ملخص

أصبح الذكاء الاصطناعي مثار جدل فلسفي وعلمي واسع حول قدرة هذه التقنيات الذكية على محاكاة العقل البشري، ولعل الخوف من تطور هذه التقنيات لتكون بديلة بالكامل عن الإنسان هو ما يشغل الجميع، لاسيما عندما يتعلق الامر بالعمليات العسكرية والتحكم بالأسلحة الفتاكة والحروب. ومن المتوقع أن يؤدي تعاظم دور تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتوسع فيها وخاصة في المجال العسكري والدفاعي والأمني إلى عدد من التحديات المصيرية، وما يصاحب ذلك من تبني إستراتيجيات عسكرية وأمنية ووطنية جديدة كليًّا عما تعودت عليه القيادات المتوارثة. وقد أصبحت الحرب الروسية-الأوكرانية، ميدانًا لاختبار التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي في الصراع المسلح، وفي الإستراتيجيات والتكتيكات القتالية، لاسيما بين القوى الكبرى. أن دخول الذكاء الاصطناعي في النظم التسليحية والدفاعية بات يثير أسئلة جوهرية حول هذا الموضوع، منها: مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على إستراتيجيات الردع والردع المقابل، وهل هناك حدود لمدى ذكاء الآلات التي سنخولها اتخاذ القرارات المصيرية؟ وهل هناك فرق جوهري بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي، وهل سنصل إلى مرحلة تلاشي هذا الفرق؟ وهل يمكن أن يكون للآلة عقل ووعي)؟ لذلك يسعى المجتمع الدولي لوضع عناصر جوهرية تحدد الاستخدام الذكي، ولكن لا ضمانة لحد الآن عن التزام الجميع بهذه المعايير والضمانات، وهنا يكمن القلق الأكبر.

Abstract

The rise of artificial intelligence has become a subject of wide-ranging philosophical and scientific debate regarding the ability of smart technologies to simulate the human mind. The fear that these technologies may eventually become complete substitutes for humans is shared by many, especially when it comes to military operations, the control of deadly weapons and warfare. The expansion and increasing role of AI applications, particularly in the military, defence and security fields, are expected to lead to a number of critical challenges. These include the development of entirely new military, security and national strategies, departing from the conventional practices of traditional leadership. In fact, the Russian-Ukrainian conflict has become a testing ground for modern technology and AI in armed conflict, as well as in strategic and combat tactics, especially among major powers. The integration of AI in armament and defence systems raises fundamental questions, including what the impact of AI is on deterrence and counter-deterrence strategies, whether there are limits to machine intelligence in making critical decisions, whether there is a significant distinction between human intelligence and artificial intelligence, whether we will reach a point where this distinction fades away, and whether machines can possess consciousness and awareness. Hence, the international community is striving to establish essential principles to govern the use of AI. However, there is currently no guarantee that everyone will adhere to these standards and assurances, and there lies the greatest concern.

Keywords : Artificial Intelligence, weapons, Military, Warfare, Srategies, Decisions

مقدمة

الذكاء الاصطناعي (Artificial intelligence, AI) هو مصطلح جدلي، يعنى بسلوك وخصائص معينة تختص بها البرمجيات لتجعلها قادرة على محاكاة القدرات الذهنية البشرية ومهامها. ومن أهم ما يميز خصائص هذا السلوك، هو القدرة على التعلم، والاستنتاج، ورد الفعل المباشر على حالات لم تتم برمجتها على الآلات.

وعلى الرغم من التطور الذي حصل في تقنيات الذكاء الاصطناعي، واستخداماته في كافة مجالات الحياة، فهو لا يزال يثير جدلًا فلسفيًّا واسعًا حول طبيعة العقل البشري وحدود قدرة الآلات على محاكاته، وكان هذا الجدل محورًا للكثير من الأساطير القديمة المتداخلة مع الخيال والفلسفة. وبرغم هذا الجدل الممزوج بالخوف والريبة، كان -وما زال- الذكاء الاصطناعي سببًا لأفكار شديدة التفاؤل، بالرغم من تعرضه لنكسات فادحة عبر التاريخ، فهو اليوم أصبح جزءًا أساسيًّا من صناعة التكنولوجيا التي تتعامل مع أصعب المشاكل في علوم الحاسوب الحديثة، بالرغم من معاناته من مشاكل رئيسية، مثل التفكير المنطقي، والإحساس، والإدراك، والتخطيط، والمعرفة، والتعلم المتقدم، والتواصل، والقدرة على تحريك الأشياء وتغيير اتجاهاتها، والوصول إلى ذكاء اصطناعي عام وقوي وشامل، والتي تعتبر أهدافًا استراتيجية للبحوث في هذا المجال.

وتسعى الدول المتقدمة للوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي عالية التخصص والتقنية وبناء آلات ذكية على أساس الاكتشافات الحديثة في علوم الأعصاب معتمدين على نظريات جديدة للمعلومات وعلم التحكم الآلي وصولًا إلى اختراع آلات يمكنها محاكاة عملية التفكير الحسابي للإنسان.

ويلعب الذكاء الاصطناعي اليوم دورًا متزايدًا في تخطيط ودعم وتنفيذ العمليات العسكرية، وأصبح أداة رئيسية في جميع عمليات الدفاع والردع. كذلك أصبح لتقنية الذكاء الاصطناعي تطبيقات عديدة في مجالات الأسلحة الحديثة مثل الأنظمة المستقلة في البر والبحر والجو، وأثَّر التطور الهائل الذي شهدته نظم الذكاء الاصطناعي على القطاعات الأمنية والعسكرية المختلفة بصورة كبيرة، سواء في عمليات التنبؤ، أو الاستطلاع والمراقبة، أو حتى الأسلحة والأدوات القتالية والعسكرية، فأصبحت الحروب والمعارك العسكرية قريبة أكثر من أي وقت مضى من مرحلة (الخوارزميات القاتلة)، تلك الأسلحة ذاتية التشغيل التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، من الروبوتات والدبابات والغواصات والطائرات المقاتلة والقاصفة بدون طيار، والتي تتم برمجتها ذاتيًّا للتعامل والاشتباك والقتل أثناء المعارك العسكرية دون تدخل من أي عنصر بشري، أو المركبات غير المأهولة شبه المستقلة التي يتم التحكم فيها عن بُعد بواسطة ذراع التحكم. فبدلًا من أن يتم إرسال طائرات حربية مكلفة للغاية، بداخلها طيارون تم إعدادهم وتهيئتهم على مدار فترات زمنية طويلة، أو الدفع بالمئات من الدبابات والآلاف من الجنود والمشاة المعرضين جميعًا للإصابة والقتل والتدمير، ووقوع خسائر بشرية ومادية حتى في حالة تحقق النصر، سيتم إرسال أسراب من الطائرات المسيرة المحملة بالصواريخ، والروبوتات العسكرية متنوعة المهام، والدبابات ذاتية التشغيل، محكومة جميعها بخوارزميات وقواعد بسيطة للغاية هي قتل كل من يحمل سلاحًا أو يشكِّل تهديدًا أو لا ينصاع للأوامر. وفي خلال ساعات معدودة يتم إرسال رسالة لغرفة العمليات والتحكم الرئيسية التي يقبع بداخلها الجنود، تحت أجهزة التكييف، بأن (المهمة قد تمت بنجاح (Mission Accomplished.

قد يبدو الأمر أشبه بأحداث أحد أفلام الخيال العلمي، لكن التكنولوجيات التي يتم تطويرها حاليًّا داخل مختبرات الذكاء الاصطناعي، وبفضل توافر البيانات العملاقة وخوارزميات (تعلم الآلات Machine Learning)، أصبحت معها هذه الأسلحة قادرة، إلى حدٍّ كبير، على خوض حرب عسكرية دون أي تدخل بشري على الإطلاق.

سنتناول في هذا البحث العناصر الجوهرية التي يقوم عليها الاستخدام التقني الذكي للصناعات الدفاعية، ودور الذكاء الاصطناعي في سياق التطور التقني الذي شهدناه، وتحليلًا لأبرز ملامح الاستخدام الحالي للذكاء الاصطناعي المستخدمة في الأسلحة والحروب ومنها الحرب الأوكرانية، ومدى التطور المتوقع في استخدامات الذكاء الاصطناعي في صناعة السلاح، واحتمالية أن يحصل تغيير جوهري في شكل الأسلحة مثل الدبابات والمقاتلات، وكيف يمكن أن تكون عليه أشكال الحروب في المستقبل في ظل التوقعات التقنية لصناعة السلاح، لاسيما ما يتعلق بالعنصر البشري وسلاح المشاة، وكيف يمكن أن تتغير الاستراتيجيات العسكرية في ظل التطورات المتوقعة، وكيف يمكن لذلك أن يحدد شكل توازنات الردع والردع المقابل بالنظر للواقع التقني الدولي الراهن، وهل يمكن أن نجد دولًا محددة فقط تحتكر القوة العسكرية (الذكية) المستقبلية.

الذكاء الاصطناعي بين الأهمية والمخاوف

يُعَرَّف الذكاء الاصطناعي أو الذكاء الصناعي (Artificial Intelligence, AI)‏ بأنه “الذكاء الذي تبديه الآلات والبرامج بما يحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، مثل القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة”، كما أنه “اسم لحقل أكاديمي يعنى بكيفية صنع حواسيب وبرامج قادرة على اتخاذ سلوك ذكي”. ويُعَرَّف الذكاء الاصطناعي أيضًا بأنه “دراسة وتصميم أنظمة ذكية تستوعب بيئتها وتتخذ إجراءات تزيد من فرص نجاحها”، وبأنه “علم وهندسة صنع الآلات الذكية”، وبأنه “قدرة النظام على تفسير البيانات الخارجية بشكل صحيح، والتعلم من هذه البيانات، واستخدام تلك المعرفة لتحقيق أهداف ومهام محددة من خلال التكيف المرن”(1)، في حين يعرِّفه جون مكارثي، الذي وضع هذا المصطلح سنة 1955، بأنه “علم وهندسة صنع آلات ذكية”.

لقد شهدت تقنيات الذكاء الاصطناعي قفزات كبيرة في السنوات الأخيرة، وأبرز هذه القفزات ما يعرف بتقنية (التعلم العميق)، وهي تقنية ترتكز على “تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي في طريقة عملها أسلوب الدماغ البشري، أي إنها قادرة على التجريب والتعلم وتطوير نفسها ذاتيًّا دون تدخل الإنسان”.

لقد أثبتت تقنية (التعلم العميق) قدرتها على التعرف على الصور وفهم الكلام والترجمة من لغة إلى أخرى، وغير ذلك من القدرات التي أغرت الشركات الأميركية في وادي السليكون، وتحديدًا فيسبوك وغوغل، على الاستثمار وتكثيف الأبحاث فيها، متجاهلين تحذيرات من أن تطور الذكاء الاصطناعي قد يهدد البشرية، ويحاول الذكاء الاصطناعي اليوم “فهم جوهر الذكاء وإنتاج آلة ذكية جديدة تستجيب بطريقة مشابهة للذكاء البشري”، وتشمل الأبحاث في هذا المجال الروبوتات والتعرف على الكلام، والتعرف على الصور، ومعالجة اللغة الطبيعية، وأنظمة الخبراء، وتوسعت مجالات تطبيقاته. ومن المُتوقع أن تكون المنتجات التكنولوجية التي سيجلبها الذكاء الاصطناعي في المستقبل عبارة عن (حاوية للمعرفة الإنسانية)، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يحاكي عملية المعلومات المتعلقة بالوعي والتفكير البشري.

المهم هنا أن الذكاء الاصطناعي ليس ذكاء بشريًّا، لكنه يمكن أن يكون مشابهًا للتفكير البشري، وربما يتجاوز الذكاء البشري”! وهناك تجارب ناجحة لتجاوز حدود الذكاء الاصطناعي الضعيف، أو الضيق، والمتمثل بالأنظمة المصممة لمهام محددة مثل التعرف على الوجه، أو برنامج التعرف على الصوت، إلى أنواع متطورة من الأنظمة المثيرة للإعجاب في حدِّ ذاتها، والتي تعرف باسم الذكاء الاصطناعي القوي، أو الذكاء الاصطناعي الكامل، والذي يمثل الحصول على قدرة للآلة يمكِّنها من تنفيذ الأداء الذكي العام، والذي يُظهر سلوكًا شبيهًا بالإنسان بما في ذلك قدرات حل المشكلات دون أي تعليمات من البشر، وصولًا إلى الذكاء الخارق، والذي يمثل الرغبة في جعل الآلات قادرة على الشعور بالوعي.

لقد تطورت تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعة هائلة، وغيَّرت العديد من جوانب حياتنا الحديثة. ومع ذلك، ظهرت مخاوف من إمكانية استخدام هذه التقنية لأغراض ضارة. عندما يسمح الذكاء الاصطناعي لجهاز الحاسوب أن يفكر، ويتصرف، ويستجيب كما لو أنه إنسان، وبوجود كميات هائلة من المعلومات والبيانات، وحيث يتم تدريب هذه الأجهزة على تحديد الأنماط الموجودة فيها لتصبح قادرة بعد ذلك على إنتاج تنبؤات، وحل المشكلات، وحتى التعلم من أخطائها، مرورًا إلى انتاج تطبيقات الدردشة التي أصبحت على مستوى عال من الشهرة مؤخرًا كأمثلة على ما يسمى بالذكاء الاصطناعي (التوليدي)، هو شكل آخر من الذكاء الاصطناعي؛ إذ يتعلم كيفية بناء معلومات جديدة من البيانات والأنماط السابقة، بحيث يكون قادرًا على إنشاء محتوى جديد وأصلي يبدو كما لو تم إنشاؤه بواسطة إنسان.

وتبشر كل هذه التطورات التي شهدتها تقنيات الذكاء الاصطناعي، بفرص هائلة وواعدة للإنسانية، يقابلها تحديات ومخاطر جسيمة، والتقنية برمتها لا تزال في بداياتها حاليًّا، وأن الوصول إلى الذكاء الاصطناعي بشكله المنتظر لن يكون مفاجئًا، أي ليس كما يشبهه البعض باكتشاف وصفة سحرية خارقة، فما زال إنتاج أنظمة الذكاء الاصطناعي المتكاملة بحاجة إلى تطور علوم حالية وابتكار علوم جديدة، أي لن يخرج أحد العلماء بتقنية ذكية من شأنها تغيير العالم بين ليلة وضحاها، كما في أفلام الخيال العلمي.

العناصر الجوهرية لاستخدام التقنيات الذكية في الصناعات العسكرية

إن أي تقنية جديدة قد تكون مثيرة للخوف في حال أُسيء استخدامها، وإن المسالة تتعلق بكيفية تعاملنا مع التكنولوجيا بشكل لا يجعل منها مؤذية للبشر، وسيكون هذا القلق والخوف مضاعفًا في التطبيقات العسكرية. لذلك فإن استخدام التقنيات الذكية في الصناعات الدفاعية لتحسين الأداء والوظائف الحرجة للأنظمة الدفاعية والأسلحة يحتاج إلى الالتزام والتقيد بالعناصر الجوهرية التالية:

  1. أن تكون هذه التقنيات في أقصى درجات الأمان عند الاستخدام، وأن يكون وجودها بغرض تحسين الأداء وضمان الدقة.
  2. ألا يؤدي استخدام هذه التقنيات إلى الحيود عن الأهداف الحقيقية للمعدة العسكرية في الميدان، وأن تلتزم هذه التقنيات بحدود مهماتها في المعدة المذكورة.
  3. أن تمتاز هذه التقنيات بأعلى معايير الجودة والسيطرة النوعية في تداخلها مع عمل المعدات العسكرية.
  4. أن تؤمِّن هذه التقنيات تحسين الأداء والدقة العالية والتحكم بشكل ملحوظ بالمقارنة مع معدات لا تستخدم تقنيات ذكية.
  5. أن تكون لهذه التقنيات القدرة على رصد وكشف ومعالجة أي أضرار أو انحراف أو أخطاء ناتجة عن عمل المعدَّة العسكرية.
  6. أن تمتلك هذه التقنيات وسائل معالجة الاهتزازات ومعالجة تأثيراتها.
  7. أن تؤمِّن هذه التقنيات مرونة فائقة في عمل المعدة العسكرية، وأن يمثل وجودها إضافة نوعية واضحة لأدائها.
  8. أن تكون لهذه التقنيات الذكية القدرة على الاستجابة للتغييرات في درجة الحرارة والضغط والرطوبة والأتربة والضوء والأشعة الليزرية والمجالات المغناطيسية، وأن تكون قادرة على تغيير خواصها الميكانيكية عند تعرضها للتأثير مما يجعلها مثالية للاستخدامات العسكرية.

ومن الضروري أن تؤمِّن هذه التقنيات الذكية ما يلي عند استخدامها في صناعة المعدات العسكرية وحسب الصنوف العسكرية التي تستخدم فيها(2):

  1. التحكم والسيطرة على الاهتزازات وتبعاتها وتأثيراتها على الأداء والدقة والتركيز في العمليات العسكرية للمعدات، والمركبات، والسفن الحربية، والطائرات.
  2. زيادة الدقة والتحكم في الطيران المسير والقاذفات الجوية والصواريخ الموجهة بمختلف أصنافها.
  3. الكشف عن الأضرار في المركبات العسكرية والتي تنشأ من ظروف العمليات وإدارتها.
  4. تحسين أداء الأنظمة الدفاعية والمعدات، وأنظمة الكشف، والفحص الذاتي وضبط معايير الجودة والمتابعة، والرصد.
  5. زيادة المرونة في حركة الوحدات وتسهيل واجباتها.
  6. اختصار مراحل الإنتاج الحربي وحل الاختناقات وتطوير المنتج وتخفيض تكاليف الإنتاج.
  7. توفير الحماية الذاتية والأمن للموارد البشرية العاملة في خطوط الإنتاج.
  8. تحسين أداء الوحدات الطبية العسكرية في معالجة الجرحى وتسريع التئام العظام.
  9. تطوير الأجهزة الإلكترونية المرنة والقابلة للطي في العمليات العسكرية.
  10. تصنيع وتطوير الدروع الذكية والمواد التي تحمي الجنود من الصدمات الحراريةوالرصاص.
  11. تصنيع المفاصل والأجهزة التي تحمي رواد الفضاء من الإشعاعات والشد الميكانيكي الشديد.
  12. تصنيع الملابس الواقية وقطع العتاد العسكري المختلف وتأمين القدرة على تحديد المواقع والاهتزازات والحرارة وتوفير الحماية للجنود.
  13. إنتاج نوافذ العجلات العسكرية والطائرات وحماية الجنود من الأشعة الليزرية، وهذه المواد تتحول من شفافة إلى معتمة بشكل ذاتي عند تعرضها للضوء.
  14. تستخدم المواد اللاصقة الذكية لتركيب الأجزاء الداخلية للصواريخ والطائرات.
  15. تحسين أداء المنظومات العاملة بتقنيات الموجات فوق الصوتية أو الكهروضوئية أو الإشعاعية والتي تستخدم للكشف عن الأهداف مثل السفن والطائرات والغواصات.
  16. يمكن استخدام (المواد اللينة ذات الذكاء الاصطناعي (Soft Artificial Intelligence Materials في العديد من الأنظمة الإلكترونية والأجهزة الطبية لكونها تتميز بقدرتها على الاستجابة للتغييرات في درجة الحرارة والضغط والرطوبة مما يجعلها مثالية للاستخدامات العسكرية.
  17. استخدام مواد تسمى (المواد النابضة بالحياة (Living Materials وهي تمثل مصدر إلهامللأجهزة الحية في الطبيعة، في تطوير التكنولوجيا الحيوية والروبوتات المستقلة عن الإنسان.
  18. استخدام (المواد القابلة للتشكيل (Shape-Shifting Materials في تصميم (الأنظمة الهيكلية الذاتية التكيفية)، وتتميز بقدرتها على تغيير شكلها وتكيفها مع الظروف المحيطة بها لزيادة مرونة المعدات في العمل وزيادة كفاءتها.
  19. استخدام (المواد الحساسة للضغط والخطر (Pressure and Hazard Sensitive Materials في تصميم مستشعرات الحركة والاهتزاز والخطر في منظومات الإنذار الصوتي والبصري والاهتزازي لزيادة مستوى الأمان، وفي تصميم الأنظمة الدفاعية الذكية التي تستجيب للضغط مثل الحواجز الذكية؛ حيث إنها تتفاعل مع تغيرات الضغط عند تعرضها له. وتستخدم المواد الحساسة للتأثير في تصميم الأنظمة الدفاعية الذكية التي تستجيب للتأثير مثل الدروع الذكية، كونها تتميز بتغير خواصها الميكانيكية والحرارية عند تعرضها للتأثير.
  20. استخدام (المواد الحرارية الذكية (Smart Thermal Materials للتحكم في درجة الحرارة في بعض التطبيقات لتميزها بالقدرة على التغيير السريعمع الظروف المحيطة.
  21. استخدام الألياف الضوئية في الأنظمة الضوئية الذكية والأنظمة الحساسة للضوء في الصناعات الدفاعية. وتعتبر أشباه الموصلات من المواد الذكية المستخدمة في الصناعات الدفاعية؛ حيث تستخدم في تصميم الأنظمة الإلكترونية الذكيةوالأنظمة الحساسة للإشارات الإلكترونية.

الاستخدام العسكري لتقنيات الذكاء الاصطناعي

تسعى الدول كافة في سياساتها الاستراتيجية للأمن والدفاع، لتأمين أقصى درجات التفوق. ويعتبر الاستخدام العسكري لتقنيات الذكاء الاصطناعي اليوم من أهم عناصر التفوق القومي، ودخلت هذه التقنيات بكثافة في الصناعة والعمليات العسكرية، وحماية الأمن القومي، ليصبح الاستثمار في هذه الصناعة هو الأكبر في العديد من الدول المتقدمة، فتم تخصيص موازنات ضخمة للبحث والتطوير في التقنيات الحالية والمستقبلية بما يخدم التطبيقات والأجهزة والمعدات العسكرية، ويطور التعاطي بكفاءة مع البيانات الضخمة، وتعزيز مهارات التخطيط وصنع القرار وتقليل المخاطر.

وعلى الرغم من أن قوة الذكاء الاصطناعي تكمن في قدرته على التعامل مع المواقف المختلفة، إلا أن تطبيق تقنياته في مجال الدفاع والمواجهة العسكرية مع العدو في البر والبحر والجو يحتاج درجة عالية من (الكفاءة والتقنية الأكثر تطورًا) في بيئة قتالية متغيرة بشكل ديناميكي مستمر يجعل من هذه التقنيات عرضة للتشوش وارتكاب الأخطاء القاتلة والتي تؤدي لعواقب وخيمة، لذلك، أنشأت الدول المتقدمة تخصصات تقنية خاصة بذلك.

 وعلى سبيل المثال، قامت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بتطوير تخصص تقني جديد يُعرف باسم (الذكاء الاصطناعي المسؤول)؛ حيث يمكن من خلاله اعتماد وتطبيق معايير محددة في تطوير واختبار وفحص أنظمة الذكاء الاصطناعي من أجل تجنب الأخطاء. ويعتمد هذا التخصص في جوهره على تطوير أنظمة الحاسوب التي يمكنها أداء مهام (تتطلب عادة ذكاء بشريًّا)، مثل الإدراك البصري والتعرف على الكلام واتخاذ القرار وترجمة اللغات، وهي مهمات تختلف عن هدف الذكاء الاصطناعي التجاري، والمتمثل في تعليم خوارزمية كيفية القيام بمهمة محددة، ما يتطلب الكثير من البيانات والعديد من الأمثلة لما يجب أن تفعله وما يجب ألا تفعله.

وتلعب سرعة تبادل المعلومات والتنبؤ بالخطوة القادمة للعدو في الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية تأثيرات استراتيجية وتكتيكية حاسمة؛ إذ إنه يعمل على تقديم المعلومات بسرعة إلى مراكز القيادة والمقاتلين حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات حاسمة معززة بالبيانات قبل أية خطوة للعدو. كما يجب وقبل كل شيء أن تكون منظومات الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، آمنة وموثوقة، لأن أي خطأ في المراقبة والتحليل ونقل البيانات قد يؤدي إلى كارثة وطنية.

وتوفر إرشادات الذكاء الاصطناعي المسؤول إطارًا للشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي وأصحاب المصلحة في وزارة الدفاع للمساعدة في ضمان بناء برامج الذكاء الاصطناعي في كل خطوة من خطوات دورة تطوير النظام الذكي؛ حيث تم تصميم إطار لتحقيق خمسة أهداف خلال تطوير واختبار وفحص أنظمة الذكاء الاصطناعي من أجل تجنب أي خطأ في أنظمة التعرف وتحسين التقييم والاختيار والنمذجة والاعتماد من أجل تجنب النتائج السيئة المحتملة، وتعزيز وتطوير (نظام الإدارة المتقدم في ساحة المعركة). هذا النظام يُمكِّن القادة من اتخاذ قرارات أفضل من خلال جمع البيانات عبر العديد من أجهزة الاستشعار، ومعالجة البيانات باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف، ثم التوصية بالسلاح الأمثل من القوات الجوية أو البرية أو البحرية أو الفضائية أو الإلكترونية، بالإضافة إلى الإجراءات التي تقوم بها القوة المشتركة في مجالات متعددة ومتكاملة في التخطيط والتنفيذ، بالسرعة والنطاق اللازمين لتحقيق ميزة السرعة والتفوق وإنجاز المهمة.

إن الذكاء الاصطناعي المسؤول يتطلب أن يتحمل البشر المسؤولية عن تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي، ولا يسمح للآلة بالقيام بهذه المهمة إطلاقًا، كما ينبغي أن يجري اتخاذ خطوات مدروسة لتقليل التحيز غير المقصود في قدرات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الاشتباه أو الافتراض وما يتبعه من نتائج، وأن تكون هناك قدرة وإمكانية على تتبع هذه التكنولوجيا، وأن تكون حالات استخدام الذكاء الاصطناعي واضحة ومحددة جيدًا، فضلًا عن قابلية التحكم والتصحيح والتدخل.

التطور المتوقع لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في الصناعة العسكرية

منذ بداية القرن الحادي والعشرين، دخلت الدول الكبرى سباقًا تنافسيًّا قويًّا ومحمومًا من أجل الحصول على الأسلحة والمنظومات الدفاعية والهجومية البرية والبحرية والجوية والفضائية، التي تعتمد على أفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي أصبحت جزءًا مهمًّا من الحرب الحديثة وحروب المستقبل.

 ويمكن للأنظمة والمعدات العسكرية المجهزة بالذكاء الاصطناعي أن تكون قادرة على التعامل مع كميات أكبر من البيانات وبشكل أكثر كفاءة، بالإضافة إلى أنها تساعد في التشغيل الذاتي للأنظمة القتالية، والمساعدة في اتخاذ القرارات الحاسمة لقدراتها في الحوسبة والتنبؤ، والمساعدة في تحسين جمع المعلومات الاستخبارية والعمليات المستقلة.

لقد شهدت تقنيات الذكاء الاصطناعي تطورًا سريعًا في السنوات القليلة الماضية، وتعددت استخداماتها على المستوى العملي في التطبيقات العسكرية، حتى باتت أنظمة الأسلحة الفتاكة المستقلة تُوصَف بالثورة الثالثة في الحرب بعد البارود والأسلحة النووية، لما لها من قدرة على تحديد وتدمير أهداف مستقلة دون التدخل البشري المباشر على نحو يؤكد أهميتها في مجال الحروب، لاسيما في ظل التغيرات المتوقعة في طبيعة المعارك المستقبلية، ومع تعدد التهديدات التي تجب مواجهتها من خلال دفاعات عالية التقنية، وأهمية استخدامها في عمليات الاستهداف التلقائي، والتحليل الآلي للبيانات الاستخباراتية، وتحسين اللوجستيات، وغير ذلك.

وشهد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الأسلحة والحروب العسكرية الحديثة تطورًا ملحوظًا في السنوات القليلة الماضية، في استخدام أنظمة الأسلحة الفتاكة الذاتية التشغيل التي يمكنها اختيار أهدافها والقضاء عليها دون مراقبة بشرية، كالطائرات بدون طيار الذاتية القيادة، والمستخدمة أيضًا لأغراض استطلاعية كالرصد والتعقب والتجسس، أو لأغراض عملياتية كالقصف وإطلاق الصواريخ وإلقاء المتفجرات، ولعل طبيعة المواجهات العسكرية في حرب أوكرانيا خير دليل على التطور الذي شهدته هذه التقنيات واستخداماتها.

وتلعب الحلول الابتكارية لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الصناعة العسكرية أدوارًا متعددة في رفع القدرات وتحسين الكفاءات العسكرية وفعالياتها وفي إيجاد أسلحة ذات تكنولوجيا ذكية ذاتية القيادة يمكنها توجيه نفسها إلى الأهداف دون تدخل بشري وبدقة عالية وتقليل الخسائر في الأرواح، أو يتم التحكم فيها عن بعد، أو تقنيات يمكن استخدامها للمراقبة والاستطلاع والهجوم.

ووفقًا لذلك، فإن التوجهات المستقبلية للتصنيع العسكري ستشهد تركيزًا كبيرًا على تطوير منظومات الذكاء الاصطناعي واستثمار قدراتها في الأسلحة والمؤسسات والمعدات العسكرية كما يلي:

  1. تطوير وتحسين الروبوتات العسكرية، كالطائرات بدون طيار والروبوتات البرية والبحرية. وسيجري التركيز في الصناعة العسكرية على استخدام الذكاء الاصطناعي في منح هذه الروبوتات القدرة على اتخاذ القرارات وتنفيذ مهام عسكرية دقيقة وفعالة. وسيكون تطوير دور الذكاء الاصطناعي في الفضاء أحد أهم أهداف الصناعة العسكرية مستقبلًا.
  2. ستسعى الصناعات العسكرية المستقبلية إلى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتشخيص الأعطال في الأجهزة والمعدات العسكرية وتحديد الإصلاحات المطلوبة، والتنبؤ في أعطال المعدات قبل حدوثها، واتخاذ إجراءات احترازية للحفاظ على استمرارية التشغيل، وفي تحديد التجهيزات التي تحتاج إلى صيانة وإصلاح وفحص، إضافة إلى تحليل البيانات المتعلقة بقطع الغيار والمخزون وتوفير توقعات دقيقة بشأن حاجات الصيانة والتشغيل المستقبلية.
  3. ستقوم الصناعة العسكرية بالتركيز على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لاستخدامها في مساعدة القطع العسكرية في مراقبة واستطلاع المناطق العسكرية والحدود، وتحليل الصور والأفلام الفيديوية والكشف عن الأنشطة المشبوهة والأهداف العسكرية المعادية.
  4. سيركز التصنيع العسكري في جهوده الحالية والمستقبلية على تمكين الذكاء الاصطناعي في مساعدة قادة القوات العسكرية في مختلف الصنوف في التخطيط الإستراتيجي واتخاذ القرارات الإستراتيجية، وتطوير أداء هذه التقنيات في تحليل البيانات والمعلومات الاستخباراتية وتوفير توجيهات وتوصيات دقيقة للقادة العسكريين، وتطوير نماذج تنبؤية للأعمال العسكرية وتحسين التخطيط والتنظيم.
  5. سيشهد المستقبل القريب زيادة مهمة في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن السيبراني والدفاع عن الأنظمة والشبكات العسكرية، واستخدام هذه التقنيات لتحليل كميات ضخمة من البيانات المتعلقة بالأمن والاستخبارات، والتي تساعد في اكتشاف الأنماط والتهديدات المحتملة وتحليل المعلومات من مصادر متعددة بشكل أسرع وأكثر دقة، والكشف عن هجمات القرصنة والاختراق واتخاذ إجراءات لمنعها أو التصدي لها.
  6. سيركز التصنيع العسكري في المستقبل القريب على استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير وتحسين الأسلحة الذكية المستخدمة حاليًّا، مثل أنظمة الاستشعار المتقدمة ونظم التوجيه والتحكم التي تزيد من دقة وفعالية وكفاءة هذه الأسلحة.
  7. سيقوم التصنيع العسكري بتصنيع تقنيات ذكية مخصصة لتدريب الجنود في معالجة الأهداف والحماية الذاتية والتعامل مع المواقف العسكرية المختلفة وتحسين قدراتهم في الاستجابة للتهديدات المحتملة.
  8. ستستخدم الصناعة العسكرية الذكاء الاصطناعي بشكل أوسع في تحليل البيانات الخاصة بعمليات التصنيع والإنتاج الحربي بهدف تطويرها وتحسين أدائها، والتنبؤ بالطلب على المنتجات بدقة وتوقع حجم الإنتاج في المستقبل وضمان توفير المواد اللازمة للإنتاج في الوقت المناسب وزيادة فرص نجاح التسويق.
  9. ستشهد الصناعة العسكرية تطورًا متزايدًا في إدخال منظومات الذكاء الاصطناعي في ميادين التدريب للصنوف البرية والبحرية والجوية لزيادة مهارة المقاتل وتعميق ثقته بنفسه والمعدة التي يستخدمها.
  10. ستتجه الصناعة العسكرية إلى تطوير تقنيات ذكية في توظيف الطباعة الثلاثية الأبعاد لإنتاج بزات وجلد اصطناعي لمعالجة جرحى الحروب، وهو الأمر الذي يفسر كثافة الاستثمارات الأميركية في هذا المجال، والتوسع في استخدام الطباعة رباعية الأبعاد مع مواد تتحول عند الاحتكاك بعناصر أخرى.

تأثير الذكاء الاصطناعي على التخطيط وإدارة وحسم حروب المستقبل

من المتوقع بقوة أن يؤثر التسابق المحموم للحصول على الحلقات التكنولوجية الأعقد في الذكاء الاصطناعي لتطبيقها في العمليات العسكرية على الأمن الدولي، وزيادة التعقيدات في أية تفاهمات أو اتفاقات دولية على كبح جماح سباق التسلح، أو اعتماد نظم أخلاقية في حروب المستقبل.

وقد حذر الأستاذ بجامعة ليستر البريطانية، جيمس جونسون، وهو متخصص في الدراسات الأمنية، في دراسة بعنوان (الذكاء الاصطناعي وحرب المستقبل)(3)، من الآثار المترتبة على الأمن الدولي، ومن التهديدات الأمنية العالمية التي ينطوي عليها استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، وإنعكاساته على إعادة ترتيب موازين القوى، لاسيما في سياق المنافسة الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، ومدى تأثرها بالسباق الحالي للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.

إن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا يفوق كونه سلاحًا في حد ذاته. فعلى المستوى التشغيلي، يعزز الذكاء الاصطناعي من القدرات العسكرية من خلال إمكانات الاستشعار عن بعد، والإدراك اللحظي للمتغيرات، والمناورة، واتخاذ القرار تحت ظروف صعبة. أما على المستوى الإستراتيجي والتكتيكي في صنع القرار العسكري، فستتمكن أنظمة القيادة المعززة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من تجنب العديد من أوجه القصور الملازمة لعملية اتخاذ القرارات الإستراتيجية التقليدية، حيث ستكتسب القدرة على اتخاذ القرار السريع (وحتى والتلقائي) بناءً على المعلومات المعززة، وهو الأمر الذي يُجنبها الأخطاء البشرية، ويُكسبها ميزةً تنافسيةً مقارنةً بأنظمة اتخاذ القرار التقليدية. وبناءً عليه، فإن إدماج الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري سيؤدي إلى إدخال متغير جديد في المعادلة العسكرية، وخاصة في إدارة العمليات العسكرية وحسم المعارك في البر والبحر والجو والفضاء، وكما يلي:

  1. وفقًا للتطورات التقنية، فلن تتساوى الجيوش التي تستخدم تلك التكنولوجيا الجديدة مع غيرها، ومن ثم ستحدث مجموعة من الآثار الإستراتيجية التي تؤثر على ديناميكيات الصراع والتصعيد العسكري في المستقبل(4).
  2. حيث إن التهديدات الأمنية المحتملة والمترتبة على التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، ستشمل الأمن بمفهومه الواسع الذي يتضمن الأمن الرقمي، مثل اختلاق الخطاب أو التصنيع الصوتي، وانتحال الهوية، والتسلل الآلي والتطفل على البيانات، والأمن المادي، مثل الهجمات المنفذة من أسراب الطائرات بدون طيار، وأخيرًا الأمن السياسي، مثل عمليات المراقبة والخداع والإكراه(5)، فإن كل ذلك يعني أن تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي ونظم الأسلحة ذاتية التشغيل، إلى جانب ابتكارات تكنولوجية أخرى، هي بالفعل الثورة الثالثة في الحروب، والتي يمكن اعتبارها أحد مخرجات الثورة الصناعية الرابعة، وسيُحدث هذا التطور آثارًا تحولية في مستقبل الحروب والتوازن العسكري عالميًّا؛ حيث سيضيف إليها تقنيات تُعزز من قدراتها مثل الإدراك البصري والتعرف على الصوت والوجه، وكذلك استخدام الخوارزميات في صنع القرار لتنفيذ مجموعة من العمليات، الجوية والبرية والبحرية، وذلك بشكل مستقل عن الإشراف والتدخل البشري، أو متناغم معه، والذي يشكل عامل قوة وحسم في إدارة المعارك بكل أشكالها.
  3. نلاحظ أن الشركات العالمية اليوم، لم تعد تنظر إلى الذكاء الاصطناعي كوسيلة لتعظيم الأرباح وحسب، بل تعتبره طوق نجاة في بحر من المتغيرات الخاطفة، والمثير أن الذكاء الاصطناعي لم يضع بصمته في الدفاتر المالية للشركات وحسب، بل وصل إلى سباق التسلح والتنافس بين القوى العظمى. ومن بين السياسيين الذين أدلوا بدلوهم في هذا المجال هنري كيسنجر، الذي قال: “إن مصير البشرية يعتمد على قدرة أميركا والصين على التعايش”، إلا أن التحدي أمام تعايشهما بحسب الدبلوماسي الذي احتفل قبل أيام بدخول قرنه الثاني، هو المنافسة الشديدة التي يزيدها الذكاء الاصطناعي حدة. إن هذه المنافسة التي تزداد حدة كل يوم تهدف بوضوح إلى “اكتساب القدرة على الإدارة الناجحة للمواجهة العسكرية وحسم أي معركة قد تنشب مستقبلًا ومهما كانت طبيعتها”.

4- تعمل المؤسسات العسكرية في بيئة أكثر ديناميكية وتقلبًا، وإذا كانت تقنيات الذكاء الاصطناعي قد أسهمت في تلبية شروط جودة البيانات وتقييمها في هذه المؤسسات، فإن تلبيتها في ظروف القتال العنيف والتغير المستمر في حركة القطع العسكرية سيكون أصعب بكثير. ومع ذلك، فإن السعي للتغلب على هذه الصعاب سيكون عاملًا إضافيًّا فعالًا في إدارة المعركة وحسمها.

  1. على الرغم من أن تقنيات الذكاء الاصطناعي لن تكون بديلًا للإستراتيجيات الضعيفة، فالإستراتيجية الناجحة والقيادة والإرادة السياسية لا يمكن أتمتتها، لأنها ترتبط بتقييمات القيم والأهداف والأولويات، وهي جوانب لا يتمكن غير البشر من التعامل معها، إلا أن هذه التقنيات الذكية ستوفر العديد من التحسينات التكتيكية لخدمة الإستراتيجية ومساعدة القادة العسكريين في إدارة المعارك وحسمها.
  2. 6. ستؤمِّن تقنيات الذكاء الاصطناعي تطوير أنظمة حرب فعالة، تكون أقل اعتمادًا على المدخلات البشرية في المنظومات القتالية في الجيش وفي مختلف الميادين، برية وبحرية وجوية وفضائية، لأن استخدام هذا المجال، سيمكِّن القيادات العسكرية من تحسن إدراة العمليات العسكرية السريع والدقيق النتائج.
  3. تستثمر القيادات العسكرية في إدارة وحسم المعركة إحدى أعظم نقاط القوة في الذكاء الاصطناعي، وهي قدرته على التحليل والتعرف على الأنماط المعقدة ضمن مجموعات البيانات الضخمة من مصادر الاستخبارات المتباينة، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، والاتصالات التي تم اعتراضها، بما فيها الاتصالات المخفية والمشفرة، وبيانات أجهزة الاستشعار، وتحديد الأنشطة المشبوهة، وتحديد مخابئ الأسلحة المحتملة.
  4. تُمكن تقنيات الذكاء الاصطناعي كالمركبات الجوية غير المأهولة (UAVs) وشبكات الاستشعار، القيادات العسكرية من اكتشاف المؤشرات والخصائص الدقيقة التي قد يتجاهلها المحللون البشريون، وإجراء تنبؤات دقيقة بشكل متزايد، مما يوفر رؤى لا تقدر بثمن لهذه القيادات في إدارة المعارك بكل أشكالها وحسمها(6).
  5. باستغلال القادة العسكريين للنهج التعاوني والشراكة بين الإنسان والآلة الذكية من خلال الجمع بين القدرات المعرفية للمحللين البشريين والقوة الحسابية والقدرات التحليلية للذكاء الاصطناعي، يمكن إنشاء علاقة تكافلية، مما يُمكِّن هذه القيادة من اتخاذ قرارات أكثر فاعلية ونتائج تشغيلية معززة في إدارة المعركة وحسمها(7).
  6. إن تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوظيف الخداع والتزييف العميق والتضليل البصري الذي يتجلى عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وغير ذلك من منصات إعلامية ورقمية، ومعالجة أنماط البيانات المختلفة كي تنتج مقاطع الفيديو والصور لتبدو حقيقيةً تمامًا على نحو يصعب معه التمييز بين الواقع والخيال، سيساعد القادة العسكريين وهيئات الأركان على إدارة فعالة للمعارك وحسمها، مدعومة بوسائل تقنية متطورة لتقويض ثقة جنود العدو بقياداتهم وتشويه سمعة شركاء العدو وحلفائه(8).
  7. بتطوير قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي باستخدام المسيرات البحرية والمركبات المسيرة الغائصة تحت سطح البحر والمركبات غير المأهولة في دعم القوات البحرية باستخدام الخرائط الذكية والأقمار الصناعية وشاشات المراقبة التفاعلية، وتعزيز الأمن البحري سيساعد القيادة العسكرية وهيئة الأركان البحرية على إدارة ناجحة للمعركة البحرية وحسمها من خلال رصد أي نشاط مزعزع لاستقرار الممرات المائية الحيوية وتقديم رؤية أفضل للمياه لأغراض الاستطلاع الوطني والإقليمي(9).
  8. سيكون اعتماد القيادات العسكرية على تقنيات الذكاء الاصطناعي في تأمين الأمن السيبراني مهمًّا وحاسمًّا في إدارة المعارك وحسمها، واستثمار هذه التقنيات للقيام بمهام التجسس والمراقبة على نطاق واسع؛ ذلك لأن استخدام التكنولوجيات الرقمية الحديثة المتصلة بالشبكات حولتها إلى أدوات هائلة للمراقبة والاختراق الحاسوبي والسيطرة، في برامج التجسس على العدو، وهو الأمر الذي تتزايد أهميته في تتبع معلومات الخصم العسكرية والكشف عن خططه الميدانية(10).
  9. إن تزايد الأبحاث العلمية الرامية إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالحروب المستقبلية، سيُمكن القيادات العسكرية وهيئات الركن من توقع أي حرب مستقبلية والتنبؤ بالحروب قبل وقوعها ووضع سيناريوهات محددة في زمن محدد وجغرافيا محددة للصراع القادم والتخطيط المسبق لإدارته وحسمه، من خلال إنشاء قواعد بيانات ضخمة تضم بيانات تفصيلية عن الدول المعادية وتأريخها ودرجة تسليحها؛ ما يعني إمكانية التنبؤ بالحروب قبل وقوعها(11).

تأثير الذكاء الاصطناعي على دور المقاتل وسياسة التجنيد وأعداد القوة القتالية

أدى تطور تکنولوجيا الذکاء الاصطناعي بسرعة مذهلة إلى حدوث تأثير كبير على قطاعات التوظيف بتقليص الحاجة للعنصر البشري، وبالتأكيد شمل هذا التأثير دور المقاتلين وسياسة التجنيد الإلزامي أو التطوعي في الجانب العسكري ومدى تأثر النقص في أعداد القوة القتالية استراتيجيا بتطبيق هذه التقنيات حيث كان النقص في عدد القوات العسكرية في الماضي يُحدث خللًا أمنيًّا ويُهدد الدولة بالتفكك.

ويتمثل أول عناصر التأثير على عدد الإداريين والفنيين العاملين في مجال استلام وتحليل المعلومات والمراقبة والرصد والتحليل، وحاليًّا وفي المستقبل القريب سوف لن تتأثر القوة القتالية للقطعات العسكرية في كافة الصنوف البرية والبحرية والجوية. ومن المتوقع أن التأثير الجزئي والمحدود لتطبيق التقنيات الذكية في القوات البرية لفترة، وسيقتصر التطبيق على استخدام الآليات الذكية في معالجة الأهداف وإن كان الوقت لا يزال مبكرًا جدًّا لمواجهة مسلحة حاسمة بالدبابات والمدرعات الذكية.

عندما تصل القوات المسلحة وخاصة في الصنوف البرية إلى مستوى متقدم في استخدام التقنيات الذكية المتطورة القادرة على الكشف والتحليل والمواجهة دون تدخل بشري، عندئذ سوف لن يعود لعدد القوات العسكرية أية قيمة استراتيجية تُذكر، ولن يكون معيار القوة العسكرية لبلد ما بعدد قواته المقاتلة بل بقدرته على السيطرة على المعلومات والكشف والرصد والتحليل بالتقنيات الذكية وبمدى استفادة القادة العسكريين وهيئات الركن من استخدام هذه التقنيات في إدارة المعركة وحسمها. وإلى ذلك الوقت يبقى عدد القوات القتالية يشكِّل عاملًا استراتيجيا مهمًّا في ميزان القوى.

وتسهم منظومات الذكاء الاصطناعي في اختيار واختبار المتطوعين للخدمة العسكرية، وأولئك الملتحقين بالخدمة الإلزامية والاحتياط، وسيتأثر بموجب ذلك مستوى التجنيد للخدمة العسكرية نوعيًّا وكميًّا، ولكن دون الاستغناء عن القوة البشرية القتالية في القوات البرية إلى حين أن تتمكن الصناعات العسكرية من تطوير جندي آلي مقاتل بديل عن المقاتل البشري، وربما سيأتي المستقبل بتطورات مهمة بتصنيع روبوتات محترفة للقتال وعندها ستكون الحرب ذات طابع آخر وبنتائج غير متوقعة، وربما سيستغرق وقتًا طويلًا. وإلى ذلك الوقت، سيقوم الذكاء الاصطناعي بتقليص الكثير من الإجراءات في اختيار المهيئين للخدمة في كافة الصنوف.

وفي القوات الجوية والبحرية والفضائية، سيكون لتقنيات الذكاء الاصطناعي أدوار مهمة في الرصد والاستهداف في المستقبل القريب، وربما سوف لن ننتظر طويلًا لنرى أن استخدام السلاح الجوي سيعتمد بشكل كبير على المسيرات بمختلف مستوياتها من تلك التي تقوم بمهمات انتحارية إلى طائرات بدون طيار تقوم بقصف المواقع المختارة وبدقة عالية وتعود إلى مواقعها. ولعل مراقبي الحرب الروسية-الأوكرانية لاحظوا تطبيق هذا المفهوم بشكل كبير ويكاد يطغى على أغلب وسائل الصراع. وسيدخل بالتأكيد عامل إضافي مهم في عمل هذه الطائرات وهو القيام بمهمات جماعية بتنسيق ذاتي في معالجة الأهداف، وسينطبق الأمر كذلك على القوات البحرية والفضائية.

وستكون تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة في القوات المسلحة هي الأکثر ملاءمة للمهام الروتينية، وإن کانت ستستخدم في مهام قد تتضمن عمليات معقدة، بينما من المرجح أن يظل البشر أکثر سيطرة في المعارك الحاسمة، ومع ذلك ستشهد القوات المسلحة الاستغناء التدريجي عن عدد من الوظائف أو تتغير بواسطة تکنولوجيات الذکاء الاصطناعي وبنتائج متفاوتة. وستحول هذه التکنولوجيات طبيعة العمل ومکان العمل ذاته، حيث ستکون الآلات قادرة على القيام بمزيد من المهام التي يقوم بها البشر، وتکميل العمل الذي يقوم به الإنسان، وحتى أداء بعض المهام التي تتجاوز ما يقوم به البشر. ونتيجة لذلك، سوف ينخفض الطلب على بعض المهن، وسينمو لبعض المهن الأخرى، أو قد يتغير کثير من المهن.

تطور الإنفاق العالمي على تقنيات الذكاء الاصطناعي في الجانب العسكري

يشهد الذكاء الاصطناعي في الجانب العسكري زيادة كبيرة في الاستثمارات في تطوير الحلول لتعزيز القدرات العسكرية. ويساعد النظام الحديث المدعم بالذكاء الاصطناعي على تعزيز كفاءة الأنظمة العسكرية وتعزيز قدراتها في الميدان. ولذلك، قامت قوات الدفاع في الدول الرائدة بزيادة إنفاقها الدفاعي لتعزيز نشر الذكاء الاصطناعي على المنصات العسكرية.

ووفقًا لتقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فقد نما الإنفاق العسكري العالمي خلال العام 2022 بنسبة 3.7% لتبلغ قيمته نحو 2.240 تريليون دولار أميركي، بتأثير مباشر من الحرب الروسية الأوكرانية(12).

 وبلغت قيمة الذكاء الاصطناعي في سوق الدفاع 6.9 مليار دولار أميركي في عام 2022، ومن المتوقع أن تصل إلى 13.2 مليار دولار أميركي بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 11.7% في الفترة من 2023 إلى 2028(13).

مع استمرار التوترات الناجمة من الجيوسياسية العالمية على مدى السنوات القليلة الماضية، يخطط العديد من الدول المتضررة لاتخاذ تدابير لتحسين وإعادة رسملة ميزانيتها وإستراتيجياتها الدفاعية. وقد حثت التغييرات في نظام الحرب الحديث الحكومات في جميع أنحاء العالم على تخصيص أموال كبيرة للقوات العسكرية المعنية لشراء التقنيات والمعدات المتقدمة من الشركات المصنعة المحلية والدولية وخاصة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والتي توفر بشكل أساسي المساعدة الآلية في ساحة المعركة، واستلام وتحليل كميات هائلة من المعلومات مما سيمكن القوات من الحفاظ على القدرة القتالية أو توسيعها، وتمكين القيادات العسكرية من إدراة المعركة بنجاح وحسمها.

لقد بلغت قيمة سوق الذكاء الاصطناعي العسكري 8.93 مليار دولار أميركي في عام 2021، ومن المتوقع أن يصل إلى 26.36 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 14.49٪ من عام 2022 إلى عام 2030. إن زيادة التهديدات السيبرانية تؤدي إلى توسع تغلغل الذكاء الاصطناعي في المنظومات العسكرية بقوة. ويقدم تقرير سوق الذكاء الاصطناعي العسكري العالمي تقييمًا وتحليلًا شاملًا للقطاعات الرئيسية والاتجاهات والمحركات والقيود والمشهد التنافسي والعوامل التي تلعب دورًا كبيرًا في السوق.

الحرب الروسية-الأوكرانية واستخدام التقنيات الذكية

تحولت الحرب الروسية-الأوكرانية تدريجيًّا من صفة الحرب التقليدية إلى حرب التقنيات الذكية، فاليوم تنشر أوكرانيا الخبراء السيبرانيين على الخطوط الأمامية للمواجهة، وهم يتبارزون مع نظرائهم الروس في نوع جديد من المعارك؛ حيث تمتزج القوات الخاصة والقناصة مع قراصنة الإنترنت في جهود حثيثة لاختراق الأنظمة المعادية.

ويستخدم كلا الطرفين أنظمة التعرف البصري للذكاء الاصطناعي لتحليل المعلومات التي تم جمعها من الطائرات بدون طيار، جنبًا إلى جنب المعلومات الاستخبارية من المصادر البشرية والأقمار الصناعية والمصادر التقنية الأخرى لتحديد الأهداف وتحليلها واستهدافها. ويقول الأوكرانيون: بتنا قادرين على معرفة نوع الأسلحة العسكرية التي هم على وشك استخدامها وفي أي اتجاه ستُستخدم، وإن فرقة تقوم باختراق كاميرات المراقبة في الأراضي المحتلة لمراقبة تحركات القوات الروسية، ويقومون بتوجيه طائرات بدون طيار لتصفية الكاميرات الروسية التي تتجسس على التحركات الأوكرانية؛ حيث يتطلب القيام بذلك في كثير من الأحيان فرقًا تعمل متخفية، بالقرب من الهدف(15).

كانت الطائرات بدون طيار في طليعة الابتكارات في هذا الصراع، والتي تستخدم أحيانًا للمراقبة وأحيانًا أخرى كأسلحة، من كلا الطرفين، وفي المراحل الأولى من الحرب، اُستخدمت طائرات صغيرة بدون طيار تصل إلى مسافة تقدر بنحو 10 كيلومترات من الجبهة، لكن الآن يتعين على المشغلين الأوكرانيين أن يكونوا أقرب بكثير ليتمكنوا من التفوق على إشارات التشويش الروسية. وفي المقابل، نقلت أجهزة المخابرات الروسية بدورها بعض فرقها الإلكترونية قريبًا من الخطوط الأمامية، بهدف التواصل بشكل أسرع مع الجيش وتوفير الوصول المباشر بسرعة إلى الأجهزة الأوكرانية التي تم الاستيلاء عليها، ويمكن بعد ذلك استخدام الجهاز الذي تم الاستيلاء عليه لجمع المزيد من المعلومات الاستخبارية التكتيكية قبل أن يدرك الأوكرانيون أنه بات في أيدي الروس.

يعتبر صمود أوكرانيا في هذه الحرب إنجازًا بفضل المتخصصين الأوكرانيين وبفضل المساعدة التي قدمها شركاؤهم، وفي المقدمة الولايات المتحدة، وساعد العاملون في مجال التكنولوجيا في أوكرانيا في المجهود الحربي من خلال بناء نظام يسمى (غريسيلدا) يقوم باستخلاص البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المصادر لتوفير معلومات استخباراتية حديثة، ويساعد ذلك في الإجابة على الأسئلة حول كل شيء بدءًا من مكان زرع الألغام وحتى البنية التحتية التي تحتاج إلى إصلاح.

وعملت روسيا خلال السنوات الماضية على تسريع وتيرة جهودها لدمج الروبوتات والذكاء الاصطناعي في الأنظمة العسكرية من خلال إنشاء شبكة بحث وتطوير تغطي الصناعات العسكرية والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص الروسي، وقد تم الكشف عن اختبار أكثر من 600 سلاح جديد ومعدات عسكرية أخرى في ظروف قتالية في سوريا، منها 200 جهاز من الجيل الجديد المدمج في الذكاء الاصطناعي.

وأظهرت طبيعة الصراع العسكري الروسي-الأوكراني حقائق مهمة في مجال تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، أبرزها(16):

  1. على الرغم من أن استخدام الأسلحة المستقلة عن التحكم البشري ما زال في طور الاختبار، لكنها أظهرت كفاءة ملحوظة من حيث قدرتها على تغيير مسار الحروب والصراعات. وقاد ذلك مطوري الذكاء الاصطناعي ومجموعات المجتمع المدني لتأكيد قلقهم المتزايد من ظهور أنظمة أسلحة فتاكة ذاتية التشغيل، والتي توصف بأنها قادرة على اختيار الهدف وقتل الأشخاص دون مراقبة بشرية.
  2. مع أننا لم نلاحظ استخدام مركبات ذاتية التوجيه مثل (الروبوتات القاتلة)، أو أسراب من المركبات الجوية غير المأهولة في الحرب الروسية-الأوكرانية، إلا أن الأطراف المتصارعة استخدمت فعلًا أسلحة مستقلة ومدمجة بالذكاء الاصطناعي خلالها. واستخدمت أوكرانيا مسيرات (بيرقدار تي بي 2) التركية، والتي يمكنها الإقلاع والهبوط وإجراء الطلعات الجوية بشكل مستقل عن التحكم البشري. كما لعبت المسيرة المذكورة دورًا رائدًا في هجمات أوكرانيا على أنظمة الدفاع الجوي الروسية والدبابات والوحدات المدرعة الروسية، علمًا بأن هذه الطائرة المسيرة لا تزال بحاجة إلى تدخل العامل البشري لتقرير وقت إطلاق القنابل الموجهة بالليزر. من جانبها، استخدمت روسيا طائرات دون طيار تتمتع بقدرات ذاتية، تسمى (لانسيت) و(كوب)، وقد جرى استخدامها في سوريا وليبيا وفق ما أعلنته السلطات الروسية، التي أشارت أيضًا إلى أن هذا النوع من الطائرات المسيرة يجري استخدامه في أوكرانيا أيضًا.
  3. تشير المعلومات أن القوات الروسية أرسلت إلى أوكرانيا مركبات برية قتالية من طراز URAN-9 (UGV)، والتي تمتلك القدرة على اكتشاف الهدف والتعرف عليه وتتبعه تلقائيًّا.
  4. إن استمرار الاستخدام اليومي للطائرات والزوارق البحرية والعجلات المسيرة ذاتيًّا في هذه الحرب ومن قبل الطرفين والذي أعطى انطباعًا بأن المواجهة أصبحت مقتصرة على هذه الأسلحة المدمجة بالذكاء الاصطناعي سيدفع بالتأكيد إلى إعادة النظر جذريًّا باستراتيجيات الدفاع والهجوم لدول العالم والذي سيفضي للتركيز على تطوير هذه التقنيات بقفزات هائلة.
  5. لعب الذكاء الاصطناعي أيضًا دورًا نشطًا في حرب المعلومات والتضليل، إلى جانب الدور الرئيسي الذي يضطلع به في مناطق الصراع الساخنة بين روسيا وأوكرانيا؛ حيث كان تأثير التضليل البصري وخاصة المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي كبيرًا، ويجري تطويره من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، فيما تناولت العديد من التقارير العمليات التي تجريها روسيا من أجل خلق تزييف عميق عبر نشر معلومات مضللة، ونشر فيديوهات مفبركة، تستخدم فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي، لإنشاء نسخة طبق الأصل وواقعية لشخص ما والترويج من خلاله لمعلومات مضللة.
  6. استخدام تقنية التزييف العميق، ونشر معلومات مضللة. وقد حذَّرت الحكومة الأوكرانية الجنود والمدنيين مرارًا من تصديق أي مقطع فيديو لزيلينسكي يعلن فيه استسلام كييف، أو لجنود يلقون أسلحتهم مستسلمين للقوات الروسية.

إن إغراق الشبكة بالصور ومقاطع الفيديو المضللة، يجعل من الصعب على كثير من الناس تمييز الحقيقي من المفبرك، فيما تعمل منصات التواصل الاجتماعي على زيادة تقنيات الذكاء الاصطناعي لديها من أجل تحديد وإزالة مقاطع الفيديو المزيفة.

وقد تمكنت أوكرانيا من استخدام قدرات الذكاء الاصطناعي وتقنياته المتطورة بمساعدة الولايات المتحدة في أنظمة جمع المعلومات ومعالجتها وتحليلها، وفي القيادة والسيطرة للصواريخ والدفاع الجوي، وفي أنظمة الاتصالات العسكرية، والذخيرة الذكية القادرة على تحديد الهدف بشكل مستقل وتحديد مسار الرحلة، وفي أجهزة عرض المعلومات الإلكترونية البصرية، وفي تحديد الأشخاص وتشخيص حالة العسكريين، فضلًا عن مواجهة التهديدات السيبرانية، وتحليل قدرات الوحدات العسكرية، وفي تحسين الأنظمة اللوجستية، وكذلك في أنظمة الأرصاد الجوية، لمراعاة الظروف الجوية عند التخطيط للعمليات العسكرية، إضافة إلى تحديد الجنود الذين يشاركون في الحرب وربط هذه البيانات بحسابات وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الاتصال مع المواطنين الروس.

وحققت روسيا بالفعل تطورات مهمة في صناعة المركبات المستقلة، المُزودة بالذكاء الاصطناعي، وهي آلات يمكن أن تعمل بدون مشغلين بشريين، وهي خطوة مهمة في سعي روسيا لتطوير وحدة عسكرية فعالة من الروبوتات بالكامل. وفتحت الحرب الروسية-الأوكرانية المجال واسعًا لأبحاث (الروبوتات القتالية)، وهي معدات غير مأهولة، ولا تحتاج إلى العنصر البشري مباشرة لإدارتها وتوجيهها، لأنه يمكن التحكم فيها عن بُعد.

لقد قدمت الحرب الروسية-الأوكرانية تطبيقًا عمليًّا على بعض استخدامات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحروب، في استخدام المركبات الروبوتية، وبرامج التعرف على الوجه للكشف عن المهاجمين الروس والتعرف على الأوكرانيين الذين قُتلوا في الحرب الجارية. واستخدام هذه التقنية في الحرب هو أمر جدير بلفت الانتباه إلى حدٍّ كبير، لأنها أحد الاستخدامات القليلة الموثقة للذكاء الاصطناعي في الصراع حتى الآن(17).

لقد غذَّت الحرب في أوكرانيا الحاجة الملحَّة إلى تنظيم حملة تحث على استخدام الأجهزة القائمة على الذكاء الاصطناعي في ساحة المعركة، وبدأت الجيوش تتسابق لتحديث ترساناتها بأحدث التقنيات، لكن المخاوف الأخلاقية طويلة الأمد بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب أصبحت أكثر إلحاحًا؛ حيث أصبحت التكنولوجيا أكثر تقدمًا، في حين أن احتمال وضع قيود ولوائح تحكم استخدامها باتت بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى.

الذكاء الاصطناعي بين طموح الشركات وتقبل القيادات العسكرية

يواجه تطوير الذكاء الاصطناعي جدلًا حول علاقته بالأخلاقيات وحقوق الإنسان؛ حيث يعتبر تبني الجيوش لهذا الاستخدام مسألة حتمية لكنه يتضمن تعقيدات أخلاقية وينطوي على تنازلات. إن تعزيز الطلب على الذكاء الاصطناعي شيء وإقناع الجيوش بتبنيه شيء آخر تمامًا، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أن الصناعات الدفاعية في معظم البلدان لا تزال تهيمن عليها عادة مجموعة من كبار الشركات المتعاقدة الذين يميلون إلى امتلاك خبرة في المعدات العسكرية أكثر من برامج الذكاء الاصطناعي. ويرجع ذلك أيضًا إلى أن عمليات التدقيق العسكري التقليدية تتحرك ببطء مقارنة بالسرعة الفائقة التي اعتدنا أن نراها في تطوير الذكاء الاصطناعي؛ ولذلك فإن استيعاب مثل هذه الأسلحة من النواحي التقنية والميدانية والأخلاقية قد يمتد لسنوات طويلة، تكون فيه هذه الأسلحة قد تطورت بشكل جوهري في شركات الإنتاج.

لقد نتج عن هذا الوضع أن أصبحت الجيوش أمام خيار صعب يتمثل في الانطلاق بسرعة كبيرة توازي سرعة تقدم التكنولوجيا، وحينها ستخاطر بنشر أنظمة لم يجر استيعابها جيدًا وإدخالها في صميم العقيدة القتالية وعمليات التعبئة، أو أن تختار الاستمرار بنهجها البطئ التقليدي، وهذا سيجعلها متأخرة عن ركب التكنولوجيا ربما لصالح خصومها.

لقد حدثت تطورات تقنية مهمة في تأثير انتشار تطبيقات تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتوالى بعد ذلك ظهور جيل أكثر تقدمًا، مع أنه يُعد أقل قدرة من البشر في العديد من سيناريوهات العالم الحقيقي، فإنه يعرض أداء على مستوى الأداء الإنساني في مختلف المعايير المهنية والأكاديمية، وقد فتح فرصًا أمام الإبداع والاكتشافات العلمية، وسمح للبشرية بتحقيق مآثر لم يكن من الممكن تصورها من قبل.

وفي ظل الفرص التي تتيحها الثورة الصناعية الرابعة للتقدم الاقتصادي وانعكاسه على القوة الاستراتيجية الشاملة للدولة، أصبح هناك وعي متصاعد لدى القوى الدولية بأهمية تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحول ميزان القوى في النظام الدولي، وبات العديد من الدول يدرك أن من يُحكم سيطرته على الذكاء الاصطناعي سيكون له الغلبة والثروة والهيمنة، وهو ما يدفع العديد من الحكومات إلى مواكبة تلك المتغيرات الجديدة التي فرضتها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وبخاصة تداخلها مع كافة المجالات الأخرى، كالفضاء والتكنولوجيا الحيوية.

ولأن تطور الذكاء الاصطناعي يكون بسرعة تفوق قدرة المجتمع على مواكبتها أو حتى فهم كافة أبعادها، تأتي أهمية دراسة مستقبل تطبيقات الذكاء الاصطناعي خاصة، والثورة الصناعية الرابعة وما بعدها بشكل عام، كوسيلة ومحاولة للاستقراء والاستشراف والتنبؤ بتأثيراتها، وهو ما يعزز من الفرص الممكنة ورصد التحديات وبناء سياسات بديلة في المستقبل، ورصد حالة التقدم على المستوى التقني أو الفني والتطبيقات والسياسات الملائمة.

وتكشف التجربة الدولية السابقة أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يكون نقيضًا للذكاء البشري، بل إنه عامل مساعد له، وما صنعه الإنسان من الآلات امتلكت ذكاءً صناعيًّا؛ ومن ثم لم تصبح «الآلات» مفكرة، بل إنها كانت خاضعة بالفعل إلى برمجيات للتحكم والسيطرة من قبل الإنسان، ولكن تكمن الخطورة في توظيف ذلك التقدم لأهداف عسكرية أو غير إنساني.

تأثير الذكاء الاصطناعي على الاستراتيجية العسكرية وتكييف سياسات التسليح

تدور تساؤلات حول تأثير استقلال تقنيات الذكاء الاصطناعي في المستقبل على مراحل التخطيط والتنفيذ للمعركة البرية والجوية والبحرية والفضائية وإدارتها وحسمها، وعن احتمالية امتلاك الذكاء الاصطناعي يومًا ما في المستقبل القدرة على الاستغناء عن هيئات الأركان وغرفة العمليات والقرار البشري لرسم سيناريوهات المعارك وإدارتها وحسمها. مثل هذه الاحتمالات يمكن أن تحصل، وقد يكون لها فائدة للقادة العسكريين وهيئات الركن في التخطيط للمعارك وإدارتها وحسمها؛ إذ تتأثر الاستراتيجية العسكرية، بحكم كونها مجموعة من الخطط والإجراءات والتكتيكات التي تستخدمها القوات المسلحة في تحقيق أهدافها العسكرية، بالوسائل الميدانية التي يستخدمها القادة لتحقيق هذه الأهداف، سواء كانت هذه الأهداف تتعلق بالدفاع عن البلاد أو الهجوم على عدو محدد.

وبدخول تقنيات الذكاء الاصطناعي للمفاصل الأساسية للمعدات والأسلحة في البر والبحر والجو، فإن هذه الاستراتيجية العسكرية ستتعرض لمتغيرات مهمة، فعند تحليل قدرات العدو ومناطق الاهتمام، والثغرات، والاحتمالات والتهديدات على القوات العسكرية وصنوفها، ووضع الخطط الفعالة لمواجهة العدو ومنعه من تحقيق أهدافه، والحفاظ على القوة العسكرية ولتعامل مع التحديات في أكثر الظروف صعوبة، وبحكم تطور وسائل المواجهة فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي تلعب دورًا بارزًا في ذلك بما في ذلك التدريب والتجهيز وتخطيط العمليات والتحركات والخطط الاستراتيجية الأخرى.

في الحروب الحديثة، يُلقي الاستخدام الواسع للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بظلاله الكثيفة على المستوى الاستراتيجي والعملياتي والتعبوي، وإسناد القادة وعلى كافة المستويات بضوء متغيرات البيئة الاستراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي واستخدام تكنولوجيا الفضاء الرقمي، وهو ما ينعكس على إعداد وبناء القوات المسلحة وكذلك على إعداد الاستراتيجيات العسكرية والسياسات الدفاعية، بما يخدم ويدعم جوانب الدفاع الوطني.

وتتميز الحرب الحديثة بتأثيراتها على كافة عناصر القوة الوطنية للدولة (السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتكنولوجية والعلمية، والثقافية، والنفسية)، بالإضافة إلى القوة العسكرية. وتستهدف أسلحة الحرب الحديثة والذكاء الاصطناعي الشعوب والقادة أكثر من استهدافها للقوات المسلحة، بهدف تغيير سلوك الأطراف المتحاربة أو لتدميرها من الداخل، ومن هنا يأتي دور مؤسسات الدفاع الوطني والأمن الوطني في الدولة لتخصيص الأولوية الأولى في حماية المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية من الاختراق الفكري لأن الأمن الفكري هو خط الدفاع الأول.

وبناء على ذلك، ينبغي على منظومة الدفاع الوطني أن تؤمِّن الحماية للمجتمع والمنظومات المختلفة، وليس فقط في الأبعاد التقليدية، البرية والبحرية والجوية والفضائية، وإنما أيضًا في الجانب المرتبط بالمعلومات، المعلومات والبيانات، وفي الجوانب المعرفية، الثقافة والقيم والمعتقدات والثقة والفهم والعواطف(18).

ومن المحتمل أيضًا أن تتحول الحروب إلى صراعات على مستوى الشبكات والإنترنت وتحول التهديدات السيبرانية إلى تهديد حقيقي لأمن الدول. وتفرض أسلحة الحروب الحديثة وتقنيات الذكاء الاصطناعي متغيرات مهمة في الاستراتيجيات الوطنية والعسكرية كما يلي:

  1. تتركز اتجاهات التطورات العلمية البارزة التي قد توفر متغيرات مهمة في استراتيجية للدفاع الوطني في:

أ. (العلوم الرقمية Digital Science)، و(الحوسبة الإدراكية Cognitive Computing)، و(التعلم المتعمق Deep Learning) من تطبيقات الذكاء الاصطناعي المهمة، والتي ستمكن منظومات القيادة والسيطرة من تحقيق التفوق والهيمنة العملياتية مع استخدام أسلحتها التقليدية.

ب. تمكين علوم المعلومات والحاسوب والأتمتة وهندسة الأنظمة من القيام ببناء عدد كبير من الأنظمة المستقلة ذات التكلفة المعقولة لتوفير الرؤوس الحربية التقليدية مع عزل التجمعات البشرية عن مناطق الخطر.

  1. من أهم العوامل المؤثرة في طبيعة الاستراتيجيات المعتمدة بظل تقنيات الذكاء الاصطناعي اعتماد الجيوش الحديثة على توافر قاعدة بشرية مؤهلة قادرة على استيعاب التكنولوجيا وتطبيقها واستخدامها، والذي سيساعد على توفير احتياجات ومتطلبات القوات المسلحة من القوى البشرية المؤهلة القادرة على الاستفادة من مزايا وفوائد الذكاء الاصطناعي.
  2. ضرورة وجود منهجية وآلية استخدام القدرات المعززة بالذكاء الاصطناعي في العمليات التعرضية والدفاعية، وتعتمد الاستراتيجية العسكرية في المواجهة بالاستفادة من ميزات الذكاء الاصطناعي، ويكون تحقيق النجاح في ذلك مرهونًا بالتغلب على أربعة عوائق مهمة، وهي: ثقة البشر بتوصيات ونصائح تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومستوى استقرار العمليات التي تتجه النية لتحويلها إلى عمليات تلقائية، وسلامة البيانات والقدرة على الوصول إليها، وقدرة الحوسبة المتوافرة.
  3. تهيئة وسائل مواجهة محاولات الجهات المعادية في استغلال نقاط الضعف في منظوماتنا لحرماننا من استخدام قدرات الذكاء الاصطناعي والتدريب عليها، ومنها: منع العدو من حرماننا من قدرات الحوسبة، أو من خلال العبث بمخازن وقواعد البيانات الضخمة، والذي يؤدي إلى حصول تقنيات الذكاء الاصطناعي على استنتاجات مغلوطة، وإيجاد الوسائل الملائمة لمنع العدو من استخدام أساليب الخداع للعمل بطرائق ومنهجيات جديدة وغير مسبوقة، وبالتالي التغلب على أنماط التعرف والاستنتاج والقواعد العامة التي تستخدمها منظوماتنا في الذكاء الاصطناعي.
  4. يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي وجود بيئة فضاء معلوماتي متطورة ودفاع سيبراني محكم وقوة رقمية وأشخاص مؤهلين ذوي كفاءة عالية وبخاصة في المجال العسكري والأمني لتعزيز عملية تكوين القوة باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية لتكون بمنزلة المساعد الشخصي لكل جندي خلال فترات التدريب والانفتاح، وجعل هذا التطبيق مرتبطًا بقاعدة معرفية عسكرية، ليكون قادرًا على تزويد الجندي بالمعلومات المطلوبة عند الحاجة، وتقديم النصح عند مواجهة المواقف غير الاعتيادية، من خلال تعاون هذا المساعد الشخصي مع المساعدين الشخصيين الآخرين ضمن الفصيل؛ ما سيؤدي إلى توفير وعي تشاركي، حتى عندما لا يتوافر تبادل رؤية بين الجنود. سيكون هذا المساعد الشخصي قادرًا على التعرف على الظروف الصحية والنفسية للمقاتل ومن ثم تزويده بنصائح وتوصيات لاستعادة عافيته.
  5. إن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي سيعزز قدرة القوات العسكرية على كشف وتجميع ومقارنة المعلومات الخاصة بالأحداث والفعاليات ضمن منطقة العمليات؛ حيث يمكن أن تتم الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي كمصدر رئيس معتمد لكافة المعلومات والحقائق في منطقة العمليات، كما يمكِّن هذا التطبيق ضباط الركن من الحصول على معلومات وافية عن الأحداث الجارية في الموقف الراهن، إضافة إلى خطط المراحل التالية من العملية. ويمكن أن يتم تنفيذ التخطيط العملياتي بالكامل باستخدام لعبة الحرب، ومن ثم يتم توزيع خطة (الإنسان-الآلة) على شكل أوامر يقدمها تطبيق المساعد الشخصي للجندي.
  6. لغرض تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة الأغراض العسكرية، وتحقيق الاستفادة القصوى من إمكانات تقنياته، على الجيوش أن تبدأ هذه المسيرة المعقدة والمحفوفة بالمخاطر والتحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، ويتطلب ذلك المراجعة الاستراتيجية الشاملة لكافة مناهج التدريب ومراكز البحوث والمختبرات، ومتابعة كل ما هو حديث في مجال الإعداد والتأهيل، حتى تمتلك القوات المسلحة سرعة التكيف والاستجابة لمتطلبات الحروب الحديثة.

إلا أن قدرة الذكاء الاصطناعي على تطوير الاستراتيجية هي سؤال يحتاج لوقفة، فالتجارب العملية التي خاضتها الدول الكبرى لا توحي بذلك! لذلك فنحن لا نتوقع من الذكاء الاصطناعي وحده أن يعالج نقاط الضعف في الاستراتيجية، فالتكنولوجيا الأفضل لا تضمن النجاح، ومثال على ذلك التجربة في أفغانستان؛ حيث أثبتت أن التكنولوجيا الفائقة والحديثة لا يمكن أن تطور استراتيجية غير عملية، ومهما تكن تقنيات الذكاء الاصطناعي متطورة فقد لا تحقق نجاحًا ضد خصم مُجهز بدائيًّا، ولكنه يمتلك تصميمًا ورؤية استراتيجية سليمة.

لكن الفوائد العسكرية الكبيرة للذكاء الاصطناعي في حد ذاتها غير كافية لتعويض الانتكاسات الناتجة عن استراتيجية مضللة، وغير مدروسة بعناية وذات توجهات خاطئة ومستندة على بيانات غير دقيقة، فقد تصبح الأسلحة الذكية في نهاية المطاف أسرع وأكثر دقة، وقد نحصل على أجهزة استشعار أكثر قدرة، إضافة إلى تبسيط الخدمات اللوجستية وتسهيلها، وقد يتم تحسين تجميع كتل الذكاء، لكن الذكاء الاصطناعي لن يغير كل شيء، لأن التغيير لن يتحقق إلا بعد توافق التقنيات والوسائل فائقة الذكاء مع استراتيجية مستندة على أسس صحيحة، عندها سيوفر الذكاء الاصطناعي البيئة المناسبة لتطوير وتعديل هذه الاستراتيجية.

ولنعطي مثلًا عمليًّا على كيفية إعادة التفكير الاستراتيجي للتكيف مع الذكاء الاصطناعي، فالولايات المتحدة ستكون بحاجة إلى إعادة النظر في بعض أنظمة الأسلحة الرئيسية التي استخدمتها منذ عقود، على سبيل المثال حاملات الطائرات، وهي السلاح الذي فاز في المعارك البحرية للحرب العالمية الثانية، لكن وجودها وفائدتها مهددان اليوم بالتكنولوجيا الحديثة المتمثلة بصواريخ تفوق سرعة الصوت بعد أن دخلت غواصات الصواريخ الباليستية الخدمة في عام 1959، حيث إن الذكاء الاصطناعي قد يسهِّل في النهاية اكتشافها في ملاذاتها العميقة، لذلك تحتاج هذه التقنيات إلى التحسينات في الكشف، والتي لا تزال غير مثبتة.

وهناك حقيقة أخرى وهي أن تطبيقات الكثير من تقنيات الذكاء الاصطناعي لا تزال نماذج أولية، وبذلك فهي لن توفر ثورة في التطبيقات العسكرية حتى يتم إعادة التفكير في المفاهيم الكامنة وراء العمليات، ويتم نشر الأسلحة التي تستخدم تقنيات جديدة. على المستوى التشغيلي، هذا يعني المزيد من التدريبات والتجارب، لكن التكنولوجيا الجديدة لن توفر ميزة عسكرية حتى يتم استخدامها لدعم استراتيجيات أفضل(19).

وهكذا نصل إلى استنتاج مهم وهو استمرار اعتماد الاستراتيجيات القديمة، ولكن فقط حتى يتم الطعن بها وإثبات فشلها، لكن بالنظر إلى الأجيال السابقة من عمالقة التكنولوجيا، فإن الاستمرار في المنافسة يعني أننا نحتاج إلى استراتيجيات جديدة أكثر من التكنولوجيا الجديدة.

 

مؤثرات الذكاء الاصطناعي على استراتيجيات الردع والردع المقابل

استراتيجية الردع، مصطلح من المصطلحات شائعة الاستخدام سواء في مجال التخطيط العسكري أو العلاقات الدولية. وتستند نظرية الردع على افتراض مفاده أن القوة هي أفضل علاج للقوة، فقوة الدولة هي العامل الأساسي لكبح جماح الآخرين، وعندما يتحقق لدولة ما، تفوق في القوة فإنها تستطيع فرض إرادتها على الدول الأخرى، ولا يكبح جماحها إلا قوة أخرى مضادة لها أو متفوقة عليها، وهو ما تُبنى عليه سياسة الردع أو ردع القوة.

 وبرغم أن سياسة الردع التي تتبعها الدول قد تشكل عاملًا من عوامل الصراع بقدر كونها وسيلة لتجنب الصراع، إلا أنه في حالة وجود صراع وحدثت مواجهة بين أطرافه فسيكون من المؤكد أن هذا التهديد سوف يتضاعف إذا ما واجهت القوة ضعفًا، فتقصير الدولة في تعزيز قوتها هو حكم عليها بالهلاك لأنها تشجع غيرها بالعدوان عليها.

ويُعد الردع استراتيجية تهدف إلى ثني الخصم عن اتخاذ إجراء لم يقُم به بعد، عن طريق التهديد بالانتقام، أو لمنعه من فعل شيء ترغب فيه دولة أخرى. وتعتمد الاستراتيجية على المفهوم النفسي الذي يحمل نفس الاسم. ومع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتزايد عدد الهجمات السيبرانية بشكلٍ حاد، فقد أصبحت قدرة نظريات الحرب الباردة، ومنها نظرية الردع، موضعًا للتساؤل. ولأن للهجمات السيبرانية على اختلاف أنواعها آثارًا تدميرية لا تصيب شبكات المعلومات فحسب، بل تمتد إلى البنية التحتية الوطنية أيضًا، فإن الردع السيبراني ضروري على الرغم من وجود عدد من الإشكاليات التي تواجهه مثل: الإسناد، والعقبات القانونية، والفاعلين من غير الدول والمصداقية، وغيرها. لذلك على الردع السيبراني التصدي لمختلف الطرق التي يحدث بها الاختراق، أو تُشن بها الهجمات، ومنها اختراق الأجهزة المستهدفة والشبكات والمعلومات، التي تعتمد على نقاط الضعف التقنية في الشبكات وأجهزة الحاسوب؛ إذ يعتمد عديد من العمليات عن بعد على احتمال أن يستقبل الضحايا رسالة أو ملف يتضمن برنامجًا ضارًّا يهدد أنظمتها بشكل غير مقصود.

إن استراتيجية الردع الفعالة يحب أن تتضمن الإعلان عن استجابة واستعراض قدرات استجابة فاعلة، مثل: فرض العقوبات، وتطوير ونشر قدرات دفاعية لمنع نجاح أي هجوم محتمل، فضلًا عن إنشاء قوات متخصصة للمهمات السيبرانية، وتطوير وتعزيز البنية التحتية العسكرية والتجارية المهمة لكي تصد أي هجوم محتمل، ناهيك عن تعزيز وتطوير الاستخبارات لاكتشاف هوية المهاجم.

ولا يكفي لتلك الاستراتيجية الاعتماد على القدرات السيبرانية أو النووية فحسب، بل يتطلب الأمر الاعتماد على الأسلحة غير النووية، على نطاق واسع، مثل: الضربات التقليدية والدفاع الصاروخي، والفضاء الهجومي. إن طبيعة العمليات السيبرانية تُقوض من الدور المحتمل للردع، وقد تجعله عديم الفائدة كليًّا. ورغم ذلك، تتزايد أهميته في ظل هشاشة الدول في الاستجابة للهجمات السيبرانية من ناحية، وقدرتها على ردع بعض الفاعلين من ناحية أخرى. ولكنه إجمالًا لن يكون فعالًا تمامًا(20).

 لقد أصبح ردع العدوان اليوم مهمة أصعب من ذي قبل، وستزداد صعوبته نتيجة للتطورات التكنولوجية والجيوسياسية، وتمتد المنافسة العسكرية لتشمل عددًا من الساحات الجديدة، مثل الفضاء والفضاء الإلكتروني، وصولًا لقاع البحر، وقد صعَّبت الإمكانيات الجديدة من فرص تحديد قياس دقيق لميزان القوى، ومن ناحيته، يهدد التقدم في مجال علوم الإدراك الأسس النظرية لاستراتيجية الردع عبر انقلابه على الكيفية التي نفهم بها تصرفات البشر في المواقف عالية المخاطر، مثل مواجهة احتمال نشوب الحرب.

إن التحدي الاستراتيجي بات يتعلق بانتهاء عصر توازن الردع، وبظهور قوى عظمى جديدة، وأسلحة ذكية ومتطورة لعبت دورها في تآكل دور الأسلحة التقليدية في الردع، وفي دمج التكنولوجيا المتطورة في مجالات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع مع الأسلحة عالية الدقة، وخاصة الأسلحة السيبرانية بقدرتها الهائلة على تعطيل أنظمة الإنذار والقيادة(21).

إن العديد من الدول قادر على العمل بكفاءة في هذه المجالات الحديثة نسبيًّا، ولذلك فإن تحديد المعتدي سيكون أعقد من ذي قبل. إن التوازن الفعلي بين القدرات العسكرية التقليدية أو النووية أو السيبرانية غير مؤكد. وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للتكنولوجيات الراسخة والمألوفة، فما بالك بالقدرات التكنولوجية الجديدة التي تدمج الذكاء الصناعي والمركبات البيولوجية الجديدة وأسلحة الليزر والسرعات المتجاوزة لسرعة الصوت والروبوتات.

ولأن قلة من هذه القدرات خضعت للاختبار في ساحة المعركة، فإن خصوم المستقبل ستحدوهم عقائد مختلفة تجاه فوائدها ومخاطرها، مما يزيد من احتمالية تقرير أحد الأطراف البدء بالعدوان، وفي النهاية، قد تكون التطورات في مجالي الذكاء الصناعي والبيانات الكبيرة مفيدة في تتبع بصمات المهاجمين. تساعد هذه الأدوات في تعزيز التهديد بالعقوبة وتدعيم استراتيجية الردع، وذلك بنزع ثقة المهاجمين المحتملين في قدرتهم على التصرف في الخفاء.

المراجع

 

)1( Kaplan، Andreas؛ Haenlein، Michael, “Siri, Siri, in my hand: Who’s the fairest in the land? On the interpretations, illustrations, and implications of artificial intelligence, Business Horizons, Volume 62, Issue 1, January–February 2019, p 15. DOI:10.1016/j.bushor.2018.08.004.

(2) د. رغدة البهي، الردع السيبراني: المفهوم والإشكاليات والمتطلبات، مجلة العلوم السياسية والقانون، المركز الديمقراطي العربي، القاهرة، العدد الأول، فبراير/شباط 2017.

(3) James Johnson, “Artificial intelligence & future warfare: Implications for International Security”, Defense & Security Analysis, Vol. 35, no. 2, (2019), pp. 147-169.

(4) د. رانية محمد طاهر أحمد، أثر الذكاء الاصطناعي على الأمن الدولي، مجلة البحوث المالية والتجارية

المجلد (23)، العدد الثالث، يوليو/تموز 2022، ص 242.

(5) المصدر السابق، ص 243.

(6) إيهاب عنان سنجاري، من البايت إلى المعارك… دور الذكاء الاصطناعي في جهود مكافحة الإرهاب الحديثة، مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية، بغداد، 11 يوليو/تموز 2023، (تاريخ الدخول: 23 سبتمبر/أيلول 2023): https://www.alnahrain.iq/post/915

(7) المصدر السابق.

(8) الثورة الثالثة: الاتجاهات العشر لتوظيف الذكاء الاصطناعي في الحروب، إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية، 1 فبراير/شباط 2023، (تاريخ الدخول: 26 سبتمبر/أيلول 2023)  https://shorturl.at/gmsS6

(9) المصدر السابق.

 (10) د. محمد أبو سريع، أخلاقيات الحروب.. تهديدات التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي لـ “الجيوش التقليدية”، القاهرة الإخبارية، 19 أغسطس/آب 2023، (تاريخ الدخول: 26 سبتمبر/أيلول 2023): https://shorturl.at/GLST6

(11) الثورة الثالثة، مصدر سابق.

(12) الإنفاق العسكري العالمي يصل إلى أعلى مستوى عبر التاريخ، CNN الاقتصادية، (تاريخ الدخول: 28 سبتمبر/أيلول 2023): https://shorturl.at/jDLY1

(13) الذكاء الاصطناعي (الذكاء الاصطناعي) حجم السوق وتحليل الحصة – اتجاهات النمو والتوقعات (2023-2028)،Mordor Intelligence ، (تاريخ الدخول: 29 سبتمبر/أيلول 2023)

https://t.ly/cquow

(14) 14) Global Military Artificial Intelligence (AI) Market Size By Type (Learning And Intelligence, Artificial Intelligence System), By Applications (Surveillance, Logistics And Transportation), By Geographic Scope And Forecast: Military Artificial Intelligence AI) Market Size And Forecast, Verified Market Research, Report ID: 60311 | No. of Pages: 202.

 https://www.verifiedmarketresearch.com/product/military-artificial-intelligence-ai-market/. (October 5, 2023).

(15) هل أصبحت الحرب الروسية الأوكرانية معركة التقنيات المتقدمة؟ BBC عربي، 7 سبتمبر/أيلول 2023، (تاريخ الدخول: 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023): https://www.bbc.com/arabic/articles/c6p0d9678vjo

(16) دور الذكاء الاصطناعي في الحرب الروسية الأوكرانية، الأناضول، 30 مارس/آذار 2022، (تاريخ الدخول: 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023): https://shorturl.at/mpqT2

 (17)المركبات المسيرة الروسية.. هكذا تحولت حرب أوكرانيا إلى مختبر لأسلحة الذكاء الاصطناعي، الجزيرة نت، 22 يونيو/حزيران 2023، (تاريخ الدخول: 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023): https://shorturl.at/ghqWZ

(18) الذكاء الاصطناعي وحروب الجيل الخامس والأثر المتوقع على متطلبات الدفاع الوطني، درع الوطن، 1 يوليو/تموز 2018، (تاريخ الدخول: 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023):  https://shorturl.at/apqCR

(19) هل يمكن أن يعوض الذكاء الاصطناعي أوجه القصور الاستراتيجية؟، الوطن العربي، 9 فبراير/شباط 2020، (تاريخ الدخول: 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023): https://shorturl.at/ajGQ7

(20) رغدة البهي، مصدر سابق.

(21) By Andrew F. Krepinevich Jr, The Eroding Balance of Terror, The Decline of Deterrence, Foreign Affairs, January/February 2019,(Viewed 2/10/2023) https://t.ly/pQ_fR.