مقدمة
تؤدي وسائل الإعلام دورًا كبيرًا في تشكيل اتجاهات الرأي العام وتصوراته تجاه القضايا والموضوعات، وفي عملية صناعة الصورة الإعلامية نظرًا للقدرات والإمكانيات التكنولوجية التي مكَّنت وسائل الإعلام من نقل الأحداث وتطوراتها في اللحظة نفسها. لذلك يُعَوَّل على الصورة الإعلامية التي تتبناها وسائل الإعلام في معالجة القضايا والموضوعات باعتبارها الانطباع والتصور العقلي المقصود لدى القائمين على الوسيلة الإعلامية حيال دولة بعينها، لما لها من أهمية في تحريك الانطباعات وبنائها لدى الرأي العام لاسيما أن وسائل الإعلام تُمثِّل الوسيط الأساس الذي نتلقى منه معلوماتنا عن العالم الخارجي.
وفي خضم توتر العلاقات السعودية-الإيرانية، وصراع النفوذ بين البلدين في المنطقة، برز دور بعض كتَّاب الرأي السعوديين وبعض أصوات قادة الرأي التي تدعو إلى مواجهة إيران “ومشروعها الطائفي” في المنطقة والتصدي لبرنامجها النووي؛ إذ يرى هؤلاء في إيران “العدو الأول الذي يجب التفرغ له”، في مقابل المطالبة الصريحة بـ”المصالحة مع إسرائيل” التي لا يخفي بعضهم تأييدهم لها والوقوف بجانبها “عقلًا ووجدانًا” إذا خاضت حربًا ضد إيران.
وقد شكَّلت المقالات الصحفية أحد الملامح الرئيسة للتناول الصحفي لصورة إيران وإسرائيل في المخيال السياسي لقادة الرأي السعودي، حيث لم يعد دورها يقف عند وظيفة جذب انتباه القارئ أو إثارة اهتمامه، ولكن تتم قراءة الرموز التي تتكون منها المقالات وما تحمله من أفكار أو معان وما تجسده من أبعادٍ مُضافة وما تُركز عليه من شخصياتٍ ووقائع. من هنا، تركز هذه الدراسة على كشف الارتباط بين محتوى نصوص المقالات المنشورة ونقل المعاني الاتصالية في الصحف عن الصورة الإعلامية لإيران وإسرائيل في المخيال السياسي لقادة الرأي السعودي في أبرز صحيفتين سعوديتين، هما: “الرياض” و”الجزيرة” اللتان جرى اختيارهما كعينة عمدية مُمَثِّلَة للمجتمع الأصلي للصحافة السعودية خلال النصف الأول من عام 2018.
لقد تزايد الاهتمام في الآونة الأخيرة بموضوع الصورة الإعلامية لما تقوم به من دور مهم في تكوين الآراء واتخاذ القرارات وتشكيل السلوك. وقد أصبح تكوين الصورة الإعلامية المرغوبة هدفًا أساسيًّا تسعى لتحقيقه وسائل الاعلام؛ نظرًا لكونها الانطباع الذي يُكَوِّنه الفرد عن الأحداث والأشياء المحيطة به متأثرًا بالمعلومات المُخَزَّنة لديه عنها، وما تقدمه له وسائل الإعلام المختلفة وفهمه لها.
ويَبْرز دور صحيفتي “الرياض” و”الجزيرة” السعوديتين في تشكيل الصورة عن إيران وإسرائيل انطلاقًا من دور هاتين الصحيفتين في التأثير على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي المحلي والإقليمي العربي. كما تبرز أهمية هذا الموضوع من الموقع الجيوستراتيجي لإيران وإسرائيل في الشرق الأوسط، والذي يؤثِّر على أنماط سياستهما الخارجية في ظل تنامي دورهما كقوى إقليمية فاعلة فيما يحدث حاليًّا في المنطقة وتأثيرهما في مسارات الأحداث السورية والعراقية والفلسطينية واللبنانية واليمنية والبحرينية. وتُعَدُّ مقالات الرأي من المصادر الإعلامية المهمة التي يستقي منها الجمهور معلوماته، ومن ثم يُكَوِّن إطاره المعرفي حيال الصورة الذهنية لتلك الدولتين؛ إذ لا يمكن الحديث عن أي منهما دون الرجوع إلى الصورة التي ترسمها وسائل الإعلام في ذهن المتلقي. كذلك يبرز دور صحيفتي “الرياض”
_______________________________
* أ.د. سعد سلمان المشهداني، أستاذ الصحافة في قسم الإعلام بكلية الآداب- جامعة تكريت
و”الجزيرة” في تشكيل الصورة عن إيران وإسرائيل انطلاقًا من مفهوم الصورة الإعلامية التي تسهم في تطور آلية تعامل وسائل الإعلام مع الأحداث والموضوعات المختلفة لتكوين فكرة عامة عن هذه الأحداث أو الموضوعات تخدم مصالحها وتوجهاتها وسياساتها العامة وحتى الخاصة أحيانًا، مع اختلاف هذه الأحداث أو الموضوعات انطلاقًا من الخصوصيات الآتية:
- خصوصية الدور: الذي تقوم به الصحافة السعودية في إدارة المواقف الصراعية داخل المجتمعات العربية والإسلامية، لاسيما ما يتعلق بالدور الإيراني في المنطقة العربية وقضية الصراع العربي-الإسرائيلي.
- خصوصية الحدث: تبرز في التأثير على المجتمعات العربية والإسلامية باعتبار إيران وإسرائيل لاعبين أساسيين في المنطقة العربية ويؤثران بشكل أساسي في صناعة الأحداث والمواقف المختلفة.
- خصوصية الوسيلة الإعلامية: تُعَدُّ صحيفة “الجزيرة” صحيفة شعبية متعددة الاهتمامات، ولاسيما ما يتعلق بشؤون الناس وقضاياهم واحتياجاتهم، والتي شهدت تطورًا ملحوظًا في المساحة والشكل والمضمون، كما تُعَدُّ صحيفة “الرياض” الأكثر انتشارًا من حيث معدلات التوزيع والقراءة والمساحات الإعلانية بالمملكة العربية السعودية، وتضم العديد من الكتَّاب والمحرِّرين المعروفين.
- خصوصية المتلقي العربي: الذي يعاني من التسلط الإعلامي الحكومي والغربة الإعلامية وسط أبواق دعائية إسرائيلية وإيرانية عريقة الاحتراف في صناعة الأخبار وتقديم التحليلات والرأي بما يكرس الأهداف الإيرانية والإسرائيلية المرجوة.
وتهتم هذه الدراسة برصد وتحليل أبرز الأفكار والمواقف التي طرحتها صحف العينة عن صورة إيران وإسرائيل في المخيال السياسي لكتَّاب مقالات الرأي في الصحافة السعودية، واختار الباحث صحيفتي الرياض والجزيرة عينة الدراسة لعام 2018، للتعرف على الموقف السعودي من الأحداث والبيئة المحيطة بكل تداعياتها. ويأتي اعتماد الباحث على أسلوب تحليل المضمون بالمستوى الكمي انطلاقًا من أن غالبية بحوث الإعلام والاتصال في المنطقة العربية اعتمدت على تحليل المضمون ورسخته كأداة كمية لدراسة الخطاب الإعلامي؛ لأن بعض البحوث العلمية التي حاولت أن تدرس هذا الخطاب من خلال الاستعانة بالمستوى النوعي لتحليل المضمون، اصطدمت بحدود التحليل البنيوي الذي يتعاطى مع الخطاب الإعلامي كنص منغلق على ذاته ومكتفيًا بما تضمنه من دلالات، بمنأى عن المتلقي، الذي أصبح شريكًا نشيطًا في عملية إنتاج المعنى من نصوص وسيلة الاتصال.
- الإطار المنهجي للدراسة
- مشكلة الدراسة وتساؤلاتها
تُعَدُّ المشكلة موقفًا غامضًا أو إشكالية معرفية تتوضح في القدرة على دراسة العلاقة بين السبب والنتيجة، وتبدأ بدراسة غموض مفهوم الصورة الإعلامية فتبحث المشكلة في تحليل الصورة السائدة التي تروجها صحيفتا العينة “الرياض” و”الجزيرة” من خلال ما يقدمه المضمون الإعلامي بشأن صورة إيران وإسرائيل، والذي يسهم في تشكيل اتجاهات الرأي العام تجاه القضية ذاتها. كما يحاول البحث الإجابة على التساؤلات الآتية:
- كيف رسم قادة الرأي السعودي مكونات الصورة/الذات الإيرانية والإسرائيلية وأبعادهما ووجهوا الاهتمام بهما في المشهد السياسي؟
- ما مضامين المحتوى الإعلامي لمقالات قادة الرأي السعودي بشأن صورة إيران وإسرائيل في عينة الدراسة؟
- ما طبيعة اتجاه المعالجة الإعلامية لصورة إيران وإسرائيل في عينة الدراسة؟
ب- أهمية الدراسة
تنبع أهمية هذا البحث من كونه أول دراسة تحليلية عن صورة إيران وإسرائيل في كبريات الصحف السعودية “الرياض” و”الجزيرة” خلال الفترة الممتدة من 1 يناير/كانون الثاني إلى 30 يونيو/حزيران 2018. وهو موضوع يستحق البحث كونه يدرس إيران وإسرائيل كآخَر نوعي ليس تقليديًّا فقط بل كآخَر معاصِر أيضًا، كما أن قضية الصراع العربي-الإسرائيلي قضية سياسية محورية في مقدمة أجندة الاهتمام العربي التي لها علاقة مباشرة بالحاضر، ومستقبل هذا الصراع الذي لم تُحسَم نهايته، خاصة بعد ثورات ما يسمى بالربيع العربي. كذلك، فإن وسائل الإعلام تقوم بدور مهم في هذا الإطار؛ “نظرًا لأهميتها في إدارة المواقف الصراعية داخل المجتمعات التي تهدف إلى إحداث تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية تتعارض وجهات النظر حولها، ويعتمد أفراد الجمهور على الصحف في متابعة المراحل الأولى للصراع داخل المجتمع”(1).
ويتزايد الاهتمام بموضوع الصورة الإعلامية لارتباطها وانعكاسها على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية للفرد والمجتمع، فضلًا عن تأثيرها على الرأي العام، وتُشَكِّل الصورة عنصرًا أساسيًّا في التعامل بين الدول والشعوب، فهي تنبِّه أغلب الدول إلى أن الصورة التي يحملها الآخرون عنها قد تُيَسِّر تعاملاتها الدولية أو تعقِّدها تبعًا لنوعها؛ لذلك لم تعد الصورة شيئًا يُشَكَّل بالمصادفة وإنما صارت تدار بشكل علمي محسوب وتخصص لها إمكانات مادية وبشرية واتصالية كبيرة(2).
أما على المستوى التطبيقي، فتتسم القضية (صورة إيران وإسرائيل) بالأهمية السياسية والإعلامية والأكاديمية، كما أنها توفر رصد ودراسة العلاقة القوية بين توجهات كبريات الصحف السعودية ذات المستوى الاحترافي العالي والانتشار الواسع على الإنترنت، والتغيير في الصورة الإعلامية المقدمة لإيران وإسرائيل في الصحافة السعودية خلال عام 2018. ويأتي هذا التغيير من كون أن الصحف السعودية بدأت في الآونة الأخيرة تغيير خطابها الإعلامي فيما يتعلق بإيران، فضلًا عن تغيير خطابها الإعلامي فيما يتعلق بإسرائيل في محاولات تطبيع علاقاتها سياسيًّا وثقافيًّا بالرغم من اختلاف الأيديولوجيات السياسية في الحقب المختلفة. أما من الناحية الإعلامية، فيبرز دور الصحف السعودية، وتحديدًا صحيفتي العينة الرياض والجزيرة، في الكشف عن طبيعة التغيرات في صورة إيران وإسرائيل ومدى تأثرها بالأحداث الجارية خلال مدة البحث المذكورة. ويأتي التعامل مع مقالات الرأي لقادة الرأي السعودي، باعتبارها تقوم بإعداد الصور التي يتشكَّل حولها الرأي العام وعبر كبريات الصحف المنتشرة على الإنترنت “الرياض” و”الجزيرة” بوصفهما أحد عوامل تكوين الصورة الإعلامية في الصحافة السعودية.
ويمكن ربط أهمية الدراسة أيضًا بمجموعة أسباب بعضها ذاتي ويتعلق باهتمام الباحث بتحليل مضمون المقالات في الصحيفتين المذكورتين، وقدرة الحصول على المعلومات من خلالها، فضلًا عن أسباب موضوعية تقترن بالفائدة العلمية المستقاة من الدراسة ومساهمتها في توضيح غموض يكتنف ملامح التصور الذي يطرحه كتَّاب أعمدة الرأي لصورة إيران وإسرائيل في الصحافة السعودية خلال عام 2018، وكذلك التعرف على صورة إيران وإسرائيل في صحيفتي الرياض والجزيرة من خلال اتجاهات كتَّاب المقالات والأعمدة الصحفية، التي تبرز في رموز اتصالية ومضمون اتصالي من أجل الوصول إلى دوافعهم الذاتية والأهداف التي يرغبون في إيصالها إلى الجمهور، ومن ثم التعرف على اتجاهات صحيفتي العينة التي تعكس رؤية كتَّاب المقالات فيهما عن الآخر في سياق تأثيرات الأحداث الراهنة، وفي نفس الوقت تعبِّر عن سياسة الدولة؛ إذ تؤدي دور الدعاية للنظام السياسي والاجتماعي القائم وأيديولوجيته.
ج- أهداف الدراسة
تسعى الدراسة إلى تحقيق الأهداف الآتية:
- معرفة الصورة الإعلامية التي تقدمها الصحافة السعودية عن إيران وإسرائيل وفق أسلوب تحليل المضمون لمقالات الرأي في صحيفتي الرياض والجزيرة لعام 2018.
- تحديد السمات الرئيسة لصورة إيران وإسرائيل وأبعادها في عينة الدراسة.
- معرفة الجوانب التي اهتم بها قادة الرأي السعودي من كتَّاب المقالات السياسية في معالجة صورة إيران وإسرائيل.
- معرفة نوعية الموضوعات والأفكار التي تناولتها مقالات قادة الرأي السعودي عن إيران وإسرائيل أثناء فترة الدراسة.
د- مجتمع البحث وعيِّنته
يتمثَّل مجتمع البحث في المقالات المنشورة بصحيفتي الرياض والجزيرة عن إيران وإسرائيل والتي كتبها قادة الرأي السعودي، وهي عينة عمدية من الصحف السعودية اليومية، ويمكن تقسيم هذا المجتمع إلى المجالات الاتية:
- المجال المكاني: ويشمل المقالات المنشورة في صحيفتي الرياض والجزيرة السعوديتين، وقد جمعها الباحث بأسلوب المسح الشامل لكافة المقالات المتعلقة بإيران وإسرائيل في الصحيفتين المذكورتين خلال مدة الدراسة، وهي بواقع (112) مقالًا يتعلق بإيران و(22) مقالًا عن إسرائيل. وقد تم اختيار هاتين الصحيفتين لتُمثِّلا مجتمع البحث للمسوغات الآتية:
أ- تُعَدُّ صحيفتا الرياض والجزيرة من الصحف اليومية الأكثر انتشارًا وتأثيرًا في السعودية.
ب- الرياض والجزيرة صحيفتان يوميتان منتظمتا الصدور وتُعَدَّان من كبريات الصحف اليومية السعودية التي تحظى بمتابعة قطاعات واسعة من القرَّاء، وتسهم في صناعة رأي عام واع بما يحيط بها من أحداث.
ج- تمثِّل هاتان الصحيفتان اتجاهين مختلفين؛ فالأولى (الرياض) تعكس الاتجاه الرسمي الحكومي، والثانية (الجزيرة) تعبِّر عن الاتجاه المستقل باعتبارها مملوكة للقطاع الخاص بشكل تام، وهما ذواتا معدلات توزيع يومي عالية نسبيًّا في عموم السعودية.
د- إيلاء الصحيفتين أهمية للمقالات التي تتناول قضايا العلاقات الدولية والقضايا الإقليمية ولاسيما المتعلقة بإيران واسرائيل.
كذلك أجرى الباحث مسحًا شاملًا لكافة التغريدات التي كتبها قادة الرأي السعودي من كتَّاب تلك المقالات وخلال مدة الدراسة على موقع تويتر الذي يتميز بتوفير خدمة التدوين المصغر لمستخدميه بشكل مجاني عن طريق إرسال رسائل (تغريدات) لا تتجاوز 280 حرفًا، كما تمكَّن الأفراد والمتابعون من التفاعل مع التغريدات المنشورة عبر إبداء الرأي بطرق متعددة. وقد اختار الباحث هذه المنصة الاجتماعية؛ لأنها من أكثر المنصات استخدامًا من قبل النخبة أو الصفوة الإعلامية والأكثر إقبالاً من قِبَل الجمهور.
- المجال الزماني: ويتمثَّل في الفترة الممتدة من 1 يناير/كانون الثاني إلى 30 يونيو/حزيران 2018، وهي فترة زمنية تسمح بالكشف عن موضوع البحث وتحديد تمثيلاته، لاسيما بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي الإيراني، في 8 مايو/أيار 2018، وتعزيز القدرات الصاروخية الإيرانية، وإعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران، والخلافات الغربية بشأن العقوبات المفروضة على إيران.
- المجال الموضوعي: ركزت الدراسة على المقالات التي تخص إيران وإسرائيل فقط في تحليل أبعاد صورتهما الإعلامية، لذلك لم تهتم بتحليل بقية المقالات التي نشرها نفس الكتَّاب لموضوعات أخرى على الرغم من أهميتها.
ه- منهج الدراسة
اعتمد الباحث على المنهج المسحي باتباع أسلوب تحليل المضمون(3) للوصول إلى تعميمات بشأن صورة إيران وإسرائيل في المخيال السياسي لكتَّاب مقالات الرأي في الصحافة السعودية للنصف الأول من عام 2018 بانتقاء عينة ممثِّلة للصحف السعودية (الرياض والجزيرة) وباستخدام مسح شامل لتلك المقالات بطريقة تحليل المضمون. وقد استخدم الباحث هذا الأسلوب لكونه “مفيدًا بصفة خاصة في تحديد الاتجاهات العامة والتغيرات التي تحدث بمرور الزمن، كالتغيرات في الرأي العام خاصة الطريقة التي يتم بها التعبير عن هذه التغيرات في وسائل الإعلام”(4).
إن صناعة المعنى في كل النصوص تركز على ثلاثة عناصر تحليلية، هي: إنتاج النص الذي يركز على المنتجين للنص (المؤلفين، المتكلمين، والكتَّاب)، والنص ذاته، في حين يركز تلقي النص على التفسير (المفسّرين، القرَّاء، المستمعين)(5). وقد اعتمد الباحث تحليل المضمون واستبعد التحليل النقدي للخطاب لاعتقاده أن عليه وصف النصوص أولًا ببناء تصنيف بعدي للأفكار الواردة في المقالات المنشورة في صحيفتي العينة واستخراج فئات التحليل التي تعتمد تكرارَ الفكرة أو الموضوع كوحدة للتحليل، ومن ثم تحليلها وتفسيرها لاستخراج المعنى الذي يعبِّر عن الصورة الإعلامية في المخيال السياسي لكتَّاب مقالات الرأي في الصحافة السعودية “لاستخلاص نتائج ودلالات مفيدة منها تؤدي إلى إمكانية إصدار تعميمات بشأن المواقف أو الظاهرة التي يقوم الباحث بدراستها”(6).
و- المدخل النظري للدراسة
تعتمد الدراسة نظرية الاستخدامات والإشباعات لبحث سمات الصورة الإعلامية وأبعادها لإيران وإسرائيل في الصحافة السعودية، وترى هذه النظرية أن مستخدمي وسائل الإعلام يقومون بدور إيجابي في انتقاء المضامين الإعلامية والتعرض إليها، وأنهم ناشطون في البحث عن وسائل الإعلام لإشباع احتياجاتهم من خلال مجموعة متنوعة من الاستخدامات. كما “أن الفرد يبني اختياراته الإعلامية على أساس اهتماماته واحتياجاته وقيمه واتجاهاته الشخصية التي تتشكَّل في إطار علاقاته الاجتماعية”(7).
كما تستخدم الدراسة نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام التي ترى “أن الإعلام يقوم بتحقيق ثلاثة تأثيرات: معرفية ووجدانية وسلوكية”(8)، وأن اعتماد الجمهور يزداد على مصادر وسائل الإعلام في أوقات الصراع والتغيير الاجتماعي، ولذلك يفترض أنه في المجتمعات ذات الأنظمة الإعلامية النامية يزداد اعتماد الجمهور على مصادر معلومات وسائل الإعلام في أوقات الحروب أو التغييرات السياسية أو الاقتصادية(9).
ز- مفاهيم إجرائية
– الصورة الإعلامية: تمثِّل مجموعة السمات والصفات التي تنسبها وسائل الإعلام للآخر حينما يهتم المضمون الإعلامي بمحاكاة الحياة في دولة أخرى أو لشعب آخر، وقد تكون الصورة الإعلامية للذات حينما يتناول المضمون الإعلامي محاكاة الحياة ذاتها في أي من مجالات الحياة(10).
– قادة الرأي السعودي: يقصد الباحث بقادة الرأي السعودي جميع كتُّاب المقالات السياسية السعوديين المشتغلين بصناعة الكلمة رأيًا وفكرًا وثقافةً والذين كتبوا مقالاتهم في صفحة “آراء”(11) في صحيفة الجزيرة وصفحة “حروف وأفكار”(12) في صحيفة الرياض عام 2018.
ح- تحديد وحدات التحليل
تتطلب طريقة تحليل المضمون تحديد وحدات التحليل التي تُشكِّل العنصر الأساس الذي سيتم عدُّه أو إحصاؤه في المضمون، وتتفق أدبيات منهجية البحث الإعلامي على استخدام خمس وحدات أساسية في طريقة تحليل المضمون، هي(13):
- وحدة الكلمة.
- وحدة الموضوع أو الفكرة.
- وحدة الشخصية.
- وحدة المفردة.
- وحدة مقاييس المساحة والزمن.
ووفقًا لمتطلبات هذه الدراسة وطبيعة مشكلتها وأهدافها، فقد اعتمد الباحث في تحديد وحدات التحليل على وحدة الموضوع أو (الفكرة).
ط- تحديد فئات التحليل
لما كان أسلوب تحليل المضمون يسعى إلى وصف عناصر المضمون وصفًا كميًّا، فمن الضروري أن يتم تقسيم هذا المضمون إلى فئات، وقد تم تصنيف بعدي لاستخراج فئات التحليل اعتمادًا على عينة من المقالات التي تناولت صورة إيران وإسرائيل من مقالات الرأي في صحيفتي الرياض والجزيرة مثَّلت نسبة 10% من المسح الشامل خلال مدة الدراسة. وقد تم استخراج فئات التحليل التي اعتمدها الباحث في استمارة تحليل التي عرضها على مجموعة من الخبراء والمتخصصين في مجال الإعلام، وجرى تحكيمها من قِبلهم. وبناء على ملاحظات السادة المحكَّمين تم اعتماد الاستمارة لتأخذ شكلها النهائي واستخراج فئات التحليل الآتية واعتماد تكرارات (الفكرة) في كل فقرة من فقرات المقالات المنشورة كوحدة للعد والقياس عن طريق تصنيفها إلى مجموعتين، وهما كما يأتي:
أولًا: الفئات الرئيسة في المقالات المتعلقة بصورة إسرائيل
- القضية الفلسطينية.
- علاقة إسرائيل بإيران.
- تشويه صورة الدول العربية.
- الرؤية السعودية للسلام مع إسرائيل.
- متابعة نشاطات المنظمات الإرهابية.
- التقارب الإسرائيلي-السعودي
ثانيًا: الفئات الرئيسة لمضامين المقالات المتعلقة بصورة إيران
- دعم نشاط المنظمات الإرهابية.
- الأوضاع الداخلية في إيران.
- الاتفاق النووي الإيراني.
- الأجندة السياسية الإيرانية.
- الموقف الغربي من إيران.
- الموقف الخليجي من إيران.
ي- صدق التحليل
يقصد بالصدق أو الصحة: صلاحية الأسلوب أو الأداة لقياس ما هو مراد قياسه، أو بمعنى آخر، تتسم الأداة بالصدق متى كانت صالحة لتحقيق الهدف الذي أُعدَّت من أجله(14). وهناك ثلاثة أنواع من الصدق: أولهما صدق المحتوى، وثانيهما صدق المعيار، أما الثالث فهو صدق البناء(15)، وقد اعتمد الباحث على صدق المحتوى الذي يطلق عليه أيضًا الصدق الظاهري، وهو اتفاق المحكَّمين والخبراء على أن المقياس أو الأداة صالحة لتحقيق الهدف الذي أعدت من أجله.
ك- ثبات التحليل
يقصد بالثبات “إمكانية الوصول الى النتائج نفسها عند إعادة تطبيق المقياس المستعمل على المادة نفسها في المواقف والظروف نفسها”(16). وتم استخراج ثبات التحليل من خلال طريقة إعادة الاختبار وإعادة تطبيق الأداة مرة أخرى على نفس المقالات التي جرى تحليلها في صحيفتي الرياض والجزيرة بعد مرور مدة زمنية، وتقدير قيمة الثبات بين نتائج الاختبارين. وقد حصل الباحث عند إعادة الاختبار نفسه للمرة الثانية على النتائج نفسها باستخدامه ذات الأساليب في الاختبار الأول. وبتطبيق معادلة هولستي (Holisti) التي يتم عن طريقها قياس مدى ثبات التحليل في ضوء نسب الاتفاق بين المرمزين(17). وعن طريق نتائج التحليلين، تبين أن التغيرات التي حدثت كانت تساوي (0.96) وهي نسبة عالية للثبات كما هو موضح في المعادلة الآتية:
معامل الثبات = 2ت/ن1+ن2
حيث يمثل ت: عدد الحالات التي اتفق عليها المرمزان.
ن1: عدد الحالات التي رمزها الباحث الأول.
ن2: عدد الحالات التي رمزها الباحث للمرة الثانية مع نفسه.
- الصورة الإعلامية والمخيال الاجتماعي الإعلامي
يقترن مفهوم الصورة الإعلامية مع مفهوم أوسع هو الصورة الذهنية، فما نلمحه اليوم في سلوك الأفراد إنما يعود إلى ما تقوم به وسائل الإعلام ضمن حلقات التنشئة من ضبط لاتجاهات الأفراد وميولهم يفضي في النهاية إلى تجذير شعار “السير على المنوال” الذي يلخص عند البعض الثقافة المنمذجة(18). فوسائل الإعلام فضلًا عن كونها وسائط للمعرفة تنقل تجارب المجتمع وأحداثه، وتصنع الرأي والموقف بخصوص كل ما يشغل المجتمع من قضايا مختلفة. فصورة العربي أو الإسرائيلي، كما يذكر الدكتور علي عجوة، تكونت عند الشعب الأميركي؛ نتيجة للدور الذي مارسته لفترة طويلة وسائل الإعلام في الولايات المتحدة الأميركية، ونتيجة للأحداث التي شهدتها المنطقة العربية ونقلتها هذه الوسائل(19).
وانطلاقًا من الوظائف التي تقوم بها وسائل الإعلام والتي لخصها هارولد لاسويل (Harold lasswell) في ثلاثة عناصر أساسية: مراقبة البيئة والمحيط، والعمل على ربط أجزاء المجتمع، والعمل على إبقاء التراث، يمكن اعتبار الصورة الذهنية، رغم العوامل المختلفة الطبيعية منها والاجتماعية التي تسهم في حدوثها، صناعة محكمة تتم وفقًا لأهداف دقيقة مدروسة يقوم بها طرفان: أحدهما يتولى ضبط المادة الإعلامية الموجهة للجمهور ويسمى “حارس البوابة”، والآخر يقوم بتبسيط محاور الاهتمام فيها وشرح أبعادها بما يخدم القضايا الكبرى في المجتمع، وتعديل مسار الرسالة الإعلامية وترسيخ أغراضها الكبرى في المجتمع، ويسمى “قادة الرأي”. وتحدَّد مضامين الصورة الإعلامية التي تتشكَّل في أذهان الأفراد وفق نظام العلامات. والعلامة رمزية كانت أم أيقونية، تمثِّل مصدرًا تنحدر منه المعاني؛ فإلى جانب عملية الانتقاء التي يقوم بها حارس البوابة، يتم اختيار موضوعات موجهة للجمهور في سياق ما يعرف بوضع الأجندة يقوم بها قادة الرأي لبناء المعنى في المضامين الإعلامية وتجذير الصورة في أذهان الأفراد(20).
ويؤثر في رسم تلك الصورة ما يقوم به قادة الرأي الذين يختارون من بحر المعلومات الواردة ما يناسب اهتماماتهم ويخفون ما لا يريدون توزيعه ونشره. وتُعَدُّ اللغة “أحد الأساليب المهمة التي تستخدم في توجيه الجماهير وطريقة تفكيرها، فانتقاء مفردات محددة واستخدام جمل معينة يفضي في النهاية إلى تحديد اتجاه المجتمع السياسي والديني، ثم تشكيل عقلية خانعة تمامًا مثلما ترغب النخبة المسيطرة”(21). ويركز قادة الرأي على “النص الذي يحتوي على أطر تظهر في غياب وحضور كلمات معينة وعبارات معتادة وصور نمطية ومصادر للمعلومات وعبارات تقدم مجموعة من الحقائق أو الأحكام عن موضوع يتم تناوله، ويرتبط بمفهوم الإطار في النص مفهوم آخر وهو الإبراز، والذي يقصد به جعل جزء من المعلومات بارزًا يمكن ملاحظته وإضفاء المعنى عليه؛ كي يسهل تذكره لجماهير القرَّاء، بما يستتبع ذلك من عمليات تخزين واسترجاع وتنظيم إدراك هؤلاء للنص”(22).
كذلك، فإن قادة الرأي “وهم يضعون أطرًا حكمية بوعي أو بدون وعي في تحديد ماذا يقال، محكومون بدورهم بالأُطُر التي تنظِّم أنساقهم المعرفية والضغوط المهنية التي يعملون في ظلها كضغوط نمط السيطرة والملكية والتمويل والتي تحدد السياسة التحريرية، وكذلك ضغوط المساحة وسرعة العمل الاعلامي”(23). ويتأثر هؤلاء القادة وآراؤهم ومواقفهم بدورهم الاجتماعي وبمواقفهم لمن يعملون أو من يُمَوِّلهم، ويُمَوِّل صحفهم بجانب القوانين والإجراءات الداخلية، أي الرقابة الذاتية لدى هذه الصُحف التي تُقَوْلِب آراء كتَّاب المقالات والمراسلين الصحفيين والمحررين ومواقفهم مع خط الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية.
ويمكن تعريف الصورة الإعلامية بأنها مجموعة من السمات والصفات التي تنسبها وسائل الاعلام لإحدى الدول أو الشعوب من خلال ما تقدمه من مضامين وبرامج حول هذه الدول والشعوب(24).
ويشير مفهوم الصورة الإعلامية إلى إمكانية تشكيل الإعلام لعقول المواطنين باعتبار “أن الجزء الأساسي من المخيال الاجتماعي الإعلامي هو من صنع وسائل الإعلام”(25) من خلال ما يطرحه من تصورات حول دول أو شعوب أخرى وقضايا مرتبطة بتلك الدول؛ إذ ترتكز هذه التطورات على مفاهيم معينة مرتبطة بهذه الشعوب ويسعى الإعلام لنشرها وإبرازها وترويجها على نطاق جماهيري وربط هذه الجماهير بتصور معين تجاه قضايا هذه الشعوب(26). والصورة الإعلامية بهذا المعنى هي صورة عن الآخر حينما يهتم المضمون الإعلامي بمحاكاة الحياة في دولة أخرى أو لشعب آخر.
ويمكن تعريف الصورة الإعلامية للدولة بوصفها الانطباع والتصور العقلي المقصود لدى القائمين على الوسيلة الإعلامية حيال دولة بعينها، في ظل جملة من المرتكزات، أهمها السياسة الإعلامية المنبثقة أساسًا من سياسة الممول لهذه الوسيلة، سواء كانت الدولة أو جهات أو مؤسسات، وذلك بهدف تشكيل جملة من الأفكار حول تلك الدولة تريد الوسيلة تقديمها للجمهور(27).
وتقوم وسائل الإعلام وفق رؤيتها بِشَخْصَنَة الأحداث والمواقف وحتى صورة الدول، وذلك من خلال تقديم صورة الدولة حسب موقف الوسيلة الإعلامية، ويمكن أن نرى نماذج عديدة في وصف إيران مثلًا للولايات المتحدة الأميركية بأنها الشيطان الأعظم، أو وصف هتلر لليهود بأنهم جنس وضيع أو وصف البيض للسود بأنهم أقل مرتبة منهم(28).
وتتفق الصورة الإعلامية والذهنية من حيث كونهما يميلان إلى تبسيط الواقع واختزاله، بحيث لا تعكس الواقع بالضبط، فقد توصلت الغالبية العظمى من الدراسات الإعلامية إلى وجود فروق بين الصورة الإعلامية والواقع الذي تعرضه؛ مما رسخ لمصطلح الصورة النمطية أو القوالب الجامدة. كما ظهرت مصطلحات مثل “صورة العدو” و”الصورة المشوهة” لتدل على اتصاف ملامح تلك الصورة بالعدائية والتشويه والسلبية(29).
وهناك ثلاثة أبعاد اتفق عليها معظم الباحثين في موضوع الصورة الإعلامية، وهي(30):
- البُعد المعرفي: ويقصد به المعلومات التي تتعلق بموضوع أو قضية تثيرها وسائل الإعلام وفي ضوئها يبني الجمهور الصورة الإعلامية حولها، ومستوى دقة المعلومات التي يحصل عليها الجمهور عن الموضوع المثار في وسائل الإعلام لكي يؤثر في دقة الصورة الإعلامية التي يُكَوِّنها عنه.
- البُعد الوجداني: وهو ميل الجمهور بالإيجاب أو السلب تجاه الموضوع المطروح في وسائل الإعلام في إطار الصورة الإعلامية التي يُكَوِّنها الجمهور، ويتشكَّل الجانب الوجداني مع تَشَكُّل الجانب المعرفي، ومع مرور الوقت تتلاشى المعلومات والمعارف وتبقى الجوانب الوجدانية التي تمثِّل اتجاهات وعواطف الجمهور نحو الموضوع المثار في وسائل الإعلام.
- البُعد السلوكي: ويعكس سلوك الجمهور وفقًا لطبيعة الصورة الإعلامية المتكوِّنة لديه في الموضوعات التي تنقلها له وسائل الاعلام؛ إذ تصبح تلك الصورة المتكوِّنة موجهة لسلوك الجمهور بصورة لا إرادية بفعل تلك الصورة في العقل الباطن.
ولعل أشمل تعريف للصورة من وجهة نظر باحثي التيار النفسي الاجتماعي وأقرب التعريفات لفهم الصورة الإعلامية كونها تعبِّر عن “عملية نفسية نسبية ذات أصول ثقافية، تقوم على إدراك الأفراد الانتقائي، المباشر وغير المباشر، لخصائص وسمات موضوع ما، وتكوين اتجاهات عاطفية نحوه (إيجابية أو سلبية) وما ينتج عن ذلك من توجهات سلوكية (ظاهرة أو باطنة) في إطار مجتمع معين. وقد تأخذ هذه المدركات والاتجاهات والتوجهات شكلًا ثابتًا أو غير ثابت، دقيقًا أو غير دقيق”(31).
ويمكن تحديد الصورة الإعلامية التي تسعى وسائل الإعلام المختلفة لتكريسها من خلال الرسائل الضمنية لخطاب الصورة والذي حددها الفيلسوف الفرنسي رولان بارت (Roland Barthes) في بحثه “خطاب الصورة” بثلاث رسائل: الأولى: الرسالة اللغوية، وتتكون من جميع الكلمات الموجودة في النص المنشور، والثانية: الرسالة الدالة، وهي الصورة الرمزية المشفرة التي تقدمها وسيلة الإعلام من خلال الكيفية التي تنتج بها الصورة الإعلامية (وحضورها اللغوي) الدلالة، والرسالة التأويلية، وهي رسالة الصورة الرمزية غير المشفرة(32). ومن هنا، فإن الصورة الإعلامية التي يقدمها قادة الرأي في صحيفتي الرياض والجزيرة السعوديتين عن إيران وإسرائيل هي “صورة مصنَّعة تتضمن عمليات تكنولوجيا معقدة تعتمد في تأثيرها على نظام ثقافي معقد لصياغة رموز الرسالة الإعلامية وهذه العملية تظهر كأحد مخرجات المضامين الإعلامية كالأخبار عن الأحداث الجارية والمقالات المنشورة، والمواد الترفيهية كالدراما والأفلام التسجيلية وغيرها من المضامين الإعلامية”(33). والصورة هنا ليست مجرد شكل بل “مادة مكتنزة بالخطابات والرسائل والدلالات، إنها شكل يُقدَّم للمستهلك في قالب جمالي يستوفي الشروط التي تجعله على درجة كبيرة من الجاذبية والإغراء. ولكن في تضاعيف ذلك الشكل الجذاب، ترقد رسائل ثقافية لتنبعث مؤدية وظيفتها في تطويع القارئ أو المشاهد المستهلك”(34).
- قادة الرأي السعودي ومكونات الصورة/الذات الإسرائيلية والإيرانية
ركزت الدراسة على تحليل مقالات قادة الرأي السعودي في صحيفتي الرياض والجزيرة، والتي جمعها الباحث بأسلوب الحصر الشامل وكانت بواقع 112 مقالًا يتعلق بإيران و22 مقالًا عن إسرائيل. كما استعان الباحث بتغريدات كتَّاب مقالات الرأي في صحيفتي العيِّنة خلال فترة الدراسة عن صورة إيران وإسرائيل، والتي نشرها هؤلاء على صفحاتهم بموقع تويتر انطلاقًا من “مساهمة (تويتر) مساهمة فعالة في إحداث حراك إعلامي كبير بين المستخدمين في السعودية بعد أن استغله البعض للكشف عن مواضيع يمنع الإعلام السعودي الرسمي نشرها ووجدت رواجًا كبيرًا من القرَّاء الذين يعتبرون مثل تلك المواضيع هدفًا لإشباع نهمهم المعلوماتي”(35)، والتي استفاد منها الباحث في تحليل وتفسير نتائج البحث.
وبعد أن استطاع الباحث بناء التصنيف وتحديد وحدات التحليل واستخراج فئات التحليل، قام بعد ذلك بتحديد الفئات الرئيسة التي تضمنتها المقالات التي نشرتها صحيفتا الرياض والجزيرة خلال الفترة الممتدة من 1 يناير/كانون الأول إلى 30 يونيو/حزيران 2018، كما سيتبين في التحليل لاحقًا.
أ- سمات الصورة الإسرائيلية وأبعادها
جدول رقم (1) يوضح الفئات الرئيسة لمضامين المقالات المتعلقة بصورة إسرائيل
المرتبة | الفئات الرئيسة لمضامين المقالات | التكرار | النسبة المئوية |
1 | القضية الفلسطينية | 41 | 38.68% |
2 | علاقة إسرائيل بإيران | 25 | 23.59% |
3 | تشويه صورة الدول العربية | 16 | 15.09% |
4 | الرؤية السعودية للسلام مع إسرائيل | 11 | 10.38% |
5 | متابعة نشاطات المنظمات الإرهابية | 9 | 8.49 % |
6 | التقارب الإسرائيلي-السعودي | 4 | 3.77% |
المجموع | 106 | 100% |
أكدت نتائج الدراسة التحليلية أن نسبة حضور إسرائيل في مقالات الرأي في صحيفتي الرياض والجزيرة خلال مدة الدراسة نادرة بواقع 22 مقالًا مقابل 112 لإيران. ويعزى ذلك إلى تردد البعض من قادة الرأي السعودي في التعبير عن رأيهم في موضوع حساس، مثل علاقة المملكة العربية السعودية بإسرائيل التي تحتل فلسطين ومقدسات المسلمين، في الصحافة السعودية. إضافة إلى وجود مناخ رقابي صارم يمنع قادة الرأي من تقديم أية وجهة نظر تثير حساسية سياسية للمملكة في وسطها الإقليمي خاصة في ظل تفاهمات حالية مع إسرائيل. وقد كان أثر الاستراتيجيات التي اعتمدها النظام السياسي السعودي بالتعامل مع الصحافة السعودية واضحًا في نتائج هذه الدراسة؛ إذ حاولت بعض مقالات الرأي التي كتبها قادة الرأي السعودي في صحف العينة خلال مدة البحث نفي التقارب السعودي-الإسرائيلي، فيما حاولت مقالات أخرى الدعوة إلى المصالحة والتطبيع مع إسرائيل، ويؤكد هؤلاء القادة التوجه ذاته لزميلتهم سهام حسين القحطاني التي كتبت خمسة مقالات متتالية في صحيفة الجزيرة عام 2016، كانت تدعو العرب فيها إلى تطبيع علاقتهم مع إسرائيل بوصف ذلك المخرج الأكيد لخلاصهم(36). وتأتي كتابة تلك المقالات في الصحف السعودية، والتغريدات التي كتبها قادة الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي للتخفيف الرقابي الذي اتبعته الحكومة السعودية مؤخرًا حيث “سمحت لفئة مختارة من الكتَّاب الصحفيين بالكتابة عن المواضيع الحساسة”(37). ويمكن تفسير نتائج تحليل مكونات الصورة الإسرائيلية وأبعادها من خلال الفئات الآتية:
- القضية الفلسطينية: احتل هذا الاتجاه المرتبة الأولى من اهتمامات مقالات قادة الرأي السعودي بصورة إسرائيل؛ إذ تكرر 41 مرة وبنسبة بلغت 38.68% من إجمالي الأفكار الواردة في مقالات الرأي. ويمكن تفسير اهتمام قادة الرأي السعودي بالتعامل مع صورة إسرائيل في مخيالهم السياسي انطلاقًا من كون “القضية الفلسطينية، هي القضية الأولى لدى العرب، وأنها ستظل كذلك حتى تعود الحقوق الفلسطينية إلى الفلسطينيين ويعم الأمن والسلام في المنطقة”(38). كذلك، فإن اهتمام قادة الرأي السعودي بالقضية الفلسطينية يفسره اعتماد جماعات الإسلام السياسي في الوطن العربي للقضية عامل تجييش للشارع العربي ضد حكوماته؛ حيث بات استغلال القضية محور نشاط الأحزاب والجماعات السياسية الدينية. ولهذا، كان تركيز قادة الرأي السعودي فيما يتعلق بتلك القضية بالقول: “لا أحد في هذا العالم أحق بالدفاع عن القضية الفلسطينية من الفلسطينيين أنفسهم، ودورنا كعرب ينحصر في مساندتهم ودعمهم”(39). وقد ركزت بعض تغريدات قادة الرأي السعودي على تويتر في تناولها للقضية الفلسطينية على المصالحة مع إسرائيل؛ حيث كتب الدكتور أحمد الجميعة يقول: “لا خيار أمام العرب سوى المصالحة مع إسرائيل وتوقيع اتفاقية سلام شاملة معها، والتفرغ لمواجهة المشروع الإيراني في المنطقة؛ لأن إيران تحتل أربع عواصم عربية وثلاث جزر إماراتية، بينما إسرائيل تحتل عاصمة عربية واحدة”(40). وفي تغريدة ثانية في نفس اليوم، كتب الجميعة “على العرب أن يدركوا أن إيران أخطر عليهم من إسرائيل، وتحديدًا الأيديولوجيا التي تحملها في طريق التمدد والهيمنة والنفوذ. قمة الظهران لن تخرج إلا بقرار تاريخي: السلام مع إسرائيل ومواجهة مشروع إيران الطائفي”(41).
- علاقة إسرائيل بإيران: احتل هذا الاتجاه المرتبة الثانية من اهتمامات مقالات قادة الرأي السعودي بصورة إسرائيل؛ حيث بلغ تكراره 25 مرة وبنسبة وصلت 23.59% من إجمالي الأفكار الواردة في مقالات الرأي. ويمكن تفسير اهتمام قادة الرأي السعودي بالتعامل مع صورة إسرائيل في مخيالهم السياسي انطلاقًا من كون “أن التمركز على حدود إسرائيل ضمانة قوية لعدم شن الجيش الإسرائيلي ضربات جوية مفاجئة ضد إيران، وهي الاستراتيجية التي تحاول إسرائيل التعامل معها عبر إضعاف قدرات الأذرع الإيرانية على المساس بأمن إسرائيل أولًا بأول”(42).
ولفهم بعض عناصر العلاقات الإيرانية-الإسرائيلية، ركز قادة الرأي السعودي على أن مؤشرات التصعيد بين إيران وإسرائيل دفعت البعض إلى طرح فرضية اندلاع مواجهة عسكرية بين إيران وإسرائيل، “في جهل واضح بمحددات البيئة الاستراتيجية الإقليمية في المنطقة وعدم ضبط لحقيقة العلاقة التاريخية والشراكة الاستراتيجية بين إيران وإسرائيل، دفعت أرييل شارون إلى حدِّ القول: إن إيران لا تشكِّل خطرًا على إسرائيل على المدى البعيد”(43). وقد فسر قادة الرأي السعودي الدعم الإيراني لفصائل المقاومة الفلسطينية بأنها استراتيجية إيرانية لاستخدام تلك الفصائل كحاجز صد لإلهاء إسرائيل ومنع تحركاتها تجاه طهران بهدف إيقاف تسلحها العابر للقارات من أجل الوصول إلى السلاح النووي، وإيقاف التمدد الإيراني وتأثيرها السياسي في العمق العربي.
- تشويه صورة الدول العربية: احتل هذا الاتجاه المرتبة الثالثة من اهتمامات مقالات قادة الرأي السعودي بصورة إسرائيل؛ حيث حصل على تكرار بلغ 16 مرة، وبنسبة بلغت 15.09% من إجمالي الأفكار الواردة في مقالات الرأي. ويمكن تفسير ذلك بأن المخيال السياسي لصورة إسرائيل عند قادة الرأي السعودي كان متأثرًا بـ”نموذجين عالميين مزيفيْن من الصورة الإعلامية: نموذجين متضادين بامتياز، رسمتهما يد واحدة، يد داهية في تخطيطها وتنفيذها، يواجهها في المقابل تخاذل اليد الثانية عن الرد، فكنَّا أمام تدهور وتألق: تدهور الصورة الإعلامية للعرب وتألق الصورة الإعلامية لإسرائيل”(44).
إن قادة الرأي السعودي اتفقوا على أن أهم أسباب الفشل العربي في التخطيط الاستراتيجي غياب المعلومة والمعرفة الحقيقية بطبيعة أي صراع؛ لأن “نجاح أي استراتيجية حربية عادة يقاس بمجالين: الأول يقاس بعدد الخسائر في الأرواح والمعدات، وتتضح بذلك الخسارة وفداحتها أو الانتصار وعرضه. والمجال الآخر الذي يبدو فيه فشل الاستراتيجية واضحًا هو المجال الاقتصادي، الذي يقاس بحجم الثروة المالية”(45). وقد كرست بعض تغريدات قادة الرأي السعودي تشويه صورة بعض الأنظمة السياسية في الدول العربية بالقول: “كانت السياسة عند بعض العرب مستوحاة من فلسفة الديك، التي تقوم على صياح لا يتوقف، وزهو غير مسبوق، ومشي خيلاء وكبرياء لا يُقارن، وقتل وقمع مستمر لشعبه المغلوب على أمره”(46). وفي تغريدة أخرى لنفس الكاتب، يجري انتقاد النظام السياسي المصري زمن الرئيس عبد الناصر بالقول: “من كوارث الحقبة الناصرية أن غرست الأحادية في العقول، ثم أسست لمفاهيم العداء والإقصاء للآخرين، كعقيدة سياسية تقوم على الخوف والشك والاستبداد…”(47).
- الرؤية السعودية للسلام مع إسرائيل: احتل هذا الاتجاه المرتبة الرابعة من اهتمامات مقالات قادة الرأي السعودي بصورة إسرائيل؛ حيث حصل على تكرار بلغ 11 مرة، وبنسبة مئوية بلغت 10.38% من إجمالي الأفكار الواردة في مقالات الرأي. ويمكن تفسير ذلك من خلال أن قادة الرأي السعودي يركزون على “أن يكون الخطاب تجاه القضية العربية مدنيًّا وحقوقيًّا وعالميًّا، وليس دينيًّا، فالقبيلة العبرانية وأذنابها يستغلون النصوص الدينية وبعض المرويات التاريخية غير المثبتة، وبعض الأساطير القديمة لتبرير القتل المنهجي والتهجير والنفي لأصحاب الأرض تحت حجة الوعد الإلهي المقدس، وهو ما يخالف أبجديات الحقوق الطبيعية للبشر”(48). ويمكن الاستنتاج بأن قادة الرأي السعودي قد أخفقوا في تقديم رؤية سعودية للسلام مع إسرائيل عبر مقالاتهم التي نشروها في الصحافة السعودية في ظل “حرب البدائل التي ترصد لها إسرائيل سنويًّا مبلغًا يتراوح بين 110 و135 مليون دولار، حيث يعمل الإسرائيليون بجهد واضح عبر مواقع التواصل الاجتماعي لفرق خاصة جرى تدريبها بشكل جيد، ليثيروا النعرات والغرائز وطرح الإشكاليات التي من شأنها أن تزيد من الشرخ في الصف العربي، كما تفنَّنوا في زرع الشكوك والحساسيات وخوض حرب نفسية مبرمجة ضد العرب”(49).
- متابعة نشاطات المنظمات الإرهابية: احتل هذا الاتجاه المرتبة الخامسة من اهتمامات مقالات قادة الرأي السعودي بصورة إسرائيل؛ حيث حصل على تكرار بلغ 9 مرات وبنسبة بلغت 8.49% من إجمالي الأفكار الواردة في مقالات الرأي. لقد اهتم قادة الرأي السعودي من خلال مقالاتهم المنشورة في أهم صحيفتين سعوديتين خلال عام 2018 بمتابعة نشاط ما يسمونه “المنظمات الإرهابية” المعادية لإسرائيل، ومن أهمها: نشاط فيلق القدس في كل من سوريا ولبنان والعراق وكذلك نشاط حركة حماس التي يرون أنها: “رهنت القضية للعبة المصالح الخارجية فتركت المتظاهرين العزل على حدود القطاع يواجهون العنجهية الإسرائيلية دون أن تطلق رصاصة واحدة لدعم انتفاضتهم”، كما تابع هؤلاء القادة نشاط الحوثيين الذين “ينادون ليل نهار: “الموت لإسرائيل” فيما كان هذا الموت حصرًا على اليمنيين الذين وقفوا بحزم ضد التمدد الفارسي في بلادهم”(50).
ويظهر من خلال الوثائق والتقارير ما يخالف موقف قادة الرأي السعودي بشأن الجهات التي تدعم نشاط المنظمات الإرهابية؛ ففي تحقيق استقصائي للصحفية البلغارية، داليانا غايتاندزييفا، كشف أن السعودية كان لها الدور الأكبر في تمويل المنظمات الإرهابية، وكذلك الشأن بالنسبة لبعض الدول الداعمة أيضًا كالإمارات العربية المتحدة وغيرها، في مصادر الأسلحة والمسارات المتبعة للوصول إلى المنظمات الإرهابية في سوريا. فعلى الرغم من كل الدعوات التي روجت سابقًا وتروج حاليًّا في وسائل الإعلام الداعية إلى تجفيف منابع الإرهاب وتشديد الخناق على مصادر تمويله وتسليحه والحرب عليه عبر تحالفات إعلامية صورية، لا تزال ثمة دلائل تتكشَّف لتضع أصحاب تلك الدعوات أنفسهم موضع المسألة والاتهام والتآمر على أمن المنطقة وأهلها، ولاسيما الدول التي تبجحت كثيرًا بمحاربة الإرهابيين، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها(51).
- التقارب الإسرائيلي-السعودي: احتل هذا الاتجاه المرتبة السادسة من اهتمامات مقالات قادة الرأي السعودي بصورة إسرائيل؛ إذ تكرر 4 مرات وبنسبة بلغت 3.77% من إجمالي الأفكار الواردة في مقالات الرأي. لقد كانت مقالات الرأي المنشورة في صحيفتي الرياض والجزيرة تركز بشكل واضح على نفي التقارب السعودي-الإسرائيلي على الرغم من “خروج أصوات كانت تمجد حق الدولة الصهيونية العنصرية في فلسطين، وتؤيد من خلال منظور ديني لحق الاستيلاء على الأرض العربية، وأن الصهاينة دعاة سلام، ووصل الأمر إلى تهنئتهم بأعيادهم التي كان ذكراها الدماء والقتل والتهجير للعرب الذين كانوا يسكنون الأرض لآلاف السنين، وتعرضوا لإبادات وتهجير متكرر إما من قبل الغزوات الصليبية أو الاستيطان اليهودي تحت ذريعة الحق المقدس”(52). كذلك ركز بعض مقالات الرأي بشكل صريح على نفي التقارب السعودي-الإسرائيلي بالقول: “إن المملكة ليس لها أي علاقات مع إسرائيل من أي نوع، وكل المقولات التي تردد أن ثمة علاقات سرية هي افتراض محض، ويكفيك أن تقرأ بيان الحكومة السعودية عن نقل السفارة إلى القدس لتعرف أن مواقفها هذه هي من ثوابتها التي لا تقبل التنازل عنها”(53).
ب- مكونات الصورة الإيرانية وخصائصها
جدول رقم (2) يبيِّن الفئات الرئيسة لمضامين المقالات المتعلقة بصورة إيران
المرتبة | الفئات الرئيسة لمضامين المقالات | التكرار | النسبة المئوية |
1 | دعم نشاط المنظمات الإرهابية | 188 | 47.59 % |
2 | الأوضاع الداخلية في إيران | 91 | 23.05% |
3 | الاتفاق النووي الإيراني | 71 | 17.98% |
4 | الأجندة السياسية الإيرانية | 21 | 5.31% |
5 | الموقف الغربي من إيران | 21 | 5.31 % |
6 | الموقف الخليجي من إيران | 3 | 0.76 % |
المجموع | 395 | 100% |
أكدت مقالات الرأي في صحيفتي العيِّنة (الرياض والجزيرة) خلال مدة الدراسة على خصوصية سمات الصورة الإيرانية ومكوناتها من خلال نتائج تحليل الفئات الآتية:
- دعم نشاط المنظمات الإرهابية: احتل هذا الاتجاه المرتبة الأولى من اهتمامات مقالات قادة الرأي السعودي بصورة إيران، وحصل على تكرار بلغ 188 مرة وبنسبة بلغت 47.59% من إجمالي الأفكار الواردة في مقالات الرأي. وقدَّم قادة الرأي السعودي صورة لإيران ذات النزعة الحربية التي “تقوم بحروب هجينة في كل من سوريا واليمن والعراق ولبنان، مستعملة موارد عسكرية وغير عسكرية، حكومية وغير حكومية، وهي طرق خطيرة تُقَوِّض أمن البلدان وتؤثر بدرجة كبيرة على تلاحم المجتمعات؛ لأنها تجيش الطوائف وتصل إلى المبتغى بطرق ملتوية، وفي بعض الأحيان بطرق غير مرئية، كما أنها تستعمل أدوات لم تألفها الحروب التقليدية الطبيعية”(54). وقد ركزت مقالات قادة الرأي السعودي على رسم صورة سلبية لإيران في الصحافة السعودية من خلال دعمها للمنظمات الإرهابية، ومسؤوليتها عن تنظيم العمليات الإرهابية الخارجية ورغبتها في زعزعة استقرار الدول والشعوب العربية إما مباشرة أو عن طريق وكلائها؛ “فبعد تدخل إيران في اليمن، نجح النظام الإيراني في الوصول إلى باب المندب، واستغلال جماعة الحوثي (ذراعه الإرهابية)؛ لاستهداف ناقلات النفط، وتهديد التجارة العالمية، والملاحة الدولية بشكل عام”(55). فضلًا عن “استمرار الإيرانيين في تغذية كل الصراعات في العراق واليمن ولبنان وسوريا، وهم يحاولون حاليًّا تدريب من يُسمَّون بالبوليساريو وتسليحهم لزرع الفتنة في المغرب”(56). وأظهرت بعض مقالات قادة الرأي السعودي صورة مفزعة لإيران بالقول: “إن إيران دولة احتلال يفوق خطرها خطر إسرائيل؛ لأنها تلبس لبوس الدين، وتتغلغل في مناطقنا بأسلوب الأفاعي عبر عملائها الذين تآمروا على أوطانهم، ممن ينتمون عرقًا وعقيدة إلى دولة المجوس”(57).
أما تغريدات قادة الرأي فكانت تدعم رسم صورة إعلامية سلبية لإيران من خلال وصف “إيران وحلفائها في الشرق الأوسط بنموذج سيء للنزعة الاستحواذية في المنطقة -نزعة مسكونة تاريخيًّا بتكوينات تراجيدية لا تلتئم مع مواقف العالم إلا بالسيطرة”(58). وقد حاول الدكتور شاهر النهاري أن يعزز الصورة الإعلامية السلبية لرجال الدين في إيران حينما أعاد تغريد جزء من مقالته المنشورة في صحيفة الرياض على حسابه في تويتر بالقول: “يقين عالمي بأن من يختبئ تحت العمامة ليس شيخًا ربانيًّا ولا طمأنينة وسلامًا مع النفس والمحيط، بل على العكس من ذلك، فأصبحت العمامة السوداء شعارًا يُستغل لتمرير الشرور والأحقاد، والمكيدة والكذب، والتمادي”(59).
- الأوضاع الداخلية في إيران: احتل هذا الاتجاه المرتبة الثانية من اهتمامات مقالات قادة الرأي السعودي بصورة إيران، وحصل على تكرار بلغ 91 مرة وبنسبة بلغت 23.05% من إجمالي الأفكار الواردة في المقالات المنشورة في صحف العينة. ويمكن تفسير اهتمام قادة الرأي السعودي بصورة إيران في مخيالهم السياسي انطلاقًا من التركيز على “معاناة المواطن الإيراني من سياسة النظام الإرهابية وانعكاسها على سوء اقتصاد بلاده وحياته وديكتاتوريته بحرمانه من أبسط حقوقه المشروعة وهدر أمواله التي بدلًا من أن تصرف على الداخل الإيراني وتنميته وتغذية اقتصاده بُدِّدت وأُحرِقت أموال هذا الشعب وأموال المنتمين والموالين لهذا النظام الإرهابي على الإرهاب ودعمه وتمويله وتهديد أمن واستقرار دول المنطقة”(60).
وركز قادة الرأي السعودي على تكريس الصورة الإعلامية السلبية لإيران من خلال تسليط الضوء على التناقضات الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الايراني بالقول: “إن المجتمع الإيراني يتكون من أعراق مختلفة، فهناك العرب، والبلوش، والأكراد، والتركمان، والأرمن، والأذار، والديلاك، واللور، والجيلاك، بالإضافة إلى الفرس، الذين يتربعون على المناصب المهمة والتجارة وقوى الأمن، مما أوجد تذمرًا من الأعراق الأخرى المهمشة، والتي لم تأخذ نصيبها وحقها في المشاركة الفعلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية”(61).
- الموقف من الاتفاق النووي الإيراني: احتل هذا الاتجاه المرتبة الثالثة من اهتمامات مقالات قادة الرأي السعودي بصورة إيران؛ إذ تكرر 71 مرة وبنسبة مئوية بلغت 17.98% من إجمالي الأفكار الواردة في مقالات الرأي. ويشير موقف قادة الرأي السعودي إلى أن هذا “الاتفاق لم يكن نموذجًا كما يُرَوِّج لذلك مسؤولو إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، فالهدف كان تحقيق ما زعموا أنه انتصار سياسي يحسب لأوباما بأي تكلفة استراتيجية، وقد وفَّر هذا الاتفاق لإيران الظروف المناسبة تمامًا لاتخاذ قرارات جاءت نتائجها وخيمة على الأمن والاستقرار الإقليمي”(62). وقد أظهرت بعض المقالات الموقف من الاتفاق النووي الايراني بالقول: “إن مشكلة إيران مع العالم ليست في برنامجها النووي الذي يجري الانسحاب الأميركي الأحادي منه وفق استراتيجية شاملة… ولكن المشكلة في سلوك إيران الذي لا يعكس الثقة والمصداقية والالتزام مع المجتمع الدولي، وتحديدًا مع إقليمها ومحيطها العربي”(63).
- الأجندة السياسية الإيرانية: احتل هذا الاتجاه المرتبة الرابعة من اهتمامات مقالات قادة الرأي السعودي بصورة إيران، وقد حصل على تكرار بلع 21 مرة وبنسبة بلغت 5.31% من إجمالي الأفكار الواردة في مقالات الرأي. ويمكن تفسير ذلك بأن “الأجندة السياسية الإيرانية لن تكسب سوى تنظيمات إرهابية ولدت أيديولوجيا الكراهية التي زرعتها في مساحات شاسعة من العالم، وقد آثر هذا النزوع رغبة جامحة في تأجيج الصراع في منطقة الشرق الأوسط”(64).
كذلك اعتبرت بعض مقالات الرأي أن “إيران غير جادة في محاربة إسرائيل وهي تستخدم شعار المقاومة وتحرير القدس كدعاية رخيصة لكسب سذاجة الشارع العربي من أجل الهيمنة على المنطقة”(65).
- الموقف الغربي من إيران: احتل هذا الاتجاه المرتبة الخامسة من اهتمامات مقالات قادة الرأي السعودي بصورة إيران؛ إذ تكرر 21 مرة وبنسبة بلغت 5.31% من إجمالي الأفكار الواردة في مقالات الرأي. ويمكن تفسير ذلك بأن أميركا وروسيا تعلمان علم اليقين “أن إيران في جعبتها مشروع خطير مؤداه السيطرة على العراق وسوريا ولبنان واليمن”. كذلك، فإن “روسيا وأميركا بينهما تفاهم لإبعاد إيران من على الأرض السورية القريبة من الدولة العبرية (مؤقتًا) كي لا تحدث حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران”(66).
- الموقف الخليجي من إيران: احتل هذا الاتجاه المرتبة الاخيرة من اهتمامات قادة الرأي السعودي، وتكرر 3 مرات وبنسبة مئوية بلغت 0.76% من إجمالي الأفكار الواردة في مقالات الرأي. ويمكن تفسير ذلك من خلال أن المخيال السياسي لقادة الرأي السعودي ركز على أن “دول مجلس التعاون الخليجي من أكبر المتضررين من التدخلات الإيرانية وأن منطقة الشرق الأوسط عامة ومنطقة الخليج العربي خاصة هي على فوهة بركان صنعه قادةُ إيران ويغذيه القطبان، روسيا وأميركا، وأن على دول الخليج امتلاك القوة كي لا يصبحوا بين مطرقة طهران وسندان إسرائيل ومن وراءهم”(67).
استنتاجات
حاول الباحث من خلال هذه الدراسة تحديد صورة إيران وإسرائيل في المخيال السياسي لقادة الرأي السعودي، وقد أظهر التحليل النتائج الآتية:
- ركزت مقالات قادة الرأي السعودي في رسم سمات وأبعاد صورة إسرائيل على أن العرب ليس لهم خيار سوى المصالحة مع إسرائيل وتوقيع اتفاقية سلام شاملة معها، والتفرغ لمواجهة المشروع الإيراني في المنطقة؛ لأن إيران أخطر على العرب من إسرائيل، وتحديدًا الأيديولوجيا التي تحملها وتُسَوِّغ لها التمدد والهيمنة والنفوذ.
- فسَّر قادة الرأي السعودي الدعم الإيراني لفصائل المقاومة الفلسطينية بأنها استراتيجية إيرانية لاستخدام تلك الفصائل كحاجز صد لإلهاء إسرائيل ومنع تحركاتها تجاه طهران بهدف إيقاف تسلحها العابر للقارات من أجل الوصول إلى السلاح النووي، وإيقاف التمدد الإيراني وتأثيره السياسي في العمق العربي.
- كان المخيال السياسي لصورة إسرائيل عند قادة الرأي السعودي متأثرًا بنموذجين عالميين مزيفين من الصورة: تدهور الصورة الإعلامية للعرب وتألق الصورة الإعلامية لإسرائيل.
- احتل اتجاه الرؤية السعودية للسلام مع إسرائيل المرتبة الرابعة من اهتمامات قادة الرأي السعودي بصورة إسرائيل، وركزوا على أن يكون الخطاب تجاه القضية العربية مدنيًّا وحقوقيًّا وعالميًّا، وليس دينيًّا، فالقبيلة العبرانية وأذنابها يستغلون النصوص الدينية وبعض المرويات التاريخية غير المثبتة، وبعض الأساطير القديمة لتبرير القتل المنهجي والتهجير والنفي لأصحاب الأرض تحت حجة الوعد الإلهي المقدس.
- ركزت مقالات الرأي المنشورة في صحيفتي العينة على متابعة ما تسميه نشاط “المنظمات الإرهابية المعادية لإسرائيل”، ومن أهمها: فيلق القدس في كل من سوريا ولبنان والعراق، وكذلك نشاط حزب الله اللبناني، وحركة حماس، وحركة أنصار الله الحوثي التي لم تطلق رصاصة واحدة من أجل دعم الفلسطينيين.
- كشفت نتائج الدراسة أن صورة إسرائيل في المخيال السياسي لقادة الرأي السعودي خلال عام 2018 ركزت على نفي التقارب السعودي مع إسرائيل إلا أن بعض مقالات هؤلاء القادة أكدت وجود اتصالات بينهما على خلفية قضايا عدة، منها: المخاوف المشتركة من إيران واتباع استراتيجية مزدوجة لاحتواء النفوذ الإيراني، وإعادة تشكيل وتحديث المملكة ردًّا على اضطرابات الربيع العربي والتهديد الذي يشكِّله عنف المتشددين الإسلاميين.
- اهتم قادة الرأي السعودي بتقديم صورة سلبية لإيران التي تقوم بحروب هجينة في كل من سوريا واليمن والعراق ولبنان، مستعملة موارد عسكرية وغير عسكرية، حكومية وغير حكومية، وهي أساليب خطيرة تقوض أمن البلدان وتؤثر بدرجة كبيرة على تلاحم المجتمعات؛ لأنها تجيش الطوائف، كما أنها تستعمل أدوات لم تألفها الحروب التقليدية الطبيعية.
- اهتم قادة الرأي السعودي بصورة إيران انطلاقًا من التركيز على معاناة المواطن الإيراني من “سياسة النظام الإرهابية” وانعكاسها على سوء الأوضاع الاقتصادية وحرمانه من أبسط حقوقه المشروعة وهدر أمواله.
- أكدت نتائج الدراسة التحليلية موقف قادة الرأي السعودي من الاتفاق النووي الإيراني؛ إذ يرى أن مشكلة إيران مع العالم ليس في برنامجها النووي الذي جرى الانسحاب الأميركي الأحادي منه، ولكن المشكلة في سلوك إيران الذي لا يعكس الثقة والمصداقية والالتزام مع المجتمع الدولي، وتحديدًا مع إقليمها ومحيطها العربي.
- أكدت نتائج الدراسة أن الأجندة السياسية الإيرانية كانت تعمل في إطار دعم تنظيمات إرهابية ولدت أيديولوجيا الكراهية التي زرعتها في المحيط الاقليمي والعربي والدولي.
- ركز قادة الرأي السعودي على أن دول مجلس التعاون الخليجي من أكبر المتضررين من التدخلات الإيرانية وأن منطقة الشرق الأوسط عامة ومنطقة الخليج العربي خاصة على فوهة بركان يصنعه قادة إيران ويغذيه القطبان الروسي-الأميركي.
مراجع
(1) عبد الباقي، عيسى، الصحافة والإصلاح السياسي: دراسة في تحليل الخطاب، (دار العلوم للنشر والتوزيع، القاهرة، 2009)، ص7.
(2) أبو شباك، علي محمد، صورة إيران في الصحف العربية اليومية: دراسة تحليلية مقارنة، (رسالة ماجستير)، الجامعة الإسلامية في غزة، 2016، ص 3.
(3) المشهداني، سعد سلمان، مناهج البحث الاعلامي، (دار الكتاب الجامعي، الإمارات العربية المتحدة ولبنان، 2017)، ص ص.163 ـــــــ 164.
(4) ماتيوز، بوب وروس، ليز، الدليل العملي لمناهج البحث في العلوم الاجتماعية، ترجمة وتقديم محمد الجوهري، (المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2016)، ص 730.
(5) فاركلوف، نورمان، تحليل الخطاب: التحليل النصي في البحث الاجتماعي، ترجمة طلال وهبة، (المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2009)، ص 38.
(6) حسين، سمير محمد، دراسات في مناهج البحث العلمي: بحوث الإعلام، (عالم الكتب، القاهرة، 2006)، ط 4، ص 131-132.
(7) نصر، حسني محمد، نظريات الإعلام، (دار الكتاب الجامعي، الإمارات العربية المتحدة، 2015)، ص 265.
(8) الموسى، عصام سليمان، المدخل في الاتصال الجماهيري، (الثراء للنشر والتوزيع، الأردن، 2009)، ط 6، ص 203.
(9) المزاهرة، منال هلال، نظريات الاتصال، (دار المسيرة، الأردن، 2012)، ص215.
(10) البوسميط، عائشة سعد، صورة الإمارات العربية المتحدة كما تعكسها البرامج الثقافية المحلية في القنوات الفضائية الوطنية، (رسالة ماجستير)، جامعة القاهرة، 1999، ص 83.
(11) من الجدير بالملاحظة أن صفحة “آراء” في الجزيرة السعودية تأخذ حيز الصفحة 14 و15 من الصحيفة.
(12) من الجدير بالملاحظة أن صفحة “حروف وأفكار” في صحيفة الرياض تأخذ حيز الصفحة 18 و19 و20 من الصحيفة.
(13) المشهداني، مناهج البحث الإعلامي، مرجع سابق، ص 124-125.
(14) عبد الحميد، محمد، البحث العلمي في الدراسات الإعلامية، (عالم الكتب، القاهرة، 2015)، ط 5، ص 626-627.
(15) زغيب، شيماء ذو الفقار، مناهج البحث والاستخدامات الإحصائية في الدراسات الإعلامية، (الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2009)، ص 80.
(16) المشهداني، مناهج البحث الإعلامي، مرجع سابق، ص 130.
(17) زغيب، مناهج البحث والاستخدامات الإحصائية في الدراسات الإعلامية، مرجع سابق، ص 159.
(18) بال، فرنسيس، مدخل إلى وسائل الاعلام، ترجمة عادل بوراوي، (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 1996)، ص 56.
(19) عجوة، علي، العلاقات العامة والصورة الذهنية، (عالم الكتب، القاهرة، 2005)، ط 2، ص11.
(20) ماكويل، دنيس، الإعلام وتأثيراته: دراسات في بناء النظرية الإعلامية، ترجمة عثمان العربي، (دار الشبل للطباعة والنشر والتوزيع، الرياض، 1992)، ص 123.
(21) جونز، ماري وفلاكسمان، لاري، حروب العقل: تاريخ سيطرة الحكومات والإعلام والجمعيات السرية على العقل ومراقبته وإدارة شؤون الناس، (العبيكان للنشر، الرياض، 2017)، ص214.
(22) إسماعيل، محمد حسام الدين، العولمة وصورة الإسلام في الإعلام الدولي، (الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2014)، ط 2، ص 99.
(23) المرجع السابق، ص 99.
(24) الشلقاني، نشوى حسنين، دور قناة النيل الدولية في تشكيل صورة ذهنية عن مصر والمصريين لدى الأجانب المقيمين: دراسة مسحية، (أطروحة دكتوراه)، جامعة القاهرة، 2000، ص 22.
(25) عزي، عبد الرحمن، “الرأسمال الرمزي الجديد: قراءة في هوية وسوسيولوجية الفضائيات في المنطقة العربية”، في: ثورة الصورة: المشهد الإعلامي وفضاء الواقع، (مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2008)، ص 119.
(26) محمد، آمال كمال، صورة العراق في التغطية الصحفية العربية والغربية في التسعينات: دراسة مقارنة، (أطروحة دكتوراه)، جامعة القاهرة ،2001، ص 64-65.
(27) المشهداني، سعد سلمان، صورة العراق في مقالات الصحف الأميركية بعد عام 2003، (دار دجلة ناشرون وموزعون، عمان، 2016)، ص 115.
(28) ندا، أيمن منصور، الصور الإعلامية والقرارات السياسية، (المجلة المصرية لبحوث الرأي العام، العدد 2، أبريل/نيسان، يونيو/حزيران 2001)، ص 262.
(29) بدر، حنان عبد الفتاح، صورة مصر والمصريين في الصحافة الألمانية: دراسة للمضمون والقائم بالاتصال، (رسالة ماجستير)، جامعة القاهرة، 2005، ص63.
(30) عجوة، علي، العلاقات العامة والصورة الذهنية، مرجع سابق، ص 185.
(31) ندا، الصورة الذهنية والإعلامية، مرجع سابق، ص29.
(32) ناصر، عبد الجبار، ثقافة الصورة في وسائل الاعلام، (الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2011)، ص 102-103.
(33) عبد المغيث، أشرف أحمد، دور الإعلام في تكوين الصورة الذهنية للعالم الثالث لدى الشباب المصري: دراسة تحليلية ميدانية، (رسالة ماجستير)، جامعة القاهرة، 1993، ص 79.
(34) الصائح، عبد الحميد، الإعلام وتشكيل الرأي العام: حدود الحرية والمسؤولية، (الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2017)، ص 111.
(35) البياتي، ياس خضير، الإعلام الجديد: الدولة الافتراضية الجديدة، (دار البداية ناشرون وموزعون، عمان، 2013)، ص 405.
(36) القحطاني، سهام، “العرب وإسرائيل.. التطبيع من أجل الخلاص”، الجزيرة، 27 أغسطس/آب 2016، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.al-jazirah.com/2016/20160827/cm29.htm
(37) ويكيبيديا، الإعلام في السعودية، 2017، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9
(38) البشر، محمد بن عبد الرحمن، “قمة القدس”، الجزيرة، 20 أبريل/نيسان 2018، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.al-jazirah.com/2018/20180420/ar5.htm
(39) الطميحي، محمد، “لمن سرق القضية”، الرياض، 20 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.alriyadh.com/1682644
(40) الجميعة، أحمد، “قمة الظهران.. سلام مع إسرائيل ومواجهة إيران”، الرياض، 14 أبريل/نيسان 2018، (تاريخ الدخول: 2 يونيو /حزيران 2018):
https://twitter.com/aljumaiahe?lang=ar
(41) الجميعة، أحمد، “مقال اليوم”، 14 أبريل/نيسان 2018، (تاريخ الدخول: 2 يونيو/حزيران 2018):
https://twitter.com/aljumaiahe?lang=ar
(42) الكتبي، سالم، “إسرائيل ومفرخة الملالي”، الجزيرة، 23 فبراير/شباط 2018، (تاريخ الدخول: 2 يونيو/حزيران 2018):
http://www.al-jazirah.com/2018/20180223/ar2.htm
(43) الصنايبي، عبد الحق، “إيران وإسرائيل.. وحروب البلايستيشن”، الرياض، 15 فبراير/شباط 2018، (تاريخ الدخول: 2 يونيو/حزيران 2018):
http://www.alriyadh.com/1661973
(44) الشعراني، ربى ناصر، نفوذ الإعلام في العالم العربي: قراءات في علم نفس الاتصال والإعلام، (دار النهضة العربية، بيروت، 2017)، ص 213.
(45) آل الشيخ، زياد، “لماذا تفشل الاستراتيجيات أحيانًا؟”، الرياض، 8 يونيو/حزيران 2018، (تاريخ الدخول: 10 يونيو/حزيران 2018):
http://www.alriyadh.com/1691482
(46) السماري، عبد العزيز، “مقال اليوم”، تويتر، 26 فبراير/شباط 2018، (تاريخ الدخول: 10 يونيو/حزيران 2018):
https://twitter.com/azsemari?lang=ar
(47) السماري، عبد العزيز، “مقال اليوم”، تويتر، 11 يونيو/حزيران 2018، (تاريخ الدخول: 22 يونيو/حزيران 2018):
https://twitter.com/azsemari?lang=ar
(48) السماري، عبد العزيز، “صهاينة العرب من منظور ثقافي”، الجزيرة، 23 أبريل/نيسان 2018، (تاريخ الدخول: 22 يونيو/حزيران 2018):
http://www.al-jazirah.com/2018/20180423/ar5.htm
(49) نصر الله، رفيق، ميديا الحرب الناعمة: فن السطوة على الرأي العام، (بيسان للنشر والتوزيع، بيروت، 2017)، ص 95.
(50) الطميحي، محمد، “لمن سرق القضية”، الرياض، 20 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 20 يونيو/حزيران 2018):
http://www.alriyadh.com/1682644
(51) عبود، طارق، الشرق الأوسط وخرائط الدم: دور الولايات المتحدة في صناعة الإرهاب، (دار الفارابي، بيروت، 2018)، ص 555-556.
(52) السماري، “صهاينة العرب من منظور ثقافي”، مرجع سابق.
(53) آل الشيخ، محمد، “عن نقل السفارة الأميركية إلى القدس”، الجزيرة، 8 يناير/ كانون الثاني 2018، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.al-jazirah.com/2017/20171208/lp4.htm
(54) عزوزي، عبد الحق، “عن الجيل الخامس من الحروب”، الجزيرة، 24 مارس/آذار 2018، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.al-jazirah.com/2018/20180324/ar6.htm
(55) البوعينين، فضل بن سعد، “الإرهاب الإيراني وتهديد الملاحة الدولية”، الجزيرة، 5 أبريل/نيسان 2018، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.al-jazirah.com/2018/20180405/ec5.htm
(56) عزوزي، عبد الحق، “الإرهاب الإيراني والاستباق الدولي”، الجزيرة، 19 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.al-jazirah.com/2018/20180519/ar6.htm
(57) القنيعير، حسناء، “نحن والملالي والمتخاذلون”، الرياض، 13 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 20 يونيو/حزيران 2018):
http://www.alriyadh.com/1681045
(58) الشريف، مها محمد، “تغريدة”، 22 أبريل/نيسان 2018، (تاريخ الدخول: 6 يونيو/حزيران 2018):
https://twitter.com/azsemari?lang=ar
(59) النهاري، شاهر، “استغلال العمائم السود”، 8 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 30 مايو/أيار 2018):
https://twitter.com/shaheralnahari?lang=ar
(60) الملحم، بينة، “هل يفعلها الإيرانيون؟”، الرياض، 1يناير/ كانون الثاني 2018، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.alriyadh.com/1650891
(61) البشر، محمد بن عبد الرحمن، “إيران في الداخل والخارج”، الجزيرة، 27 أبريل/نيسان 2018، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.al-jazirah.com/2018/20180427/ar5.htm
(62) الكتبي، سالم، “ما بعد الاتفاق النووي الإيراني”، الجزيرة، 13 أبريل/نيسان 2018، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.al-jazirah.com/2018/20180413/ar2.htm
(63) الجميعة، أحمد، “النووي الإيراني.. وتداعياته!”، الرياض، 5 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 6 يونيو/حزيران 2018):
http://www.alriyadh.com/1679442
(64) الشريف، مها محمد، “الأحقاد المتأججة قريبًا ستتوقف”، الجزيرة، 27 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.al-jazirah.com/2018/20180527/du1.htm
(65) السعدي، عبد الهادي، “تراجع المشروع الإيراني”، الرياض، 15 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 22 يونيو/حزيران 2018):
http://www.alriyadh.com/1681549
(66) الجهني، عيد بن مسعود، “هل بدأ العد التنازلي لحرب كونية ثالثة؟”، الجزيرة، 3 يونيو/حزيران 2018، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.al-jazirah.com/2018/20180603/ar6.htm
(67) اللحيدان، حمد، “دعم الربيع الإيراني يحتاج إلى الاستعداد والحذر”، الرياض، 5 يناير/كانون الثاني 2018، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2018):
http://www.alriyadh.com/1652019