ملخص:
تقوم الدراسة بمراجعة نقدية لنظرية ترتيب الأجندة في سياق البيئة الرقمية الشبكية، وهي تنتمي إلى البحوث النظرية/الأساسية، ويهدف هذا النوع من البحوث إلى تحقيق الفهم وتوسيع دائرة المعرفة إسهامًا في تأصيل بعض المفاهيم أو النظريات. وتفترض الدراسة أن بيئة الاتصال الرقمية كان لها تأثير عميق في مرتكزات نظرية ترتيب الأجندة، من أهمها زعزعة احتكار وسائل الإعلام التقليدية لعملية ترتيب الأجندة، وهو ما أدى إلى زيادة مساهمة الجمهور في عمليات بناء الأجندة وممارسة دور حراسة البوابة الإعلامية.
كلمات مفتاحية: مراجعة نقدية، نظرية ترتيب الأجندة، البيئة الرقمية، البحوث النظرية الأساسية.
Abstract:
In this study, the researcher carries out a critical review of the theory of agenda setting in the context of the networked digital environment. As a fundamental or theoretical study, it aims to achieve understanding as a contribution to rooting certain concepts or theories. The study presupposes that the digital communication environment had a profound impact on the foundations of the agenda setting theory and its mechanisms. The most prominent of which is that the monopoly of traditional media of the agenda-setting process has been undermined, causing increased public participation in the process of agenda building and the practice of media gatekeeping.
Keywords: Critical Review, Agenda-Setting, Digital Environment, Fundamental Study.
مقدمة
كيف يبني الجمهور تصوراته حول مسألة محددة أو حدث معين؟ هل انتهى دور وسائل الإعلام الجماهيرية في بناء أجندة الجمهور أمام صعود وسائل الإعلام الرقمية؟ وهل بقيت آليات ترتيب الأجندة كما كانت معروفة في السابق بعد أن بتنا نعيش في بيئة اتصال رقمية شبكية الاتصال ذات خصائص وقدرات هائلة أثَّرت تأثيرًا عميقًا في مختلف عمليات الاتصال والإعلام وفي بعض منطلقاتها ونماذجها النظرية؟
هذه الأسئلة وغيرها تدفعنا لمراجعة نظرية ترتيب الأجندة (Agenda Setting Theory) وما تعرضت له من تأثير في ضوء نشوء بيئة اتصال جديدة هي ما نختصره هنا بالبيئة الرقمية؛ لأنها تقوم على التكنولوجيا الرقمية ذات القدرات الهائلة خلافًا للبيئة السابقة التي اعتمدت على الأنظمة التناظرية.
وتقوم نظرية الأجندة على قاعدة مفادها أن جميع الأخبار والمعلومات والصور التي تبثها وسائل الإعلام ما هي إلا حصيلة عملية تأليفية بين اهتمامات الجمهور وبين سياسات وسائل الإعلام، وحيث يتطلع الجمهور إلى تلقي الأخبار والمعلومات والصور التي تتصل بحياته واهتماماته وشؤونه المختلفة، تؤثر وسائل الإعلام في الجمهور من حيث تقدير أهمية الأحداث والقضايا الجارية في المستوى الأول ثم صناعة الأطر التي تحدِّد للجمهور السياق المرغوب للأحداث في المستوى الثاني، ثم تنتهي إلى المستوى الشبكي الذي يعني الربط بين مختلف العناصر المعرفية والتصورية التي تنتج عن مختلف المنابر الإعلامية.
وتستعرض الدراسة بأسلوب نقدي تحليلي الأدب النظري لبحوث نظرية الأجندة وما يتصل بها، وتهتم بمناقشة التحولات النظرية في آليات ترتيب الأجندة في البيئة الرقمية الشبكية وفق أربعة محاور رئيسة، قبل أن تنتهي إلى خاتمة الدراسة.
- الإطار المنهجي للدراسة
يتضمن الإطار المنهجي إشكالية الدراسة وأسئلتها وأهميتها وأهدافها والمنهج الذي استخدمه الباحث في مقاربة أبعاد المشكلة البحثية كما يلي:
أ- إشكالية الدراسة
إذا كان معظم النظريات السابقة برز وتبلور في ظل البيئة الإعلامية التقليدية التي امتازت بسطوة المنظمات الإعلامية ذات الاتصال الهرمي؛ وكانت هذه النظريات صالحة لتأطير تلك العمليات، فنحن الآن بصدد بيئة إعلامية واتصالية -مغايرة إلى حدٍّ كبير- تقوم على التكنولوجيا الرقمية وعلى الشبكات، ومن ثم يمكن الافتراض أن تحولات البيئة الإعلامية والاتصالية أثَّرت بشكل ما في المنطلقات النظرية لترتيب الأجندة وفرضياتها، ويمكن التعبير عن إشكالية الدراسة بالسؤال الرئيس الآتي:
– ما تأثير البيئة الإعلامية الرقمية الشبكية في مرتكزات نظرية ترتيب الأجندة وفرضياتها؟
ب- أهمية الدراسة
تكتسب الدراسة أهميتها من أهمية نظرية الأجندة التي تُعَدُّ من أكثر العمليات تأثيرًا في بناء الاتجاهات والتأثير على الأنشطة السياسية والاقتصادية بوجه خاص، وعلى المجال العام بوجه عام. وحسب بعض الباحثين، فإن نظرية الأجندة تعتبر من أهم النظريات إن لم تكن أهمها؛ لأنها تمتاز بالمرونة وقابلية التطور ولعلاقتها الوثيقة بنظريات أخرى((1.
وتزداد أهمية الدراسة في ضوء ما استجد من تطورات تكنولوجية واتصالية وثقافية أثَّرت بدورها على نظرية ترتيب الأجندة؛ ما يستدعي مراجعتها وكشف الجوانب التي تأثرت بفعل البيئة الرقمية التي اجتاحت مجالات الاتصال والإعلام بجميع عناصرها.
ج- أهداف الدراسة
تحاول الدراسة الإجابة على السؤال الرئيس من خلال مناقشة الأهداف/المحاور الآتية:
– التعرف على تأثير البيئة الرقمية الشبكية في جمهور وسائل الإعلام وانعكاسات ذلك على ترتيب الأجندة.
– مناقشة أهم المفاهيم ذات العلاقة بترتيب الأجندة التي تعرضت لتحولات البيئة الرقمية.
– تحديد الاتجاهات البحثية المستجدة في ترتيب الأجندة.
د- منهج الدراسة
تستخدم الدراسة المنهج النظري/الأساسي (Basic Method)، وهو المنهج الذي يقوم على جمع المعلومات من خلال البحوث والدراسات السابقة وتصنيفها وتحليلها بأسلوب نقدي من خلال الاستدلال والقياس وغيره من الأساليب التحليلية. والدراسات النظرية لا تهدف إلى تقديم نتائج تطبيقية جديدة أو إيجاد اختراع جديد بقدر ما تهدف إلى الفهم(2( وتوسيع دائرة المعرفة بشأن الظواهر العلمية المختلفة.
- الأدب النظري وصيرورة المقاربات
1.2. نظرية ترتيب الأجندة أو ترتيب الأولويات: بداياتها ومراحل تطورها
أولًا: نشوء نظرية ترتيب الأجندة
تعزو الأدبيات الأولى نشوء نظرية ترتيب الأولويات أو الأجندة إلى عدد من الرواد الغربيين، وفي مقدمتهم والتر ليبمان (Walter Lippmann) الذي أصدر كتابًا مهمًّا بعنوان “الرأي العام” (1922) يناقش فيه دور وسائل الإعلام كوسيط بين الواقع والجمهور. وكان ليبمان يرى أن الرأي العام ما هو إلا رد فعل على ما نراه في محتوى وسائل الإعلام أو صورة له، وهو ليس بالضرورة انعكاسًا للواقع(3). وقد عَنْوَن الفصل الافتتاحي لهذا الكتاب بعبارة “العالم في الخارج والصورة في رؤوسنا”، وهي المقولة التي منها انبثقت فكرة “ترتيب الأجندة” وتعني أن وسائل الإعلام لا تعكس الواقع الحقيقي، بل تقوم بتصويره وتشكيله(4).
وحسب ليبمان، فإن المحررين لا يمكنهم إضاءة جميع الأحداث في العالم، ولا يستطيع أي محرر أن يكون في أكثر من موقع في الوقت نفسه، فهم لا ينظرون في كرة كريستالية لرؤية العالم، والصحف لا تحاول -ولا تستطيع- إبقاء أعينها على كل البشر، لذلك فهي تعتمد على مراقبة محطات محددة، مثل بعض المؤسسات والهيئات السياسية والاقتصادية(5).
طُرق الموضوع بعد ذلك من قبل آخرين، منهم برنارد كوهن (Bernard Cohen)، في كتابه “الصحافة والسياسة الخارجية: 1963″(6)، وأشار فيه إلى “أن وسائل الاتصال الجماهيرية لا تنجح في معظم الوقت في تحديد ما يُفكِّر به الجمهور، ولكنها ناجحة بصفة مذهلة في تحديد ما ينبغي أن يُفكِّر فيه هذا الجمهور”(7).
هذا يعني أن ترتيب الأجندة الذي تفرضه وسائل الإعلام قد يُحدِّد ما يجب أن يشغل ذهن المرء، لكنه قد لا ينجح في توجيهه أو التأثير فيه كما أرادت وسائل الإعلام؛ ذلك أن منظومات أخرى تتدخل في عمليات التأثير هذه منها آليات الإدراك الانتقائي، إضافة إلى عمليات التوسط أو (التدفق على مرحلتين) وغير ذلك مما تناولته نظريات إعلامية أخرى وهو ما سنأتي على عرضه في هذه الدراسة.
ظلَّت أفكار وملاحظات النظرية في تطور مستمر إلى أن صُقِلَت في النصف الثاني من القرن الماضي بواسطة عدد من الدراسات كان الفضل فيها للثنائي، ماكسويل ماكومبس (Maxwell McCombs) ودونالد شو (Donald Shaw) وزملاء آخرين لماكومبس. وكان ماكومبس وشو قد اختبرا فرضيات النظرية في أبحاثهما حول أداء الأجندة أثناء الانتخابات الأميركية 1968، ونُشرت الدراسة في العام 1972، ومن خلال شراكة امتدت لأربعين عامًا نشر الباحثان عددًا من البحوث الأمبريقية التي تناولت جوانب مختلفة من النظرية وتطبيقاتها ليغدوا الأبوين المؤسسيْن للنظرية ومنهجها البحثي(8).
لقد تركز اهتمام بحوث الأجندة في بداية ظهورها حول تأثير أجندة وسائل الإعلام على أجندة الجمهور، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا الانتخابات والقضايا السياسية عمومًا. وهذا ما يمثِّل المستوى الأول من نظرية الأجندة، وانشغلت بحوث الأجندة آنذاك بفرضية أن وسائل الإعلام تفرض أجندتها الخاصة وتؤثر في بناء المعاني للجمهور أو على الأقل في تصنيف القضايا من حيث الأهمية النسبية.
ومنذ أن تم نشر دراسة ماكومبس وشو (1972) المعروفة بدراسة “تشابل هيل” (Chapel Hill) ظل الشأن السياسي من أهم الموضوعات والقضايا التي تلتصق بدراسات وبحوث الأجندة، وقد أشارت دراسة مسحية أُجريت على 512 بحثًا نشرت بين الأعوام 1972-2015 إلى أن الشأن السياسي حاز الاهتمام الأعلى بنسبة 26.8%، بينما توزعت باقي النسب على ثمانية مجالات موضوعية أخرى كالاقتصاد والصحة والشأن الاجتماعي والبيئة، وغير ذلك(9). ويعود هذا الارتباط بين ترتيب الأجندة وبين الشأن السياسي إلى فرضية أن الناس الذين يُبدون اهتمامًا كبيرًا بالأخبار السياسية سوف يبحثون بنشاط عن المعلومات والأخبار، مما قد يجعلهم أكثر عرضة لتأثير ترتيب الأجندة(10).
والواقع، أن بحوث النظرية لم تقتصر على الانتخابات والإعلام الإخباري؛ إذ استكشف العديد من الباحثين استمرار تأثير وضع الأجندة في مجموعة متنوعة من مواقف التواصل؛ وهذا ما يفسِّر أن نظرية ترتيب الأجندة لها قيمة نظرية قادرة على تجميع الظواهر الاجتماعية وتوليد أسئلة بحثية جديدة.
ثانيًا: مراحل تطور النظرية
لخص ماكسويل ماكومبس ولي غو (Lei Guo) تدرُّج اهتمام بحوث الأجندة ضمن ثلاث مراحل أو مستويات كالآتي(11):
– أولًا: عمل وسائل الإعلام في تركيز اهتمام الجمهور على عدد قليل من القضايا والموضوعات الرئيسة.
– ثانيًا: تقترح وسائل الإعلام في المستوى الثاني على الناس كيف يُفكِّرون في القضايا والموضوعات، وهو ما يُسهم في بناء تصورات محددة لجوانب الموضوعات والقضايا المطروحة. وهنا، تقوم هذه الوسائل ببناء مفهومها من السمات الأكثر بروزًا لجوانب هذه الموضوعات (الصور الذهنية والأطر).
– ثالثًا: وسائل الإعلام يمكن أن تؤثِّر في بناء صورة متكاملة لهذه السمات أو بناء الشبكة المعرفية للجمهور (The Associative Network Model).
بصيغة أخرى، فإن المستوى الثالث من الأجندة يقترح على متلقي الأخبار كيفية ربط الأخبار معًا. لذلك فهذا المستوى هو الذي يؤدي إلى صيغة الشبكة(12)، أي التأثير الناتج عن الاتصال الشبكي، وهو المستوى الذي بدأ يشهد توسعًا وازدهارًا واضحين إثر الواقع الاتصالي الجديد، أو ما دُرج على وصفه بالبيئة الاتصالية الجديدة، أو البيئة الرقمية، وسنعتمد في هذه الدراسة مصطلح البيئة الرقمية؛ لأن البيئة الاتصالية الجديدة لم تعد جديدة وقد انطلقت منذ حوالي ثلاثين عامًا مع انطلاق شبكة الإنترنت وتطور الويب إلى المستوى الذي نحن فيه الآن، بينما تظل الرقمية هي صلب هذا الواقع الاتصالي الشبكي.
إن واحدة من نقاط قوة نظرية الأجندة -مثلما يؤكد الثنائي، ماكومبس وغانم- خلال عشرات السنوات الماضية هو تكاملها مع عديد المفاهيم والنظريات، وقد أُدمجت في العديد من النظريات ومنها نظرية حراسة البوابة، وثمة تكامل مع نظرية دوامة الصمت (Spiral of Silence)، الخاصة بالرأي العام، وهي تشترك مع نظرية الأجندة بطريقة أو بأخرى في تفسيرات سيكولوجية فيما يتعلق بالظواهر الإنسانية(13).
غير أن نتائج البحث المسحي لكل من يوجين كيم (Yeojin Kim) وآخرين، أظهرت أن استخدام نظريات أخرى إلى جانب نظرية الأجندة كان في مقدمتها نظرية التأطير (Framing Theory) بنسبة 54.1%، ثم نظرية الفتيل (Priming Theory) وهي من صلب النظريات السيكولوجية، بينما جاءت نظرية حراسة البوابة (Gatekeeping theory) في الرتبة الخامسة بنسبة ضئيلة بلغت 2.6% فقط(14).
وباستثناء اهتمام دراسات الأجندة بنظرية “الأطر” فهي لم تُول الأهمية الكافية للعلاقة الواضحة مع نظريتي الأجندة وحراسة البوابة؛ فالخيط الرابط بينها واضح وثابت ويتمثَّل في أن النظريات الثلاثة هي النظريات الرئيسة المُؤَطِّرَة للقائم بالاتصال؛ فالقائم بالاتصال هو من يُرتِّب الأجندة، ويرسم الأطر الملائمة، وقبل ذلك هو من يقوم بدور حراسة البوابة من خلال التحكُّم في تدفق الأخبار والمعلومات والصور. وسنعاود مناقشة العلاقة الوثيقة بين نظرية ترتيب الأجندة وبين نظريتي حراسة البوابة الإعلامية والتأطير الإعلامي.
2.2. البيئة الاتصالية والإعلامية والتحولات السياسية في نظرية ترتيب الأولويات
أولًا: مفهوم البيئة الاتصالية والإعلامية
يُعَدُّ مفهوم البيئة الاتصالية (Communication Ecology) مفهومًا مستعارًا من علم البيئة (Ecology)، ومصطلح الإيكولوجي يشير إلى العلاقة بين الكائنات الحية وبيئاتها، ويحيل أيضًا على العلم الذي يدرُس تلك العلاقات. بالمقابل، فإن الإيكولوجي الاتصالية تشير إلى العلاقة بين نظم الاتصال والتواصل من جهة، والنُظم الاجتماعية التي تستخدمها وترتبط بها بعلاقة التأثير والتأثر، وهذا يعني أن النُظم الاتصالية تصبح متغيرًا فاعلًا وليس ساكنًا في المنظومات الاجتماعية الثقافية تمامًا كما هي الحال في البيئة الطبيعية التي تضع بصماتها الواضحة في الأنظمة الحيوية المختلفة.
وتضم البيئة الاتصالية جميع تكنولوجيا منظومة الاتصالات بين الناس، وبين الناس والأجهزة التكنولوجية الأخرى، أي إن هذه البيئة تتألَّف من مركَّبين أساسين يتبادلان التأثير، هما: منظومات المجتمع والمنظومات التكنولوجية المختلفة. وقد باتت كافة تلك التكنولوجيات اليوم تعتمد على التكنولوجيا الرقمية (Digitalism)، وهذه الأخيرة هي صلب تكنولوجيا الاتصال الحديثة وهي القفزة النوعية التي أدت إلى هذا التطور الكبير في نظم الاتصال والإعلام، وأكسبتها أهم ملامحها التي جعلتها تتفوق على التكنولوجيا السابقة التناظرية (Analog). وحسب دنيس ماكويل (Denis McQuail)، فإن الرقمنة أو الرقمية هي أكثر الوجوه أو المظاهر الأساس في تكنولوجيا المعلومات والاتصال(15).
على الأساس السابق، تُعَدُّ البيئة الإعلامية نظامًا فرعيًّا ضمن البيئة الاتصالية الأوسع، فالبيئة الإعلامية تبدو في “الملامح والسمات الخاصة بالمكان وسكانه من الناس ذات الصلة بالأداء الإعلامي التي تقررها مجموعة المحددات والعناصر الكامنة أو الناتجة عن أربعة أبعاد رئيسة، هي: بُعد تكنولوجيا الاتصال والإعلام، والبُعد السياسي، والبُعد الاقتصادي، والبُعد الاجتماعي”(16). ومن الصعب التقليل من أهمية أي من تلك الأبعاد لحساب الآخر، فكلها تشكِّل النظام البيئي للإعلام.
أما مفهوم الإعلام الرقمي أو (الإعلام الجديد) فهو جميع وسائل الإعلام التي تعتمد في عملها التكنولوجيا الرقمية التي تتيح أيضًا للجمهور/المستخدم التفاعل والاتصال بالاتجاه الآخر، بينما لا يمكن عَدُّ وسائل التواصل الاجتماعي التي يديرها الأفراد إعلامًا رغم أنه يمارس بعض مهمات الإعلام؛ يُسْتَثْنَى من ذلك مواقع التواصل الاجتماعي التي يقوم عليها مهنيون أو تلك التي تعمل كامتداد لمؤسسات إعلامية مهنية. وعليه، فإن هوية مواقع التواصل الاجتماعي يحددها القائم بالاتصال، فإما أن تكون إعلامية أو ترفيهية أو للتواصل الاجتماعي أو الترويج بشكل عام.
ثانيًا: ملامح التحولات في البيئة الرقمية
باتت ملامح التحولات في البيئة الرقمية للاتصال والإعلام ظاهرة للعيان في مستويات مختلفة؛ فعلى مستوى سلسلة الاتصال فإن الإعلام لم يعد ذلك الإعلام الهرمي البطريركي مثلما كان يوصف في البيئة السابقة؛ إذ أصبحت التشاركية في إنتاج المضامين الإعلامية ونشرها من أهم ديناميات هذه البيئة، وتتسع هذه التشاركية لتشمل جميع المواطنين الذي يمتلكون القدرة على النفاذ للإنترنت والتعبير عمَّا لديهم من أخبار وآراء وصور وضمن سقف الحريات المتاح من قبل النُظم السياسية.
وقد كان من نتائج التكنولوجيا الرقمية ما يُعرَف بظاهرة الاندماج (Convergence) بين الوسائط والوسائل الإعلامية المختلفة؛ فالوسائط باتت قادرة على حمل المضامين الإعلامية بأوعية مختلفة من فيديو وصور ونصوص وصوت ومؤثرات بصرية وصوتية، وهذه الوسائط قابلة للنشر بسهولة عبر مواقع الإنترنت لتقوم بذلك بدور إعلامي سريع الانتشار وقوي التأثير؛ لأنها تنتقل بين مجموعات الثقة مُمَثَّلَة في الأقارب والأصدقاء والزملاء، أما الاندماج مع وسائل الإعلام فقد بتنا نشهد منذ أكثر من عقدين أن العديد من وسائل الإعلام الجماهيرية أصبحت تعتمد على منصات وتطبيقات الإعلام الرقمي، فبعض الصحف والإذاعات باتت تنشر تقارير مصورة في مواقعها الإلكترونية، ومعظم الإذاعات والفضائيات باتت تعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقعها الإلكترونية.
كان من أبرز تجليات البيئة الرقمية أن الوسائط والوسائل الإعلامية أصبحت في علاقة تبادلية واضحة ومتشعبة إضافة لتوفيرها مسارات بديلة متعددة (Alternative Paths)، فخصائص الرقمية تتيح للرسالة التحول والتوظيف في أي وسيلة اتصال كالحواسيب والهواتف والتليفزيون والإذاعة والمواقع الإلكترونية والذاكرات الرقمية.
ويقتفي بعض الباحثين أثر مارشال ماكلوهان (Marshall McLuhan) في إيمانهم بحتمية التأثير العميق لتكنولوجيا الاتصال الجديدة على البنى الاجتماعية الثقافية. ومن هنا، استخدم العديد منهم تحليل الحتمية التكنولوجية، وحسب بريس وويليامز، سيصبح كل مستخدم وكل منتج وكل مستهلك لوسائل الإعلام قادرًا على نشر الآراء الفردية، والمنتجات، والقدرات الفنية(17)، وهذا هو صلب التشاركية في إنتاج المضامين الإعلامية، وهو ما يُعَدُّ تحولًا في ديناميات بناء الأجندة أيضًا.
يبرِّر الأكاديمي كمال حميدو الرؤية الحتمية بأن تكنولوجيا الاتصال الحديثة التي أصبحت بنية مركزية مَؤطِّرة للمجتمعات، بات يتولَّد عنها باقي البنى الفوقية، أي كل أشكال الإنتاجات اللامادية التي تقدمها المجتمعات (الدين، الفكر، الأخلاق والمثل، الفنون)(18).
وستظهر مشكلة أخرى تتعلق بالفروق بين البيئات المختلفة؛ إذ أصبحنا أمام صنفين من مجتمعات تكنولوجيا الاتصال الرقمية، فثمة بلدان منتجة ومستهلكة في الآن نفسه، مقابل مجتمعات أخرى ما زالت في طور الاستهلاك وليس من المتوقع في المدى المنظور ردم هذه الفجوة؛ بل إن الفجوة في اتساع دائم، مع ذلك هناك من يرى أن الاستخدام وحده يمكن أن يضيِّق الفجوة؛ إذ يرى دارن بارني مثلًا أن عبارة المجتمع الشبكي تنطبق على المجتمعات التي تظهر فيها خصيصتان أساسيتان: إحداهما: وجود تقانة معقدة (رقمية على وجه التحديد) في هذه المجتمعات. والثانية تتمثَّل في إعادة إنتاج الشبكة ومَأْسَسَتِها في كل مكان من المجتمعات الشبكية (وبينها)، باعتبارها الأساس للتنظيمات والعلاقات الإنسانية(19). والواقع أن مجتمعات العالم الثالث نفسها تسير في الاتجاه الذي يحدده بارني وإن بدرجات ومستويات مختلفة، ومن المفترض أن يفضي ذلك إلى أفق جديد، إن كان سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو ثقافيًّا. غير أن السلوك الاستهلاكي لتكنولوجيا الاتصال من قبل مجتمعات العالم الثالث دون أية مساهمة ذات قيمة في عملية الإنتاج، قد تؤدي إلى تشوهات عميقة في البنية الاتصالية والثقافية، وقد تأخذ هذه المجتمعات نحو الفوضى أو نحو تعميق ثقافة الاستهلاك على الأقل.
وينبغي التنبيه إلى جوهرانية التحول في مفهوم الجمهور في سياق البيئة الرقمية مما أفضى إلى تحول في عملية بناء الأجندة ذاتها، فمفهوم الجمهور كان أقرب إلى تجمع من الأفراد لا تربط بينهم علاقات مباشرة، وأكثر ما يجمعهم هو الاشتراك في تلقي رسائل وسائل الإعلام مع مساهمة ضعيفة في وضع الأجندة يقررها السياسيون والقائمون بالاتصال. والشكل (1) يمثِّل عملية بناء الأجندة والفاعلين فيها ومكانتهم الهرمية في البيئة التقليدية للإعلام والاتصال.
الشكل رقم (1) يوضح بناء الأجندة والفاعلين فيه في البيئة الإعلامية التقليدية
وسنلحظ أن مكانة الفاعلين السياسيين ظلت في رأس هرم العملية، وأن وسائل الإعلام احتلت مكانًا لصيقًا بالطبقة السياسية بعيدًا عن الجمهور نسبيًّا؛ ما أضعف من تأثير دور الجمهور في بناء الأجندة.
بينما نشأت في البيئة الرقمية الشبكية علاقات حقيقية وخطوط اتصال دائمة بين أفراد هذا الجمهور وجماعاته بمعزل عن وسائل الإعلام؛ وهو ما سيخلق روحًا جديدة للجمهور ويزيد من قوته.
إذا كان تأثير هذه البيئة الجديدة للاتصال بهذا العمق والاتساع، فهذا التأثير لابد أن يطول الأسس والأطر النظرية لعمليات الاتصال والإعلام، وفي عمق ذلك النظريات، بما في ذلك نظرية ترتيب الأجندة، والحقيقة أن مختلف نظريات الاتصال والإعلام أُخْضِعَت للمراجعة من قبل دارسين غربيين وقليل من الدراسات العربية أيضًا، وأظهرت نتائج تلك الدراسات تغيرات فعلية عميقة في المنطلقات والمرتكزات التي بُنِيَت عليها تلك النظريات، مثلما أظهرت مراجعات ماكومبس وعدد من زملائه حول نظرية الأجندة على مدى أكثر من أربعين عامًا، وذهبت بعض المقالات والبحوث إلى الحكم بنهاية بعض النظريات كنظرية التأطير(20).
في المحصلة، يمكن التأكيد على أن تغيرًا جوهريًّا وقع فعلًا وما زال يتطور فيما يتعلق بترتيب الأجندة وعملية التأطير مثلما هي الحال في عملية حراسة البوابة؛ إذ انتهى الاحتكار لهذه العمليات، وعلى الأقل فقد جاءت التكنولوجيا الجديدة لتُحدث فتحات واسعة في جدار الاحتكار، ولتحقق قدرًا من التوازن، لكن دون أن تقضي على فاعلية الوسائل الجماهيرية، ودون أن تسلبها حقها في العمل والمحاولة(21).
- المقاربات المنهجية الحديثة لنظرية ترتيب الأولويات
أخذًا بالحسبان التحولات الواسعة العميقة في البيئة الاتصالية الإعلامية، كان من المنطقي أن تبرز مقاربات منهجية جديدة لنظرية ترتيب الأجندة تجاوزًا للمقاربات الكلاسيكية التي ظلت مشغولة بتركيز وسائل الإعلام على عدد قليل من القضايا والموضوعات الرئيسة، أو بمدى التوافق والتلاؤم بين أجندة وسائل الإعلام الجماهيرية وأجندة الجمهور وتأثير ذلك على الرأي العام وعلى أصحاب حق الاقتراع، حتى في المستوى الثاني من تطبيقات النظرية التي تهتم بتأثير وسائل الإعلام في بناء تصورات (سمات) محددة لجوانب الموضوعات والقضايا المطروحة أو ما يتداخل مع عملية بناء الأطر والصور الذهنية، فإن هذه العملية أيضًا لم تعد واضحة المعالم مثلما رصدتها المقاربات الأولى لهذا المجال بدءًا من ليبمان الذي قال: “الصورة في الذهن” وصولًا إلى الأبحاث الأولى لماكومبس وزملائه في بداية السبعينات.
1.3. تحولات في النظرية
فرضت البيئة الرقمية الجديدة للاتصال معطيات نظرية جديدة، أهمها: أن سلطة ترتيب الأجندة لم تعد حكرًا على وسائل الإعلام والسياسيين وأصحاب الاستثمارات المادية والمعنوية، والجمهور لم يعد متلقِّيًا؛ بل مستخدمًا (User) متفاعلًا ومنتجًا للمعنى ومشاركًا في ترتيب الأجندة وفي تأطير المضامين وفي اختيار منصات النشر، أما مفهوم الجمهور فقد تبدَّل مثلما أسلفنا ولم يعد يعني تلك الحشود أو الأعداد التي لا تربط بين أفرادها روابط أقوى من رابطة التلقي لوسائل الإعلام، بل أصبح هذا الجمهور جمهورًا شبكيًّا ما أضفى عليه مزيدًا من القوة والفاعلية، خصوصًا فيما يتصل بوضع الأجندة، أضف إلى ذلك التفاعلية التي يمارسها الجمهور تجاه كل ما يقال أو يُكتب أو يُبَثُّ في وسائل الإعلام أو في المنابر السياسية. يترتب على ذلك نماذج نظرية لعملية بناء الأجندة مخالفة لما كان معروفًا في البيئة السابقة؛ إذ تميل هذه النماذج لتأخذ شكل الشبكة، أو التشاركية في بناء الأجندة، والشكل (2) يمثِّل مكانة القوى الفاعلة في عملية ترتيب الأجندة.
الشكل رقم (2) يبرز بناء الأجندة والفاعلين فيه في البيئة الرقمية
ويلاحظ من الشكل الذي يمثِّل نموذج عملية بناء الأجندة في البيئة الرقمية أن الفاعلين في بناء الأجندة أصبحوا يتوزعون أفقيًّا بعد أن كان التوزيع تراتبيًّا هرميًّا يبدأ بالسياسيين، ونحن لا نفترض ثبات هذا التوزيع أو المسافات، فالبيئة الرقمية لا ثبات فيها ولا استقرار، وكل قضية وكل مرحلة تكتسب خصوصيتها في السياق الآني. ولا يعني هذا انتقالًا ميكانيكيًّا من نقطة وسائل الإعلام إلى منصة الجمهور، بل سنعرف أن البيئة الشبكية هذه لم تلغ سلطة وسائل الإعلام الجماهيرية، لكنها قسمت كل شيء في عملية الاتصال، وجزَّأت الجمهور فيما يُعرف بالتجزئة أو التشظي (Fragmentation) داخل الشبكة، وتجزَّأ القائمون بالاتصال والوسائل التي يبثون أو ينشرون من خلالها، وبالتالي تجزَّأت الموضوعات والقضايا بما قضى قضاء مبرمًا على ظاهرة التمركز (Centralization) والهرمية (Hierarchical) واحتكار سلطة ترتيب الأجندة وبناء الأطر.
إن مجمل هذه الملامح التجزيئية حوَّلت المشهد الإعلامي في البيئة الرقمية الشبكية إلى ما يشبه الفسيفساء، مثلما وصفها كمال حميدو، مع أنه أعطى للصورة التليفزيونية الدور الأكبر في ظهورها وقضائها على البنية الفكرية الخطية لجيل أو لأجيال خصوصًا تليفزيون التحكُّم عن بُعد وألعاب الفيديو ثم أخيرًا الكتابة التشعبية في الإنترنت(22).
كان من الآثار النظرية العميقة التي خلفتها الثورة الرقمية ما طال سلسلة الاتصال التقليدية للرسالة، فلم تعد كما كانت (مرسل- رسالة- قناة- جمهور) بل أصبحت السلسلة دائرية لا تكاد تعرف من أين تبدأ وأين تنتهي (مرسل ومستقبل- رسالة تفاعلية- قناة- مستقبل ومرسل). في هذه السلسلة تحضر التفاعلية والتشاركية كفاعل جديد مقابل ضعف التحكُّم الخارجي في الرسالة.
ويمكن كذلك أن نشير إلى تبدلات واضحة في مفاهيم مركزية في عملية الاتصال مثل مفهوم: الرأي العام، ومفهوم النخب أو قادة الرأي؛ إذ اتسعت دائرة القادرين على الوصول للشبكة والقادرين على التعبير عن رأيهم(23). وهذا ما سيكون له تداعيات في مفاهيم نظرية كثيرة.
رصد آخرون ظاهرة مهمة في البيئة الرقمية الجديدة تتمثل في التناقض، أو وجود الشيء ونقيضه في الآن نفسه، وهو ما وصفه الأكاديمي عبد الله الحيدري بحالة “الانتظام والفوضى”، فإذا كنَّا اعتدنا على إخضاع الظواهر الاتصالية كافة للقياس المنهجي الكمي أو النوعي، فإن الفوضى في البيئة الجديدة، حسب الحيدري، هي تلك السلوكيات العشوائية غير القابلة للقياس الدقيق، والتي لا يمكن احتواؤها بفعل تعديل يحدث داخل النظام، فالبيئة الجديدة مهيأة لحدوث الفوضى بعدها نظامًا ديناميًّا معقدًا تحدث داخلها سلوكيات غير منتظمة(24). بمعنى أن التغيُّر المستمر في التقدم والتراجع أو التطور في اتجاهات غير منتظمة من شأنه خلق مشكلات منهجية مخاتلة أو مخادعة في توقيت حدوثها وفي الزمن المستغرق وفي المسار الذي تتخذه وفي أساليب القياس المناسبة، وهو ما يماثل محاولة قياس مساحة سَيَلان كمية كبيرة من الزيوت على سطح غير مستقر.
وكان من التطورات المفهومية والنظرية ما ظهر من مفاهيم جديدة منها مفهوم “دمج الأجندة” (Agenda Melding)، وقُدِّم في وقت لاحق من قبل شو وزملائه، ويُعرَّف هذا المفهوم بأنه العملية التي يقوم فيها أفراد الجمهور باستنتاج أو بناء أجندة الأحداث الخاصة بهم بعد الاطلاع على المصادر المختلفة للمعلومات والأخبار بما يتناسب مع إدراكهم وتفضيلاتهم الفردية، ويتصل بذلك ما يتحقق من تأثير السمات أو الأطر، غير أن الجمهور في هذه الحالة يكون في حالة إيجابية وليس في موقع المتلقي فحسب؛ لأن عملية الدمج هذه تعني أيضًا أن أفراد الجمهور يقومون بأنفسهم على عملية الاختيار والاستنتاج أو البناء لجدول الأجندة، وقد وفرت البيئة الرقمية الشبكية الشروط المُثلى لكل هذه الأنشطة(25).
وهناك مفهوم “الحاجة إلى التوجيه” (Need for Orientation) الذي ابتكره ماكومبس وزملاؤه، وهو يصف الفروق الفردية في الرغبة في توجيه الإشارات وتقاسم شبكة المعلومات الأساسية، وحيث الحاجة إلى الرأي وتفسير الأحداث(26).
وقُدِّمت مفاهيم أخرى ذات أهمية، منها: مفاهيم الأهمية (Relevance) وعدم اليقين (Uncertainty)، وهما مفهومان يرتبطان بمفهوم “الحاجة إلى التوجيه”، وتشير “الأهمية” إلى أن الفرد لن يبحث عن معلومات وسائط الأخبار إذا كانت القضية ليست ذات صلة شخصية. ومن ثم، إذا كانت الأهمية منخفضة، فسيشعر الناس بالحاجة إلى قدر أقل من التوجيه. أما “مستوى عدم اليقين فهو الشرط الثاني المحدِّد للحاجة إلى التوجيه، وفي كثير من الأحيان، يكون لدى الأفراد بالفعل كل المعلومات التي يرغبون فيها حول موضوع ما، غير أن درجة اليقين لديهم منخفضة”(27).
2.3. اتجاهات بحثية جديدة
قام بعض الباحثين بتكييف مفهوم “حاجة الفرد للتوجيه” المحددة فيما يتعلق بالارتياب وعدم اليقين. فالبحوث التي أجراها ديفيد ويفر (David Weaver)، في عام 1977، تشير إلى أن حاجات الأفراد للتوجيه ترتبط بمدى اهتمامهم الشخصي بالمسألة. وتمثِّل الحاجة إلى التوجيه مزيجًا من اهتمام الفرد بالموضوع وعدم اليقين بشأن القضية(28).
وتبدو أهمية هذه المفاهيم في البيئة الرقمية الشبكية؛ حيث تتشكَّل المجموعات التفاعلية على أسس مختلفة كالجماعات المهنية أو جماعات الاهتمام المشترك أو الانتماء المشترك، وتتجسد في هذه المجموعات أهمية مفاهيم الحاجة إلى التجمع والحاجة إلى التوجيه، وكذا البحث عن الجماعات المرجعية، كحاجات مرتبطة بحاجة أساسية هي حاجة الشعور بالانتماء (The Need of Belonging)، والحاجة إلى الجماعات المرجعية لم تكن في صلب اهتمام البحوث التقليدية لنظرية الأجندة، غير أنه يمكن ملاحظة الرابط الواضح مع مفهوم “الحاجة إلى التوجيه” التي بدأت تظهر في بحوث ماكومبس وغيره من الباحثين، بينما حاولت بعض البحوث أيضًا التأكيد على أن عملية دمج الأجندة أصبحت أكثر ظهورًا في البيئة الشبكية؛ لأن الأفراد يستخدمون مجموعة متنوعة من الوسائط ويخلطون أجنداتهم الشخصية مع أجندة المجموعة(29).
كان من الاتجاهات البحثية الجديدة ما أصبح يُعرف بالمنهج الشبكي، وهو منهج يقوم على التعامل مع العالم الشبكي المبثوث في الإنترنت باعتباره مجتمعًا معقدًا متشابكًا يتفاعل في الشبكات أو ما يعرف بالواقع السيبراني، وهو المنهج الذي يتلاءم مع المستوى الثالث من مستويات الأجندة وهو الأنسب لاستخدامه في دراسة بناء الأجندة في البيئة الرقمية الشبكية.
مع هذا الواقع الجديد، كان يجب تقديم مقاربات منهجية لا تخضع للتفكير الخطي (Liner) أو التصورات المسبقة المستقاة من البيئة السابقة ولا من البيئات الغربية المنتجة للتكنولوجيا. مقاربات تبدأ من فهم خصائص البيئة الرقمية خصوصًا تفاعليتها وشبكيتها وحالة عدم الثبات فيها إن كان من ناحية الجمهور أو القائم بالاتصال أو الوزن النوعي للقضايا المطروحة. وكذلك، لابد من الأخذ بالحسبان كافة الفروق بين المجتمعات، فعبارة القرية الكونية الواحدة لم تلغ الفوارق العميقة في البنية الثقافية والفكرية والبنية الاتصالية.
- مقاربة الأجندة بالنظريات الأخرى
مثلما لاحظنا في النقاشات السابقة، وفي معظم الدراسات الأجنبية والعربية، فإن العلاقة بين نظرية الأجندة والنظريات الأخرى ظلت في آخر سلَّم الاهتمام باستثناء نظرية التأطير التي نالت اهتمامًا ملحوظًا بحكم صلتها المباشرة بنظرية الأجندة. غير أن أهم الوشائج مع نظريات أخرى رئيسة لم تنل ما تستحق من اهتمام، وسنلحظ أن أهم هذه الوشائج يتجسد في نظريتي حراسة البوابة الإعلامية ونظرية التأطير، حيث تنتمي النظريات الثلاث: الأجندة وحراسة البوابة والتأطير إلى فرع واحد هو فرع نظريات القائم بالاتصال.
1.4. نظرية حراسة البوابة
تُعَدُّ نظرية حراسة البوابة العملية الأولى التي تنبثق منها عمليات ترتيب الأجندة أولًا ثم التأطير ثانيًا، وقد تنبهت بحوث الأجندة في المستوى الثاني لعلاقة الأجندة بالتأطير مثلما تم الإشارة لذلك أكثر من مرة في هذه الدراسة.
وتقوم فكرة حراسة البوابة على قاعدة أن محرري الصحف يعملون على أساس كونهم “حراس بوابات” للرسائل الإعلامية التي يجب أن تصل للجمهور، وقامت النظرية على النموذج الذي اختبره واستنتجه كيرت ليفين (1890-1947 Kurt Z. Lewin) في مجال علم النفس حينما كان جهده البحثي يركز على وضع استراتيجيات إقناعية بهدف تغيير مواقف ربات البيوت بخصوص الأنظمة الغذائية(30).
واستخدم ليفن تعبير حارس البوابة لوصف الزوجة أو أي شخص يملك سلطة القرار في أي من الأطعمة التي ستظهر في نهاية المطاف على مائدة طعام العائلة، فالأنواع الغذائية تمر إلى مائدة الطعام خلال قنوات بدءًا من السوق أو المزرعة مرورًا بالمطبخ، في هذه العملية يتحكَّم بعض الأشخاص في حركة الطعام عبر هذه القنوات وحتى وصولها إلى المائدة(31). وكان ليفين يُدرك أن نموذجه هذا يتعدى قرارات انتقال الطعام عبر القنوات إلى انتقال عناصر الأخبار من خلال قنوات الاتصال في المجموعات(32).
وظل معظم الدراسات الغربية يركز على العملية الإجرائية في مسار نقل الرسالة من المصدر وصولًا للمتلقي، ولم تبتعد كثيرًا في الدور الوظيفي الذي تقوم به عملية الحراسة والضبط لصالح الفئات المتنفذة في المجتمع، مع أن ذلك مفهوم في السياق الوظيفي في تلك المجتمعات، والهدف النهائي لمثل هذه العملية هو تحقيق التوازن الوظيفي (Equilibrium) مع ما في ذلك من تجاهل لعوامل الصراع الداخلي في المجتمع أو لمعطيات الاستغلال الذي تقوم به فئات في المجتمع لفئات أخرى باسم الحفاظ على وحدة المجتمع والسلام الداخلي وغير ذلك.
وجاءت البيئة الرقمية للاتصال بمعطيات جديدة بمستوى ثوري في نظرية حراسة البوابة خصوصًا، وفي نظريات أخرى عمومًا، فهذه التطورات التكنولوجية التي رافقها، أو نتج عنها، تحولات سياسية وثقافية أنهت ظاهرة احتكار سلطات الضبط والتحكُّم التي كان يمارسها حراس البوابات من خلال منظومة كبيرة من وسائل الإعلام الجماهيرية التي كانت في موقع إرسال الرسائل وترتيب الأجندة وبالتالي بناء الأطر؛ إذ بات من المعروف أن المواطن لم يعد ملزمًا بالتلقي من تلك الوسائل، بل تنوعت بين يديه المصادر وتعددت وأتاحت تكنولوجياتها خصائص التفاعلية والقابلية للبحث والتخزين والمعالجة والتجول السهل والتهرب من الرقابة وغير ذلك من ميزات. في هذا البيئة تغيَّر السؤال البحثي في هذه المرحلة من: ماذا تفعل وسائل الإعلام بالناس وبأي أثر؟ إلى: كيف يستخدم الناس وسائل الإعلام والاتصال وبأي أثر؟
ويبدو من الواضح أن الأثر في السؤال الثاني يشمل الأثر الواقع على وسائل الإعلام نفسها مثلما هي الحال بالنسبة للناس المستخدمين. وترتيبًا على هذا التغيير الذي يقارب الانقلاب أو الثورة، فقد قدرت بعض الأبحاث والآراء أن مكانة حارس البوابة في المنظومات الإعلامية التقليدية قد انتهت أو ماتت، وهو من الصعب إثباته، فحراس البوابات لم يموتوا ولم يتوقفوا عن ممارسة دورهم، غير أن مكانتهم أصبحت أدنى أهمية وأضحى دورهم أقل فاعلية في ضوء الإعلام الرقمي التفاعلي الشبكي والتنافس الكبير الذي نتج عن ذلك. أضف إلى هذا، أن الإعلام الرقمي الشبكي أصبح رهانًا كبيرًا لفئات واسعة من الشباب وقوى التغيير، وهو ما دعا الكثير من الأبحاث والاتجاهات إلى الربط بين هذا الإعلام الجديد وبين الثورات ومحاولات التغيير السياسية والثقافية الواسعة.
وتشير إحدى الأطروحات(33) إلى أن هذه المعطيات الجديدة في البيئة الرقمية الشبكية أنتجت ما يمكن تسميته بـ”السلاسل الموازية لحراس البوابات”، أي إن الحراس التقليديين ما زالوا في أماكنهم ويمارسون أدوارهم بينما نشأت مقابلهم سلاسل جديدة تسعى لتحقيق نقيض ما تسعى إليه السلاسل التقليدية. وتستخلص الدراسة أن “المهام والوظائف لكلتا السلسلتين متشابهة في جوهرها من حيث تمركزها في التحكُّم في تدفق الأخبار والمعلومات والصور، ومن ثم السيطرة على عملية إنتاج المعاني والرموز خلال عمليات ترتيب الأجندة والتأطير، بمعنى أن القوى والفئات التي كانت مهمَّشة أو مُسْتَغَلَّة بدأت ترى في وسائل الاتصال والإعلام الجديدة أدوات للتعبير عن ذاتها ومصالحها وتغيير واقعها، وهذا ما لمسه الجميع في الثورات والاحتجاجات التي شهدتها بعض الدول العربية في العقد الثاني من القرن الحالي.
2.4. نظرية الأطر
على خلاف نظرية حارس البوابة، فإن بعض الأبحاث المبكرة، مثل دراسة وارنر بريد (Warren Breed)(34) المصنفة باعتبارها من الدراسات المبكرة في حراسة البوابة، كانت قد أدركت أن عملية التأطير “وظيفة” من وظائف حارس البوابة التي تمتد أيضًا إلى صياغة الدلالات اللغوية بما يشبه عملية “إنتاج السلعة” للمستهلكين(35). كذلك أثبتت عديد الدراسات التي أُجريت في أواخر القرن العشرين أن التأطير يقود لمنطق تفسيري خاص، وحتى لسلوك عام، ويلاحظ ماكومبس وزميلته سلمى غانم وجود مفارقة محددة في العملية تتمثَّل في أن استنتاجات التأطير ومهارات ترتيب الأجندة تعود بنا لاعتبارات تأثير وسائل الاتصال نحو الاتجاهات والآراء(36). والحقيقة أن ذلك لم يكن اكتشافًا جديدًا فقد أدركه الحكام والحكومات منذ أزمان بعيدة، وهو ما دعا الجميع للإيمان بقوة الإعلام، غير أن هذا الاكتشاف له قيمته النظرية الكبيرة.
ويمكن تلخيص عملية التأطير بأنها إبراز بعض السمات وإخفاء بعضها، وهذه عملية قائمة على الانتقائية التي يحددها المرسل أو القائم بالاتصال الذي يقوم هو نفسه بدور حراسة البوابة، والمعنى اللغوي للتأطير نجده على ضروب مختلفة أقربها للمعنى المراد في هذه النظرية ما جاء في لسان العرب: “كُلُّ ما أَحاط بشيء، فَهُوَ لَهُ أُطْرَةٌ وإِطارٌ”(37).
وكان روبرت إنتمان (Robert Entman) قدَّم التعريف الأشهر لعملية التأطير؛ باعتبارها “عملية تقوم على اختيار بعض الجوانب أو المظاهر للواقع المُدرك، والعمل على جعلها أكثر بروزًا في النص التواصلي، وذلك لتكريس أو فرض تعريف محدد للمشكلة، وتفسير منطقي أو تعليلي لها، وتقييم أخلاقي، و/أو مقترحات المعالجة للعناصر محل الشرح”(38). وهذا ما كشفه فيما بعد ماكومبس وبعض زملائه أثناء بعض مراجعاته لنظرية ترتيب الأجندة منذ العام 1977، وهو ما أشير إليه في دراسات لاحقة (ماكومبس، 1981) و(ماكومبس وغو 2005) مرتكزًا على تعريف والتر ليبمان “الصور في رؤوسنا”، بمعنى أن وسائل الإعلام تقوم ببناء مفاهيمنا عن الأشياء والقضايا من خلال تقديم السمات الأكثر بروزًا لجوانب الموضوعات المطروحة.
واستخدمت كلمة التأطير أو الإطار في بحوث الإعلام للدلالة على السياق (Context) الذي وضع فيه الخبر بما سيحدد المغزى الأهم أو الرئيس له. صحيح أن التأطير عملية تنطلق من القائم بالاتصال، لكن دور المتلقي في بناء الصورة أو الإطار أو تفسير المعنى لم يكن سلبيًّا في أي مرحلة، بل تدخلت عوامل أخرى في تفسير المعنى في ذهن المتلقي، من ذلك مثلًا التركيبة الثقافية للمتلقي وتأثير الجماعات المرجعية ومستويات التعليم والخبرة والعمر. أما في البيئة الرقمية، فقد برزت متغيرات إضافية أهمها الاتصال الشبكي عبر الإنترنت، أدت جميعها إلى تعزيز دور الجمهور في وضع الأطر للأحداث وتحديد معناها، فالفرد في البيئة الجديدة أصبح أكثر فاعلية ونشاطًا. ومن هنا استنتجت بعض الدراسات السابقة أن التأطير بمفهومه القديم لم يعد قائمًا، بل لم تعد كلمة “التأطير” نفسها مناسبة لما يحدث في البيئة الاتصالية الحديثة، ذلك أن الوسائط الحديثة ألغت ما كان في عملية التأطير من استقرار في ضوء آليات التفضيلات أو الخيارات المتعددة التي أتاحتها البيئة الرقمية الشبكية(39). وهذا البحث لا يتبنى وجهة النظر المتطرفة بشأن انتهاء أو إلغاء عملية التأطير، بل تؤكد الاستنتاجات التي توصل إليها أن التأطير سيظل قائمًا، غير أن الفاعلين في عملية التأطير تغيَّرت مكاناتهم وإسهاماتهم وفق حسابات عديدة أبرزها زيادة فاعلية الجمهور وتشاركيته في العملية الإعلامية من حيث حراسة البوابة وترتيب الأجندة ثم عملية التأطير التي باتت أكثر مرونة بعد أن تخلصت من الاتصال الهرمي الخطي الذي كان يمارَس في البيئة الإعلامية التقليدية.
استنتاجات
توزعت أهم نتائج الدراسة على ثلاثة محاور تمثِّل الأهداف الثلاثة كالآتي:
- تأثير البيئة الرقمية في جمهور وسائل الإعلام وأثر ذلك على ترتيب الأجندة: أثَّرت البيئة الرقمية في جمهور وسائل الإعلام والذي تغيَّر تعريفه؛ حيث أصبح ذلك الجمهور المتصل بشبكة الإنترنت عوضًا عن مفهوم المتلقي لوسائل الإعلام كما كان معرَّفًا في البيئة السابقة. علاوة على ذلك، فالأفراد والجماعات لا تنطبق عليهم شروط العزلة التي كانت معروفة في البيئة الاتصالية السابقة ما داموا قادرين على التواصل عبر الإنترنت.
وإذا كانت النظرية التقليدية للأجندة قد بُنيت على أساس خطِّي يبدأ من وسائل الإعلام الجماهيري متجهًا نحو الجمهور، فإن البيئة الرقمية حطمت تلك الخطية أو -زعزعتها على الأقل- لصالح الشبكية التي تتسع لتشمل المؤسسات الإعلامية والجمهور الذي ينتشر على امتداد شبكة الإنترنت. ويترتب على ذلك نماذج نظرية لعملية بناء الأجندة مخالفة لما كان معروفًا في البيئة السابقة إذ تميل هذه النماذج لتأخذ شكل الشبكة، أو التشاركية في بناء الأجندة.
- أهم المفاهيم ذات العلاقة بترتيب الأجندة التي تعرضت لتحولات البيئة الرقمية: قد يكون مفهوم الجمهور من أكثر المفاهيم التي تعرضت لتأثير البيئة الرقمية، فهو أعداد كبيرة عبر العالم تمارس التواصل والتفاعل عبر الشبكة مُتَحَلِّلة من قيود الزمان والمكان ما أضفى عليها مزيدًا من القوة والفاعلية خصوصًا فيما يتصل بوضع الأجندة، في الوقت الذي شهد شكلًا من أشكال التشظي داخل الشبكة الكبرى.
وتعرضت سلسلة الاتصال نفسها لقدر كبير من التحوير؛ إذ أصبحت هذه السلسلة دائرية الاتصال ذات طابع شبكي يغلب فيها التشاركية والتفاعلية. وثمة مفاهيم أخرى تعرضت للتحولات مثل: الرأي العام، والنخب وقادة الرأي، والمساواة بين المتواصلين، ومفهوم دمج الأجندة.
وتعني عملية الدمج هذه أيضًا أن أفراد الجمهور يقومون بأنفسهم على عملية الاختيار والاستنتاج أو البناء لجدول الأجندة، وقد وفرت البيئة الرقمية الشبكية الشروط المُثلى لكل هذه الأنشطة.
- الاتجاهات البحثية المستجدة في ترتيب الأجندة: يُعَدُّ المنهج الشبكي من أبرز الاتجاهات البحثية على المستويين، النظري والمنهجي، وهو منهج يقوم على التعامل مع العالم الشبكي المبثوث في الإنترنت باعتباره مجتمعًا معقدًا متشابكًا يتبادل التأثير أكان ذلك على مستوى الأفراد والجماعات أم على مستوى المؤسسات الإعلامية.
وبرزت اتجاهات بحثية تعطي للجمهور ولوسائل الإعلام التفاعلي دورًا أكبر أهمية في عمليات الإعلام الأساسية، وهي: حراسة البوابة، وترتيب الأجندة، والتأطير بعد أن تراجع الاتصال الهرمي الخطي الذي كان يمارَس في البيئة الإعلامية التقليدية.
المراجع
(1) Salma Ghanem et al., “21st Century Communication,” in Agenda Setting and Framing, ed. William F. Eadie (SAGE Publications, Inc, 2009), 3.
(2) Ajita Abeysekera, “Basic research and applied research,” Journal of the National Science, Foundation of Sri Lanka 47(3), (September 2019), “accessed January 1, 2020”. DOI: 10.4038/jnsfsr.v47i3.9482.
(3) Maxwell McCombs, Setting the Agenda: The Mass Media and Public Opinion, 1 ed. (Cambridge: Polity Press, 2004), 3.
(4) Ibid, 3.
(5) Walter Lippman, Public opinion, 2nd ed. (New Brunswick, New Jersey, 1991), 338.
(6) Bernard Cohen, The press and foreign policy (New York: Harcourt, 1963(.
(7) McCombs, Setting the Agenda, 2.
(8) David H. Weaver, “Maxwell McCombs,” in Encyclopedia Britannica, “accessed January 1, 2020”. shorturl.at/pvPQ1.
(9) Yeojin Kim et al., “Theoretical and methodological trends of agenda-setting theory: A thematic analysis of the last four decades of research,” Agenda Setting Journal 1:1, (2017): 15. “accessed January 2, 2020”. shorturl.at/zJQ26.
(10) Thomas Vangshardt, Niels Bjerre Poulsen, “The Agenda Setting Effect of the U.S Mass Media During the 2008 Presidential Campaign,” May 2009, “accessed January 1, 2020”. shorturl.at/fkltI.
(11) Maxwell McCombs and Lei Guo, “A Look at Agenda-Setting: Past, Present and Future,” Journalism Studies 6 (4), (November 2005): 255, “accessed January 1, 2020”. shorturl.at/dEO38.
(12) Wayne Wanta, Mariam Alkazemi, “Agenda-Setting: History and Research Tradition,” researchgate, March 2017, “accessed January 2, 2020”. shorturl.at/cqDF8.
(13) Maxwell McCombs, Salma Ghanem, “The Convergence of Agenda Setting and Framing,” Political Science, (2001), 69.
(14) Kim et al., Theoretical and methodological trends of agenda-setting theory, 17.
(15) Denis McQuail, Mass Communication Theory, 5 ed. (New Delhi: Vistaar Publication, 2005), 136.
(16) عزام أبو الحمام، البيئة الرقمية للإعلام والاتصال: مراجعة لنظرية حراسة البوابة، (عمان، دار الصايل للنشر والتوزيع، 2019)، ص 40.
(17) أندريا بريس، بروس ويليامز، البيئة الإعلامية الجديدة، ترجمة شويكار زكي، (القاهرة، دار الفجر للنشر والتوزيع، 2012) ص 51.
(18) انظر مثلًا: كمال حميدو، “الإعلام الاجتماعي وتحولات البيئة الاتصالية العربية الجديدة”، مركز الجزيرة للدراسات، 6 مارس/آذار 2018، (تاريخ الدخول: 24 ديسمبر/كانون الأول 2019): shorturl.at/cmn15.
(19) دارن بارني، المجتمع الشبكي، ترجمة: أنور الجمعاوي (بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015) ص 39.
(20) Michael Cacciatore, Dietram A. Scheufele, “The End of Framing as we Know it … and the Future of Media Effects,” Mass Communication and Society 19, (2016), shorturl.at/kyBR2.
(21) أبو الحمام، البيئة الرقمية للإعلام والاتصال، مرجع سابق، ص 114- 115.
(22) حميدو، الإعلام الاجتماعي وتحولات البيئة الاتصالية العربية الجديدة، مرجع سابق، ص 4.
(23) أبو الحمام، البيئة الرقمية للإعلام والاتصال، مرجع سابق، ص 38.
(24) عبد الله الزين الحيدري، الإعلام الجديد: النظام والفوضى، (تونس، دار سحر للنشر، 2014) ص 24.
(25) Rita Colistra, “Agenda Melding”, in The Encyclopedia of Political Communication, eds. Lynda Lee Kaid, Christina Holtz-Bacha (Sage Publications, 2007), researchgate, “accessed January 19, 2020”. shorturl.at/uwCW7.
(26) “Agenda-setting theory,” Wikipedia, “accessed January 19, 2020”. shorturl.at/oyzOY.
(27) Maxwell McCombs, Setting the Agenda: The Mass Media and Public Opinion, 1ed. (Cambridge: Polity Pres, 2004), 55.
(28) David Weaver, “Audience Need for Orientation and Media Effects,” Communication Research, 3, (1980): 361–376.
(29) Kim et al., Theoretical and methodological trends of agenda-setting theory, 7.
(30) أرماند ماتلار، ميشيل ماتلار، تاريخ نظريات الاتصال، ترجمة نصر الدين لعياضي والصادق رابح (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية والمنظمة العربية للنشر، 2005)، ص 65.
(31) Kurt Lewin, “Forces behind food habits and methods of change,” in The Problem of the changing food habits (Bulletin of The National Research Council, no 108, (October 1945): 35–65.
(32) Chris Roberts, “Gatekeeping theory: An evolution,” (Texas: The University of South Carolina, Association for Education in Journalism and Mass Communication, 2005), 5.
(33) أبو الحمام، حراسة البوابة في البيئة الجديدة للاتصال، مرجع سابق، ص 36.
(34) انظر: الدراسة الشهيرة لوارن بريد:
Warren Breed, “Social Control in the Newsroom: A Functional Analysis,” Social Forces, (1955): 226-235.
(35) Chris, Gatekeeping theory, 13.
(36) McCombs, Ghanem, “The Convergence of Agenda Setting and Framing,” 77.
(37) يمكن مراجعة لسان العرب (أطر) على الرابط: shorturl.at/hAFO1.
(38) Robert Entman, “Framing: Toward clarification of a fractured paradigm,” Journal of Communication 43, (1993): 51-58.
(39) Cacciatore, Scheufele, “The End of Framing as we Know,”: 20.