاد الأوروبي، والتي تتضمن زيادة الرسوم الجمركية، دفعت عددًا من الشركات المُصنِّعة للسيارات إلى النظر للمغرب كبوابة للأسواق الإفريقية، التي لم تدخل هذه الحرب التجارية حتى الآن. ولذلك فالشركات الإيطالية والفرنسية المُصنِّعة للسيارات، مثل: “رينو” (Renault)، و”مجموعة PSA”، و”فيات” (Fiat)، لديها بالفعل مصانع في المغرب تعمل كخطوط تجميع وإنتاج لقطع السيارات، لكن الجديد في الأمر هو أن الشركات الصينية المُصنِّعة للسيارات، مثل BYD، بدأت في بناء مصانع للتجميع وتصنيع السيارات بمدينة طنجة في المغرب. وكمقابل لبناء مصانع إقليمية في المغرب، قامت الحكومة بتحفيز هذه الشركات عن طريق تقديم تخفيضات في الضريبة ومعدلاتها بالإضافة إلى توفير أراض مدعومة لمدة خمس سنوات(28).

  1. البنوك محرِّك الاستثمارات المغربية في إفريقيا

إن نظرة فاحصة لطبيعة الاستثمارات المغربية في إفريقيا كفيلة بتوضيح تغير مهم في نوعية هذه الاستثمارات. ففي 2011 بلغت نسبة الاستثمارات الصناعية 22%، و9% لقطاع الاتصالات، و2% لقطاع العقارات، أما في 2015، فقد قفزت نسبة استثمارات الاتصالات والعقارات إلى 21% و11% على التوالي، بينما تقلصت الاستثمارات الصناعية إلى 12%. لكن القطاع الوحيد الذي كان ولا يزال يحتفظ بنصيب الأسد في الاستثمارات المغربية هو قطاع البنوك، حيث بلغت نسبته 44% من استثمارات 2011 و41% في 2015(29)، ثم قفزت النسبة إلى 78% عام 2017. وبحسب التقرير الصادر عن الوكالة الفرنسية للتنمية ووزارة الشؤون الاقتصادية والمالية، فإن القطاع البنكي وقطاع الاتصالات، وبسبب الإصلاحات المبكرة التي قام بها المغرب في هذين القطاعين خلال تسعينات القرن الماضي، يحتلان نصيب الأسد في الاستثمارات المغربية في إفريقيا. وبالنظر في متوسط نسبة هذين القطاعين في الفترة من العام 2007 وحتى 2017 سنجد أن متوسط نسبة القطاع البنكي بلغ 53% من مجمل الاستثمارات المغربية في إفريقيا بينما بلغ متوسط نسبة قطاع الاتصالات 17%، في المقابل كان متوسط قطاع الصناعة 11% في هذه المدة(30).

الجدول رقم (2) يوضح توزيع الاستثمارات المغربية في إفريقيا حسب القطاعات بين الأعوام 2011 و2015 و2017(31)

النسبة من مجمل الاستثمارات المغربية في إفريقيا (2017) القطاع النسبة من مجمل الاستثمارات المغربية في إفريقيا (2015) القطاع النسبة من مجمل الاستثمارات المغربية في إفريقيا (2011) القطاع
%4 الصناعة %12 الصناعة %22 الصناعة
%78 القطاع البنكي %41 القطاع البنكي %44 القطاع البنكي
%6 العقارات %11 العقارات 2% العقارات
%10 الاتصالات %21 الاتصالات 9% الاتصالات
8% التأمين %1 التأمين 3% الطاقة والتعدين
%1 التبادل التجاري %5 التبادل التجاري 4% النقل والبنية التحتية
%3 أخرى %9 أخرى 16% أخرى

 

استفادت البنوك المغربية من التشابه اللغوي والديني بين المغرب ودول غرب إفريقيا الفرانكفونية واستطاعت أن تبني لنفسها حضورًا بارزًا في المشهد الاقتصادي، وتمكنت أكبر ثلاثة بنوك في المغرب، وهي: “التجاري وفا بنك” و”البنك المغربي للتجارة الخارجية” و”البنك الشعبي المركزي”، من الاستحواذ على أغلب القطاع البنكي في غرب إفريقيا، وتعمل على توسيع وتحفيز الاستثمارات المغربية في المنطقة. فمثلًا يمتلك “التجاري وفا بنك” فروعًا في 13 دولة إفريقية، أما “البنك المغربي للتجارة الخارجية” فيمتلك شبكة تتضمن 19 فرعًا منتشرة في كل دول المنطقة(32)، وقد استطاع هذا الأخير، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، أن يضم إليه “بنك إفريقيا” (Bank of Africa) بكل فروعه حول إفريقيا بعد أن قام بشراء 73% من رأس مال البنك(33).

لم تكتف هذه البنوك المغربية بالعمل في غرب ووسط إفريقيا، بل سعت كذلك للتمدد في بقية دول القارة الإفريقية. ففي العام 2017، قام “التجاري وفا بنك” بشراء “بنك باركليز” (Barclays) في مصر، وهو ما يعتبر خروجًا عما كانت تعتاد فعله البنوك المغربية من تركيز الاستثمار في دول غرب ووسط إفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، يسعى “التجاري وفا بنك” للتوسع خلال الأعوام المقبلة في دول جديدة في شرق وشمال إفريقيا، وتتضمن الخطة المبدئية للبنك شراء بنوك في رواندا وكينيا وإثيوبيا، بل إن هدفه الاستراتيجي هو “شراء كل البنوك المُصنَّفة ضمن أول خمسة بنوك في كل سوق تجارية في القارة”(34).

وعلى خطى “التجاري وفا بنك”، بدأ عدد من البنوك المغربية في شراء المؤسسات البنكية في جزيرتي موريشيوس ومدغشقر. أما “البنك الشعبي المركزي”، وهو ثاني أكبر بنك في المغرب بعد “التجاري وفا بنك”، فيمتلك خططًا توسعية في دول شرق إفريقيا مثل رواندا وكينيا وإثيوبيا(35). وفي إطار تمدد القطاع البنكي والمصرفي المغربي في القارة الإفريقية، قام عدد من شركات التأمين المغربية بتوسيع استثماراته في شرق إفريقيا، فمثلًا أقدمت “مجموعة سهام للتأمين”، التي تعمل في 10 دول إفريقية أغلبها في غرب ووسط القارة منذ 2010، على توسيع أعمالها لتستحوذ في العام 2015 على “شركة كونتيننتال لإعادة التأمين” (Continental Reinsurance Plc) في نيجيريا(36)، ثم بدأت تستثمر بمبالغ كبيرة في قطاع التأمين في موريشيوس وأنغولا ورواندا(37).

تقوم هذه البنوك والمؤسسات المالية بدراسة الفرص الاستثمارية في كل الأسواق الإفريقية التي تدخلها، وتحليل الفاعلين والمؤثرين في تلك الأسواق، ومن ثم تتولى دور المستكشف الذي يمهد للشركات المغربية الطريق قبل الولوج فيه، ثم تقوم لاحقًا بدور الداعم والضامن لتلك الشركات المغربية عندما تدخل الأسواق الإفريقية. وبالتالي، فإن هذه البنوك تمثِّل القيادة الموجِّهة للاستثمارات المغربية في القارة الإفريقية، بالإضافة إلى كونها كانت ولا تزال تحتل نصيب الأسد في تلك الاستثمارات، وهذا أمر له تبعاته على أثر وطبيعة ومستقبل تلك الاستثمارات.

ومما سهَّل على البنوك المغربية هذا الانتشار الكبير في إفريقيا هو الزيادة الكبيرة في استثمارات قطاع الاتصالات المغربية في إفريقيا، والذي قفز من 9% من جملة الاستثمارات المغربية في إفريقيا في العام 2011 ليصل إلى 21% في العام 2015 كما هو موضح في الجدول رقم (2)، وبالتالي، فليس من المستغرب أن يصل عدد مستخدمي شرائح شركة الاتصالات المغربية إلى 60 مليون في العام 2018، بعد نسبة زيادة 9.7% من عدد المشتركين في العام 2017(38).

  1. تحديات استراتيجية الانفتاح الاقتصادي على إفريقيا

كنتيجة طبيعية لاستراتيجية الانفتاح على إفريقيا، شهدت التجارة بين المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء زيادة كبيرة بنمو سنوي بلغ 12.8% في الفترة بين 2000-2015. لكن بالرغم من ذلك فقد ظل نصيب الدول الإفريقية من تجارة المغرب الخارجية ضئيلًا جدًّا عند مقارنته بالاتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط. فبينما بلغت نسبة التجارة مع إفريقيا 3.4% من إجمالي التجارة المغربية مع الخارج، بلغت النسبة 56.7% و15.3% لكل من الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط، على التوالي، وهو ما يثير عددًا من التساؤلات حول أسباب هذه النسبة الضئيلة(39).

أحد الأسباب المُفسِّرة لهذا الضعف هو أن استراتيجية ومبادرات المغرب في الانفتاح على إفريقيا كانت ولا تزال مصحوبة بـ”طموحات عالية” مع وجود “قدرات محدودة” على تنفيذ هذه الاستراتيجية. وذلك أن المغرب دولة تمتلك معدل نمو سنوي متوسط وبها معدلات بطالة عالية، وبالتالي فإن الطموح نحو تحقيق أهداف استراتيجية الانفتاح قد يتضمن سوء تقدير للمشاكل الهيكلية والمخاطر التي يعاني منها المغرب والتي تعاني منها القارة الإفريقية. فمثلًا من أبرز التحديات الهيكلية في إفريقيا: ضعف الأسواق المالية الإفريقية، وضعف البنية التحتية مع عدم وجود خطوط برية أو بحرية مباشرة بين المغرب وتلك الدول الإفريقية مما جعل التجارة بينهما ذات تكلفة عالية(40). وبسبب عدم التوافق بين الطموحات والمقدرات المغربية فإن الكثير من اتفاقيات التجارة والتعاون مع عدد من الدول الإفريقية لم تدخل حيز التنفيذ بعد (مثل اتفاقية التجارة والاستثمار مع الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا (WAEMU) الذي تم توقيعه في عام 2008)(41).

كما أن هناك تساؤلًا مشروعًا حول مدى فائدة هذه الاستثمارات في معالجة المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المغربي من جهة، والدول الإفريقية من جهة أخرى. فقد تركزت الاستثمارات المغربية على قطاعات الاتصالات، والبنوك، والعقارات، والتأمين، والحيازات، كما رأينا في بداية المحور السابق (والتي تتميز بكونها استثمارات تتطلب رؤوس أموال مكثفة وتعود أغلب عوائد هذه الاستثمارات لأصحاب رؤوس الأموال)، في مقابل تراجع استثمارات التصنيع والبنية التحتية والطاقة (والتي تتميز بكونها استثمارات لا تعتمد فقط على رؤوس الأموال وإنما على الكثير من القوى العاملة). وهذا يشير إلى أن أغلب عوائد هذه الاستثمارات تعود إلى طبقة معينة في المغرب ولا يستفيد منها أغلب سكان المغرب، مما يعنى بدوره، أن هذه الاستثمارات لن تقوم بمعالجة مشكلة عدم المساواة في المغرب، كما أنها لن تقوم بتحفيز حقيقي وتغيير هيكلي في القطاعات الإنتاجية في اقتصاديات باقي الدول الإفريقية، وهو ما يهدد استدامتها بسبب أنها مرتبطة أكثر بالقطاع البنكي الذي يعاني من ضعف ومخاطر جمة.

وقد وجد تقرير -صدر بالتعاون بين منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) مع إدارة الشؤون الاقتصادية التابعة للاتحاد الإفريقي- أن قيمة معامل جيني (Gini Coefficient)، وهو المؤشر الذي يستخدمه معظم الاقتصاديين والعاملين بحقل التنمية لقياس معدلات عدم المساواة، يبلغ في المغرب 40.3% وهي نسبة أعلى بكثير مما في الجزائر (%23) ومصر (%30.8) وتونس (%35.8)، بل هي الأعلى في كل دول شمال إفريقيا مما يجعل المغرب البلد الذي يمتلك أكبر فجوة في السلم الاقتصادي-الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء في منطقة شمال إفريقيا(42). وتشير دراسة أصدرها البنك الدولي في العام 2018 إلى أنه ومنذ العام 2000 لم يحدث تحسن ملحوظ في معدلات عدم المساواة، ومع انخفاض قليل لمعدلات عدم المساواة في بعض المدن (مثل مراكش والدار البيضاء وسطات وسوس ماسة)، فإن بعض المناطق والمدن (مثل الرباط والقنيطرة وسلا) شهدت زيادة في معدلات عدم المساواة في عشرين سنةً الماضية، مما يعنى أن معدلات عدم المساواة أخذت بُعدًا مناطقيًّا في المغرب. كما تشير نفس الدراسة إلى أن حجم الطبقة الوسطى في المغرب لا يتجاوز 25% من السكان، وهي نسبة منخفضة للغاية بالنسبة لحجم الطبقة المتوسطة في البلدان الناشئة والتي تبلغ حوالي 50% في البرازيل وتركيا. وفي البلدان التي شهدت تنمية اقتصادية سريعة، مثلما حدث في المغرب، تشير الدراسة إلى أن الطبقة الوسطى في كوريا الجنوبية، مثلًا، عندما بدأت الإصلاحات الاقتصادية في الثمانينات بلغت نسبها 53%(43).

وهناك عائق داخلي ثالث أمام المغرب للمضي قدمًا في تنفيذ استراتيجيته نحو إفريقيا وهو معدل البطالة العالي جدًّا وسط الشباب في المغرب والذي يتجاوز 27%، أي ما يعادل تقريبًا ثلاثة أضعاف معدل البطالة العام والذي يصل إلى 10% تقريبًا، فكما ذكرنا فإن أغلب هذه الاستثمارات التي تقودها البنوك والاتصالات والشركات الرأسمالية ليس لها أي مردود مباشر على فئة الشباب العاطل عن العمل في المغرب والباحث عن التوظيف الفوري، وهو ما قد يسبب خلخلة في الاستقرار السياسي في السنوات المقبلة، خصوصًا أن هؤلاء الشباب قد قاموا سابقًا بعدد من الاحتجاجات الجماهيرية(44).

ومن ناحية علاقات المغرب الخارجية، فإن هذا الانفتاح على إفريقيا، والذي جعل المغرب “بوابة إفريقيا” الاقتصادية والثقافية، قد أدى إلى بروز خصومات بين المغرب وبعض الدول التي تنافسه في صدارة المشهد الإفريقي، مثل: مصر ونيجيريا، مما سيضطر المغرب لحساب تحركاته المستقبلية في القارة بحذر. فقد تأخرت مصر عن دعم قرار عودة المغرب للاتحاد الإفريقي حتى اللحظات الأخيرة في قمة الاتحاد الإفريقي التي عُقدت في يناير/كانون الثاني 2017، وهذا التأخر اعتُبر مناورة من الرئيس، عبد الفتاح السيسي، لتأخير عودة المغرب للاتحاد الإفريقي خوفًا من تنامي النفوذ المغربي في إفريقيا(45). وفي نفس العام، عندما تقدم المغرب بطلب الحصول على عضوية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS)، قامت النقابات العمالية النيجيرية بالضغط في اتجاه تأخير قبول عضوية المغرب خوفًا من هيمنة الشركات المغربية متعددة الجنسيات على أسواق غرب إفريقيا، كما طالبت دول أخرى في المجموعة بتخفيف قيود السفر التي يفرضها المغرب على مواطني دول غرب إفريقيا ذات العضوية في المجموعة، وهذا ما قد يسبب بعض التوتر بين المغرب والاتحاد الأوروبي الذي يخشي أن يقوم أولئك المسافرون من دول غرب إفريقيا بالهجرة غير الشرعية لأوروبا(46).

أخيرًا، فمن المهم الإشارة إلى أن المغرب ليس هو البلد الوحيد المهتم بدول إفريقيا، فالقوى والشركات العالمية (مثل: الصين وتركيا والهند) تسعى كذلك للحصول على حصتها من الكعكة الاقتصادية، وهو ما قد يؤدي إلى حدوث تضارب مصالح بين المغرب وبين هذه الدول في المستقبل القريب، تمامًا كما حدث مع مصر ونيجيريا. وقد يحدث هذا التضارب حتى مع حلفاء تقليديين للمغرب، خاصة فرنسا، التي تمتلك نفوذًا اقتصاديًّا كبيرًا في إفريقيا. كل هذه الظروف الخارجية ستجبر المغرب على أن يكون حذرًا جدًّا في سياساته الخارجية والتجارية مع إفريقيا حتى لا يدخل في صراعات مع باقي اللاعبين الاقتصاديين في السوق الإفريقية(47).

  1. النتائج والمناقشة

بعد رصد الأسباب الداخلية التي تقف وراء الانفتاح الاقتصادي للمغرب على إفريقيا والتي تمثلت في ثلاثة أسباب، أولها ثقافي؛ حيث إن السلطة القائمة في المغرب تحمل خطابًا أيديولوجيًّا يحتفى بالإرث الإفريقي في الثقافة المغربية، ويقدم النقد اللاذع والمناهض في ذات الوقت للاتحاد الأوروبي وللاستعمار الغربي بكل أشكاله، وينحاز بصورة واضحة لدول الجنوب ويرى فيها المستقبل للمغرب. وثانيهما داخلي يتعلق بمؤشرات النمو السكاني والاستهلاكي لإفريقيا والتي كانت كفيلة بتغيير النظرة العامة لإفريقيا من قارة يضربها الفقر والتخلف والحروب إلى قارة بِكر ذات إمكانات واعدة وفرص هائلة ومتنوعة يمكنها أن تحقق للمستثمرين فيها أرباحًا لا يمكن أن يحققوها في أي مكان آخر في العالم، وبالتالي فإن قرار الانفتاح على إفريقيا له مبرراته المتعلقة بالفائدة الاقتصادية والاستثمارية المباشرة من هذا الانفتاح. ثالث الأسباب الداخلية وراء هذه الاستراتيجية هو رغبة المغرب في تعزيز نفوذه السياسي والإقليمي في المنطقة عبر تقديم نفسه كبوابة سياسية واقتصادية وثقافية للقارة الإفريقية.

لم يكن لهذه الأسباب الداخلية أن تعمل لوحدها من دون توفر ظروف وعوامل إقليمية ساعدت في إنجاح هذه الاستراتيجية أبرزها هو الاستقرار السياسي والاقتصادي الداخلي الذي شهده المغرب في السنوات الماضية، وفقدان هذا العامل المهم هو ما جعل دولًا في شمال إفريقيا، والتي كان بإمكانها أن تنافس المغرب في الانفتاح على إفريقيا، تبتعد عن الحلبة. كما أن الكساد الاقتصادي الذي أصاب منطقة الاتحاد الأوروبي بعد الأزمة المالية في 2008 تسبب في حدوث خسائر كبيرة لصادرات المغرب الذي كان يعتمد بصورة أساسية على السوق الأوروبية في استهلاك بضائعه وصادراته؛ الأمر الذي تسبب في حدوث هزة اقتصادية كبيرة للمغرب وجعل كثيرًا من الشركات والمؤسسات المغربية تتشجع للانخراط في هذه الاستراتيجية الجديدة. أخيرًا، فإن الحرب التجارية التي شنَّتها أميركا ضد الصين ودول الاتحاد الأوروبي والتي تتضمن زيادة الرسوم الجمركية بين هذه البلدان، دفعت عددًا من الشركات المُصنِّعة للسيارات إلى النظر للمغرب كبوابة للأسواق الإفريقية، التي لم تدخل هذه الحرب التجارية حتى الآن، وهو ما أسهم بدوره في دخول استثمارات أجنبية كبيرة للمغرب موَّلت هذا الانفتاح الاقتصادي.

بسبب كل تلك العوامل الداخلية والخارجية، بدأت استراتيجية الانفتاح الاقتصادي على إفريقيا تؤتي ثمارها في أواخر العام 2014 حينما استطاع مشروع القطب المالي للدار البيضاء استقطاب أكثر من 60 شركة دولية (من بينها عملاق التكنولوجيا الصينية، شركة هواوي، والمجموعة المصرفية الدولية الفرنسية (BNP Paribas) التي تعمل في أكثر من 77 دولة حول العالم لافتتاح مكاتبها الإقليمية بمدينة الدار البيضاء المغربية. وفي مارس/آذار من العام 2018، صدر مؤشر الاستثمار في إفريقيا (Africa Investment Index (AII)) والذي أشار إلى احتلال المغرب للمرتبة الأولى ضمن الدول الإفريقية التي تمثِّل وجهة للاستثمارات الأجنبية متجاوزة بذلك جنوب إفريقيا ومصر والجزائر وبوتسوانا التي كان المغرب يأتي خلفها في العادة.

مع كل ذلك، وبسبب سيطرة القطاع البنكي على طبيعة الانفتاح الاقتصادي المغربي على الدول الإفريقية وهو قطاع يبتعد عن المخاطر وعن الاستثمارات ذات الكثافة العمالية الكبيرة وعن المشاريع التنموية طويلة الأمد، فإن هذا الانفتاح لم يسهم بصورة إيجابية في معالجة التحديات الهيكلية للاقتصاد المغربي والمتمثلة في ارتفاع معدلات عدم المساواة ونسبة البطالة وسط الشباب المغربي. كما أن هذه الاستراتيجية تعاني تحديات أخرى أهمها بروز خصومات بين المغرب وبين بعض الدول التي تنافسه في صدارة المشهد الإفريقي مثل مصر ونيجيريا، مما سيضطر المغرب لحساب تحركاته المستقبلية في القارة بحذر.

 

خاتمة

الاعتماد الكبير على القطاع البنكي في قيادة الاستثمارات المغربية في إفريقيا له مخاطر وسلبيات متعددة أهمها هو نزوع القطاع البنكي التجاري للمشاريع قليلة المخاطر عالية الربح وذات الفترة الزمنية القصيرة، وفي العادة فإن هذه المشاريع لا تكون مشاريع تنموية ولا استراتيجية بقدر ما تكون مشاريع تخدم مصالح القطاع الخاص. ولذلك يصعب على استراتيجية استثمارية تقودها البنوك التجارية أن تسهم في تقليل معدلات البطالة أو عدم المساواة. ولذلك نجد أن كل الدول ذات التجربة التنموية الرائدة، والتي نجحت في إحداث تحولات هيكلية في بنية اقتصادها، تعتمد على ما يعرف بالبنوك التنموية الوطنية لتمويل مشاريعها التنموية الاستراتيجية وهي بنوك تركز على المشاريع الاستراتيجية طويلة الأمد وذات نفع إيجابي على بنية الاقتصاد وتحدياته الهيكلية.

على المدي المتوسط، يمكن للمغرب عبر استراتيجية انفتاحه الاقتصادي على إفريقيا بواسطة القطاع البنكي أن يجذب الكثير من الاستثمارات الأجنبية داخل المغرب وتؤدي لتوسع ومزيد من الانفتاح على الدول الإفريقية، لكن هذه الاستثمارات الأجنبية لن تغير في بنية الاقتصاد المغربي ولا في معالجة تحدياته الهيكلية ما دام القطاع البنكي التجاري هو رائد وقائد استراتيجية الانفتاح الاقتصادي للمغرب على إفريقيا. فالتاريخ الاقتصادي يعلمنا أن أية عملية تحول اقتصادي هيكلي نحو بناء اقتصاد يقوم على الصناعة والتكنولوجيا تحتاج إلى تخطيط طويل المدى لإنشاء بنية تحتية فاعلة كما تحتاج إلى تطوير وتحديث قدرات ومهارات القوى العاملة في البلد؛ وهذا التحديث يحصل بصورة رئيسية عن طريق التجربة والخطأ والتعلم بالممارسة، وهي عملية تحتاج كذلك إلى وقت طويل ولا تحدث بين ليلة وضحاها، وكلا الأمرين يحتاجان إلى استثمارات مالية كبيرة ولا يمكن أن يتوافرا إلا بوجود قطاع مالي ذي توجه استراتيجي يعطي قروضًا مالية ميسرة متوسطة وطويلة الأجل، وهو ما لا يتوفر في البنوك التجارية العادية ولا في الاستثمارات الأجنبية وذلك أن جزءًا معتبرًا من الأرباح والريوع التي يتم إنتاجها باستثمارات أجنبية تغادر البلاد في صورة نصيب الشركات الأجنبية من الأرباح.

وتذكر الدراسات، على سبيل المثال، أن الدول النامية حصلت في العام 2012 على دخل بلغ 1.3 تريليون دولار في صورة مساعدات واستثمارات أجنبية، لكنها فَقَدَت في ذات العام 3.3 تريليونات دولار لصالح الدول المتقدمة(48). بل حتى تلك الدول التي استفادت من الاستثمارات الأجنبية في زيادة تسارع التحول الاقتصادي الهيكلي، مثل سنغافورة وتايوان وباقي دول جنوب شرق آسيا، فتلك الدول لم تستفد من الاستثمارات الأجنبية في صورة أموال فقط، بل استخدمت تلك الدول الآسيوية الاستثمارات والشركات الأجنبية لجذب الشركات الدولية لبناء قدرات ومهارات الشركات المحلية الوطنية وتوفير الوظائف للقوى العاملة المحلية ونقل التكنولوجيا من الشركات الأجنبية للشركات المحلية عن طريق وضع خطط وسياسات ومؤسسات ضابطة لطريقة عمل تلك الشركات الأجنبية (على سبيل المثال عن طريق وضع تلك الشركات الأجنبية مع الشركات المحلية في مناطق تجهيز الصادرات (Export Processing Zones) وإلزام الشركات الأجنبية بأخذ المُدخلات من الشركات المحلية تدريجيًّا حتى يتم التأكد من انتقال التكنولوجيا والمعرفة والخبرة لتلك الشركات المحلية(49).

توصيات

لذلك، توصي هذه الدراسة بأن يتم إعادة النظر في استراتيجية المغرب في انفتاحها على إفريقيا عبر التركيز على محورين، الأول: هو تغيير مؤشر قياس نجاح هذه الاستراتيجية من قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية للمغرب لمؤشرات قياس تتعلق بمعالجة التحديات الهيكلية في الاقتصاد المغربي (مثل انخفاض معدلات البطالة وتطوير قدرات القوى العاملة المغربية). أما المحور الثاني، فهو متعلق بإعادة هيكلة نسب القطاعات في الاستثمارات المغربية في إفريقيا وزيادة نسبة القطاع الصناعي وقطاع البنية التحتية خصوصًا في البلدان التي يمكن أن تمثِّل أسواقًا للصناعات والمنتجات المغربية وهو ما سيؤثر إيجابًا على الاقتصاد المغربي وعلى اقتصادات الدول الإفريقية.

المراجع

(1) Ahmed Charai, “Why Morocco Is Investing in Africa,” The National Interest, November 9, 2016, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/2PcmVcm.

(2) Franck Kuwonu, “Morocco flexed economic muscles and returned to the AU,” Africa Renewal, March 2017, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/34hqTV7.

(3) Nizar Messari, “Morocco’s African Foreign Policy,” Middle East and North Africa Regional Architecture, June 12, 2018, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/2RGDZJ7.

(4) “Morocco in Line with AfDB’s High 5s,” All Africa, July 22, 2016, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/2PDrP12.

(5) Kuwonu, “Morocco flexed economic muscles and returned to the AU,” op, cit.

(6) Rim Berahab, “Relations between Morocco and sub-Saharan Africa: What is the potential for trade and foreign direct investment?,” OCP Policy Center, Policy Brief 17/04, February 2017.

(7) Ibid and Trade Law Centre (tralac), “Morocco: Intra-Africa trade and tariff profile,” 2018, “accessed November 24, 2019”. https://bit.ly/2slzOHS.

(8) Messari, “Morocco’s African Foreign Policy,” op, cit.

(9) Said Saddiki, “Morocco’s Foreign Policy Treads on the Shifting Sands of Africa,” Moroccan Institute for Policy Analysis, April 2018, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/2YFlLZX.

(10) Mohammed VI, “Cooperation between the European Economic Community and the Arab Maghreb Union,” PhD Thesis at the University of Nice-Antipolis in France, October 1993.

(11) Messari, “Morocco’s African Foreign Policy,” op, cit.

(12) Saddiki, “Morocco’s Foreign Policy Treads on the Shifting Sands of Africa,” op, cit.

(13) Ibid.

(14) “Morocco diversifying trade and investment to grow economy”, Oxford Business Group, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/38tnxSo.

(15) Berahab, “Relations between Morocco and sub-Saharan Africa: What is the potential for trade and foreign direct investment?,” op, cit.

(16) Ahlam Ben Saga, “Morocco Ranks 1st for Economic Investment in Africa: Report,” Morocco World News, March 27, 2018, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/38xKaFq.

(17) “Morocco: good harvest in foreign direct investment,” African Daily Voice, “accessed March15, 2019”,  https://bit.ly/2YE7jl3.

(18) “Africa Investment Index (AII) 2018,” Quantum Global Research Lab, March 26, 2018, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/35iADQs.

(19) “Morocco’s Leadership in Africa: A Partner for Progress and Peace,” Morocco on the Move, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/2rFnS3J.

(20) Ibid.

(21) Messari, “Morocco’s African Foreign Policy,” op, cit.

(22) Global Risk Insights, “Morocco’s ambitious investments in Sub-Saharan Africa full of risks and rewards,” May 26, 2017, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/2PAQxza.

(23) “لماذا فشل اتحاد المغرب العربي؟”، نون بوست، 18 فبراير/شباط 2016، (تاريخ الدخول: 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://bit.ly/35fBsJV.

(24) Economic Commission for Africa (ECA), “First Report on the Achievement of Sustainable Development Goals in the Maghreb,” ECA/SRO-NA/ICE/33/INF/3, November 02, 2018, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/34jEBXW.

(25) “بعد ربع قرن من تأسيسه.. لماذا فشل الاتحاد المغاربي؟”، ساسة بوست، 12 مارس/آذار 2014، (تاريخ الدخول: 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://bit.ly/2PGLFZ6.

(26) Messari, “Morocco’s African Foreign Policy,” op, cit.

(27) “Why Banks in Morocco Are Spreading the Wealth around Africa,” Stratfor, January 11, 2019, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/36oKPqP.

(28) Ibid.

(29) “Relations between Morocco and sub-Saharan Africa: What is the potential for trade and foreign direct investment?,” op, cit.

(30) l’Agence Française de Développement (AFD) and la Direction des Etudes et des Prévisions Financière (DEPF), “Développement des entreprises marocaines en Afrique: réalité et perspectives,” December 6, 2018, “accessed November 24, 2019”. https://bit.ly/2rCePAA.

(31) Ibid.

(32) Global Risk Insights, “Morocco’s ambitious investments in Sub-Saharan Africa full of risks and rewards,” op, cit.

(33) Messari, “Morocco’s African Foreign Policy,” op, cit.

(34) Joe Bavier, “Morocco’s Attijari wafa bank to eye new Africa acquisitions from late 2019,” Reuters, November 8, 2018, “accessed November 3, 2019”. https://reut.rs/2PFFF2H.

(35) “Why Banks in Morocco Are Spreading the Wealth around Africa,” op, cit.

(36) Kuwonu, “Morocco flexed economic muscles and returned to the AU,” op, cit.

(37) Global Risk Insights, “Morocco’s ambitious investments in Sub-Saharan Africa full of risks and rewards,” op, cit.

(38) “Why Banks in Morocco Are Spreading the Wealth around Africa,” op, cit.

(39) Berahab, “Relations between Morocco and sub-Saharan Africa: What is the potential for trade and foreign direct investment?,” op, cit.

(40) Saddiki, “Morocco’s Foreign Policy Treads on the Shifting Sands of Africa,” op, cit.

(41) Berahab, “Relations between Morocco and sub-Saharan Africa: What is the potential for trade and foreign direct investment?,” op, cit.

(42) Tamba François Koundouno, “Morocco Has Highest Inequality Index in North Africa: Study,” Morocco World News, July 16, 2018, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/2E8yDhL.

(43) “Kingdom of Morocco Systematic Country Diagnostic: Governing towards Efficiency, Equity, Education and Endurance”, World Bank, 2018, “accessed November 3, 2019”. https://bit.ly/2qIm1uA.

(44) “Why Banks in Morocco Are Spreading the Wealth around Africa,” op, cit.

(45) زكي توفيق، “السيسي بإثيوبيا يؤخر دعم عودة المغرب للاتحاد الإفريقي”، عربي 21، 29 يناير/كانون الثاني 2017، (تاريخ الدخول: 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://bit.ly/36wCLEx.

(46) “Why Banks in Morocco Are Spreading the Wealth around Africa,” op, cit.

(47) Saddiki, “Morocco’s Foreign Policy Treads on the Shifting Sands of Africa,” op, cit.

(48)  Jason Hickel, “Aid in reverse: how poor countries develop rich countries,” The Guardian, January 14, 2017, “access on November 3, 2019”. https://bit.ly/2YKkzV5.

(49) Shigeko Hayashi, “The developmental state in the era of globalization: beyond the Northeast Asian model of political economy,” The Pacific Review, 23, no.1, (2010): 45-69.