تهدف الدراسة إلى تقديم قراءة تحليلية لبنود معاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية وجذور العلاقة بين أطرافها، ودور الراعي الرسمي لعملية التطبيع ممثلًا في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك من منظور أحكام القانون الدولي العام وميثاق الأمم المتحدة واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ووفقًا لمبدأ المساواة والتكافؤ بين الدول وأطراف المعاهدات. كما تبحث الدراسة آثار المعاهدة الإبراهيمية على القضية والحقوق الفلسطينية، وما قد تشكِّله من انتهاك لأحكام القانون الدولي والشرعية الدولية، لاسيما ذات العلاقة المباشرة بحظر ضم أراضي الغير بالقوة واستغلال ثروات الأقاليم الواقعة تحت الاحتلال ومنع استنزاف ثرواتها. وخلصت الدراسة إلى أن مخاطر التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي لا تتوقف على القضية الفلسطينية، بل تمتد لتهديد الأمن العربي وتفكيك للهوية العربية والإسلامية، كما أن التطبيع إنجاز إستراتيجي مجاني للاحتلال الإسرائيلي مقابل إضعاف وتشتيت لفرص الإجماع العربي وإضعاف كبير لموقف القضية الفلسطينية.

كلمات مفتاحية: المعاهدة الإبراهيمية، اتفاقيات السلام والتطبيع، مبدأ التكافؤ، الإمارات وإسرائيل، صفقة القرن.

This study aims to provide an analytical reading of the terms of the Abrahamic peace and normalisation treaty, the roots of the relationship between its parties, and the role of the official sponsor of the normalisation process, namely the United States, from the perspective of the provisions of public international law, the Charter of the United Nations and the Vienna Convention on the Law of Treaties, and in accordance with the principle of equality between states and the parties to treaties. The study also explores the effects of the Abrahamic Treaty on the Palestinian issue and Palestinian rights and the violation of the provisions of international law and international legitimacy that the treaty may constitute, especially those directly related to the prohibition of annexing the lands of others by force, exploiting the resources of territories under occupation, and preventing the depletion of their resources.

The study concludes that the risks of normalisation with Israeli occupation is not limited to the Palestinian cause but extends to and threatens Arab security and Arab and Islamic identity. Moreover, it argues that normalisation is a security achievement for the Israeli occupation that comes at the cost of undermining and scattering of the likelihood of Arab consensus and a significant weakening of the position of the Palestinian cause.

Keywords: Abrahamic Treaty, Peace and Normalisation Agreements, Equality Principle, United Arab Emirates and Israel, Deal of the Century.

مقدمة

في 15 سبتمبر/أيلول 2020، وقَّعت الإمارات وإسرائيل معاهدة للسلام والعلاقات الدبلوماسية والتطبيع الكامل، كما وقَّعت البحرين إعلانًا للسلام والتعاون والعلاقات الدبلوماسية والودية البنَّاءة، وجرى ذلك في مراسيم رسمية برعاية الولايات المتحدة الأميركية بتوقيع الدول الأربع على إعلان الاتفاق الابراهيمي، عنوانًا لمعاهدات السلام والتطبيع بين الأطراف. ووفقًا للقانون الدولي، فإن سلسلة الاتفاقيات والإعلانات، والمعروفة بالمعاهدة الإبراهيمية، تشكِّل مجتمعة معاهدة دولية بالمفهوم القانوني الدولي.

وتمثِّل المعاهدة تحولًا جذريًّا في المشهد الجيوسياسي الإقليمي، ففضلًا عن الصدمة الشعبية التي أحدثها توقيع المعاهدة مع الاحتلال، فإنها تجاوزت قرارات الجامعة العربية ومبادرة السلام القائمة على مبدأ الأرض مقابل السلام والانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 وغيرها من الضمانات للحقوق الفلسطينية.

كما تثير المعاهدة بعض المخاطر السياسية في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما بالانتقال المباشر من “السلام البارد” مع إيران إلى “السلام الدافئ” مع إسرائيل، وهو ما أثار حفيظة الجانب الإيراني، الذي يُعد الخصم الأيديولوجي المشترك للموقِّعين على المعاهدة الإبراهيمية.

وتهدف الدراسة إلى قراءة بنود معاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية قراءة تحليلية، والوقوف على مضمونها وأبعادها من منظور أحكام القانون الدولي واتفاقية فيينا للمعاهدات ووفقًا لمبدأ المساواة والتكافؤ بين أطراف المعاهدة، ودور الراعي الأميركي لعملية التطبيع، فضلًا عن القراءة القانونية لانعكاسات المعاهدة على القضية والحقوق الفلسطينية.

وتجيب الدراسة عن سؤال أساسي هو: ما مدى تحقق مبدأ المساواة والتكافؤ بين أطراف معاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية والغير وفقًا لقواعد القانون الدولي؟

ويتفرع عن هذا السؤال مجموعة من الأسئلة المهمة:

– ما جذور معاهدة التطبيع الإبراهيمية؟ وما أهدافها؟

– ما مدى مراعاة المعاهدة للقواعد التنظيمية والإجرائية وفق أحكام اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات؟

– ما مجالات التعاون الاقتصادي والإنمائي بين أطراف المعاهدة؟

– ما التكييف القانوني للمعاهدة؟

– ما طبيعة الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة الأميركية خلال رعايتها لتوقيع المعاهدة وأثرها على مبدأ التكافؤ؟

– ما انعكاسات المعاهدة على الحقوق الفلسطينية من منظور القانون الدولي ومبدأ التكافؤ؟

وستكون الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال اتباع المنهج التحليلي الوصفي في محاولة لتكييف المعاهدة وبنودها والبحث في جذورها وآثارها وفقًا لقواعد القانون الدولي.

1. التنظيم القانوني لمعاهدة السلام الإبراهيمية وجدلية التطبيع

أثارت معاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية تساؤلات وردود فعل واسعة عن تطور العلاقة الإسرائيلية مع دولتي الإمارات والبحرين وجذور التطبيع فيما بينها، وأهداف المعاهدة، وصولًا إلى طبيعة القواعد التنظيمية والإجرائية التي بُنيت عليها المعاهدة.

1.1. تطور العلاقة الإسرائيلية مع الإمارات والبحرين وجذور التطبيع

قبل الرجوع إلى جذور العلاقة بين دولتي الإمارات والبحرين مع إسرائيل                                                                ينبغي تعريف مصطلح التطبيع، ويعني عملية مقصودة تتجه نحو إحلال مجموعة من التفاعلات ذات الطابع السلمي التعاوني بين الدول بعد توقف الحروب وتلاشي الأزمات محل مجموعة أخرى من التفاعلات ذات الطابع العدواني التصادمي، ويندرج التطبيع تحت ثلاثة أنماط أساسية، وهي(1):

أولًا: التطبيع السياسي والدبلوماسي: ويمثِّل مجموعة الإجراءات التي تباشرها الحكومات من أجل إعادة العلاقات السياسية بين الدول، ويندرج ضمن التطبيع السياسي والتنسيق الأمني، والزيارات واللقاءات المتبادلة بين ممثلي الدول وإجراء المفاوضات وتبادل التمثيل الدبلوماسي.

ثانيًا: التطبيع الاقتصادي: ويتمثَّل في الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية وتنفيذ المشروعات الإنمائية المشتركة، وبروتوكولات التعاون في مجالات الزراعة والبيئة وتطوير البنية التحتية وغيرها.

ثالثًا: التطبيع الثقافي: ويتضمن العلاقات الثقافية والتأثير في ثقافات الدول والشعوب بشكل مقصود من أجل استمالة الشعوب المستهدفة في التطبيع.

تعود جذور العلاقة بين دولتي الإمارات والبحرين مع إسرائيل إلى أكثر من ربع قرن، فتوقيع معاهدة السلام في 15 سبتمبر/أيلول 2020، لم يكن بين عشية وضحاها، بل كان المحطة الأخيرة لعلاقات واسعة سرية وعلى استحياء. وهو الأمر الذي شكَّل مفاجأة لغير المطلعين على جذور هذه العلاقات. لقد نصَّت المعاهدة على الاعتراف الكامل وإقامة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية، وإنهاء المقاطعة الاقتصادية والقيود المفروضة على تنقل الأفراد والسلع، وهو ما أعطى المعاهدة أيضًا طابع التحالف الإستراتيجي؛ الأمر الذي يعكس مستوى العلاقة السرية السابقة بين الطرفين. فقد شكَّلت التطورات السياسية والتوترات التي شهدتها منطقة الخليج، وتصاعد المد الإيراني وتضخيم خطره على منطقة الخليج والدور الأميركي، عوامل أساسية في مدِّ جسور التواصل مع إسرائيل(2)، ومن أهم محطات التقارب والتنسيق بين الإمارات والبحرين وإسرائيل:

  1. أول محادثات بين إسرائيل والإمارات في 1994، وكانت بين السفير الإسرائيلي في ألمانيا آنذاك، جيرمي إيسخاروف، والمستشار السياسي لولي عهد أبو ظبي آنذاك محمد بن زايد، جمال السويدي، الذي أنشأ مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ليكون قناة تطبيع بين البلدين وعقد لقاءات بين مسؤوليهما. وهذا ما مهَّد لسلسلة اجتماعات لاحقة وزيارات دورية متبادلة على مدار ربع القرن الماضي. ومن أهم المواضيع التي نوقشت بين الطرفين: ملف إيران ونشاطها النووي، والصواريخ التي تهدد المنطقة، وأوضاع سوريا ومصر والأردن، وسبل تطور العلاقات(3). وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام المذكور زار يوسي ساريد، وزير البيئة الإسرائيلي، في عهد رئيس الوزراء، إسحق رابين، البحرين وهي أول زيارة لوزير إسرائيلي للمنامة، وقد دأب كبار أعضاء العائلة المالكة في البحرين على لقاء نظرائهم الإسرائيليين على هامش المؤتمرات والأحداث الدولية ومنها المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس(4).
  2. في 2008، عيَّنت البحرين أول امرأة عربية يهودية سفيرة لها في واشنطن وهي هدى عزرا إبراهيم نونو، في خطوة رمزية لبداية الانخراط الإستراتيجي التدريجي للبحرين في علاقات مع الجماعات اليهودية المؤثرة في الولايات المتحدة وأصحاب العلاقات الوثيقة بإسرائيل. وقد مهدت السفيرة طريق التطبيع مع إسرائيل وهندستها بتنظيم سلسلة من العلاقات واللقاءات المشتركة، فضلًا عن إنشاء شركة في البحرين تحت اسم “مركز التنمية الدولية” لتقديم الخدمات التسويقية، وقد استخدمها الإسرائيليون غطاء للعمل الدبلوماسي(5). وفي 2009، تلقت الإمارات دعمًا دبلوماسيًّا إسرائيليًّا لإقامة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أبوظبي، مقابل ضمان مشاركة إسرائيلية مفتوحة في البرنامج، وفتح بعثة دبلوماسية داخل الإمارات لتمثل إسرائيل في الوكالة(6)، كما شكَّل عدم معارضة إسرائيل اتفاق التعاون النووي السلمي بين واشنطن وأبوظبي دلالة على مستوى التنسيق والعلاقات الثنائية. وكان التعاون الأمني التكنولوجي حاضرًا من خلال توقيع أبوظبي عقدًا مع شركة “آي جي تي إنترناشيونال” المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي، ماتي كوتشافي، بقيمة 816 مليون دولار، لشراء معدات مراقبة للبنى التحتية الحيوية في الإمارات(7).
  3. كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن لقاء سري بين وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بنيويورك، في سبتمبر/أيلول 2012، وكان بتنسيق سفير الإمارات في واشنطن، وقد عُقد اللقاء على هامش اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة. وفي سبتمبر/أيلول 2016، عقدت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، اجتماعًا مع نظيرها الإماراتي(8)، كما أعلنت الإمارات، في 2015، أن وجود ختم إسرائيلي على جواز السفر ليس سببًا لمنع أي شخص من دخول الإمارات أو منحه تأشيرة. ومنذ 2016، تشارك طائرات (F 16) الإسرائيلية إلى جانب نظيرتها الإماراتية في مناورات وتدريبات جوية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية تحت رعاية حلف شمال الأطلسي(9)، واقتنت أبوظبي نظام المراقبة الأمنية “عين الصقر” من شركة “آي جي تي إنترناشيونال” الإسرائيلية(10).
  4. ومع بداية 2017 وعلى هامش مؤتمر دولي للحث على التسامح الديني، انتقد ملك البحرين، حمد بن خليفة، استمرار مقاطعة العرب الاقتصادية لإسرائيل. وفي 2018، شارك وزير الاتصالات الإسرائيلي، أيوب قرا، في مؤتمر “المندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للاتصالات” الذي أقيم تحت رعاية حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم. وشارك وفد إسرائيلي في مؤتمر اليونسكو الثاني الذي عُقد في المنامة. كما دعت البحرين وزير الاقتصاد الإسرائيلي، إيلي كوهين، إلى حضور المؤتمر السنوي لريادة الأعمال في قطاع تكنولوجيا المعلومات(11)، كما شارك الرياضيون الإسرائيليون بمرافقة وزيرة الثقافة والسياحة الإسرائيلية في بطولة “غراند سلام للجودو”، التي أقيمت في أبوظبي في العام ذات العام(12)، إلى جانب التعاون في عمليات التدريب العسكري من خلال مشاركة الإمارات وإسرائيل في مناورات عسكرية أهمها “العلم الأحمر”.
  5. وقبل عامين من توقيع معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل بدأت وتيرة العلاقات تتسارع استجابة للضغوط الأميركية ورغبة الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في تحقيق مكاسب انتخابية. وحظيت العلاقات العسكرية والاقتصادية بين الإمارات وإسرائيل بالاهتمام، فقد أبرمت الإمارات صفقة ضخمة مع إسرائيل، قدرها ثلاثة مليارات دولار، تزود بموجبها إسرائيل الإمارات بقدرات استخباراتية متقدمة تشمل طائرتي تجسس حديثتين، زيادة على عرض الإمارات على ضباط سابقين في الاستخبارات الإسرائيلية العمل لديها برواتب خيالية، كما تعاقدت الإمارات مع مجموعة “إن إس أو” (NSO) الإسرائيلية لاستلام تكنولوجيا متقدمة تُستخدم في قرصنة الهاتف الجوال والتجسس على العناصر المناوئة لها. وفي أبريل/نيسان 2019، شارك سلاح الجو الإماراتي مع نظيره الإسرائيلي في تدريبات في اليونان(13).

إن ما سبق مهد الطريق إلى توقيع الإمارات مع إسرائيل وبرعاية مباشرة من الوسيط الأميركي اتفاقية سلام ارتكزت على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة والتعاون المشترك في مجالات واسعة والتطبيع الكامل للعلاقات بينهما وبين شعوبهما، لتخرج العلاقات من دائرة السرية إلى العلنية والتفاخر، لكسر حاجز التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، وتنهي الإجماع العربي بشأن العلاقة مع إسرائيل.

1.2. المبادئ العامة لمعاهدة السلام والتطبيع وأهدافها

وفقاً لأحكام القانون الدولي، فإن سلسلة الاتفاقيات والإعلانات والمبادئ التي وُقِّعت بين دولتي الإمارات والبحرين والجانب الإسرائيلي، والمسماة “الاتفاقيات الإبراهيمية”، كلها اتفاقيات بالرغم من اختلاف القيمة القانونية فيما بينها، ففي حين أن “الإعلان” لا يُقصد به إنشاء التزامات قانونية، ويأخذ القيمة الإرشادية عمومًا من الناحية القانونية، فإن “المعاهدة” و”العهد” و”الاتفاقية” تكون ملزمة من ناحية القانون الدولي والوطني بعد استكمال إجراءاتها وشروطها(14). وقد عرَّفت اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 في المادة الثانية منها المعاهدة بأنها “تعني اتفاقًا دوليًّا يُعقد بين دولتين أو أكثر في شكل مكتوب ويخضع للقانون الدولي سواء تم هذا الاتفاق في وثيقة واحدة أو أكثر، وأيًّا كانت التسمية التي تُطلَق عليه”(15). وتأسيسًا على هذا، فالمعاهدة هي “اتفاق مكتوب بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي العام تنشئ حقوقًا والتزامات متبادلة في ظل القانون الدولي العام”(16)، ولابد من توافر مجموعة من الشروط الرئيسية تتمثل في الكتابة، وأن تتم بين أطراف من أشخاص القانون الدولي، وخضوعها للقانون الدولي، وأن تهدف إلى إنشاء التزامات قانونية متبادلة بين الطرفين(17).

وبالرغم من أن بعض المسميات قد لا تعكس حقيقة الاتفاق وتكييفه القانوني وما يتوافق مع نية واضعي الصياغة، فإن من الواضح أن نية الأطراف في الاتفاق الإبراهيمي اتجهت نحو توقيع معاهدة واتفاقية ملزمة للطرفين نحو ترتيبات متعددة الجوانب والقطاعات، ظهرت آثارها مباشرة بعد المعاهدات باتفاقيات خاصة متتالية. ويرتكز اتفاق السلام الإبراهيمي على تحقيق جملة واسعة من الأهداف الإستراتيجية بعضها معلن جاء في سياق التمرير الشعبي لمبدأ التطبيع، والآخر في إطار الأهداف العامة لتحقيق المكاسب ذات الأبعاد الاقتصادية والتكنولوجية والثقافية، إلى جانب أهداف مخفية ذات أبعاد أمنية وسياسية تعكسها السياسات الظاهرة لأطراف المعاهدة والراعي الأميركي والمتمثلة في تحقيق صفقة القرن ومنطلقات وحدة التهديد والتحدي المتمثلة في إيران والتمدد التركي، والعداء لبعض الفصائل الفلسطينية تحت اسم “الجماعات الإرهابية”؛ الأمر الذي جعل من الاتفاقية الإبراهيمية أقرب إلى حالة التحالف الإستراتيجي منها لمعاهدة تطبيع وسلام. وعليه، فإن المبادئ العامة لمعاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية والأهداف التي سعت إلى لتحقيقها تتمثل في:

أولًا: تأجيل خطة الضم الإسرائيلية لأراض فلسطينية

يأتي هذا الهدف في إطار الأهداف التسويقية للاتفاقية على المستوى الشعبي بأبعاده العربية والإسلامية والوطنية، بالنظر إلى ارتباط القاعدة الشعبية الوثيق بالقضية الفلسطينية واستنكارها لممارسات الاحتلال وإجراءاته على أرض الواقع. وقد سعت الإمارات لتسويق هذا الهدف بتوقيع اتفاقية التطبيع والسلام مع الجانب الإسرائيلي في سياق إنقاذ فلسطين من عملية الضم، التي عزمت إسرائيل على تنفيذها بضم أراض واسعة من الضفة الغربية وضواحي القدس(18)، غير أن الحقيقة تخالف هذا الادعاء لأسباب عديدة، أهمها:

– خلت المعاهدة وملحقاتها من أية إشارة إلى إلغاء أو تأجيل عملية الضم الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية؛ الأمر الذي يجعل من هذا الاتفاق الشفوي -إن وُجد- غير ذي قيمة قانونية وإلزامية بالمعاهدة، لإثارته إشكاليات متعددة في تطبيقه؛ ذلك أن الاتفاق الشفهي يمكن تفسيره وفقًا لرأي ونية كل طرف، وهذا ما صرَّح به رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بعد توقيع المعاهدة، بأنه ما زال ملتزمًا بقرار الضم وسيستأنف في وقت لاحق، وأنه لم يُخيَّر بين الاتفاق مع الإمارات ومخطط الضم(19)، فمن الزاوية القانونية لقواعد القانون الدولي واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لابد أن تتجسد بنود المعاهدة في وثيقة مكتوبة، وهذا ما أكدته المادة الثانية الفقرة (1/أ) من الاتفاقية المذكورة التي تنص على أنه يُقصد بالمعاهدة، “الاتفاق الدولي المعقود بين الدول في صيغة مكتوبة والذي ينظمه القانون الدولي، سواء تضمنته وثيقة واحدة أو وثيقتان متصلتان أو أكثر ومهما كانت تسميته الخاصة”، وهو المتبع في الفقه الدولي، والهدف من الكتابة هو تثبيت ما توصلت إليه الأطراف بشأن المسائل المتفاوض عليها.

– إن خطة الضم الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية مخالفة لأحكام القانون الدولي والشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، وأهمها (181، 194، 242) وغيرها من القرارات التي أكدت الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967، وعدم جواز السيطرة على أراضي الغير بالقوة، وعدم مشروعية المستوطنات والإجراءات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية(20)، وهو الأمر الذي لا يجيز لدولة الإمارات الادعاء بتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل مقابل امتناعها عن مخالفة قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية؛ لأن إسرائيل تكون بذلك قد تجاوزت مبدأ المساواة والتكافؤ الذي يوجب على أطراف المعاهدات احترام الحقوق والواجبات التي يعترف بها القانون الدولي لكل الدول(21).

– إسرائيل لم تلغ خطة الضم وأكدت أن تأجيلها جاء بناء على طلب من الإدارة الأميركية (راعي المعاهدة الإبراهيمية)، وأن فكرة الضم جزء من صفقة القرن، وهذا ما أكده رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي قال: “كسرنا الاعتقاد بأن الاتفاق مع دول عربية سيجبرنا على التنازل عن أراض وإخلاء مستوطنات وعودة إلى حدود الرابع من حزيران 1967، وأن الاتفاق مع الإمارات عبَّر عن السلام مقابل السلام، والسلام من موقع القوة، دون الحاجة إلى الانسحاب أو إخلاء المستوطنات”(22).

ثانيًا: دعم جهود السلام في الشرق الأوسط

جاءت معاهدة السلام الإبراهيمية تحت هدف عام، وهو الحفاظ على السلام وتعزيزه في الشرق الأوسط وحول العالم على أسس التفاهم المتبادل والعيش المشترك، مع تشجيع الجهود المبذولة لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، وتعزيز واقع جديد في الشرق الأوسط يعيش فيه اليهود والمسلمون والمسيحيون والشعوب من الأديان كافة والطوائف والمعتقدات والقوميات في روح التعايش والتفاهم المتبادل، والانضمام إلى الولايات المتحدة لتطوير وإطلاق “أجندة إستراتيجية للشرق الأوسط” من أجل تعزيز قضية السلام والاستقرار والازدهار في العلاقات بينهما والشرق الأوسط ككل، بما في ذلك تعزيز الأمن الإقليمي والاستقرار(23).

وبالرغم من حرص وزيري الخارجية، الإماراتي والبحريني، في كلمتيهما خلال حفل التوقيع على معاهدة السلام الإبراهيمية في البيت الأبيض على ذكر “حل الدولتين”، فإنه لم يرد ذكر تحديد حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين سواء في الكلمة أو نصوص المعاهدة؛ إذ تم الاكتفاء في نص المعاهدة بعبارة “تأكيد الحاجة إلى إيجاد حل سلمي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بما يحقق حاجات وتطلعات الشعبين”، ولم تشر المعاهدة إلى أي مرجعيات دولية لهذا الحل(24). وعليه، فإن عدم ارتكاز المعاهدة على أي من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة أو قرارات الجامعة العربية بخصوص القضية المحورية في منطقة الشرق الأوسط وهي القضية الفلسطينية، والخروج عن الإجماع العربي وقرارات الجامعة العربية ذات العلاقة بالاحتلال الإسرائيلي والتي تقوم على رفض كافة ممارساته وإجراءاته على أرض الواقع، والتمسك بمبدأ الأرض مقابل السلام والمبادرات العربية المبنية على شروط واضحة تجاه إسرائيل بقبولها تسوية شاملة تقوم على قرارات الشرعية الدولية بما يفضي إلى انسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، يجعل من هدف المعاهدة المتمثل في دعم جهود السلام في منطقة  الشرق الأوسط، محل نقاش واسع يصل إلى تحقيق أهداف معاكسة بتعميق الصراع العربي/الفلسطيني مع إسرائيل وتأجيج الصراعات وتعميقها. ففي الوقت الذي شكَّل فيه الاتفاق خروجًا لدولتي الإمارات والبحرين عن حالة الإجماع العربي ومبادرة السلام العربية(25)، فإن المعاهدة ارتكزت في ديباجتها على رؤية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للسلام والتزامه بمواصلة جهوده للتوصل إلى حل عادل وشامل ودائم للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، زيادة على التزام طرفي المعاهدة بالعمل معًا لتحقيق حل تفاوضي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وفقًا لما جاء في نصِّ الاتفاقية.

إن ما يسمى بـ”صفقة القرن”، والتي تعكس رؤية ترامب ونتنياهو، أثبتت ببنودها وإجراءاتها أنها قامت على انتهاك كامل للحقوق الفلسطينية، وإنكار لحق تقرير المصير وحق العودة للاجئين الفلسطينيين والتعويض وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194) وقرار مجلس الأمن رقم (2334) وغيرها من القرارات، زيادة على استمرار إسرائيل بالمضي في خطة الضم، وقرار الراعي الأميركي بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس جزءًا من صفقة القرن في إشارة إلى إنكار أي حق للفلسطينيين بالسيادة على القدس(26)، إلى جانب فشل الحل التفاوضي بعد تجربة اتفاقيات أوسلو وما تلاها من مفاوضات دون نتائج تُذكر، في ظل إمعان إسرائيل في خلق حقائق على أرض الواقع.

ثالثًا: مكافحة الإرهاب ودعم أسس الاستقرار الأمني في المنطقة

وفقًا لبنود المعاهدة، يولي الطرفان أهمية كبيرة للتفاهم والتعاون والتنسيق المتبادليْن بينهما في مجالات السلام والاستقرار، ويُعد هذا التعاون ركيزة أساسية لعلاقاتهما ووسيلة لتعزيز تلك المجالات في الشرق الأوسط. ويتعهد الطرفان باتخاذ الخطوات اللازمة لمنع أي أنشطة إرهابية أو عدائية ضد بعضهم البعض في أراضيهم أو انطلاقًا منها، وكذلك رفض تقديم أي دعم لمثل هذه الأنشطة في الخارج أو السماح بمثل هذا الدعم في أراضيهم أو انطلاقًا منها، ويتعهد الطرفان بالتنسيق وبدراسة دورية منتظمة وإبرام اتفاقيات مفصلة ووضع الترتيبات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف(27).

وفي هذا السياق، يُعد خضوع المعاهدة لأحكام القانون الدولي شرطًا أساسيًّا لصحتها، وإذا كانت العقود مخالفة لأحكام القانون الدولي فإن الدولة لا تستطيع إبرام مثل تلك العقود؛ لأنها في هذه الحالة تتعرض للمسؤولية الدولية، وإن إرادة الأطراف هي التي تحدد النظام القانوني الذي يخضع له، سواء أكان دوليًّا أم وطنيًّا. ومع ذلك فإن موضوع المعاهدة يفرض نفسه على إرادة الأطراف، حتى ولو اتجهت نية الأطراف إلى خضوع موضوع المعاهدة إلى القانون الوطني(28).

وحيث إن إسرائيل والراعي الرسمي للمعاهدة المتمثل في الجانب الأميركي يصنِّف أغلب حركات التحرر الوطني الفلسطينية والعربية إرهابية، خصوصًا في قطاع غزة، وجنوب لبنان؛ الأمر الذي سيترتب عليه، في إطار هذه المعاهدة، امتناع دولتي الإمارات والبحرين عن دعم فصائل المقاومة الفلسطينية على المستوى الرسمي والشعبي وحظر أنشطتها في أراضيها والتعاون في محاصرتها سواء في السر أو العلن، وهو ما يخالف ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي بمراعاة مشروعية المقاومة المسلحة لحركات التحرر الفلسطينية وفي مقدمتها الأنشطة العسكرية لفصائل المقاومة في غزة، باعتبارها أداة مشروعة لنيل الاستقلال وحق تقرير المصير، والتنصل من واجبات الدول الأعضاء بموجب ميثاق الأمم المتحدة بدعم حركات التحرر الوطني ماديًّا ومعنويًّا. ومن القرارات الدولية المباشرة التي تمنح المقاومة حق العمل المسلح وتوجب دعمها، نذكر على سبيل المثال:

– قرار رقم (2649) في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 1970، وينص على الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وفقًا لميثاق الأمم المتحدة(29)، ثم قرار رقم (3236) بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1974، وعنوان القرار “حقوق الشعب الفلسطيني”، الذي أكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وعلى جملة من الحقوق الثابتة غير قابلة للتصرف، ومنها: إن حق السيادة على الأرض هي ملك للشعب الفلسطيني، وهذه السيادة لا تتأثر بالاحتلال، زيادة على حق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه كاملة بكل الوسائل المتاحة في إطار ميثاق الأمم المتحدة(30).

– قرار رقم (3070) بتاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1973، والذي طلبت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة من الدول الأعضاء الاعتراف بحق تقرير المصير للشعوب، والحق في استقلالها مع تقديم أنواع الدعم المادي والمعنوي كافة لهذه الشعوب التي تقاتل من أجل استقلالها(31)، وقرار رقم (3314) بتاريخ 14 ديسمبر/كانون الأول 1974، الذي أكدت فيه الجمعية العامة ضرورة التقيد بجميع قراراتها التي صدرت بحق الشعوب في تقرير مصيرها، ومنحها الاستقلال، مع احترام حقوق الإنسان والمحافظة على حريته(32).

– تدعو المادة (55) من ميثاق الأمم المتحدة إلى قيام علاقات سلمية ودية بين الأمم على أساس احترام مبدأ المساواة وحق تقرير المصير لجميع أعضاء المنظمة، ويتعهد جميع الأعضاء بموجب المادة (56) بأن يقوموا منفردين ومشتركين بما يجب عليهم من عمل بالتعاون من الهيئة لإدراك المقاصد المنصوص عليها في المادة (55)، مع الإشارة إلى حصول دولة فلسطين على صفة عضو مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة والاعتراف بها في غالبية الأجهزة التابعة لها.

رابعًا: التعاون العسكري والأمني

يتعاون طرفا المعاهدة بما يحقق ويخدم رؤية الطرفين لأسس الأمن والاستقرار في المنطقة، لاسيما التهديدات الأمنية المشتركة والأنشطة الإرهابية والعدائية. ويُعد هذا التعاون امتدادًا للعلاقات الأمنية السابقة بين الطرفين، بما يخدم الرؤية المشتركة لبعض التهديدات مثل التهديد الإيراني، وذلك من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية والعلاقات العسكرية، وتحسين الاستعداد لمواجهة المخاطر الإيرانية في جميع المجالات، إلى جانب ذلك يسعى الطرفان إلى مواجهة النفوذ التركي/القطري في ليبيا والمنطقة(33)، وكذلك التعاون الاستخباراتي والسياساتي في مكافحة وحظر جماعة الإخوان المسلمين والإسلام الراديكالي. ومن أهم مجالات التعاون العسكري بين الطرفين المناورات الجوية المشتركة، وافتتاح شركة “إلبيط سيستمز” (Ilbit Systems) الإسرائيلية للأسلحة فرعًا لها في الإمارات، بخلق تعاون طويل الأمد مع الجيش الإماراتي، وتعاون شركة صناعات الطيران والفضاء الإسرائيلية مع “مجموعة إيدج”  (EDGE Group) المتخصصة في تكنولوجيا الدفاع، لتطوير نظام دفاعي متقدم مضاد للطائرات المسيرة، ويسعى الطرفان إلى التصنيع العسكري المشترك بما في ذلك تصميم سفن غير مأهولة وطائرات مسيرة، بعد سلسلة الزيارات المتبادلة لقيادات عسكرية رفيعة المستوى بين الطرفين من تاريخ توقيع المعاهدة(34).

وهذه المبادئ والأهداف ورد أغلبها بشكل واضح في بنود المعاهدة، واستُكملت ببنود تنظيمية وقواعد إجرائية تتطلبها قواعد القانون الدولي لشكل المعاهدة وإنفاذها، وهو ما سنتناوله في المطلب الثالث من هذا المبحث.

1.3. القواعد التنظيمية والإجرائية للمعاهدة

تُعد القواعد التنظيمية والإجرائية من الأسس الشكلية المهمة التي يتطلبها القانون الدولي واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لإضفاء الصفة الرسمية والدولية للمعاهدة ومنحها القوة الإلزامية، وقد تم تنظيمها في المعاهدة الإبراهيمية وفق الآتي:

أولًا: إقامة العلاقات الدبلوماسية وتبادل الممثلين

بموجب الاتفاقية يعرب الطرفان عن رغبة وإرادة في إرساء علاقات السلام والعلاقات الدبلوماسية والتطبيع الكامل واحترام سيادة الطرف الآخر وحقه في العيش في سلام وأمن، وإقامة علاقات ودية تقوم على التعاون وحل الخلافات بينهما بالوسائل السلمية. ويسترشد الطرفان في علاقاتهما بأحكام ميثاق الأمم المتحدة، ومبدأ القانون الدولي الذي يحكم العلاقات بين الدول، فضلًا عن التأكيد على البيان المشترك للولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة بتاريخ 13 أغسطس/آب 2020، ويتبادل الأطراف السفراء المقيمين في إطار علاقات دبلوماسية وقنصلية وفقًا لأحكام قواعد القانون الدولي.

ثانيًا: التفسير وتسوية المنازعات

يتعهد طرفا المعاهدة بالوفاء بحُسن نية بالتزاماتهما بغضِّ النظر عن عمل أو تقاعس أي طرف آخر وبصرف النظر عن أي صك يتعارض مع هذه المعاهدة، ويقر كل طرف للآخر بأنه في رأيه وتفسيره لا يوجد تضارب بين التزاماته في المعاهدات الحالية وهذه المعاهدة، كما يتعهد الطرفان بعدم الدخول في أي التزام يتعارض مع هذه المعاهدة، مع مراعاة المادة (103) من ميثاق الأمم المتحدة(35). وفي حال وجود تعارض بين التزامات الأطراف بموجب هذه المعاهدة وأي من التزاماتهم الأخرى تكون الالتزامات بموجب هذه المعاهدة ملزمة ويجري تنفيذها. وفي هذا الإطار يتعهد الطرفان بتبني أي تشريع أو إجراء قانوني داخلي آخر لازم لتنفيذ هذه المعاهدة، وإلغاء أي تشريع وطني أو منشورات رسمية لا تتوافق مع هذه المعاهدة، في إشارة إلى التشريعات السابقة التي كانت تحظر وتجرِّم التطبيع مع الجانب الإسرائيلي. والتزامًا بذلك، أصدرت الإمارات المرسوم بقانون اتحادي رقم (4) لسنة 2020 بإلغاء المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1972 بكامله (قانون مقاطعة إسرائيل) والذي كان يحظر ويعاقب أي اتفاقيات أو تعاون مع الجانب الإسرائيلي على كافة الأصعدة للأفراد ومؤسسات الدولة أو حيازة البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية بكافة أنواعها في الإمارات(36)، كما أكدت المعاهدة على عدم تفسير هذه الاتفاقية على نحو يؤثر بأي شكل على حقوق والتزامات الأطراف بموجب ميثاق الأمم المتحدة، ويتخذ الطرفان كافة الإجراءات اللازمة لتطبيق أحكام الاتفاقيات متعددة الأطراف والتي كلا الطرفين عضو فيها في علاقاتهما الثنائية، بما في ذلك تقديم الإخطارات اللازمة إلى جهات إيداع تلك الاتفاقيات(37)، مع الإشارة إلى أن المادة (103) من ميثاق الأمم المتحدة تقضي بأن جميع الالتزامات النابعة عن المعاهدات الثنائية أو متعددة الأطراف لا يعتد بها إذا ما تعارضت مع التزامات الأعضاء بموجب ميثاق الأمم المتحدة. ففي حال وجود التزامات متنافرة مع بعضها البعض ومناقضة لالتزاماتها المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وجب إهمالها وتنفيذ التزامات الميثاق ومبادئه، ويتفق هذا المعنى مع نص المادة (55) من الميثاق التي تؤكد تطوير علاقات الصداقة بين الأمم على أساس احترام مبدأ المساواة وحق تقرير المصير(38).

ثالثًا: تسوية المنازعات والتصديق الداخلي

وفقًا للمعاهدة الإبراهيمية بين الطرفين، فإن تسوية كل خلاف ناشئ عن تطبيق المعاهدة أو تفسيرها عن طريق التفاوض بشكل رئيسي وحصري، وفي حال فشلت المفاوضات بين الطرفين يمكن إحالة الخلاف إلى التوفيق أو التحكيم وتكون هذه الإحالة مشروطة ومرهونة باتفاق الطرفين معًا. ويلتزم الطرفان بالتصديق الداخلي اللازم وفقًا للتشريعات الوطنية بما يتيح نفاذ وتنفيذ المعاهدة على أن يتم لاحقًا تبادل وثائق التصديق، مع الإشارة إلى تأكيد البند الخامس من المعاهدة على أن أي اتفاقيات سابقة بين الطرفين تُعد داخلة في حيز التنفيذ مع دخول هذه المعاهدة حيز التنفيذ، ما لم يرد نص خاص فيها على خلاف هذا المبدأ، وهو الأمر الذي يخرج الاتفاقيات السرية السابقة بين الطرفين إلى حالة العلن والتنفيذ الظاهر المحمي بالقانون الدولي، وعدها جزءًا لا يتجزأ من المعاهدة.

رابعًا: تسجيل المعاهدة

يتوافق طرفا المعاهدة على إتمام إجراءات تسجيل المعاهدة استنادًا للقواعد القانونية العامة بإحالتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، فوفقًا لأحكام القانون الدولي فإن المعاهدات الدولية تثير عدة مشاكل في مجال العلاقات الدولية، وحرصًا على تجنب تلك المشاكل التي تتعلق بمضمون المعاهدة أو بسريان آثارها فقد حرص ميثاق الأمم المتحدة على إدراجها في المادة (102)(39) من الميثاق التي تشترط التسجيل، هذا وإن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام (1969) وفي المادة(3/1)(40) منها لم تشترط التسجيل، ولكنها أكدت ذلك في المادة، وكذلك فعلت اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات في المادة (80)(41) منها.

  1. التكييف القانوني للمعاهدة الإبراهيمية ومجالات التعاون فيها

تتعدد مجالات التعاون الاقتصادي والإنمائي التي تنص عليها المعاهدة الإبراهيمية وملاحقها، والتي يترتب على تنفيذها وتطبيقها آثار قانونية تستدعي التكييف القانوني لها ككل في ضوء مبدأ المساواة والتكافؤ، ويترتب على هذا التكييف وجود تداخلات غير متكافئة في المعاهدة.

2.1. مجالات التعاون الاقتصادي والإنمائي وفقًا لملاحق المعاهدة الإبراهيمية

يُشترط في الاتفاق الدولي ليكون معاهدة أن تنصرف إرادة الدول الأطراف إلى إحداث آثار قانونية دولية عامة أو التزامات قانونية دولية ملزمة للطرفين(42)، ووفقًا للبند الخامس من المعاهدة ومن منطلق التزامهما بالسلام والازدهار والعلاقات الدبلوماسية والودية والتعاون والتطبيع الكامل، واستغلالًا للإمكانيات العظيمة للبلدين وللمنطقة، فإن الطرفين يلتزمان بإبرام اتفاقيات ثنائية لاحقة ومتخصصة في مجالات حدَّدها البند الخامس، وفُصِّلت في ملحق الاتفاقية، فضلًا عن توقيع سلسلة من مذكرات التفاهم الثنائية الخاصة بكل مجال، وقد جرى توقيع ما يزيد على 60 مذكرة تفاهم تنظم تبادلات تجارية تزيد قيمتها الإجمالية عن 700 مليون دولار ويتطلع الطرفان للوصول إلى تريليون دولار من النشاط التجاري(43)، وتتمثل هذه المجالات في الآتي:

أولًا: التجارة والتمويل والاستثمار

يحصل ذلك من خلال تعاون الطرفين لتعميق وتوسيع علاقاتهما الاستثمارية الثنائية والابتكار إقرارًا بالدور المحوري لهذه الاتفاقية في التنمية الاقتصادية للطرفين والمنطقة، والالتزام بحماية المستثمرين والمستهلكين وسلامة السوق والاستقرار المالي، والحفاظ على جميع المعايير التنظيمية المعمول بها، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية الإقليمية وتدفق السلع والخدمات الحر، وتنويع فرص التجارة الثنائية، بتقليل الحواجز الثنائية وتوفير الظروف المواتية، إلى جانب تعزيز التعاون في مشاريع البنية التحتية الإقليمية الإستراتيجية وإنشاء مجموعة عمل متعددة الأطراف لمشروع “مسارات من أجل السلام الإقليمي”(44).

ثانيًا: الطيران المدني

إن تسيير رحلات جوية مباشرة منتظمة بين البلدين للمسافرين والبضائع يُعد وسيلة أساسية لتطوير وتعزيز العلاقات بينهما، والاعتراف المتبادل بالحقوق والامتيازات والالتزامات المنصوص عليها في اتفاقيات الطيران متعدد الأطراف، لاسيما اتفاقية الطيران المدني الدولي لعام 1944، واتفاقية النقل الجوي الدولي لعام 1944، والعمل على إنشاء ممر جوي دولي بين البلدين وفقًا للقانون الدولي، إلى جانب تنفيذ الترتيبات اللازمة ذات العلاقة بالتأشيرات والخدمات القنصلية لتسهيل السفر لمواطني الدولتين(45)، وقد تم توقيع مذكرات تفاهم لفتح المجال الجوي الإماراتي والبحريني والسعودي أمام الطائرات الإسرائيلية؛ الأمر الذي عزز الربط الجوي لإسرائيل بدول آسيا(46).

ثالثًا: السياحة

سعى الطرفان من خلال عنصر أساسي في التنمية الاقتصادية وتطوير العلاقات بين الشعبين والتبادل الثقافي إلى تعزيز وترويج التعاون السياحي، من خلال تسهيل تبادل المعلومات بمختلف الوسائل والمشاركة في المعارض السياحية المشتركة والجولات الاستكشافية المتبادلة وتطوير السياحة التراثية والثقافية والريفية لتعميق الروابط السياحية بين البلدين(47)، وقد زار أكثر من ربع مليون إسرائيلي الإمارات بعد عام من توقيع المعاهدة(48).

رابعًا: العلوم والتكنولوجيا والاتصالات والاستخدام السلمي للفضاء الخارجي

يسعى الطرفان من خلال المعاهدة إلى تعزيز التعاون والعمل المشترك المتبادل في مجالات التقدم العلمي والتكنولوجي بين العلماء ومراكز البحث العلمي والمؤسساتي، والتمويل المشترك لإنشاء وتطوير هذه المراكز في مجالات مختارة ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي لأغراض سلمية، وفقًا للقوانين الدولية والوطنية ذات العلاقة. زيادة على التعاون في التطوير المستمر للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات البريدية، وإنشاء خدمات اتصالات مباشرة بين الطرفين وخطوط هاتف سلكية والاتصالات اللاسلكية والتبادل البريدي المباشر، والكابلات البحرية وحلول التجارة الإلكترونية، واستخدام أنظمة الأقمار الصناعية المتاحة وخدمات الاتصالات بالألياف الضوئية والبث، والتعاون في شبكات الجيل الخامس، والمدن الذكية(49).

خامسًا: المياه والبيئة والأمن الغذائي

يتعاون الطرفان لتحقيق منفعتهما المشتركة للاستخدام المستدام للمياه ومعالجة قضايا إمدادات المياه وإدارتها لتحقيق الأمن المائي والكفاية وتحلية المياه وترشيد استخداماتها، فضلًا عن إدارة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها. ويقر الطرفان بأهمية التعاون في حماية البيئة والحفاظ عليها وتحسينها، وتشجيع الابتكار البيئي من أجل التنمية والاستدامة للمنطقة وخارجها، وتطوير إستراتيجيات ذات أولوية، مثل حماية البيئة البحرية والتنوع البيولوجي وتخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معه، وتطوير حلول رائدة للتحديات المناخية في البيئات القاحلة وشبه القاحلة(50). وزيادة على ذلك يتعاون الطرفان في تحقيق التنمية الزراعية المستدامة ومواجهة تحديات الأمن الغذائي من خلال تسخير التقنيات الحالية وتعظيمها، وتبادل وتطوير المعرفة والتقنيات المبتكرة في مجال الزراعة القاحلة، وتقنيات الري، وتربية الأحياء البحرية في مياه البحر الضحلة، وإنتاج أعلاف الأسماك المغذية المستدامة، وتطوير البذور في المناخات الحارة والرطبة(51).

سادسًا: الطاقة والرعاية الصحية

يتعاون الطرفان بتعزيز استغلال موارد الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي والشبكات الإقليمية ومصادر الطاقة البديلة وأمن الطاقة، وتبادل أفضل الممارسات ومناقشة السياسات في منتديات الطاقة، والتنسيق عند الاقتضاء مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ومقرها في أبوظبي. ومن أهم المشاريع الحيوية التي جسدها هذا التعاون هو مذكرة التفاهم بين شركة خطوط أنابيب أوروبا وآسيا “EAPC”، وهي شركة إسرائيلية مملوكة للدولة، وشركة “ميد-ريد لاند بريدج” (MED-RED Land Bridge)، وهي مشروع مشترك بين إسرائيل والإمارات لتمديد خط أنابيب نفط إلى الإمارات، والذي يمتد حاليًّا من مدينة إيلات على البحر الأحمر إلى ميناء عسقلان على البحر الأبيض المتوسط، ويهدف المشروع إلى نقل الخام من الإمارات إلى إسرائيل والأسواق الأوروبية، كما سيمكِّن دول شرق آسيا من الوصول إلى نفط منطقتي البحرين المتوسط والأسود(52).

سابعًا: الترتيبات البحرية والتعاون القانوني

يقر الطرفان بحق سفن كل طرف في المرور البريء عبر مياهه الإقليمية وفقًا للقانون الدولي، والوصول العادي إلى موانئه لسفن وشحنات وبضائع الطرف الآخر. ويكون منح هذا الوصول وفق الشروط نفسها المطبقة عمومًا على السفن والبضائع الخاصة بالدول الأخرى، ويتم تطوير اتفاقيات خاصة في الشؤون البحرية وفق الاقتضاء والحاجة، ومن آفاق التعاون المتوقعة التعاون بين موانئ “دبي العالمية الإماراتية” وشركة “دوفر تاور” (Dover Tower) الإسرائيلية في مشروع خصخصة ميناء حيفا(53).

ويمنح كلُّ طرف الآخرَ أكبرَ قدر من التعاون القانوني والدعم اللازم لحركة الأشخاص والبضائع بما يعزز بيئة ودية دائمة، زيادة على التعاون والمساعدة القانونية في الجوانب الأخرى والشؤون المدنية والتجارية ويتم إبرام الاتفاقيات اللازمة في هذا المجال.

2.2. التكييف القانوني لمعاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمي في ضوء مبدأ المساواة والتكافؤ

إن تكييف معاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية بين الإمارات وإسرائيل والتي التحقت بها دولة البحرين بأنها معاهدة دولية ثنائية خاصة شاملة للجوانب السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية والقانونية، إلى جانب ترتيب تحالفات فيما يتعلق بحفظ السلم والأمن ومكافحة الإرهاب والتهديدات المشتركة في المنطقة، وهي معاهدة تعاقدية ترتِّب التزامات تعاقدية بين طرفيها دون أن يتعدى هذا الأثر إلى الغير، وهو ما أكدته نصوص الاتفاقية وملحقاتها بأنها تشكِّل تطبيعًا كاملًا لكافة الجوانب والمواضيع بين البلدين، وبالرغم من أن المعاهدة الإبراهيمية ثنائية بين الإمارات وإسرائيل إلا أنها يمكن أن تعد مفتوحة بشكل مقيد ومحدود للدول العربية الراغبة في التطبيع الكامل، وبالرغم من ذلك تُعد هذه المعاهدة ثنائية مقيدة الانضمام بالإطار العام.

 كما تمثِّل المعاهدة معاهدة سلام بالرغم من عدم وجود أي توترات عسكرية أو حروب بين الطرفين؛ ذلك أن الخليج العربي كان جزءًا من الإجماع العربي على العداء لإسرائيل ومقاطعتها بعد حروبها مع غير دولة عربية واحتلالها الأراضي الفلسطينية، وهي القضية المحورية للعرب في كثير من الأوقات والمحافل والعلاقات على المستوى الرسمي وحتى هذا الوقت على المستوى الشعبي بأبعادها الدينية والقومية، فضلًا عن أن دولة الإمارات وحتى تاريخ توقيع المعاهدة كان لديها تشريعات وطنية تحظر وتمنع أي شكل من الاتصال والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وتجرِّمه، وتشكِّل هذه المعاهدة اتفاق تطبيع كامل بخلاف معاهدات السلام السابقة التي عقدتها إسرائيل مع مصر والأردن.

زيادة على ما سبق من تصنيف وتكييف للمعاهدات يبرز تصنيف آخر مهم يتعلق بمبدأ المساواة والسيادة بين الدول، فاستنادًا إلى هذا المبدأ تُصنَّف المعاهدة إلى متكافئة وغير متكافئة، فمنذ نشأة المعاهدات صيغةً للتعامل الدولي ووسيلة لتنظيم العلاقات فيما بين الدول، وُصف كثير من المعاهدات والاتفاقيات بالتكافؤ وعدم التكافؤ، وينطوي التعريف الاصطلاحي لمبدأ التكافؤ على قدر كبير من الصعوبة والنقاش القانوني.

فجانب من الفقه يرى “أن المعاهدات المتكافئة هي تلك المعاهدات التي تتناسب شروطها مع قوة الأطراف المتعاقدة على أن تنطبق تلك الشروط بصورة متساوية”، ويقول فاتيل(Vattel) : إن المعاهدات غير المتكافئة هي تلك المعاهدات التي لا تفرض على طرفيها الالتزامات أو التزامات متعادلة، أو نسبية والتي من شأنها محاباة أحد الطرفين على حساب الطرف الآخر، ويقول الفقيه هيوتفي: إن المعاهدات التي تهمل ميزة يكفلها القانون تُعد معاهدات غير ملزمة، مثل المعاهدة التي تمس كيان الدولة، ويرى كالفو (C. Calvo) أن المعاهدة لكي تكون متكافئة ينبغي أن تكون متساوية من حيث الحقوق والالتزامات بحيث لا يتعهد أحد الأطراف زيادة عمَّا تعهد به الطرف أو زيادة عمَّا التزم به. وحاول هوغو غروتيوس (Hugo Grotius) حصر بعض الموضوعات التي من الممكن أن تكون محلًّا للمعاهدات غير المتكافئة، وهي: معاهدات الامتيازات الأجنبية، ومعاهدات الصلح التي تفرضها الدولة أو الدول المنتصرة عقب حرب، ومعاهدات الحياد، ومعاهدات الامتداد الإقليمي، ومعاهدات الضمان والحماية التي تُعقد بين الدول الكبرى والدول الصغرى، والمعاهدات المتفاوض عليها تحت ظروف معينة تفرض على الدول الصغرى التدخل في ظل ظروف معينة(54).

أما وولسي (woolse) فقد حصر المعاهدات غير المتكافئة بأنها “إذا كانت المعاهدة طويلة الأمد أو لها صفة التأبيد، وجرى إعطاء الحق لأحد أطراف المعاهدة لإعادة النظر فيها دون إعطاء هذا الحق للأطراف الأخرى، أو عدم التعادل في توزيع الالتزامات والحقوق على الأطراف، أو فرض المعاهدة بالقوة”(55).

وفي ضوء ما سبق من تعريف للمعاهدات المتكافئة وغير المتكافئة واستنادًا إلى مبدأ المساواة والتكافؤ بين الدول، وما يتفرع عنه من حق الحرية للدولة في تقرير الحقوق والواجبات وتقرير المسؤولية في شؤونها الداخلية والخارجية بمحض إرادتها في نطاق قواعد القانون الدولي العام بعيدًا عن التدخل في شؤون الدول الأخرى(56)، وبالإسقاط على ما سبق من قراءة تفصيلية لبنود الاتفاقية الإبراهيمية ومشتملاتها الواسعة، وفي إطار محدودية أثر المعاهدات على أطرافها دون الغير، وحيث إن مبدأ التكافؤ لا يشترط أن يرد على المعاهدة بشكل كامل، بل قد يرد على بعض الجوانب أو الآثار، فإننا نرى بتحقق مبدأ التكافؤ في الجانب الغالب في معاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية خصوصًا بين أطرافها، وذلك بالاستناد إلى الأسس والمعايير الآتية:

  1. المعاهدة تراعي مبدأ تبادل الحقوق والواجبات وبحرية متساوية في ظل القانون الدولي.
  2. المعاهدة تحترم على قدم المساواة الحقوق التي يعترف بها القانون الدولي لكل طرف بصفته دولة وأحد أشخاص القانون الدولي، وبالسيادة والاستقلال والمراكز القانونية للدولة داخليًّا وخارجيًّا.
  3. التطبيق المتساوي لقواعد الإجراءات الدولية الخاصة بتسوية المنازعات وحماية المطالب العادلة، بالرغم من ربطه بعملية التفاوض وعدم الالتجاء إلى التوفيق أو التحكيم إلا بإرادة مشتركة من الطرفين.
  4. غياب الإملاءات في بنود المعاهدة وفق مبدأ المساواة والتكافؤ، والاحترام المتبادل بعدم التدخل في الشؤون الداخلية بين الطرفين، أو الحد من تصرفاتها واختصاصاتها الكلية أو الجزئية، وبالرغم من التنظيم العامل لسياسات الخارجية للطرفين لصالح الجانب الإسرائيلي في مكافحة الإرهاب والتهديدات الخارجية في منطقة الشرق الأوسط في إشارة للجانب الإيراني وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية إلا أن ذلك يتفق مع السياسات الخارجية لدولة الإمارات؛ الأمر الذي لا يؤثر في تحقق مبدأ التكافؤ بين الطرفين بشكل مباشر في حدود آثار المعاهدة على الطرفين.
  5. غياب الادعاء بحق الصدارة أو تقدم طرف على طرف آخر استنادًا إلى المركز السياسي أو النفوذ أو القوة أو السلطة.
  6. ربط المعاهدة بالتصديق الداخلي المتساوي والتسجيل الرسمي لدى الأمين العام للأمم المتحدة وفقًا لأحكام القانون الدولي واتفاقيات فيينا.
  7. بالرغم من مؤشرات الإكراه المعنوي السياسي من طرف راعي المعاهدة المتمثل في الجانب الأميركي على الدول العربية في تطبيع العلاقات مع الجانب الإسرائيلي كما سنأتي على بيانه، خصوصًا في عهد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في إطار ما يسمى بصفقة القرن، إلا أن هذا الإكراه غير جلي وظاهر ولم يبدِ الجانب الإماراتي أو البحريني أي تذمر منه كما لم ينعكس على بنود المعاهدة؛ الأمر الذي يعني تحقق الإرادة القانونية اللازمة في إبرام المعاهدة لدى الطرفين وفقًا لمعايير القانون الدولي، واتفاقية فيينا بعيدًا عن عيوب الإرادة مثل الإكراه والغش أو الغلط، آخذين بعين الاعتبار تاريخ الاتصالات والعلاقات السرية السابقة لتوقيع معاهدة السلام والتطبيع بين الطرفين.
  8. غياب أي امتيازات خاصة لأحد الطرفين باستغلال ثرواته وموارده الداخلية، أو منح أي إعفاءات مالية أو قضائية أو حقوقية غير متساوية لصالح أحد الأطراف أو رعاياه تجاه الطرف الآخر.
  9. تحقق مصالح سياسية اقتصادية إنمائية مشتركة وخاصة بكل طرف في إطار الإرادة السيادية لكل طرف وفق أحكام القانون الدولي، بالرغم من المصالح والأهداف الخفية وغير المعلنة من كل طرف أو بالتنسيق بين الطرفين والتي قد يخالف بعضها أحكام القانون الدولي إلا أن إخفاء هذه الأهداف يجعل الإطار العام للاتفاقية متفقًا مع أحكام القانون الدولي.
  10. تراعي المعاهدة في بندها التاسع أحكام المادة (103) من ميثاق الأمم المتحدة والتي تقضي بأن جميع الالتزامات النابعة عن المعاهدات الثنائية أو متعددة الأطراف، لا يُعتد بها إذا ما تعارضت والتزامات الأعضاء بموجب ميثاق الأمم المتحدة.

وبالرغم من أسس التكافؤ سابقة البيان إلا أن بعض التداخلات العامة المتعلقة بالمعاهدة وآثارها تظهر جوانب غير متكافئة، لاسيما فيما يتعلق بالراعي لعملية المعاهدة وآثارها غير المباشرة على القضية الفلسطينية، والأهداف الخفية للاحتلال الإسرائيلي دون أن يكون لهذه التداخلات الأثر القانوني المباشر بالحكم بعدم التكافؤ العام على المعاهدة.

2.3. التداخلات غير المتكافئة في معاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية

تعتري معاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية بعض التداخلات غير المتكافئة ذات العلاقة والأثر غير المباشر بين طرفيها، وهي تداخلات تتعلق بالدور الأميركي في رعاية المعاهدة، وبالآثار المترتبة للمعاهدة على الحقوق الفلسطينية من منظور القواعد الآمرة في القانون الدولي، وسنتناول دراسة هذه التداخلات وفق الآتي:

أولًا: تقييم رعاية الولايات المتحدة الأميركية للمعاهدة الإبراهيمية

قامت الولايات المتحدة الأميركية، الحليف الإستراتيجي لإسرائيل، بدور محوري في عقد معاهدات السلام العربية-الإسرائيلية: معاهدة “كامب ديفيد” في 1979 إبَّان عهد الرئيس جيمي كارتر، واتفاقية السلام الإسرائيلية-الأردنية في 1994 خلال عهد الرئيس بيل كلينتون. وكذلك كان لواشنطن الرعاية الرسمية للمفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية بما في ذلك توقيع اتفاقيات أوسلو. وفي 15 سبتمبر/أيلول 2020، وعلى عهد الرئيس دونالد ترامب، رعت الولايات المتحدة معاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية بين إسرائيل والإمارات والبحرين.

وفي 28 يناير/كانون الثاني 2020، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من البيت الأبيض وبجانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خطته للسلام تحت اسم صفقة القرن، متعهدًا بأن تبقى القدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، وأنه ستكون هناك دولة فلسطينية بشرط الرفض الصريح للإرهاب، دون تحديد شكل وحدود تلك الدولة، والاعتراف بشرعية المستوطنات، وضم الأغوار، وعدم الاعتراف بحق العودة، واعدًا بترجمة الخارطة النظرية بشكل مفصل ومحكم حتى يكون الاعتراف بها فوريًّا(57). وقد تضمنت الصفقة عروضًا اقتصادية ومالية ضخمة للدول التي ستوافق عليها مقابل تهديدات سياسية واقتصادية مبطنة للدولة التي ستعارض الرؤية الأميركية في الشرق الأوسط، وخلال المؤتمر الصحفي شكر ترامب كلًّا من دول البحرين والإمارات وعُمان، التي حضر سفراؤها المؤتمر الصحفي للرئيس الأميركي(58).

ووفقًا لأحكام القانون الدولي فإنه يحظر استخدام القوة أو التهديد بها ضد سلامة الدول واستقلالها، وفي أي شكل من الأشكال التي لا تتفق مع مقاصد الأمم المتحدة إلا في حالة الدفاع الشرعي المنصوص عليها في المادة (51) من ميثاقها، وهذا مبدأ مستقر وثابت، ويترتب عليه أيضًا بطلان المعاهدات الدولية التي تُبْرَم تحت الضغط والإكراه أو باستعمال القوة والتهديد(59)، لأن ما بُني على باطل فهو باطل، ولا ينتج أي أثر قانوني في الحياة الدولية(60). وتنسيقًا مع هذا المبدأ الثابت، فقد نصَّت المادة (52) من اتفاقية فيينا للمعاهدات على أنه “تعتبر المعاهدات باطلة بطلانًا مطلقًا إذا تم إبرامها نتيجة تهديد باستعمال القوة أو باستخدامها لمبادئ القانون الدولي العام الواردة في ميثاق الأمم المتحدة”، وقد حصرت اتفاقية فيينا تعبير القوة الوارد في ميثاق الأمم المتحدة باعتباره لا يشمل جميع صور القوة لاعتبارها عيبًا يقضي ببطلان المعاهدات. وبناء عليه، إذا لم تستخدم القوة المسلحة بصورها لا يمكن القول ببطلان المعاهدة؛ الأمر الذي يعني عدم حجية ادعاء الدولة بأنها وقعت ضحية إكراه وتهديد اقتصادي أو سياسي أو لأي من الصور الأخرى للإكراه غير العسكري لإبطال المعاهدة غير المتكافئة(61). وبالرغم من خطورة التهديد السياسي والاقتصادي خصوصًا في عصرنا الحالي إلا أنه لا يعتد به بحدِّ ذاته سببًا لإنهاء المعاهدات غير المتكافئة.

ثانيًا: المعاهدة الإبراهيمية والقواعد الآمرة المتعلقة بالقضية الفلسطينية

يمثِّل إبرام المعاهدات مظهرًا مهمًّا من مظاهر ممارسة السيادة(62)، وحقًّا أصيلًا للدول، ودليلًا على سيادتها وحريتها في تنظيم علاقاتها الداخلية والخارجية. ووفقًا لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات فإن لكل دولة أهلية عقد المعاهدات، كما أن كل معاهدة تُعد نافذة وملزمة لأطرافها فقط(63)، ولا يجوز أن يتعدى أثر المعاهدة أي التزامات أو حقوق لدولة غير الأطراف دون رضاها(64)، كما نصَّت المادة (53) من اتفاقية فيينا على أن المعاهدة تكون باطلة إذا كان وقت عقدها يتعارض مع قاعدة آمرة من القواعد العامة للقانون الدولي. ويقصد بالقاعدة الآمرة أن تكون من القواعد العامة للقانون الدولي المقبولة والمعترف بها من المجتمع الدولي ككل والتي لا يجوز الإخلال بها ولا يمكن تعديلها إلا بقاعدة لاحقة من القواعد العامة للقانون الدولي ذات الطابع، كما نصَّت المادة (1/2) من ميثاق الأمم المتحدة على أن إنماء العلاقات الودية بين الأمم يكون على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها، وهو ما يتقاطع مع مقدمة نص المادة (55) من الميثاق المذكور التي تؤكد أن تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سليمة ودية يجب أن تؤسس على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير المصير. ويتعهد جميع الأعضاء بموجب المادة (56) بأن يقوموا منفردين ومشتركين، بما يجب عليهم من عمل بالتعاون مع الهيئة لإدراك المقاصد المنصوص عليها في المادة (55)، وهذا المبدأ لا يقتصر على واجب أطراف المعاهدة بل يمتد بطبيعة الحال إلى أي طرف آخر يتأثر بنتائج هذه المعاهدة أو تنفيذها.

وبناء عليه، فإن صحة إبرام المعاهدات يقترن بالتزامها بقواعد القانون الدولي والقواعد الآمرة واحترامها لحقوق الغير وفي مقدمتها حق تقرير المصير، وبخلاف ذلك تكون باطلة بطلانًا مطلقًا لمخالفتها لقاعدة آمرة، وقد يكون التعارض بين المعاهدة والقواعد الآمرة وقت إبرام المعاهدة، فتبطل التصرفات الناتجة عن هذه المعاهدة بطلانًا مطلقًا لتعلقه بالنظام العام، حتى مع قبول الطرف المتضرر لهذا التعارض بين القاعدة الآمرة والمعاهدة، وذلك بسبب التأثير الرادع الذي ابتغاه المجتمع الدولي من تبنِّي تلك القواعد الآمرة، والتي عمل على حمايتها وتقديسها من خلال إبطال أي معاهدة يتم إبرامها بالمخالفة لتلك القواعد الآمرة، حتى وإن ارتضتها الدول؛ لأن هذه القواعد الآمرة، تشكِّل ذروة النظام القانوني الدولي(65).

وبإسقاط هذه الأحكام القانونية على معاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية وما تبعها من اتفاقيات اقتصادية وإنمائية لاستغلال ثروات الطرفين في مجالات واسعة، دون أية إشارة في بنود المعاهدة إلى حظر المساس بالثروات والمقدرات الفلسطينية أو منع استغلاها في إطار عمليات ومجالات التعاون بين الطرفين، فإن الحقوق الفلسطينية تكون قد تضررت بشكل مباشر في جوانب متعددة لصالح الاحتلال الإسرائيلي وتكون المعاهدة ببعض جوانبها مخالفة لقواعد دولية آمرة وذلك وفقاً للآتي:

سيكون جزء واسع من مجالات التعاون والتبادل الاقتصادي والتجاري بين الطرفين على حساب استغلال الاحتلال الإسرائيلي للموارد البشرية والطبيعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها مجالات الزراعة في أراضي الضفة الغربية والأغوار، واستغلال الاحتلال لثروات البحر الميت، وسرقة الغاز الطبيعي في المتوسط وغيرها كثير من عمليات الاستنزاف لهذه الثروات من طرف الاحتلال(66). وهو ما يخالف بشكل صريح قواعد قانونية دولية آمرة ثابتة، ومنها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (31) لسنة 1967، والذي يحظر فيه على القوى المحتلة أن تحرم الشعوب الخاضعة لسلطتها من ممارسة حقوقها المشروعة في الحفاظ على مصادرها الطبيعية، وإلا سيُعد ذلك خرقًا فاضحًا للالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك قرار رقم (2535) في العاشر من ديسمبر/كانون الأول عام 1969، والذي ينص على الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، وأن الجمعية العامة تلفت نظر مجلس الأمن إلى سياسة إسرائيل المتبعة ضد الشعب الفلسطيني(67)، وقراري الجمعية العمومية رقم (37/135) و(38/144) وكلا القرارين يؤكد عدم مشروعية جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل لاستغلال الموارد البشرية والطبيعية في الأراضي الفلسطينية العربية المحتلة، كما طالب القراران بأن تضع إسرائيل حدًّا نهائيًّا وفوريًّا للإجراءات كافة(68)، وكذلك أحكام العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 وغيرها من قواعد القانون الدولي.

  1. يمتد السرطان الاستيطاني الإسرائيلي في أرجاء الضفة الغربية والقدس والأغوار كافة؛ حيث تشير البيانات إلى أن عدد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية قد بلغ 151 مستوطنة تقتطع 42% من مساحة الضفة الغربية، فيما تمت السيطرة على 68% من مساحة الأراضي المسماة (ج) في الضفة الغربية لمصلحة المستوطنين، وهي المنطقة التي تضم 87% من موارد الضفة الطبيعية و90% من غاباتها. وتشكِّل المستوطنات انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي وكافة المواثيق والمعاهدات وقرارات المؤسسات الدولية وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات لاهاي واتفاقيات جنيف وقرارات مجلس الأمن(69).

وبمراجعة نصوص المعاهدة الإبراهيمية فإنها لا تحظر أو تستثني المستوطنات من عمليات الاستثمار والتبادل التجاري والإنمائي، مع الإشارة إلى أن جزءًا كبيرًا من استثمارات الاحتلال الإسرائيلي الصناعي والزراعي يتركز في المستوطنات ومنها الزراعة بأنواعها، والصناعات الخفيفة والمتوسطة، والمنتجات الكيميائية، والأدوية والمبيدات الزراعية، والملابس، وتصنيع الفواكه والخضار. وتشير التقديرات إلى وجود ما يقارب 250 مصنعًا داخل المستوطنات وما يقارب 3000 منشأة زراعية وتجارية وشركة تنتج ما يقارب 146 علامة تجارية في كافة القطاعات الإنتاجية(70). كما تعتمد الصناعات في إسرائيل على المواد الخام التي يتم استنزافها من الأراضي المقامة عليها المستوطنات. كما يتخذ العديد من الشركات الإسرائيلية من المستوطنات مركزًا لها، وفي هذا الإطار تقاطع دول عديدة حول العالم، ومنها بلدان أوروبية، هذه الشركات وأي منتجات أو استثمارات ذات علاقة بها. وبناء عليه، فإن دخول المستوطنات في دائرة الاستثمارات المتعلقة بتنفيذ المعاهدة الإبراهيمية، يجعل من المعاهدة مخالفة لأحكام القانون الدولي وقواعد آمرة عديدة.

  1. تشكِّل المعاهدة الإبراهيمية شرعنة لسلوك الاحتلال الإسرائيلي الممعن في مخالفة أحكام وقواعد القانون الدولي، منها اتخاذ القدس عاصمة موحدة لإسرائيل وشرعنة المستوطنات وضم أراضي الأغوار والأراضي خلف الجدار ومناطق أخرى من الضفة الغربية، والاستمرار في حصار غزة ومحاربة فصائل المقاومة فيها وتصنيفها منظمات إرهابية، وكل ذلك بهدف تصفية القضية الفلسطينية وفرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني. كما تدعم المعاهدة وتساند سياسات الاحتلال الإسرائيلي، بالانتقال من علاقات السلام مقابل الأرض إلى السلام مقابل السلام أو السلام السياسي والاقتصادي والسياحي الذي يقوِّي مركز إسرائيل وتحالفاتها في المنطقة، على حساب الأمن القومي العربي، وبالنتيجة انقلابًا للمعادلات العسكرية والأمنية والإستراتيجية في المنطقة(71).

استنتاجات

تُعد إقامة العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء وإبرام الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين الدول أمرًا طبيعيًّا يجسده مبدأ السيادة ويحث عليه القانون الدولي وينظمه بمواثيق وأعراف دولية في مقدمتها اتفاقيات فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية لعامي 1961 و1963، ولكن هذه العلاقة لا تُعد بأي حال طبيعية في حالة الاحتلال الإسرائيلي الذي يمعن في انتهاك القانون الدولي واتفاقيات جنيف والمستمر في ارتكاب جرائم حرب ومخالفة قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتقيم استثماراتها من خلال استغلال وسرقة ثروات الأراضي الفلسطينية التي استولت عليها بالقوة. وإذا ما كان هذا التطبيع من دولة عربية فإنها إلى جانب ما سبق تكون قد انتهكت قرارات قمم الجامعة العربية ومبادرة السلام التي تبنَّتها بإجماع، والتي حددت أسسًا واضحة ومقيدة لتطبيع العلاقات مع جانب الاحتلال الإسرائيلي من قبل أية دولة عربية، وحذَّرت من كسر هذه الأسس لما في ذلك من إضعاف للقضية الفلسطينية وإضاعة الحقوق، مع التأكيد على أن التحركات الفردية والجانبية خارج الإجماع العربي تمثِّل كسرًا لحالة الثبات وتشتيت المشتَّت في الإجماع العربي.

كما أن التذرع بأهداف واهية بوقف عمليات ضم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المخالف لأحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية والحقوق الثابتة، إنما يضعها في حالة الإذعان غير الشرعي وعدم التكافؤ في اتفاقيات مبنية على أسس غير قانونية في حال ثبوتها، إلى جانب افتقادها لضمانات حقيقية لمثل هذه التعهدات الشفوية الفضفاضة والتي سرعان ما تنصل منها الاحتلال الإسرائيلي والراعي الأميركي لعملية السلام والتطبيع. وفي ذات الإطار، فإن ارتكاز معاهدة التطبيع على رؤية الرئيس الأميركي في حينه، دونالد ترامب، للسلام في منطقة الشرق الأوسط، والتي تُرجمت بما يسمى صفقة القرن القائمة على انتهاك وتجاهل كامل لكافة الحقوق الفلسطينية وفي مقدمتها اعتبار القدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي وإلغاء حق العودة ومنح إسرائيل الضوء الأخضر لضم أراض عربية وفلسطينية، إنما يشكِّل خطوة في غاية الخطورة على القضية الفلسطينية، تحت ذرائع ومكتسبات سياسية أو اقتصادية، ويمس مبدأ التكافؤ بما يتعلق بأثر المعاهدة على دولة فلسطين وقضيتها.

كما أن تضمين اتفاقية التطبيع والسلام الإبراهيمية تعهد الطرفين باتخاذ الخطوات اللازمة لمنع أي أنشطة إرهابية أو عدائية ضد بعضهما البعض في أراضيهما أو انطلاقًا منها، ورفض أي دعم لمثل هذه الأنشطة في الخارج أو السماح بهذا الدعم في أراضيهما أو انطلاقًا منها، إنما يشكِّل في حقيقته ومضمونه مخالفة واضحة لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز لحركات التحرر الوطني في مسعاها النضالي استخدام القوة لنيل حق تقرير المصير. وإن مثل هذا الالتزام يفترض بالنتيجة تجريم وحظر أي دعم لحركات التحرر وفصائل المقاومة الفلسطينية التي تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة حركات إرهابية تحظر نشاطها أو دعمها، كما هي الحال بفصائل المقاومة في قطاع غزة، وهو ما يُعد مغالاة في التماهي مع صالح الاحتلال الإسرائيلي على حساب القضية الفلسطينية ومستقبلها.

كما يشكِّل التعاون الاقتصادي التجاري بين أطراف المعاهدة في مجالات واسعة، منها التمويل والاستثمار والسياحة والزراعة والأمن الغذائي والمياه والطاقة والترتيبات البحرية، دون أدنى إشارة من الجانب الإماراتي أو البحريني لحظر تنفيذ هذا التعاون على حساب استغلال الثروات الطبيعية الفلسطينية التي يمعن الاحتلال الإسرائيلي في نهبها واستنزافها ومنها استغلال الغاز الطبيعي في البحر المتوسط واستنزاف ثروات البحر الميت وضم أراضي الأغوار الزراعية واستثمارها، إلى جانب الاستغلال الصناعي والزراعي في المستوطنات والأراضي خلف الجدار ومناطق الضفة الغربية المصنفة مناطق (ج)، واستغلال المياه الجوفية والثروات المعدنية، مخالفة واضحة لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة والقانون الدولي واعتبار هذه الإجراءات تدابير غير شرعية واجبة الوقف والتعويض، إنما يشكِّل أيضًا مخالفة واضحة من الجانب العربي الخليجي ويقضي بعدم شرعية إقامة معاهدات تستند بطبيعة الحال والواقع إلى استغلال غير شرعي لثروات أراض محتلة، وتجاهل غير مبرر للحقوق الفلسطينية في صياغة بنود معاهدة التطبيع والسلام والتعاون.

إن مخاطر التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي لا تتوقف على القضية الفلسطينية، بل تمتد لتهديد الأمن العربي وتفكيك للهوية الإسلامية والعربية وتخبط فكري ثقافي بخلق ازدواجية في المعايير الوطنية والقومية والدينية يقود لخلق جيل جديد لا يميز بين عدوه وصديقه وبعده الإسلامي العربي متجاهلًا الفكر الصهيوني العنصري الاستعماري. فالتطبيع إنجاز إستراتيجي مهم مجاني للاحتلال الإسرائيلي مقابل إضعاف وتشتيت لفرص الإجماع العربي وإضعاف كبير لموقف القضية الفلسطينية.

ويشكِّل تفعيل الجامعة العربية وإعادة التحالفات الإستراتيجية بين الدول العربية وتبني القضية والحقوق الفلسطينية بشكل فعلي وجدي، تغيرًا في الظروف التي تجيز للدول المطبِّعة مع الاحتلال الاسرائيلي الفكاك وإنهاء معاهدات السلام والتطبيع، على اعتبار أن الفقه الدولي يجيز في حالات تغير الظروف التي أدت إلى إبرام المعاهدة تغيرًا من شأنه أن يجعل من استمرار تنفيذها يضر بالمصالح الحيوية لأحد أطرافها، أن يطلب إنهائها أو تعديلها وفقًا لأحكام المادة (62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية، وتُعد هذه النظرية صمام أمان يحول دون حديدية قواعد قانون المعاهدات ومتطلبات الواقع.

إن معاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية متكافئة بآثارها ومضامينها في حدود طرفيها، ولكن هذه الآثار تمتد بشكل واضح وصريح إلى حقوق الدولة الفلسطينية غير المنضمة إليها؛ ما يجعل المعاهدة غير متكافئة في هذا الجانب ومخالفة لأحكام القانون الدولي وقواعد آمرة عديدة.

المراجع

(1) سعيد يقين داود، التطبيع بين المفهوم والممارسة: دراسة حالة التطبيع العربي الإسرائيلي، (رسالة ماجستير، جامعة بير زيت، كلية الدراسات العليا، فلسطين، 2002)، ص 13.

(2) “أبرز محطات التقارب في علاقات الإمارات وإسرائيل السابقة على اتفاق التطبيع”، فرانس24، 14 أغسطس/آب 2020، (تاريخ الدخول: 10 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3zN2v13.

(3) خليل عناني، “حكاية التطبيع الإماراتي مع إسرائيل”، العربي الجديد، 20 سبتمبر/أيلول 2020، (تاريخ الدخول: 25 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3xYGHxc.

(4) Clive Jones,Yoel Guzansky, Fraternal Enemies Israel and the Gulf Monarchies (London: Hurst and Company, 2019), 16.

(5) “هدى نونو.. السفيرة التي مهدت طريق التطبيع للبحرين في واشنطن”، ساسة بوست، 22 يناير/كانون الثاني 2021، (تاريخ الدخول: 25 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3tKmBpc.

(6) “تفاصيل فتح ممثلية لـ”إسرائيل” في الإمارات”، الحدث، 9 ديسمبر/كانون الأول 2015، (تاريخ الدخول: ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3y3rDzs.

(7) Nissar Hoath, “AGT Wins Two Government Security Contracts,” Emirates 24/7, March 2, 2008, “accessed June 13, 2020”. https://bit.ly/3OohJOm.

(8) “هآرتس: لقاء سري لوزير خارجية الإمارات ونتنياهو”، 21 يوليو/تموز 2017، (تاريخ الدخول: 25 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3tOV5Xp.

(9) Jones, Guzansky, Fraternal Enemies Israel and the Gulf Monarchies, 23.

(10) “أبو ظبي تطلق نظام “عين الصقر” الأمني لمراقبة المدينة”، الشرق الأوسط، 14 يوليو/تموز 2016، (تاريخ الدخول: 28 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3xvhnP2.

(11) Jones, Guzansky, Fraternal Enemies Israel and the Gulf Monarchies, 17.

(12) “أبرز محطات التقارب في علاقات الإمارات وإسرائيل السابقة على اتفاق التطبيع، فرانس 24، مرجع سابق.

(13) Gili Cohen, “Israeli Air Force Holds Joint Exercise with United Arab Emirates, U.S. and Italy,” Haaretz, March 29, 2017, “accessed June 14, 2020”. https://bit.ly/30G4m6g.

Anna Ahronheim, “Israel Air Force in Greece as Part of Iniohos 2019,” Jerusalem Post, April 8, 2019, “accessed June 14, 2020, https://bit.ly/3fl7JDL.

(14) للاستزادة، انظر: أحمد محمد الرفاعي، نجاح مطر دقماق، المدخل لدراسة القانون الدولي العام، ط 1 (فلسطين، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 2018)، ص 130 وما بعدها.

(15) المادة الثانية من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام (1969).

(16) محمد عزيز شكري، مدخل إلى القانون الدولي العام، (مطبعة دمشق سوريا، 1986)، ص 369.

(17) صلاح أحمد هريدي علي، تاريخ العلاقات الدولية والحضارة، ط 1 (دار الوفاء للطباعة والنشر، 2003)، ص 60.

(18) Robert Barron, “What Do Normalized Israel-UAE Relations Mean for the Region?”, United States Institute of Peace, August 14, 2020. “accessed December 12, 2021”. https://bit.ly/39F95wc.

(19) “نتنياهو متمسك بالضم: الاتفاق مع الإمارات جاء من موقع قوة”، الحياة الجديدة، 16 أغسطس/آب 2020، (تاريخ الدخول: 28 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3HBbkNu.

(20) للاستزادة انظر: موسى القدسي الدويك، المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة وقواعد القانون الدولي العام المعاصر، (فلسطين، منشأة المعارف، 2007)، ص 406-412.

(21) يستند الفقه إلى عدة معايير لتكيف المعاهدة على أنها غير متكافئة من أهمها (1. معيار احترام المساواة بين الدول، 2. معيار التعادل بين الأطراف، 3. معيار الاستعمار، 4. معيار الإكراه، 5. معيار الإكراه وعدم التعادل). للاستزادة، انظر: عمر منشد عبد الرزاق، الآليات المتاحة لإنهاء المعاهدات غير المتكافئة في القانون الدولي العام، (رسالة ماجستير، جامعة الإسراء الخاصة، الأردن، 2018)، ص 21-25.

(22) “نتنياهو متمسك بالضم: الاتفاق مع الإمارات جاء من موقع قوة”، الحياة الجديدة، مرجع سابق.

(23) ديباجة ونص البند (7) من الاتفاق الإبراهيمي للسلام بين دولة الإمارات العربية ودولة إسرائيل، وكذلك إعلان مبادئ الاتفاق الإبراهيمي، الحرة، 16 سبتمبر/أيلول 2020، (تاريخ الدخول: 28 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://arbne.ws/3tNxaHT.

(24) أحمد جلال محمود عبده، “أبعاد التحالف الإماراتي البحريني مع إسرائيل وأثره على الأمن الإقليمي العربي”، المجلة العلمية للدراسات التجارية (المجلد 12، العدد 1، 2021)، ص 37.

(25) وصال الطناني، “التطبيع العربي الإسرائيلي وآثاره على مستقبل القضية الفلسطينية”، مركز دراسات الشرق الأوسط، 8 مارس/آذار 2021، (تاريخ الدخول: 22 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3y3NAyp.

(26) للاستزادة، انظر: محمد زكي أبو عره، “نقل السفارة الأمريكية للقدس والمسؤولية الدولية”، المجلة المقدسية (العدد 11، صيف 2021)، ص 145-194.

(27) الديباجة والبند الرابع من معاهدة السلام والتطبيع الإبراهيمية.

(28) محمد السعيد الدقاق، القانون الدولي: المصادر، الأشخاص، ط 2 (الدار الجامعية للطباعة والنشر، 1983)، ص 55-56.

(29) نبيل الرملاوي، “تقرير المصير للقضية المحورية في الخطاب السياسي الفلسطيني”، مجلة السياسات (العدد 3، مطبعة الآرام، رام الله، 2007)، ص 47.

(30) عبد الناصر الفرا، “حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في ضوء الشرعية الدولية”، مجلة جامعة المنيا (مصر، العدد 60، 2009)، ص 36.

(31) تيسير النابلسي، الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، ط 2 (بيروت، مركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية، 1981)، ص 256.

(32) عبد القادر القادري، “قانون البحار والنظام الاقتصادي العالمي الجديد، مجلة العلوم الاجتماعية (الكويت، المجلد 13، العدد 4، 1985)، ص 50.

(33) مكرم المسعدي، المعلن والمخفي في اتفاق أبراهام، مركز الجزيرة للدراسات، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2020، (تاريخ الدخول: 31 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3y3sSig.

(34) محمد وتد، “إسرائيل والإمارات.. إنتاج أمني وعسكري مشترك يؤسس لحلف إستراتيجي بالشرق الأوسط”، الجزيرة نت، 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، (تاريخ الدخول: 31 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3ycQwch.

(35) تنص المادة (103) من ميثاق الأمم المتحدة على أنه “إذا تعارضت الالتزامات التي ترتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقًا لأحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق”، لتراجع نص الاتفاق: “ميثاق الأمم المتحدة (النص الكامل)، الأمم المتحدة، (ب.ت)، (تاريخ الدخول: 31 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3bbLCms.

(36) الإمارات العربية المتحدة، وزارة العدل، الموقع الإلكتروني الرسمي، (تاريخ الدخول: 31 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3OsPoGn.

(37) البند الثامن من اتفاقية السلام والتطبيع بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.

(38) محمد المغربي، حق المساواة في القانون الدولي للمنظمات الدولية، (دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية، 2007)، ص 211.

(39) تنص المادة (102) من الميثاق على الآتي: “كل معاهدة وكل اتفاق دولي يعقده أي عضو من أعضاء “الأمم المتحدة” بعد العمل بهذا الاتفاق يجب أن يسجل في أمانة الهيئة وأن تقوم بنشره بأسرع ما يمكن”.

ب- ليس لأي طرف في معاهدة أو اتفاق دولي لم يسجل وفقًا للفقرة الأولى من هذه المادة أن يتمسك بتلك المعاهدة أو ذلك الاتفاق أمام أي فرع من فروع “الأمم المتحدة”.

(40) تنص المادة (3/1) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام (1969) على الآتي: “إن عدم سريان هذه الاتفاقية على الاتفاقات الدولية التي تعقد بين الدول وبين أشخاص القانون الدولي الأخرى وعلى الاتفاقات التي تعقد بين هذه الأشخاص الأخرى أو على الاتفاقات التي لا تتخذ شكلًا مكتوبًا لن يؤثر على القوة القانونية لتلك المعاهدات”.

(41) تنص المادة (80) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام (1969) على الآتي: “1. ترسل المعاهدات بعد دخولها حيز التنفيذ إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة لتسجيلها وحفظها بحسب الحال، وكذلك لنشرها”. “2. يشكل تحديد جهة الإيداع تفويضًا لها بالقيام بالأعمال المذكورة في الفقرة السابقة”.

(42) محسن أفكيرين، القانون الدولي العام، ط 1 (دار النهضة العربية، 2005)، ص 41-42.

(43) “الإمارات وإسرائيل تتطلعان إلى تريليون دولار في العلاقات الاقتصادية”، فرانس24، 15 سبتمبر/أيلول 2021، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2022)، https://bit.ly/3QuNXt4.

(44) البندان (1،4) من ملحق المعاهدة الإبراهيمية.

(45) البند (2) من ملحق المعاهدة الإبراهيمية.

(46) إيريك كنال فورجوس ألتر، إن جاناردان، الاتفاق الإبراهيمي: التفسير القانوني وأفق التعاون مع آسيا، أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، فبراير/شباط 2021، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2022)، https://bit.ly/3HPZzmF.

(47) البند (3) من ملحق المعاهدة الإبراهيمية.

(48) “ربع مليون إسرائيلي زاروا الإمارات خلال عام من التطبيع”، الجزيرة نت، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2021، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2022)، https://bit.ly/3bcx06y.

(49) البندان (5، 6) من ملحق المعاهدة الإبراهيمية.

(50) البندان (6، 9) من ملحق المعاهدة الإبراهيمية.

(51) البند (8) من ملحق المعاهدة الإبراهيمية.

(52) ألتر، جاناردان، الاتفاق الإبراهيمي، مرجع سابق.

(53) Guy Burton, What the Israel- UAE, agreement means for Asian powers, The Diplomat, September 1, 2020. “accessed December 31, 2021”. https://bit.ly/3xZUVz1.

(54) نقلًا عن خليل إسماعيل الحديثي، المعاهدات غير المتكافئة المعقودة وقت السلم، (العراق، مطبعة جامعة بغداد 1981)، ص 113-117.

(55) المرجع السابق، ص 118.

(56) عبد الرازق، الآليات القانونية المتاحة لإنهاء المعاهدات غير المتكافئة في القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص 16.

(57) “صفقة القرن: ترامب يعلن خطته للسلام”، بي بي سي، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 31 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bbc.in/3Hz3AeV.

(58) المرجع السابق.

(59) إبراهيم العناني، القانون الدولي العام، (القاهرة، المطبعة التجارية الحديثة، 1990)، ص 399.

(60) غازي صباريني، الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام، (الأردن، دار الثقافة، 2014)، ص 421.

(61) عبد الرازق، الآليات المتاحة لإنهاء المعاهدات غير المتكافئة في القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص 65

(62) حامد سلطان، القانون الدولي العام في وقت السلم، (القاهرة، دار النهضة العربية، 1962)، ص 95.

(63) المادة 26 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969.

(64) المادتان (34، 36) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969.

(65) خيرة شيخ، القواعد الآمرة في اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، مجلة الدراسات القانونية المقارنة (المجلد 7، العدد 1، 2021)، ص 1801.

(66) للاستزادة انظر: محمد زكي أبو عره، “المسؤولية الدولية للاحتلال الإسرائيلي عن استغلال الثروات الطبيعية في الأراضي الفلسطينية”، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية والقانونية (فلسطين، المجلد 5، العدد 23، 2021). ص 91-114.

(67) نبيل الرملاوي، “تقرير المصير للقضية المحورية في الخطاب السياسي الفلسطيني”، مجلة السياسات، (فلسطين، العدد 3، 2007)، ص 67.

(68) أحمد سعيد نظام الأغا، “حماية الموارد الطبيعية طبقًا لأحكام القانون الدولي العام: الحالة الفلسطينية نموذجًا”، مجلة الجامعة العربية الأميركية، (مجلد 3، العدد 1، 2017)، ص 49.

(69) للاستزادة، انظر: الدويك، المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة وقواعد القانون الدولي المعاصر، مرجع سابق، ص 446-466.

(70) “أثر مقاطعة منتجات المستوطنات على الاقتصاد الإسرائيلي”، مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، (ب.ت)، (تاريخ الدخول: 31 ديسمبر/كانون الأول 2021)، https://bit.ly/3nj1SoR.

(71) محمود عبده، “أبعاد التحالف الإماراتي البحريني مع إسرائيل وأثره على الأمن الإقليمي العربي”، مرجع سابق، ص 42.